كيف وصل إلينا العهد القديم ؟
حوار بين أبي عبيدة و المنصور
حوار بين أبي عبيدة و المنصور
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :
فلقد دار - ولا يزال - بيني وبين أحد النصارى حوار حول القضايا المتنازع عليها بين المسلمين والنصارى، وذلك من خلال إحدى المنتديات النصرانية على الشبكة , فأحببت أن أنقل لحضراتكم نص الحوار الأول والذي حمل هذا العنوان : " كيف وصل إلينا العهد القديم ؟! " .
ولقد إتفقنا على أن نتباحث بداية عن المصادر الدينية، وذلك قبل الحديث عن العقائد، فالمصادر الدينية - بوجه عام - تتناسب تناسبًا طرديًا مع العقائد، فإن ثبت مصداقية المصدر الديني أنه وحي الله للبشرية، فلا شك أن ما به من عقائد وتشريعات تكون أيضًا من عند الله، فيجب - حينئذ - العمل بمقتضاها، والعكس صحيح .
فرأينا أن نبدأ سلسلتنا بالحديث عن مصدر عقائد النصارى " الكتاب المقدس " على النحو التالي :
1- كيف وصل إلينا الكتاب المقدس بعهديه ( القديم والجديد ) ؟!
2- مخطوطات الكتاب المقدس، هل تثبت مصداقيته ؟!
3- نصوص الكتاب المقدس وفقراته، هل ترقى لتمثل وحي الله ؟!
4- دعوى التحريف بين الحقيقة والإفـتراء !
وبعد الحديث عن الكتاب المقدس نتناول الحديث عن العقائد المسيحية ذاتها , وحتى لا نطيل الحوار - حول كل نقطة - , رأينا أن نضع نظامًا محددًا للحوار حول كل نقطة على النحو التالي :
1- مشاركة من الزميل النصراني يثبت فيها صحة دعواه .
2- موافقتي أو إعتراضي على ما زعم الزميل من خلال مشاركة لي .
3- تعقيب للزميل .
4- تعقيب لي .
على أن يكون الأمر خلاف ذلك حين الحديث عن مصادر وعقائد المسلمين , فـيحل الزميل محلي وأحل محله .
هذا، وقد إشتمل الحوار الأول على العديد من الفوائد التي تهم أهل البحث من أتباع الديانتين , لذا حرصت على نقلها ونشرها .
فأسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى الحق .
والأن , مع الحوار الأول : " كيف وصل إلينا العهد القديم ؟! "
المشاركة الأولى للزميل النصراني " المنصور بالله "
في البداية احب ان اعطي تنبيه هام وهو : عدم دخول اي عضو في هذا الموضوع الا ابو عبيدة فقط والاستاذ عماد حنا للتنظيم والتوجيه
اما التعليقات فيمكن فتح موضوع مختلف عن هذا الموضوع .
سيتلخص كلامي حول اربعة نقاط فقط ولا اقول انهم فقط كل ما لدينا حول هذا الموضوع ولكن هي البداية فقط حتى لا نتفرع في مئة نقطة وهذه الاربعة نقاط كالتالي :-
1- التسليم من جيل الى جيل
2- شروط الكتابة والنسخ والدقة في تنفيذها
3- شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد القديم
4- شهادة التاريخ
ملحوظة : حتى لا اطيل في المشاركة الواحدة قسمت الموضوع على مشاركتين
اولا التسليم من جيل الى جيل
(1) كانت التوراة محفوظة أيام موسى النبي: فعندما كتب موسى التوراة أو الأسفار الخمسة حسب وصية الله له سلمها للكهنة واللاويين الذين كانوا يحفظون ما جاء بها قبل أن تكتب ووضعوها إلى جوار تابوت العهد في خيمة الاجتماع " وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل " وقال لهم " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهدا عليكم " ( تث9:31؛26). وكانت هي أساس ومصدر التعليم والشريعة التي سار بمقتضاها بنو إسرائيل، الأنبياء والملوك والكهنة والشعب، وحفظوا ما جاء بها بناء على وصية الرب وموسى النبي لهم والتي تكررت أكثر من 75 مرة في أسفار الخروج واللاويين والعدد والتثنية. كما تأمر التوراة كل ملك من بنى إسرائيل " عندما يجلس على كرسي مملكته يكتب لنفسه نسخة من هذه الشريعة في كتاب من عند الكهنة اللاويين فتكون معه ويقرا فيها كل أيام حياته لكي يتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ جميع كلمات هذه الشريعة وهذه الفرائض ليعمل بها " (تث18:17،19).
(2)وكانت هذه التوراة مع يشوع بن نون تلميذ موسى النبي والذي رآها وهى تكتب " فقال الرب لموسى أكتب هذا تذكاراً في الكتاب وضعه في مسامع يشوع " (خر14:17)، وبعد موت موسى النبي وتكليف الله ليشوع لقيادة الشعب أوصاه الله بهذه الوصية قائلا " إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح " (يش7:1،8). وكان يحفظها بنو إسرائيل عن ظهر قلب. لذا يقول المؤرخ والكاهن اليهودي يوسيفوس معاصر تلاميذ المسيح (36 - 100م) كانت " هذه النواميس محفورة في أرواحهم ومحفوظة في ذاكرتهم وكان لها سلطان أعظم بينهم وهذا ما نعرفه مما كان عليهم وذلك لما يكابدوه إذا كسروها "Antiquities of the Jews.4:8.
