بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على محمد عبد الله و رسوله و آله و صحبه أجمعين
الإنصاف في اللغة القسط والعدل
الإنصاف ... كلمة تعني العدل والإحسان لا الظلم والاعتداء ، وتعني اتباع الشرع لا اتباع الهوى ، وتعني العلم لا الجهل
الإنصاف يقابل الجحود، يقابل أن نكيل بمكيالين، يقابل أن يكون الحق هو كلام القوي، وأن الباطل كلام الضعيف
قال ابن القيم -رحمه الله- عن إنصاف الناس:
أن تؤدي حقوقهم، وألا تطالبهم بما ليس لك، وألا تحملهم فوق وسعهم،
وأن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، وأن تعفيهم مما تحب أن يعفوك منه، وأن تحكم لهم أو عليهم بما تحكم به لنفسك أو عليها.
يقول الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) (النحل:90)
يخبر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل وهوالإنصاف ،وهوالقسط والموازنة وعدم الجور،ويندب إلى الإحسان وينهى عنالفواحش(و هي المحرمات ) وعن المنكرات( وهي ماظهر منها من فاعلها ) وعن البغي(وهو العدوان على الناس)
وهذه الآية استئناف لبيان كون الكتاب تبيانا لكل شيء، فهي جامعة أصول التشريع ، إذالشريعة كلها أمر ونهي،والتقوى منحصرة في الامتثال و الاجتناب
عن الحسن البصري قال: "إنّا لله عزّ وجلّ جمع لكم الخير كله والشر كله في آيةواحدة. فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئاً إلا جمعه، ولاترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا جمعه
"
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة8] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء135].
و المعنى لا تحملنكم وتدفعنكم عداوة قوم -أي كان نوع العداوة وسببها- أن تتردوا فى حمأة سوء الأخلاق بأن تعتدوا عليهم، أو تقولوا فى حقهم وصفاتهم ما ليس فيهم أو تظلم
ومن خلال هاتين الآيتين يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يكون من أخلاقهم وصفاتهم القيام بالعدل ، وأن يقولوا الحق ولو على أنفسهم أو أحد من أقاربهم كما أنه يحذرهم من أن تحملهم العداوة والبغضاء لقوم على ظلمهم وجورهم، ويزجرهم عن إتباع الهوى في الشهادة ونحوها.
بل عليكم أن استعملوا العدل والإنصاف في كل أحد عدوا كان أو صديقا ويشهد
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في تفسير قوله -تعالى-: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى): "بل كما تشهدون لوليكم؛ فاشهدوا عليه، وكما تشهدون على عدوكم؛ فاشهدوا له، ولو كان كافرًا أو مبتدعًا، فإنه يجب العدل فيه، وقبول ما يأتي به من الحق؛ لأنه حق، لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق".
قال صلى الله عليه وسلم ( إنَّ المقسطين يوم القيامة على منابر من نور، عن يمين الرحمن، -وكلتا يديه يمين- الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُو
(
والإنصاف ثلث الإيمان لما روى البخاري تعليقًا عن عمار بن ياسر قال : " ثلاثٌ من جمعهن فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم ، والإنفاق من الإقتار " والحديث " رواه أصحاب السنن
قوله) الإنصاف من نفسك (يقتضي أن يؤدي إلى الله جميع حقوقه، وماأمره به،ويجتنب ما نهاه عنه، وأن يؤدي إلى الناس حقوقهم ،ولايطلب ما ليس له
والإنصاف في الشريعة الإسلامية قيمةٌ مطلقة ؛ فهي كلٌّ لا يتجزأ .. فإما إنصافٌ أو حيف ؛ فلا يمكن أن يكون المرء منصفًا جائرًا في نفسٍ واحدة.
و بالإنصاف يشعر الفرد والأسرة والمجتمع بالأمان والرضا والقناعة ؛ فبالإنصاف يوثق بالعالِم ويطمئن إلى القاضي ويؤخذ من الصحفي ويركن إلى المسئول ، إذ لا أضر عليهم في حياتهم ومعاشهم وشئونهم كلها من الظلم والجور واتباع الهوى
المجتمع الذي يتحقق فيه العدل والإنصاف هو المجتمع القادر على تحقيق التقدم والازدهار ؛ ذلك أن العدل والإنصاف متى ساد في مجتمع ستتكافأ فيه الفرص، ويأخذ كل ذي حقٍّ حقه، فتنتهي الأحقاد ويزول الحسد ويُقضَى فيه على الضغائن.
