كيف وصل إلينا العهد القديم ؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أَبُو عُبَـيِّدة اكتشف المزيد حول أَبُو عُبَـيِّدة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أَبُو عُبَـيِّدة
    2- عضو مشارك
    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى

    • 30 ديس, 2006
    • 152

    كيف وصل إلينا العهد القديم ؟

    كيف وصل إلينا العهد القديم ؟
    حوار بين أبي عبيدة و المنصور





    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :

    فلقد دار - ولا يزال - بيني وبين أحد النصارى حوار حول القضايا المتنازع عليها بين المسلمين والنصارى، وذلك من خلال إحدى المنتديات النصرانية على الشبكة , فأحببت أن أنقل لحضراتكم نص الحوار الأول والذي حمل هذا العنوان : " كيف وصل إلينا العهد القديم ؟! " .

    ولقد إتفقنا على أن نتباحث بداية عن المصادر الدينية، وذلك قبل الحديث عن العقائد، فالمصادر الدينية - بوجه عام - تتناسب تناسبًا طرديًا مع العقائد، فإن ثبت مصداقية المصدر الديني أنه وحي الله للبشرية، فلا شك أن ما به من عقائد وتشريعات تكون أيضًا من عند الله، فيجب - حينئذ - العمل بمقتضاها، والعكس صحيح .


    فرأينا أن نبدأ سلسلتنا بالحديث عن مصدر عقائد النصارى " الكتاب المقدس " على النحو التالي :

    1- كيف وصل إلينا الكتاب المقدس بعهديه ( القديم والجديد ) ؟!
    2- مخطوطات الكتاب المقدس، هل تثبت مصداقيته ؟!
    3- نصوص الكتاب المقدس وفقراته، هل ترقى لتمثل وحي الله ؟!
    4- دعوى التحريف بين الحقيقة والإفـتراء !



    وبعد الحديث عن الكتاب المقدس نتناول الحديث عن العقائد المسيحية ذاتها , وحتى لا نطيل الحوار - حول كل نقطة - , رأينا أن نضع نظامًا محددًا للحوار حول كل نقطة على النحو التالي :

    1- مشاركة من الزميل النصراني يثبت فيها صحة دعواه .
    2- موافقتي أو إعتراضي على ما زعم الزميل من خلال مشاركة لي .
    3- تعقيب للزميل .
    4- تعقيب لي .

    على أن يكون الأمر خلاف ذلك حين الحديث عن مصادر وعقائد المسلمين , فـيحل الزميل محلي وأحل محله .


    هذا، وقد إشتمل الحوار الأول على العديد من الفوائد التي تهم أهل البحث من أتباع الديانتين , لذا حرصت على نقلها ونشرها .
    فأسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى الحق .


    والأن , مع الحوار الأول : " كيف وصل إلينا العهد القديم ؟! "


    المشاركة الأولى للزميل النصراني " المنصور بالله "


    في البداية احب ان اعطي تنبيه هام وهو : عدم دخول اي عضو في هذا الموضوع الا ابو عبيدة فقط والاستاذ عماد حنا للتنظيم والتوجيه
    اما التعليقات فيمكن فتح موضوع مختلف عن هذا الموضوع .

    سيتلخص كلامي حول اربعة نقاط فقط ولا اقول انهم فقط كل ما لدينا حول هذا الموضوع ولكن هي البداية فقط حتى لا نتفرع في مئة نقطة وهذه الاربعة نقاط كالتالي :-

    1- التسليم من جيل الى جيل
    2- شروط الكتابة والنسخ والدقة في تنفيذها
    3- شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد القديم
    4- شهادة التاريخ

    ملحوظة : حتى لا اطيل في المشاركة الواحدة قسمت الموضوع على مشاركتين


    اولا التسليم من جيل الى جيل

    (1) كانت التوراة محفوظة أيام موسى النبي: فعندما كتب موسى التوراة أو الأسفار الخمسة حسب وصية الله له سلمها للكهنة واللاويين الذين كانوا يحفظون ما جاء بها قبل أن تكتب ووضعوها إلى جوار تابوت العهد في خيمة الاجتماع " وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل " وقال لهم " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهدا عليكم " ( تث9:31؛26). وكانت هي أساس ومصدر التعليم والشريعة التي سار بمقتضاها بنو إسرائيل، الأنبياء والملوك والكهنة والشعب، وحفظوا ما جاء بها بناء على وصية الرب وموسى النبي لهم والتي تكررت أكثر من 75 مرة في أسفار الخروج واللاويين والعدد والتثنية. كما تأمر التوراة كل ملك من بنى إسرائيل " عندما يجلس على كرسي مملكته يكتب لنفسه نسخة من هذه الشريعة في كتاب من عند الكهنة اللاويين فتكون معه ويقرا فيها كل أيام حياته لكي يتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ جميع كلمات هذه الشريعة وهذه الفرائض ليعمل بها " (تث18:17،19).

    (2)وكانت هذه التوراة مع يشوع بن نون تلميذ موسى النبي والذي رآها وهى تكتب " فقال الرب لموسى أكتب هذا تذكاراً في الكتاب وضعه في مسامع يشوع " (خر14:17)، وبعد موت موسى النبي وتكليف الله ليشوع لقيادة الشعب أوصاه الله بهذه الوصية قائلا " إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح " (يش7:1،8). وكان يحفظها بنو إسرائيل عن ظهر قلب. لذا يقول المؤرخ والكاهن اليهودي يوسيفوس معاصر تلاميذ المسيح (36 - 100م) كانت " هذه النواميس محفورة في أرواحهم ومحفوظة في ذاكرتهم وكان لها سلطان أعظم بينهم وهذا ما نعرفه مما كان عليهم وذلك لما يكابدوه إذا كسروها "Antiquities of the Jews.4:8.

    (3)وكان داود النبي والملك يحفظ هذه التوراة عن ظهر قلب بناء على وصية الله وكانت وصيته لأبنه سليمان هي " احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت " (1مل3:2).

    (4) وكانت التوراة موجودة في كل مراحل تاريخ أنبياء إسرائيل، ولذا تتكرر في كتب الأنبياء عبارات مثل: " حسب ما هو مكتوب في سفر شريعة موسى " (2مل 6:14)، " حسب كل شريعة موسى " (2مل25:23)، " حسب كل ما هو مكتوب في شريعة الرب التي أمر بها إسرائيل " ( 1أى40:16)، " كما هو مكتوب في شريعة موسى بالفرح والغناء حسب أمر داود " ( 2أى18:23)، " كما هو مكتوب في الشريعة في سفر موسى حيث أمر الرب قائلا " ( 2أى4:25)، " كناموس موسى رجل الله كان " (2أى16:30)، " كما هو مكتوب في شريعة الرب " ( 2أى3:31).

    (5) وعندما توقف الكهنة عن قراءة أسفار موسى الخمسة في الهيكل في أيام حكم الملوك الذين ارتدوا عن عبادة الله الحي وعبدوا الأوثان مثل منسى (696 - 642 ق م) وآمون (642 - 640 ق م)، لم يترك الله نفسه بلا شاهد فعند ترميم الهيكل أثناء حكم الملك يوشيا (640 - 609 ق م) وجد حلقيا الكاهن هذه الأسفار في الهيكل وكانت سبباً في إصلاح عظيم (2مل 22). ويجمع العلماء على أن هذه الأسفار التي وجدت في الهيكل هي هي نفس النسخة، الأصل، التي كتبها موسى النبي نفسه بيده أو على أقل تقدير نسخة منقولة عنها مباشرة، وأن كانت الغالبية العظمى ترى أنها نفس النسخة التي كتبها موسى النبي بنفسه.

    (6) كما كانت توراة موسى النبي وجميع أسفار الأنبياء الآخرين الذين أتوا حتى إرميا النبي، مع المسبيين في بابل وعلى رأسهم دانيال النبي والفتية الثلاثة وحزقيال النبي، ويعبر دانيال النبي عن وجود هذه الكتب معه بقوله: " أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي لكماله سبعين سنة على خراب أورشليم " (دا2:9 مع ار11:25-12).

    وكان هؤلاء المسبيون في بابل متجمعين في منطقة تل أبيب على نهر خابور (حز15:3) وكان معهم كهنتهم وشيوخهم فأقاموا المجامع كبديل للهيكل وذلك لتعليم كلمة الله والصلاة. وكانوا يحتفظون فيها بالأسفار المقدسة التي كانوا يقرءونها في أيام السبت من كل أسبوع وفي الأعياد ويحفظون منها كلمة الله. وكانت لهذه المجامع ترتيباتها الخاصة والتي تشمل قراءة " الشما " أي التلاوة وهى الاعتراف بوحدانية الله وتتكون من ( تثنية 4:6-9؛13:11-21؛عدد37:15-41) وقراءة الناموس ( أسفار موسى الخمسة ) الذي كان منقسما إلى مائة وأربعة وخمسين جزءاً تقرأ بالترتيب على ثلاث سنوات ثم قراءة جزء مناسب من أسفار الأنبياء. كما كانت تقرأ في جميع المجامع التي انتشرت بين المسبيين كما انتشرت مع انتشار اليهود في الشتات في بلاد كثيرة مثل عيلام وبارثيا وأرمينيا وميديا وأسيا الصغرى (تركيا) ومصر، ويذكر سفر أعمال الرسل وجود المجامع بغزارة سواء في فلسطين أو في بلاد العالم الأخرى؛ في دمشق (أع20:9) وسلاميس بقبرص (أع5:13) وبرجة وإنطاكية بيسيدية (أع14:13) وايقونية (أع1:14) وبيرية (أع10:17) وتسالونيكي (أع1:17) وافسس (أع19:18) باليونان وآسيا الصغرى وروما ...الخ. ويعبر القديس بطرس عن قراءة التوراة في مئات المجامع في مدن كثيرة هذه بقوله أمام الرسل والمشايخ بأورشليم " لان موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به إذ يقرأ في المجامع كل سبت " (أع21:15). وهذا يؤكد لنا وجود نسخ من الأسفار المقدسة في كل مكان في العالم كان يوجد فيه اليهود ومجامعهم.

    وكانت التوراة مع المسبيين عند عودتهم من السبي " الذين بنوا مذبح الهيكل " ليصعدوا عليه محرقات كما هو مكتوب في شريعة موسى رجل الله " (عز2:3)، وكان معهم النبيان حجى وزكريا اللذان أضاف الروح القدس سفرين آخرين بواسطتهما. وكان على رأس المجموعة الثانية العائدة من السبي (458 ق م) عزرا الذي يصفه الكتاب بأنه " كاتب ماهر في شريعة موسى " (عز6:7) و" الكاهن الكاتب كاتب كلام وصايا الرب وفرائضه " (عز11:7) و" عزرا الكاهن كاتب شريعة اله السماء " (عز12؛7) والذي " هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء " (عز10:7) وكان دارسا للأسفار المقدسة ومفسرها ومترجمها (شفوياً) إلى الآرامية ورتب قراءة الناموس والأنبياء وأسس المجمع العظيم (السنهدرين) (نح8 - 10؛ المشنا 200 م). وتقول المشنا (ابوت 1:1):
    " أستلم موسى الناموس من سيناء وسلمه ليشوع ويشوع سلمه للشيوخ والشيوخ سلموه للأنبياء والأنبياء سلموه لرجال المجمع العظيم ".


    ثانيا شروط الكتابة والنسخ والدقة في تنفيذها

    وفيما يلي القواعد الصارمة للكتابة التي وضعها علماء التلمود لتدوين التوراة والانبياء والكتب:
    (1) يجب أن يدون درج المجـمع على جـلد حيـوان طـاهر.
    (2) يجب أن يعده للاستخدام الخاص من قِبَل المجمع شخص يهودي.
    (3) يجب أن تُضَم صفحات الدرج معاً بخيوط مأخوذة من حيوانات طاهرة.
    (4) يجب أن تحتوي كل صفحة من الجلد على عدد معين من الأعمدة ثابت في المخطوطة كلها.
    (5) يجب ألا يقل طول أي عمود عن 48 سطراً وألا يزيد عن 60 سطراً، ويجب أن يشتمل السطر على ثلاثين حرفاً.
    (6) يجب أن تحاذي أوائل السطور في النسخة كلها، وإذا وجِدت ثلاث كلمات دون محاذاة لا يعتد بهذه النسخة.
    (7) يجب أن يستخدم الحبر الأسود وليس الأحمر أو الأخضر أو أي لون آخر، ويجب أن يعد طبقاً لمواصفات محددة.
    (8) يجب أن يتم النقل عن نسخة معتمدة لا يحيد عنها الناسخ بأي حال من الأحوال.
    (9) يجب ألا يعتمد الناسخ على ذاكرته في تدوين أي كلمة أو حرف ولو كان أصغر الحروف، ما لم يكن الكاتب قد نقل عن المخطوطة التي أمام عينيه 000
    (10) يجب أن يفصل بين كل حرفين ساكنين مسافة شعرة أو خيط.
    (11) وأن يفصل بين كل فقرتين مسافة تسعة حروف ساكنة.
    (12) وبين كل سفرين ثلاثة أسطر.
    (13) يجب أن ينتهي السفر الخامس من أسفار موسى بسطر تام وليس هذا ضرورياً بالنسبة للأسفار الأخرى.
    (14) علاوة على ذلك، يجب أن يرتدي الناسخ الثياب اليهودية كاملة.
    (15) وأن يغسل بدنه كله.
    (16) وألا يبدأ في كتابة اسم الله بقلم حالما أخرجه من مدواة الحبر.
    (17) وإن خاطبه ملك أثناء تدوينه لهذا الاسم يجب ألا يلتفت إليه.

    ويضيف دفيدسون أن: الكتب التي لا يلتزم عند تدوينها بهذه القواعد كان مصيرها الدفن في الأرض أو الحرق، أو كانت تؤخذ إلى المدارس حيث كانت تستخدم ككتب للقراءة.

    ومن هنا كانت كل نسخة جديدة تنسخ تكون صورة طبق الأصل للنسخة الأقدم، المنقولة عنها، ولذا كان يتم اعتمادها ويعطونها نفس صلاحيات القديمة.

    ويقول أحد علماء النقد النصي وهو ف ف بروس: " كان الـمـاسوريون على درجة عالية من العلم، وتعاملوا مع النص بأقصى درجات الاحترام والتبجيل ووضعوا نظاماً معقداً لحفظه من زلات الكتبة. فعلى سبيل الـمثال قاموا بإحصاء عدد المرات التي ورد فيها كل حرف من حروف الهجاء في كل سفر، وحددوا الحرف الأوسط في الأسفار الخمسة الأولى والحرف الأوسط في الكتاب المقدس العبري كله. كما قاموا بحسابات أخرى أكثر دقة وتفصيلاً من هذه. ويقول ويلر روبنسون إنهم أحصوا كل ما هو قابل للإحصاء. ولقد ألَّفوا عبارات قصيرة تيسر لهم تذكر الإحصاءات المختلفة "
    F F Bruce, the Books and the Parchments, p117


    ثالثا شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد الجديد


    * المسيح

    1. في متى 17:50-18 قال يسوع بأنه "لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل".

    ونفس الفكرة ذكرها في يوحنا 34:10-35 "...ولا يمكن أن ينقض المكتوب". وفي لوقا 44:24" قال لهم.. أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير".

    2. في حواره مع الفريسيين والصدوقيين والكتبة، كان المسيح دائماً يشير إلى ما ورد في العهد القديم على اعتبار أنه كلام الله الموحى به، ومن الأمثلة على ذلك متى 3:12-5، 7؛ و16:21؛ و32:22، 44. كذلك في مواجهته للشيطان استخدم يسوع كلمات العهد القديم ( متى 4:4،7).

    3. وأخيراً وهو على الصليب، نطق المسيح بكلمات وردت في العهد القديم كما نقرأ في مرقس 34:15" إلوي إلوي لما شبقتني" مزمور 22 : 1، ولوقا 46:23 "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" (من مزمور 5:31) .


    * العهد الجديد

    1. في 2بطرس 20:1-21 يؤكد لنا بطرس الرسول أن نبوات العهد القديم ليست من أصل بشري، وأنه لم يتم كتابتها بناء على مشيئة بشر، بل أن أناس الله القديسون تكلَّموا وهم مسوقين أو محمولين من الروح القدس .

    2. في 2تيمو 16:3 يقول بولس الرسول أن تيموثاوس يعرف الكتب المقدسة التي ذكرها في الآية رقم 15، ولذلك يطلب منه أن يستمر في استخدامها لأنها جميعاً من وحي الله.

    3. في أعمال الرسل 16:1 نجد أن الكنيسة الأولى ومنذ بداية تكوينها قد فهمت وقبلت العهد القديم على أنه من وحي الله، وأن ما ورد فيه من نبوات يجب أن تتم لأنها قيلت وكتبت بوحي الروح القدس على فم داود حيث نقرأ:"...كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود..." ونفس الفكرة بأن الله تكلم واستخدم ألسنة الأنبياء موجودة في أعمال 18:3، 21؛ 25:4؛ 25:28، أي أن ما كُتِبَ في العهد القديم هو ما قاله الله.

    4. في كتابات بولس الرسول نجد أنه يقول عبارة "يقول الكتاب" قاصداً بها "يقول الله" كما ورد في رومية 17:9، وغلاطية 8:3.

    5. يقول بطرس الرسول أن الأنبياء أحياناً لم يفهموا ما عَلَّموه للناس لأن ما قالوه كان من خارج أنفسهم. فالمصدر في الحقيقة كان الروح القدس أو روح المسيح الذي فيهم (بطرس الأولى 10:1-12 ).

    هذا بخلاف الاقتباسات الكثيرة من العهد القديم في العهد الجديد


    رابعا شهادة التاريخ


    (1)ايام المكابين :-

    حاول الملك السوري أنتيوخس (الرابع) أبيفانس (175 -164 ق م) أن يستأصل الديانة اليهودية في فلسطين من جذورها فأصدر أمراً بتمزيق وحرق الأسفار المقدسة ويقول سفر المكابيين " وما وجدوه من أسفار الشريعة مزقوه وأحرقوه بالنار وكل من وجد عنده سفر من العهد أو أتبع الشريعة كان يقتل بأمر الملك " ( 1مك56:1-57). ومع ذلك فلم ينجح لأن الأسفار المقدسة كانت موجودة في كل المجامع اليهودية في دول كثيرة كان على رأسها مصر، كما كانت موجودة مع الغيورين من الشعب وقادته من رجال الدين وغيرهم فاجتمعوا على المصفاة على بعد 13 كيلو من أورشليم " ونشروا الشريعة " كما يقول سفر المكابيين (1مك48:3) ولما انتهت الحرب يقول السفر " جمع يهوذا (المكابى) كل ما بعثر من الأسفار في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا ".


    (2) يوسيفوس

    ومن أقوى الشهادات والأدلة، بعد العهد الجديد، لعقيدة وحي أسفار العهد القديم وقانونيتها هو ما كتبه الكاهن والمؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاصر كرازة تلاميذ المسيح ودمار الهيكل سنة 70 م، والذي حصل على نسخ الأسفار المقدسة، العهد القديم، الرسمية التي كانت محفوظة في الهيكل قبل دماره مباشرة، بأذن من الإمبراطور الروماني تيطس، والتي ترجع بالقطع إلى أيام زربابل وعزرا ونحميا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد. حيث يقول في كتابه ضد ابيون (8:1):
    " لدينا فقط اثنان وعشرون كتابا تحتوى على سجلات كل الأزمنة الماضية، والتي نؤمن حقا إنها إلهية. خمسة منها لموسى تحتوى على نواميسه وتقاليد أصل الجنس البشرى حتى وفاته (موسى) 000 ومن موت موسى إلى حكم ارتحشتا كتب الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى ما حدث في أيامهم في ثلاثة عشر كتابا والكتب الأربعة الباقية تحتوى على ترانيم لله ومبادئ سلوكية لحياة البشر. ومن ارتحشتا إلى زماننا كتب تاريخنا (كل الأشياء سجلت) ولكن لم يقم بنفس السلطان مع أولئك الذين سبقوهم لأنه لم يكن هناك تعاقب حقيقي للأنبياء منذ ذلك الوقت. ويوجد برهان عملي على كيفية معاملتنا لهذه الكتب، فبرغم المدة الطويلة التي انقضت حتى الآن لم يجرؤ أحد أن يضيف إليها أو أن يحذف شيئاً منها أو يغير أي شئ منها. بل أنه طبيعي لكل اليهود من يوم الميلاد مباشرة يعتبرون هذه الكتب هي تعاليم الله ويثابرون فيها وإذا دعت الضرورة يموتون سعداء لأجلها ".


    (3) اباء الكنيسة الاولى :-

    وكما شهد الرب يسوع المسيح وتلاميذه للتوراة ولجميع أسفار العهد القديم واقتبسوا منها 250 اقتباسا مباشرا وأشاروا إليها حوالي 2500 مرة فقد كانت بين أيدي جميع قادة الكنيسة الأولى وآبائها، الآباء الرسوليين وخلفائهم وعلى سبيل المثال يقول مليتو أسقف ساردس (حوالي 170م) أنه ذهب إلى الشرق ليعرف عدد الكتب التي يستخدمها اليهود في فلسطين، كما نقل عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس ك4 ف11:26 ثم يذكرهم كالآتي:

    " أسفار موسى الخمسة ... يشوع وقضاة وراعوث والملوك أربعة أسفار، أخبار الأيام سفران، مزامير داود وأمثال سليمان وأيضا الحكمة والجامعة ونشيد الإنشاد وأيوب والأنبياء وإشعيا وإرمياء، الأنبياء الاثنا عشر سفر واحد، دانيال وحزقيال وعزرا. ومن هذه جعلت المجموعات التي قسمتها إلى ستة كتب ".


