أحمد : كيفك يا جورج , عساك بخير
جورج : نشكر الرب , كيفك أنت
أحمد : الحمد لله رب العالمين
جورج : أريد أن أتحدث معك فى موضوع معين
أحمد : تفضل بكل سرور
جورج : بكل حيادية , و بكل إنصاف , أريدك أن تخبرنى , أيهما أفضل , الملكوت الذى وعدنا الله إياه فى العالم القادم , حيث المتع كلها روحية , و سعادة فى الحياة مع الله , أم الجنة عندكم بما فيها من متع جسدية من أكل و شرب و زواج ؟
أحمد : لا شك أن الجنة عندنا أفضل من الملكوت عندكم . لا تغضب منى و لكنك سألت عن رأيى بكل صراحة , بل إن هذا أمر اعتقادى لا مجال للمجاملة فيه .
جورج : أنا لست غاضبا , و لكنى أستغرب جدا من كلامك هذا , كيف يكون الملكوت الروحى أقل قدرا من النعيم الجسدى ؟
أحمد : ليس الأمر بالشكل الذى تقوله , أنا أقول الجنة عندنا أفضل من الملكوت عندكم , و لم أقل النعيم الجسدى أفضل من النعيم الروحى .
جورج : ماذا تقصد , أليست الجنة عندكم أنواعا من المتع الجسدية ؟
أحمد : لا بالطبع , الجنة عندنا بها متع روحية و متع جسدية , و ليست متعا جسدية فقط , و لهذا أنا أقول لك أن الجنة عندنا أفضل من الملكوت عندكم , و الأمر واضح جدا , فبينما اكتفى إلههكم بأن يمنحكم متعا روحية , منحنا الله المتع الروحية فتساوينا معكم فى هذا الأمر , و زادنا فوقها المتع الجسدية , اذن بعملية حسابية بسيطة يتبين أننا لم نخسر ما عندكم , بل أخذناه , و أخذنا شيئا آخر فوقه .. هل عرفت الآن لم أقول لك أن الجنة أفضل من الملكوت ؟ لأنها تشمل ما عندكم فى الملكوت و تزيد عليه .
جورج : اسمح لى أن أقول لك شيئا , أنا أصلا أرفض وجود متع جسدية فى العالم الآخر , هذه الأشياء تليق بالدنيا و لا تليق بالآخرة , و بالتالى أنا أرى أن وجود المتع الجسدية فى الجنة عندكم يقلل من قيمتها , و لا يزيد من قيمتها .
أحمد : أنتم بهذا تحتقرون المتع الجسدية , و بهذا يتبين شىء آخر و هو أننا كمسلمين ننظر للمتع الجسدية نظرة أرقى من نظرتكم لها , بل و نحترمها الى درجة أن دار النعيم الأخروى عندنا بها متع جسدية , و لا تقتصر فقط على المتع الروحية .
جورج : لا تغضب منى , هل يليق بالله أن يقول للناس , اذا أطعتمونى سأزوج كل رجل منكم سبعين حورية أو مائة حورية , أليست هذه رشوة جنسية ؟
أحمد : لا طبعا , هل تعتبر أن الأب اذا دخل على ابنه و هو يذاكر , فربت على كتفه و قال له " شد حيلك و انجح , و هجوزك عروسة زى القمر " , هل تعتبر هذا رشوة جنسية ؟ .. ألم يفعل والدك هذا معك , و فعل والدى هذا معى ؟ هل كانا يقدمان لى و لك رشوة جنسية .
جورج ( متلعثما ) : لا , لم يكن أبى يرشونى جنسيا , و لكن الرجل فى الجنة سيكون له سبعون زوجة أو مائة زوجة , هذا أمر غريب .
أحمد : أنت الآن تنتقل الى نقطة مختلفة و هى تعدد الزوجات فى الجنة , و تركت نقطة الخلاف الأصلية و هى " هل وجود نعيم جسدى فى الجنة أفضل أم أسوأ من عدم وجوده " , فهل انتهيت من هذه النقطة أولا ؟
جورج ( رافضا الإقرار بمنطقية كلام أحمد ) : فلنقل أننى سأفكر فى كلامك عن هذه النقطة , و لكن أخبرنى عن تعدد الزوجات فى الجنة , و لماذا لا يكون للنساء عندكم أيضا أكثر من زوج فى الجنة ؟
أحمد ( ضاحكا ) : اعذرنى , كلما أسمع هذا السؤال لا أتمالك نفسى و أضحك , ليس استهزاءا بك و أنت تعلم ذلك , فنحن صديقان , و لكن الرجل فطرته تقبل تعدد الزوجات و ترغب فيه , بينما فطرة المرأة لا يلائمها هذا الأمر , و لهذا كافأ الله الرجل فى الجنة بأن يكون له أكثر من زوجة , بينما لو فعل هذا للمرأة لكان عقوبة لها لا ثوابا , لأن فطرتها تأبى ذلك ... و لا تقلق , فأهل الجنة لا يتحاسدون و لا يتباغضون , و بالتالى لن تغير زوجة من زوجة أخرى .
