شبهة سرقة إعجاز الحاجز بين المياه العذبة والمالحة:
بعد كتابة موضوع: " شبهة وجود الأحجار الكريمة في المياه العذبة "
جاء رد من أحد الإخوة ينقد الإعجاز العلمي في قوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا " [الفرقان: 53]. بحجة أن الإعجاز مسروق من الكتاب المقدس: " في سفر التكوين 6 وقال الله ليكن جلد في وسط المياه.وليكن فاصلا بين مياه ومياه. 7 فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد.وكان كذلك. فهل الأصل هو الاعجاز ام نسخة النقل؟ ".
جواب الشبهة:
من عجائب أولئك الناس أنهم يقلبون الأخطاء العلمية في كتابهم المقدس، جاعلين منها إعجازاً علمياً ! فمن يدرس شروح الكتاب المقدس، ويبحث في تاريخ علاقة الكنيسة مع العلم وعلماء الطبيعيات.. يعلم أن النص الذي استشهد به كان من أفدح الأخطاء العلمية للكتاب المقدس.
وما كان له زعمَ وجود إعجاز علمي فيه، والإقناع بما ذَهَبَ إليه من تفسير مغلوط، بدون اللجوء إلى أسلوب غير علمي معهود منهم، ومتكرر كثيراً، وهو بتر النص وتحريفه.
فالمقصود بـ(الجَلَد) ـ بحسب الكتاب المقدس ـ هو السماء، أو: إن ما نشاهد لونه أزرقاً حين ننظر إلى أعلى، هو عبارة عن حاجز يمنع المياه الفوقية، عن الاختلاط بمياه الأرض.. ولا يوجد من يفسر مقصود الكتاب المقدس، خيراً من النص الصريح لكاتب الكتاب المقدس. ففي الإصحاح الأول من سفر التكوين: " (6) وقال الله ليكن جلد في وسط المياه، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه (7) فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد[1]، وكان كذلك (8) ودعا الله الجَلَد سماء... ".
الجَلَد ـ بما يمثله من قساوة ويبوس ـ الذي يفصل بين السماء والأرض، هو تفسير بدائي لسقف السماء. حين كانوا يظنون أن ذلك الأزرق، ما هو إلا حاجز شفاف يفصل بين الماء الموجود في الأعلى، وأن المطر يحدث نتيجة ثقوب فيه مصممة خصيصاً لذلك. ففَصَلَ ذلك الجَلَد[2] بين مياه السماء (الأمطار)، ومياه البحار والأنهار والينابيع الموجودة على الأرض.
وهنالك ثقوب أخرى في السماء، أكبرها ما اتخذ شكلاً دائرياً كبيراً نسبياً يدور حول الأرض (الشمس). وأخرى عبارة عن ثقوب كثيرة متناثرة ( القمر والنجوم). ودليل ذلك ما جاء في الإصحاح الأول من سفر التكوين عند الحديث عن بدء الخلق: " (14) وقال الله لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين (15) وتكون أنواراً في جلد السماء لتنير على الارض، وكان كذلك (16) فعمل الله النورين العظيمين، النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل، والنجوم (17) وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الارض ".
إذاً نصَّ الكتاب المقدس أن الشمس والنجوم والكواكب التي ترى بالليل، ليست أجراماً سماويةً، وإنما ثقوب موجودة في الجَلَد (السماء)، تنير الأرض.[3]
ودليلهم الذي لا يحتمل التأويل، ما ورد في سفر دانيال [12/3]: " والفاهمون يضيئون كالجَلَد.. ".
إذاً: الجلد مضيء بذاته، لا أن الضياء بسبب النجوم، بل بسبب فتحات في السماء (الجَلَدَ)، تلك الفتحات خماسية الأضلاع سداسية سباعية..
بما أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، ينبغي توضيح صورة السماء في أذهان كتَبَة سفر التكوين، جاء في المعجم اللاهوتي الكتابي: " وإذا كان الإسرائيلي يتأثر ببناء السماء ويتوق إلى نورها، ويعجب بنقائها [انظر: سفر الخروج24/10]، إلا أن صلابة جَلَد السماء الراسخة، لها وقعٌ خاص على نفسه [انظر: سفر التكوين1/18]. إنه يعتبر السماء بناء لا يقل عن الأرض متانة.. ومزوداً بخزائن للمطر والثلج والبَرَد والرياح.. ".[4]
أين النص القرآني الواضح من خطأ علمي واضح ؟!!!
أخوكم: عبد الرحيم الشريف
[email protected]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] النصُّ في متن: " التفسير التطبيقي للكتاب المقدس " ص7: " ليكن جَلَدٌ يحجز بين مياه ومياه، فخلقَ الله الجلد وفرَّق بين المياه التي تحملها السحب، والمياه التي تغمر الأرض.. ". والعجيب أن مجموعة اللاهوتيين الذين ألفوه لم يفسروا معنى: " الجَلَد "، بل تجاوزوا تفسير أعداد الإصحاح الأول من (3-24) في سفر التكوين مستعيضين عن ذلك بكلام عام عن قدرة الله في الخلق ! كما تجاوَزوا تفسير المزمور [148/4] ونصُّه: " سبحيه يا سماء السماوات، ويا أيتها السحب التي فوق الجَلَد ". انظر: ص1276.
