الإعجاز في السماوات
السماء كانت دخاناً
حقائق جديدة تؤكد صدق القرآن الكريم
بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل
السماء كانت دخاناً
حقائق جديدة تؤكد صدق القرآن الكريم
بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل
بعد نشر مقالتي "السماء تتكلم" جاءتني رسالة يقول صاحبها: إن القرآن قد أخطأ في كلمة (دخان)!! وحجّته في ذلك أن التعريف العلمي للدخان لا يتطابق مع الحالة السائدة في بداية الكون، حيث كان الكون وقتها يتألف من عنصرين هما غاز الهيدروجين وغاز الهليوم. وأن كلمة (دخان) الواردة في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11].
إنه يقول: إن كلمة (غاز) هي الأنسب من الناحية العلمية من كلمة (دخان). وتذكرتُ الانتقادات التي يوجهها أعداء الإعجاز العلمي لهذه الآية، بل ويشككون في مصداقيتها ويقولون: إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو من كتب هذه الآية وأخطأ في وصفه للكون المبكر بكلمة (دخان)!
أستغفرك يارب من قول هؤلاء فأنا لا أشك أبداً بأي كلمة من كلمات كتابك المجيد. وثقتي بما في القرآن هي أكبر من ثقتي بما أراه وألمسه، لأن الحواس قد تخطئ ولكن رب هذا الكون سبحانه لا يُخطئ. وقلت في بداية الأمر: بما أن القرآن نزل في بيئة صحراوية فقد خاطب الناس وقتها بما يدركون. وكلمة (غاز) غير موجودة في اللغة العربية، لأنها كلمة أجنبية، ولذلك يمكن التعبير عنها بكلمة (دخان)، إذن المسألة محسومة.
ولكن تذكرت على الفور بأن القرآن لم ينزل للعرب وحدهم، بل نزل لكل البشر! ولم ينزل لبيئة محددة أو عصر من العصور، بل نزل لكافة العصور ولكل زمان ومكان! فما هو العمل؟ لقد قلتُ في مقالتي "السماء تتكلم"(1): إن القرآن اختصر كل هذه المصطلحات "غيوم من الغاز، غاز حار، غبار، ذرات متأينة.." اختصرها في كلمة جامعة ومعبرة وهي (دُخان)!
غاز أم غبار أم دخان؟
لقد اكتشف العلماء أن الكون في مراحله الأولى امتلأ بالغاز gas، وخصوصاً غاز الهيدروجين وغاز الهيليوم (2)، ولكنهم اكتشفوا بعد ذلك غباراً كونياً cosmic dustينتشر بين النجوم، ويقولون إنه من مخلفات الإنفجارات النجمية. ولكن الغاز يختلف عن الغبار ويختلف طبعاً عن الدخان. فكيف يمكن التوفيق بين العلم والقرآن، ونحن طبعاً نرفض أن نحمّل الآية ما لا تحتمله من المعاني والدلالات، لكي لا تكون وسيلة للطعن في هذا الدين.
وبدأتُ جولة في عالم المكتشفات الكونية وكانت المفاجأة عندما قرأت تصريحاً لأحد علماء الغرب يعترف فيه أن ما كشفوه من غبار كوني لا يمتُّ بصلة للغبار الذي نعرفه ولا يشبهه أبداً، وأن هذا الغبار أشبه ما يكون بدخان السيجارة!!!
فهذا هو الدكتور دوغلاس بيرس (3) يقول بالحرف الواحد:
Unlike household dust, cosmic 'dust' actually consists of tiny solid grains (mostly carbon and silicates) floating around in interstellar space, with similar sizes to the particles in cigarette smoke.
ومعنى ذلك: "الغبار الكوني- والذي لايشبه الغبار المنزلي- في الحقيقة يتألف من حبيبات صلبة دقيقة (وغالباً من الكربون والسيليكون) تسبح في الفضاء بين النجوم، وحجمها مشابه لحجم دخان السيجارة".
ولذلك وجدتُ بأن العلماء يسمون هذا الغبار بالدخان الكوني، بعد أن وجدوا أنه لا يشبه الغبار، بمعنى آخر: التسمية التي أطلقها علماء الفلك خاطئة! ولو تأملنا الأبحاث الصادرة حديثاً نجد أنها تؤكد على هذه التسمية، بل هنالك من العلماء من يصرح بأن أفضل وصف لحقيقة الكون المبكر هي كلمة (دخان).
وهذه إحدى المقالات العلمية الحديثة يصرح كاتبها بالحرف الواحد (4):
The dust particles that are mixed with the gas are tiny, only a fraction of a micrometer in size, and could therefore better be described as ``smoke´´.
ومعنى ذلك أن: ذرات الغبار الممزوج بالغاز دقيقة، وحجمها يساوي جزء من الميكرون (5) فقط، ولذلك فإن أفضل وصف لها "دخان".
