دليل الامكان لاثبات وجود الله
أشاد أجدادنا من فلاسفة العروبة و الإسلام العظماء الأدلة الشامخة لاثبات وجود الله
و كان في مقدمة هؤلاء الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا الذي قدم دليل الامكان و الذي كان و ما يزال أحد أقوى الأدلة على وجود الله
و الآن أشرح هذا الدليل بالاستعانة بقول أحد العلماء في كتاب يدعى الآلهيات و هو :
برهان الامكان يعتمد على أمور
الأمر الأول تقسيم المعقول إلى الواجب و الممكن و الممتنع.
إنَّ كل معقول في الذهن إذا نسبنا إليه الوجود و التحقق، فإما أن يَصِحَّ اتصافُه به لذاته أو لا.
الثاني هو ممتنع الوجود كاجتماع النقيضين.
و الأَول: إما أَنْ يقتضي وجوبَ اتصافه به لذاته أو لا. و الأول هو واجب الوجود لذاته.
و الثاني، هو ممكن الوجود لذاته، أعني به ما تكون نسبة كل من الوجود و العدم إليه متساوية.
و بعبارة أخرى: إذا تصورنا شيئاً، فإما أنْ يكون على وجه لا يقبل الوجود الخارجي عند العقل أو يقبله. و الأول هو الممتنع بالذات كاجتماع النقيضين و ارتفاعهما، و اجتماع الضدين، ووجود المعلول بلا علة.
و الثاني، إما أنْ يستدعي من صميم ذاته ضرورة وجوده و لزوم تحققه في الخارج، فهذا هو الواجب لذاته. و إما أَنْ يكون متساوي النسبة إلى الوجود و العدم فلا يستدعي أَحدهما أَبداً، و لأجل ذلك قد يكون موجوداً و قد يكون معدوماً، و هو الممكن لذاته، كأفراد الإِنسان و غيره.
و هذا التقسيم، دائر بين الإِيجاب و السلب و لا شق رابع له، و لا يمكن أَنْ يُتصور معقول لا يكون داخلا تحت هذه الأَقسام الثلاثة.
الأَمر الثاني: وجود الممكن رهن علّته.
إِنَّ الواجب لذاته بما أَنَّه يقتضي الوجود من صميم ذاته، لا يتوقف وجوده على وجود علة توجده لا ستغنائه عنها. كما أَنَّ الممتنع حيث يستدعي من صميم ذاته عدم وجوده فلا يحتاج في الإِتصاف بالعدم إلى علة. و لأَجل ذلك قالوا إِنَّ واجب الوجود في وجوده، و ممتنع الوجود في عدمه، مستغنيان عن العلة، لأن مناط الحاجة إلى العلة هو الفقر و الفاقة، والواجب، واجبُ الوجود لذاته. و الممتنع، ممتنعُ الوجود لذاته. و ما هو كذلك لا حاجة له في الإِتصاف بأَحدهما إلى علة. فالأَول يملك الوجود لذاته، و الثاني يتّصف بالعدم من صميم الذات.
و أما الممكن فبما أَنَّ مَثَلَه إلى الوجود و العدم كَمَثَلِ مركَزِ الدائرةِ إلى محيطها لا ترجيحَ لواحد منها على الآخر، فهو في كلٍّ من الإِتصافين يحتاج إلى علة تخرجه من حالة التساوي و تجرُّه إما إلى جانب الوجود أَو جانب العدم.
نعم، يجب أن تكون علة الوجود أمراً متحققاً في الخارج، و أما علة العدم فيكفي فيها عدمُ العلة. مثلا: إن طردَ الجهل عن الإِنسان الأُمّي و إحلال العلم مكانَه، يتوقفُ على مبادىء وجودية، و أما بقاؤه على الجهل و عدم العلم فيكفي فيه عدم تلك المبادئ.
الأمر الثالث: في بيان الدور و التسلسل و بطلانهما.
