بَيانٌ وتِبيان عن حَقيقةِ مُؤتَمرِ الشِّيشان
علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
المشرف العام على مؤسسة الدرر السنية
26 ذو القعدة 1437هـ
الحَمدُ للهِ ناصِرِ عِبادِه المُؤمنِينَ الموحِّدين، الدَّاعين إلى اللهِ تعالى على بَصيرةٍ وعلى هَدْيِ سيِّدِ المُرسَلِين، وأصحابِه الطيِّبِينَ الطَّاهِرينَ، والتَّابِعينَ لهم بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّين.أمَّا بعدُ،
فقدِ انعَقَد في مدينة جروزني عاصمة جمهورية الشِّيشان، ولمدَّة ثلاثةِ أيَّام مؤتمرٌ بعنوان: (مَن هُم أهلُ السُّنَّة والجَماعة، بيانٌ وتوصيفٌ لمنهجِ أهل السُّنَّة والجَماعة اعتقادًا وفِقهًا وسلوكًا، وأثَر الانحرافِ عنه على الواقِع)، وقد انتهى المؤتمر يوم السبت 24 ذو القعدة 1437 الموافق 27 أغسطس 2016، وأصدر بَيانَه المُخزي، ثم أعْقَبه بتوصياتٍ عِدَّة.
وهذه وَقفاتٌ مع هذا المؤتمر المشؤومٍ؛ أُسجِّلها بيانًا للنَّاس، وتبيانًا للحقِّ، وتَعريةً لحقيقةِ هذا المؤتمرِ.
أولًا: انعقَد المؤتمرُ في مدينة غروزني عاصمة جمهورية الشِّيشان التابعةِ لروسيا الاتحاديَّة، وفي الوَقتِ الذي كانتْ كَلماتُ أعضاء المؤتمر تنالُ مِن عُلماءِ المسلِمين من أهلِ السُّنَّة والجَماعة ودُعاةِ التوحيدِ، كانتْ تُقصَفُ الصَّواريخُ الرُّوسيَّةُ على رُؤوسِ إخوانِنا في الشامِ، ولم يَصدُرْ أيُّ شَيءٍ في المؤتمرِ عن جرائمِ رُوسيا الشَّنيعةِ.
ثانيًا: راعِي المؤتمرِ هو رَئيسُ جمهوريَّة الشِّيشان رمضان قاديروف، المعروفُ بولائِه التامِّ للرَّئيس الرُّوسيِّ المجرِم بوتين، حتى إنَّه سَطَّر على صفحتِه على (الفيسبوك) بأنَّه جُنديٌّ من جُنودِ بوتين، وأنَّه وجنودَه مُستعِدُّون أن يُضحُّوا بحياتهم من أجلِ بوتين! فهل يَعي المؤتمِرون حقيقةَ هذا الرَّجُل
http://bit.ly/2bQHW8k
ثالثًا: رمضان قاديروف صوفيٌّ، خرافيٌّ، يزعُم أنه يحتفظُ بشَعرةِ للرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد أقام احتفالًا لاستقبالِها في مطار غروزني قادمةً من أوزبكستان، ويَزعُم أنَّ لديه قِطعةً مِن رِدائِه صلَّى الله عليه وسلَّم يَصِلُ طولها 50سم!
وهذِه بعضُ المقاطِع على اليوتيوب تُبيِّنُ حالَه وحالَ مستشاره:
1- مَقطعٌ مرئيٌّ يَظهَر في مقابلة تلفزيونية على قناة سكاي نيوز العربية: يتَّهم فيه الوهـــــابــــيةَ بالخيانةِ لتعاليمِ الدِّين، ويقول عن المجاهِدين في سُوريَّة: إنَّهم ليسوا بمُجاهدِين وإنَّهم يُشوِّهون الإسلامَ.
http://bit.ly/2c2AYLJ
2- مقطعٌ مرئيٌّ يُظهر تخريفَ هذا الرَّجل، وفيه يَزعُم أنَّ لديه كُوبَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويَرفعُه أمامَ الناسِ ويُقبِّله، وأنَّ لديه شَعرةَ الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم ويُقبِّلها باكيًا، وفيها يَرقُص رقصةَ المجانين مع مجموعةٍ من مجاذيبِ الصوفيَّةِ، ويستقبلُ مفتي نظام الأسد حسون ويُرحِّب به، وفيه يقول: الوهـــــابـــيـــون لَعنةُ اللهِ عليهم وعلى آبائِهم وأُمَّهاتِهم، ويَدَّعي زُورًا وبُهتانًا أنَّهم قتَلوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُقسِم باللهِ ليَقتلنَّهم!
https://www.youtube.com/watch?v=aXF9...ature=youtu.be
3- مقطعٌ مرئيٌّ ثالِث لمستشارِه ومُدير إدارة الشُّؤون الدِّينيَّة بالشيشان، في مُحاضَرة له وهو يَدْعو صراحةً للاستغاثة بغيرِ الله من الأحياءِ والأمواتِ، ويهاجِم من يقول إنَّ هذا شركُ بالله.
https://www.youtube.com/watch?v=wfJIZWjNFSg
أفيليقُ بالمشَاركِين في المؤتمر المحسُوبين على العِلم الشَّرعي أن يشْكُروا رجلاً مشعوذًا محاربًا للتوْحِيد وأهلِه فيختُموا بيانهم بشُكْره قائلين: (كما تَقدَّم المشاركون بالشُّكرِ لفخامةِ الرئيس رمضان أحمد قديروف؛ لجُهودِه المبارَكةِ في خِدمةِ القُرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ المطهَّرة)؛ فعليهم مِن اللهِ ما يَستحقُّون!