وسبحانك يا من أحكمت آيات كتابك العظيم! يحتار العلماء في مصطلحاتهم وتعابيرهم، فتارة يقولون عن الكون البدائي "غاز" ثم تتطور معرفتهم بالكون فيقولون "غبار" ثم بعد ذلك يتضح لهم أن الغبار لا يشبه الغبار الذي نعرفه (6)، ويدركون بعد سنوات طويلة بأن الكلمة الأفضل لوصف حالة الكون في مراحله الأولى هي "دخان" أي smoke، بينما كتاب الله تعالى أعطانا الكلمة الأنسب منذ 1400 سنة ولم تتغير!
شكل (1) في البداية ظن العلماء أن الكون في مراحله المبكرة كان يحوي الغاز فقط أي غاز الهيدروجين والهيليوم، لذلك أطلقوا عليه كلمة gas.
شكل (2) لقد اكتشف العلماء بعد ذلك أن الكون مليء بالغبار، وليس الغاز فقط. لذلك أطلقوا عليه اسم آخر هو الغبار الكوني cosmic dust.
http://www.55a.net/images/smooook/s3.jpg
شكل (3) وأخيراً وبعد أن فحص العلماء الغبار الكوزني، تبين أنه لا يشبه الغبار وأن هذه التسمية خاطئة، وأنه يشبه إلى حد كبير الدخان في حجمه وتركيبه، فأطلقوا عليه اسم الدخان smoke. وهذا الاسم الأخير ثبت لهم يقيناً بعدما استطاعوا أن يحللوا عينات ملتقطة حديثاً من الغبار الكوني، وتبين أنها تعود إلى بلايين السنين وهي تمثل الكون في مراحله الأولى، وهذا يتطابق مئة بالمئة مع قوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان)، فهل هذه مصادفة أم معجزة؟!
وهنا نقف لحظة للحوار
ونريد أن نسأل أولئك الذين يظنون بأن الإعجاز العلمي هو تحميل للآية معاني لا تحتملها، وإلصاق مفاهيم مصطنعة لا تناسب كلمات القرآن، وأن كتَّاب الإعجاز العلمي يلوون أعناق النص القرآني ليتناسب مع الكشوفات الجديدة، ونقول:
إن كلمة smokeتعني تماماً الدخان، وهي الكلمة الدقيقة لوصف حالة الكون البدائي قبل بلايين السنوات، وهذه الكلمة موجودة في القرآن بحرفيتها، أليست هذه معجزة مبهرة لكتاب الله تعالى؟ وهل نحن نحمل الكلمة فوق معناها أم أن هذا هو معناها؟
حتى إن علماء الفضاء ومن على أكبر مواقع الفضاء في العالم يدرسون هذا الغبار الكوني ويقولون بالحرف الواحد(7):
Cosmic dust particles are very small. To understand their size and consistency, they may best be visually compared to cigar smoke
أي: "ذرات الغبار الكوني صغيرة جداً. ولكي نفهم حجمها وقوامها، فإن أفضل طريقة هي أن نقارنها بدخان السيجارة".
إذن جميع العلماء يصرحون بأن كلمة الدخان هي الأفضل لفهم هذا الغبار الكوني، الذي ساد الكون قبل 10 بليون سنة. وهذا الدخان فيه دليل قوي على صدق قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30]. ففي هذه الآية تأكيد من رب العزة سبحانه بأن الكون كله كان نسيجاً محبوكاً بشدة ثم فتقه الله تعالى، وما الدخان الذي يكتشفه العلماء إلا بقايا الانفجار الكوني الكبير وهو من نواتج الفتق الذي حدثنا عنه كتاب الله تعالى قبل أن يكتشفه العماء بأربعة عشر قرناً (8).
ولكن هل هذه حقائق يقينية أم نظريات وفرضيات؟
نحن يجب ألا ننقاد وراء أي اكتشاف حتى نتأكد من مصداقيته وحقيقته، ولا نقحم في كتاب الله إلا ما ثبُت يقيناً. لذلك قد يسأل سائل: كيف يتأكد العلماء من معلوماتهم، وكيف عرفوا أن هذا الغبار هو في حقيقته دخان؟
وهذا يقودنا لعرض الاكتشاف الذي تم مؤخراً حيث استطاع العلماء التقاط بعض ذرات الدخان الكوني من الفضاء، وتحديداً على حدود كوكب المشتري . وقاموا بتحليله بأجهزتهم ورؤيته وتصويره ومعرفة كل شيء عنه بدقة مذهلة، وهنا لا يمكن لأحد أن ينكر هذه التجارب أبداً.
وجاء في نتيجة التحليل المخبري لهذا الغبار، وبالحرف الواحد (9):
Interstellar and interplanetary dust grains between about .6 micrometers and 1.4 micrometers are captured by Jupiter's magnetosphere, or area of magnetic influence, according to the study. Such particles are smaller than the diameter of a human hair and about the size of smoke particles.
وترجمة هذا الكلام: "حبيبات الغبار بين النجوم والكواكب يتراوح حجمها بين 0,6 ميكرون و 1،4 ميكرون، وهي ملتقطة من الغلاف الجوي للمشتري، أو من منطقة التأثير المغناطيسي وفقاً للدراسة. حبيبات كهذه أصغر من قطر شعرة الإنسان وهي بحجم ذرات الدخان".
