الليبراليون المؤدلجون .. والليبراليون الداجون !!
دكتور استفهام
نعم .. إننا نعيش مرحلة استثنائية وحرجة يمر فيها البلد ، وقد أفرزت هذه الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق أوسط الكبير بروز تيارات كانت كامنة في الأرض ، وكمون تيارات ، وصار العامل السياسي العالمي واستراتيجية امريكا تلعب دورا بارزا في نشاط هذه التيارات التي تتبني الفكرة الغربية بحذافيرها ، وأصبح لها حضور فاعل وقوي ، بل وجرئ للغاية في طرح ما كانت تداري بإعلانه في المرحلة الماضية .
إن المعنى الدقيق لليبرالية يعاني من ضبابية واختلاف ولذلك لاختلاف طبيعة الحراك التاريخي للكلمة ، فهي بدأت بمفهوم خاص غير شمولي يدل على طبقة معينة من الناس ، ثم تطورت " سياسيا " حتى ارتبطت ارتباطا وثيقا بالرأسمالية ، إذ لا يمكن من الدعوة لليبرالية إلا بالدعوة للحرية الاقتصادية والحرية – وخاصة بالمال الخاص - ، وهذا يجعل محاولة " التلفيق " بين مبادئ الاسلام القارة الخالدة وبين الليبرالية بمفهومها الشمولي عبث فكري ، وسخف معرفي ، يدل على سطحية مفرطة وجهل بالكلمة ، او يدل على خبث في تمرير المفاهيم المبطنة من خلال اضفاء الشرعية عليها وأنها لا تتعارض مع الإسلام .
في المشهد الثقافي والفكري في " السعودية " يطالعنا بعض الكتاب " الليبراليين " ليعلنوا عن دعوتهم الى الليبرالية ، ثم هم لا يبينون عن أي ليبرالية يريدون ، حيث أن الليبرالية في الغرب مرت بمراحل من النقد والمراجعة والتطوير ، وكانت في نهايتها توسيعا لنفوذ الرأسماليين في الواقع ، والدعوة الى الحرية المطلقة المتفلتة من أي قيد ، ولكن كلمة " ليبرالية " تستهوي بعض الكتاب ليظهر نفسه بمظهر المثقف والمنفتح على الثقافات ، ولا يدري مآلات حمل هذه الفكرة على البلد سياسيا او ثقافيا او اجتماعيا .
إن هناك صنفان من الليبراليين :
الصنف الأول : الليبرالي المؤدلج الذي يتحيز إلى الغرب ثقافة وفكرا وتاريخا ، ويقوم مشروعه على التبشير بالمشروع الغربي لحمة وسدى ، وله موقف مبدئي من القيم الاسلامية ، بل من الاسلام ذاته ، ولولا وضع البلد سياسيا وقيما ، وكون الاسلام يشكل عمقا ضخما في البلد لأبان بموقفه من الاسلام بشكل مباشر وواضح ، ولكنه – ولهذا السبب – يمارس دور المنافق الذي يغمز ويلمز ويعمي الالفاظ ويخاتل بها إدراكا لطبيعة المرحلة التي يمر بها ، وان كانوا الآن أكثر صراحة ، ولعل هذا بداية مشروع لتأجيج الصراع مع الحكومة لقناعة الليبراليين بأن القفزة الى المجتمع الديمقراطي والليبرالي الرأسمالي الحر لا يمكن إلا من خلال ثورة حمراء ، لأن الحرية عندهم تنتزع ولا تعطى طوعا .
إن هؤلاء هم الذين يشكلون الخطر الحقيقي على البلد ، لأنهم يركبون مشروعا مناهضا للبلد واقعا ومستقبلا ، ويشكلون بديلا محتملا للأنظمة القائمة في المنطقة ، وما العراق إلا نموذجا لهذا ، حيث عمل هؤلاء على التسويغ للمحتل بدخول الأرض ، وكانوا قبل ذلك يحملون المشروع الغربي بكل تفاصيله ، ويبشرون به ، وخاصة بعد اكتشافهم بفشلهم في منحى " التغيير الاجتماعي " حين ادركوا إن المجتمعات الاسلامية قد لفظتهم وفشلوا في إحداث مشروعهم التغييري ، فان كان الاسلاميون قد نجحوا في تركيا اتاتورك ، فما بالك بموقع هؤلاء في بلد مثل المملكة العربية السعودية .
