فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ ، الجَوَارِ الكُنَّسِ
يدعي بعض الجهلة المضللين أن المقصود بهاتين الآيتين أن الله عز وجل يقسم بالبقر الوحشي ، علماً بأن كل لغة لها معاني مفردات ... فمثال لذلك
وبالرجوع إلى قاموس الياس
اللغة الإنجليزية : كوكب المريخ أو الاهُ حربِ :Mars
ملـَف اسطواني أو دَرْج أو قائمة أو رَغيف أو دَحْرجة :Roll
اللغة الفرنسية : مكان استخراج الأحجار أو مهنة : carrière
وهذا يوضح أن اللغة العربية ليست لغة شاذة عن لغات العالم
فكل لغة لها معاني مفردات ولهذا توصل العلم إلى أهمية وجود قواميس للغة أمر من الأمور الهامة للثقافات علماً بأن كثير من الكلمات تحمل معاني عدة .
فلو نظرنا للنصارى نجدهم ينصرفوا عن معجم الوجيز أو ما شابهه للتعرف على ادعاءات قساوسهم بالكذب على القرآن كنوع من أنواع التدبر
بسم الله الرحمن الرحيم
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّنْ دُونِ اللَّهِ
فكما حدث معي من إحدى النصارى عندما ذكرت له أن سفر ارميا يذكر { حرفتم كلام الرب } وأن كلمة ((حرف الكلام)) معناها بالقاموس : غيره وصرفه عن معاني ... وأنه لا يوجد أكثر من ذلك معنى يثبت أن الكتاب المقدس مُحرف ... فقال لي : لا .. ارجع لتفسير هذه الفقرة لأن أصل لغة الكتاب المقدس ليست العربية
مصيبة بل مُصيبتين بل ثلاث بل أكثر ... لأنه بذلك أقر بوقوع خطأ في الترجمة .. وما وقع في القليل وقع بالكثير ... وطالما وقع الخطأ ظهر التحريف ... فهل يوجد معنى آخر للتحريف غير هذا ؟!
ونجد كلمة الخُنَّسِ
خَنِسَ – خَنَساً : انخفضت قصبة أنفِه مع ارتفاع قليل في َطرَف الأنف
خَنِسَ القدم : انبسط أخْمـَصـُها
للرجل : أخـْنـَسُ
للنساء : خنـْسَاءُ ..... جمعها خـُنـْس
الخَنْسَاءُ : البقرة الوحشية
الخُنَّسِ : الكواكب كلها
وخنوسُها : استخفاؤها نهاراً
وبهذا يظهر لنا أن كلمة الخُنَّسِ لها عدة معاني كما هو ظاهر في عدة كلمات أجنبية أخرى
ولكن الحقد والكراهية والغيرة من قوة الإسلام وعظمته جعلتهم يتشككوا في معاني كلمات القرآن لدرجة الجهل والغباء
كـَنـَسَ : الظـَّبْيُ – كـَنْـسًا: دخل كِناسَهُ
للنجوم : كُنُوساً : استمرت في مسارها ثم انصرفت راجعة ً .. فهي كانِسة ،(جمعها : كـُنَّـٌس .
