الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً , ولم يكن له شريك في الملك , ولم يكن له ولي من الذل , وما كان معه من إله , الذي لا إله إلا هو ولا خالق غيره ولا رب سواه , المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضى أن لا نعبد ألا إياه , وذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك الحق العلي الكبير , تعالي في ألوهيته وربوبيته عن الشريك والوزير , وتقدس في أحديته وصمديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير , تنزه في صفات كماله ونعوت جلاله عن الكفؤ والنظير , وعز في سلطان قهره وكمال قدرته عن المنازع والمغالب والمشير , وجل في بقائه وديمومته وغناه وقيوميته عن المطعم والمجير , وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير , المرسل إلى الناس كافة بالملة الحنيفية والهدى المنير , بعثه الله عز وجل رحمة للعالمين , وأنزل عليه كتابه المهيمن والنور المبين والهدى المستبين , والمنهج المستنير .
نتصفح المواقع النصرانية , ونقلبها ونغربلها , ونرى من الأكاذيب والإفتراءات ما الله به عليم , ولكن قد تجد مقالة أو موضوعاً ما في موقع من مواقع النصارى , يستفزك ويشدك إلى الرد عليه وإفحام كاتبه بل وأن تهشمه تهشيماً , لما فيه - أى المقالة أو الموضوع - من بهتان عظيم وإفك مبين وكذب مفترى على سيد الورى , خاتم الأنبياء والمرسلين , وإمام الهدى والنور المبين , كما قال عنه الله جل جلاله في كتابه الكريم : قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [المائدة : 15] ومن الواضح جداً في هذه الآية دون اللجوء إلى التفاسير أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النور الذي جاء من الله , والكتاب المبين هو القرآن الكريم , وفي الآية الأخرى البينة : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52] فقال الله عن النبي أنه يهدي إلى صراط مستقيم بما أتاه الله من علم وحكمة وكتاب ولكن النصارى يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة : 32] , فقاموا بعمل جدول هزيل , مقسم إلى عمودين , العمود الأول خاص بالمسيح عليه السلام , معبود النصارى , والعمود الثاني لمحمد صلى الله عليه وسلم نبي الإسلام , وحاولوا جاهدين أن يجعلوا كفة المسيح في الميزان هي الثقيلة وكفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي الخفيفة , يريدون بذلك أي يترك المسلم تبعيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع النصارى في ضلالهم , وسوف ابدأ بسم الله مستعيناً راضي به مدبراً معيناً , في نقض هذه المقارنة المغفلة الباطلة .
رجاء لأي صديق غير مسلم : تحمل الصواعق المرسلة واصبر حتى تنتهي من المقالة كلها .
ملحوظة مهمة جدا : الكذب أيسر من الصدق فلا تعجبوا من طول المقالة .
ملحوظة أهم : هذه المقالة مكتوبة للمسلم قبل المسيحي لأن الأولى عندنا هو الحفاظ على المسلم بدل من دعوة غيره إلى الإسلام .
نتصفح المواقع النصرانية , ونقلبها ونغربلها , ونرى من الأكاذيب والإفتراءات ما الله به عليم , ولكن قد تجد مقالة أو موضوعاً ما في موقع من مواقع النصارى , يستفزك ويشدك إلى الرد عليه وإفحام كاتبه بل وأن تهشمه تهشيماً , لما فيه - أى المقالة أو الموضوع - من بهتان عظيم وإفك مبين وكذب مفترى على سيد الورى , خاتم الأنبياء والمرسلين , وإمام الهدى والنور المبين , كما قال عنه الله جل جلاله في كتابه الكريم : قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [المائدة : 15] ومن الواضح جداً في هذه الآية دون اللجوء إلى التفاسير أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النور الذي جاء من الله , والكتاب المبين هو القرآن الكريم , وفي الآية الأخرى البينة : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52] فقال الله عن النبي أنه يهدي إلى صراط مستقيم بما أتاه الله من علم وحكمة وكتاب ولكن النصارى يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة : 32] , فقاموا بعمل جدول هزيل , مقسم إلى عمودين , العمود الأول خاص بالمسيح عليه السلام , معبود النصارى , والعمود الثاني لمحمد صلى الله عليه وسلم نبي الإسلام , وحاولوا جاهدين أن يجعلوا كفة المسيح في الميزان هي الثقيلة وكفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي الخفيفة , يريدون بذلك أي يترك المسلم تبعيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع النصارى في ضلالهم , وسوف ابدأ بسم الله مستعيناً راضي به مدبراً معيناً , في نقض هذه المقارنة المغفلة الباطلة .