(3)وكان داود النبي والملك يحفظ هذه التوراة عن ظهر قلب بناء على وصية الله وكانت وصيته لأبنه سليمان هي " احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت " (1مل3:2).
(4) وكانت التوراة موجودة في كل مراحل تاريخ أنبياء إسرائيل، ولذا تتكرر في كتب الأنبياء عبارات مثل: " حسب ما هو مكتوب في سفر شريعة موسى " (2مل 6:14)، " حسب كل شريعة موسى " (2مل25:23)، " حسب كل ما هو مكتوب في شريعة الرب التي أمر بها إسرائيل " ( 1أى40:16)، " كما هو مكتوب في شريعة موسى بالفرح والغناء حسب أمر داود " ( 2أى18:23)، " كما هو مكتوب في الشريعة في سفر موسى حيث أمر الرب قائلا " ( 2أى4:25)، " كناموس موسى رجل الله كان " (2أى16:30)، " كما هو مكتوب في شريعة الرب " ( 2أى3:31).
(5) وعندما توقف الكهنة عن قراءة أسفار موسى الخمسة في الهيكل في أيام حكم الملوك الذين ارتدوا عن عبادة الله الحي وعبدوا الأوثان مثل منسى (696 - 642 ق م) وآمون (642 - 640 ق م)، لم يترك الله نفسه بلا شاهد فعند ترميم الهيكل أثناء حكم الملك يوشيا (640 - 609 ق م) وجد حلقيا الكاهن هذه الأسفار في الهيكل وكانت سبباً في إصلاح عظيم (2مل 22). ويجمع العلماء على أن هذه الأسفار التي وجدت في الهيكل هي هي نفس النسخة، الأصل، التي كتبها موسى النبي نفسه بيده أو على أقل تقدير نسخة منقولة عنها مباشرة، وأن كانت الغالبية العظمى ترى أنها نفس النسخة التي كتبها موسى النبي بنفسه.
(6) كما كانت توراة موسى النبي وجميع أسفار الأنبياء الآخرين الذين أتوا حتى إرميا النبي، مع المسبيين في بابل وعلى رأسهم دانيال النبي والفتية الثلاثة وحزقيال النبي، ويعبر دانيال النبي عن وجود هذه الكتب معه بقوله: " أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي لكماله سبعين سنة على خراب أورشليم " (دا2:9 مع ار11:25-12).
وكان هؤلاء المسبيون في بابل متجمعين في منطقة تل أبيب على نهر خابور (حز15:3) وكان معهم كهنتهم وشيوخهم فأقاموا المجامع كبديل للهيكل وذلك لتعليم كلمة الله والصلاة. وكانوا يحتفظون فيها بالأسفار المقدسة التي كانوا يقرءونها في أيام السبت من كل أسبوع وفي الأعياد ويحفظون منها كلمة الله. وكانت لهذه المجامع ترتيباتها الخاصة والتي تشمل قراءة " الشما " أي التلاوة وهى الاعتراف بوحدانية الله وتتكون من ( تثنية 4:6-9؛13:11-21؛عدد37:15-41) وقراءة الناموس ( أسفار موسى الخمسة ) الذي كان منقسما إلى مائة وأربعة وخمسين جزءاً تقرأ بالترتيب على ثلاث سنوات ثم قراءة جزء مناسب من أسفار الأنبياء. كما كانت تقرأ في جميع المجامع التي انتشرت بين المسبيين كما انتشرت مع انتشار اليهود في الشتات في بلاد كثيرة مثل عيلام وبارثيا وأرمينيا وميديا وأسيا الصغرى (تركيا) ومصر، ويذكر سفر أعمال الرسل وجود المجامع بغزارة سواء في فلسطين أو في بلاد العالم الأخرى؛ في دمشق (أع20:9) وسلاميس بقبرص (أع5:13) وبرجة وإنطاكية بيسيدية (أع14:13) وايقونية (أع1:14) وبيرية (أع10:17) وتسالونيكي (أع1:17) وافسس (أع19:18) باليونان وآسيا الصغرى وروما ...الخ. ويعبر القديس بطرس عن قراءة التوراة في مئات المجامع في مدن كثيرة هذه بقوله أمام الرسل والمشايخ بأورشليم " لان موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به إذ يقرأ في المجامع كل سبت " (أع21:15). وهذا يؤكد لنا وجود نسخ من الأسفار المقدسة في كل مكان في العالم كان يوجد فيه اليهود ومجامعهم.
وكانت التوراة مع المسبيين عند عودتهم من السبي " الذين بنوا مذبح الهيكل " ليصعدوا عليه محرقات كما هو مكتوب في شريعة موسى رجل الله " (عز2:3)، وكان معهم النبيان حجى وزكريا اللذان أضاف الروح القدس سفرين آخرين بواسطتهما. وكان على رأس المجموعة الثانية العائدة من السبي (458 ق م) عزرا الذي يصفه الكتاب بأنه " كاتب ماهر في شريعة موسى " (عز6:7) و" الكاهن الكاتب كاتب كلام وصايا الرب وفرائضه " (عز11:7) و" عزرا الكاهن كاتب شريعة اله السماء " (عز12؛7) والذي " هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء " (عز10:7) وكان دارسا للأسفار المقدسة ومفسرها ومترجمها (شفوياً) إلى الآرامية ورتب قراءة الناموس والأنبياء وأسس المجمع العظيم (السنهدرين) (نح8 - 10؛ المشنا 200 م). وتقول المشنا (ابوت 1:1):
" أستلم موسى الناموس من سيناء وسلمه ليشوع ويشوع سلمه للشيوخ والشيوخ سلموه للأنبياء والأنبياء سلموه لرجال المجمع العظيم ".