والجواري الكـُنَّس : الكواكب السَّيـَّارة
وللمكان – كـَنـْسًا : نَحَّي عنه القًمامة
وهكذا وضح لأعمى القلب والبصر أن لكل كلمة عدة معاني فالأمانة في النقل مطلوبة ولكن .... السارق يعتقد أن كل الناس مثله ، والغشاش يعتقد كذلك ايضاً
ولنقدم للسادة النصارى مثال صغير لكي يثبتوا أنهم أحق منا
ما هو الفرق بين : مَنْ ، مِنْ ، مَنَّ
وما معنى كلمة : دون
ولو وصل بنا المستوى إلى هذا الانحطاط فما أكثر الكلمات بالكتاب المقدس التي تحمل المعاني والتي يثار حولها الجدل ومنها
يوحنا
14: 26 و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم
فهل تعرف ما هو معنى كلمة معزي : هو واحدة المـَعْز .... بمعنى ان اليسوع سيطلب من الأب أن يرسل للنصارى حيوان لهم
فنسألهم : من المفروض أن هذا الرب السيوع صادق : فهذا الحيوان بينكم الآن ، فهل نقصت الحيوانات من الدنيا ليرسل لكم الرب اليسوع حيوان آخر .... أهذا هو روح الحق ؟ هل روح الحق أصبحت من عالم الحيوانات ؟
فأعتذر لهذا الأسلوب ولكن علينا أن نتبع قول :
خاطبوا الناس على قدر عقولهم
وها هو موقع يوضح أمر فاضغط على الخبر
فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ ، الجَوَارِ الكُنَّسِ
من كتابات الاخ السيف البتار
قوله تعالى: { فَلآ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ }. { الْجَوَارِ الْكُنَّسِ }. الكلام في قوله: { لاَ أُقْسِمُ }
لا أقسم ..... كقول { فلا أقسم بيوم القيامة } سورة الواقعة
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في الترتيب ووجهه هو أن الله تعالى لما أرسل رسوله بالهدى ودين الحق آتاه كل ما ينبغي له وطهره عن كل مالا ينبغي له فآتاه الحكمة وهي البراهين القاطعة واستعمالها على وجوهها، والموعظة الحسنة وهي الأمور المفيدة المرققة للقلوب المنورة للصدور، والمجادلة التي هي على أحسن الطرق فأتى بها وعجز الكل عن معارضته بشيء ولم يؤمنوا والذي يتلى عليه، كل ذلك ولا يؤمن لا يبقى له غير أنه يقول: هذا البيان ليس لظهور المدعى بل لقوة ذهن المدعى وقوته على تركيب الأدلة وهو يعلم أنه يغلب بقوة جداله لا بظهور مقاله وربما يقول أحد المناظرين للآخر عند انقطاعه أنت تعلم أن الحق بيدي لكن تستضعفني ولا تنصفني وحينئذ لا يبقى للخصم جواب غير القسم بالأيمان التي لا مخارج عنها أنه غير مكابر وأنه منصف، وذلك لأنه لو أتى بدليل آخر لكان له أن يقول: وهذا الدليل أيضاً غلبتني فيه بقوتك وقدرتك، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما آتاه الله جل وعز ما ينبغي قالوا: إنه يريد التفضل علينا وهو يجادلنا فيما يعلم خلافه، فلم يبق له إلا أن يقسم فأنزل الله تعالى عليه أنواعاً من القسم بعد الدلائل، ولهذا كثرت الأيمان في أوائل التنزيل وفي السبع الأخير خاصة.
المسألة الثانية: في تعلق الباء، نقول: إنه لما بين أنه خالق الخلق والرزق وله العظمة بالدليل القاطع ولم يؤمنوا قال: لم يبق إلا القسم فأقسم بالله إني لصادق.
المسألة الثالثة: ما المعنى من قوله. { لاَ أُقْسِمُ } مع أنك تقول: إنه قسم؟ نقول: فيه وجوه منقولة ومعقولة غير مخالفة للنقل، أما المنقول فأحدها: أن (لا) زائدة مثلها في قوله تعالى:
{ لّئَلاَّ يَعْلَمَ }
[الحديد: 29] معناه ليعلم
ثانيها: أصلها لأقسم بلام التأكيد أشبعت فتحتها فصارت لا كما في الوقف
ثالثها: لا، نافية وأصله على مقالتهم والقسم بعدها كأنه قال: لا، والله لا صحة لقول الكفار أقسم عليه، أما المعقول فهو أن كلمة لا هي نافية على معناها غير أن في الكلام مجازاً تركيبياً، وتقديره أن نقول: لا في النفي هنا كهي في قول القائل لا تسألني عما جرى علي، يشير إلى أن ما جرى عليه أعظم من أن يشرح فلا ينبغي أن يسأله فإن غرضه من السؤال لا يحصل ولا يكون غرضه من ذلك النهي إلا بيان عظمة الواقعة ويصير كأنه قال: جرى على أمر عظيم. ويدل عليه أن السامع يقول: له ماذا جرى عليك ولو فهم من حقيقة كلامه النهي عن السؤال لما قال: ماذا جرى عليك، فيصح منه أن يقول: أخطأت حيث منعتك عن السؤال، ثم سألتني وكيف لا، وكثيراً ما يقول ذلك القائل الذي قال: لا تسألني عند سكون صاحبه عن السؤال، أو لا تسألني، ولا تقول: ماذا جرى عليك ولا يكون للسامع أن يقول: إنك منعتني عن السؤال كل ذلك تقرر في أفهامهم أن المراد تعظيم الواقعة لا النهي، إذا علم هذا فنقول في القسم: مثل هذا موجود من أحد وجهين إما لكون الواقعة في غاية الظهور فيقول: لا أقسم بأنه على هذا الأمر لأنه أظهر من أن يشهر، وأكثر من أن ينكر، فيقول: لا أقسم ولا يريد به القسم ونفيه، وإنما يريد الإعلام بأن الواقعة ظاهرة، وإما لكون المقسم به فوق ما يقسم به، والمقسم صار يصدق نفسه فيقول لا أقسم يميناً بل ألف يمين، ولا أقسم برأس الأمير بل برأس السلطان ويقول: لا أقسم بكذا مريداً لكونه في غاية الجزم والثاني: يدل عليه أن هذه الصيغة لم ترد في القرآن والمقسم به هو الله تعالى أو صفة من صفاته، وإنما جاءت أمور مخلوقة والأول لا يرد عليه إشكال إن قلنا إن المقسم به في جميع المواضع رب الأشياء كما في قوله:
{ وَالصَّـفَّـتِ }
[الصافات: 1] المراد منه رب الصافات ورب القيامة ورب الشمس إلى غير ذلك فإذاً قوله: { فَلآ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ } أي الأمر أظهر من أن يقسم عليه، وأن يتطرق الشك إليه.
{ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } فيه قولان:
الأول: وهو المشهور الظاهرة أنها النجوم الخنس جمع خانس، والخنوس والانقباض والاستخفاء تقول: خنس من بين القوم وانخنس، وفي الحديث " الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر الله خنس " أي انقبض ولذلك سمي الخناس { والكنس } جمع كانس وكانسة يقال: كنس إذا دخل الكناس وهو مقر الوحش يقال كنس الظباء في كنسها، وتكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبي إذا دخل الكناس. ثم اختلفوا في خنوس النجوم وكنوسها على ثلاثة أوجه فالقول الأظهر: أن ذلك إشارة إلى رجوع الكواكب الخمسة السيارة واستقامتها فرجوعها هو الخنوس وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس، ولا شك أن هذه حالة عجيبة وفيها أسرار عظيمة باهرة القول الثاني: ما روي عن علي عليه السلام وعطاء ومقاتل وقتادة أنها هي جميع الكواكب وخنوسها عبارة عن غيبوبتها عن البصر في النهار وكنوسها عبارة عن ظهورها للبصر في الليل أي تظهر في أماكنها كالوحش في كنسها والقول الثالث: أن السبعة السيارة تختلف مطالعها ومغاربها على ما قال تعالى:
{ بِرَبّ الْمَشَـرِقِ وَالْمَغَـرِبِ }
[المعارج: 40]
ولا شك أن فيها مطلعاً واحداً ومغرباً واحداً هما أقرب المطالع والمغارب إلى سمت رؤوسنا، ثم إنها تأخذ في التباعد من ذلك المطلع إلى سائر المطالع طول السنة، ثم ترجع إليه فخنوسها عبارة عن تباعدها عن ذلك المطلع، وكنوسها عبارة عن عودها إليه، فهذا محتمل فعلى القول الأول يكون القسم واقعاً بالخمسة المتحيرة، وعلى القول الثاني يكون القسم واقعاً بجميع الكواكب وعلى هذا الاحتمال الذي ذكرته يكون القسم واقعاً بالسبعة السيارة، والله أعلم بمراده.
والقول الثاني: أن { الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } وهو قول ابن مسعود والنخعي أنها بقر الوحش، وقال سعيد بن جبير: هي الظباء، وعلى هذا الخنس من الخنس في الأنف وهو تقعير في الأنف فإن البقر والظباء أنوفها على هذه الصفة { والكنس } جمع كانس وهي التي تدخل الكناس والقول هو الأول، والدليل عليه أمور:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ }
وهذا بالنجوم أليق منه ببقر الوحش.
الثاني: أن محل قسم الله كلما كان أعظم وأعلى رتبة كان أولى، ولا شك أن الكواكب أعلى رتبة من بقر الوحش.
الثالث: أن (الخنس) جمع خانس من الخنوس، وإما جمع خنساء وأخنس من الخنس خنس بالسكون والتخفيف، ولا يقال: الخنس فيه بالتشديد إلا أن يجعل الخنس في الوحشية أيضاً من الخنوس وهو اختفاؤها في الكناس إذا غابت عن الأعين.