وأخيرا
وهنا يثبت يقيناً بأن القرآن سليم من الناحية العلمية، فقد وصف حالة الكون بقوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) [فصلت: 11]. وليت هؤلاء العلماء قرءوا القرآن ووفروا على أنفسهم عناء البحث والدراسة وتغيير المصطلحات (10). بل نجد أن العلماء في القرن الحادي والعشرين قد بدءوا فعلاً باستخدام الكلمات القرآنية ذاتها، مثل كلمة (فضاء) والتي اتضح فيما بعد أنها لاتعني شيئاً، فلا وجود للفراغ في الكون، بل كله بناء محكم. وهكذا بدءوا يستخدمون كلمة (بناء) أي building(11).
وأخيراً: هل يمكن أن تكون هذه اللفتة الإعجازية في كتاب الله جل حلاله معجزة يعقلها ويتدبرها كل منصف وعاقل؟ وهنا نذكر كل من لم يخشع قلبه أمام عظمة هذا القرآن وأمام ما أنزل الله من الحق، نذكِّرهم بنداء الله تعالى لهم: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد 16].
الهوامش
(1) انظر مقالة بعنوان "السماء تتكلم" للمؤلف على موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة، على الرابط:
http://55a.net/firas/arabic/index.ph...how_det&id=407
(2) انظر مقالة علمية على الرابط:
http://www.courses.psu.edu/astro/ast...tar_birth.html
وجاء فيها:
"The interstellar gas consists of atoms and molecules, mainly composed of hydrogen and helium. Interstellar dust particles are the size of smoke particles".
"الغاز بين النجوم يتألف من ذرات وجزيئات، تتركب بشكل أساسي من الهيدروجين والهيليوم. ذرات الغبار بين النجوم هي بحجم ذرات الدخان".
(3) المقالة بعنوان: "الانفجارات النجمية الدخانية تحل سرّاً عمره 10 بليون سنة" متوفرة على الرابط:
http://outreach.jach.hawaii.edu/pressroom/2003_casa/
(4) المقالة متوفرة على الرابط:
http://www.chl.chalmers.se/~numa/ast...molecules.html
(5) الميكرون هو واحد من الألف من الميليمتر، أي هو جزء من مليون من المتر.
(6) انظر مقالة بعنوان: The Explosive Origin of Dust!على الرابط:
http://www.astro.cf.ac.uk/groups/cosmo/SNe/sne.html
وجاء فيها أن الغبار بين النجوم يتألف أساساً من الكربون والأوكسجين بحجم نموذجي كما في دخان السيجارة. إنه لا يشبه الغبار الذي نكنسه في بيوتنا، وفي الحقيقة الأرض هي كتلة عملاقة من الغبار!
Interstellar dust is mainly made from carbon and oxygen - with sizes typically that of cigarette smoke. It is not the same as the dust we clean up in our houses, and in fact the Earth is a giant lump of dust!
(7) وهذه المقالة على موقع وكالة الفضاء ناسا على الرابط:
http://saturn.jpl.nasa.gov/spacecraf...da-details.cfm
(8) انظر مقالة بعنوان النسيج الكوني بين القرآن والعلم، للمؤلف، ومنشور على موقع موسوعة الإعجاز العلمي على الرابط:
http://55a.net/firas/arabic/index.ph...how_det&id=379
(9) جاء في مقالة بعنوان: Dust ring around Jupiterعلى الرابط:
http://www.xs4all.nl/~carlkop/dustring.html
(10) انظر مقالة بعنوان "الأجسام البعيدة في السماء" وجاء فيها:
"The gas in interstellar space is accompanied by very tiny grains of dust, much like that found in cigarette smoke".
"الغاز الموجود في بين النجوم ترافقه حبيبات دقيقة جداً من الغبار، تماماً مثل تلك الموجودة في دخان السيجارة". المقالة متوفرة على الرابط:
http://www.skyhound.com/sh/dso_guide.html
(11) انظر مقالة بعنوان "البناء الكوني_كلمات قرآنية يرددها علماء الغرب، والمنشورة على موقع موسوعة الإعجاز العلمي على الرابط:
http://55a.net/firas/arabic/index.ph...how_det&id=390
المراجع
مقالة بعنوان "الانفجارات النجمية الدخانية" على الرابط:
http://www.astro.cf.ac.uk/news/research/smokeysne.html
مقالة حول "اكتشاف الدخان الكوني" على الرابط:
http://gwest.gats-inc.com/research/d...dust_page.html
مقالة حول الغبار في مجرة درب التبانة على الرابط:
http://outreach.jach.hawaii.edu/pres...0_scubagalcen/
انظر الروابط التي تتحدث عن الدخان الكوني:
http://saturn.jpl.nasa.gov/spacecraf...da-details.cfm
http://www.space.com/scienceastronom...st_030731.html
http://sci.esa.int/science-e/www/obj...odylongid=1022
http://www.sciencedaily.com/releases...0607032309.htm
http://www.ur.umn.edu/FMPro?-db=rele...&ID=2299&-Find
http://www.sciencedaily.com/releases...0607032309.htm
المصدر
https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2365
تعليق