    (4) المجامع اليهودية :-

    أخر مجمع شهير خاص بأسفار الكتاب المقدس عقده اليهود هو مجمع يامنيا أو Jamnia أو يمنه ( - Yavneיַבְנֶה‎ - يبنه) سنة 90م بعد دمار أورشليم وصار بديلا لسنهدرين أورشليم اليهودي وقد عقد للتأكيد على قانونية أسفار العهد القديم ولشرح قانونية الكتابات وهي التقسيم الثالث لأسفار العهد القديم عند اليهود، والتي تسمى بالكتابات " الكتوبيم – כתובים - ketuvim"، والتي تتكون من أسفار أيوب والمزامير والجامعة والأمثال ونشيد الأنشاد وأخبار الأيام وعزرا ونحميا، والتي كان كتابها الذين كتبوها بالروح القدس يعملون في وظائف مدنية إلى جانب موهبة النبوة التي أعطيت لهم، تمييزا لهم عن بقية الأسفار التي كتبها الأنبياء الذين كانوا مكرسين ومتفرغين فقط لرسالتهم النبوية.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 28 أكت, 2020, 05:00 م.
  • أَبُو عُبَـيِّدة
    2- عضو مشارك
    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى

    • 30 ديس, 2006
    • 152

    #2

    الرد على مشاركة الزميل النصراني

    الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , اللهم يا مفتح الأبواب , ويا دليل الحائرين , توكلت عليك يا رب العالمين , وأفوض أمري إلى الله , إن الله بصير بالعباد , أما بعد :

    فأذكر السيدات والسادة , بأن هذا الحديث الذي نحن بصدده , هو حديث خلاصنا ونجاتنا , وليست القضية قضية قيل وقال , وغلب فلان وهُزم فلان , ولكن القضية قضية حياة ونجاة , فأسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والبحث والعمل , وأن يمن علينا بنعمة إقرار الحق وإتباعه , إنه ولي ذلك والقادر عليه .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

    وحتى أكون دقيقًا جدًا في كلامي , سأحدد عنوايين نقاطي التعليقية على المشاركة الأولى لمحاوري الأستاذ " المنصور بالله " لموضوع " كيف وصل إلينا العهد القديم ؟ " , الذي هو أول نقاط حديثنا عن " الكتاب المقدس " :

    1- عن أي عهد قديم سنتحدث ؟‍!
    2- دعوى التواتر " التسليم من جيل إلى جيل " هل تتحقق في العهد القديم ؟!
    3- من كتب العهد القديم ؟!
    4- دعوى الدقة أثناء النسخ , هل تحققت في العهد القديم ؟!
    5- هل يشهد المسيح والعهد الجديد للعهد القديم , وما وجه الدلالة في هذه الشهادة إن وجدت ؟!
    6- هل يشهد التاريخ للعهد القديم أنه كلمة الله ؟!


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ


    1- عن أي عهد قديم سنتحدث ؟‍!


    لقد كان من الواجب على محاورنا الأستاذ " المنصور بالله " أن يخبرنا عن أي عهد قديم سنتحدث قبل التفصيل في نقاطه التي أجاد في تنسيقها وتنظيمها ؟!

    فلقد وصل إلينا ثلاث نصوص مختلفة للعهد القديم ، ولا نقصد هنا أن هناك ثلاث ترجمات ، بل نعني أنه توجد ثلاث نصوص يستقل بعضها عن بعض في العديد من فقراتها وأسفارها , وهى :

    1- التوراة السامرية , وتتكون من الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى موسى فقط .
    2- العهد القديم العبراني , ويتكون من 39 سفر من أسفار العهد القديم .
    3- العهد القديم اليوناني ( الترجمة السبعينية ) , ويزيد على العبراني بالأسفار " الأبوكريفية " .


    ( أبوكريفا : "أي النص الذي لا تعترف به الكنيسة ولا تقبله في قانون الكتاب المقدس" , انظر الجدول الخاص بالمصطلحات اللغوية للنسخة الكاثوليكية طبعة بولس باسيم ص 28 – دار المشرق , بيروت ) .

    وهذه النصوص – سالفة الذكر – عند الطوائف المسيحية ما بين قبول ورفض , فالعهد القديم اليوناني (السبعينية) معترف به عند الكاثوليك والأرثوذكس , ويذكر " التقليد " الكنسي إعتمادًا على ما جاء في " تاريخ اليهود " ليوسيفوس , أنها قد كُتبت بأمر من " بطليموس فيلادلفوس " على يد سبعين شيخًا من شيوخ اليهود (285-246 ق.م) , فقاموا بترجمة العهد القديم العبراني إلى اليونانية , ولا يعلم أحد بالطبع هوية هؤلاء الشيوخ , ولا نعرف أيضًا من الذي إعتمد لهم ما ترجموه أنه كلام الله !

    لكن الدراسات التحقيقية أثبتت أسطورية هذه القصة , يقول المحققون في " مركز بيت عنيا " للدراسات المسيحية : ( والترجمة السبعينية أو اليونانية للعهد القديم صدرت في الإسكندرية أيام حكم بطليموس فيلادلفوس ملك مصر ( 277 ق.م ) وغير معروف على وجه الدقة تاريخ كتابتها وإن كان البعض يرجح أنه ما بين عام 200 – 100 ق.م , وقام بترجمتها شيوخ من يهود الإسكندرية . وهناك تقليد قديم يقول أن كلمة السبعينية LXX نسبة إلى سبعين أو اثنيين وسبعين شيخًا قد قاموا بهذه الترجمة , ولكن هذا الرأي مستبعد وغير مأخوذ به حاليًا لأسباب عديدة ) ( مقدمة للكتاب المقدس ص 120, 121 - القس يوحنا داربي و" مركز بيت عنيا للمطبوعات المسيحية " , مكتبة النيل المسيحية - القاهرة ) .

    ويقول صفوة مختارة من علماء الكتاب المقدس في تقديمهم للعهد القديم بالترجمة الكاثوليكية للرهبنة اليسوعية : ( هذه الأسطورة المروية خالية من القيمة التاريخية ) ( المدخل إلى المعهد القديم ص 49 , النسخة الكاثوليكية ) .

    أما العهد القديم العبراني فهو معتبر عند بعض اليهود وجميع طوائف البروتستانت ، والتوراة السامرية معتبرة عند طائفة السامريين من اليهود فقط .

    فالكاثوليك والأرثوذكس يقرون أسفارًا عددها ثمانية وأربعون على خلاف بين النصوص وألفاظها عند كل منهما , بينما يقر البروتستانت تسعًا وثلاثين فقط بحذف تسعة أسفار والتي تعرف بـ(الأبوكريفا ) أو الأسفار المنحولة .

    وثمة خلاف كبير أيضًا في عدد هذه الأسفار ( الأبوكريفا ) التي يسميها البعض " الأسفار القانونية الثانية " . فالكتاب المعتمد عليه عند الكاثوليكيين الرومان يضم سبعة أسفار من الأبوكريفا , بالإضافة إلى تسعة وثلاثين سفرًا , وبهذا يصبح عدد الأسفار المعتمدة عندهم ستة وأربعين سفرًا .
    (THE HOLY BIBLE ,RSV ( Revised Standard Version),Catholic Edition (London,1966)p.vi,ix.)

    لكن بعض النسخ القديمة للكتاب المقدس تضم بين دفتيها خمسين سفرًا بدلاً من 46 سفرًا , مثل مخطوط الكتاب السكندري .
    (F.G Bratton: A History Of The Bible (London,1961) ,p.99)

    وتذكر دائرة المعارف الأمريكية أن عددًا كبيرًا من المسيحيين غير البروتستانت يعترفون بصحة أربعة عشر سفرًا أو أكثر , والتي يعدها البروتستانت من الأبوكريفا .
    (Encyclopaedia Americana, vol,3.p.612.)

    وهذه الكتب هى :
    1- أسدراس الأول ( أو عزرا الأول ) .
    2- أسدراس الثاني ( أو عزرا الثاني ) .
    3- طوبيت .
    4- يهوديت .
    5- تتمة إستير .
    6- حكمة سليمان .
    7- حكمة يشوع بن سيراخ .
    8- باروخ وتشمل رسالة أرميا .
    9- نشيد الثلاثة الفتية القديسين .
    10- تاريخ سوسنة .
    11- تاريخ بيل والتنين .
    12- صلاة منسي ( الملك ) .
    13- المكابيين الأول .
    14- المكابيين الثاني . ( مقدمة للكتاب المقدس ص 121 , يوحنا داربي ) .

    فعن أي عهد قديم سنتحدث ؟! وأيهما يمثل كلمة الله الموحى بها ؟! وما هو المنهج الذي به يتم إعتماد أو إستبعاد الأسفار لتكون كلمة الله ؟! ومن له الحق في إعتماد أي منها على أنها كلمة الله ؟!



    2- دعوى التواتر " التسليم من جيل إلى جيل " هل يتصف بها العهد القديم ؟!


    أود في البداية أن أوضح أمرًا هامًا في إثبات صحة المصادر الدينية , ألا وهو أنه لا يجوز أن نستدل بفقرات الكتاب الذي هو متنازع عليه أصلاً , وعلى هذا إتفق أهل البحث في إثبات صحة مصادرهم !

    فالأدلة والدعوى أمران مختلفان , فعلى سبيل المثال يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

    (( كانت التوراة محفوظة أيام موسى النبي: فعندما كتب موسى التوراة أو الأسفار الخمسة حسب وصية الله له سلمها للكهنة واللاويين الذين كانوا يحفظون ما جاء بها قبل أن تكتب ووضعوها إلى جوار تابوت العهد في خيمة الاجتماع " وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل " وقال لهم " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهدا عليكم " ( تث9:31؛26) )) إهـ .

    هذه دعوى وليست أدلة !

    فأي توراة هذه التي سلمها موسى للكهنة طالما أن السفر التثنية لك يكن قد كُتب بعد - هذا على فرض أن موسى هو الذي كتب هذه الأسفار الخمسة - ؟!

    لذا أتساءل : من الذي كتب وزعم ما إستدل به الأستاذ " المنصور بالله " : " وكتب موسى هذه التوارة وسلمها للكهنة ..... إلخ " ؟!

    إنه ليس موسى قطعًا , بل هو مجهول زعم ما زعم وصدقه اليهود والمسيحيون دون تحر , فكل كتبة أسفار العهد القديم مجهولين وليس للأنبياء ضلع فيها , فهى مؤلفات نُسبت إلى الأنبياء بغير وجه حق , فكيف نقبل دعوى أناس مجهولين لا نعلم عن حالهم شيئًا ؟!

    إن ذكر النبي فلان في السفر ليس دليلاً على أنه هو كاتبه , إذ لابد من توافر الأدلة التوثيقية المكانية والزمانية والتاريخية مع وجود الشهود وثبوت التواتر القطعي , للوثوق بصحة نسبة هذه الأسفار لمن كتبوها , فالأمر ليس لكل من هب ودب ليزعم عن الأنبياء ما لم يقترفوه أبدًا , وكذلك بالنسبة لنا , نحن لا نقبل الروايات هكذا بدون تحقيق أو تمحيص لمجرد زعم كاتب مجهول أن هذا هو وحي الرب لفلان !

    ولو كان الأستاذ " المنصور بالله " يقبل بمبدأ " إذا ذكر النبي في السفر فهو إذًا كاتبه " فهذا منهج علمي منخرم في توثيق المعلومات ولم يقل به أحد من أهل النقل , هب أن أعداء الدين هم الذين كتبوا هذه الأسفار وذكروا فيها معلومات خاطئة كاذبة عن الأنبياء , فكيف يستجيز عاقل أن يقبل هذه الأسفار على أنها من كتابة الأنبياء فضلاً عن قبولها ككتب موحى بها !

    وهذا هو الذي نبحثه : من كتب هذه الأسفار يا أستاذ " المنصور بالله " وما مدى صحة ومصداقية ما كتبوه ؟! وهل زعم أحد من هؤلاء الكتبة أن ما كتبوه وحي من عند الله ؟!

    ويجيب علماء الكتاب المقدس عن هذا السؤال قائلين : ( صدرت جميع هذه الكتب عن أناس مقتنعين بأن الله دعاهم لتكوين شعب يحتل مكاناً في التاريخ ... ظل عدد كبير منهم مجهولاً .. معظم عملهم مستوفى من تقاليد الجماعة ، وقبل أن تتخذ كتبهم صيغتها النهائية انتشرت زمناً طويلاً بين الشعب ، وهي تحمل آثار ردود فعل القراء في شكل تنقيحات وتعليقات ، وحتى في شكل إعادة صيغة بعض النصوص إلى حد هام أو قليل الأهمية ، لا بل أحدث الأسفار ما هي إلا تفسير وتحديث لكتب قديمة) ( الترجمة الكاثوليكية ص 29 , 30 ) .

    فاعلم أرشدك الله تعالى , أنه لا بد من توافر العديد من الشروط والضوابط للتأكد من صحة ما نُسب إلى أنبياء الله من كتاب أو سفر , أهمها :

    1- أن تُعلم نبوة المنقول عنه .
    2- أن يُعلم لفظه الذي تكلم به .
    3- ثبوت الإسناد ودلالة المتن .
    4- أن يُعلم ما ذكروه ترجمة صحيحة عن هذا النبي في حال وقوع الترجمة إلى لغة أخرى غير لغة هذا النبي .
    5- أن يُعرف حال المترجم وبره وصلاحه وتقواه ومدى إتقانه للغتين ( اللغة المتَرجمة والمتَرجم إليها ) .


    وذلك أن يثبت أولاً بأدلة واضحة قاطعة أن هذا الكتاب قد كتب بواسطة النبي فلان , ووصل إلينا بالسند المتصل بلا تغيير أو تبديل عن طريق من كانوا شهودًا للأحداث , ثم عن طريق تابعيهم , ثم عن طريق تابعي تابعيهم وهكذا, على أن لا يخالف كل منهم الأخر في روايته , والإستناد الي شخص ذو إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أن المؤَلف من تصنيف ذلك الشخص .

    فإن التواتر عبارة عن إخبار عدد كثير لا يُجَوز العقل إتفاقهم وتواطأهم على الكذب بشيء قد أدركوه بحواسهم إدراكا صحيحًا لا شبهة فيه , وكان خبرهم بذلك متفقًا لا اختلاف فيه , هذا إذا كان التواتر في طبقة واحدة رأوا بأعينهم شيئًا وأخبروا به , فإن كان التواتر في طبقات كان ما بعد الأولى مخبرًا عنها , ويشترط أن يكون أفراد كل طبقة لا يجوز عقل عاقل تواطأهم على الكذب في الإخبار عمن قبلهم , وأن يكون كل فرد من كل طبقة قد سمع جميع الأفراد الذين يحصل بهم التواتر ممن قبلهم , وأن يتصل السند هكذا إلى الطبقة الأخيرة , وكل أفراد الطبقات لا بد أن تكون أحوال سيرتهم وصلاحهم وملازمتهم لمن أبلغوا عنهم معروفة, فإن اختل شرط من هذه الشروط لا ينعقد التواتر .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ


    يقول الأستاذ " المنصور بالله " : (( كما تأمر التوراة كل ملك من بنى إسرائيل " عندما يجلس على كرسي مملكته يكتب لنفسه نسخة من هذه الشريعة في كتاب من عند الكهنة اللاويين فتكون معه ويقرا فيها كل أيام حياته لكي يتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ جميع كلمات هذه الشريعة وهذه الفرائض ليعمل بها " تث18:17،19)) إهـ .

    يشير الأستاذ " المنصور بالله " إلى تث 17 : 18-19 , وهو لم يفرق بين أن تأمر التوارة بنسخ الشريعة , وبين حدوث هذا النسخ فعلاً , وهذا الذي نبحثه , إذ لم يثبت تاريخيًا أن قام الملوك بذلك , ونتمنى من الأستاذ " المنصور بالله " أن يأتينا بأدلة تاريخية تثبت أن ملوك بني إسرائيل حافظوا على نسخ التوارة بإنتظام , إن أمرًا كهذا ما كان ليهمله التاريخ فكان لا بد أن يُسجل , فأين الدليل على نسخ التوراة على يد الملوك ؟! فالأمر ليس مجرد زعم , خاصة ونحن نتحدث عن كلمة الله !

    يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

    (( وكانت هذه التوراة مع يشوع بن نون تلميذ موسى النبي والذي رآها وهى تكتب " فقال الرب لموسى أكتب هذا تذكاراً في الكتاب وضعه في مسامع يشوع " خر14:17)) إهـ .

    وليس الأمر كما أشار الأستاذ " المنصور بالله " , فليس فيما إستدل به أية إشارة إلى أن التوراة كانت مع يشوع بن نون ولا رآها تكتب , لأن الفقرات لم تكن تتحدث عن التوراة ونسخها , بل عن محاربة العماليق وتسجيل هذه الواقعة , ولنستعرض الفقرات كاملة :

    ( وأتى عماليق وحارب اسرائيل في رفيديم فقال موسى ليشوع : انتخب لنا رجالا واخرج حارب عماليق , وغدا اقف انا على راس التلة وعصا الله في يدي , ففعل يشوع كما قال له موسى ليحارب عماليق , واما موسى وهرون وحور فصعدوا على راس التلة , وكان اذا رفع موسى يده ان اسرائيل يغلب واذا خفض يده ان عماليق يغلب , فلما صارت يدا موسى ثقيلتين اخذا حجرا ووضعاه تحته فجلس عليه ودعم هرون وحور يديه الواحد من هنا والاخر من هناك , فكانت يداه ثابتتين الى غروب الشمس , فهزم يشوع عماليق وقومه بحد السيف , فقال الرب لموسى : اكتب هذا – أي حرب العماليق - تذكارًا في الكتاب و ضعه في مسامع يشوع فاني سوف أمحو ذكر عماليق من تحت السماء ) ( خر 17 : 8- 16 ) .

    فلماذا يغالط الأستاذ " المنصور بالله " ويزعم أن التوراة كانت مع يشوع رغم أن بقية الأسفار التي تلي سفر الخروج لم تكن قد كُتبت بعد - هذا على فرض أن موسى هو الذي كتبها - ؟! هذا فضلاً على أن إستشهاده بالفقرة ليس في محله , لأنها تتحدث عن تسجيل واقعة حرب العماليق , وليس تسجيل التوراة !

    يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

    (( وبعد موت موسى النبي وتكليف الله ليشوع لقيادة الشعب أوصاه الله بهذه الوصية قائلا " إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح " (يش7:1،8 ) ) ) إهـ .

    نقول : إن سفر يشوع الذي إستشهد به الأستاذ " المنصور بالله " ليس من كتابة يشوع , بل من كتابة كتبة مجهولين وصفوا بـ " المحررين " . ( مدخل إلى سفر يشوع ص 419 – الترجمة الكاثوليكية ) .

    وعلى هذا نسأل : ما الدليل على صحة هذه الرسالة المجهولة , وهل يجوز الإستدلال برسائل المجاهيل على ثبوت نسخ التوراة , وهل تبنى العقائد على أمثال هذه الرسائل المجهولة المصدر ؟!

    هذا وقد جاء في نهاية هذا السفر خبر موت يشوع , فهل كتب يشوع هذا الكلام ؟! : ( وكان بعد هذا الكلام انه مات يشوع بن نون عبد الرب ابني مئة وعشر سنين , فدفنوه في تخم ملكه في تمنة سارح التي في جبل افرايم شمالي جبل جاعش , وعبد اسرائيل الرب كل ايام يشوع وكل ايام الشيوخ الذين طالت ايامهم بعد يشوع والذين عرفوا كل عمل الرب الذي عمله لاسرائيل ) ( يشوع 24 : 29-31 ) .

    وكذلك ما إستدللت به من سفر الملوك على أن داود كان معه التوراة , فليس فيه أية حجة , لأن نفس السفر يشهد بضياع الأسفار كما سيأتي !



    يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

    (( وجد حلقيا الكاهن هذه الأسفار في الهيكل وكانت سبباً في إصلاح عظيم (2مل 22). ويجمع العلماء على أن هذه الأسفار التي وجدت في الهيكل هي هي نفس النسخة، الأصل، التي كتبها موسى النبي نفسه بيده أو على أقل تقدير نسخة منقولة عنها مباشرة، وأن كانت الغالبية العظمى ترى أنها نفس النسخة التي كتبها موسى النبي بنفسه )) إهـ .

    ونقول إن هذا الكلام بعيد عن الحقيقة تمامًا , لأن ما وجده حلقيا الكاهن هو سفر الشريعة فقط وليس كل الأسفار وذلك بنص الفقرة المستدل بها , تقول الفقرة : " فقال حلقيا عظيم الكهنة لشافان الكاتب : إني وجدت سفر الشريعة في بيت الرب " 2مل22: 8 .

    وسفر الشريعة هنا هو الجزء التشريعي من سفر التثنية المُحَرَّر بعد موسى , يقول واضعو الحواشي على النسخة الكاثوليكية في تعليقهم على الفقرة : " إن سفر الشريعة هذا , المسمى كتاب العهد في 23/2 و21 . هو سفر تثنية الإشتراع , في قسمه التشريعي على الأقل سيقوم الإصلاح الآتي على أحكامه . إنه وثيقة العهد مع الرب , ولربما حُرر في أحوال لها صلة بإصلاح حزقيا ( 18/4 ) ثم خبيء أو فقد أو نسي على عهد منسي الكافر " ( النسخة الكاوثوليكية ص 718 ) .

    فانظر كيف أن أهم الأسفار " سفر التثنية " كانت محل ضياع وفقدان وإهمال , فما بالك ببقية الأسفار ؟!

    يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

    (( كما كانت توراة موسى النبي وجميع أسفار الأنبياء الآخرين الذين أتوا حتى إرميا النبي، مع المسبيين في بابل وعلى رأسهم دانيال النبي والفتية الثلاثة وحزقيال النبي، ويعبر دانيال النبي عن وجود هذه الكتب معه بقوله: " أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي لكماله سبعين سنة على خراب أورشليم " دا2:9 مع ار11:25-12)) إهـ .