رجاء لأي صديق غير مسلم : تحمل الصواعق المرسلة واصبر حتى تنتهي من المقالة كلها .
ملحوظة مهمة جدا : الكذب أيسر من الصدق فلا تعجبوا من طول المقالة .
ملحوظة أهم : هذه المقالة مكتوبة للمسلم قبل المسيحي لأن الأولى عندنا هو الحفاظ على المسلم بدل من دعوة غيره إلى الإسلام .
بعض الملاحظات المهمة قبل تفنيد نقاط المقارنة :
عنوان الجدول هو : مقارنة بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام وتعاليم كل منهما , ولنا في هذا العنوان عدة وقفات :
الوقفة الأولى : مع الجزء الأول من العنوان : مقارنة بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام :
هل المقارنة في محلها من المنظور المسيحي ؟ أو حتى في منظور العقل والمنطق ؟
من هما طرفي المقارنة ؟ في المنظور المسيحي طرفي المقارنة هما إله وعبد مخلوق :
- هل يستويان مثلاً ؟
- هل نستطيع المقارنة بينهما ؟
- أين وجوه المقارنة بين الإله والعبد ؟
- أم أن الإله قد تَدَنَّى إلى مرتبة العبد ووصل إلى مستواه فحينها نستطيع أن نقارن بينهما ؟
- أم أن العبد قد أرتفع وعلا إلى مرتبة الألوهية فلذا قد صار نداً للإله ويمكن وقتها المقارنة ؟
- لماذا لم تكن المقارنة بين المسيح عليه السلام وبين الله عز وجل من خلال الأحاديث القدسية والآيات القرآنية مثلاً ؟
- لماذا لم تكن المقارنة بين الله الآب في الكتاب المقدس وبين الله عز وجل في القرآن الكريم ؟
ولكن الحقيقة هي الآتي : عقل المسيحي الباطن متيقن بأن المسيح عليه السلام لا يمكن مقارنته إلا مع بشر مثله , فهو إنسان ومحمد صلى الله عليه وسلم إنسان لذا فيمكن المقارنة بينهما , فلا يعقل المسيحي أبداً أن يقارن بين الله الآب وبين محمد صلى الله عليه وسلم , لأنه لا يكون هناك وجهاً للمقارنة , حيث أن المسيحي عالم علم اليقين بأن الآب هو الله العلي الكبير الذي لا يمكن أن يقارن مع شيء أبداً لأنه ليس كمثله شيء , الذي قال عنه بولس : 1Ti 6:16 الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. فهذا هو الإله , والمسيحي يعلم هذا علم اليقين , فلذا لا يستطيع أن يقارن بينه وبين أحد البتة , لذا قد حكمنا على المقارنة بين المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم مقارنة باطلة , من المنظور المسيحي .