إن هؤلاء لهم أجنداتهم الخاصة ، ولهم كذلك مواقعم المؤثرة إعلاميا ، ولهم أتباع كثر ، ولهم دعومات كبيرة من جهات متعددة ، ولمثل هؤلاء يحتاج الى التركيز على مشروعهم ، ورصد تحركاتهم ، فإن مدافعتهم شريعة ماضية ، ومقصد شرعي حفظا لثوابت الأمة من جهة واستقرارها وأمنها في ظل دينها وعقيدتها وأخلاقها .
الصنف الثاني : أولئك الشلة الفاشلة من الشباب الذين يريدون التفلت من قيم الشريعة ، والاخلاق الاسلامية ، ويحملون في دواخلهم حنقا ضد كل التوجهات الاسلامية ، وهؤلاء ما أسميهم بـ " الليبراليون الداجون " ، فهم شهوانيون لا يريدون سوى تمتيع الشهوات وإلباس دعوتهم بالفكر والحرية والليبرالية ، وهؤلاء مساكين لاهثون خلف مصالحهم ، يُركبون من المؤدلجين لتحقيق مكاسب خاصة ، ثم يلفظونهم ليبحثوا عن صيدة أخرى ، ومن الخطأ الكبير إعطاء هؤلاء اكبر من حجمهم ، أو صرف الجهود عليهم ، لأنهم سيخبون ويخفتون حالما ينتهي الدور المصاغ لهم .
هذه فكرة عارضة أحببت ان اشارك فيها الاخوة .. والله الموفق !
http://saaid.net/mktarat/almani/55.htm
دكتور استفهام
نعم .. إننا نعيش مرحلة استثنائية وحرجة يمر فيها البلد ، وقد أفرزت هذه الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق أوسط الكبير بروز تيارات كانت كامنة في الأرض ، وكمون تيارات ، وصار العامل السياسي العالمي واستراتيجية امريكا تلعب دورا بارزا في نشاط هذه التيارات التي تتبني الفكرة الغربية بحذافيرها ، وأصبح لها حضور فاعل وقوي ، بل وجرئ للغاية في طرح ما كانت تداري بإعلانه في المرحلة الماضية .
إن المعنى الدقيق لليبرالية يعاني من ضبابية واختلاف ولذلك لاختلاف طبيعة الحراك التاريخي للكلمة ، فهي بدأت بمفهوم خاص غير شمولي يدل على طبقة معينة من الناس ، ثم تطورت " سياسيا " حتى ارتبطت ارتباطا وثيقا بالرأسمالية ، إذ لا يمكن من الدعوة لليبرالية إلا بالدعوة للحرية الاقتصادية والحرية – وخاصة بالمال الخاص - ، وهذا يجعل محاولة " التلفيق " بين مبادئ الاسلام القارة الخالدة وبين الليبرالية بمفهومها الشمولي عبث فكري ، وسخف معرفي ، يدل على سطحية مفرطة وجهل بالكلمة ، او يدل على خبث في تمرير المفاهيم المبطنة من خلال اضفاء الشرعية عليها وأنها لا تتعارض مع الإسلام .
في المشهد الثقافي والفكري في " السعودية " يطالعنا بعض الكتاب " الليبراليين " ليعلنوا عن دعوتهم الى الليبرالية ، ثم هم لا يبينون عن أي ليبرالية يريدون ، حيث أن الليبرالية في الغرب مرت بمراحل من النقد والمراجعة والتطوير ، وكانت في نهايتها توسيعا لنفوذ الرأسماليين في الواقع ، والدعوة الى الحرية المطلقة المتفلتة من أي قيد ، ولكن كلمة " ليبرالية " تستهوي بعض الكتاب ليظهر نفسه بمظهر المثقف والمنفتح على الثقافات ، ولا يدري مآلات حمل هذه الفكرة على البلد سياسيا او ثقافيا او اجتماعيا .