    وأقول هذا الإستدلال أيضًا بعيد كل البعد عن الحقيقة كسابقه , وذلك لأن الكتب المعنية ليست أسفار الأنبياء ولكن هى كتابات إرميا في سفره , وبهذا قال علماء الكتاب المقدس .

    يقول واضعوا " مرشد الطالبين " في تعليقهم على الفقرة : ( ونتعلم من إصحاح 9 من سفره – أي دانيال – أنه كان في أواخر حياته مهتمًا جدًا بمصالح شعبه ورجوعهم من سبيهم إلى أرض أبائهم وهذا الرجوع تراءى حينئذ أنه صار ممكنًا ولما فهم من نبوات إرميا أن منتهى السبي قد إقترب صلى إلى الله القادر على كل شيء باسم شعبه ) ( مرشد الطالبين ص 178 ) .

    فأي أسفار هذه التي كانت مع دانيال طالما أن بقية أسفار الأنبياء لم تكن قد كُتبت بعد ؟!

    فالذي يقوله الأستاذ " المنصور بالله " لم يقل به علماء الكتاب أنفسهم , بل ذكروا نقيض ذلك , فلماذا الإيهام والتمويه بأمور غير صحيحة , آمن أجل إثبات صحة الدعوى نلوي النصوص عن معناها الصحيح ؟!

    يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

    (( وكان هؤلاء المسبيون في بابل متجمعين في منطقة تل أبيب على نهر خابور (حز15:3) وكان معهم كهنتهم وشيوخهم فأقاموا المجامع كبديل للهيكل وذلك لتعليم كلمة الله والصلاة. وكانوا يحتفظون فيها بالأسفار المقدسة التي كانوا يقرءونها في أيام السبت من كل أسبوع وفي الأعياد ويحفظون منها كلمة الله )) إهـ .

    وعند الرجوع إلى الشاهد ( حز3 : 15 ) لا نجد فيه أي إجتماع للكهنة والشيوخ , ولا أنهم يحتفظون بالأسفار ! : " ثُمَّ رَفَعَني الرُّوحُ وذَهَبَ بي، فمَضَيتُ وأَنا في المَرارَةِ وفي غَيظِ روحي ويَدُ الرَّبِّ شَديدَةٌ يَر. 15 فوَصَلتُ إِلى المَجلُوِّينَ في تَلَّ أَبيب , إِلى السَّاكِننين، على نهرِ كَبار، حَيثُ كانَت سُكْناهم، فأَقَمتُ هُناكَ سَبعَةَ أَيَّامٍٍ وأَنا مَدْهوش بَينَهم " .

    وكانت دهشة حزقيال كما يقول كاتب السفر نابعة من خطايا بني إسرائيل التي إستحقوا من أجلها أعظم نكبة حدثت لهم وهى حصار أورشليم وتدميرها على يد ملك بابل .

    ولازلنا نسأل : أي أسفار هذه التي كانت مع الكهنة طالما أن بقية أسفار الأنبياء لم تكن قد كُتبت بعد ؟!




    3- من كتب العهد القديم ؟!


    ثم يلخص الأستاذ " المنصور بالله " دعواه فيقول :

    " أستلم موسى الناموس من سيناء وسلمه ليشوع ويشوع سلمه للشيوخ والشيوخ سلموه للأنبياء والأنبياء سلموه لرجال المجمع العظيم ".

    ونحن نقول يا لها من دعوة فموية موجزة ليس لها أي وجه من الصحة , فلا موسى كتب هذه الأسفار الخمسة ولا سلمها ليشوع ولا يشوع سلمها للكهنة ولا الكهنة سلموها للأنبياء ولا الأنبياء سلموها لرجال المجمع !

    بل نقول إن موسى ويشوع والأنبياء لا يعلمون شيئًا عن هذه الأسفار وما رأوها أبدًا فضلاً عن دعوى كتابتها على أيديهم وتسليمها لرجال المجمع !

    بل ذكر علماء الكتاب المقدس عند تحقيقهم في مسألة تواتر هذا العهد القديم , أن هذه الأسفار قد كُتبت بأيدي كتبة مجهولين في أزمنة غير معلومة وفي أمكنة مجهولة , ولا يعلم أحد من الذي إعتمد لهؤلاء الكتبة ما كتبوه , فصلتهم بالأنبياء مجهولة تمامًا , ولا كيف تناقلت إليهم الأخبار التي إحتوتها هذه الأسفار !

    وأنقل إقرار النسخة الكاثوليكية بذلك والتي أُخذت مداخلها كاملة من الترجمة الفرنسية المسكونية والتي عكف على وضعها وضبطها أعظم علماء الكتاب المقدس مكانة وعلمًا , على أن أدعم أقوالهم بأقوال مصنفي " دائرة المعارف الكتابية " الصادرة عن دار الثقافة المسيحية بالقاهرة , وكذلك " الكتاب المقدس , الأسفار القانونية الثانية " الصادر عن مكتبة المحبة بالقاهرة , وكتاب " مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين " الصادر عن مدرسة العلوم الأمريكية ببيروت , وتوزيع مكتبة المحبة بمصر .


    الأسفار الخمسة الأولى :

    جاء في مقدمة أسفار موسى الخمسة ( النسخة المسكونية ) : (كثير من علامات التقدم تظهر في روايات هذا الكتاب وشرائعه مما جعل المفسرين الكاثوليك وغيرهم على التنقيب عن أصل هذه الأسفار الأدبي فما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى قد كتب البانتيك (الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم ) منذ قصة الخلق إلى قصة موته , كما أنه لا يكفي أن يقال أن موسى أشرف على وضع النص الملهم الذى دونه كتبة عديدون في غضون أربعين سنة ) ( مقدمة الأسفار الخمسة ص 4 طبعة إغناطيوس زيادة , دار المشرق - بيروت ) .

    ويقول صفوة مختارة من علماء الكتاب المقدس : ( إن الأسفار الخمسة التالية " منسوبة " إلى موسى النبي كليم الله إلا الإصحاح الأخير من سفر التثنية فإنه أضيف لأجل ختام التاريخ ) ( مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين ص 63 – مكتبة المحبة , القاهرة ) .

    والمحققون يقولون : " إن معظم محتويات الأسفار الخمسة لم تنقل عن موسى , بل جمعت من المصادر والمنابع المختلفة , وقد ذكر المحققون أن لهذه الأسفار أكثر من أربعة وعشرين مؤلفاً " .

    (Dr.E.Sellier : Introduction to the Old Testament , English Translation by W.Montgomery(London,1923),pp25-26; W.Barcaly : Making Of the Bible ,p32)

    وإنك لتعجب أشد العجب أنه إذا كان هذا كلام موسى فهل يعقل أن موسى يكتب تفاصيل موته بعد موته ؟! : ( فمات موسى هناك .... ودفنه الرب .... وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات .... ولم يقم في بني إسرائيل كموسى ) " التثنية 34 : 5-10 " !

    ومن الواضح هنا أن هذه ليست كلمات الله ولا كلمات موسى مما يعني أن هذا كلام شخص ثالث يسجل أحداثاً سمع عنها , فمن هو هذا الشخص ؟! ومن أين أتى بمصادره ؟! وهل كان أهلاً لكتابة الأسفار ؟! هل زكاه أحد الأنبياء لتلك المهمة ؟! هل ثبتت نبوته ؟! أم أن الأمر لكل من هب ودب ليكتب ما شاء ثم يقول هذا من عند الله ؟!

    ولكن الأهم من ذلك ، الفحص الذي قام به علماء الكتاب المقدس عبر دراسات طويلة ، والذي يؤكد أن هذه الأسفار الخمسة لها كتبة يربون على المائة ، وينتمون إلى أربع مدارس ظهرت في القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد في مملكتي إسرائيل ويهوذا , وتسمى هذه الدراسات " نظرية المصادر الأربعة " أو " نظرية التقاليد الأربعة " وهى :
    1- التقليد اليهوي .
    2- التقليد الإيلوهي .
    3- التقليد الكهنوتي .
    4- تقليد خاص بسفر تثنية الإشتراع . ( " مدخل إلى التوراة " الترجمة الكاثوليكية ص 61 ) .


    مقدمة سفر يشوع :

    ( .... على هذا الأساس جُددت قراءة الكتاب – أي سفر يشوع – عن يد محرر ينتمي إلى المدرسة التي أنتجت سفر التثنية وتستند إليه .... مما لاشك فيه أن إهتمام المحررين قد تناول الأرض التي وعد الله بها أجداد الشعب ) ( مدخل إلى سفر يشوع ص 418 , 419 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " يشوع – سفر يشوع " : (الكاتب وتاريخ كتابة السفر : يذكر التلمود اليهودى أن كاتب السفــر هو يشوع نفسه . والأرجح أن هذا التقليد القديم مبنى على تلك العبارة الموجزة : " وكتب يشوع هذا الكلام فى سفر شريعة الله" ( يش 42 : 62 ) . ولكن لا ينطبق هذا إلا على الكلام المختص بتجديد العهد قدام الله ( المدون فى الإصحاح الرابع والعشرين ) . وترتبط قضية الكاتب بتاريخ كتابة السفر ، وحيث أن السفر لا يتضمن أى إشارات صريحة إلى كاتبه أو تاريخ كتابته ) .

    ويقول كتاب " مرشد الطالبين " ص 87 : ( إن الرجل الذي سُمي هذا السفر بإٍسمه هو يشوع بن نون ... وقد إعتُقد أن كاتبه يشوع ذاته ... وقد ظن البعض أن أحد الملهمين كتبه بعد موته ببرهة وجيزة ) .


    مقدمة سفر القضاة :

    ( .... لا يمكننا أن نبت بتًا أكيدًا قي تأليف السفر .... وإن حاولنا أن ننسب هذا التفكير اللاهوتي – أي سفر القضاة – إلى محرر واحد أو إلى عدة محررين , أمكننا أن نعدهم من كُتَّاب سفر تثنية الإشتراع , لكننا هنا أمام إفتراض غير ملزم تمامًا .... يجب أن نحدد زمن مجمل التقاليد المنقولة بين السنة 1200 والسنة 1020 ق.م ) ( مدخل إلى سفر القضاة ص 464 , 466 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " قضاة – سفر القضاة " : ( الكاتب وتاريخ الكتابة: لا يُعلم على وجه اليقين كاتب هذا السفر ) .

    وصرح مصنفو " مرشد الطالبين " ص 91 عن سفر القضاة بأن : ( كاتبه مجهول ) .



    مقدمة سفر راعوث :

    ( لا يزال تاريخ النص موضوع جدال شديد , هناك أسباب كثيرة يستند إليها بعض النقاد للقول بأن المؤلف يرقى عهده إلى ما قبل الجلاء ....ومع كل ذلك , يبدو أن ارتقاء الكتاب إلى ما بعد الجلاء هو الأرجح ) ( مدخل إلى سفر راعوث ص 510 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " راعوث – سفر راعوث " : ( الكاتب والهدف : لا يذكر السفر اسم الكاتب ولا يوجد دليل واضح على تاريخ كتابة السفر ) .

    وصرح مصنفو " مرشد الطالبين " ص 95 عن سفر راعوث : ( وقيل أن كاتبه صموئيل النبي ) .

    وهل أمور العقائد تحكم بالظن ؟! إن هذا لشيء عجاب !


    مقدمة سفري صموئيل :

    ( يبدو بالأحرى في معظم الحالات أننا أمام تقاليد مختلفة قد حرص الرواة والمحررون على المحافظة عليها وحاولوا أن ينظموها بعبارات إطارية ..... ) ( مدخل إلى سفري صموئيل ص 521 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " صموئيل – سفر صموئيل " : (لا يشكل سفرا صموئيل الأول والثاني تاريخاً متصلاً متتابعاً زمنياً بالمعني الدقيق للترتيب الزمني، وكذلك 2 صم 9-20، قصة متصلة بقلم كاتب واحد. ومع أننا لا نعرف كاتب هذين السفرين ... إلا أن هناك دلائل في الكتاب المقدس على أن صموئيل النبي وناثان النبي وجاد الرائي هم الذين كتبوهما ... ويدَّعى النقاد أن هناك مصدرين لسفري صموئيل، أحدهما متأخر يرجع إلي منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وينسبون إليه بعض الأصحاحات مثل 1 صم 2، 12، 15، 2 صم 7. كما يزعمون أن سفري صموئيل من كتابة عدة أيادي، وأن فيهما الكثير من المتناقصات ) .

    ويقول مصنفو " مرشد الطالبين " ص 96 : ( وأما كاتب هذين السفرين فهو غير معلوم ) .


    مقدمة سفري الملوك :

    ( ...فمن هو واضع سفري الملوك ؟ هناك عدة إفتراضات , وما نقترحه هنا هو افتراض عليه عدد كثير من المفسرين , قيل إن سفري الملوك يشكلان مع أسفار يشوع ( وأضاف إليها بعض العلماء سفر تثنية الإشتراع ) وسفر القضاة وصموئيل مؤلفاً واحدًا ....وقد قيل أن هذا الكاتب هو كاهن كتب في حوالي السنة 580 ق.م في فلسطين , ثم قام محرر ثان بعد الأول بجيل وفي فلسطين أيضًا في حوالي السنة 550ق.م , وقبل عودة المجليين من بابل , فاستأنف عمل سلفه وأضاف إليه روايات وتقاليد أخرى كانت في متناوله ....وآخر الأمر أن بعض الكتبة خرجوا من بيئة لاوية قد أضافوا إضافات طفيفة في أواخر القرن السادس ق.م ) ( مدخل إلى سفري الملوك ص 623 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " ملوك – سفر الملوك " : (ولا يذكر في السفر اسم كاتبه. وينسبه التلمود البابلي (بابا باترا) إلى إرميا النبي. ونظرية نسبته إلى دوائر نبوية، تتفق تماماً مع توجهات السفر .. أما تاريخ كتابة سفري الملوك، فلا بد أنه كان يعد تاريخ آخر حادثة مسجلة فيه، وهى السنة السابعة والثلاثين لسبي يهوياكين ملك يهوذا، أي حوالي 561ق.م. وحيث أن السفر ليس به أي تلميح إلى فترة العودة من السبي، فلا بد أنه كتب قبل 539ق.م. وعليه فالأرجح أنه كتب فيما بين 561: 539ق.م ) .

    وصرح مصنفو " مرشد الطالبين " ص 98 أن كاتبًا واحدًا هو الذي ألفهما دون يذكروا أية تفاصيل عن هويته .


    مقدمة سفري الأخبار :

    ( جرت العادة بأن تنسب أسفار الأخبار وعزرا ونحميا إلى كاتب واحد لا يعرف إسمه و يقال له "محرر الأخبار".... فالأحرى أن يحدد زمن التحرير في الحقبة الهادئة التي سبقت أيام المحن , أي بين 330 و 250 ق.م , حتى إذا كان هناك إضافات حُررت , فإنه يبدو من العسير أن ننسب مجموعة الأسفار إلى تاريخ يتجاوز السنة 200 ق.م , وإن لم يكن لدينا دليل قاطع يمكننا من الوصول بيقين مطلق إلى نتيجة مرضية ) ( مدخل إلى سفري الأخبار ص 728 ) .

    أما " دائرة المعارف الكتابية " فلم تعط أية معلومات عن كاتب السفر وتاريخ كتابته !

    ومصنفو " مرشد الطالبين " ص 113 ينسبونهما إلى عزرا من منطلق " التقليد " !


    مقدمة سفري عزرا ونحميا :

    ( ليس لدينا ما يدلنا على كاتب هذين السفرين , ولكن المسلم به عادة أن كاتبًا واحدًا أنشأ وألف سفري الأخبار وأتبعهما بسفري عزرا ونحميا ) ( مدخل إلى سفري عزرا ونحميا ص 833 ) .

    تقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " سفر عزرا " : ( الكاتب وتاريخ الكتابة : سبق القول إن التقليد اليهودي ينسب سفري عزرا ونحميا لعزرا نفسه . وواضح من الأصحاحات 7 – 9 أن الكاتب يستخدم كثيراً ضمير المتكلم المفرد ، وأن الأصحاحات الستة الأولى مأخوذة عن سجلات ، فهي تشمل : أوامر ملكية ( 1 : 2 - 4 ، 6 : 3 - 12 ) . وسلاسل أنساب وقوائم بأسماء أشخاص ورسائل ( 4 : 7 - 22 ، 5 : 6 - 17 ).

    وبالسفر أشخاص ورسائل ( 4 : 7 - 22 ، 5 : 6 - 17 ) . وبالسفر جزءان باللغة الأرامية ( 4 : 8 – 6 : 18 ، 7 : 12 - 26 ) ، وكانت الأرامية هي اللغة الدولية في ذلك الوقت ، فكانت هي اللغة المناسبة لكتابة الرسائل والأوامر الملكية بين فارس وفلسطين ) .

    وعن سفر نحميا فلم تعط " دائرة المعارف الكتابية " أية معلومات دقيقة عن كاتب السفر وتاريخ كتابته !

    ويقول مصنفو " مرشد الطالبين " ص 117 أن مؤلف سفر نحميا واحد من أسرى اليهود !


    مقدمة سفر طوبيا :

    ( إن المؤلف هو في الواقع قصاص يحب الطرافة والتفاصيل المأخوذة على طبيعتها ... إن الأفكار الدينية الواردة في السفر واستشهاده بالأنبياء المتأخرين تجعل تايخ تأليفه بعد الجلاء ...وإن تاريخًا قريبًا من السنة 200ق.م هو التاريخ الراجح ) ( مدخل إلى سفر طوبيا ص 867 , 879 ) .

    أما " دائرة المعارف الكتابية " فلم تعط أية معلومات دقيقة عن كاتب السفر وتاريخ كتابته , وذكرت أن السفر به أخطاء تاريخية !!


    مقدمة سفر يهوديت :

    ( إن المؤلف الأصلي مجهول , ومن الراجح أنه كُتب بلغة سامية ) ( مدخل إلى سفر يهوديت ص 901 ) .

    تقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " يهوديت – سفر يهوديت " : (هذا السفر حديث التأليف ، أما صنعته التاريخية فإثباتها صعب جدّاً . والصعوبة هنا هي أكبر منها فى سفر طوبيا ، وكأن ما ورد من الأخطاء التاريخية ، والوقائع البعيدة الاحتمال قد ضوعفت قصد الحؤول دون وقوع القارىء بهذا الخطأ . إن اسم البطلة " اليهودية " يوحي بأننا ازاء شخصية رمزية . وأغلب الظن أن الرواية هى نوع من الرؤيا ) .


    مقدمة سفر إستير :

    ( ....ومن المحتمل أن يكون هذا السفر قد وُضع في الربع الثاني من القرن الثاني ق.م ) ( مدخل إلى سفر إستير ص 928 ) .

    ولتوضيح مدى التضارب والتخبط , نستعين بمقدمة أخرى لسفر إستير وذلك نقلاً عن مقدمة السفر بـ" الأسفار القانونية الثانية " : ( وكاتب هذا السفر مجهول غير أن البعض يرجح أن يكون هو عزرا أو مردخاي , أما زمن كتابة السفر فهى غير معروفة على وجه التحقيق , ويعتقد البعض أنه كُتب أثناء حكم ( أرتزكسيس لونجمانوس ) في الفترة 465-425 ق.م , على أن معظم النقاد يميلون إلى القول أنه كتب في العصر الإغريقي الذي بدأ بفتوحات الإسكندر الأكبر عام 332 ق.م , ويقولون أن كتابته تمت في حوالي عام 300 ق.م ( قاموس الكتاب المقدس , طبعة بيروت1964 , العمود الأخير ص 65 ) ) ("الأسفار القانونية الثانية"ص75).

    تقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " إستير – سفر إستير " : ( كاتب السفر : من هو كاتب هذا السفر ؟ في الحقيقة نحن لا نجد إجابة قاطعة على هذا السؤال ، لا من محتويات السفر ولا من أي تقليد موثوق به . ورغم أن الكثيرين يؤيدون الرأي القائل بأن مردخاى هو كاتب هذا السفر ، إلا أن الكلمات الختامية في نهاية السفر ( أستير 10 : 3 ) والتي تلخص أعمال حياته والبركات التي نالها ، تضعف من هذا الرأي ، فهذه الكلمات توحي بأن حياة ذلك البطل المرموق قد انتهت قبل اتمام كتابة هذا السفر ) .

    أما التاريخ فلقد أعطت دائرة المعارف أكثر من تاريخ على وجه التخمين !


    مقدمة سفري المكابيين :

    بالنسبة لكاتب سفر المكابيين الأول وزمن تدوينه ولغته الأصلية فلا تذكر مقدمة الرهبانية اليسوعية عنه شيئًا , إلا أن مقدمة " الأسفار القانونية الثانية " تذكر أن لغته الأصلية هى العبرانية ثم تُرجم إلى اليونانية والأصل العبراني مفقود . ( مقدمة سفري المكابيين ص 268 ) .

    وعن سفر المكابيين الثاني , تقول مقدمة النسخة الكاثوليكية : ( وهذا الكتاب هو تلخيص لمؤلف في خمسة أجزاء وضعه ياسون القيريني في وقت قريب من الأحداث المروية أي بعد السنة 160 ق.م بقليل .... إن الملخص الذي استند إلى كتابات ياسون هو غير معروف كما أن ياسون نفسه غير معروف ) ( مدخل إلى سفري المكابيين ص 949 , 950 ) .


    مقدمة سفر أيوب :

    ( في نص سفر أيوب مشاكل عويصة , ويبدو أن المترجم إلى اليونانية القديمة ( السبعينية ) قد اصطدم بها , فهو تارة يتملص منها باللجوء إلى الترجمة التفسيرية التقريبية , وتارة أغفل ترجمة عدد من الآيات , وكان لا بد من الإعتماد على عمل اوريجنس النقدي وعلى براعة هيرونيمس في الترجمة لكي تصبح لغة سفر أيوب الصعبة في متناول المسيحيين ) ( مدخل إلى سفر أيوب ص 1052 ) .

