هل خرادل الإيمان تنقل الجبال ؟
هذه أقوال فى الأناجيل منسوبة إلى يسوع ، نعرضها من وجهـة النظـر الإنجيليـة ( يسوع الأناجيل ) ، أماعقيدتنا الإسلامية بشأن نبى الله عيسى فهى واضحة معروفة .
يقول يسوع : " فالحقَّ أقول لكم ، لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل. ولا يكون شىء غير ممكن لديكم " متى 17/19-20 .
ويقول : " لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعى وانغمسى فى البحر فتطيعكم " لوقا 17/6 .
ويقول : " لأنى الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح فى البحر ولا يشك فى قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون ، فـمهما قال يكـون له " مرقس 11/23 .
ويقول : " كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم " مرقس 11/24 .
هل حقا خرادل الإيمان تنقل الجبال ، وتغرس الجميز فى البحار ؟ أجبنى يا يسوع !
إن العلم لم يفسر لنا كيف تمّتْ القفزة من القرد إلى الإنسان ، ولكن إنجيلَ يسوع فسر لنا كيف يمكن أن نزرع البحار بالأشجار ، وكيف نردم البحار بالجبال ، وكيف نزيح الجبال عن أماكنها !!!
لماذا تنطق الحقيقة بغير ذلك ؟ لماذا تقول لهم ما ينكره الواقع المحسوس ، ويكذبه النظر والعقل ؟ بل تؤكد ذلك قائلا : " فالحق أقول لكم ..." ، ويصبح الأمر عاما فى كل الأحوال " ... ولا يكون شىء غير ممكن لديكم " ، " ... فـمهما قال يكـون له " .
كيف لا يعرف يسوع وهو الذى " كل شىء به كان ، وبغيره لم يكن شىء مما كان "يو :1/3 كما يزعمون ؟ ألا يعلم ما خلق ... ؟ هل يخفى هذا الأمر على أحد ؟ .
ربما تكلم يسوع بناسوته دون لاهوته ، فجانبهُ الصواب ، ونلتمس له العذر ، ونُقِيلُه من عثرته ، وإن كان اللاهوت لم يفارق الناسوت طرفة عين ، حتى على الصليب ، وفى أطباق الجحيم ، كما يقول الذين يربطون على الأرض ، فيكون مربوطا فى السموات .
ما كان لك أن تهزلَ فى موضع الجِدّ يا يسوع .
الحق أقول لك : لقد جانبك الصواب فى كل ما قلتَ يا إلهَ النصارى ، إن الجهلَ هنا خطية ، وإن لم يُبكّتـْكَ أحد على خطيـة .
لِمَـاذا لَمْ ينقـلوا الجبـال ؟
يقول بعضهم أشهد أنهم حاولوا، ولكن ربما اكتشفوا الحقيقة القرآنية " والجبال أوتـادا " النبأ : 7، " وجعلنا فيها رواسى شامخات " المرسلات : 27، " والجبال أرساها "النازعات : 32 ، " وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم " النحل : 15 ، لقمان : 10 ، " وجعلنا فى الأرض رواسى أن تميد بهم " الأنبياء : 31 ، " أمّن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسى " النمل : 61 . فالجبال تضرب فى أعماق الأرض ضِعْف ارتفاعها الظاهر فوقها .
فأنَّى لهم أن ينقلوا أيّا من هذه الراسيات، الضاربة فى أغوار الأرض، تحفظها لئلا تمور مورا ؟
الحمد لله على عدم إمكانهم نقلها ، وإلا لَزُلْزِلَتْ الأرضُ زلزالَها ، واختلّ محورُ دورانها ، وفقدتْ توازنها ، ومادتْ وتراقصت بسكانها ، وطغت بحارُها على يابسها ، وهلك البشـر .
ألا تعلم ذلك يا يسوع ، وبك خُلِقتْ السمواتُ والأرض ؟ ولكنك أنت القائل " فماذا أريد لو اضطرمتْ" لو 12/ 49 .
ثم ها أنت تنفى عن تلاميذك مثلَ حبة الخردل من الإيمان
يا للكارثة . هل هذه ثمرة تربيتك وتعليمك لهم ، وتجوالك معهم السنين والأيام الطويلة ، فى القرى والنجوع ، على تلال الجليل وبرية اليهودية، رجالا ونساءً ؟ فيم إذن كانت رسالتك ؟ لقد خرجْتَ منها صفرَ اليدين ، خالىَ الوِفاض، " ومن ثمارهم تعرفونهم " !!