وَالسُّنَن الرَّبَّانِيَّةُ الَّتي جَعَلَهَا اللهُ في الكَون وَأَقَام عَلَيهَا حَيَاةَ الأُمَم، لا تُحَابي أَحَدًا، وَالنَّصرُ وَالتَّمكِينُ وَالعَيشُ بِسَلامٍ وَسَعَادَةٍ، لا يُمكِنُ أَن يَتَحَقَّقَ وَالظَلمُ سَائِد بيبن أَفرَادها، مَا لم يُحَقِّقِ المُسلِمُونَ العَدلَ بَينَهُم وَيُنصِفْ كُلُّ فَردٍ مِنهُم مِن نَفسِهِ أَوَّلاً ،وَيَتَحَقَّقْ ذَلِكَ في مُجتَمَعِهِم فِكرًا وَسُلُوكًا وَشِعَارًا وَوَاقِعًا، فَيُؤَدُّوا الأَمَاناتِ إِلى أَهلِهَا، وَيُوَلُّوا المَسؤُولِيَّاتِ مَن يَتَحَمَّلُهَا وَيَحفَظُهَا، وَيُحَاسِبُوا كُلَّ مُجَانِبٍ لِلصَّوَابِ وَيَرُدُّوا المُخطِئَ عَن خَطئِهِ، وَيَقُولُوا لِلمُحسِنِ أَحسَنتَ وَلِلمُسيءِ أَسَأتَ، وَيَجعَلُوا العَدلَ وَالإِنصَافَ مَحَلَّ المُكَابَرَةِ وَالخِلافِ،، فَرَحِمَ اللهُ مَن أَنصَفَ وَعَدَلَ، وَقَالَ بِالحَقِّ وَلم يُجَامِلْ
.
قال الإمام مالك - رحمه الله - : "ما في زماننا شيءٌ أقل من الإنصاف " .. قال القرطبي - رحمه الله - معلقا على كلام مالك : " هذا في زمن مالك .. فكيف في زماننا اليوم الذي عم فيه الفساد وكثر فيه الطغام ؟! " ؛ أي أوغاد الناس
..
ألا إن من لم ينصف لم يفهم ولن يتفهم ، ومن أجل أن ندرك صحة كلام مالك والقرطبي فلننظر إلى زماننا حينما يضع أقوامٌ أوصافًا للحق لا تنطبق إلا على ما يفعلونه أو يقولونه ليكون ما يفعله غيرهم.. مع أن الحق أوسع منهم والصواب يتعداهم إلى غيرهم لكنهم يرون أنهم ناطقون حصرياً باسمه ، وقد يقارفون غداً ما كانوا يرونه خطأً عند الآخرين وهم مع ذلك يرون الكلمة الأخيرة لهم .
و ليس من الإنصاف أن تكيل بمكيالين، أن تنحاز إلى جهة انحيازًا نسبيا، أو مصلحيا فأنت لست منصفا، قد لا تقبل عذر المعتذر، و العذر قوي، هذا ليس من الإنصاف في شيء، قد تبرز المساوئ و تغفل الحسنات، هذا ليس من الإنصاف في شيء، قد تؤوِّل الكلام على غير ما قصده قائله، هذا ليس من الإنصاف في شيء، أن تسلط الأضواء على شيء، وأن تعتّم على شيء آخر، هذا ليس من الإنصاف في شيء
كيف أستطيع تطبيق هذا الخلق ؟
اختر آية أو حديثاً أو قولاً مأثوراً متعلقاً بخلق العدل والإنصاف، ويكون أثر فيك، واعمل به من اليوم.
ادع غيرك للعمل بخلق العدل والإنصاف، لتضمن انتشار هذا الخلق بين الناس، وليعم الخير على الجميع. وعندما تشجع غيرك يزداد بداخلك الدافع على التطبيق.
ادعُ الله بصدق وإخلاص أن يجعلك عادلاً، ويعينك على الإنصاف مع الناس ومع أهلك ومع نفسك،فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت".