إن هناك صنفان من الليبراليين :
الصنف الأول : الليبرالي المؤدلج الذي يتحيز إلى الغرب ثقافة وفكرا وتاريخا ، ويقوم مشروعه على التبشير بالمشروع الغربي لحمة وسدى ، وله موقف مبدئي من القيم الاسلامية ، بل من الاسلام ذاته ، ولولا وضع البلد سياسيا وقيما ، وكون الاسلام يشكل عمقا ضخما في البلد لأبان بموقفه من الاسلام بشكل مباشر وواضح ، ولكنه – ولهذا السبب – يمارس دور المنافق الذي يغمز ويلمز ويعمي الالفاظ ويخاتل بها إدراكا لطبيعة المرحلة التي يمر بها ، وان كانوا الآن أكثر صراحة ، ولعل هذا بداية مشروع لتأجيج الصراع مع الحكومة لقناعة الليبراليين بأن القفزة الى المجتمع الديمقراطي والليبرالي الرأسمالي الحر لا يمكن إلا من خلال ثورة حمراء ، لأن الحرية عندهم تنتزع ولا تعطى طوعا .
إن هؤلاء هم الذين يشكلون الخطر الحقيقي على البلد ، لأنهم يركبون مشروعا مناهضا للبلد واقعا ومستقبلا ، ويشكلون بديلا محتملا للأنظمة القائمة في المنطقة ، وما العراق إلا نموذجا لهذا ، حيث عمل هؤلاء على التسويغ للمحتل بدخول الأرض ، وكانوا قبل ذلك يحملون المشروع الغربي بكل تفاصيله ، ويبشرون به ، وخاصة بعد اكتشافهم بفشلهم في منحى " التغيير الاجتماعي " حين ادركوا إن المجتمعات الاسلامية قد لفظتهم وفشلوا في إحداث مشروعهم التغييري ، فان كان الاسلاميون قد نجحوا في تركيا اتاتورك ، فما بالك بموقع هؤلاء في بلد مثل المملكة العربية السعودية .
إن هؤلاء لهم أجنداتهم الخاصة ، ولهم كذلك مواقعم المؤثرة إعلاميا ، ولهم أتباع كثر ، ولهم دعومات كبيرة من جهات متعددة ، ولمثل هؤلاء يحتاج الى التركيز على مشروعهم ، ورصد تحركاتهم ، فإن مدافعتهم شريعة ماضية ، ومقصد شرعي حفظا لثوابت الأمة من جهة واستقرارها وأمنها في ظل دينها وعقيدتها وأخلاقها .
الصنف الثاني : أولئك الشلة الفاشلة من الشباب الذين يريدون التفلت من قيم الشريعة ، والاخلاق الاسلامية ، ويحملون في دواخلهم حنقا ضد كل التوجهات الاسلامية ، وهؤلاء ما أسميهم بـ " الليبراليون الداجون " ، فهم شهوانيون لا يريدون سوى تمتيع الشهوات وإلباس دعوتهم بالفكر والحرية والليبرالية ، وهؤلاء مساكين لاهثون خلف مصالحهم ، يُركبون من المؤدلجين لتحقيق مكاسب خاصة ، ثم يلفظونهم ليبحثوا عن صيدة أخرى ، ومن الخطأ الكبير إعطاء هؤلاء اكبر من حجمهم ، أو صرف الجهود عليهم ، لأنهم سيخبون ويخفتون حالما ينتهي الدور المصاغ لهم .
هذه فكرة عارضة أحببت ان اشارك فيها الاخوة .. والله الموفق !
http://saaid.net/mktarat/almani/55.htm