ثانيا شروط الكتابة والنسخ والدقة في تنفيذها
وفيما يلي القواعد الصارمة للكتابة التي وضعها علماء التلمود لتدوين التوراة والانبياء والكتب:
(1) يجب أن يدون درج المجـمع على جـلد حيـوان طـاهر.
(2) يجب أن يعده للاستخدام الخاص من قِبَل المجمع شخص يهودي.
(3) يجب أن تُضَم صفحات الدرج معاً بخيوط مأخوذة من حيوانات طاهرة.
(4) يجب أن تحتوي كل صفحة من الجلد على عدد معين من الأعمدة ثابت في المخطوطة كلها.
(5) يجب ألا يقل طول أي عمود عن 48 سطراً وألا يزيد عن 60 سطراً، ويجب أن يشتمل السطر على ثلاثين حرفاً.
(6) يجب أن تحاذي أوائل السطور في النسخة كلها، وإذا وجِدت ثلاث كلمات دون محاذاة لا يعتد بهذه النسخة.
(7) يجب أن يستخدم الحبر الأسود وليس الأحمر أو الأخضر أو أي لون آخر، ويجب أن يعد طبقاً لمواصفات محددة.
(8) يجب أن يتم النقل عن نسخة معتمدة لا يحيد عنها الناسخ بأي حال من الأحوال.
(9) يجب ألا يعتمد الناسخ على ذاكرته في تدوين أي كلمة أو حرف ولو كان أصغر الحروف، ما لم يكن الكاتب قد نقل عن المخطوطة التي أمام عينيه 000
(10) يجب أن يفصل بين كل حرفين ساكنين مسافة شعرة أو خيط.
(11) وأن يفصل بين كل فقرتين مسافة تسعة حروف ساكنة.
(12) وبين كل سفرين ثلاثة أسطر.
(13) يجب أن ينتهي السفر الخامس من أسفار موسى بسطر تام وليس هذا ضرورياً بالنسبة للأسفار الأخرى.
(14) علاوة على ذلك، يجب أن يرتدي الناسخ الثياب اليهودية كاملة.
(15) وأن يغسل بدنه كله.
(16) وألا يبدأ في كتابة اسم الله بقلم حالما أخرجه من مدواة الحبر.
(17) وإن خاطبه ملك أثناء تدوينه لهذا الاسم يجب ألا يلتفت إليه.
ويضيف دفيدسون أن: الكتب التي لا يلتزم عند تدوينها بهذه القواعد كان مصيرها الدفن في الأرض أو الحرق، أو كانت تؤخذ إلى المدارس حيث كانت تستخدم ككتب للقراءة.
ومن هنا كانت كل نسخة جديدة تنسخ تكون صورة طبق الأصل للنسخة الأقدم، المنقولة عنها، ولذا كان يتم اعتمادها ويعطونها نفس صلاحيات القديمة.
ويقول أحد علماء النقد النصي وهو ف ف بروس: " كان الـمـاسوريون على درجة عالية من العلم، وتعاملوا مع النص بأقصى درجات الاحترام والتبجيل ووضعوا نظاماً معقداً لحفظه من زلات الكتبة. فعلى سبيل الـمثال قاموا بإحصاء عدد المرات التي ورد فيها كل حرف من حروف الهجاء في كل سفر، وحددوا الحرف الأوسط في الأسفار الخمسة الأولى والحرف الأوسط في الكتاب المقدس العبري كله. كما قاموا بحسابات أخرى أكثر دقة وتفصيلاً من هذه. ويقول ويلر روبنسون إنهم أحصوا كل ما هو قابل للإحصاء. ولقد ألَّفوا عبارات قصيرة تيسر لهم تذكر الإحصاءات المختلفة "
F F Bruce, the Books and the Parchments, p117
ثالثا شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد الجديد
* المسيح
1. في متى 17:50-18 قال يسوع بأنه "لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل".
ونفس الفكرة ذكرها في يوحنا 34:10-35 "...ولا يمكن أن ينقض المكتوب". وفي لوقا 44:24" قال لهم.. أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير".
2. في حواره مع الفريسيين والصدوقيين والكتبة، كان المسيح دائماً يشير إلى ما ورد في العهد القديم على اعتبار أنه كلام الله الموحى به، ومن الأمثلة على ذلك متى 3:12-5، 7؛ و16:21؛ و32:22، 44. كذلك في مواجهته للشيطان استخدم يسوع كلمات العهد القديم ( متى 4:4،7).
3. وأخيراً وهو على الصليب، نطق المسيح بكلمات وردت في العهد القديم كما نقرأ في مرقس 34:15" إلوي إلوي لما شبقتني" مزمور 22 : 1، ولوقا 46:23 "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" (من مزمور 5:31) .
* العهد الجديد
1. في 2بطرس 20:1-21 يؤكد لنا بطرس الرسول أن نبوات العهد القديم ليست من أصل بشري، وأنه لم يتم كتابتها بناء على مشيئة بشر، بل أن أناس الله القديسون تكلَّموا وهم مسوقين أو محمولين من الروح القدس .
