مغالطات جدلية
هام الى كل مسلم يحاور مخالف
بقلم : عبد الرحمن حسن حبنكة الميدانى من كتابه كواشف زيوف
https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4581
يقصد بالمغالطة اصطناع مقدمات مزيفة مزخرفة توهم بصحتها ، فتسوق فِكرَ من يُراد إقناعه بالباطل من حيث لا يشعر ، حتى تُوقعه في الغلط ، وهو يحسب أنه على صواب ، فيقبل الباطل الذي يساق إلى الاقتناع به ، ويظنه حقاً ، فيعتقد صوابه ، ويؤمن به ، ثمّ يدافع عنه ويبشر به .
وللمغالطات الجدلية أصول كثيرة أهمها الأصول التالية :
الأصل الأول
تعميم أمرٍ خاص : والمغالطة بالتعميم الباطل تنسب إلى بعض أفراد العام ما ليس له من أحكام بغية التضليل .
ويستطيع المضللون التأثير على جماهير الناس بهذه المغالطة ، لأن من طبيعة هذه الجماهير أن تصدّر أحكاماً تعميمية ، وأن تقبل أحكاماً تعميمية ، متى شاهدت أمثلة مطبقة على بعض أفراد العام ، وذلك في نظراتهم السريعة السطحية غير العلمية ، وهي النظرات التي ليس فيها أناة ، ولا عمق ، ولا بصيرة ، ولا تتبُّعٌ واستقصاء ، ولا منهجية برهانية .
فإذا رأوا عدداً من اللصوص ينتمون إلى قبيلة ، حكموا على أفراد القبيلة بأنهم لصوص ، كما لو رأوا حيواناً يفترس الأنعام ، إذ يحكمون على كل أفراد نوع هذا الحيوان بأنها تفترس بطبيعتها الأنعام ، ويغفلون عن نقطة مهمة وهي أنه لا يصح قياس الناس الذين يتحركون بإرادتهم على البهائم التي تتحرك بطباعها .
ويستغل المضللون هذه الطبيعة السطحية ، عند الجماهير التي لا تملك منهجية علمية في نظراتها إلى الأمور ، فيضللونهم بأحكام تعميمية باطلة .
ويكون التعميم الباطل بوجهين :
الوجه الأول : أن يكون للفظ العام تطبيقات جزئية مقبولة ومعقولة ، وفيها حق وخير ، وهي تقع ضمن دوائر وحدود خاصة .
والناس يطلقونه دون بيان حدوده الخاصة ، فهو يتردد على الألسن دون قيود .
ويستغل المفسدون المضللون هذا اللفظ بإطلاقه ، ويعطونه مداً تعميمياً ، ليكون له في نفوس الجماهير صدى عام ، يشمل مساحات لا يصح أن يشملها ، فإذا طبق على هذه المساحات الواقعة وراء الحدود المعقولة المقبولة ، كان تطبيقه باطلاً ، ونجم عنه شر وفساد .
مثل ألفاظ : "الحرية – المساواة – التقدم – الواقعية – المثالية – الرجعية – الوطنية – القومية" إلى غير ذلك من ألفاظ مطلقة .
الوجه الثاني: أن تقدم الملاحظة أو التجربة العلمية أمثلة محدودة ، جرت في أفراد العام ، كنوع أو جنس ، وهذه الأمثلة ، لا يصح بناء قاعدة كلية عامة عليها في المنهج العملي السليم .
لكن المضلين يوهمون بأن هذه الأمثلة المحدودة ، التي جرت في أفراد معدودة ، كافية لإعلان قاعدة كلية عامة ، أو قانون شامل لكل أفراد النوع أو الجنس .
ويقبل السطحيون ذلك ، لأن نزعة التعميم وتصدير الأحكام الكلية الشاملة ، أقرب إلى نفوسهم من البحث التفصيلي المتقصي ، الذي لا يسمح بإصدار أحكام تعميمية إلا بعد استقراء شامل أو ما هو قريب منه .
والمغالطة التعميمية ، أخطر مغالطة فكرية تقتات بها وتعيش عليها المذاهب الفكرية المعاصرة ، والاتجاهات المنحرفة في مختلف الميادين والمعارف التي اختلط فيها الحق بالباطل .
والتعميم في الحكم يكون في جانب الإيجاب ، ويكون في جانب السلب ، فالمعمم تعميما ًخائطاً قد يقبل المذهب كلَّه لأن بعضه حق ، وقد يرفض المذهب كله لأن بعضه باطل .