ختاما
الإنصاف والعَدلُ خلق رفيع ومَعنى عَظِيم وَأدب جَمِيل،وَهُوَ مَطلَب كَرِيموَ مُبتَغى عَزِيز،ينبغي أن نتحلى به
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على محمد عبد الله و رسوله و آله و صحبه أجمعين
الإنصاف في اللغة القسط والعدل
الإنصاف ... كلمة تعني العدل والإحسان لا الظلم والاعتداء ، وتعني اتباع الشرع لا اتباع الهوى ، وتعني العلم لا الجهل
الإنصاف يقابل الجحود، يقابل أن نكيل بمكيالين، يقابل أن يكون الحق هو كلام القوي، وأن الباطل كلام الضعيف
قال ابن القيم -رحمه الله- عن إنصاف الناس:
أن تؤدي حقوقهم، وألا تطالبهم بما ليس لك، وألا تحملهم فوق وسعهم،
وأن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، وأن تعفيهم مما تحب أن يعفوك منه، وأن تحكم لهم أو عليهم بما تحكم به لنفسك أو عليها.
يقول الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) (النحل:90)
يخبر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل وهوالإنصاف ،وهوالقسط والموازنة وعدم الجور،ويندب إلى الإحسان وينهى عنالفواحش(و هي المحرمات ) وعن المنكرات( وهي ماظهر منها من فاعلها ) وعن البغي(وهو العدوان على الناس)
وهذه الآية استئناف لبيان كون الكتاب تبيانا لكل شيء، فهي جامعة أصول التشريع ، إذالشريعة كلها أمر ونهي،والتقوى منحصرة في الامتثال و الاجتناب
عن الحسن البصري قال: "إنّا لله عزّ وجلّ جمع لكم الخير كله والشر كله في آيةواحدة. فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئاً إلا جمعه، ولاترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا جمعه
"
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة8] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء135].
و المعنى لا تحملنكم وتدفعنكم عداوة قوم -أي كان نوع العداوة وسببها- أن تتردوا فى حمأة سوء الأخلاق بأن تعتدوا عليهم، أو تقولوا فى حقهم وصفاتهم ما ليس فيهم أو تظلم
ومن خلال هاتين الآيتين يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يكون من أخلاقهم وصفاتهم القيام بالعدل ، وأن يقولوا الحق ولو على أنفسهم أو أحد من أقاربهم كما أنه يحذرهم من أن تحملهم العداوة والبغضاء لقوم على ظلمهم وجورهم، ويزجرهم عن إتباع الهوى في الشهادة ونحوها.
بل عليكم أن استعملوا العدل والإنصاف في كل أحد عدوا كان أو صديقا ويشهد
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في تفسير قوله -تعالى-: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى): "بل كما تشهدون لوليكم؛ فاشهدوا عليه، وكما تشهدون على عدوكم؛ فاشهدوا له، ولو كان كافرًا أو مبتدعًا، فإنه يجب العدل فيه، وقبول ما يأتي به من الحق؛ لأنه حق، لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق".
قال صلى الله عليه وسلم ( إنَّ المقسطين يوم القيامة على منابر من نور، عن يمين الرحمن، -وكلتا يديه يمين- الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُو
(
والإنصاف ثلث الإيمان لما روى البخاري تعليقًا عن عمار بن ياسر قال : " ثلاثٌ من جمعهن فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم ، والإنفاق من الإقتار " والحديث " رواه أصحاب السنن
قوله) الإنصاف من نفسك (يقتضي أن يؤدي إلى الله جميع حقوقه، وماأمره به،ويجتنب ما نهاه عنه، وأن يؤدي إلى الناس حقوقهم ،ولايطلب ما ليس له
والإنصاف في الشريعة الإسلامية قيمةٌ مطلقة ؛ فهي كلٌّ لا يتجزأ .. فإما إنصافٌ أو حيف ؛ فلا يمكن أن يكون المرء منصفًا جائرًا في نفسٍ واحدة.
و بالإنصاف يشعر الفرد والأسرة والمجتمع بالأمان والرضا والقناعة ؛ فبالإنصاف يوثق بالعالِم ويطمئن إلى القاضي ويؤخذ من الصحفي ويركن إلى المسئول ، إذ لا أضر عليهم في حياتهم ومعاشهم وشئونهم كلها من الظلم والجور واتباع الهوى
المجتمع الذي يتحقق فيه العدل والإنصاف هو المجتمع القادر على تحقيق التقدم والازدهار ؛ ذلك أن العدل والإنصاف متى ساد في مجتمع ستتكافأ فيه الفرص، ويأخذ كل ذي حقٍّ حقه، فتنتهي الأحقاد ويزول الحسد ويُقضَى فيه على الضغائن.