2. في 2تيمو 16:3 يقول بولس الرسول أن تيموثاوس يعرف الكتب المقدسة التي ذكرها في الآية رقم 15، ولذلك يطلب منه أن يستمر في استخدامها لأنها جميعاً من وحي الله.
3. في أعمال الرسل 16:1 نجد أن الكنيسة الأولى ومنذ بداية تكوينها قد فهمت وقبلت العهد القديم على أنه من وحي الله، وأن ما ورد فيه من نبوات يجب أن تتم لأنها قيلت وكتبت بوحي الروح القدس على فم داود حيث نقرأ:"...كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود..." ونفس الفكرة بأن الله تكلم واستخدم ألسنة الأنبياء موجودة في أعمال 18:3، 21؛ 25:4؛ 25:28، أي أن ما كُتِبَ في العهد القديم هو ما قاله الله.
4. في كتابات بولس الرسول نجد أنه يقول عبارة "يقول الكتاب" قاصداً بها "يقول الله" كما ورد في رومية 17:9، وغلاطية 8:3.
5. يقول بطرس الرسول أن الأنبياء أحياناً لم يفهموا ما عَلَّموه للناس لأن ما قالوه كان من خارج أنفسهم. فالمصدر في الحقيقة كان الروح القدس أو روح المسيح الذي فيهم (بطرس الأولى 10:1-12 ).
هذا بخلاف الاقتباسات الكثيرة من العهد القديم في العهد الجديد
رابعا شهادة التاريخ
(1)ايام المكابين :-
حاول الملك السوري أنتيوخس (الرابع) أبيفانس (175 -164 ق م) أن يستأصل الديانة اليهودية في فلسطين من جذورها فأصدر أمراً بتمزيق وحرق الأسفار المقدسة ويقول سفر المكابيين " وما وجدوه من أسفار الشريعة مزقوه وأحرقوه بالنار وكل من وجد عنده سفر من العهد أو أتبع الشريعة كان يقتل بأمر الملك " ( 1مك56:1-57). ومع ذلك فلم ينجح لأن الأسفار المقدسة كانت موجودة في كل المجامع اليهودية في دول كثيرة كان على رأسها مصر، كما كانت موجودة مع الغيورين من الشعب وقادته من رجال الدين وغيرهم فاجتمعوا على المصفاة على بعد 13 كيلو من أورشليم " ونشروا الشريعة " كما يقول سفر المكابيين (1مك48:3) ولما انتهت الحرب يقول السفر " جمع يهوذا (المكابى) كل ما بعثر من الأسفار في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا ".
(2) يوسيفوس
ومن أقوى الشهادات والأدلة، بعد العهد الجديد، لعقيدة وحي أسفار العهد القديم وقانونيتها هو ما كتبه الكاهن والمؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاصر كرازة تلاميذ المسيح ودمار الهيكل سنة 70 م، والذي حصل على نسخ الأسفار المقدسة، العهد القديم، الرسمية التي كانت محفوظة في الهيكل قبل دماره مباشرة، بأذن من الإمبراطور الروماني تيطس، والتي ترجع بالقطع إلى أيام زربابل وعزرا ونحميا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد. حيث يقول في كتابه ضد ابيون (8:1):
" لدينا فقط اثنان وعشرون كتابا تحتوى على سجلات كل الأزمنة الماضية، والتي نؤمن حقا إنها إلهية. خمسة منها لموسى تحتوى على نواميسه وتقاليد أصل الجنس البشرى حتى وفاته (موسى) 000 ومن موت موسى إلى حكم ارتحشتا كتب الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى ما حدث في أيامهم في ثلاثة عشر كتابا والكتب الأربعة الباقية تحتوى على ترانيم لله ومبادئ سلوكية لحياة البشر. ومن ارتحشتا إلى زماننا كتب تاريخنا (كل الأشياء سجلت) ولكن لم يقم بنفس السلطان مع أولئك الذين سبقوهم لأنه لم يكن هناك تعاقب حقيقي للأنبياء منذ ذلك الوقت. ويوجد برهان عملي على كيفية معاملتنا لهذه الكتب، فبرغم المدة الطويلة التي انقضت حتى الآن لم يجرؤ أحد أن يضيف إليها أو أن يحذف شيئاً منها أو يغير أي شئ منها. بل أنه طبيعي لكل اليهود من يوم الميلاد مباشرة يعتبرون هذه الكتب هي تعاليم الله ويثابرون فيها وإذا دعت الضرورة يموتون سعداء لأجلها ".
(3) اباء الكنيسة الاولى :-
وكما شهد الرب يسوع المسيح وتلاميذه للتوراة ولجميع أسفار العهد القديم واقتبسوا منها 250 اقتباسا مباشرا وأشاروا إليها حوالي 2500 مرة فقد كانت بين أيدي جميع قادة الكنيسة الأولى وآبائها، الآباء الرسوليين وخلفائهم وعلى سبيل المثال يقول مليتو أسقف ساردس (حوالي 170م) أنه ذهب إلى الشرق ليعرف عدد الكتب التي يستخدمها اليهود في فلسطين، كما نقل عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس ك4 ف11:26 ثم يذكرهم كالآتي:
" أسفار موسى الخمسة ... يشوع وقضاة وراعوث والملوك أربعة أسفار، أخبار الأيام سفران، مزامير داود وأمثال سليمان وأيضا الحكمة والجامعة ونشيد الإنشاد وأيوب والأنبياء وإشعيا وإرمياء، الأنبياء الاثنا عشر سفر واحد، دانيال وحزقيال وعزرا. ومن هذه جعلت المجموعات التي قسمتها إلى ستة كتب ".