الوقفة الثانية : مع الجزء الثاني من العنوان : تعاليم كل منهما :
لماذا يحاول المسيحي جاهداً بشتى المحاولات والطرق , أن يفرق بين محمد صلى الله عليه وسلم وأخيه عيسى عليه السلام ؟ لماذا يحاول متوهماً أن يجعل هناك فارق بين تعاليم الرسولين العظيمين , أين محبة المسيحي في قبول الجميع ؟ هل يجب عليه لكي ينشر الديانة المسيحية أن يحقر من شأن الآخرين ؟ ألا توجد عندهم بضاعة قيمة تفرض نفسها في السوق دون مقارنة وتحقير للآخرين , ام أن بضاعتهم مزجاة لا تنتشر إلا بتحقير بضاعة الآخرين ؟ , ولكن دعنا نرى , هل تعاليم المسيح من عند نفسه ؟ وهل تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم من عند نفسه ؟
يقول الكتاب المقدس عن مصدر تعاليم يسوع الآتي :
Joh 12:49 لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.
Joh 12:50 وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».
فالكتاب يؤكد ان تعاليم المسيح وأقواله من عند الآب , ليس من عند نفسه , فهو يقول بما يوصيه الآب له حيث أنه أعطاه وصية بماذا يقول وبماذا يتكلم , فالتعاليم إذن ليست له , فلا يجب أن نقول بأن هذه التعاليم هي تعاليم المسيح عليه السلام نفسه , حيث أنها تعاليم الله وشريعته التي بلغنا إياها المسيح عليه السلام كما قال هو بنفسه : Joh 8:40 أَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. والحال نفسه بالنسبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم , فتعاليمه ليست من نفسه بل هي وحي من عند الله عز وجل كما في الآيات الآتية :
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52]
التفسير الميسر : وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك -أيها النبي- أوحينا إليك قرآنًا من عندنا، ما كنت تدري قبله ما الكتب السابقة ولا الإيمان ولا الشرائع الإلهية؟ ولكن جعلنا القرآن ضياء للناس نهدي به مَن نشاء مِن عبادنا إلى الصراط المستقيم. وإنك -أيها الرسول- لَتَدُلُّ وَتُرْشِدُ بإذن الله إلى صراط مستقيم- وهو الإسلام .
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى {1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى {2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى {5} النجم
التفسير الميسر : أقسم الله تعالى بالنجوم إذا غابت, ما حاد محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية والحق, وما خرج عن الرشاد, بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه. ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. علَّم محمدًا صلى الله عليه وسلم مَلَك شديد القوة.
بل أن الأصل في العقيدة الإسلامية ان جميع الأنبياء أصحاب والرسل مصدر تعاليمهم وعقائدهم وشرائعم واحد :
( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً {163} وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً {164} رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً {165} ) [النساء : 163-165]
التفسير الميسر : إنا أوحينا اليك -أيها الرسول- بتبليغ الرسالة كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده, وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط -وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب- وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان. وآتينا داود زبورًا, وهو كتاب وصحف مكتوبة. وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك في القرآن من قبل هذه الآية, ورسلا لم نقصصهم عليك لحكمة أردناها. وكلم الله موسى تكليمًا؛ تشريفًا له بهذه الصفة. وفي هذه الآية الكريمة, إثبات صفة الكلام لله -تعالى- كما يليق بجلاله, وأنه سبحانه كلم نبيه موسى -عليه السلام- حقيقة بلا وساطة. أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي, ومنذرين بعقابي; لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزًا في ملكه, حكيمًا في تدبيره.
فهذه هي العقيدة الإسلامية في الرسل والأنبياء , بل أننا نؤمن إيمانا جازماً بأن هؤلاء الرسل الأعلام جميعهم كانوا على دين واحد :
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ [الشورى : 13]
التفسير الميسر : شرع الله لكم- أيها الناس- من الدِّين الذي أوحيناه إليك -أيها الرسول، وهو الإسلام- ما وصَّى به نوحًا أن يعمله ويبلغه, وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل على المشهور) أن أقيموا الدين بالتوحيد وطاعة الله وعبادته دون مَن سواه، ولا تختلفوا في الدين الذي أمرتكم به, عَظُمَ على المشركين ما تدعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له, الله يصطفي للتوحيد مَن يشاء مِن خلقه، ويوفِّق للعمل بطاعته مَن يرجع إليه.