جورج : حسنا سأفكر فى كلامك
أحمد : هذا أمر جيد , و كما قلت لك الجنة عندنا بها كل المتع الروحية التى تتخيلها و التى لا تتخيلها , ففيها نرى الله , و فيها نرى الرسل , و فيها نرى المؤمنين من كل زمان و مكان , و هى دار السلام , ليس فيها خوف و لا حزن ....الخ .
جورج : نعم فهمت أن الجنة عندكم لا تحوى فقط متعا جسدية , بل بها متع جسدية و روحية .
أحمد : هذا أمر جيد .. و بالمناسبة , فأنت لو أعملت عقلك فى الأمر لعلمت أن هذا كلام منطقى جدا .
جورج : كيف هذا ؟
أحمد : لأنه , و بكل بساطة , الإنسان روح و جسد , و الله يختبره فى الدنيا كروح و جسد , و يحاسبه على خطايا الروح ( مثل الحسد و الحقد ) و خطايا الجسد , و يثيبه على الأعمال الصالحة للروح ( مثل حب المؤمنين ) و الأعمال الصالحة للجسد , و بالتالى فالشىء المنطقى هو أن يكون الثواب للروح و الجسد معا , و يكون العقاب للروح و الجسد معا .. و بالتالى لو فكرت فى الأمر قليلا لعلمت أن ما ورد فى الإسلام عن الجنة يتفق مع العقل و المنطق أكثر مما ورد عندكم عن الملكوت , فالإسلام جعل الثواب للروح و الجسد معا , بينما عندكم الثواب و النعيم روحانى محض , بل حتى الجسد عندكم سيتحول الى جسد روحانى لا يأكل و لا يشرب و لا يتزوج .
جورج ( متحيرا ماذا يقول ) : أنا فهمت كلامك و سأفكر فيه .
أحمد : هذا أمر جيد , و لكن بعدما أجبت على أسئلتك عن الجنة عندنا , دعنى أنهى حوارى معاك بسؤال عن الملكوت عندكم . ألا تعتقد أن عدم وجود المتع الجسدية عندكم فيه احتقار لها ؟ أليس هذا شبيها بالفكر الغنوصى الذى يحتقر الجسد ؟ , أننى أسمى الملكوت عندكم - إن جاز التعبير - " الملكوت الغنوصى " .
جورج ( متلعثما ) : ماذا ؟؟!!!! احتقار للمتع الجسدية ؟؟؟!!!! ملكوت غنوصى ؟؟؟!!!! .. سوف أسأل فى الكنيسة و آتيك بالإجابة .
أحمد : جيد جدا , اذن الى اللقاء
جورج : الى اللقاء .
_______________________
الفوائد من هذا الحوار :
1- الجنة أفضل من الملكوت لأن بها المتع الروحية و زيادة ( أى بها متع جسدية أيضا ) .
2- الإسلام يحترم المتع الجسدية أكثر من المسيحية .
3- الثواب جسديا و روحيا أكثر اتفاقا مع العقل و المنطق و هذا ما يوجد فى الإسلام و لا يوجد فى المسيحية .
4- المسيحية تحتقر أو تقلل من شأن المتع الجسدية , و لهذا لا يوجد فى الملكوت عندهم مثل هذه المتع .
و بالتالى فالوضع الطبيعى و المنطقى أن يكون الهجوم من الجانب الإسلامى ضد الطرف المسيحى , فنحن من يجب أن نهاجمهم لإحتقارهم المتع الجسدية , و لعدم اتساق الثواب الأخروى عندهم مع أبجديات العقل و المنطق .
نصيحتى لكل الإخوة , عندما يكلمك المسيحى عن الجنة و ما فيها من متع جسدية ,لا تقف فى خانة الدفاع , بل قف فى موضع الهجوم , و قل له فورا , نحن نحترم المتع الجسدية أكثر منكم , و وجود ثواب روحانى و جسدانى أكثر اتساقا مع العقل و المنطق , و هذا ما يوجد عندنا و لا يوجد عندكم .
إياك , ثم إياك , ثم إياك , أن تقف فى خانة الدفاع
بل تكلم بقوة و هاجمه , و ضعه هو فى خانة الدفاع عن دينه الذى يحتقر المتع الجسدية و لا يتسق مع العقل و المنطق .
و الحديث عن احتقار المسيحية للمتع الجسدية ليس مقتصرا فقط على نظرتهم عن الملكوت , بل يمتد الى ما ابتدعوه من الرهبنة و خلاف ذلك .. و لكن هذا موضوع آخر .
حياكم الله
تعليق