تملُقُ السلطانِ .. كوسيلةٍ لاختبار الوحي !
"رُسُل الله ودعاة الحق .. وبولس الرسول"
"رُسُل الله ودعاة الحق .. وبولس الرسول"
من يتطلع إلى أحداث الثورات الأخيرة في العالم العربي لعام 2011 , ويرى دعوة أهل الباطل ودعوة أهل الحق , قبل سقوط النظام ثم يقارن دعوتَهُم بعد سقوط النظام , سيُدرِك بكل وضوح وواقعية أثر السلطة الديكتاتورية على فِكْرِ أهل الحق ودعوتِهِم, وأثرها على كتابات أهل الباطِل ودعاواهم.
فأفكارُ أهل الباطل ومبادِؤُهُم تتلون وتدور في فلكِ السلطان .. تمتاز بتملق السلطانِ ومداراته, ونشْر فكره ومعتقداتِه, بل وتطويع معتقد الكاتب المتلون ليكون على هوى السلطان وحاشيته .. ففكر أهل الباطل يتغير وتتبدل دعاواهم بتبدل وانتقال الكرسي, تتغير عقيدتهم وتتلون جلودهم بلون الزمان ولون الصولجان .. ودعوةُ وفكر أهل الحقِّ يصدحُ بالبرهان لا تتغير دعوتُهُم مع تغير الزمان أو تقلب السلطان .. ومن يُراقب مؤلّفاتِ المتملقين والمنافقين في صالح النُظُم السلطوية والديكتاتورية, يجدها تشتهر وتزدهر طالما كان السلطان باقيًا, وإن بقيت بعده تبقى مشوهة وقائِعها متناقِضة , أما كتاباتُ أهل الحق فهي تحت حكم السلطان الجائِر ضد النشر , أو تُمنَع تحت القمع والترويع وإن بقيت بعده بقيت سالمة لا تتغير يزول السلطان وتبقى سالمة دعوة واحدة لا تتغير. قاعدة تاريخية لا تتغير.. هذه القاعدة التاريخية سيطرت على المتلونين في كل الأحقاب والأزمان فطوّعت كتاباتِهم إلى ما يُريده السلطان, ولم تُسيطِر على أهل الحق ومن عندهم من الله برهان , وإن حاولت إخماد صوتِ الحق فيهم .. أو أجبرتهم على الصمت والإنكار بالقلب !
هذه القاعدة ثابتة وهي من أهم الفوارِق التي تُفرق بين دعاة الحق ودعاة الباطل .. دعاة الحق الربانيون , لا تأخُذُهُم في الحق لومةُ لائِم, فيواجهون السلطان بما عندهم من حق , ويدعونهُ إليه , وإن أنكر عليهم, أنكروا عليْه واعتزلوهم وما يعبدون وتبرأوا منهم إلى أن ياتي أمر الله .. وأهم ما يُميِّزُ أهل الباطِل هو التنازُل عن دعواهم واستثناء السلطان منها , أو عدمُ الإنكار عليه أو الدوران في فلكِه والإستقواءُ به .. أهل الحق يستقوون بالله على السلطان .. وأهل الباطل يستقوون بالسلطان على من خالفهم !!
وسنستفيدُ من هذه القاعدة في اثباتِ بطلان دعوى بولس الرسول .. فهذه القاعدة هي من أهم الفوارق التي تفرق بين النبي الصادِقِ والنبي الكاذِب, وهي من أهم الفوارِق التي يجِب أن توضَع في الحُسْبان لكل باحِثِ حقٍ أراد أن يختبر كتابًا أو كتاباتٍ يزْعُمُ أهلُهُ أنه من عند الله عزّ وجل .. فما اختصّ به أنبياء الله عز وجل وأتباعهم من أهل الحق هو الصدح بالحق في وجه السلطان, فابراهيم نبي الله عزّ وجل صدح بالحق في وجه النمرود ولم يتملق أو يغير دعوته أو يزعم أنه على دينهم حتى يُفلت من نار النمرود بل استعان بالله واستنصر به وقد كان وحده فنصره الله ونجا من نار النمرود . ونبي الله موسى صدح بالحق في وجه فرعون وقد كان وحده مستضعفًا لا ينصره إلا أخوه هارون عليهما السلام, ولم يُرهبه فعون وجنوده , ولم يغير في دعوته او يزعم أنه على دين فرعون حتى ينجو من بطشِه , بل استنصر الله فنصره الله ومكن الله له. ونبي الله عيسى صدح بالحق في وجه قومِهِ من اليهود والرومان, برغم تهديدهم له بالقتل والصلب, ولم يغير دعوته او يزعم أنه يهودي او روماني حتى يُفلِت من العقاب واستنصر الله فانتصر الله له. ونبي الله محمد صدح بالحق وقد كان وحده في وجه قريش وزعماء العرب وقبائِلهم , وصدح بالحق في وجه كسرى الفرس, وقيصر الروم ومكن الله له, ولم يغير في دعوته ليُفلت من بطش قريش واليهود والفرس والروم. ورُسُل المسيح وحواريوه صدحوا بالحق في وجه الرومان وهجروهم وما يعبدون وهربوا منهم إلى سفوح الجبال , وفقتلوهم وصلبوهم ونكلوا بهم ولم يهنوا قط ولم يتنازلوا أو يستقوا بالرومان. أما بولس الرسول فهو أول من صدح بالرومان في وجه الحق فزعم أنه روماني ضد بني ملته وبني جلدته ليستنصر بهم على تلامذة المسيح وحواريوه, وهو أول رسول مزعوم يستنصر بالرومان ولا يستنصر بالله , فيدعو صراحةً إلى النفاق والمداورة والإستقواء بالسلطان يقول بولس في أعمال الرسل ليُفلِت من الجلد : "أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً", وهو أول من وضع قاعدة الكذب والإستقواء بالسلطان, وأول رسول يؤصِّل قاعدة الغايةِ تبرر الوسيلة , الكذب والنفاق لينصُر دعوته وانجيله الذي يُبشر به, والمسيح من انجيله ووسيلته بريء ,فقال "صِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ، مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ، وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيه". " .. وهو أول من أصّل للكذب في دعوته فقال " إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أُدان أنا بعد كخاطئ".
تعليق