فلماذا تكون هناك مقارنة بين تعاليمهم هي جميعها من مصدر واحد وهو الله عز وجل ؟
تفنيد نقاط المقارنة :
سوف نذكر ما جاء في الجدول تماما ثم نقوم بتفنيدها على وجه مفصل بإذن الله عز وجل .
منهجنا في تفنيد نقاط المقارنة :
1. رد اللبس والتدليس وبيان الكذب على الإسلام وعلى رسول الله .
2. وتصحيح المفاهيم المغلوطة من حيث إستعمال النصوص المسيحية .
الوقفة الأولى : مع الجزء الأول من العنوان : مقارنة بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام :
هل المقارنة في محلها من المنظور المسيحي ؟ أو حتى في منظور العقل والمنطق ؟
من هما طرفي المقارنة ؟ في المنظور المسيحي طرفي المقارنة هما إله وعبد مخلوق :
- هل يستويان مثلاً ؟
- هل نستطيع المقارنة بينهما ؟
- أين وجوه المقارنة بين الإله والعبد ؟
- أم أن الإله قد تَدَنَّى إلى مرتبة العبد ووصل إلى مستواه فحينها نستطيع أن نقارن بينهما ؟
- أم أن العبد قد أرتفع وعلا إلى مرتبة الألوهية فلذا قد صار نداً للإله ويمكن وقتها المقارنة ؟
- لماذا لم تكن المقارنة بين المسيح عليه السلام وبين الله عز وجل من خلال الأحاديث القدسية والآيات القرآنية مثلاً ؟
- لماذا لم تكن المقارنة بين الله الآب في الكتاب المقدس وبين الله عز وجل في القرآن الكريم ؟
ولكن الحقيقة هي الآتي : عقل المسيحي الباطن متيقن بأن المسيح عليه السلام لا يمكن مقارنته إلا مع بشر مثله , فهو إنسان ومحمد صلى الله عليه وسلم إنسان لذا فيمكن المقارنة بينهما , فلا يعقل المسيحي أبداً أن يقارن بين الله الآب وبين محمد صلى الله عليه وسلم , لأنه لا يكون هناك وجهاً للمقارنة , حيث أن المسيحي عالم علم اليقين بأن الآب هو الله العلي الكبير الذي لا يمكن أن يقارن مع شيء أبداً لأنه ليس كمثله شيء , الذي قال عنه بولس : 1Ti 6:16 الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. فهذا هو الإله , والمسيحي يعلم هذا علم اليقين , فلذا لا يستطيع أن يقارن بينه وبين أحد البتة , لذا قد حكمنا على المقارنة بين المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم مقارنة باطلة , من المنظور المسيحي .
الوقفة الثانية : مع الجزء الثاني من العنوان : تعاليم كل منهما :
لماذا يحاول المسيحي جاهداً بشتى المحاولات والطرق , أن يفرق بين محمد صلى الله عليه وسلم وأخيه عيسى عليه السلام ؟ لماذا يحاول متوهماً أن يجعل هناك فارق بين تعاليم الرسولين العظيمين , أين محبة المسيحي في قبول الجميع ؟ هل يجب عليه لكي ينشر الديانة المسيحية أن يحقر من شأن الآخرين ؟ ألا توجد عندهم بضاعة قيمة تفرض نفسها في السوق دون مقارنة وتحقير للآخرين , ام أن بضاعتهم مزجاة لا تنتشر إلا بتحقير بضاعة الآخرين ؟ , ولكن دعنا نرى , هل تعاليم المسيح من عند نفسه ؟ وهل تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم من عند نفسه ؟
يقول الكتاب المقدس عن مصدر تعاليم يسوع الآتي :
Joh 12:49 لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.
Joh 12:50 وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».