الدور عبارة عن كون الشيء مُوجِداً لشيء ثانِ، و في الوقت نفسه يكون الشَّيء الثاني موجداً لذاك الشيء الأَول. و هذا باطل لأنَّ مقتضى كونِ الأَول علة للثاني، تقدُّمُه عليه و تأخُّرُ الثاني عنه: و مقتضى كون الثاني علة للأول تقدُّمُ الثاني عليه. فينتج كونُ الشيء الواحد، في حالة واحدة، و بالنسبة إلى شيء واحد، متقدِّماً و غير مُتَقَدِّم، و متأخراً و غير متأخر. و هذا هو الجمع بين النقيضين، و بطلانه كارتفاعهما من الضروريات البديهية. فينتج أنَّ الدّورَ و ما يستلزمه محال.
و لتوضيح الحال نمثل بمثال: إِذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة و اشترط كلُّ واحد منهما لإِمضائها، إمضاءَ الآخر، فتكون النتيجة توقُّفُ إمضاء كلٍّ على إمضاء الآخر و عند ذلك لن تكون تلك الورقة ممضاةً إلى يوم القيامة، لما ذكرنا من المحذور.
و هاك مثالا آخر: لو أَراد رجلان التعاون على حمل متاع، غيرَ أَنَّ كلاًّ يشترط في اقدامه على حمله إِقدام الآخر. فلن يحمل المتاع إلى مكانه أَبداً.
أما التسلسل فهو عبارة عن اجتماع سلسلة من العلل و المعاليل الممكنة، مترتبةً غير متناهية، و يكون الكل متَّسِماً بوصف الإِمكان بأَنْ يتوقف (أ) على (ب)، و الثاني على (ج)، و الثالث على رابع و هكذا دواليك تتسلسل العلل و المعاليل من دون أَنْ تنتهي إلى نقطة.
و البيان على بطلانه هو بطلان حوادث لا أول لها و قد بينته في مشاركة سابقة
و تعلم ذلك لان كل ممكن لا يكون إلا حادثا
لأن الحادث هو المسبوق بالغير فيكون لوجوده أول و الممكن لا بد له من علة و من حق العلة أن تتقدم معلولها فيكون الممكن مسبوقا بالغير فيكون لوجوده أول فيكون حادثا فيجري فيه برهان بكلان حوادث لا أول لها
أو نقول جملة الممكنات موجودة في الحال
و مجموع هذه العلل ممكن لأنه مركب و كل مركب ممكن فيكون مفتقرا إلى أجزائه التي هي غيره
فهذا الممكن لا بد له من علة فإما أن تكون نفسه أو جزئه أو أمرا خارجا عنه
لا جائز أن تكون نفسه للزوم تقدم الشيء على نفسه
لا جائز أن تكون جزئه
لأنه لو كانت جزئه فلزم أن تكون إحدى الممكنات فيكون الواحد منها علة لنفسه و لكل ما سبقه من ممكنات كانت علة له
فيلزم تقدم الشيء على نفسه و هذا مستحيل و تقدم الشيء على ما هو متقدم عليه و هذا مستحيل
فيلزم أن تكون علة الممكنات أمر خارج عنها بذا يبطل التسلسل
تقرير برهان الإِمكان
هذا العالم موجود
فإما أن يكون ممكنا أو واجبا
لكن العالم متغير
بمعنى أن العالم يكون في حالة و ينتقل إلى حالة أخرى
و عندما ينتقل العالم من حالة إلى أخرى فإما أن تنعدم الحالة الأولى أو أن لا تنعدم
على التقدير الأول يلزم أن تكون باقية فيلزم أن لا يكون متغيرا فتتعين الاولى
فالعالم في الحالة الأولى هل هي ممكنة أو واجبة
لو كانت واجبة لما انعدمت فتعين امكانها
و الممكن لا بد له من علة كما وضحنا
و يمتنع الدور و التسلسل
فيتعين انتهائها إلى واجب بذاته
و هذا هو الله
أشاد أجدادنا من فلاسفة العروبة و الإسلام العظماء الأدلة الشامخة لاثبات وجود الله
و كان في مقدمة هؤلاء الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا الذي قدم دليل الامكان و الذي كان و ما يزال أحد أقوى الأدلة على وجود الله
و الآن أشرح هذا الدليل بالاستعانة بقول أحد العلماء في كتاب يدعى الآلهيات و هو :
برهان الامكان يعتمد على أمور
الأمر الأول تقسيم المعقول إلى الواجب و الممكن و الممتنع.
