الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فإنّ التشابه الذي يقع في أسماء بعض العلماء قد يؤدي إلى الخلط بين عالم وآخر ، ممّا ينبني عليه مفاسد ، كنسبة قول عالم لعالم آخر ، أو نسبة كتاب لغير مؤلفه ، أو يكون أحدهما ثقة والآخر ضعيف ، فيُضعّف ما هو صحيح ، أو يُصحّح ما هو ضعيف ، أو الحكم بالبدعة على من هو بريء منها لمشابهة اسمه لمبتدع.
لذلك كان من الأهمية بمكان أن تحرّر الأسماء المتشابهة للعلماء ، ويتمّ ضبطها والتمييز بين أصحابها ، لتجنب الوقوع في الغلط.
وقد عني علماؤنا الأوائل بهذا الشأن ، وعملوا على التمييز بين أصحاب الأسماء المتشابهة ، بل وجعلوا ذلك فنّاً من فنون علم الحديث ، وأطلقوا عليه اسم : معرفة المؤتَلِف والمختَلِف ، و معرفة المتَفِق والمفتَرِق.
أمّا المؤتَلِف والمختَلِف ، فهو أن تتفق الأسماء أو الأنساب أو الألقاب أو الكُنى خطّاً وتختلف نطقاً . مثل : حيَّان وحبَّان ، وكبَشِير وبُشَير.
ومن أشهر الكتب التي أُلّفت في هذا الفن :
- الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ ، للإمام أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني ، (ت 385).
- الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتَلِف والمختَلِف في الأسماء والكنى والأنساب ، لأبي نصر علي بن هبة الله بن جعفر ، المعروف بابن ماكولا، (ت 485).
- الأنساب المتفقة في الخط ، لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي ، المعروف بابن القيسراني ، (ت507).
وأمّا المتَفِق والمفتَرِق ، فهو أن يشترك اثنان أو أكثر في الاسم واسم الأب والجدّ مثلاً أو النّسب ، ويفترقا في نفس الأمر.
ومن أشهر ما أُلِّف فيه :
- الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ ، لأبي بكر ، أحمد بن علي بن ثابت ، الخطيب البغدادي ، (ت 463).
وقد استغل بعض أهل البدع التشابه الواقع في أسماء بعض العلماء لتضليل عوام أهل السّنة.
قال العلامة الألوسي (مختصر التحفة الإثني عشرية ص32) : ومن مكايدهم – أي الرافضة - أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند السُّنّة ، فمن وجدوه موافقاً لأحد منهم في الاسم واللقب ، أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه ، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم ، فيعتبر بقوله ويعتدّ بروايته. اهـ
وقد أحببتُ أن أجمع من الأسماء والكنى والألقاب والأنساب المتشابهة لبعض مشاهير العلماء الذين يكثر تداول أسمائهم بين عموم طلبة العلم ، دون أن أقتصر على فئة معينة من العلماء ، بل أذكر من المحدِّثين والفقهاء والمفسِّرين واللغويين وغير ذلك ، وأذكر ما يتمّ به الإيضاح والتمييز.
وطريقة ذلك أني أرتب أسماء هؤلاء العلماء ترتيباً أبجدياً ، جاعلاً الكنى أو الألقاب أو الأنساب ضمن هذا الترتيب .
ثمّ أُفصِّل ، فأذكر أشهر من عرفوا بهذا الاسم أو الكنية أو اللقب أو النسبة ، دون مراعاة ترتيب معيّن ، كما وأذكر سنة الولادة والوفاة ، وبعض المؤلّفات المشهورة لهم ، وما وقع من خطأ في عدم التمييز بين أصحاب هذه الأسماء المتشابهة ، بالإضافة إلى بعض الفوائد المنوّعة. كما وأعزو للمصادر التي أُخذت منها معلومات المُترجم له.
تنبيه : التاريخ المذكور لسنين الولادة والوفاة هو بالهجري.
وهذه المادّة كنت قد جمعتها من مدّة .. ، لكني لم أتمّها ، وصرفتُ النظر عن ذلك . ثمّ بدا لي أن أنشر شيئاً منها تباعاً في هذا الموقع الكريم ، عسى أن يكون في ذلك النفع والفائدة .
تعليق