    أما " دائرة المعارف الكتابية " فلم تعط أية معلومات عن كاتب السفر وتاريخ كتابته !


    مقدمة سفر المزامير :

    تعد المزامير المنسوبة إلى نبي الله داود أحد أهم النصوص المتعبد بها عند اليهود والنصارى على السواء, وقد أخذ القوم ينسبون تلك المزامير إلى داود بلا بينة أو دليل وكأن الأمرمحسوم وليس محلاً للنقاش , فإذا ذُكرت المزامير ذُكر داود !

    لكن هذا الموقف المتشدد أصبح يسيرًا على العلماء نقده وتحليله , لأن الأدلة تقف حائلاً بين داود ونسبة تلك المزامير له !

    جاء في مدخل سفر المزامير للنسخة الكاثوليكية ما نصه : ( يجد المفسرون المعاصرون , في مسائل الصحة الأدبية , مجالاً متسعًا للبحث والجدل , فالحرف العبري الذي يسبق أسماء الأشخاص في العناوين يقبل أكثر من تأويل , فقد يدل على الرجوع إلى المؤلف .....وكان مفهوم الناس لهوية المؤلف وللملكية الأدبية على غير ما هو اليوم من التشدد , فهناك عقبات كبرى تعترض طريقنا , إن أردنا إدراج القصائد في تاريخ بني إسرائيل وتحديد تواريخها , فقد تضم وثيقة متأخرة إلى حد ما تقاليد قديمة العهد , وقد يقدم مؤلفون حديثون على إعادة التأليف لما تركه أسلافهم , فيتبنون أو يكيفون مواد قديمة , وقد يرصعون بمجوهرات جديدة أجزاء قديمة جدًا وحتى بقايا من أدب الشعوب المجاورة , إن أمكن الأمر , لن ينتهي الجدل بسرعة في مسألة عمر النصوص والتأثيرات الغريبة التي طرأت عليها , فهى من أشد المسائل تعقيدًا وصعوبة ) ( مدخل إلى سفر المزامير ص 1107 , 1108 ) .

    أما " دائرة المعارف الكتابية " فقد ذكرت أنه من كتابة مجموعة من الكتبة , وأن تاريخ كتابته ليس فيه رأي محدد ولا حتى راجح !

    ومصنفو " مرشد الطالبين " ص 128 ينسبون ترتيبه إلى عزرا !


    مقدمة سفر الأمثال :

    ( لا يسعنا في مدخل وجيز إلا أن نولي أهمية نسبية لمسألة التواريخ التي يجب نسبها إلى مختلف المقاطع وإلى مسألة هوية المؤلفين وإلى سائر المسائل المماثلة , من الممكن أن نجمع على أن جوهر المجموعة يرقى عهده إلى نشأة الحياة الجماعية في إسرائيل , لا شك أن التناقل الشفهي سبق التدوين الخطي , كما الأمر هو في كثير من أسفار العهد القديم ....لا شك أن إسرائيل نقح سفر أمثاله مدة طويلة كما نقح كتاب مزاميره ) ( مدخل إلى سفر الأمثال ص 1318 , 1319 ) .


    مقدمة سفر الحكمة :

    ( إن واضع سفر الحكمة هو شاعر ومعلم روحي أراد أن يضع مؤلفًا شخصيًا طريفًا , ومع أنه يستقي من ينابيع كثيرة , فإنه يحترز من نقلها كما هى , بل يدخلها بفطنة في كتابه , وهكذا يتصرف في استعماله العهد القديم ) ( مدخل إلى سفر الحكمة ص 1396 ) .

    وهذا السفر ينسب كما جرت العادة إلى سليمان , وكذلك سفر الأمثال وسفر نشيد الإنشاد وسفر الجامعة , ولكن كما أوضح علماء الكتاب المقدس في اعتراف له تداعياته الخطيرة أن سليمان عليه السلام ليس له ضلع فيه , كما أنه ليس له ضلع فيما نُسب إليه من بقية الأسفار , فالسفر عبارة عن مذكرات شاعر روحاني أخذ ينقل من التقاليد الإسرائيلية واليونانية القديمة , كما جاء في المقدمة : ( لا عجب أن يكون الكاتب قد استوحى في آن واحد من مؤلفات كتابية سابقة ومن مؤلفات يونانية ) ( المصدر السابق ) .

    فكيف ينسب هذا السفر إلى نبي من أنبياء الله ؟ وهل يكون هذا السفر من كلمة الله أم من صنع البشر ؟!

    يقول علماء الكتاب المقدس في مقدمتهم لسفر الحكمة : ( إن كتابات سليمان فُقد منها الكثير , فقد ذُكر عنه في سفر الملوك الأول أن الله أعطاه ( حكمة وفهمًا كثيرًا ورحبة قلب كالرمل الذي على شاطيء البحر ) امل 4 : 29 بمعنى أنه كان له الكثير من أقوال الحكمة الروحية , وقد قيل عن سليمان أيضًا أنه ( تكلم بثلاثة آلاف مثل وكانت نشائده ألفًا وخمسًا , وتكلم عن البهائم وعن الطير وعن الدبيب وعن السمك ) 1مل 4 : 32-33 فأين كل هذه الأمثال والنشائد والكتابات , إلا إذا كانت قد فُقدت ؟! ) ( مقدمة سفر الحكمة بـ"الأسفار القانونية الثانية " ص102 ) .


    مقدمة سفر الجامعة :

    ( إن هذا الكتاب غير متجانس , وهذا ما يجعل مطالعته عسيرة , ورأى بعض الناس لتفسير ما فيه من أفكار متعارضة , أن له عدة مؤلفين مؤلفين ومراجعين , ولكن ما من شيء يوجب رفض مبدأ المؤلف الواحد , فإن هذا المؤلف يجادل نفسه ويستشهد أحيانًا بمن سلفه لينتقد آراءهم ) ( مدخل إلى سفر الجامعة ص 1360 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " الجامعة- سفر الجامعة " : (يرى كثيرون من العلماء أن سليمان لم يكتب هذا السفر بل كتبه كاتب في عصر لاحق ) .

    ويقول مصنفو " مرشد الطالبين " ص 150 أن مؤلفه سليمان ولا يرجعون ذلك إلى أدلة توثيقية تاريخية وزمانية , ولكن إلى " ظن " البعض بذلك !


    مقدمة سفر نشيد الإنشاد :

    ( إن هذا الكتاب الصغير يشكل مسألة من أشد المسائل المتنازع عليها في نصوص الكتاب المقدس , فما معنى هذه القصيدة الغزلية في العهد القديم ؟ .... من الذي ألفه وفي أي تاريخ ؟ ولماذا أُلف ؟ وإذا صح أن وجوده في قانون الكتب المقدسة لم يكن إلا مصادفة . فكيف اكتسب مكانه حتى إنه وجد دوره في رتبة الفصح اليهودي في وقت لاحق ؟ ....جرت عدة محاولات قيل فيها أن التأليف يرقى عهده إلى زمن سليمان أو إلى بعده بقليل , لكن الإنشاء واللغة يدلان على أنه جاء متأخرًا في أيام الفرس مثلاً ( القرن الخامس ق.م ) أوحتى في العصر الهليني ( القرن الثالث ق.م ) ...لكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان , لقد نُسب نشيد الإناشيد إلى سليمان كما نُسب إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة ) ( مدخل إلى سفر ناشيد الأناشيد ص 1378 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " سفر نشيد الإنشاد " : (متى كان الكاتب غير مقطوع بأمره ، فلا يمكن القطع أيضاً بتاريخ كتابته ) .


    مقدمة سفر يشوع بن سيراخ :

    ( يمتاز هذا الكتاب أولاً عن سائر أسفار العهد القديم ( ما عدا كتب الأنبياء ) بأنه الكتاب الوحيد الذي نعرف كاتبه معرفة أكيدة , إسمه " يشوع بن سيراخ " ..... هناك أمران نستخلص منهما أن ابن سيراخ كان يعيش في أورشليم في حوالي السنة 200ق.م , وأن مؤلفه يرقى عهده إلى نحو السنة 180 , فإن الناقل إلى اليونانية , وهو حفيده , يفيدنا في المقدمة بأنه باشر العمل بعد السنة 38 من عهد أورجتيس الملك وهو بطليمس السابع ( 170 – 116 ) : أي بعد السنة 132 , ويمكننا الإفتراض أن جده وضع مؤلفه قبل خمسين سنة ) ( مدخل إلى سفر يشوع بن سيراخ ص 1433 , 1434 ) .

    وقد وضعت " دائرة المعارف الكتابية " إفتراضات كثيرة عن هوية الكاتب وتاريخ كتابة السفر !


    مقدمة سفر إشعياء :

    سفر إشعياء يعد من أهم الأسفار الكتابية عند اليهود والمسيحيين , وهو منسوب إلى النبي إشعياء , لكن علماء الكتاب المقدس ينفون ذلك , بل ويذهبون إلى أن هذا السفر من عمل العديد من المحررين المجهولين !

    جاء في مقدمة السفر بالنسخة الكاثوليكية : ( يضم سفر أشعياء مجموعة من 66 فصلاً فيها أدلة فكرية وأدبية واضحة على أنها لا تعود إلى زمن واحد , لا عجب أن يكون لكتاب واحد عدة مؤلفين , ففي العهد القديم أسفار أخرى تتسم بهذا الطابع الخليط , ولكن , في حين أن أسماء مؤلفيها غير معروفة ....وأوضح دليل على تعدد المؤلفين يظهر في مطلع الفصل الأربعين , حيث يبدأ مؤلَّف يقال له سفر أشعيا الثاني, فبدون أي تمهيد نجد أنفسنا منقولين من القرن الثامن إلى حقبة الجلاء ( القرن السادس ) ( ! ) ..... يحسن بنا إذًا أن ندرك ما في الكتاب من طابع خليط وألا نحاول أن نُثبت وحدة التأليف إثباتًا اصطناعيًا , أما عرض كيف أُلف سفر أشعيا فإنه محاولة تتضمن قدرًا وافرًا من الإفتراض , فقد كان إنجاز الكتاب بعد الجلاء , لا بل بعد العودة , وهو مفترض بما ورد في الفصول 56-66 , وكان في متناول المحررين , لا أجزاء مبعثرة فقط , بل مجموعات بكل معنى الكلمة ..... هناك نصوص ( مثل 8/1 و16 و30/8 ) تشهد بأن النبي كتب شيئًا من أقواله , ولكن الراجح أن عددًا كبيرًا من أقواله لم يكتبها هو نفسه , بل دونها تلاميذه , نزولاً عن رغبته , أو بعد ذلك بقليل ....من الواضح أنه , فيما يتعلق بعدد وحجم المجموعات التي دخلت في تأليف سفر أشعيا , لا يسعنا إلا أن نتكهن ) (مدخل إلى سفر أشعيا ص 1513 , 1514 ) .

    ولم تأت " دائرة المعارف الكتابية " بجديد حول هوية الكاتب وتاريخ الكتابة !


    مقدمة سفر إرميا :

    ( لقد قام محرر مجهول الإسم يجمع كل هذه المواد في مجلد واحد , لانعلم من هو هذا المحرر , ولكنه يكشف فن نفسه بتلك الإضافات التي لا تحصى والمؤلفات المتماسكة والتعليقات المكتوبة بإنشاء سفر تثنية الإشتراع التي سبق ذكرها والتي تتخلل جميع فصول الكتاب تقريبًا , إن المحرر النهائي لسفر إرميا ينتمي فعلاً إلى مدرسة تثنية الإشتراع , فلا بد من التسليم بأن نشاطًا أدبيًا ولاهوتيًا مكثفًا ظهر في فلسطين في حوالي النصف الثاني من القرن السادس , وهو عمل تفكير وبحث ونشر كان عبارة عن جمع الوثائق وتفسيرها وضمها في مجلدات ضخمة , وعن استخلاص النتائج التي تفرض نفسها في سبيل إطلاع أفضل على كلمة الله إلى شعبه ) ( مدخل إلى سفر إرميا ص 1642 ) .

    ولم تأت " دائرة المعارف الكتابية " بجديد حول هوية الكاتب وتاريخ الكتابة !



    مقدمة سفر باروك :

    ( يبدو الكتاب , عندما يطالع أول مرة , يبدو وكأنه من وضع باروك " أمين سر " إرميا , ألفه في أثناء الجلاء إلى بابل , ووجهه إلى الجماعة التي بقيت في أورشليم , لكن هناك فوارق كثيرة بين المعلومات المقتبسة من المؤلفات المعاصرة لسقوط أورشليم والجلاء , وما ورد في سفر باروك , وهذه الفروق تجعل نسبة هذا الكتاب إلى " أمين سر " إرميا أمرًا مستحيلاً ....إن واضعه ينسج على طراز الروايات التي تقص لنا وقائع إستيلاء نبوكد نصر على أورشليم في السنة 587 والتي تخبرنا عن سني الجلاء , وهو في الوقت نفسه يُدخل فيها بعض التعديلات التي من شأنها أن تكيف ذلك الطراز على الأحوال التاريخية المعاصرة ) ( مدخل إلى سفر باروك ص 1755 ) .

    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " باروخ – سفر باروخ " : (سفر باروخ يتكون من ثلاث قطع أدبية منفصلة، قد ضمها إلى بعضها كاتب، كتب أيضاً أو أعاد صياغة مقدمة السفر، وعليه فان الدعوى الواردة في العددين الأولين من السفر بأن الذي كتبه هو باروخ بن نيريا بعد سقوط أورشليم بخمس سنوات ( 581 ق. م. ) لايمكن أن تكون صحيحة ) .


    مقدمة سفر حزقيال :

    ينسب هذا السفر كما هو معروف عند العامة إلى نبي الله حزقيال , لكن علماء أهل الكتاب يرفضون هذا الرأي , وينسبون هذا السفر إلى تلاميذ حزقيال المجهولين الذين تحكموا في السفر كما يحلوا لهم : ( يتحمل تلاميذ حزقيال مسؤولية كبرى في طريقة العرض هذه , لم يبالوا بالمنطق فجزأوا أقواله : قد تكون 3/22-27 و4/4-8 و24/21-22 أقسامًا مفككة لرواية متواصلة , أو أنهم قربوا بين أقوال مستقلة , رابطين إياها كما يحلوا لهم ) ) ( مدخل إلى سفر حزقيال ص 1771 ) .


    مقدمة سفر دانيال :

    يعد سفر دانيال من أهم أسفار العهد القديم لاحتوائه على العديد من التنبؤات والإشارات المستقبلية كما يزعم النصارى , وكاتب هذا السفر مجهول , عبر عنه علماء الكتاب المقدس بإسم " الكاتب " ( مدخل إلى سفر دانيال ص 1853 , 1854 ) .

    أما " دائرة المعارف الكتابية " فلم تعط أية معلومات عن كاتب السفر وتاريخ كتابته !


    مقدمة سفر هوشع :

    ( الراجح أن تلك المعلومات هى من قلم محرر من يهوذا أضافها يوم جُمعت أقوال هوشع لتأليف كتاب ) ( مدخل إلى سفر هوشع ص 1892 ) .

    واعتبرت " دائرة المعارف الكتابية " كاتب السفر هو هوشع بلا أية أدلة تثبت صحة دعواهم !


    مقدمة سفر يوئيل :

    دخل هذا السفر إلى قانون الكتاب المقدس عن طريق الإفتراضات , فلا يُعلم كاتبه ولا متى كُتب ولا أين كُتب , بل لا يُعلم من هو يوئيل النبي أصلاً ! : ( من عادة مؤرخ الأدب الكتابي أن يرغب في الكشف عن الإطار البشري الذي أحاط بالوحي وفي حسن الإطلاع على الظروف الخاصة التي وُضع فيها , أما ما يختص بسفر يوئيل , فإنه يرى نفسه مضطرًا إلى الإكتفاء بافتراضات لا يحظى واحد منها بالإجماع , تعود هذه الإفتراضات إلى بنية الكتاب وصلته بحياة الشعب المختار وشخصية الكاتب وتاريخ الكتاب .....شخصية النبي غير معروفة : يُقدم إلينا في 1/1 على أنه " ابن فتوئيل " ولكن هذه المعلومات لا تأتينا بفائدة ) ( مدخل إلى سفر يوئيل ص 1917 , 1918 ) .

    تقول " دائرة المعارف الكتابية " : ( يفتتح السفر بالقول: قول الرب الذى صار إلى يوئيل بن فثوئيل". ولا يرد فى أى موضع آخر من أسفار العهد القديم، ذكر ليوئيل هذا، أو لفثوئيل. ولكن اسم يوئيل كان اسماً شائعاً بين الشعب. وثمة أربعة عشر شخصاً ذكروا بهذا الاسم فى العهد القديم (لما هو مبين فى البند السابق) ويبدو مما جاء فى نبوته أنه لم يكن كاهنا، ولكنه كان وثيق الصلة بكهنة الهيكل. والأرجح أنه كان يقيم فى أورشليم، ولا نعلم عنه أكثر من هذا ) .


    مقدمة سفر عاموس :

    ( إن عاموس النبي هو أقدم نبي شكلت أعماله وأقواله مجموعة كتابية خاصة , تدخَّل قبله في إسرائيل أنبياء أخرون يرد ذكرهم في أسفار صموئيل والملوك خاصة , لكن عاموس هو الأول من سلالة جديدة هى سلالة الأنبياء الذين جرت العادة في تسميتهم " الأنبياء الكتّاب " , لأن الكتاب المقدس حفظ صدى تدخلاتهم المباشرة في كتب تحمل أسماءهم , وليست هذه المجموعات عادة من عمل الأنبياء أنفسهم , بل من عمل تلاميذهم ) ( مدخل إلى سفر عاموس 1929) .

    إن هذا الإعتراف يبين لنا بجلاء أن ذكر نبي من أنبياء الله في سفر معين ليس دليلاً على أن هذا النبي هو كاتب هذا السفر !


    مقدمة سفر عوبديا :

    ( يظهر , من جهة بنيته , بمظهر رؤيا ( الآيات اب-15 ) يسبقها عنوان ( الآية 1آ ) و يليها إعلان في خاتمته ( الآيات 16-18 ) من قلم محرر متأخرر , أُضيفت إلى ذلك شروح لاحقة نثرية ( 19-21 ) تُنسب إلى كُتَّاب مجهولين ....في شأن التاريخ , هناك معالم تمكننا من تحديد زمان الكتاب : فالنبي يندد في رؤياه بموقف شعب أدوم , سليل عيسو , من إسرائيل الشعب الشقيق , سليل يعقوب , عند سقوط أورشليم ( الآية 10 ) , فالكتاب أُنشئ بعد السنة 587 بقليل .... لا نعرف عن النبي سوى اسمه وهو إسم كتابي على وجه تام , وأما هويته فلا نعرف عنها شيئًا , المهم هو تعليمه-!- ) ( مدخل إلى سفر عوبديا ص 1950 ) .

    وأي تعليم هذا يكون لرجل لا نعرف حاله ولا صلاحه ولا بره ولا تقواه , بلا لا نعرف أنه كان يوحى إليه في يوم من الأيام !
    وتقول " دائرة المعارف الكتابية " تحت مادة " عوبديا – سفر عو بديا " : ( الكاتب : نبوة عوبديا هي السفر الرابع من أسفار الأنبياء الصغار ، وهي أقصر أسفار العهد القديم ، وليس في السفر ما يحدد شخصية الكاتب ) .


    مقدمة سفر يونان :

    ( ترتبط هذه الرواية بوجود شخصية تاريخية ( 2مل 14/25 ) للدلالة على أن الكلام يدور على اختبار الأنبياء الحقيقي ....كل شيء فيها يدعو إلى الإعتقاد بأن هذا الكتاب عمل يعود إلى ما بعد الجلاء , فمن الواضح أن اللغة والإنشاء ينتميان إلى العصر الكلاسيكي للغة العبرية , وإلى جانب ذلك فإن طريقة التفكير في رسالة النبي تفترض أن هناك رجوعًا في الزمن بالنسبة إلى القيام بهذه الرسالة , كما عاشها إرميا خاصة .... وإلى جانب ذلك أيضًا , تعكس الرسالة روحًا شمولية أوسع من التي نجدها على سبيل المثال عند إشعيا الثاني , وأخيرًا فإن فنها التصويري يذكر بإنشاء الحكماء الذين كتبوا بعد ذلك بقليل أسفار طوبيا وإستير ودانيال – المجهولين أيضًا – أكثر مما يذكر بإنشاء المؤرخين قبل الجلاء ) ( النسخة الكاثوليكية : مدخل إلى سفر يونان ص 1955 ) .


    مقدمة سفر ميخا :

    ( توزع مواد الكتاب بحسب تقليد معروف في نصوص الأنبياء ....من الواضح أن هذا الترتيب هو من عمل محررين عاشوا بعد تأليف الأقوال النبوية ) ( النسخة الكاثوليكية : مدخل إلى سفر ميخا ص 1959 ) .


    مقدمة سفر نحوم :

    ( ...يحدد المفسرون زمن إعلان الأقوال النبوية وتأليف سفرنحوم في الأشهر التابعة مباشرة لحدث 663 الكبير , لا عند اقتراب السنة 612 م , وذلك بالإعتماد على ما ورد في الكتاب ) ( النسخة الكاثوليكية : مدخل إلى سفر نحوم ص 1957 ) .

    وأنا لا أدري أي أقوال نبوية هذه التي تصدر من نبي لا نعرف هويته , سطرها كاتب لا نعرف أيضًا هويته ؟!


