السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حوار الأستاذ الكبير حسام الدين حامد ( حفظه الله ) مع الملحد - سابقاً - أبي الحكم ، الذي أسلم وأصبح أخاً لنا في الله بعد هذا الحوار الماتع .. ولذا أفردتُ للحوار موضوعاً مستقلاً لأهميته .. عسى الله أن ينفع به من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبا الحكم ..
تقول ( اعلم ان وراء هذا الكون خالق ولكنني متكبر لدرجة عدم التصديق )
متكبر على من ؟ على الله ؟!
أظننت العبادة حطة لك ؟!
لا يا أبا الحكم ..
هذا جحود لا اعتداد بالنفس ..
أرأيت إلى ولد غذاه أبواه صغيرًا ، و أنفقوا عليه صغيرًا و كبيرًا ، و علموه و ربوه ، و رعوه و كفلوه ، و أحاطوه بالعناية و الرعاية .. حتى إذا بلغ أشده تركهم دون بِر ، و ترك طاعتهم ظنًّا منه أن الطاعة في ذلك تنافي اعتداده بنفسه !! أليس هذا بجحود ؟ بلى ..
فمنة الله عليك أعظم من ذلك ؟
أتريد أن أعدد لك أن تعرف ؟ أم تراني لا أحصيها عددًا ؟!
فبعد أن يتم عليك نعمه ظاهرة و باطنة تقول " كبر " !! إن العبادة هي أعلى درجات الحب !! فمالك تنأى عنها ؟!
ما عليك إن قلتَ " آمنت بالله " ثم استقمت ؟! ما يضرك في هذا ؟!
إن أحد المتكبرين سينادى يوم القيامة و هو في النار ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) ، أفتراك تسير في دربه و طريقه ؟!
ليس الطريق هنالك .. فاسمع مني ..
تعال أطوف بك في متاهات تصل بك إلى الإيمان و نستخرج من أرحام الحيرة جنين اليقين ..
و ما علىّ إن دخلت عليك من باب عقلك و ألقيت عليك الحجة حتى ترضى و أرضى ! ثم ما عليّ إن دلفت إلى باب العاطفة حتى ترضى و أرضى ! ثم ما علي ّ إن ولجت إلى باب الفطرة أهزها هزّا علك تفيق !
ما عليّ إن خاطبتك و رأينا أيهما أذكى عقلًا و أيهما أنضج فكرًا .. أهو الإيمان أم الإلحاد ؟!
أولًا : الرسول و الرسالة :
المثال الأول :
أبا الحكم .. أريدك أن تتخيل معي دجالًا كذابًا يدعي أنه مرسل من عند الله و يموت ولده و يوم موت ولده تنكسف الشمس و حين تنكسف الشمس يقول الناس " إن الشمس انكسفت من أجل ولده " .. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرًا لبطن و بطنًا لظهر و ترى كيف سيتصرف هذا الدجال ؟! أعمل عقلك كثيرًا في هذه المسألة و رِ كيف سيتصرف دجالٌ وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه !
لقد قلتَ ( اقرأ الفلسفة الاسلامية ولا استطيع الاقتناع بها .. أقرأ الفلسفة الالحادية واعجب ببعضها )
فأخبرني بالفلسفة الإلحادية كيف سيتصرف دجال وضع في الموقف السابق ..
ثم تعال معي ..
يموت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه و سلم و تنكسف الشمس ، و يتحدث الناس " إن الشمس قد انكسفت لموت ابن النبي صلى الله عليه و سلم " ، و يشمت المشركون " لقد بتر محمد " أي لم يعد له أولاد يحملون اسمه من بعده ، و يصرخ أحد الصحابة حزنًا ....
أما عن انكساف الشمس :
فلو أن النبي صلى الله عليه و سلم سكت و لم يتكلم لاستقر عند الناس أن الشمس انكسفت لموت ولده إبراهيم ، مجرد السكوت كان يكفي !! و لو أنه سكت لقلنا كانت مصيبة موت ولده شديدة !! مجرد السكوت يا أبا الحكم كان كافيًّا !! لكن ..
لكنه صلى الله عليه و سلم يقول ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله , لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته , فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا ).
هكذا بوضوح و دون أي لبس أو غموض !!
إن رجلًا لا يكذب على الله عز و جل في مسألة كهذه لن يكذب عليه في أنه رسول من عنده ، أليس كذلك ؟ بلى .