(4) المجامع اليهودية :-
أخر مجمع شهير خاص بأسفار الكتاب المقدس عقده اليهود هو مجمع يامنيا أو Jamnia أو يمنه ( - Yavneיַבְנֶה - يبنه) سنة 90م بعد دمار أورشليم وصار بديلا لسنهدرين أورشليم اليهودي وقد عقد للتأكيد على قانونية أسفار العهد القديم ولشرح قانونية الكتابات وهي التقسيم الثالث لأسفار العهد القديم عند اليهود، والتي تسمى بالكتابات " الكتوبيم – כתובים - ketuvim"، والتي تتكون من أسفار أيوب والمزامير والجامعة والأمثال ونشيد الأنشاد وأخبار الأيام وعزرا ونحميا، والتي كان كتابها الذين كتبوها بالروح القدس يعملون في وظائف مدنية إلى جانب موهبة النبوة التي أعطيت لهم، تمييزا لهم عن بقية الأسفار التي كتبها الأنبياء الذين كانوا مكرسين ومتفرغين فقط لرسالتهم النبوية.
اما التعليقات فيمكن فتح موضوع مختلف عن هذا الموضوع .
سيتلخص كلامي حول اربعة نقاط فقط ولا اقول انهم فقط كل ما لدينا حول هذا الموضوع ولكن هي البداية فقط حتى لا نتفرع في مئة نقطة وهذه الاربعة نقاط كالتالي :-
1- التسليم من جيل الى جيل
2- شروط الكتابة والنسخ والدقة في تنفيذها
3- شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد القديم
4- شهادة التاريخ
ملحوظة : حتى لا اطيل في المشاركة الواحدة قسمت الموضوع على مشاركتين
اولا التسليم من جيل الى جيل
(1) كانت التوراة محفوظة أيام موسى النبي: فعندما كتب موسى التوراة أو الأسفار الخمسة حسب وصية الله له سلمها للكهنة واللاويين الذين كانوا يحفظون ما جاء بها قبل أن تكتب ووضعوها إلى جوار تابوت العهد في خيمة الاجتماع " وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل " وقال لهم " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهدا عليكم " ( تث9:31؛26). وكانت هي أساس ومصدر التعليم والشريعة التي سار بمقتضاها بنو إسرائيل، الأنبياء والملوك والكهنة والشعب، وحفظوا ما جاء بها بناء على وصية الرب وموسى النبي لهم والتي تكررت أكثر من 75 مرة في أسفار الخروج واللاويين والعدد والتثنية. كما تأمر التوراة كل ملك من بنى إسرائيل " عندما يجلس على كرسي مملكته يكتب لنفسه نسخة من هذه الشريعة في كتاب من عند الكهنة اللاويين فتكون معه ويقرا فيها كل أيام حياته لكي يتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ جميع كلمات هذه الشريعة وهذه الفرائض ليعمل بها " (تث18:17،19).
(2)وكانت هذه التوراة مع يشوع بن نون تلميذ موسى النبي والذي رآها وهى تكتب " فقال الرب لموسى أكتب هذا تذكاراً في الكتاب وضعه في مسامع يشوع " (خر14:17)، وبعد موت موسى النبي وتكليف الله ليشوع لقيادة الشعب أوصاه الله بهذه الوصية قائلا " إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح " (يش7:1،8). وكان يحفظها بنو إسرائيل عن ظهر قلب. لذا يقول المؤرخ والكاهن اليهودي يوسيفوس معاصر تلاميذ المسيح (36 - 100م) كانت " هذه النواميس محفورة في أرواحهم ومحفوظة في ذاكرتهم وكان لها سلطان أعظم بينهم وهذا ما نعرفه مما كان عليهم وذلك لما يكابدوه إذا كسروها "Antiquities of the Jews.4:8.
(3)وكان داود النبي والملك يحفظ هذه التوراة عن ظهر قلب بناء على وصية الله وكانت وصيته لأبنه سليمان هي " احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت " (1مل3:2).
(4) وكانت التوراة موجودة في كل مراحل تاريخ أنبياء إسرائيل، ولذا تتكرر في كتب الأنبياء عبارات مثل: " حسب ما هو مكتوب في سفر شريعة موسى " (2مل 6:14)، " حسب كل شريعة موسى " (2مل25:23)، " حسب كل ما هو مكتوب في شريعة الرب التي أمر بها إسرائيل " ( 1أى40:16)، " كما هو مكتوب في شريعة موسى بالفرح والغناء حسب أمر داود " ( 2أى18:23)، " كما هو مكتوب في الشريعة في سفر موسى حيث أمر الرب قائلا " ( 2أى4:25)، " كناموس موسى رجل الله كان " (2أى16:30)، " كما هو مكتوب في شريعة الرب " ( 2أى3:31).