يدعي بعض الجهلة المضللين أن المقصود بهاتين الآيتين أن الله عز وجل يقسم بالبقر الوحشي ، علماً بأن كل لغة لها معاني مفردات ... فمثال لذلك
وبالرجوع إلى قاموس الياس
اللغة الإنجليزية : كوكب المريخ أو الاهُ حربِ :Mars
ملـَف اسطواني أو دَرْج أو قائمة أو رَغيف أو دَحْرجة :Roll
اللغة الفرنسية : مكان استخراج الأحجار أو مهنة : carrière
وهذا يوضح أن اللغة العربية ليست لغة شاذة عن لغات العالم
فكل لغة لها معاني مفردات ولهذا توصل العلم إلى أهمية وجود قواميس للغة أمر من الأمور الهامة للثقافات علماً بأن كثير من الكلمات تحمل معاني عدة .
فلو نظرنا للنصارى نجدهم ينصرفوا عن معجم الوجيز أو ما شابهه للتعرف على ادعاءات قساوسهم بالكذب على القرآن كنوع من أنواع التدبر
بسم الله الرحمن الرحيم
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّنْ دُونِ اللَّهِ
فكما حدث معي من إحدى النصارى عندما ذكرت له أن سفر ارميا يذكر { حرفتم كلام الرب } وأن كلمة ((حرف الكلام)) معناها بالقاموس : غيره وصرفه عن معاني ... وأنه لا يوجد أكثر من ذلك معنى يثبت أن الكتاب المقدس مُحرف ... فقال لي : لا .. ارجع لتفسير هذه الفقرة لأن أصل لغة الكتاب المقدس ليست العربية
مصيبة بل مُصيبتين بل ثلاث بل أكثر ... لأنه بذلك أقر بوقوع خطأ في الترجمة .. وما وقع في القليل وقع بالكثير ... وطالما وقع الخطأ ظهر التحريف ... فهل يوجد معنى آخر للتحريف غير هذا ؟!
ونجد كلمة الخُنَّسِ
خَنِسَ – خَنَساً : انخفضت قصبة أنفِه مع ارتفاع قليل في َطرَف الأنف
خَنِسَ القدم : انبسط أخْمـَصـُها
للرجل : أخـْنـَسُ
للنساء : خنـْسَاءُ ..... جمعها خـُنـْس
الخَنْسَاءُ : البقرة الوحشية
الخُنَّسِ : الكواكب كلها
وخنوسُها : استخفاؤها نهاراً
وبهذا يظهر لنا أن كلمة الخُنَّسِ لها عدة معاني كما هو ظاهر في عدة كلمات أجنبية أخرى
ولكن الحقد والكراهية والغيرة من قوة الإسلام وعظمته جعلتهم يتشككوا في معاني كلمات القرآن لدرجة الجهل والغباء
كـَنـَسَ : الظـَّبْيُ – كـَنْـسًا: دخل كِناسَهُ
للنجوم : كُنُوساً : استمرت في مسارها ثم انصرفت راجعة ً .. فهي كانِسة ،(جمعها : كـُنَّـٌس .