[2] حتى لا يقول أحد إن معنى (جَلَد) يحتمل تأويله بـ (غازات)، فالعودة إلى التفسير الحرفي للنص العبري تبين الصواب. والنص العبري الحرفي للكلمة هو: ( רק'ע ) ويعني: " رقيع ". أي: الصفحة المطروقة الممتدة.. انظر: دائرة المعارف الكتابية، مجموعة من اللاهوتيين 2/554 (جَلَد).
وفسره اللاهوتيون الذين كتبوا : " تفسير الكتاب المقدس " 1/146: " (جَلَد): هو شيء منبسط ممتد، وهو يُرينا خلق الجو ". وقبل ذلك ـ بأسطر قليلة ـ مهَّدوا بمقدمة يعتذرون فيها عن أخطاء كتابهم المقدس.. جاء فيها: " الإنسان الذي اختبر شخصياً عن طريق قبول المسيح، حين يقرأ هذا الإصحاح، يؤمن في الحال بكل ما كُتِبَ فيه. لكن الأمور التي يصفها هذا الإصحاح تُعَد عجيبة جداً. وبالتالي: تفوق وسائل البحث العلمية، مما يجعل البعض يرَون فيها صعوبة عظمى ".
قلت: هذا اعتراف منه بوجود خطأ علمي.. ولكن، كيف يكون الخطأ العلمي، إعجازاً علمياً ؟
[3] لغاية القرن السابع عشر، كان اليهود والنصارى يظنون أن الشمس والنجوم ثقوباً في سقف السماء تمرر الضوء. حتى بيّن العالم الدنماركي (أولاف ريمر) خطأ العهد القديم، فقدم بحثاً إلى أكاديمية باريس بتاريخ 22/11/1675م وبيَّن أن ضوء الشمس يستغرق ثمان دقائق وثمان عشرة ثانية ليصل الأرض. انظر: التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير ؟ ، ليوتاكسيل، ص8.
[4]المعجم اللاهوتي الكتابي، بإشراف: الأب فاضل سيداروس اليسوعي، ص429-430 (سماء).
بعد كتابة موضوع: " شبهة وجود الأحجار الكريمة في المياه العذبة "
جاء رد من أحد الإخوة ينقد الإعجاز العلمي في قوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا " [الفرقان: 53]. بحجة أن الإعجاز مسروق من الكتاب المقدس: " في سفر التكوين 6 وقال الله ليكن جلد في وسط المياه.وليكن فاصلا بين مياه ومياه. 7 فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد.وكان كذلك. فهل الأصل هو الاعجاز ام نسخة النقل؟ ".
جواب الشبهة:
من عجائب أولئك الناس أنهم يقلبون الأخطاء العلمية في كتابهم المقدس، جاعلين منها إعجازاً علمياً ! فمن يدرس شروح الكتاب المقدس، ويبحث في تاريخ علاقة الكنيسة مع العلم وعلماء الطبيعيات.. يعلم أن النص الذي استشهد به كان من أفدح الأخطاء العلمية للكتاب المقدس.
وما كان له زعمَ وجود إعجاز علمي فيه، والإقناع بما ذَهَبَ إليه من تفسير مغلوط، بدون اللجوء إلى أسلوب غير علمي معهود منهم، ومتكرر كثيراً، وهو بتر النص وتحريفه.
فالمقصود بـ(الجَلَد) ـ بحسب الكتاب المقدس ـ هو السماء، أو: إن ما نشاهد لونه أزرقاً حين ننظر إلى أعلى، هو عبارة عن حاجز يمنع المياه الفوقية، عن الاختلاط بمياه الأرض.. ولا يوجد من يفسر مقصود الكتاب المقدس، خيراً من النص الصريح لكاتب الكتاب المقدس. ففي الإصحاح الأول من سفر التكوين: " (6) وقال الله ليكن جلد في وسط المياه، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه (7) فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد[1]، وكان كذلك (8) ودعا الله الجَلَد سماء... ".
الجَلَد ـ بما يمثله من قساوة ويبوس ـ الذي يفصل بين السماء والأرض، هو تفسير بدائي لسقف السماء. حين كانوا يظنون أن ذلك الأزرق، ما هو إلا حاجز شفاف يفصل بين الماء الموجود في الأعلى، وأن المطر يحدث نتيجة ثقوب فيه مصممة خصيصاً لذلك. ففَصَلَ ذلك الجَلَد[2] بين مياه السماء (الأمطار)، ومياه البحار والأنهار والينابيع الموجودة على الأرض.