ومن التعميم الفاسد في جانب الإيجاب ، الحكم على كل مُعطيات الحضارة الغربية بالصحة ن قياساً على ما صح منها في معطيات العلوم البحتة , وعلى ما ظهر منها في المنجزات التطبيقية المادية . مع أن هذا التعميم المستند إلى هذا القياس ، تعميمٌ فاسد ، لأن القياس الذي هو دليله قياس غير صحيح ، ومبعث قبوله عند الجماهير جهلهم بأسس اكتساب المعرفة ، وثقتهم العمياء القائمة على غير أساس منطقي سليم .
إنه ليس من الضروري أن يكون من يستطيع التغلب على المصارعين في المصارعة ، ذا قدرة على التفوق على الشعراء في الشعر ، أو الأدباء في الأدب ، أو علماء الحساب والهندسة في علومهم .
كذلك ليس من الضروري ، ولا من اللازم العادي ، أن يكون المتفوق في العلوم الصناعية قد وصل إلى الحق في قضايا الأخلاق ، أو في قضايا فلسفة الوجود ، والبحثِ عما وراء الظواهر المادية ، فضلاً عن قضايا الدين ذات المصادر الربانية .
ومن التعميم الفاسد في جانب السلب رفض كل دين ، لأن بعض ما يطلق عليه اسم دين هو باطل .
وعلى هذا التعميم الفاسد اعتمد دعاة الإلحاد في محاربة الإسلام .
والمنهج الفكري الذي يجب اتباعه ، هو أن الجزم بالتعميم لا يكون إلا نتيجة استقراء تام لكل الوحدات الجزئية ، التي تدخل في العموم ، فإذا اتحد الحكم في كل الوحدات أمكن عندئذٍ إصدار حكم كلي عام عليها جميعاً .
وإلا ، فإن كان الأغلب يحمل هذا الحكم أمكن إصدار حكمٍ أغلبي ، لا حكم شامل .
وإن كان دون ذلك فالحكم يجب أن يكون بحسب الواقع .
والتعميم القياسي مقبول في قوانين الطبيعة ، بالاستناد إلى الاستقراء الناقص ، لكنه يعطي نظرية قابلة للتغيير ، ولا يعطي حقيقة نهائية . ومقبول في أحكام الشرع الاجتهادية ، لكنه يعطي ظناً راجحاً ، ولا يعطي يقيناً ، إلا في بعض الصور ، وهي التي يكون فيها القياس من باب أولى .
هام الى كل مسلم يحاور مخالف
بقلم : عبد الرحمن حسن حبنكة الميدانى من كتابه كواشف زيوف
https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4581
يقصد بالمغالطة اصطناع مقدمات مزيفة مزخرفة توهم بصحتها ، فتسوق فِكرَ من يُراد إقناعه بالباطل من حيث لا يشعر ، حتى تُوقعه في الغلط ، وهو يحسب أنه على صواب ، فيقبل الباطل الذي يساق إلى الاقتناع به ، ويظنه حقاً ، فيعتقد صوابه ، ويؤمن به ، ثمّ يدافع عنه ويبشر به .
وللمغالطات الجدلية أصول كثيرة أهمها الأصول التالية :
الأصل الأول
تعميم أمرٍ خاص : والمغالطة بالتعميم الباطل تنسب إلى بعض أفراد العام ما ليس له من أحكام بغية التضليل .
ويستطيع المضللون التأثير على جماهير الناس بهذه المغالطة ، لأن من طبيعة هذه الجماهير أن تصدّر أحكاماً تعميمية ، وأن تقبل أحكاماً تعميمية ، متى شاهدت أمثلة مطبقة على بعض أفراد العام ، وذلك في نظراتهم السريعة السطحية غير العلمية ، وهي النظرات التي ليس فيها أناة ، ولا عمق ، ولا بصيرة ، ولا تتبُّعٌ واستقصاء ، ولا منهجية برهانية .
فإذا رأوا عدداً من اللصوص ينتمون إلى قبيلة ، حكموا على أفراد القبيلة بأنهم لصوص ، كما لو رأوا حيواناً يفترس الأنعام ، إذ يحكمون على كل أفراد نوع هذا الحيوان بأنها تفترس بطبيعتها الأنعام ، ويغفلون عن نقطة مهمة وهي أنه لا يصح قياس الناس الذين يتحركون بإرادتهم على البهائم التي تتحرك بطباعها .
ويستغل المضللون هذه الطبيعة السطحية ، عند الجماهير التي لا تملك منهجية علمية في نظراتها إلى الأمور ، فيضللونهم بأحكام تعميمية باطلة .
ويكون التعميم الباطل بوجهين :
الوجه الأول : أن يكون للفظ العام تطبيقات جزئية مقبولة ومعقولة ، وفيها حق وخير ، وهي تقع ضمن دوائر وحدود خاصة .