    مقدمة سفر حبقوق :

    ( إن البحوث التي أُجريت لمعرفة شخصية حبقوق نفسه لم تأت بأية نتيجة ذات قيمة , كثيرًا ما يفسر اسمه بأنه اسم نبات , ولا نجد في كتابه ولا في سائر أسفار الكتاب المقدس العبري أي شيء صريح عن حياته أو شخصيته , غير أن حبقوق دخل في التاريخ بعد انتشار الكتاب الذي حمل اسمه ) (السنخة الكاثوليكية : مدخل إلى سفر حبقوق ص 1981) .


    مقدمة سفري صفنيا وحجي :

    كالعادة ...لم نر من علماء الكتاب المقدس في تقديمهم لهذين السفرين سوى الهروب من سيرتهم مستدلين بقول كارل بارت :" إن الأنبياء أُناس بلا سيرة " ! ( النسخة الكاثوليكية : مدخل إلى سفر صفنيا ص 1993 , ومدخل إلى سفر حجي ص 2000 ) .


    مقدمة سفر زكريا :

    ( إن سفر زكريا , شأن سفر أشعيا , لا يمكن أن يُنسب إلى نبي واحد .... نكاد لا نعرف شيئًا عن شخص النبي زكريا , فإنه يتوارى وراء عمله , يعرف نفسه بأنه حفيد عدو ( 1/1و1/7) وربما ابن عدو ( عز5/1و6/14والترجوم ) ويبدو أنه كان في حوالي السنة 500 رئيس أسرة عدو الكهنوتية (نح 12/16 ) , إن إلحاحه على منزلة الهيكل ناتج عن صفته الكهنوتية, وكان من شأن الكاهن أن يجيب عن الإستشارات الطقسية كالتي طُلبت من زكريا في أمر الحفاظ على الأصوام التذكارية أوحذفها ...وأخيرًا فإن اهتمامه بالطهارة والقداسة للأرض المقدسة يوافق العقلية الكهنوتية ) (النسخة الكاثووليكية : مدخل إلى سفر زكريا ص 2004 , 2005 ) .

    إذاً هذه الأسفار مجهولة المؤلف ، لا تصح نسبتها للأنبياء ، بل هى من عمل الشعب اليهودي طوال عصور التاريخ اليهودي ، وقد استلهموا هذه الكتابات من تقاليدهم ومن تقاليد غيرهم ، لا من الله ووحيه، وكل ذلك شاهد على أن العهد القديم ليس كلمة الله .

    يقول مصنفو النسخة الكاثوليكية : ( لم يتردد مؤلفو الكتاب المقدس , وهم يروون بداية العالم والبشرية , أن يستقوا معلوماتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تقاليد الشرق الأدنى القديم , ولا سيما من تقاليد ما بين النهرين ومصر والمنطقة الفينيقية والكنعانية ) ( مدخل إلى سفر التكوين ص 66 ) .
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 28 أكت, 2020, 05:10 م.

    تعليق

    • أَبُو عُبَـيِّدة
      2- عضو مشارك
      حارس من حراس العقيدة
      عضو شرف المنتدى

      • 30 ديس, 2006
      • 152

      #3

      4- دعوى الدقة أثناء النسخ , هل تحققت في العهد القديم ؟!


      نقل لنا الأستاذ " المنصور بالله " عدة شروط زعم علماء التلمود من اليهود أن كتبتهم إلتزموا بها أثناء نسخهم لأسفار العهد القديم على مر العصور , وهذا الأمر بعيد عن الحقيقة , بل شهد علماء الكتاب المقدس أن الكتبة لم يكونوا معصومين في وقوعهم في مختلف الأخطاء أثناء النسخ , بل ذكروا أنهم تعمدوا التغيير أحيانًا كثيرة !!

      لقد أراد الأستاذ " المنصور بالله " أن يبين لنا أن " المسوريين " قد أجادوا في نسخ أسفار العهد القديم , والأمر على نقيض ذلك , فلقد جاء في مقدمة النسخة الكاثوليكية للكتاب المقدس في أثناء حديثها عن نص العهد القديم وتناقله أن " المسوريين " قد وقعوا في العديد من الأخطاء التي أدت إلى تشويه نصوص العهد القديم !

      يقول هؤلاء الصفوة المختارة من علماء الكتاب : ( ... في صيغ هذا النص الذي سبق النص المسوري نجد أحيانًا نصًا أوضح من النص المسوري نفسه , ومن هنا نشأت رغبة عدد كبير من المفسرين , لا سيما بين الأعوام 1850 و 1950 في الإستعانة بها لتنقيح النص المسوري الذي غالبًا ما يعد مشوهًا ) .

      وتحت عنوان " تشويه النصوص " الذي كان سببه هؤلاء المسوريين , يقول واضعوا المقدمة : ( تشويه النصوص : كثيرًا ما وقع إلتباس في النصوص الكتابية لأن الكتابة العبرية غالبًا ما تهمل فيها الحركات وفي القرن السابع إهتدى الباحثون إلى وسيلة واضحة لكتابة الحركات...لاشك أن هنالك عددًا من النصوص المشوهة التي تفصل النص المسوري الأول عن النص الأصلى فمن المحتمل أن تقفز عين الناسخ من كلمة إلى كلمة تشبهها وترد بعد بضعة أسطر، مهملة كل ما يفصل بينهما ومن المحتمل أيضًا أن تكون هناك أحرف كُتبت كتابة رديئة فلا يحسن الناسخ قراءتها فيخلط بينها وبين غيرها وقد يُدخل الناسخ في النص الذى ينقله لكن في مكان خاطيء تعليقًا هامشيًا يحتوي على قراءة مختلفة أو على شرح ما ، والجدير بالذكر أن بعض النساخ الأتقياء أقدموا بإدخال تصحيحات لاهوتية على تحسين بعض التعابير التي كانت تبدوا لهم معرضة لتفسير عقائدي خطر ) ( النسخة الكاثوليكية ص 53 ) .

      ويقولون أيضًا : ( لم يتردد النقاد من تصحيح النص المسوري , كلما لم يعجبهم لإعتبار أدبي أو لإعتبار لاهوتي ) ( المصدر السابق ) .

      إن الأستاذ " المنصور بالله " وضع ضمن نقاطه " دقة الكتبة " وهذا أمر يطول الحديث عنه , وكان أحرى به أن يجعله حين الحديث عن المخطوطات وقضية التحريف بتوسع تام , فالكثير من المسيحيين لا يعرفون من هم المسوريين ولا يعرفون نصوص العهد القديم , فطرح الموضوع بهذا الإيجاز ليس محل الإنصاف , لذا سأناقشه بتوسع مع الزميل حين الحديث عن المخطوطات والتحريف .



      5- هل يشهد المسيح والعهد الجديد للعهد القديم ؟! وما وجه الدلالة في هذه الشهادة إن وجدت ؟!


      أولاً : إن ما تقدمه الأناجيل لسيرة المسيح عليه السلام وأقواله لا يُعد تاريخًا يُعتمد عليه في الإستدلال , هذا فضلاً عن الإعتقاد , والسبب في ذلك أن هذه الأناجيل كُتبت بعد عشرات السنين من حياة السيد المسيح , فلم يرها المسيح أصلاً ليقر ما فيها , ولم يعتمد أحد ممن كتبوا هذه الأناجيل على تواتر أقواله عليه السلام على ألسنة الحفاظ الثقات المشهود بعدالتهم والمعروفة سيرتهم , بل الأمر على نقيض ذلك قطعًا , وقد وقع التحريف فيها كما سيأتي إن شاء الله .

      يقول القس نوح كلر أستاذ اللاهوت بجامعة غانزا الكاثوليكية بواشنطن : ( ... وفي أثناء دراستي مادة اللاهوت قرأت ترجمة نورمان بيرين الإنجليزية لكتاب " إشكالية يسوع التاريخي " الذي كتبه يواكيم يريمياس , وهو واحد من أبرز علماء " العهد الجديد " في القرن العشرين الذين أمضوا سنوات طويلة في دراسة هذه النصوص دراسة متعمقة , ساعده فيها تمكنه من اللغات القديمة التي كتبت بها أصول هذه النصوص . وقد اتفق يريمياس في نهاية الأمر مع اللاهوتي الألماني رودلف بولتمان على أنه " يمكن القول دون أدنى ريب : إن الحلم بكتابة السيرة الذاتية ليسوع قد انتهى للأبد ! " . وهذا يعني أن حياة السيد المسيح – كما عاشها بالفعل – لا يمكن إعادة نسجها إعتمادًا على ما ورد في العهد الجديد بلا أي درجة من الثقة ) ( رحلة البحث عن معنى ص 11 -12 , مكتبة السلام – القاهرة ) .

      ثانيًا : النصوص التي نقلها الأستاذ " المنصور بالله " وعدها شهادة من المسيح للعهد القديم تحتاج إلى تفصيل , فهل شهد المسيح – على فرض صحة هذه الشهادة - لكل فقرة وإصحاح وسفر من هذه الأسفار , أم شهد شهادة عامة غير مفصلة ؟!

      ثالثًا : إن القول بأن السيد المسيح شهد بالصحة لهذه الكتب والأسفار هو أعظم طعن في نبوة السيد المسيح ورسالته , إذ كيف يشهد المسيح لمؤلفات معلوم قطعًا – لدى الجميع - أنها ليست أسفار الأنبياء , وكُتَّابها مجهولون لا يعلم أحد عدالتهم ولا سيرتهم ولا صلتهم بالأنبياء فضلاً عن إثبات أنهم يوحى إليهم , فنحن ننزه السيد المسيح من قول البعض أنه شهد لهذه الكتب المجهولة , بل والمحرفة كما سيأتي إن شاء الله .

      رابعًا : إن الناظر إلى إستدلال الأستاذ " المنصور بالله " بهذه النصوص من العهد الجديد ليتساءل : أي عهد قديم كان يشير إليه العهد الجديد ؟ هل هو العهد القديم اليوناني السبعيني الذي يزيد تسعة أسفار عن العهد القديم العبراني ؟ أم هل هو العهد القديم العبراني الذي ينقص تسعة أسفار عن العهد القديم اليوناني ؟ أم هل هو العهد السامري الذي إقتصر فقط على الأسفار الخمسة الأولى ؟!

      خامسًا : من العجيب أن يدعي الأستاذ " المنصور بالله " أن ثمة شهادة من المسيح للعهد القديم , إذ أنه من المعروف تاريخيًا أن أسفار الأنبياء لم يقرها اليهود إلا في عام 90 بعد ميلاد المسيح أي بعد حوالي 60 سنة من إستيفاء المسيح لأجله على الأرض , وذلك حين عقد الفريسيون مجمعاً في جامينيا ، وقد استلمت الكنيسة المسيحية من اليهود أسفار العهد القديم التي قررها اليهود في مجمع " جامينيا " عام 90م , فعن أي شهادة للمسيح يتحدث بها الأستاذ " المنصور بالله " ؟!

      سادسًا : أما ما نقله الأستاذ " المنصور بالله " عن بقية العهد الجديد من نصوص تشهد للعهد القديم فنقول إن بولس نفسه وصف العهد القديم بالعهد الناقص الضعيف عديم النفع : ( فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شيئًا ) ( عبرانيين 7: 18-19 ) . فكيف يشهد له المسيح من باب أولى ؟!

      كما أن شهادة العهد الجديد ليست محل قبول لأنه مشكوك في نسبته إلى رسلكم , وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله حين الحديث عن " كيف وصل إلينا العهد الجديد ؟ " .




      6- هل يشهد التاريخ للعهد القديم أنه كلمة الله ؟!


      إن التاريخ قد شهد شهادة عملية بضياع التوراة وكتب الأنبياء , وذلك من خلال ما سجله الكتبة المجهولين أنفسهم للأسفار التي بين أيدينا , فليس فيها ما يثبت حفظها بل على العكس , ولولا أن القوم إحتكموا إليها في إثبات صحة أسفارهم ما إستشهدنا بها لنثبت نقيض ما زعموه !

      بدأ ضياع التوراة كما تحدث سفر ( صموئيل (1) 4/11 ) عند فقد بنو إسرائيل للتابوت في معركة مع الفلسطينيين ، ثم عاد إليهم بعد بناء الهيكل زمن سليمان ، ولما فتحوا التابوت كانت المفاجأة : " لم يكن في التابوت إلا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى " ( ملوك (1) 8/9 ) .

      وهكذا فقدت التوراة في ظروف غامضة ؟‍!

      كما تعرض بيت المقدس لغزو عام 945 ق . م من قبل شيشق ملك مصر ، وكان هذا الغزو كفيلاً بفقد كل ما في الهيكل من التوراة المحررة بعد زمن سليمان : " وفي السنة الخامسة للملك رحبعام صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم وأخذ خزائن بيت الرب ، وخزائن بيت الملك ، وأخذ كل شيء " ( ملوك (1) 14/25 - 26 ).

      ثم فقدت التوراة سنين طويلة ، ولم توجد لها باقية ، إذ عاد بنو إسرائيل إلى الوثنية ، ولم يعد للتوراة ذكر .

      وتخبرنا الأسفار أيضًا أنه في عهد ابن سليمان خرجت عشر قبائل يهودية على الحكم , وانفصلت من بين الإثنى عشرة قبيلة البارزة , فظهرت نتيجة لذلك مملكتان يهوديتان متحاربتان فيما بينهما , إحداهما يهوذا والأخرى إسرائيل . وفي سنة 722ق.م هجم الآشوريون على مملكة إسرائيل الشمالية والتي كانت تسمى السامرية , ودمروها وأسروا قبائل إسرائيل وأخذوهم معهم , فماتت بعض هذه القبائل واندمج بعضها الأخر في الأمم الأخرى .( الملوك الأول 12 : 19-20 , الملوك الثاني 17 : 13 وما بعدها وانظر أيضًا :

      Roddy & Sellier : In Search Of Historic Jesus ,p.24; J.P .Boyd Bible Dictionary p56,82)

      ثم في عام 622 ق . م ، وبعد ثمان عشرة سنة من حكم الملك يوشيا أراد أن يعيد بني إسرائيل إلى التوراة المفقودة فادعى الكاهن حلقيا أنه وجد سفر الشريعة وقال : " قد وجدت سفر الشريعة في بيت الرب .. فلما سمع الملك كلام سفر الشريعة مزق ثيابه " ( ملوك (2) 22 , 23 ) .

      ولا ندري ما الدليل على صحة دعواه ؟ وهل كان هناك شهودًا على أنه وجد سفر الشريعة في بيت الرب ؟! خاصة وأن البيت قد نُهب مرتين قبل عهد الملك " آخاذ " , ثم جعل البيت مركزًا للأصنام , وكان سدنة الأصنام يدخلون البيت كل يوم , وفي عهد " يوشيا " كان الكهنة يدخلون إلى البيت كل يوم مدة سبعة عشر عامًا في أثناء الترميم وبعده , فلا يُعقل أن تكون نسخة التوراة أو حتى سفر الشريعة في البيت ولا يراها أحد تلك المدة الطويلة رغم البحث والتفتيش !

      هذا , وقد ذكرنا أعلاه أن الذي وجده حلقيا بالفعل – حسب أقوال علماء الكتاب المقدس - لم يكن كل أجزاء التوراة , بل فقط جزء من سفر التثنية !

      واستمر الكفر والإرتداد وقتل الأنبياء ومطاردة الصالحين , وطوال هذه المدة لم يكن للتوراة ذكر ولا رسم ولا أثر , وفي عام 605 ق . م تسلط بختنصر على بيت المقدس فنهب وسلب وأحرق وسبا عشرة آلاف منها (انظر ملوك (2) 24/11 - 15 ). ثم في عام 586 ق . م عاد بختنصر إلى أورشليم " وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم ، وكل بيوت العظماء أحرقها بالنار " ( ملوك (2) 25/9 ).

      فدُمرت القبيلتان اليهوديتان الأخريان على يد ملك بابل بختنصر مرتين , ولا سيما في سنة 586 ق.م وهدم هذا الملك المعبد المركزي لليهود ( الهيكل المقدس ) , وأحرق كتبهم المقدسة , وأسرهم وأخذهم معه إلى بابل , وفي هذه الحادثة إنعدمت التوراة وسائر أسفار العهد القديم التي كانت مصنفة , واليهود والمسيحيون يقرون بذلك .

      وبعد خمسين سنة من هذه الحوادث تدخل الملك الإيراني كيخسرو " كورش " في الأمر, ونجاهم من السجن , وأطلق سراحهم إلى فلسطين .ولكن عددًا كبيرًا من اليهود فضل البقاء هناك , وبعضهم سافر إلى مصر , فضاعت كتبهم الدينية ووثائقهم المقدسة في زمن السجن والنفي من الوطن, وكانت الحاجة ماسة إلى تدوينها من جديد . فقام بهذا العمل كما يقول " التقليد " كاتب اسمه عزرا ( 458ق.م) , فدون نسخة عبرانية لليهود الذين عادوا إلى فلسطين , وكان هذا بعد مائة عام تقريبًا من عودتهم . وجاء في روايات أخرى أنه لم يدون هذه النسخة , بل اقتصر عمله على التصحيح والتنقيح , وإثبات النصوص , وجاءت روايا أخرى أنه عمل على ترتيبها وإكمالها وتجميعها والإضافة عليها , وتقديم كل ذلك لأمته .( الملوك الثاني 24 : 10-17 , أخبار الأيام الثاني 36 : 13-20 , حزقيال 16 : 39-40 , 23 : 23-25 , إرميا 39 : 1-9 , نحميا 8 :1 وما بعدها , مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين ص 112 , 116 أنظر أيضًا :
      Jesus In His Time ,by danial-rops,p73 ; Encyclo.Brit.(1962),vol.9p.14 ;Encyclo.Universalis(paris,1974),vol.3,pp426ff )

      فالزعم أن عزرا قد أعاد كتابة التوراة بإلهام من الله ، وهو أحد مزاعم كثيرة يتعلق بها الغريق ، وهو يصارع في الأنفاس الأخيرة , إذ لا يمكن الجزم بأن التوراة الموجودة من كتابة عزرا لأمور من أهمها وجود تناقضات فيها وأخطاء ، لا يقع فيها كاتب واحد , فالدلائل تشير إلى أن الأسفار كتبت في مراحل متباعدة , وقد كتبها وجمعها أكثر من كاتب مجهول .

      والباحثون المحققون يعتبرون رواية تدوين عزرا التوراة , أو العهد القديم , أو إعادة النظر فيه أسطورة خالصة , إذ يقولون : " لا يوجد سجل تاريخي يمكن الإعتماد عليه في تدوين مخطوط موثوق به للعهد القديم " .
      ((American People's Encyclopaedia , vol.3,p.420

      فالذي حدث هو أن اليهود عندما عادوا إلى فلسطين ما عادوا يفهمون العبرية , ولذك كانوا في حاجة ماسة إلى ترجمة مفسرة بالأرامية من ناحية , ومن ناحية أخرى كانوا بحاجة إلى الكتب المقدسة باللغة اليونانية , لأن الأجيال الجديدة كانت تتعامل مع هذه اللغة فهماً وتحدثًا .
      (Jesus In His Time ,p.73)

      وفي سنة 161ق.م ضاع ذلك المخطوط للعهد القديم , الذي يقال عنه : أن عزرا دونه . وقصة ضياع هذا المخطوط تتلخص في أن أحد خلفاء الإسكندر اليوناني وهو أنطيوكس ( وكان مشهورًا بظلمه وقهره ) حمل على أورشليم , ونهب المعبد المركزي بها , ثم جمع الكتب الدينية المقدسة للناموس اليهودي , وأحرقها بعد تمزيقها , وقرر إعدام كل من يوجد عنده كتاب من هذه الكتب , أو صحيفة من الصحائف الدينية . ( سفر المكابيين الأول : الإصحاح الأول وبالأخص 1 : 54-60 : 54 : " وفي اليَومِ الخامِسِ عَشَرَ مِن كِسْلُو في السَّنَةِ المِئَةِ والخامِسَةِ والأَربَعين، بَنى المَلِكُ شَناعَةَ الخَرابِ على مَذبَح المُحرَقات، وبَنَوا مَذابِحَ في مُدُنِ يَهوذا مِن كُلِّ ناحِيَة. وكانوا يُحرِقونَ البَخورَ على أَبْوابِ البُيوتِ وفي السَّاحات. وما وَجَدوه مِن أَسْفارِ الشرَّيعَةِ مَزَّقوه وأَحرَقوه بِالنَّار. وكُلُّ مَن وُجِدَ عِندَه سِفرٌ مِنَ العَهْد أَوِ آتَّبَعَ الشَّريعة، كانَ يُقتَلُ بِأَمرِ المَلِك. " ... وفي هامش النسخة الكاثوليكية ص 956 علق واضعوا النسخة على قول كاتب السفر " وما وَجَدوه مِن أَسْفارِ الشرَّيعَةِ مَزَّقوه وأَحرَقوه بِالنَّار " بقولهم : " يراد بها التوراة " ! ) .

      يخبر سفر المكابيين الأبوكريفي أن يهوذا المكابي إستولى على القدس , فأزال معالم الوثنية , ولا شك في أن الأسفار المحررة في هذا العهد إنما هى من النقول المتبقية بعد الإضطهادات دون تحر أو سند , فكانت مظنة التحريف والتبديل بلا جدال .

      وبعد سبعين سنة من الميلاد قضى ملك الروم " تيطس " على جميع نسخ العهد القديم اليونانية والعبرية , فدُمر الهيكل الذي فيه الأسفار والصحف مرة أخرى واغتيل آلاف اليهود , وامتلأت الأسواق والأزقة بالقتلى والممتلكات المدمرة . ( تاريخ اليهود ليوسيفوس ص 141-144 , مكتبة المحبة – القاهرة , وانظر بتوسع " اليهود في العالم القديم " – أ.د/مصطصفى كمال عبد العليم , د/سيد فرج راشد - دار القلم , دمشق ) .