وهنالك ثقوب أخرى في السماء، أكبرها ما اتخذ شكلاً دائرياً كبيراً نسبياً يدور حول الأرض (الشمس). وأخرى عبارة عن ثقوب كثيرة متناثرة ( القمر والنجوم). ودليل ذلك ما جاء في الإصحاح الأول من سفر التكوين عند الحديث عن بدء الخلق: " (14) وقال الله لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين (15) وتكون أنواراً في جلد السماء لتنير على الارض، وكان كذلك (16) فعمل الله النورين العظيمين، النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل، والنجوم (17) وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الارض ".
إذاً نصَّ الكتاب المقدس أن الشمس والنجوم والكواكب التي ترى بالليل، ليست أجراماً سماويةً، وإنما ثقوب موجودة في الجَلَد (السماء)، تنير الأرض.[3]
ودليلهم الذي لا يحتمل التأويل، ما ورد في سفر دانيال [12/3]: " والفاهمون يضيئون كالجَلَد.. ".
إذاً: الجلد مضيء بذاته، لا أن الضياء بسبب النجوم، بل بسبب فتحات في السماء (الجَلَدَ)، تلك الفتحات خماسية الأضلاع سداسية سباعية..
بما أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، ينبغي توضيح صورة السماء في أذهان كتَبَة سفر التكوين، جاء في المعجم اللاهوتي الكتابي: " وإذا كان الإسرائيلي يتأثر ببناء السماء ويتوق إلى نورها، ويعجب بنقائها [انظر: سفر الخروج24/10]، إلا أن صلابة جَلَد السماء الراسخة، لها وقعٌ خاص على نفسه [انظر: سفر التكوين1/18]. إنه يعتبر السماء بناء لا يقل عن الأرض متانة.. ومزوداً بخزائن للمطر والثلج والبَرَد والرياح.. ".[4]
أين النص القرآني الواضح من خطأ علمي واضح ؟!!!
أخوكم: عبد الرحيم الشريف
[email protected]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] النصُّ في متن: " التفسير التطبيقي للكتاب المقدس " ص7: " ليكن جَلَدٌ يحجز بين مياه ومياه، فخلقَ الله الجلد وفرَّق بين المياه التي تحملها السحب، والمياه التي تغمر الأرض.. ". والعجيب أن مجموعة اللاهوتيين الذين ألفوه لم يفسروا معنى: " الجَلَد "، بل تجاوزوا تفسير أعداد الإصحاح الأول من (3-24) في سفر التكوين مستعيضين عن ذلك بكلام عام عن قدرة الله في الخلق ! كما تجاوَزوا تفسير المزمور [148/4] ونصُّه: " سبحيه يا سماء السماوات، ويا أيتها السحب التي فوق الجَلَد ". انظر: ص1276.
[2] حتى لا يقول أحد إن معنى (جَلَد) يحتمل تأويله بـ (غازات)، فالعودة إلى التفسير الحرفي للنص العبري تبين الصواب. والنص العبري الحرفي للكلمة هو: ( רק'ע ) ويعني: " رقيع ". أي: الصفحة المطروقة الممتدة.. انظر: دائرة المعارف الكتابية، مجموعة من اللاهوتيين 2/554 (جَلَد).
وفسره اللاهوتيون الذين كتبوا : " تفسير الكتاب المقدس " 1/146: " (جَلَد): هو شيء منبسط ممتد، وهو يُرينا خلق الجو ". وقبل ذلك ـ بأسطر قليلة ـ مهَّدوا بمقدمة يعتذرون فيها عن أخطاء كتابهم المقدس.. جاء فيها: " الإنسان الذي اختبر شخصياً عن طريق قبول المسيح، حين يقرأ هذا الإصحاح، يؤمن في الحال بكل ما كُتِبَ فيه. لكن الأمور التي يصفها هذا الإصحاح تُعَد عجيبة جداً. وبالتالي: تفوق وسائل البحث العلمية، مما يجعل البعض يرَون فيها صعوبة عظمى ".
قلت: هذا اعتراف منه بوجود خطأ علمي.. ولكن، كيف يكون الخطأ العلمي، إعجازاً علمياً ؟
[3] لغاية القرن السابع عشر، كان اليهود والنصارى يظنون أن الشمس والنجوم ثقوباً في سقف السماء تمرر الضوء. حتى بيّن العالم الدنماركي (أولاف ريمر) خطأ العهد القديم، فقدم بحثاً إلى أكاديمية باريس بتاريخ 22/11/1675م وبيَّن أن ضوء الشمس يستغرق ثمان دقائق وثمان عشرة ثانية ليصل الأرض. انظر: التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير ؟ ، ليوتاكسيل، ص8.
[4]المعجم اللاهوتي الكتابي، بإشراف: الأب فاضل سيداروس اليسوعي، ص429-430 (سماء).
تعليق