والناس يطلقونه دون بيان حدوده الخاصة ، فهو يتردد على الألسن دون قيود .
ويستغل المفسدون المضللون هذا اللفظ بإطلاقه ، ويعطونه مداً تعميمياً ، ليكون له في نفوس الجماهير صدى عام ، يشمل مساحات لا يصح أن يشملها ، فإذا طبق على هذه المساحات الواقعة وراء الحدود المعقولة المقبولة ، كان تطبيقه باطلاً ، ونجم عنه شر وفساد .
مثل ألفاظ : "الحرية – المساواة – التقدم – الواقعية – المثالية – الرجعية – الوطنية – القومية" إلى غير ذلك من ألفاظ مطلقة .
الوجه الثاني: أن تقدم الملاحظة أو التجربة العلمية أمثلة محدودة ، جرت في أفراد العام ، كنوع أو جنس ، وهذه الأمثلة ، لا يصح بناء قاعدة كلية عامة عليها في المنهج العملي السليم .
لكن المضلين يوهمون بأن هذه الأمثلة المحدودة ، التي جرت في أفراد معدودة ، كافية لإعلان قاعدة كلية عامة ، أو قانون شامل لكل أفراد النوع أو الجنس .
ويقبل السطحيون ذلك ، لأن نزعة التعميم وتصدير الأحكام الكلية الشاملة ، أقرب إلى نفوسهم من البحث التفصيلي المتقصي ، الذي لا يسمح بإصدار أحكام تعميمية إلا بعد استقراء شامل أو ما هو قريب منه .
والمغالطة التعميمية ، أخطر مغالطة فكرية تقتات بها وتعيش عليها المذاهب الفكرية المعاصرة ، والاتجاهات المنحرفة في مختلف الميادين والمعارف التي اختلط فيها الحق بالباطل .
والتعميم في الحكم يكون في جانب الإيجاب ، ويكون في جانب السلب ، فالمعمم تعميما ًخائطاً قد يقبل المذهب كلَّه لأن بعضه حق ، وقد يرفض المذهب كله لأن بعضه باطل .
ومن التعميم الفاسد في جانب الإيجاب ، الحكم على كل مُعطيات الحضارة الغربية بالصحة ن قياساً على ما صح منها في معطيات العلوم البحتة , وعلى ما ظهر منها في المنجزات التطبيقية المادية . مع أن هذا التعميم المستند إلى هذا القياس ، تعميمٌ فاسد ، لأن القياس الذي هو دليله قياس غير صحيح ، ومبعث قبوله عند الجماهير جهلهم بأسس اكتساب المعرفة ، وثقتهم العمياء القائمة على غير أساس منطقي سليم .
إنه ليس من الضروري أن يكون من يستطيع التغلب على المصارعين في المصارعة ، ذا قدرة على التفوق على الشعراء في الشعر ، أو الأدباء في الأدب ، أو علماء الحساب والهندسة في علومهم .
كذلك ليس من الضروري ، ولا من اللازم العادي ، أن يكون المتفوق في العلوم الصناعية قد وصل إلى الحق في قضايا الأخلاق ، أو في قضايا فلسفة الوجود ، والبحثِ عما وراء الظواهر المادية ، فضلاً عن قضايا الدين ذات المصادر الربانية .
ومن التعميم الفاسد في جانب السلب رفض كل دين ، لأن بعض ما يطلق عليه اسم دين هو باطل .
وعلى هذا التعميم الفاسد اعتمد دعاة الإلحاد في محاربة الإسلام .
والمنهج الفكري الذي يجب اتباعه ، هو أن الجزم بالتعميم لا يكون إلا نتيجة استقراء تام لكل الوحدات الجزئية ، التي تدخل في العموم ، فإذا اتحد الحكم في كل الوحدات أمكن عندئذٍ إصدار حكم كلي عام عليها جميعاً .
وإلا ، فإن كان الأغلب يحمل هذا الحكم أمكن إصدار حكمٍ أغلبي ، لا حكم شامل .
وإن كان دون ذلك فالحكم يجب أن يكون بحسب الواقع .
والتعميم القياسي مقبول في قوانين الطبيعة ، بالاستناد إلى الاستقراء الناقص ، لكنه يعطي نظرية قابلة للتغيير ، ولا يعطي حقيقة نهائية . ومقبول في أحكام الشرع الاجتهادية ، لكنه يعطي ظناً راجحاً ، ولا يعطي يقيناً ، إلا في بعض الصور ، وهي التي يكون فيها القياس من باب أولى .
تعليق