إنَّ كل معقول في الذهن إذا نسبنا إليه الوجود و التحقق، فإما أن يَصِحَّ اتصافُه به لذاته أو لا.
الثاني هو ممتنع الوجود كاجتماع النقيضين.
و الأَول: إما أَنْ يقتضي وجوبَ اتصافه به لذاته أو لا. و الأول هو واجب الوجود لذاته.
و الثاني، هو ممكن الوجود لذاته، أعني به ما تكون نسبة كل من الوجود و العدم إليه متساوية.
و بعبارة أخرى: إذا تصورنا شيئاً، فإما أنْ يكون على وجه لا يقبل الوجود الخارجي عند العقل أو يقبله. و الأول هو الممتنع بالذات كاجتماع النقيضين و ارتفاعهما، و اجتماع الضدين، ووجود المعلول بلا علة.
و الثاني، إما أنْ يستدعي من صميم ذاته ضرورة وجوده و لزوم تحققه في الخارج، فهذا هو الواجب لذاته. و إما أَنْ يكون متساوي النسبة إلى الوجود و العدم فلا يستدعي أَحدهما أَبداً، و لأجل ذلك قد يكون موجوداً و قد يكون معدوماً، و هو الممكن لذاته، كأفراد الإِنسان و غيره.
و هذا التقسيم، دائر بين الإِيجاب و السلب و لا شق رابع له، و لا يمكن أَنْ يُتصور معقول لا يكون داخلا تحت هذه الأَقسام الثلاثة.
الأَمر الثاني: وجود الممكن رهن علّته.
إِنَّ الواجب لذاته بما أَنَّه يقتضي الوجود من صميم ذاته، لا يتوقف وجوده على وجود علة توجده لا ستغنائه عنها. كما أَنَّ الممتنع حيث يستدعي من صميم ذاته عدم وجوده فلا يحتاج في الإِتصاف بالعدم إلى علة. و لأَجل ذلك قالوا إِنَّ واجب الوجود في وجوده، و ممتنع الوجود في عدمه، مستغنيان عن العلة، لأن مناط الحاجة إلى العلة هو الفقر و الفاقة، والواجب، واجبُ الوجود لذاته. و الممتنع، ممتنعُ الوجود لذاته. و ما هو كذلك لا حاجة له في الإِتصاف بأَحدهما إلى علة. فالأَول يملك الوجود لذاته، و الثاني يتّصف بالعدم من صميم الذات.
و أما الممكن فبما أَنَّ مَثَلَه إلى الوجود و العدم كَمَثَلِ مركَزِ الدائرةِ إلى محيطها لا ترجيحَ لواحد منها على الآخر، فهو في كلٍّ من الإِتصافين يحتاج إلى علة تخرجه من حالة التساوي و تجرُّه إما إلى جانب الوجود أَو جانب العدم.
نعم، يجب أن تكون علة الوجود أمراً متحققاً في الخارج، و أما علة العدم فيكفي فيها عدمُ العلة. مثلا: إن طردَ الجهل عن الإِنسان الأُمّي و إحلال العلم مكانَه، يتوقفُ على مبادىء وجودية، و أما بقاؤه على الجهل و عدم العلم فيكفي فيه عدم تلك المبادئ.
الأمر الثالث: في بيان الدور و التسلسل و بطلانهما.