فالكتاب يؤكد ان تعاليم المسيح وأقواله من عند الآب , ليس من عند نفسه , فهو يقول بما يوصيه الآب له حيث أنه أعطاه وصية بماذا يقول وبماذا يتكلم , فالتعاليم إذن ليست له , فلا يجب أن نقول بأن هذه التعاليم هي تعاليم المسيح عليه السلام نفسه , حيث أنها تعاليم الله وشريعته التي بلغنا إياها المسيح عليه السلام كما قال هو بنفسه : Joh 8:40 أَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. والحال نفسه بالنسبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم , فتعاليمه ليست من نفسه بل هي وحي من عند الله عز وجل كما في الآيات الآتية :
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52]
التفسير الميسر : وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك -أيها النبي- أوحينا إليك قرآنًا من عندنا، ما كنت تدري قبله ما الكتب السابقة ولا الإيمان ولا الشرائع الإلهية؟ ولكن جعلنا القرآن ضياء للناس نهدي به مَن نشاء مِن عبادنا إلى الصراط المستقيم. وإنك -أيها الرسول- لَتَدُلُّ وَتُرْشِدُ بإذن الله إلى صراط مستقيم- وهو الإسلام .
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى {1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى {2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى {5} النجم
التفسير الميسر : أقسم الله تعالى بالنجوم إذا غابت, ما حاد محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية والحق, وما خرج عن الرشاد, بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه. ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. علَّم محمدًا صلى الله عليه وسلم مَلَك شديد القوة.
بل أن الأصل في العقيدة الإسلامية ان جميع الأنبياء أصحاب والرسل مصدر تعاليمهم وعقائدهم وشرائعم واحد :
( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً {163} وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً {164} رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً {165} ) [النساء : 163-165]
التفسير الميسر : إنا أوحينا اليك -أيها الرسول- بتبليغ الرسالة كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده, وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط -وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب- وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان. وآتينا داود زبورًا, وهو كتاب وصحف مكتوبة. وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك في القرآن من قبل هذه الآية, ورسلا لم نقصصهم عليك لحكمة أردناها. وكلم الله موسى تكليمًا؛ تشريفًا له بهذه الصفة. وفي هذه الآية الكريمة, إثبات صفة الكلام لله -تعالى- كما يليق بجلاله, وأنه سبحانه كلم نبيه موسى -عليه السلام- حقيقة بلا وساطة. أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي, ومنذرين بعقابي; لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزًا في ملكه, حكيمًا في تدبيره.
فهذه هي العقيدة الإسلامية في الرسل والأنبياء , بل أننا نؤمن إيمانا جازماً بأن هؤلاء الرسل الأعلام جميعهم كانوا على دين واحد :
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ [الشورى : 13]
التفسير الميسر : شرع الله لكم- أيها الناس- من الدِّين الذي أوحيناه إليك -أيها الرسول، وهو الإسلام- ما وصَّى به نوحًا أن يعمله ويبلغه, وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل على المشهور) أن أقيموا الدين بالتوحيد وطاعة الله وعبادته دون مَن سواه، ولا تختلفوا في الدين الذي أمرتكم به, عَظُمَ على المشركين ما تدعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له, الله يصطفي للتوحيد مَن يشاء مِن خلقه، ويوفِّق للعمل بطاعته مَن يرجع إليه.
فلماذا تكون هناك مقارنة بين تعاليمهم هي جميعها من مصدر واحد وهو الله عز وجل ؟
تفنيد نقاط المقارنة :
سوف نذكر ما جاء في الجدول تماما ثم نقوم بتفنيدها على وجه مفصل بإذن الله عز وجل .
منهجنا في تفنيد نقاط المقارنة :
1. رد اللبس والتدليس وبيان الكذب على الإسلام وعلى رسول الله .
2. وتصحيح المفاهيم المغلوطة من حيث إستعمال النصوص المسيحية .
________________________________________
تعليق