يقول العلامة أوريجانوس فى دفاعه عن المسيحية : " لقد كتب فعلا فى رسالة برنابا العامة - التى ربما يكون كلسوس قد اقتبس منها - أن الرسل كانوا رديئى السمعة ومن أشر الناس " وأن يسوع " اختار الذين كانوا خطاة أكثر من كل الباقين " (العلامة أوريجانوس والرد على كلسوس صـ 128) .
يقولون طالما تذمرتَ من غبائهم ، ونعيتَ عليهم عدم الفهم ، وغلظة قلوبهم، كانوا محدودى الذكاء ، ذوى عقليـة متدنّيـة :
" أفأنتم أيضا هكذا غير فاهمين " مر 7/16 .
" ألا تشعرون بعد ولا تفهمون ؟ أحتى الآن قلوبكم غليظة ؟ ألكم أعين ولا تبصرون ، ولكم آذان ولا تسمعون ، ولا تذكرون ؟ " مر 8/18 .
" أيها الجيل غير المؤمن إلى متى أكون معكم ، إلى متى أحتملكم " مر 9/19 .
" أما تعلمون هذا المثل ؟ فكيف تعرفون جميع الأمثال ؟ " مر 4/13 .
" كلكم تشكون فىّ فى هذه الليلة " متى 26/31 ، مر 14/27 .
ولكنك أنت اخترتَهم .
لقد نسى ناسوتُ يسوع أيضا ، فلا بأس أن نذكّره ، أما لاهوته فهو يقظ دائما ، لا ينسى أبدا .
لا تنس أنك قلت عن بطرس : " وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى ، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ، وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات ، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا فى السموات ، وكل ما تحله على الأرض ، يكون محلولا فى السموات " متى : 16/18 -19 ، جعلتَه قديسا من الدرجة الأولى .
ووّكلته برعاية خرافك : " ارع خرافى ... ارع غنمى ... ارع غنمى " يو 21/ 15 – 17 .
" قد أعطى لكم أن تعرفوا سر ملكوت الله . أما الذين من خارج فبالأمثال يكون لهم كل شىء لكى يبصروا مبصرين ولا ينظروا ، ويسمعوا سامعين ولا يفهموا ، لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم " مر 4/11- 12.
" من غفرتم خطاياه غفرت له ، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت " .
لمـاذا المبالغـة ؟
هل يبـالغ الإله ، أو يستخـفّ بعقليـة البشـر ؟
إن الإلهَ يا يسوع يقول الحقيقةَ المجردة ، ما حاجتُه تعالى إلى المبالغة ؟
أليس الوحىُ معصوما من النفاق ، والمبالغات ، وعدم المعقولية ؟
تكون المبالغة عن رد فعل ، أى عن انفعال غير منضبط للإله المتأنس ، يقوده إلى التهور فى الإجابة ، فيخـالف ما هو معلـوم بالبديـهة .
أو عن قصـور فى العلم ، وعدم إحاطة بحقيقـة الأمور ، أو سوء إدراك لواقـع الأشياء ، وعدم إعمـال العقـل والفكر المستنـير .
أو إفراط فى الخيـال ، وسيطـرة الوهـم ، وغلبـة الظن ، وتسلط الهـوى ، والتعلق باللامعقول ، وعدم التخلص من اللاوعى الفردى والجماعى .
أو عن سوء فهم من التلاميذ ، فقد كانوا صيـادى أسماك وعاميين ( أميين ) ، قليلى الإيمان ، محدودى الذكاء ، متعاظمين فى الغباء ، يحيَوْن فى طفولة عقلية ، يخافون بلا مبرر ، ولا يفهمـون حتى بالأمثـال .
أم هو هوس المبـالغات فيمـا دونه كتبـة الأناجيل ؟ .
وكانت جميعهـا – حسب الأناجيل - موفـورة بغـير حسـاب .
إنها تكشف الصورةَ الغريبةَ للمسيحية : الفراغ فى العقيدة ، واعتقاد اللامفهوم ، والإيمان باللامعقول ، وشطحات الخيال الجامح ....
كلما قرأت شيئا من أناجيلهم ، ازداد إيمانى بعظمة القرآن ، وقدسيته .
تعليق