      ونتساءل : هل يُعقل أن تظل الأسفار على حالها في ظل كل هذه الظروف العصيبة ؟! فترى كم هى عدد المرات التي نسخت من خلالها هذه الأسفار دون رقابة تشهد بصحة ما نسخ , بل يكفي الزعم أن فلانًا هذا كاهن أو كاتب لينعقد الإيمان على أن ما نسخه يمثل كلمة الله !

      لقد كانت هذه الأسفار على الدوام محل ضياع وفقدان بسبب ما إستحقه شعب إسرائيل من مخالفتهم لأوامر الله , وما أن تضيع هذه الأسفار في كل مرة , حتى يخرج مجهول لا نعلم مصداقيته ولا مصادره فيكتبها من جديد , والله أعلم بما كتب , لأنه لا يوجد مرجعية كتابية لإثبات صحة ما أُلف , ولم يقم دليل على عصمة هؤلاء الكتبة , ولم يقم دليل على أن هذه الأسفار كتبت بدون زيادة ونقص , بل الأمر نقيض ذلك وسنثبته في حينه , وقد ظهر عند الناظر الخبير الأن بطلان دعوى تسليم الأسفار من جيل إلى جيل , فضلاً أن يكون لها سند متصل ومحقق , إذ يصل إنقطاع السند إلى مئات السنين !

      هذا ، وقد بينا أن هذه الأسفار موضع تخمين يفتقر إلى التوثيق العلمي المقطوع بصحته , وقد أثبتت التحقيقات والتحريات العلمية أن هذه الأسفار تنسب لأشخاص لم يكتبوها , وأن هذه الأسفار ليست في الحقيقة إلا أساطير وإشاعات مروية !

      فالعهد القديم مجموعة من الروايات اليهودية عبر آلاف السنين , وهى مليئة بالأوهام ولا نعرف مؤلفي هذه الروايات : " إن العهد القديم ثمرة للتجارب السياسية والعقلية والروحانية التي مرت بالإسرائيليين عبر القرون . ونحن لا نعرف إلا مؤلفي أجزاء قليلة لهذا العهد . وتنسب هذه الأجزاء في معظم الأحيان إلى الأنبياء والرسل والكهنة والقديسين الذين لم تُعرف أسماء معظهم , ويعتبر بعض أسفار الكتاب المقدس " مجموعة مركبة " جمعت موادها من المصادر المختلفة ودونت في صورتها الحالية على أيدي النساخ " .
      (The New Funk & Wagnall's Encyclopaedia (New York,1949), vol.4,p.1300)

      " إن مؤلفي أجزاء العهد القديم غير معروفين وهى تنسب خطأ بكل تأكيد إلى الأشخاص الذين عُرف الأن أنهم لم يكونوا قادرين على تحريرها في صورتها الحالية " .
      (Staley Cook : Introduction to the Bible ( Penguin Books),1956.p.34.)

      " فقد كانت العادة منتشرة أن ينسب كتاب دوِّن في زمن معاصر أو قريب إلى نبي قديم أو مفكر " .
      (Bratton's History Of The Bible,pp.89-90)


      يقول الأستاذ " المنصور بالله " :

      (( ومن أقوى الشهادات والأدلة، بعد العهد الجديد، لعقيدة وحي أسفار العهد القديم وقانونيتها هو ما كتبه الكاهن والمؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاصر كرازة تلاميذ المسيح ودمار الهيكل سنة 70 م، والذي حصل على نسخ الأسفار المقدسة، العهد القديم، الرسمية التي كانت محفوظة في الهيكل قبل دماره مباشرة، بأذن من الإمبراطور الروماني تيطس، والتي ترجع بالقطع إلى أيام زربابل وعزرا ونحميا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد… )) إهـ .

      أولاً : أنا لم أقف على هذا الكلام الذي نقلته عزيزنا " المنصور بالله " من أن يوسيفوس حصل على نسخ الأسفار , في تاريخ اليهود ليوسيفوس , وأنا أعتمد على طبعة مكتبة المحبة بالقاهرة , إعداد الراهب القمص أنطونيوس الأنطواني , فيا ليت لو يتفضل علينا عزيزنا بإرشادنا على مصدر نقله .

      ثانيًا : من المعلوم أن المؤرخين في مختلف العصور , اعتمدوا في نقل تاريخ الأمم على كتب الأمم دون التعرض لصحة هذه الكتب والمصادر , خاصة إذا كان هؤلاء المؤرخين من أمم لا تعلم عن ضبط الرواية وتحقيق سندها شيئًا , فنقلوا ما يردده البعض على أنه حقيقة دون تحر توثيقي لصحة الخبر , وهذا ما وقع فيه أيضًا يوسيفوس , فلقد أخبر يوسابيوس القيصري أن يوسيفوس : " إستقى معلوماته – عن الأسفار - من التقليد " ( تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصري ( 3 : 9 : 5 ) ص 111 , تعريب القمص مرقس داود , مكتبة المحبة – القاهرة ) .

      فلم يتتبع يوسيفوس الأخبار بتحر , بل كفاه أن ينقل تقليدًا ليثبت صحة دعواه , والتقليد اليهودي كما هو معروف ثبت بطلانه في العديد من الأمور , أقله أمر كتبة الأسفار !

      ثالثًا : لم يدون يوسيفوس بالتفصيل أسماء هذا الأسفار !

      رابعًا : قول " يوسيفوس " : ( لكننا لا نستطيع أن نضع فيما دون نفس الثقة التي نضعها في التواريخ السابقة لأنه لم تكن هنالك سلسلة متعاقبة من الأنبياء أثناء هذه الفترة ) . هو أكبر دليل على إنقطاع سند هذه الأسفار وأنها كتبت بأيدي كتبة وليس بأيدي الأنبياء !

      خامسًا : أما دعوى عدم تجاسر أحد على التحريف , فهى دعوى فموية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه , وسنبين عورها ولكن في حينه إن شاء الله .


      أما زعم الأستاذ " المنصور بالله " أن آباء الكنيسة شهدوا لهذه الكتب بالصحة , فإن أوريجانوس أبو اللاهوت الكنسي شهد على عدم أمانة اليهود , وهذه الشهادة يسوقها رهبان دير الأنبا مرقس نقلاً عن كتابات أوريجانوس : " أما سبب غياب الأسفار اليونانية من العهد القديم العبري لدى اليهود فيرجع إلى رغبتهم في إخفاء كل ما يمس رؤسائهم وشيوخهم " ( العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية – دار مجلة مرقس بالقاهرة – ص 57 , 58 ) .

      وشهادات آباء الكنيسة على عدم أمانة اليهود وتلاعبهم بأسفار الأنبياء كثيرة , منها شهادة " يوحنا ذهبي الفم " أسقف القسطنطينية في عظاته على إنجيل متَّى في العظة التاسعة في الفقرة السادسة , وهو يشرح متَّى 2 : 23 : " وأتى وسكن مدينة يقال لها ناصرة , لكي يتم ما قيل بالأنبياء سيدعى ناصريًا " .

      يقول يوحنا ذهبي الفم : ( من من الأنبياء قال هذه النبوءة ؟! لا تتعجب من هذا لأن العديد من الكتابات النبوية قد فُقدت , ويمكنك أن ترى ذلك في سفر أخبار الأيام الأولى , فبسبب الإهمال وبسبب عدم الورع بعضها سمحوا بإقسادها , والبعض الأخر قاموا بإحراقها بأنفسهم , ومزقوها إربًا , والحقيقة الأخيرة هذه يذكرها أرميا , وكذلك كاتب سفر الملوك الرابع – هو نفسه سفر الملوك الثاني ولكن بحسب السبعينية – وبعد وقت طويل وجد سفر التثنية بصعوبة – يشير إلى حادثة حلقيا الكاهن – , نُسي في مكان ما ثم ضاع , فإنهم حتى إن لم يكن هناك إجتياح من البرابرة , فإنهم يخونون كتبهم بدرجة أكثر مما لو كانوا تحت الغزو الأجنبي )
      (st. chrysostom : homilies on the gospel of saint Mathew – homily 9 : 6 )

      وهذه هى الشواهد التي أشار إليها يوحنا ذهبي الفم :

      ( 2 أيام 9 : 29 ) " وبقية أمور سليمان الأولى أما هى مكتوبة في أخبار يوناثان النبي وفي نبوة أخيا الشيلوني وفي رؤى يعدو الرائي على يربعان بن نباط " .

      ( 2 أيام 12 : 15 ) " وأمور رحبعام الأولى والأخيرة أما هى مكتوبة في أخبار شمعيا النبي وعدو الرائي " .

      ( 2 أيام 13 : 22 ) " وبقية أمور أبيا وطرقه وأقواله مكتوبة في مدرس النبي عدو " .

      ( أرميا 36 : 23 ) " وكان لما قرأ يهودي ثلاثة شطور أو أربعة أنه شقه بمبراة الكاتب وألقاه إلى النار التي في الكانون حتى فني كل الدرج في النار التي في الكانون " .


      ولولا خشية الإطالة لذكرتُ شهادات الكثير من آباء الكنيسة , وما نقلته عن ميلتو يا أستاذ " المنصور بالله " لم يكن فيه إلا ذكر عدد الأسفار التي رأها معتبرة عند اليهود , والعدد فيه خلاف عظيم بين آبائكم ليس هذا مجاله !

      وأما المجامع اليهودية فهى أكبر دليل على أن هذا الأسفار لم يعتمدها الله على أنها كلمته , بل أعطتها المجامع اليهودية وفق الأهواء والأغراض صفة القداسة .

      جاء في مقدمة الترجمة الكاثوليكية للكتاب المقدس ما نصه : ( ولكن يصعب علينا أن نعرف ما هى حدود قائمة الأسفار المعترف بها والمستعملة في مختلف الأماكن التي كان اليهود يقيمون فيها بين القرن الأخير من العصر القديم والإصلاح اليهودي الذي خلف خراب أورشليم- السنة 70 من عصرنا – ففي داخل الديانة اليهودية الفلسطينية وعلى الأرجح داخل جماعات الشتات الشرقي التي كانت على صلة وثيقة بها , لا يبعد أن تكون تلك القائمة قد بقيت مفتوحة ... فسفر دانيال مثلاً , كان الفريسيون يعترفون بسلطته , أما الصديقيون فكانوا بلا شك لا يعترفون به , وعلى خلاف ذلك كانت جماعة قمران تستعمل سفر طوبيا وابن سيراخ وعلى الأرجح باروك أيضًا , ولعلها كانت تعول كذلك على بعض المؤلفات الصادرة تحت أسماء مستعارة كسفر أخنوخ وسفر اليوبيلات...ولا بد أن نشير هنا إلى أهم المؤلفات الصادرة تحت أسماء مستعارة قد نقلت إلى اليونانية, بحيث لم تكن سلطتها ربما تقف على حدود جماعة قمران , ولا نعرف بالضبط ما هو الإستعمال الذي كان جاريًا في مجامع اليهودية والجليل في زمن يسوع؟ ) ( الترجمة الكاثوليكية للرهبنة اليسوعية ص 49 , 50 ) .

      وفي عام 90 م عقد الفريسيون مجمعاً في جامينيا ، وقرروا إعتبار بعض الأسفار أسفاراً قانونية , وفي هذا تقول مقدمة الترجمة الكاثوليكية ما نصه : ( ولم تحدد القائمة الرسمية التي أوضحت هذا الإستعمال إلا بين فترة العام 80 و100 عن يد معلمين يهود خاضعين لمذهب الفريسيين المقيمين في جمنيا لكنهم اضطروا إلى إنقاذ بعض الأسفار المتنازع عليها ( إستير- حزقيال- نشيد الأناشيد) ورفضوا الأسفار التي كانت في نظرهم ملحقة بزمن الأنبياء , بينما كانت الأسفار الموضوعة مباشرة في اليونانية , فالترجمة اليونانية (السبعينية) لم يكن في نظرهم سوى سلطة محدودة , بقدر ما كانت ترعى بأمانه حرفية النصوص الأصلية .... غير أن الجماعة اليهودية في الإسكندرية لم تكتف بأن تنقل إلى اليونانية الأسفار القانونية الأولى وأهم المؤلفات الصادرة تحت أسماء مستعارة , فهناك كتب أصلية صدرت في الأسكندرية , ولا سيما " حكمة سليمان " وسفر المكابيين الثاني وعلى الأرجح جزء من سفر باروك ( ب 4/ 5 – 5/9 ) . بأية سلطة كانت تتمتع هذه المؤلفات ؟ ليس من السهل أن نجيب عن هذا السؤال . على كل حال , لا نجد أي أثر لنزاع قام بين الجماعات الناطقة باليونانية والمعلمين الفلسطنيين فيما يتعلق بالقانون المحدد في جمنيا . ولكن لعل السلطة المنسوبة إلى الأسفار المقدسة كانت تتضمن فيما يتعلق بالقانون المحدد بجمنيا . فبعد قرار جمنيا لم تزل بعض الكتب الخارجة عن القائمة الرسمية يستشهد بها كتبًا مقدسة من حين إلى حين , حتى في الديانة اليهودية الحاخمية , وهذا الأمر لا يسري مثلاً على سفر ابن سيراخ , ولم يكن لها سلطة الأسفار القانونية لكنها كانت مفيدة لبنيان المؤمنين ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 50 ) .

      وفي مجمع " نيقية" المسيحي القسطنطيني عام 325م أقر المجتمعون سفر يهوديت فقط ، وأبقوا ثمانية أسفار مشكوكاً فيها , وفي مجمع "لوديسيا" عام 364م أقر المجتمعون سفراً آخر هو سفر إستير ، وفي 397م عقد مجمع "قرطاجة" بحضور إكستاين ، فأضاف المجمع للقائمة ستة أسفار هي ( زوم ، وطوبيا وباروخ وايكليزنا سيتكس ( يشوع بن سيراخ ) والمكابيين الأول والثاني ) واعتبر المجتمعون سفر باروخ جزءً من إرميا ، ثم فصلوهما في مجمع " ترلو" وأصبحت هذه الأسفار متفقاً عليها عند بعض المسيحيين .

      ومن ذلك كله نستطيع القول : إن هذه الكتب قد كتبها القوم بأيديهم ثم نسبوها إلى الله تعالى , ثم أعطتها المجامع البشرية صفة القداسة .

      أما طريق وصولها إلينا فهو كما رأينا واقع بين التخمين والشك , فضلاً عن الجهل بكتبتها وأحوالهم وبمصادرها وبتواريخها , وقد قال الآباء : ( لو خامرك الشك في سفر فألقه جانبًا ) ( ثقتي في الكتاب المقدس ص 19 - جوش مكدويل , الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة - القاهرة ) .

      ومن له السمع فليسمع !

      وبهذا أكون قد علقت على المشاركة الأولى للأستاذ " المنصور بالله " وقد يلاحظ القراء أني قد أطلت بعض الشيء , وأقول لا إطالة إن شاء الله لو نظر القاريء بتمعن للمشاركات , إلا أني فصلت في بيان حال كتبة كل سفر من أسفار العهد القديم , والتي دارت كلها على كونهم مجاهيل , ففيما عدا ذلك تعمدت الإيجاز .


      نهاية الرد الأول على مشاركة الزميل النصراني
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 28 أكت, 2020, 05:16 م.

      تعليق

      • أَبُو عُبَـيِّدة
        2- عضو مشارك
        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى

        • 30 ديس, 2006
        • 152

        #4
        تعقيب الزميل النصراني

        [QUOTE]
        عزيزي ابو عبيدة تحية محبة وسلام

        اعتذر بشدة عن تأخري في الرد عليك الايام الماضية لظروف طارئة ولكني سابدأ بالرد عليك الان
        وسيكون ردي عليك بحسب نقاط كالتالي :-

        1- نص العهد القديم
        2- ايمان اليسوعيين
        3-التفسيرات المغلوطة والعلماء ليسوا علماء واقتباسات غير صحيحة
        4- شهادات تثبت الدقة في النسخ
        5- دلالة شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد القديم
        6- التاريخ يشهد للعهد القديم




        اولا نص العهد القديم


        اقتباس:

        لقد كان من الواجب على محاورنا الأستاذ " المنصور بالله " أن يخبرنا عن أي عهد قديم سنتحدث قبل التفصيل في نقاطه التي أجاد في تنسيقها وتنظيمها ؟!

        فلقد وصل إلينا ثلاث نصوص مختلفة للعهد القديم ، ولا نقصد هنا أن هناك ثلاث ترجمات ، بل نعني أنه توجد ثلاث نصوص يستقل بعضها عن بعض في العديد من فقراتها وأسفارها , وهى :

        1- التوراة السامرية , وتتكون من الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى موسى فقط .
        2- العهد القديم العبراني , ويتكون من 39 سفر من أسفار العهد القديم .
        3- العهد القديم اليوناني ( الترجمة السبعينية ) , ويزيد على العبراني بالأسفار " الأبوكريفية " .
        حتى لا يلتبس على القارئ الكريم ما وضعه الشيخ ابو عبيدة ساوضح على ماذا نعتمد وماهي التوراة السامرية وكذلك الترجمة السبعينية واخيرا النص المازوري


        1- التوراة السامرية :

        التوراة السامرية ليست توراة أخرى بل هي إحدى مخطوطات النص العبري ذاته. وهي تضم أسفار موسى الخمسة، وقد تم تدوينها بالكتابة العبرية القديمة، أو الخط العبري القديم أو الخط الكنعاني الشبيه بالكتابة على حجر موآب، والنقش في سلوام، وألواح لخيش، وعلى الأخص ببعض مخطوطات قمران. وقد وجدت بعض مخطوطات الكتاب المقدس الأكثر قدماً في قمران مدوَّنة بهذه الكتابة التي تم إحياؤها في القرن الثاني ق.م أثناء الثورة المكابية على الحكم الإغريقي. وتقترب من النص التفسيري أكثر من النص الحرفي، لذا تتفق أحيانا مع النص العبري المأخوذة عنه أصلاً وأحيانا مع الترجمة اليونانية، وأحياناً تختلف عن العبرية أو عن السبعينية في كونها ليست نقلاً حرفياً، كما تختلف أحياناً عن الاثنتين. وبالرغم من بعض الاختلافات بين النسخة السامرية والنسخة العبرية الماسورية، إلا أن أغلب هذه الاختلافات هي أخطاء في النسخ لا تمس أي حقيقة جوهرية واختلافات في فهم بعض معاني الكلمات مثل كلمة " روح " في العبرية التي وردت في بداية سفر التكوين: " وروح الله يرف على وجه المياه " (تك1:2)، والتي تعنى " روح " كما تعنى " رياح " فنقلتها السامرية " رياح " بينما التزمت الترجمات الأخرى بترجمتها " روح " كما تدل على ذلك القرينة وسياق الكلام، الذي يتكلم عن عمل الله الخلاق.

        ولكن هناك بعض الأخطاء التي ترجع إلى تغييرات مقصودة لتأييد بعض عقائدهم مثل تغيير عيبال إلى جرزيم (تث 27: 4). ولكن لا ننسي أنها مأخوذة عن النص العبري الذي هو الأصل وأن التوراة السامرية كانت بين يدي أناس حاولوا تثبيت عقيدتهم من جهة مكان هيكل عبادتهم في جبل جرزيم. كما أن أقدم مخطوطاتها لا ترجع لأكثر من القرن الثاني عشر أو الحادي عشر بعد الميلاد وأن النص العبري هو الأصل والذي تزيد مخطوطاته في القدم عن السامرية بحوالي 1400 سنة وكلما كانت المخطوطات أقدم كلما كانت أقرب إلى الأصل، كما أثبتت اكتشافات قمران أن التوراة السامرية منقولة، أصلاً، عن قراءة عبرية متنوعة وجد نموذج لها في مخطوطة لسفر الخروج (خر ب 4ق) بالعبرية القديمة، ومخطوطة أخرى لسفر العدد (عد ق 4ق) بالخط المربع، الآرامي وهي الآن محفوظة في مجمع نابلس ولكن بسبب بعض الكوارث أصاب التلف الجزء الأكبر من المخطوطة، ولم يبق من المخطوطة القديمة سوى الإصحاحات الثلاثة الأخيرة من سفر العدد مع كل سفر التثنية. وأقدم النسخ الموجودة من التوراة السامرية عليها ملحوظة بمبيعها في 1150م، ولكن الأرجح أن المخطوطة نفسها أقدم من ذلك ببضعه قرون. وتوجد مخطوطة مكتوبة في 1204م، بينما توجد مخطوطة أخرى ترجع إلى 1211/1212م محفوظة في مجموعة مكتبة إيلندز في مانشستر، وأخرى ترجع إلى 1232م في المكتبة العامة بنيويورك. دائرة المعارف الكتابية ج 4 : 323.


        2-الترجمة السبعينية :

        كما أن الترجمة اليونانية السبعينية هي ترجمة عن الأصل العبري والاختلاف بينهما راجع لأنها ترجمة تفسير تنقل المعنى أكثر ما تنقل الكلمة حرفياً، وعلى سبيل المثال ما جاء في (تك10:49) قوله " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون (شيلوه) وله يكون خضوع شعوب " أي المسيا الآتي، وقد وردت العبارة الأخيرة في الترجمة اليونانية " وإياه تنتظر الأمم (أو تتوقع الأمم) - he is the expectation of nations "، والنص اليوناني يترجم معنى العبارة ويضعها في قالب تفسيرى يركز على عقيدة المسيا الآتي، المسيح المنتظر، دون المساس بجوهر العقيدة. اما قول رجال الدين اليسوعيين حول كيفية تمت الترجمة فلا يهمني ان كانت هذه الطريق او اخرى لكن ما يهمني هي انها حقيقة موجودة . وتم الاقتباس منها وتم الاشارة اليها كثيرا واتحدى ان كان هناك عالم لاهوتي واحد ينكر وجود الترجمة السبعينية

        ثالثا النص العبري هو النص المازوري :

        وقال الحاخام أكيبا، القرن الثاني الميلادي، النقل الدقيق (المازوري) للنص يحافظ على التوراة. (Harrison, IOT, 211) وفي اليهودية، كان يعهد للعلماء المتعاقبين بوضع معايير ثابتة للحفاظ على النص الكتابي ومن ثم استبعاد وقوع أي خطأ واليك مراحل النسخ:

        -* السوفريم (كلمة عبرية تعني الكتبة) وهم العلماء اليهود القائمون على حفظ النصوص الكتابية بين القرنين الخامس والثالث ق.م.