ثم ماذا ؟
ثم في خضم هذا الحزن تُشرع صلاة الكسوف و يصلي النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه صلاة الكسوف ، و يخطب فيهم خطبة يتكلم فيها عن عذاب القبر و لا يتكلم عن ولده بشيء !!
ثم ماذا ؟
ثم عندما يسمع من يصرخ من الصحابة حزنًا على موت ولد النبي صلى الله عليه و سلم ينهاه عن ذلك و يقول إن ذلك من الشيطان !!
ثم ماذا ؟!
ثم يقول صلى الله عليه وسلم ( تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضى الرب ، والله! إنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون .)
ثم ماذا ؟!
ثم لا يرد على المشركين !! و لا يتوعدهم من حينه !! و لا يرد لهم الصاع صاعين !! بل تنزل السورة الكريمة ( إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك و انحر * إن شانئك هو الأبتر )
لو تأملت السورة لوجدتها بشارة للنبي صلى الله عليه و سلم بالكوثر ، و لو كان - و حاشاه - دعيًّا أكان يسلي نفسه بالكذب ؟!
إن النبي صلى الله عليه و سلم لو كان سيكذب - و حاشاه - فلن يكذب على نفسه و يقول " إنا أعطيناك الكوثر " أو يقول " و الله يعصمك من الناس " و عندما تنزل عليه الآية يأمر الصحابة الذين كانوا يحرسونه بترك الحراسة لأن الله وعده أن يعصمه من الناس ، أتراه إلا صادقًا ؟ نعم والله صادقًا مصدوقًا .
ثم تتأمل السورة فتجدها تكليف بالعبادة " فصل لربك و انحر " ـ ألو كان الرد من عنده - و حاشاه - و ليس من عند الله أكان يكلف نفسه المزيد من العبادة في هذا الوقت الذي مات فيه ولده و شمت به الكفرة ؟!!
ثم يأتي الرد عليهم في آخر السورة ( إن شانئك هو الأبتر ) .
هذا موقف واحد من حياة النبي صلى الله عليه و سلم تجاه حدث موت ابنه صلى الله عليه و سلم ، وجدناه فيه يدفع عن نفسه ما زعمه الناس أن الشمس كسفت لموت ولده ، و يصلي صلاة الكسوف و يخطب عن عذاب القبر ، و يأتي الرد على الكفار فيه تسلية له بما له في الجنة و تكليف بالعبادة و في آخره الرد عليهم ، و يمنع أصحابه من المبالغة في الحزن مع حزن قلبه على ولده و هو في ذلك لا يقول إلا ما يرضي الرب عز و جل ..
و لم يسكت ليفهم الناس أن الشمس انكسفت من أجل ولده ، و لم يقعد عن العبادة و قام لصلاة الكسوف ، و لم يكن ليخدع نفسه بتسلية من عند نفسه بالكوثر ، و لم يكن ليزيد العبادات عليه و لم يكن ليمنع أصحابه من المبالغة في الحزن لو كان كاذبًا صلى الله عليه و سلم و حاشاه .
التفسير الإسلامي ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى )
التفسير الإلحادي : ........................ لن تجد تفسيرًا مقنعًا .
المثال الثاني :
قال تعالى ( غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ )
( البضع هو العدد بين 3 و 9 أو 3 و 10 )
قال تعالى ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )
هذا تبنؤ بأن الروم ستغلب في بضع سنين ، و لو مرت بضع سنين و لم تغلب الروم فقد انتهى الأمر و بطلت النبوءة و بطل الدين !!
و في نفس الوقت الكلام عن موعد الساعة لا يتكلم صلى الله عليه و سلم فيه و يقول إنه لا يعلمه و لو أنه قال " ستقوم بعد 500 سنة " لما ضره ذلك شيئًا !!
لو سألت أي دجال في العالم سؤالين و قلت له أجب عن سؤال واحد مما يأتي :
1- هل ستغلب روسيا أمريكا في خلال 10 سنين ؟
2- متى تكون نهاية العالم ؟
على أي السؤالين سيجيب : الأول أم الثاني ؟!
سيجيب السؤال الثاني بلا تردد يذكر و يترك السؤال الأول لأنه سيخشى أن ينفضح أمره ..
فلم كان الحال مع النبي صلى الله عليه و سلم هو العكس ؟!
التفسير الإسلامي ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى )
التفسير الإلحادي : ........................ لن تجد تفسيرًا مقنعًا .
أزيدك أم تردّ عليّ ؟
أزيدك - بإذن الله - فاصبر ! فإن للكلام بقية !
يُتبَع ..
تعليق