(5) وعندما توقف الكهنة عن قراءة أسفار موسى الخمسة في الهيكل في أيام حكم الملوك الذين ارتدوا عن عبادة الله الحي وعبدوا الأوثان مثل منسى (696 - 642 ق م) وآمون (642 - 640 ق م)، لم يترك الله نفسه بلا شاهد فعند ترميم الهيكل أثناء حكم الملك يوشيا (640 - 609 ق م) وجد حلقيا الكاهن هذه الأسفار في الهيكل وكانت سبباً في إصلاح عظيم (2مل 22). ويجمع العلماء على أن هذه الأسفار التي وجدت في الهيكل هي هي نفس النسخة، الأصل، التي كتبها موسى النبي نفسه بيده أو على أقل تقدير نسخة منقولة عنها مباشرة، وأن كانت الغالبية العظمى ترى أنها نفس النسخة التي كتبها موسى النبي بنفسه.
(6) كما كانت توراة موسى النبي وجميع أسفار الأنبياء الآخرين الذين أتوا حتى إرميا النبي، مع المسبيين في بابل وعلى رأسهم دانيال النبي والفتية الثلاثة وحزقيال النبي، ويعبر دانيال النبي عن وجود هذه الكتب معه بقوله: " أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي لكماله سبعين سنة على خراب أورشليم " (دا2:9 مع ار11:25-12).
وكان هؤلاء المسبيون في بابل متجمعين في منطقة تل أبيب على نهر خابور (حز15:3) وكان معهم كهنتهم وشيوخهم فأقاموا المجامع كبديل للهيكل وذلك لتعليم كلمة الله والصلاة. وكانوا يحتفظون فيها بالأسفار المقدسة التي كانوا يقرءونها في أيام السبت من كل أسبوع وفي الأعياد ويحفظون منها كلمة الله. وكانت لهذه المجامع ترتيباتها الخاصة والتي تشمل قراءة " الشما " أي التلاوة وهى الاعتراف بوحدانية الله وتتكون من ( تثنية 4:6-9؛13:11-21؛عدد37:15-41) وقراءة الناموس ( أسفار موسى الخمسة ) الذي كان منقسما إلى مائة وأربعة وخمسين جزءاً تقرأ بالترتيب على ثلاث سنوات ثم قراءة جزء مناسب من أسفار الأنبياء. كما كانت تقرأ في جميع المجامع التي انتشرت بين المسبيين كما انتشرت مع انتشار اليهود في الشتات في بلاد كثيرة مثل عيلام وبارثيا وأرمينيا وميديا وأسيا الصغرى (تركيا) ومصر، ويذكر سفر أعمال الرسل وجود المجامع بغزارة سواء في فلسطين أو في بلاد العالم الأخرى؛ في دمشق (أع20:9) وسلاميس بقبرص (أع5:13) وبرجة وإنطاكية بيسيدية (أع14:13) وايقونية (أع1:14) وبيرية (أع10:17) وتسالونيكي (أع1:17) وافسس (أع19:18) باليونان وآسيا الصغرى وروما ...الخ. ويعبر القديس بطرس عن قراءة التوراة في مئات المجامع في مدن كثيرة هذه بقوله أمام الرسل والمشايخ بأورشليم " لان موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به إذ يقرأ في المجامع كل سبت " (أع21:15). وهذا يؤكد لنا وجود نسخ من الأسفار المقدسة في كل مكان في العالم كان يوجد فيه اليهود ومجامعهم.
وكانت التوراة مع المسبيين عند عودتهم من السبي " الذين بنوا مذبح الهيكل " ليصعدوا عليه محرقات كما هو مكتوب في شريعة موسى رجل الله " (عز2:3)، وكان معهم النبيان حجى وزكريا اللذان أضاف الروح القدس سفرين آخرين بواسطتهما. وكان على رأس المجموعة الثانية العائدة من السبي (458 ق م) عزرا الذي يصفه الكتاب بأنه " كاتب ماهر في شريعة موسى " (عز6:7) و" الكاهن الكاتب كاتب كلام وصايا الرب وفرائضه " (عز11:7) و" عزرا الكاهن كاتب شريعة اله السماء " (عز12؛7) والذي " هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء " (عز10:7) وكان دارسا للأسفار المقدسة ومفسرها ومترجمها (شفوياً) إلى الآرامية ورتب قراءة الناموس والأنبياء وأسس المجمع العظيم (السنهدرين) (نح8 - 10؛ المشنا 200 م). وتقول المشنا (ابوت 1:1):
" أستلم موسى الناموس من سيناء وسلمه ليشوع ويشوع سلمه للشيوخ والشيوخ سلموه للأنبياء والأنبياء سلموه لرجال المجمع العظيم ".
ثانيا شروط الكتابة والنسخ والدقة في تنفيذها
وفيما يلي القواعد الصارمة للكتابة التي وضعها علماء التلمود لتدوين التوراة والانبياء والكتب:
(1) يجب أن يدون درج المجـمع على جـلد حيـوان طـاهر.
(2) يجب أن يعده للاستخدام الخاص من قِبَل المجمع شخص يهودي.
(3) يجب أن تُضَم صفحات الدرج معاً بخيوط مأخوذة من حيوانات طاهرة.
(4) يجب أن تحتوي كل صفحة من الجلد على عدد معين من الأعمدة ثابت في المخطوطة كلها.
(5) يجب ألا يقل طول أي عمود عن 48 سطراً وألا يزيد عن 60 سطراً، ويجب أن يشتمل السطر على ثلاثين حرفاً.
(6) يجب أن تحاذي أوائل السطور في النسخة كلها، وإذا وجِدت ثلاث كلمات دون محاذاة لا يعتد بهذه النسخة.