        -* الزوجوث (اثنان من علماء النصوص) وكانوا يعيَّنون لهذا الغرض في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد.

        -* التنايم (المعيدون أو المعلمون) واستمر نشاطهم حتى عام 200 م. وبالإضافة إلى العمل على حفظ وصيانة نص العهد القديم، نجد عملهم في المدراش (التفسير النصي)، والتوسيفتا (إضافة)، والتلمود (التعليم)، وهذا الأخير ينقسم إلى المشنا (التكرارات) والجيمارا (مادة التعليم). وقد تم جمع التلمود على نحو تدريجي بين عامي 100م، و500م. وكان من الطبيعي أن يعمل التنايم على صيانة الكتاب المقدس العبري إذ أن عملهم كان يتعلق بجمع تعاليم معلمي اليهود على مدى عدة قرون اعتماداً على النص الكتابي.

        -* علماء التلمود (100-500م) .

        يوضح جايسلر ونيكس التقليد الثاني للكتبة الذي يمتد من حوالي 400 ق.م. إلى 1000م:

        "بعد العصر الأول للتقليد الذي اتَّبعه كتبة العهد القديم في عصر السوفريم (حوالي 400 ق.م. - 200م) ظهر عصر ثاني وهو العصر التلمودي (حوالي 100-500م) وهذا تلاه التقليد المازوري الشهير (حوالي 500- 900م). وكان عزرا يعمل مع أول هذه المجموعات حيث كانوا يعتبرون حافظي الكتاب المقدس حتى العصر الذي تلي عصر المسيح. وفيما بين 100-500م، نما التلمود (التعليم) كمجموعة من القوانين المدنية والدينية العبرية التي تعتمد على التوراة. ويمثل التلمود بالأساس آراء وقرارات معلمي اليهود من حوالي عام 300 ق.م. إلى حوالي عام 500م، وهو يشتمل على قسمين أساسيين: المشنا والجيمارا." (Geisler, GIB, 306)

        وفي ذلك العصر أمضي العلماء الوقت الكثير في وضع القوانين المدنية والدينية العبرية. وضع علماء التلمود نظاماً معقداً بعض الشئ لنسخ كتبهم الدينية.

        والمازوريون هم علماء اليهود الذين قاموا فيما بين 500-900م بإخراج الشكل النهائي لنص العهد القديم. كان خراب الهيكل عام 70م، تشتت اليهود بعيداً عن أرضهم دافعاً قوياً، أولاً: لوضع نظام ثابت للنص الذي يعتمد على الحروف الساكنة، وثانياً: لوضع نظام ثابت للترقيم واستخدام حروف العلة لضبط عملية النطق والقراءة. وقد أطلق عليهم اسم المازوريين لأنهم قاموا بحفظ التقليد الشفهي (المازورا) مكتوباً وذلك فيما يختص بحروف العلة وعلامات النطق الصحيحة وعدد مرات ورود الكلمات النادرة ذات الأشكال الإملائية الغريبة. لقد تسلموا النص المدوَّن بحروف ساكنة غير مشكَّلة (مثل الإنجليزية المكتوبة بدون حروف علة) من السوفريم وأدخلوا عليه علامات التشكيل التي أعطت لكل كلمة نطقها المضبوط وشكلها النحوي. كما أنهم اهتموا بالنقد النصي. وأينما ساورهم الشك في وقوع خطأ بكلمة معينة في النص المكتوب بحروف ساكنة، أصلحوه ببراعة تامة. إذ أنهم كانوا يتركون الحروف الساكنة الأصلية للكلمة كما أخذوها عن السوفريم. ولكنهم كانوا يدخلون عليها علامات التشكيل التي تظهر في الشكل الجديد للكلمة ثم يدخلون الحروف الساكنة للكلمة الجديدة ذاتها حيث يدونها بحروف صغيرة في حاشية النص. (Archer, SOT, 63)

        بالطبع علماء الترجمة اليسوعية يدعون ان النص المازروي هو النص الاصلي ولكن بجانبه النص اليوناني للترجمة السبعينة وهذا راجع لاستخدامهم هذه الترجمة في النصوص الابوكريفية لانه لا يوجد لها نص عبري .


        2- ايمان اليسوعيين

        من الملاحظ ان السيد ابو عبيدة اعتمد في مقالته بشكل رئيسي على واضعي الترجمة اليسوعية برغم مشاركته مرجعين اثنين اخرين مثل مشكاة الطلاب او الى دائرة المعارف الكتابية ولكن بشكل رئيسي يعتمد على واضعي الترجمة اليسوعية وسماهم كثيرا "صفوة مختارة من علماء الكتاب المقدس " وبالتاكيد هم صفوة مختارة لانهم يتفقون جزئيا مع هدف ابو عبيدة ولكني ساوضح ايمان هذه الجماعة ولكن لنتفق على امر امرين جميعا وهما :-

        1- في اي ديانة في العالم النص هو المقدس والمعصوم اما التفسير فليس بكذلك
        2- لا يصح ان نتبني تفسيرا واحدا لنقد معتقد ما

        ومن هنا لابد ان اوضح ما هي معتقدات اليسوعيين نحو الكتاب المقدس ووحيه :-

        1- الكتاب المقدس هو كلمة الله وليس مجرد كتاب فيه كلام عن الله (الترجمة اليسوعية ص 31 )
        2-يؤمنون بالاسفار الابوكريفية بالرغم من ان بحثهم في قانونيتها لم يصل الى شئ يقيني بل مجرد استنتاجات (الترجمة اليسوعية - مدخل الى العهد القديم ص 48 -50 )
        3-يؤمنون بسلطة التقليد وانه بجانب الكتاب المقدس لهما سلطة متساوية لذلك ارجعوا كل كتب العهد القديم الى التقليد وان النصوص كانت في الاول شفوية ثم عبر عدة مراحل صارت الحاجة الى الكتابة
        4- يؤمنون بنظرية المصادر او الوثائق والتي اقتبسها الشيخ ابو عبيدة ولا اعلم اذا كان يعلم عنها شئ ام فقط نقلها عن الترجمة اليسوعية وانتهى الامر. لكن ساعطي بحثا ملخصا عن هذه النظرية والرد عليها حتى يفهم القارئ عن ماذا نتحدث ؟


        ** نظرية الوثائق او المصادر :-

        اقتباس:

        ولكن الأهم من ذلك ، الفحص الذي قام به علماء الكتاب المقدس عبر دراسات طويلة ، والذي يؤكد أن هذه الأسفار الخمسة لها كتبة يربون على المائة ، وينتمون إلى أربع مدارس ظهرت في القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد في مملكتي إسرائيل ويهوذا , وتسمى هذه الدراسات " نظرية المصادر الأربعة " أو " نظرية التقاليد الأربعة " وهى :
        1- التقليد اليهوي .
        2- التقليد الإيلوهي .
        3- التقليد الكهنوتي .
        4- تقليد خاص بسفر تثنية الإشتراع . ( " مدخل إلى التوراة " الترجمة الكاثوليكية ص 61 )
        اولا من الواضح ان السيد ابو عبيدة كتب معلومات ليس لها مصدر مثل "والذي يؤكد أن هذه الأسفار الخمسة لها كتبة يربون على المائة" وينسبهم الى علماء الكتاب المقدس ولا اعرف اي عالم نادى بمثل هذا القول

        ثانيا تاريخ هذه المدارس لا يرجع الى القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد ولا اعرف من اين اتيت بهذه المعلومة ؟ ولا يوجد سند تاريخي واحد يقول هذا بل العلماء الذين ينادون بهذه المدارس ليس لهم سند تاريخي سوى الاستنتاج فقط

        ثالثا النظرية هي كالتالي :-

        في سنة 1753 حاول ج . استرك عن طريق هذا ان يستخلص عدة وثائق استخدمها موسى . وبنهاية القرن الثامن عشر تقلص اسم موسى في نظر الباحثين ليحل محله محرر اسمه مجهول . اما ما تنادي به هذه النظريه فهو ان المواضع التي يستخدم فيها الاسم الوهيم Elohim نسبت الى التقليد الالوهي واختصروا ذلك الى الرمز "E" والاجزاء الاخرى التي تكلمت عن الرب يهوه نسبت الى التقليد اليهوي واختصروا ذلك بالرمز "J" وحالا بعد ذلك تقرر انه هناك اكثر من "الوهي" واحد فاضيف حرف "P" اي التقليد الكهنوتي الى J,E لكي تميز بين الالوهي الاول والثاني ثم حدثت ثورة ابعد من ذلك في ستينات القرن التاسع عشر وسبعيناته عندما قام ك . هـ جراف ومن بعده ج . فلهاوزن فانتجو ادله ليعكسوا بها الترتيب التاريخي من PEJ الى JEP وقد كان هذا الانقلاب اكثر تطرفا بالنسبة لبقية الاسفار الخمسة بالمقارنة مع التكوين حيث وضع الناموس اللاوي قرب نهاية التاريخ الاسرائيلي بدلا من بدايته . ووصل الامر بعد ذلك الى سلسلة من التقسيمات لكل تقليد .


        الرد على هذه النظرية :-

        1- الاستخدامات المحددة لمختلف الأسماء الإلهية

        كل اسم إلهي يحمل دلالة خاصة، وهذه الأسماء ليس من الضروري أن تكون مترادفة. فالكاتب استخدم إلوهيم أو يهوه أو يهوه إلوهيم بحسب سياق الفقرة في النص. لهذا السبب هناك غرض حقيقي وراء الاستخدام المتفرد للأسماء الإلهية، فالأمر ليس اختياراً عشوائياً.

        في القرن الثاني عشر كتب جهودا هالفي كتاباً اسمه «كوسـري» شـرح فيه دراسة الأصل لكل واحد من الأسماء الإلهيـة وتاريخـه. ولقد تم إعداد صياغة جديدة لاستنتاجـاته بواسـطة هنجـشتنبرج أستاذ علم اللاهوت في جامعــة برلــين أثــناء منتصـف القرن التاسع عشر.

        (إلوهيم) : هو الاسم الشائع لله، وهو يشير إلى الله فقط في كمال قوته بدون الإشارة إلى شخصيته أو صفاته الأخلاقية، وكذلك ليس هناك ذكر لأي نفع أو عون هو يمنحه، أو للاحتياجات التي يسددها. بالإضافة إلى هذا الوصف، الذي فيه شهد الله عن نفسه، اسم آخر يُضاف لإلوهيم وهذا الاسم هو يهوه، وهو خاص بالأفراد الذين يتلقون رؤيته وعهده... اسـم يهوه يعـد اسماً غامضاً لمن ليست لهم دراية بتطور الـماهية الإلهية التي تُعلَن بواسطتها، بينما إلوهيم يُميَّزه كالـله في النواحي المعروفة لكل الناس والتي هي مفهـومة عالـمـياً...
        إن اسم يهوه هو الاسم المميز لله لكي نعرف أنه قوي، وأنه يظهر على أنه إله شخصي لكل الناس.

        ويقول أومبرتو كاستيو الباحث اليهودي والأستاذ بالجامعة العبرية:

        أولاً فكِّر في صفات الاسمين. إنهما ليسا من نفس النمط. إن اسم إلوهيم أساساً هو اسم شائع، وعام، لدرجة أنه يُستعمل للإله الواحد لإسرائيل وللآلهة الوثنيين (وهكذا أيضاً اسم إيل). من الناحية الأخرى فإن اسم يهوه هو اسم علم، الاسم الخاص بإله إسرائيل، الله الذي عرفه الإسرائيليون كملك الكون الذي اختارهم ليكونوا شعبه. وعندما أدرك أسلاف الشعب اليهودي أنه لا يوجد سوى إله واحد يهوه وهو إلوهيم (1مل 18: 39)، ولهذا فإن الاسم الشائع إلوهيم أصبح اسم علم، وأصبح مرادفاً لاسم يهوه. فمثلاً إذا كانت أورشليم هي المدينة الوحيدة في العالم التي يعرفها الذين يتكلمون اللغة العبرية، حينئذ بالطبع تكون كلمة مدينة قد أصبحت اسم علم مرادفة لأورشليم.

        ويضع كاسيتو القواعد التالية كشرح لاستخدام الأسماء الإلهية :

        في بعض الأحيان يحدث بالطبع أن قاعدتين متضادتين يُستعملان معاً ويتصارعان مع بعضهما البعض، حينئذ كما يتطلب المنطق، فإن القاعدة التي تكون أكثر أهمية للمعنى الأساسي لسياق الفقرة هي التي تسود.

        وتُطبق هذه القواعد على نماذج معينة من الكتابات بطرق مختلفة:

        الكتابات النبوية: استخدم أنبياء العهد القديم باستمرار الاسم الإلهي يهوه بدلاً من إلوهيم. ويشذ يونان عن هذه القاعدة، مستخدماً لقب إلوهيم لإله إسرائيل في عدد من المرات. ولكن هذا الاستثناء يُبرهن على القاعدة، لأن يونان في الحقيقة ينتمي للأدب القصصي بسبب وجهة نظر هذه القصة. يمثل إشعياء استثناء آخر، فإنه بدلاً من استخدام إلوهيم بدلاً من يهوه فإنه استخدم إيل وهو اسم لله كان شائعاً في الأصل.

        الكتابات القانونية: يهوه هو الاسم الشخصي الوحيد لله، استُخدم في كل الكتابات القانونية في أسفار موسى الخمسة إلى حزقيال.

        الكتابات الشعرية: إن الكتابات المصنفة على أنها أدب شعري عادة تستخدم اسم يهوه. بعض القصائد التي تنتمي لأدب الحكمة أو التي تأثرت بهذا الأدب تشكل استثناءً. في السفر الثاني والثالث التي تعرف باسم الأسفار الإلوهيمة، فإن استخدام إيل أو إلوهيم تكون الغالبية.

        كتابات الحكمة: أدب الحكمة يكون فريداً في أنه أسلوب أدب عالمي. وربما تكتشف كتابات مشابهة في كل أنحاء الشرق القديم. إن البحث عن أدب مماثل في كتب جيران إسرائيل لابد أنه يبرهن على أنه مفيد تماماً.

        ولكن عندما يبدأ الإنسان في دراسة هذه الأسفار فإننا سوف نُذهل من ظاهرة مُحيِّرة. إن كتب الحكمة في الشرق القديم، بصرف النظر عن الشعب الذي تنبعث منه، أو اللغة التي كُتبت بها دائماً تشير إلى الله كاسم عام ولا تُشير إليه كاسم من أسماء الألوهية.

        الكتابات القصصية: الأدب القصصي أو الكتابات الروائية، كما هو موجود في كل أسفار موسى الخمسة، وفي الأنبياء المبكرين، وأيوب، ويونان، وآخرين يستخدم دائماً كلاً من يهوه وإلوهيم في تقارب شديد. (Cassuto, DH, 21)

        الفقرات ذات السمة اليهودية: يقرر امبرتو كاسيتو عندما كان يشرح استخدام اسم يهوه أنه، «في تلك الفقرات التي لها صفة إسرائيلية محضة، يكون موجوداً (يهوه) فقط، وهذا لكونه الاسم القومي لله، مُعبَّراً عن الارتباط الشخصي لله بإسرائيل».

        اللغة العبرانية القديمة: إن الحروف الأبجدية العبرانية القديمة التي وُجدت في لاخيش تصوِّر استخدام اسم يهوه في الحياة اليومية. إنه يُستخدم ليس فقط عند تقديم التحيات وفي الحلف، ولكن في الكتابة عموماً لا يظهر اسم إلوهيم مطلقاً. ونرى في التحيات الموجودة في الكتاب المقدس أن اسم يهوه هو الذي يُستخدم (قض 6: 12، مز 129: 8، راعوث 2: 4).

        اللغة العبرية الحديثة، يقول كاسيتو: «حتى في اللغة العبرية الحديثة، فإننا نستخدم (يهوه) عندما يكون لدينا في أذهاننا الفكرة اليهودية التقليدية عن الله، واسم إلوهيم عندما نرغب أن نُعبِّر عن الرأي الفلسفي أو العالمي عن الله»

        وفيما يلي في السطور التالية استخدام هذه القواعد في سفر التكوين: في الأصحاح الأول من سفر التكوين يظهر الله كخالق العالم المادي وكسيد ورب العالم الذي له السلطان على كل شيء. فإن كل شيء موجود، وُجد بسبب أمره كصاحب السلطان: (ليكن)، بدون أي اتصال أو تلامس بينه وبين الطبيعة. هكذا فإن القاعدة المطبقة هنا أن اسم إلوهيم يجب أن يُستخدم.

        في قصة جنة عدن نجد الله كحاكم له التعاليم الأخلاقية لأنه يفرض قواعد معينة على الإنسان. أيضاً يظهر الجانب الشخصي لله عندما يُقيم علاقة مباشرة مع الإنسان. هنا يناسب اسم يهوه بسهولة كما هو متوقع. في المكان الوحيد الذي استُخدم فيه اسم إلوهيم عندما تكلمت الحية وعندما كانت المرأة تتكلم مع الحية. لقد تجنبوا ذكر اسم يهوه من منطلق التوقير لإله إسرائيل.

        في نفس الفقرة نجد اسم يهوه مرتبطاً بإلوهيم لأن الكتاب المقدس يرغب الآن أن يعتبر الاسمين أنهما اسماً واحداً إلوهيم مع يهوه: «بكلمات أخرى، إن إله العالم الأخلاقي لا يكون سوى إله العالم المادي، وأن إله إسرائيل هو إله الكون كله، فاسم يهوه وإلوهيم يشيران فقط إلي مظهرين مختلفين من فاعليته أو إلى طريقين مختلفين فيهما يكشف عن نفسه لبني الإنسان».

        وهذا يشرح الاستخدام المزدوج. وفي الأصحاحات التالية فإن هذين الاسمين استُخدما على انفراد بحسب النصّ.

        ويشرح كاسيتو:

        في قصة بلبلة الألسنة (تك 11: 1- 9) يظهر اسم يهوه والسبب واضح: في هذه القصة كان مكان حدوثها خارج أرض إسرائيل، والقصة نفسها إسرائيلية في وصفها، إنها لا تحتوي حتى ولا شيء ضئيل من المادة الأجنبية. وبخلاف قصص الخلق والطوفان لم يكن بها أية تقاليد غير محلية كخلفية لها، لتكون أساس الوصف التوراتي، بل على العكس، فإننا نجد هنا الروح الإسرائيلية في معارضة كاملة لموقف وطموح الشعوب الوثنية المتكبرة، الذين سادوا على العالم. هكذا فإن الإدراك الإسرائيلي للعلاقة بين الإنسان والله قد نُقلت بواسطة اسم الله الإسرائيلي.



        في الأصحاح 12 من سفر التكوين، تبدأ قصة إبراهيم. ويبدو أنه من المناسب أن الاسم الإسرائيلي لله يجب أن يُستخدم.

        ولقد طبَّق ارشر هذا على الأصحاحات الأولى من سفر التكوين. إن الدراسة بعناية لاستخدام يهوه وإلوهيم في سفر التكوين سوف تكشف الغرض الذي كان في ذهن الكاتب. إلوهيم (الذي ربما يشتق من أصل كلمة معناها («جبار»، «قوي»، «الأول») تشير إلى الله كالخالق العظيم وسيد الكون، هكذا يكون إلوهيم مناسباً لتكوين 1، لأن الله يكون في دور الخالق العظيم. بينما يهوه يكون اسم الله عندما يكون مرتبطاً بالعهد. هكذا في تكوين 2، يُستخدم اسم يهوه على نطاق واسع لأن الله يتعامل مع آدم وحواء في علاقة عهد. في تكوين 3، عندما ظهر الشيطان يتغير اسم الله مرة أخرى إلى إلوهيم لأن الله لا يرتبط بالشيطان بعلاقة عهد. هكذا، فإن كلاً من الشيطان وحواء يُشيران لله على أنه إلوهيم. ويتغير الاسم مرة أخرى إلى يهوه عندما ينادي على آدم (3: 9) ويؤنِّب حواء (3: 13)، وعهد الله هو الذي وضع اللعنة على الحية (3: 14).

        ويؤكد چون رافين بنفس الطريقة:

        يتجاهل هذا الجدال الدراسة لأصل أسماء الله ويرى أنها تستخدم بطريقة قابلة للتبادل (أي استخدام اسم بدلاً من الآخر). ولم يقل النقَّاد إن التقليد اليهوي J كان يجهل اسم إلوهيم أو التقليد الألوهيمي E والكهنوتيP يجهلان اسم يهوه، ولكن كلاً منهم كان يُفضِّل اسماً من هذه الأسماء. ولكن إذا كان هذا هو الأمر، فإن السؤال يبقى، لماذا فضل J اسم يهوه و E و P اسم إلوهيم؟. على أي حال إذا كانت أسفار موسى الخمسة من عمل مؤلف واحد، فإن استخدام هذه الأسماء تكون واضحة بطريقة كافية.

        وحتى كيونين، وهو واحد من مؤسسي الفرضية الوثائقية القديمة، يعترف بالشك في هذا المقياس: ««إن الفرق الأساسي بين يهوه وإلوهيم دائماً يعلل استخدام واحدة من هذه التسميات بالتفضيل على التسمية الأخرى».

        عموماً، فإن يهوه يُستخدم عندما يكون الله هو الإله الخاص بإسرائيل ويُشار إليه على أنه فوق الآلهة الغريبة، وعند التحدث عن تاريخ الآباء، بينما من الناحية الأخرى فإن إلوهيم يعطي صورة كونية مجردة لله.