رابعًا: والأُمَّة تَعيش أَحْلَك ظُروفِها، وقد تَكالَب عليها أَعداؤُها مِن كُلِّ حَدَبٍ وصَوْبٍ؛ بل تَواطَأ معهم فِرَقُ الرَّوافِض الضَّالَّة، وجيوشُ النصارى الحاقدة، كي يَضرِبوا أَهْلَ السُّنَّة عن قَوسٍ واحِدةٍ، يَتَفاجَأ العالَمُ الإسلاميُّ مِن قِلَّةٍ مَحسوبَةٍ على العِلْم الشَّرعي لا يُمَثِّلون إلَّا أَنْفُسَهُم يَجتمِعون تحت رعايةِ هذا المُجرم، لا لِيَعِظوه، ولا لِيُحَذِّروه مِن انْتِقامِ اللهِ له في تَأييدِه سَيِّده بُوتِين الذي يَقْصِفُ إخواننا في سُوريَةَ (وفيهم السُّنِّيُّ، والصُّوفِيُّ، والأشْعَرِيُّ، والماتِريدِيُّ)، ولا ليَدْعُوا إلى تَوحيدِ المسلِمينَ سَلفيِّهم وصُوفيِّهم وأشعريِّهم ضِدَّ صَليبيَّة الرُّوس، ونُصيريَّة الأسد، وصَفويَّة إيران، وطائفيَّة حِزب اللات؛ لا، بل ليُكرِّسوا الخلافَ بين المسلمين حتى في هذه الظروف العصيبة التي تمرُّ بها الأمة!!
خامسًا: صُدِّرَ بيانُ المؤتمر بهذه الجُملة: (أهلُ السُّنَّة والجَماعةِ هُم الأشاعرةُ والماتريديَّةُ في الاعتِقادِ، وأهلُ المذاهِبِ الأَربعةِ في الفِقهِ، وأهلُ التصوُّفِ الصافي عِلمًا وأخلاقًا وتزكيةً)، وهم بهذا قد خالفوا السُّنَّةَ وفرَّقوا الجماعةَ، وأخْرَجوا أئمَّةَ الإسلامِ -ممَّن عاشُوا قبل الأشْعريِّ والماتريديِّ كمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ والبُخاريِّ ومُسلمٍ، وغيرِهم- مِن مُسمَّى أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، ودُونَ هؤلاء المؤتمِرينَ- في إثباتِ أنَّ هؤلاءِ الأئمةَ ومن سارَ على نهجِهم أشاعرةٌ أو ماتريديَّةٌ أو صُوفيَّةٌ- خَرْطُ القَتاد!
سادسًا: عَرَّض المؤتمرُ بمَن سمَّاهم المتطرِّفين- وغالبًا ما يُشيرونَ بهذا إلى أصحابِ المَنهجِ السلفيِّ- بكَلِماتٍ نابيةٍ، وبأنَّهم أصحابُ مَنهجٍ مُنحرِفٍ، وخَطيرٍ، ومُتطرِّفٍ، وأنَّهم اختطفوا لقبَ أهل السُّنَّةِ والجَماعةِ وقَصَروه على أنفُسِهم، وأنَّ مُؤتمرَهم هذا جاء كنُقطةِ تحوُّلٍ لاسترجاعِ هذا اللَّقب، ونحن نقولُ لهم: البَيِّنةُ على المدِّعي، أثْبِتوا أنَّ منهجَ الصحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم ومَن تَبِعهم كان أشعريًّا أو صُوفيًّا؛ حتَّى تَصفو لكم دَعواكُم!
وهذا نصُّ عِبارةِ المؤتمَر:
(هذا المؤتمرُ نُقطةُ تحوُّلٍ هامَّةٌ وضروريَّةٌ؛ لتصويبِ الانحرافِ الحادِّ والخطيرِ الذي طالَ مَفهومَ "أهل السُّنَّة والجماعة" إثرَ محاولاتِ اختطافِ المتطرِّفين لهذا اللَّقبِ الشَّريفِ وقَصْرِه على أنفُسِهم وإخراجِ أهلِه منه)
سابعًا: أوَّل توصيةٍ في المؤتمر كانتْ عن: (إنشاء قناة تليفزيونيَّة على مُستوَى روسيا الاتحاديَّة؛ لتوصيلِ صورةِ الإسلامِ الصحيحةِ للمُواطنين، ومُحارَبةِ التطرُّفِ والإرهابِ)، وهذه تَوصيةٌ سِياسيَّةٌ بامتياز! يجتمعُ كِبارُ صوفيَّة العالَمِ، ومِن كلِّ قُطرٍ إسلاميٍّ؛ ليُوصُوا بإنشاءِ قناةٍ تلفزيونيَّة تُبثُّ على مستوى روسيا الاتحاديَّة؛ لتوصيلِ صُورةِ الإسلامِ الصَّحيحةِ -زَعَموا- للمُواطنينَ الرُّوسِ والشِّيشانيِّين!! فهل هناك استهتارٌ وازدراءٌ بمَن شارَك في المؤتمرِ أكثرُ من ذلك؟!