(7) يجب أن يستخدم الحبر الأسود وليس الأحمر أو الأخضر أو أي لون آخر، ويجب أن يعد طبقاً لمواصفات محددة.
(8) يجب أن يتم النقل عن نسخة معتمدة لا يحيد عنها الناسخ بأي حال من الأحوال.
(9) يجب ألا يعتمد الناسخ على ذاكرته في تدوين أي كلمة أو حرف ولو كان أصغر الحروف، ما لم يكن الكاتب قد نقل عن المخطوطة التي أمام عينيه 000
(10) يجب أن يفصل بين كل حرفين ساكنين مسافة شعرة أو خيط.
(11) وأن يفصل بين كل فقرتين مسافة تسعة حروف ساكنة.
(12) وبين كل سفرين ثلاثة أسطر.
(13) يجب أن ينتهي السفر الخامس من أسفار موسى بسطر تام وليس هذا ضرورياً بالنسبة للأسفار الأخرى.
(14) علاوة على ذلك، يجب أن يرتدي الناسخ الثياب اليهودية كاملة.
(15) وأن يغسل بدنه كله.
(16) وألا يبدأ في كتابة اسم الله بقلم حالما أخرجه من مدواة الحبر.
(17) وإن خاطبه ملك أثناء تدوينه لهذا الاسم يجب ألا يلتفت إليه.
ويضيف دفيدسون أن: الكتب التي لا يلتزم عند تدوينها بهذه القواعد كان مصيرها الدفن في الأرض أو الحرق، أو كانت تؤخذ إلى المدارس حيث كانت تستخدم ككتب للقراءة.
ومن هنا كانت كل نسخة جديدة تنسخ تكون صورة طبق الأصل للنسخة الأقدم، المنقولة عنها، ولذا كان يتم اعتمادها ويعطونها نفس صلاحيات القديمة.
ويقول أحد علماء النقد النصي وهو ف ف بروس: " كان الـمـاسوريون على درجة عالية من العلم، وتعاملوا مع النص بأقصى درجات الاحترام والتبجيل ووضعوا نظاماً معقداً لحفظه من زلات الكتبة. فعلى سبيل الـمثال قاموا بإحصاء عدد المرات التي ورد فيها كل حرف من حروف الهجاء في كل سفر، وحددوا الحرف الأوسط في الأسفار الخمسة الأولى والحرف الأوسط في الكتاب المقدس العبري كله. كما قاموا بحسابات أخرى أكثر دقة وتفصيلاً من هذه. ويقول ويلر روبنسون إنهم أحصوا كل ما هو قابل للإحصاء. ولقد ألَّفوا عبارات قصيرة تيسر لهم تذكر الإحصاءات المختلفة "
F F Bruce, the Books and the Parchments, p117
ثالثا شهادة المسيح والعهد الجديد لكتب العهد الجديد
* المسيح
1. في متى 17:50-18 قال يسوع بأنه "لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل".
ونفس الفكرة ذكرها في يوحنا 34:10-35 "...ولا يمكن أن ينقض المكتوب". وفي لوقا 44:24" قال لهم.. أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير".
2. في حواره مع الفريسيين والصدوقيين والكتبة، كان المسيح دائماً يشير إلى ما ورد في العهد القديم على اعتبار أنه كلام الله الموحى به، ومن الأمثلة على ذلك متى 3:12-5، 7؛ و16:21؛ و32:22، 44. كذلك في مواجهته للشيطان استخدم يسوع كلمات العهد القديم ( متى 4:4،7).
3. وأخيراً وهو على الصليب، نطق المسيح بكلمات وردت في العهد القديم كما نقرأ في مرقس 34:15" إلوي إلوي لما شبقتني" مزمور 22 : 1، ولوقا 46:23 "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" (من مزمور 5:31) .
* العهد الجديد
1. في 2بطرس 20:1-21 يؤكد لنا بطرس الرسول أن نبوات العهد القديم ليست من أصل بشري، وأنه لم يتم كتابتها بناء على مشيئة بشر، بل أن أناس الله القديسون تكلَّموا وهم مسوقين أو محمولين من الروح القدس .
2. في 2تيمو 16:3 يقول بولس الرسول أن تيموثاوس يعرف الكتب المقدسة التي ذكرها في الآية رقم 15، ولذلك يطلب منه أن يستمر في استخدامها لأنها جميعاً من وحي الله.
3. في أعمال الرسل 16:1 نجد أن الكنيسة الأولى ومنذ بداية تكوينها قد فهمت وقبلت العهد القديم على أنه من وحي الله، وأن ما ورد فيه من نبوات يجب أن تتم لأنها قيلت وكتبت بوحي الروح القدس على فم داود حيث نقرأ:"...كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود..." ونفس الفكرة بأن الله تكلم واستخدم ألسنة الأنبياء موجودة في أعمال 18:3، 21؛ 25:4؛ 25:28، أي أن ما كُتِبَ في العهد القديم هو ما قاله الله.
4. في كتابات بولس الرسول نجد أنه يقول عبارة "يقول الكتاب" قاصداً بها "يقول الله" كما ورد في رومية 17:9، وغلاطية 8:3.
5. يقول بطرس الرسول أن الأنبياء أحياناً لم يفهموا ما عَلَّموه للناس لأن ما قالوه كان من خارج أنفسهم. فالمصدر في الحقيقة كان الروح القدس أو روح المسيح الذي فيهم (بطرس الأولى 10:1-12 ).