الدور عبارة عن كون الشيء مُوجِداً لشيء ثانِ، و في الوقت نفسه يكون الشَّيء الثاني موجداً لذاك الشيء الأَول. و هذا باطل لأنَّ مقتضى كونِ الأَول علة للثاني، تقدُّمُه عليه و تأخُّرُ الثاني عنه: و مقتضى كون الثاني علة للأول تقدُّمُ الثاني عليه. فينتج كونُ الشيء الواحد، في حالة واحدة، و بالنسبة إلى شيء واحد، متقدِّماً و غير مُتَقَدِّم، و متأخراً و غير متأخر. و هذا هو الجمع بين النقيضين، و بطلانه كارتفاعهما من الضروريات البديهية. فينتج أنَّ الدّورَ و ما يستلزمه محال.
و لتوضيح الحال نمثل بمثال: إِذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة و اشترط كلُّ واحد منهما لإِمضائها، إمضاءَ الآخر، فتكون النتيجة توقُّفُ إمضاء كلٍّ على إمضاء الآخر و عند ذلك لن تكون تلك الورقة ممضاةً إلى يوم القيامة، لما ذكرنا من المحذور.
و هاك مثالا آخر: لو أَراد رجلان التعاون على حمل متاع، غيرَ أَنَّ كلاًّ يشترط في اقدامه على حمله إِقدام الآخر. فلن يحمل المتاع إلى مكانه أَبداً.
أما التسلسل فهو عبارة عن اجتماع سلسلة من العلل و المعاليل الممكنة، مترتبةً غير متناهية، و يكون الكل متَّسِماً بوصف الإِمكان بأَنْ يتوقف (أ) على (ب)، و الثاني على (ج)، و الثالث على رابع و هكذا دواليك تتسلسل العلل و المعاليل من دون أَنْ تنتهي إلى نقطة.
و البيان على بطلانه هو بطلان حوادث لا أول لها و قد بينته في مشاركة سابقة
و تعلم ذلك لان كل ممكن لا يكون إلا حادثا
لأن الحادث هو المسبوق بالغير فيكون لوجوده أول و الممكن لا بد له من علة و من حق العلة أن تتقدم معلولها فيكون الممكن مسبوقا بالغير فيكون لوجوده أول فيكون حادثا فيجري فيه برهان بكلان حوادث لا أول لها
أو نقول جملة الممكنات موجودة في الحال
و مجموع هذه العلل ممكن لأنه مركب و كل مركب ممكن فيكون مفتقرا إلى أجزائه التي هي غيره
فهذا الممكن لا بد له من علة فإما أن تكون نفسه أو جزئه أو أمرا خارجا عنه
لا جائز أن تكون نفسه للزوم تقدم الشيء على نفسه
لا جائز أن تكون جزئه
لأنه لو كانت جزئه فلزم أن تكون إحدى الممكنات فيكون الواحد منها علة لنفسه و لكل ما سبقه من ممكنات كانت علة له
فيلزم تقدم الشيء على نفسه و هذا مستحيل و تقدم الشيء على ما هو متقدم عليه و هذا مستحيل
فيلزم أن تكون علة الممكنات أمر خارج عنها بذا يبطل التسلسل
تقرير برهان الإِمكان
هذا العالم موجود
فإما أن يكون ممكنا أو واجبا
لكن العالم متغير
بمعنى أن العالم يكون في حالة و ينتقل إلى حالة أخرى
و عندما ينتقل العالم من حالة إلى أخرى فإما أن تنعدم الحالة الأولى أو أن لا تنعدم
على التقدير الأول يلزم أن تكون باقية فيلزم أن لا يكون متغيرا فتتعين الاولى
فالعالم في الحالة الأولى هل هي ممكنة أو واجبة
لو كانت واجبة لما انعدمت فتعين امكانها
و الممكن لا بد له من علة كما وضحنا
و يمتنع الدور و التسلسل
فيتعين انتهائها إلى واجب بذاته
و هذا هو الله
تعليق