ثامنًا: وممَّا يدلُّ على أنَّه مؤتمرٌ انتقائيٌّ، إقصائيٌّ أكثرُ منه عالِميًّا: ما جاء في التوصيةِ الثالثةِ في المؤتمرِ، وهو (ضرورة رفْع مُستوَى التعاوُنِ بين المؤسَّساتِ العِلميَّةِ العَريقةِ كالأزهرِ الشَّريفِ، والقرويين، والزيتونة، وحضرموت، ومراكز العِلم والبحثِ فيما بينها وبين المؤسَّساتِ الدِّينيَّة والعِلميَّة في رُوسيا الاتحاديَّة) مُستبعِدين بذلك مراكزَ العِلم الأخرى في العالَمِ الإسلاميِّ كلِّه.
تاسعًا: ومِن المُضحِكات المُبكِياتِ التوصيةُ الثامنةُ في المؤتمر، التي تُوصِي الحُكوماتِ بـ: (تَشريع قوانين تُجرِّمُ نشْرَ الكراهيةِ، والتحريضَ على الفِتنةِ، والاحترابَ الداخليِّ، والتعدِّي على المُقدَّسات)! وهل هناك ما يَنشُرُ الكراهيةَ ويُحرِّضُ على الفِتنةِ أكثرُ مِن أن تُوصِمَ المخالِفَ لك مِن أهل السُّنَّة بالمتطرِّف وبأنَّ عِندَه انحرافًا حادًّا وخَطيرًا، وغيرِها مِن العِباراتِ التحريضيَّة؟!
عاشرًا: تجاهُلُ المؤتمرِ عُلماءَ السُّنَّة السَّلفيِّينَ في أنحاء العالَمِ كلِّه كان مقصودًا؛ فلو كان المؤتمرُ يَهدِفُ بالفِعلِ إلى تَوحيدِ الكلمةِ، ولَمِّ الشَّملِ، لَجَمَع عُلماءَ المسلمين بشَتَّى تَوجُّهاتِهم؛ ليَخرجوا ببيانٍ يَجمَعُ كلمتَهم- ولو فيما يتَّفقونَ عليه- ويُؤجِّلوا ما اختَلفوا فيه، خاصَّةً في مِثل هذا الوقتِ الذي تَكالَبَ فيه عليهم الرافضةُ واليهودُ والنَّصارى، لكنَّ همُّهم في إخراجِ السَّلفيِّين مِن دائرةِ أهلِ السُّنَّة والجماعةِ أكبرَ مِن هَمِّ تَوحيدِ صَفِّ المسلِمينَ ضِدَّ عَدُوِّهم!
حادي عشر: رأينا مَنْ حَضَر المؤتمرَ، وإذا بهم ثَلاثةُ أصناف: صِنفٌ يُشارِكُ القائمين على المؤتمرِ عقيدَتهم وفِكرَهم وتَوجُّهَهم الحاقِدَ على السَّلفيِّين ودعوةِ التوحيدِ، وهؤلاء ليس لنا إلَّا أن نَدْعو اللهَ لهم بالهِدايةِ، وصِنفٌ ذَهَب وهو يُحسِنُ الظنَّ بهم فخاب ظنُّه! وصِنفٌ ثالثٌ حضَر وهو لا يَدْري لِمَ حَضَر ولِمَن حضَر، وربَّما فُوجِئَ باللُّغةِ الفَجَّة التي ظهرتْ في البيانِ الختاميِّ للمؤتمر! وهذان الصِّنفانِ الأخيرانِ عليهما أن يَتحلَّيَا بالشجاعةِ والجُرأةِ وأنْ يَتبرَّأَا مِن هذا البيانِ وما حواه المؤتمرُ، وإلَّا فهي وصمةُ عارٍ في تاريخِ مَسيرتِهم العِلميَّةِ.
أمَّا أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ الحَقيقيُّون، وهم مَن كان على ما كان عليه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه، فلا يَضيرهم ولا يَضرُّهم مِثلُ هذه المؤتمراتِ والمؤامراتِ، بل هي عَلامةٌ على قُوَّةِ هذا المنهجِ وعِظَمِ انتشارِه؛ ممَّا أقضَّ مضاجعَ القومِ، وجَعَلهم يَتداعَوْن مِن كلِّ مكانٍ؛ ليَخرجوا بهذه النتيجةِ المخزيةِ!.
والله غالبٌ على أمرِه ولكنَّ أكثرَ النَّاس لا يعلمون.
http://dorar.net/article/1931
تعليق