وَالسُّنَن الرَّبَّانِيَّةُ الَّتي جَعَلَهَا اللهُ في الكَون وَأَقَام عَلَيهَا حَيَاةَ الأُمَم، لا تُحَابي أَحَدًا، وَالنَّصرُ وَالتَّمكِينُ وَالعَيشُ بِسَلامٍ وَسَعَادَةٍ، لا يُمكِنُ أَن يَتَحَقَّقَ وَالظَلمُ سَائِد بيبن أَفرَادها، مَا لم يُحَقِّقِ المُسلِمُونَ العَدلَ بَينَهُم وَيُنصِفْ كُلُّ فَردٍ مِنهُم مِن نَفسِهِ أَوَّلاً ،وَيَتَحَقَّقْ ذَلِكَ في مُجتَمَعِهِم فِكرًا وَسُلُوكًا وَشِعَارًا وَوَاقِعًا، فَيُؤَدُّوا الأَمَاناتِ إِلى أَهلِهَا، وَيُوَلُّوا المَسؤُولِيَّاتِ مَن يَتَحَمَّلُهَا وَيَحفَظُهَا، وَيُحَاسِبُوا كُلَّ مُجَانِبٍ لِلصَّوَابِ وَيَرُدُّوا المُخطِئَ عَن خَطئِهِ، وَيَقُولُوا لِلمُحسِنِ أَحسَنتَ وَلِلمُسيءِ أَسَأتَ، وَيَجعَلُوا العَدلَ وَالإِنصَافَ مَحَلَّ المُكَابَرَةِ وَالخِلافِ،، فَرَحِمَ اللهُ مَن أَنصَفَ وَعَدَلَ، وَقَالَ بِالحَقِّ وَلم يُجَامِلْ
.
قال الإمام مالك - رحمه الله - : "ما في زماننا شيءٌ أقل من الإنصاف " .. قال القرطبي - رحمه الله - معلقا على كلام مالك : " هذا في زمن مالك .. فكيف في زماننا اليوم الذي عم فيه الفساد وكثر فيه الطغام ؟! " ؛ أي أوغاد الناس
..
ألا إن من لم ينصف لم يفهم ولن يتفهم ، ومن أجل أن ندرك صحة كلام مالك والقرطبي فلننظر إلى زماننا حينما يضع أقوامٌ أوصافًا للحق لا تنطبق إلا على ما يفعلونه أو يقولونه ليكون ما يفعله غيرهم.. مع أن الحق أوسع منهم والصواب يتعداهم إلى غيرهم لكنهم يرون أنهم ناطقون حصرياً باسمه ، وقد يقارفون غداً ما كانوا يرونه خطأً عند الآخرين وهم مع ذلك يرون الكلمة الأخيرة لهم .
و ليس من الإنصاف أن تكيل بمكيالين، أن تنحاز إلى جهة انحيازًا نسبيا، أو مصلحيا فأنت لست منصفا، قد لا تقبل عذر المعتذر، و العذر قوي، هذا ليس من الإنصاف في شيء، قد تبرز المساوئ و تغفل الحسنات، هذا ليس من الإنصاف في شيء، قد تؤوِّل الكلام على غير ما قصده قائله، هذا ليس من الإنصاف في شيء، أن تسلط الأضواء على شيء، وأن تعتّم على شيء آخر، هذا ليس من الإنصاف في شيء
كيف أستطيع تطبيق هذا الخلق ؟
اختر آية أو حديثاً أو قولاً مأثوراً متعلقاً بخلق العدل والإنصاف، ويكون أثر فيك، واعمل به من اليوم.
ادع غيرك للعمل بخلق العدل والإنصاف، لتضمن انتشار هذا الخلق بين الناس، وليعم الخير على الجميع. وعندما تشجع غيرك يزداد بداخلك الدافع على التطبيق.
ادعُ الله بصدق وإخلاص أن يجعلك عادلاً، ويعينك على الإنصاف مع الناس ومع أهلك ومع نفسك،فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت".
ختاما
الإنصاف والعَدلُ خلق رفيع ومَعنى عَظِيم وَأدب جَمِيل،وَهُوَ مَطلَب كَرِيموَ مُبتَغى عَزِيز،ينبغي أن نتحلى به
تعليق