موقف الشيطان من الانسان
منقول
منقول
قد يتساءل البعض ما هى الحكمة من وراء وجود الشيطان فى ان يكون هو مصدر للشر فى هذا العالم وللعلماء فى ذلك بيان :-
من المتفق عليه انه يوجد مصدران للشر فى هذا الكون المصدر الأول هو ( هوى النفس ) والثانى هو ( وسواس الشيطان )
الله خلق الانسان بنازعين نازع خير ونازع شر قال تعالى( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) ( الشمس)
فكل إنسان مغروز في قلبه مكان للخير ، وهو نازع الخير وباعث التقوى يدعوه وَيُحِثُّهُ ويحضه على فعل الخيرات والابتعاد عن المهلكات ، ومغروز في قلبه أيضا مكان للهوى ، وهو نازع الشر وباعث الفجور يدعوه وَيُحِثُّهُ ويحضه على فعل الشهوات بأنواع المهلكات
( ولهذا قالت الملائكة ) {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} قالت ذلك قياسا وليس كما قال البعض قالو ذلك لما رأو فعل الجن من قبل ذلك .
نعم ان الجن اسبق فى الوجود قبل الانسان لكن الانسان خلقه الله بنازعين خير وشر وهوى نفس ولقد بين القرآن ذلك فقال تعالى {فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} ابتلاءنا فى هوانا فانت تشتهى ما تشاء والله لن يحقق لك الا ما شاء
المصدر الثانى للشر هو وسواس الشيطان الذى امتنع من السجود لآدم لحقده على الانسان لأنه وصل للمكانة التى بها يصبح خليفة عن الله وشاهد مظاهر تغير الكون وتهيئته لإستخلاف الله لهذا الانسان فلما تيقن خلوده فى النار طلب من الله شيئا ان لم يحدث لم تتحقق الحكمة وقال ان هذا الانسان سيفسد فى الارض ويسفك الدماء اتركنى اوسوس له وسأثبت لك ذلك .
كان من الممكن ان يقول الله عز وجل ( لا )
لكن حكمة الله اقتضت ان يتركه ليتحقق الكمال من خلال الابتلاء للإنسان ويتحقق عدل الله مع ابليس بالرغم من عدم سجوده فأمهله.
لأنه لو منع إبليس من هذه المسألة ، لصحت دعوته بأن الإنسان لا يستحق هذه المنزلة ، وأصبح للشيطان حجة على العقول المبصرة ، فاقتضت حكمة الله أن يبتلي الشيطان بهذه المسألة ، وأن يرفع من شأن الإنسان لو تخطي هذه المشكلة ، ليعطيه مزيدا من التكريم على تكريمه السابق حيث استخلفه في الأرض وخوله فيها .
فإذا سمح الله للشيطان أيضا أن يوسوس للإنسان ، فإن الشيطان سيقوي نازع الهوى والشر في الإنسان ، وكلاهما سيتفقان في دعوته إلي الكفر والعصيان ، وعند ذلك ستكون دواعي الشر في الإنسان أقوي من نازع الخير فيه ؟
أليس للعاصي عند ذلك أن يحتج على الله يوم القيامة بأنه لا يستحق العذاب ، لأن نازع الخير فيه كان وحيدا ، وكانت دواعي الشر في الإنسان لها ركنان ، أحدهما نازع الشر والآخر الشيطان ، فهي بذلك أقوي في الإنسان من باعث التقوى والإيمان وداعي الخير في الإنسان ، من أجل ذلك يطالب ربه بإسقاط العذاب عن الكفر العصيان ؟
لكن الله عز وجل الذى هو احكم الحاكمين كلف الحق سبحانه وتعالى بكل انسان ملك من الملائكة يقترن به يهتف له بالخير والايمان فى مقابل هتاف الشيطان ففى الحديث روي الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود t أن رَسُول الله صلي الله عليه وسلم قال: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَقَدْ وُكِّل بهِ قَرِينُهُ مِنَالجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ ، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُول الله ، قَال: وَإِيَّايَ وَلكِنَّ الله أَعَانَنِي عَليْهِ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِحَقٍّ) ، وروي الترمذي أيضا وحسنه من حديث عبد الله رضي الله عنه أن رَسُول الله صلي الله عليه وسلم قال: (إِنَّ للشَّيْطَانِ لمَّةً بِابْنِ آدَمَ ، وَللمَلكِ لمَّةً ، فَأَمَّا لمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالحَقِّ ، وَأَمَّا لمَّةُ المَلكِ فَإِيعَادٌ بِالخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالحَقِّ ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلكَ فَليَعْلمْ أَنَّهُ مِنَ الله فَليَحْمَدِ الله ، وَمَنْ وَجَدَ الأخرى فَليَتَعَوَّذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، ثُمَّ قَرَأَ: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللهُ وَاسِعٌ عَليمٌ) .