والجواري الكـُنَّس : الكواكب السَّيـَّارة
وللمكان – كـَنـْسًا : نَحَّي عنه القًمامة
وهكذا وضح لأعمى القلب والبصر أن لكل كلمة عدة معاني فالأمانة في النقل مطلوبة ولكن .... السارق يعتقد أن كل الناس مثله ، والغشاش يعتقد كذلك ايضاً
ولنقدم للسادة النصارى مثال صغير لكي يثبتوا أنهم أحق منا
ما هو الفرق بين : مَنْ ، مِنْ ، مَنَّ
وما معنى كلمة : دون
ولو وصل بنا المستوى إلى هذا الانحطاط فما أكثر الكلمات بالكتاب المقدس التي تحمل المعاني والتي يثار حولها الجدل ومنها
يوحنا
14: 26 و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم
فهل تعرف ما هو معنى كلمة معزي : هو واحدة المـَعْز .... بمعنى ان اليسوع سيطلب من الأب أن يرسل للنصارى حيوان لهم
فنسألهم : من المفروض أن هذا الرب السيوع صادق : فهذا الحيوان بينكم الآن ، فهل نقصت الحيوانات من الدنيا ليرسل لكم الرب اليسوع حيوان آخر .... أهذا هو روح الحق ؟ هل روح الحق أصبحت من عالم الحيوانات ؟
فأعتذر لهذا الأسلوب ولكن علينا أن نتبع قول :
خاطبوا الناس على قدر عقولهم
وها هو موقع يوضح أمر فاضغط على الخبر
فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ ، الجَوَارِ الكُنَّسِ
من كتابات الاخ السيف البتار
قوله تعالى: { فَلآ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ }. { الْجَوَارِ الْكُنَّسِ }. الكلام في قوله: { لاَ أُقْسِمُ }
لا أقسم ..... كقول { فلا أقسم بيوم القيامة } سورة الواقعة
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في الترتيب ووجهه هو أن الله تعالى لما أرسل رسوله بالهدى ودين الحق آتاه كل ما ينبغي له وطهره عن كل مالا ينبغي له فآتاه الحكمة وهي البراهين القاطعة واستعمالها على وجوهها، والموعظة الحسنة وهي الأمور المفيدة المرققة للقلوب المنورة للصدور، والمجادلة التي هي على أحسن الطرق فأتى بها وعجز الكل عن معارضته بشيء ولم يؤمنوا والذي يتلى عليه، كل ذلك ولا يؤمن لا يبقى له غير أنه يقول: هذا البيان ليس لظهور المدعى بل لقوة ذهن المدعى وقوته على تركيب الأدلة وهو يعلم أنه يغلب بقوة جداله لا بظهور مقاله وربما يقول أحد المناظرين للآخر عند انقطاعه أنت تعلم أن الحق بيدي لكن تستضعفني ولا تنصفني وحينئذ لا يبقى للخصم جواب غير القسم بالأيمان التي لا مخارج عنها أنه غير مكابر وأنه منصف، وذلك لأنه لو أتى بدليل آخر لكان له أن يقول: وهذا الدليل أيضاً غلبتني فيه بقوتك وقدرتك، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما آتاه الله جل وعز ما ينبغي قالوا: إنه يريد التفضل علينا وهو يجادلنا فيما يعلم خلافه، فلم يبق له إلا أن يقسم فأنزل الله تعالى عليه أنواعاً من القسم بعد الدلائل، ولهذا كثرت الأيمان في أوائل التنزيل وفي السبع الأخير خاصة.
المسألة الثانية: في تعلق الباء، نقول: إنه لما بين أنه خالق الخلق والرزق وله العظمة بالدليل القاطع ولم يؤمنوا قال: لم يبق إلا القسم فأقسم بالله إني لصادق.
المسألة الثالثة: ما المعنى من قوله. { لاَ أُقْسِمُ } مع أنك تقول: إنه قسم؟ نقول: فيه وجوه منقولة ومعقولة غير مخالفة للنقل، أما المنقول فأحدها: أن (لا) زائدة مثلها في قوله تعالى:
{ لّئَلاَّ يَعْلَمَ }
[الحديد: 29] معناه ليعلم
ثانيها: أصلها لأقسم بلام التأكيد أشبعت فتحتها فصارت لا كما في الوقف
ثالثها: لا، نافية وأصله على مقالتهم والقسم بعدها كأنه قال: لا، والله لا صحة لقول الكفار أقسم عليه، أما المعقول فهو أن كلمة لا هي نافية على معناها غير أن في الكلام مجازاً تركيبياً، وتقديره أن نقول: لا في النفي هنا كهي في قول القائل لا تسألني عما جرى علي، يشير إلى أن ما جرى عليه أعظم من أن يشرح فلا ينبغي أن يسأله فإن غرضه من السؤال لا يحصل ولا يكون غرضه من ذلك النهي إلا بيان عظمة الواقعة ويصير كأنه قال: جرى على أمر عظيم. ويدل عليه أن السامع يقول: له ماذا جرى عليك ولو فهم من حقيقة كلامه النهي عن السؤال لما قال: ماذا جرى عليك، فيصح منه أن يقول: أخطأت حيث منعتك عن السؤال، ثم سألتني وكيف لا، وكثيراً ما يقول ذلك القائل الذي قال: لا تسألني عند سكون صاحبه عن السؤال، أو لا تسألني، ولا تقول: ماذا جرى عليك ولا يكون للسامع أن يقول: إنك منعتني عن السؤال كل ذلك تقرر في أفهامهم أن المراد تعظيم الواقعة لا النهي، إذا علم هذا فنقول في القسم: مثل هذا موجود من أحد وجهين إما لكون الواقعة في غاية الظهور فيقول: لا أقسم بأنه على هذا الأمر لأنه أظهر من أن يشهر، وأكثر من أن ينكر، فيقول: لا أقسم ولا يريد به القسم ونفيه، وإنما يريد الإعلام بأن الواقعة ظاهرة، وإما لكون المقسم به فوق ما يقسم به، والمقسم صار يصدق نفسه فيقول لا أقسم يميناً بل ألف يمين، ولا أقسم برأس الأمير بل برأس السلطان ويقول: لا أقسم بكذا مريداً لكونه في غاية الجزم والثاني: يدل عليه أن هذه الصيغة لم ترد في القرآن والمقسم به هو الله تعالى أو صفة من صفاته، وإنما جاءت أمور مخلوقة والأول لا يرد عليه إشكال إن قلنا إن المقسم به في جميع المواضع رب الأشياء كما في قوله:
{ وَالصَّـفَّـتِ }
[الصافات: 1] المراد منه رب الصافات ورب القيامة ورب الشمس إلى غير ذلك فإذاً قوله: { فَلآ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ } أي الأمر أظهر من أن يقسم عليه، وأن يتطرق الشك إليه.
{ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } فيه قولان:
الأول: وهو المشهور الظاهرة أنها النجوم الخنس جمع خانس، والخنوس والانقباض والاستخفاء تقول: خنس من بين القوم وانخنس، وفي الحديث " الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر الله خنس " أي انقبض ولذلك سمي الخناس { والكنس } جمع كانس وكانسة يقال: كنس إذا دخل الكناس وهو مقر الوحش يقال كنس الظباء في كنسها، وتكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبي إذا دخل الكناس. ثم اختلفوا في خنوس النجوم وكنوسها على ثلاثة أوجه فالقول الأظهر: أن ذلك إشارة إلى رجوع الكواكب الخمسة السيارة واستقامتها فرجوعها هو الخنوس وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس، ولا شك أن هذه حالة عجيبة وفيها أسرار عظيمة باهرة القول الثاني: ما روي عن علي عليه السلام وعطاء ومقاتل وقتادة أنها هي جميع الكواكب وخنوسها عبارة عن غيبوبتها عن البصر في النهار وكنوسها عبارة عن ظهورها للبصر في الليل أي تظهر في أماكنها كالوحش في كنسها والقول الثالث: أن السبعة السيارة تختلف مطالعها ومغاربها على ما قال تعالى:
{ بِرَبّ الْمَشَـرِقِ وَالْمَغَـرِبِ }
[المعارج: 40]
ولا شك أن فيها مطلعاً واحداً ومغرباً واحداً هما أقرب المطالع والمغارب إلى سمت رؤوسنا، ثم إنها تأخذ في التباعد من ذلك المطلع إلى سائر المطالع طول السنة، ثم ترجع إليه فخنوسها عبارة عن تباعدها عن ذلك المطلع، وكنوسها عبارة عن عودها إليه، فهذا محتمل فعلى القول الأول يكون القسم واقعاً بالخمسة المتحيرة، وعلى القول الثاني يكون القسم واقعاً بجميع الكواكب وعلى هذا الاحتمال الذي ذكرته يكون القسم واقعاً بالسبعة السيارة، والله أعلم بمراده.
والقول الثاني: أن { الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } وهو قول ابن مسعود والنخعي أنها بقر الوحش، وقال سعيد بن جبير: هي الظباء، وعلى هذا الخنس من الخنس في الأنف وهو تقعير في الأنف فإن البقر والظباء أنوفها على هذه الصفة { والكنس } جمع كانس وهي التي تدخل الكناس والقول هو الأول، والدليل عليه أمور:
{ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ }
وهذا بالنجوم أليق منه ببقر الوحش.
الثاني: أن محل قسم الله كلما كان أعظم وأعلى رتبة كان أولى، ولا شك أن الكواكب أعلى رتبة من بقر الوحش.
الثالث: أن (الخنس) جمع خانس من الخنوس، وإما جمع خنساء وأخنس من الخنس خنس بالسكون والتخفيف، ولا يقال: الخنس فيه بالتشديد إلا أن يجعل الخنس في الوحشية أيضاً من الخنوس وهو اختفاؤها في الكناس إذا غابت عن الأعين.
تعليق