        ويُعلن كاسيتو بجرأة أنه لا يوجد أي سبب للشعور بالدهشة للاستخدامات المختلفة لهذه الأسماء في التوراة. بل بالعكس فإننا يجب أن نندهش إذا لم تتغير هذه الأسماء بحسب المواقف. إن كل كاتب عبراني كان مُجبراً أن يكتب هكذا وأن يستخدم اسمي الله السابقين بهذه الطريقة، بحسب دلالتهما.

        ويعطي علم الآثار إجابة لاستخدام الاسم المركَّب يهوه إلوهيم أن واحدة من الافتراضات الرئيسية لرأي فرضية تعدد المصادر هو أن استخدام يهوه إلوهيم يكون بحسب J وإلوهيم يكون بحسب مستند E. إن اتحاد هذين الافتراضين هما السبب في استخدام يهوه إلوهيم لكننا نلاحظ أن استخدام الأسماء المركبة للألهة يعد أمراً شائعاً: فمثلاً أمون -رع الإله المصري هو مثال لهذا. فأمون كان إله مدينة طيبة حيث السلطة السياسية، بينما رع كان إله الشمس في كل مصر. إن هذا يلقي ضوءاً على اتخاذ يهوه إلوهيم. يهوه يشير إلى الصفات الواضحة لله، بينما إلوهيم يكون اللقب العام لله. وربما يشير هذا إلى الاندماج يهوه إلوهيم أن يهوه يكون مساوياً لإلوهيم

        ويلاحظ كاسيتو: «في الأدب العبري فإن المفهوم عن إله إسرائيل المحدد أنه هو إله الأرض كلها. إن يهوه الذي يعترف به بنو إسرائيل ويسجدون له، لم يكن إله آخر غير إلوهيم الذي يسود عليهم كلهم.

        *تفسير خروج 6: 3

        - الافتراض الوثائقي :

        يقول النقَّاد إن هذه الآية تعني أن اسم يهوه لم يكن معروفاً في إسرائيل حتى كشف عنه الله لموسى في سيناء. لهذا السبب فإن كل الفقرات في سفري التكوين والخروج قبل هذا الاسم حيث استخدم يهوه لابد أن تكون قد كُتبت بيد شخص آخر غير الشخص الذي كتب هذه الآية، وإلا (إذا كان هناك كاتب واحد فقط) فإنه قد وقع في هذا التناقض الواضح: إن الآباء قد استخدموا اسم يهوه في كل سفر التكوين ولكنهم يُصرِّحون بأن الاسم لم يكن معروفاً حتى كُشف لموسى.

        ولقد أُعلن وجهة النظر هذه بواسطة باحث بريطاني اسمه رولي: يقول سفر الخروج 6: 2 وما يليها: «أنا الرب (يهوه)، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء (إيل شداي). وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم». إلا أنه هناك آيات كثيرة في سفر التكوين التي تُعلن أن الله كان معروفاً للآباء باسم الرب (يهوه). وهذا الاسم كان معروفاً لأبرام (تك 15: 2 و 8)، ولسارة (16: 2) وللابان (24: 31)، واستُخدم بواسطة الملائكة الذين زاروا إبراهيم (18: 14 وزاروا لوط (19: 13)، والله أعلن نفسه لأبرام عندما قال له: «أنا يهوه» 14: 17 وليعقوب (28: 13).


        - الإجابة الأساسية :

        التفسير الصحيح لخروج 6: 3: هذه الآية لا تعني أن اسم يهوه لم يكن معروفاً للإسرائيليين قبل زمن موسى، ولكن بالحري فإنهم لم تكن لهم علاقة بالله لدرجة أن الاسم يهوه كان يُلمِّح إليه.

        قال مارتن بمعنى آخر: هم عرفوا الله باسمه «يهوه» ولكن ليس بالسمات الشخصية الخاصة بيهوه: «ربما يكون من الممكن بالطبع أنهم أنكروا المعنى المتضمن الذي يجذب الانتباه للإدراك الكامل بالكلمة العبرية «للاسم». إن مجال معنى هذه الكلمة يغطي ليس فقط «الاسم»، ولكنه أيضاً يُشير إلى الصفات المميزة للشيء الذي أُعطي له هذا الاسم. ربما يرمز للسمعة، الشخصية، الكرامة، والشهرة.

        هيرتز الرئيس السابق للحاخامات في لندن يكتب في تعليقه على أسفار موسى الخمسة:

        (خروج 6: 3) هي النقطة المحورية في علم النقد. وبحسب النقَّاد، فإن الله هنا يكشف لأول مرة اسمه يهوه لموسى. وهكذا فإن كل الأصحاحات في التكوين والخروج حيث يظهر اسم يهوه تكون من مصدر آخر. وهذا يُستخدم كدليل حاسم لكثير من الفرضيات الوثائقية الكثيرة عن أسفار موسى الخمسة، وقد أُعلن هذا بواسطة النقاد الراديكاليين كمفتاح لفرضية «تعددية المصادر».

        إن شرح النقَّاد الشائع لهذه الآية يُبنى على سوء الفهم الكامل للغة العبرية. عندما يقرر الكتاب المقدس أن إسرائيل، أو الأمم، أو فرعون، «سوف يعرفون أن الله هو السيد» -فإن هذا لا يعني أنهم سوف يُخبرون أن اسمه هو يهوه (السيد). وهكذا فإن إرميا 16: 21: «لذلك هأنذا أُعرِّفهم هذه المرة، أُعرِّفهم يدي وجبروتي، فيعرفون أن اسمي يهوه». (إن اليهود الأرثوذكس لا ينطقون اسم يهوه خشية كسر الوصية الثالثة، وهكذا فإنهم يستخدمون كلمة أدوناي التي تعني «السيد»). في حزقيال فإن الجملة «إنهم سوف يعرفون أني أنا السيد» تتكرر أكثر من 60 مرة.

        يقرر رافين:

        إن كلمة «ليعرف» في العهد القديم عادة ما تتضمن فكرة فهم وإدراك، وتعبير «ليعرفوا اسم يهوه»، استُخدم عدة مرات بهذا المعنى وهو فهم وإدراك الصفة الإلهية المميزة (1مل 8: 43، مز 9: 11، حز 39: 6 و 7). كل هذا يُبين معنى أن إبراهيم وإسحق ويعقوب عرفوا الله كإله القوي ولكن ليس كإله العهد».

        ويجادل أرشر بطريقة مشابهة أن النقَّاد الراديكاليين يرفضون طريقة الحكم على عقيدة مسيحية على نصّ معيَّن ولكنهم حكموا على واحدة من العقائد الأساسية بواسطة هذه الطريقة. هذه الطريقة تبحث عن التفسير الحرفي لآيتين بدون وضع أي نصّ أو تشابه جزئي لأي تعليم كتابي. هذا الاقتراح وُجد في خروج 6: 2 و 3 («أنا الرب «يهوه»، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء (إيل شداي). وأما باسم يهوه فلم أُعرف عندهم»). إن الوثائقيين يعتبرون أن هذه هي أول مرة كُشف فيها عن اسم يهوه لموسى في وثيقة E. ومع ذلك فإن الوثيقة J لا تعرف شيئاً عن هذا واعتبرت يهوه اسماً مناسباً لعصر ما قبل موسى. إن كل الضربات العشرة لم تكن بالتأكيد لكي يعرف المصريون أن إله الإسرائيليين هو يهوه (خر 14: 4 «ويعرف المصريون أني أنا الرب (يهوه)). ولكن القصد من الضربات هو أن يشاهد المصريون أمانة الله لعهده نحو شعبه، وهكذا يعرفوه بالاختبار كيهوه إله العهد. (انظر خر 6: 6«لذلك قل لبني إسرائيل أنا الرب. وأنا أُخرجكم من تحت أثقال المصريين وأُنقذكم من عبوديتهم»).

        ولقد أبدى مانلي هذه الملاحظة: «حيث يُذكر اسم الله لأول مرة، فإن الفعل المستخدم هو Naghadh كما في تكوين 32: 29. هنا في خروج 6: 3 يكون الفعل yadra، وهو نفس الاسم الموجود في 1صم 2: 12، 3: 7 . حيث أن الأشخاص المذكورين كانوا يألفون اسم يهوه»

        ويستخدم النقَّاد هذه الآية كأساس لفصلهم الوثيقة J، التي تُستخدم اسم يهوه عن الوثيقة E التي تُستخدم إلوهيم ولكن هذه الآية لا تميز إلوهيم من يهوه، ولكن تميز إيل شداي من يهوه، كما يقول ميريل أنجر:

        إن هذا الرأي بخصوص معنى خروج 6: 2 و 3 لا مبرر له تماماً، وليس له أساس خارج مقتضيات الافتراض الخاص بالنقَّاد: أولاً بسبب الاختلافات الواضحة المشار إليها في النصّ نفسه: «ثم كلَّم الله موسى وقال له أنا الرب. وأنا ظهرت لإبراهيم، وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء (إيل شداي)، وأما باسم يهوه فلم أُعرف عندهم». خر 6: 2 و 3. والشيء الهام الذي له معنى ومغزى أن هذه الإشارة لا تميز يهوه من إلوهيم (الذي تكرر أكثر من 200 مرة في سفر التكوين) ولكن تميزه عن إيل شداي (الذي تكرر 5 مرات في سفر التكوين)، الاسم الذي يُعلن الشخصية التي كشفها الله عن نفسه للآباء (تكوين 17: 1، 28: 3، 35: 11، 43: 14، 48:3).



        قضية أخرى هامة ولكنها دائماً ما يُغفل عنها بخصوص خروج 6: 2 و3، هي أن ما أُشير إليه باللغة العبرانية بـ Beth Essential أن النسخة التي أُعيد تنقيحها تقول هذه الآية كالتالي: «وأنا ظهرت... بأني إيل شداي (as Elshaddai) الإله القادر على كل شيء، وأما باسمي (by my name) يهوه». من الناحية اللغوية هناك حاجة لاستخدام حروف الجر «by» أو «as» في اللغة الإنجليزية. ويقدم موتير معالجة ممتازة لمعنى الـ Beth Essential:

        في هذه الآية (خروج 6: 3) فإن الـ Beth Essential تُرجمت على نحو ملائم «as» فعندما كشف الله نفسه «as» أنه إيل شداي، لم يكن ذلك لأجل إعطاء الآباء لقب يستطيعون أن يخاطبوه به، ولكن ليُعطيهم بصيرة لشخصيته كما ينقله هذا اللقب. وبالمثل فإنه في خروج 3: 2 «ظهر... ملاك الرب بلهيب نار (as a flame of fire)». إن لهيب النار هو الوصف المناسب لله نفسه، لكي يُعلن لموسى عن طبيعته الإلهية في هذا الوقت المعين بخصوص مستقبله. وعندما ننقل هذه القوة للكلمات «اسمي يهوه» فإننا نصل إلى استنتاج يتمشى مع الترجمة التي نبحث لها عن تبرير: «لقد أظهرت نفسي... في شخصية إيل شداي، ولكن في الشخصية التي يُعبِّر عنها اسمي يهوه، فإنني لم أجعل نفسي معروفاً بهذا الاسم.

        ويستمر موتير:

        إن دقة الترجمة المُقترحة تتأسس على مناسبتها للنص. لقد سمى الآباء الله يهوه، ولكنهم عرفوه كإيل شداي، وسوف تنادي ذريتهم الله بكلا الاسمين ولكنهم يعرفوه باسمه يهوه. وهذا هو بالتأكيد العبء الموجود في خروج 6 وما يليه، حيث تلقَّى موسى الرسالة التي عليه أن ينقلها لبني إسرائيل. إن الرسالة تُفتح وتُغلق بالسلطان الإلهي، فالله فتحها بـ «أنا الرب» (يهوه)، وبعد ذلك أعلن عن طبيعة يهوه «بأني القادر على كل شيء- إيل شداي)، ليُعرِّفهم عما سيفعله معهم.

        إن التفسير الذي أُعطي لهذه الآية بواسطة علماء الوثائق يتركنا وأمامنا سؤال صعب: لماذا لم يوفِّق الذين قاموا بتحرير وتنقيح أسفار موسى الخمسة بين التناقضات الواضحة بين استخدام اسم يهوه بواسطة الآباء في سفر التكوين والآية الموجودة في خروج 6: 3، وأن هذا الاسم هو أول اسم لله كُشف لموسى في سيناء؟

        يقول انجر إنه بجانب المشكلات في كلا من النصّ والمعنى الحقيقي للكلمات، فإن موقف النقَّاد الراديكاليين بخصوص خروج 6: 2 و3 أُضعف فيما بعد بواسطة المعنى العام الذي تضمنته آراؤهم. إن الشخص الذي قام بتحرير أسفار موسى من الواضح أنه لم يفهم هذه الفقرة، لأنه لم ير أي تناقض في الاستخدام المتكرر لاسم يهوه في كل سفر التكوين. فلو أنه رأى هذا التناقض، لكان بالتأكيد إما أنه سوف غيَّر الآية أو يشطب اسم يهوه من المواضع التي تكرر فيها في وقت مبكر.

        وأبدى رافين ملاحظة قائلاً: «إن الذين قاموا بتحرير أسفار موسى الخمسة، إذا كان هناك أناس حرروها، لم يستطيعوا أن يأخذوا الآية الموجودة في خروج 6: 3 بعين الاعتبار ويعتبروها متضاربة مع الاستخدام المتكرر لاسم يهوه بواسطة الآباء. وإلا لكان قد غيَّر الآية الموجودة في سفر الخروج أو اسم يهوه في سفر التكوين. إن الأجيال الكثيرة من اليهود والمسيحيين الذين كانوا يجهلون المؤلف الذي كتب سفر التكوين أيضاً لم يروا شيئاً صعباً في خروج 6: 3.

        ومن الممكن أيضاً أن تكون هذه الفقرة قد تُرجمت ترجمة غير صحيحة إلى اللغة الإنجليزية.

        يشرح مارتن: مهما يكن من أمر، فهناك ترجمة تلغي كل التضارب والتعارض مع النصّ. فالجملة، «وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم»، يمكن أن نعتبرها في اللغة العبرية صيغة استفهامية موجزة. حينئذ تكون ترجمة الآية كلها كالتالي: «لقد تحمَّلت أن أظهر لإبراهيم وإسحق ويعقوب كإيل شداي، لأني لم أسمح لنفسي أن أُعرف لهم باسمي يهوه؟». اللغة العبرية بها أدوات استفهام ولكن في العديد من المناسبات فإنها تُحذف: وهناك مثال جيد لهذا في تكوين 18: 12 أنه من الممكن في لغة المخاطبة، فإن ارتفاع وانخفاض طبقة الصوت في الكلام يكفي أن يدل على الاستفهام، كما هو الحال حتى الآن في اللغات السامية الحية. مثال ذلك الآية الموجودة في أيوب 23: 17 «لأني ألم أُقطع قبل الظلام؟» وهي حالة متماثلة مع الآية التي نناقشها.

        لا يمكن أن يكون هناك اعتراض على هذه الترجمة للآية الموجودة في خروج 6: 3 على ضوء استخدام اللغات السامية. فهناك على أي حال دليل قوي مستعد للمساعدة من التركيبة اللغوية لهذه الآية. فهذه الآية تبدأ بـ «وأيضاً». وتتطلب اللغة العبرية أنه حيث توجد «وأيضاً» وتكون مسبوقة بنفي فهي أيضاً يأتي معها جملة منفية. وهذا يجعل من الصعب جداً تجنب استنتاج الخاتمة التي تتعامل مع سلسلة من الجمل التي لا تقبل الجدل.

        أخيراً يجب أن نلحظ أن الاسم الإلهي لا يمكن أن يُستعمل مع أي أمر هام بعد خروج 6: 3 منذ هذه النقطة فصاعداً حسب قول النقَّاد، فإن E و P مثل J يكونا أحراراً في استخدام يهوه وحتى ايزفلدت يعترف بهذا: «من المسلم به أن الاختلاف في استخدام الأسماء الإلهية ربما يُستخدم فقط في تحليل سفر التكوين وبداية سفر الخروج. لأن المصدرين اللذين نسميهما الآن E و P يتجنبان اسم يهوه في البداية واستخدماه فقط من اللحظة التي عرَّف فيها الله موسى باسمه يهوه - E في سفر الخروج 3: 15 و P في سفر الخروج 6: 6 وما يليها».

        إلا أن كثيراً من النقَّاد قد حاولوا أن يُبينوا الكتابة المركبة للأجزاء الباقية في أسفار موسى الخمسة على أساس الأسماء الإلهية. ويجب أن يكون واضحاً أن كل هذه المحاولات ليس لها أساس منطقي ولهذا السبب تكون باطلة.


        3- التفسيرات المغلوطة والعلماء ليسوا علماء واقتباسات غير صحيحة:-


        اقتباس:

        ثم يلخص الأستاذ " المنصور بالله " دعواه فيقول :

        " أستلم موسى الناموس من سيناء وسلمه ليشوع ويشوع سلمه للشيوخ والشيوخ سلموه للأنبياء والأنبياء سلموه لرجال المجمع العظيم ".

        ونحن نقول يا لها من دعوة فموية موجزة ليس لها أي وجه من الصحة , فلا موسى كتب هذه الأسفار الخمسة ولا سلمها ليشوع ولا يشوع سلمها للكهنة ولا الكهنة سلموها للأنبياء ولا الأنبياء سلموها لرجال المجمع !

        بل نقول إن موسى ويشوع والأنبياء لا يعلمون شيئًا عن هذه الأسفار وما رأوها أبدًا فضلاً عن دعوى كتابتها على أيديهم وتسليمها لرجال المجمع !
        اولا انا لدي ادلة كثيرة

        ثانيا ما هي الادلة التي اوردتها الترجمة اليسوعية بخصوص اقوالها ؟ لا شئ سوى الادعاء فقط لتثبيت عقيدة لديهم وبالتالي اصبحو صفوة العلماء لديك لانهم يتفقون جزئيا معك ولكنهم يختلفون في انهم :-

        1- يؤمنون ان النص الاخير هو النص الذي اوحى به الروح القدس عبر المحررين المختلفين وانه هو كلمة الله
        2- ليس مشكلة لديهم بان الكاتب مجهول لانهم يؤمنون ان المؤلف هو الروح القدس
        " فانه يظهر لنا بمزيد من الوضوح سبب وحدتها العميقة , الا وهو روح واحد , والهام مستمر عبر ما في التاريخ الطويل من تعدد وتغير . ويتطلب هذا التحليل جهدا ضروريا ينتهي الى ثمار كثيرة "
        الترجمة اليسوعية - مدخل الى التوراة - ص 60


        اقتباس:

        يقول القس نوح كلر أستاذ اللاهوت بجامعة غانزا الكاثوليكية بواشنطن : ( ... وفي أثناء دراستي مادة اللاهوت قرأت ترجمة نورمان بيرين الإنجليزية لكتاب " إشكالية يسوع التاريخي " الذي كتبه يواكيم يريمياس , وهو واحد من أبرز علماء " العهد الجديد " في القرن العشرين الذين أمضوا سنوات طويلة في دراسة هذه النصوص دراسة متعمقة , ساعده فيها تمكنه من اللغات القديمة التي كتبت بها أصول هذه النصوص . وقد اتفق يريمياس في نهاية الأمر مع اللاهوتي الألماني رودلف بولتمان على أنه " يمكن القول دون أدنى ريب : إن الحلم بكتابة السيرة الذاتية ليسوع قد انتهى للأبد ! " . وهذا يعني أن حياة السيد المسيح – كما عاشها بالفعل – لا يمكن إعادة نسجها إعتمادًا على ما ورد في العهد الجديد بلا أي درجة من الثقة ) ( رحلة البحث عن معنى ص 11 -12 , مكتبة السلام – القاهرة ) .
        هل نوح كلر عالم من علماء النقد النصي ؟
        هل نوح كلر يتحدث عن العهد القديم ام شخصية المسيح فقط ؟
        هل هو عالم يحسب على المسيحية ؟
        ام هو مجرد كاثوليكي امريكي اسلم ؟
        فهل تستشهد علينا بمسلم ؟
        هل هذا منطق بحثي لديك ؟


        اقتباس:

        ويقول صفوة مختارة من علماء الكتاب المقدس : ( إن الأسفار الخمسة التالية " منسوبة " إلى موسى النبي كليم الله إلا الإصحاح الأخير من سفر التثنية فإنه أضيف لأجل ختام التاريخ ) ( مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين ص 63 – مكتبة المحبة , القاهرة ) .
        اليس هذا تدليس يا ابوعبيده ؟
        هل تفعل ذلك وتجلس فرحا بانك تهاجم عن طريق التدليس ؟
        وضعت للجميع صورة من هذه الصفحة وهي عبارة عن بحث عن كاتب الاسفار وتقديم الادلة على انه موسى وليس كاتب اخر

        [IMG]https://www.hurras.org/vb/core/
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 28 أكت, 2020, 05:29 م.

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة Battar Kurdi, 12 أكت, 2016, 02:38 ص
        رد 1
        4,252 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Battar Kurdi
        بواسطة Battar Kurdi
        ابتدأ بواسطة ABDULMALIQ, 22 سبت, 2010, 08:00 م
        ردود 26
        11,515 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة شكري شاكر
        بواسطة شكري شاكر
        ابتدأ بواسطة Ahmed_Negm, 19 مار, 2009, 10:32 م
        ردود 6
        10,206 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة زين العابدين الجزائري
        ابتدأ بواسطة معاذ عليان, 18 ماي, 2008, 04:07 م
        ردود 46
        24,850 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة أكرمنى ربى بالاسلام
        ابتدأ بواسطة الأندلسى, 2 سبت, 2006, 03:36 م
        ردود 87
        48,180 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة أسامة المسلم
        يعمل...