حتى لا يأتى احد يوم القيامة ويقول ان جانب الشر عندى كان اكثر لهذا وضع الله العوامل التى تمنع الانسان من ذلك فقد قال تعالى {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} متلخصة فى ستة اشياء حباها الانسان حتى يستطيع التغلب بها على وسواس الشيطان وكيده
الاولى :- ان الله وكل بكل انسان ملك قرين يهتف له بالخير مقابل هتاف الشيطان بالعصيان
فقد قال تعالى فى سورة ق عن موقف الانسان الذى كان عاصيا لربه فى الدنيا يوم القيامة ( وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ{23} ) القرين هنا هو الملك يقول ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ{24} مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ{25}) )
مناع هنا تعنى كثير التمنع عن الطاعة والايمان ادعوه فيتمنع دور الملك الدعوة فقط بالخير والايمان بأمر الله عز وجل يدعو الانسان فيتمنع فسماه مناع للخير ( الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ (26)
الشيطان وهوى النفس لآن الآلهة الباطلة مردها إما هوى النفس و الشهوات أو الطاغوت ( الشيطان )
( {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ }ق27 )
الشيطان يقول انا ليس لى دخل فى اضلاله ليثبت وجهة نظره السابقة فى الانسان هذا الذى كرمته وهذه هى النهاية !!!
فيقول الله ( {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ }ق28 28) الشياطين والانس
فالشيطان يريد ان يجعل المسئولية على الانسان.
الثانى :- ان الله عز وجل سيحاسب المؤمنين بفضله والكافرين بعدله:-
المؤمن طالما تسلط عليه الشيطان من فضل الله انه سيحاسبه الحسنة بعشر امثالها والسيئة بواحدة .
والعدل يقول ان الحسنة بواحدة لكن من كرم الله أنه عامل المؤمن بكرمه وإحسانه فإذا وسوس الشيطان 10مرات حسنة واحدة تمحو كل ما فعل .
وتأمل معى ثواب وأجر قرآءة حرف واحد من القرآن بعشر حسنات ولا اله الا الله عند الموت تدخل الجنة .
الشيطان مهما صنع مع الانسان ممكن فى لحظة يعود الى ربه
الثالث:- تكفل الله عز وجل من فوق عرشه عند استعاذتك من الشيطان ان يسكته ويسكت وسواسه قال تعالى {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }فصلت36
المفترض من ناحية العدل ان تقف انت أمام وسوسته لكن من رحمة الله عز وجل وفضله أنه يوقف لك هذا .
الرابع :- ان الله تبارك وتعالى فتح باب التوبة الى يوم القيامة ما لم تغرغر الروح حتى تطلع الشمس من مغربها .
فلو ان انسانا اتبع الشيطان لزمن وبعد ذلك رجع الى ربه وأناب واستغفر الله بصدق ويقين فى التوبة قبل الله توبته وخاصة اذا قام فى الثلث الاخير من الليل وهو الوقت الذى ينادى فيه رب العزة ( هل من تائب فأتوب عليه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له )
كل هذا الكرم الالهى بسبب تسليط الشيطان على الانسان
الخامسة :- ان الله سيبدل للتائب عدد ما فات من السيئات حسنات يوم القيامة :-
فلو كان هناك شخص حياته كله عصيان لله وقبل موته تاب الى الله وقال لا اله الا الله فالأعمال التى اخذ عليها سيئات ستبدل الى حسنات وذلك لرد كيد الشيطان بالانسان
السادسة: _ أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده ورجوعه اليه من أحدكم اذا وجد ضالته فى أرض فلاة .
ففى الحديث عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه .
ان الله يفرح عز وجل بتوبة عبده ورجوعه اليه.
السابعة :- أن الله لن يعذب احدا إلا بعد الإنذار اليه قال تعالى ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الاسراء(15).
هل علمت الأن ما الحكمة من وجود الشيطان ان الله عز وجل ارحم الراحمين و أحكم الحاكمين بل كل ما فى الكون انما وضع فى مكانه الصحيح الذى يتحقق منه حكمة الله عز وجل فى خلقه سواء علم الانسان هذه الحكمة ام لا يعلمها وانما دور الانسان تجاه ذلك هو التسليم لأمر الله عز وجل والانقياد لأمره فهو الذى أرحم بعباده من الأم بولدها ولعل ما قرأته يكون دافعا ومعينا لك على طاعة الله وسببا فى زيادة يقينك بسعة رحمة الله عز وجل مهما اوقعك الشيطان فى الذنوب فباب التوبة لله لم يغلق ولن يغلق ما دام فى عمرك بقية .
أسال الله التوفيق والسداد و الدوام على طاعة الله الى الممات.
تعليق