هذا بخلاف الاقتباسات الكثيرة من العهد القديم في العهد الجديد
رابعا شهادة التاريخ
(1)ايام المكابين :-
حاول الملك السوري أنتيوخس (الرابع) أبيفانس (175 -164 ق م) أن يستأصل الديانة اليهودية في فلسطين من جذورها فأصدر أمراً بتمزيق وحرق الأسفار المقدسة ويقول سفر المكابيين " وما وجدوه من أسفار الشريعة مزقوه وأحرقوه بالنار وكل من وجد عنده سفر من العهد أو أتبع الشريعة كان يقتل بأمر الملك " ( 1مك56:1-57). ومع ذلك فلم ينجح لأن الأسفار المقدسة كانت موجودة في كل المجامع اليهودية في دول كثيرة كان على رأسها مصر، كما كانت موجودة مع الغيورين من الشعب وقادته من رجال الدين وغيرهم فاجتمعوا على المصفاة على بعد 13 كيلو من أورشليم " ونشروا الشريعة " كما يقول سفر المكابيين (1مك48:3) ولما انتهت الحرب يقول السفر " جمع يهوذا (المكابى) كل ما بعثر من الأسفار في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا ".
(2) يوسيفوس
ومن أقوى الشهادات والأدلة، بعد العهد الجديد، لعقيدة وحي أسفار العهد القديم وقانونيتها هو ما كتبه الكاهن والمؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاصر كرازة تلاميذ المسيح ودمار الهيكل سنة 70 م، والذي حصل على نسخ الأسفار المقدسة، العهد القديم، الرسمية التي كانت محفوظة في الهيكل قبل دماره مباشرة، بأذن من الإمبراطور الروماني تيطس، والتي ترجع بالقطع إلى أيام زربابل وعزرا ونحميا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد. حيث يقول في كتابه ضد ابيون (8:1):
" لدينا فقط اثنان وعشرون كتابا تحتوى على سجلات كل الأزمنة الماضية، والتي نؤمن حقا إنها إلهية. خمسة منها لموسى تحتوى على نواميسه وتقاليد أصل الجنس البشرى حتى وفاته (موسى) 000 ومن موت موسى إلى حكم ارتحشتا كتب الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى ما حدث في أيامهم في ثلاثة عشر كتابا والكتب الأربعة الباقية تحتوى على ترانيم لله ومبادئ سلوكية لحياة البشر. ومن ارتحشتا إلى زماننا كتب تاريخنا (كل الأشياء سجلت) ولكن لم يقم بنفس السلطان مع أولئك الذين سبقوهم لأنه لم يكن هناك تعاقب حقيقي للأنبياء منذ ذلك الوقت. ويوجد برهان عملي على كيفية معاملتنا لهذه الكتب، فبرغم المدة الطويلة التي انقضت حتى الآن لم يجرؤ أحد أن يضيف إليها أو أن يحذف شيئاً منها أو يغير أي شئ منها. بل أنه طبيعي لكل اليهود من يوم الميلاد مباشرة يعتبرون هذه الكتب هي تعاليم الله ويثابرون فيها وإذا دعت الضرورة يموتون سعداء لأجلها ".
(3) اباء الكنيسة الاولى :-
وكما شهد الرب يسوع المسيح وتلاميذه للتوراة ولجميع أسفار العهد القديم واقتبسوا منها 250 اقتباسا مباشرا وأشاروا إليها حوالي 2500 مرة فقد كانت بين أيدي جميع قادة الكنيسة الأولى وآبائها، الآباء الرسوليين وخلفائهم وعلى سبيل المثال يقول مليتو أسقف ساردس (حوالي 170م) أنه ذهب إلى الشرق ليعرف عدد الكتب التي يستخدمها اليهود في فلسطين، كما نقل عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس ك4 ف11:26 ثم يذكرهم كالآتي:
" أسفار موسى الخمسة ... يشوع وقضاة وراعوث والملوك أربعة أسفار، أخبار الأيام سفران، مزامير داود وأمثال سليمان وأيضا الحكمة والجامعة ونشيد الإنشاد وأيوب والأنبياء وإشعيا وإرمياء، الأنبياء الاثنا عشر سفر واحد، دانيال وحزقيال وعزرا. ومن هذه جعلت المجموعات التي قسمتها إلى ستة كتب ".
(4) المجامع اليهودية :-
أخر مجمع شهير خاص بأسفار الكتاب المقدس عقده اليهود هو مجمع يامنيا أو Jamnia أو يمنه ( - Yavneיַבְנֶה - يبنه) سنة 90م بعد دمار أورشليم وصار بديلا لسنهدرين أورشليم اليهودي وقد عقد للتأكيد على قانونية أسفار العهد القديم ولشرح قانونية الكتابات وهي التقسيم الثالث لأسفار العهد القديم عند اليهود، والتي تسمى بالكتابات " الكتوبيم – כתובים - ketuvim"، والتي تتكون من أسفار أيوب والمزامير والجامعة والأمثال ونشيد الأنشاد وأخبار الأيام وعزرا ونحميا، والتي كان كتابها الذين كتبوها بالروح القدس يعملون في وظائف مدنية إلى جانب موهبة النبوة التي أعطيت لهم، تمييزا لهم عن بقية الأسفار التي كتبها الأنبياء الذين كانوا مكرسين ومتفرغين فقط لرسالتهم النبوية.
تعليق