القضايا المعاصرة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    القضايا المعاصرة

    القضايا المعاصرة

    ولئن انتهى الاستشراق في شكله التقليدي القديم فإنه غير جلدته ليناسب المرحلة الجديدة التي تفتحت الأعين في العالم الإسلامي على الدراسات الاستشراقية. ومع استمرار الاهتمام بالقضايا الاستشراقية التقليدية كدراسة العلوم الإسلامية المختلفة، كالقرآن الكريم، والحديث الشريف، والفقه، والتاريخ الإسلامي واللغة العربة وآدابها فإن الموضوعات الجديدة التي أصبحت تحتل مساحة مهمة هي ما يمكن أن نطلق عليه العالم الإسلامي المعاصر، أو قضايا العالم الإسلامي المعاصرة. ومن أول القضايا المعاصرة الاستمرار في دراسة العقيدة الإسلامية ومدى تمسك المسلمين بها، إن العقيدة الإسلامية هي المحرك الأساس لحياة الأمة الإسلامية، وتعتمد قدرة الغرب على السيطرة على العالم الإسلامي على مدى قرب المسلمين من عقيدتهم أو بعدهم عنها، فكلما كان المسلمون أقوى عقيدة وإيماناً ضعفت فرص الغرب في الهيمنة والنفوذ. فالإسلام دين لا يقبل أن يكون تابعاً ولا خانعاً ومما يدعو الغربيين لدراسة العقيدة الإسلامية بروز تيار الصحوة الإسلامية وازدياد ظاهرة العودة إلى الإسلام في أنحاء العالم الإسلامي، وكذلك إقبال أعداد متزايدة من النصارى على الدخول في دين الله ومعرفة العقيدة الإسلامية، ونفصل ما قلنا في النقط التالية:

    دراسة المجتمعات الإسلامية المعاصرة


    دراسة الصحوة الإسلامية


    أثر الاستشراق في العالم الإسلامي

    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    #2
    القضايا المعاصرة

    دراسة المجتمعات الإسلامية المعاصرة

    ومن القضايا المعاصرة الدراسات الغربية حول الأوضاع السياسية للعالم الإسلامي، فقد بلغ عدد الدول الإسلامية اثنتين وخمسين دولة مما يجعل هذا الوضع قريباً مما شهده العالم الإسلامي إبّان ما كان يسمى بعهد ملوك الطوائف، وهذه الدول ينبغي في نظر الغرب أن تبقى متفرقة، وأن تتم دراستها وحدها أو وضعها في مجموعات لتسهيل دراستها والإلمام بكل شؤونها، ويلاحظ أن المؤسسة الإسلامية بمدينة ليستر البريطانية تصدر دورية مهمة تتابع ما يكتب في الغرب حول العالم الإسلامي فتفرد عنوانا خاصا بكل دولة.

    وتشمل الدراسات السياسية نشأة هذه الدول وأنواع حكوماتها وسياساتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية، والعلاقات بين الحكومات وشعوبها، وتتضمن هذه الدراسات رصداً لأبرز الشخصيات السياسية والعلمية والإسلامية بصفة خاصة.

    ويهتم الاستشراق المعاصر أيضا بالأوضاع الاقتصادية من حيث الثروات الطبيعية أو المعدنية التي توجد في العالم الإسلامي، وهذه الثروات التي يتطلع الغرب إلى أن يظل مهيمناً عليها تصنيعاً وتسويقا، ولا يبقى للبلاد الإسلامية إلا الاستهلاك وبعض المال الذي سرعان ما يضخ في الاقتصاد الأوروبي لأننا اقتنعنا أن الاستثمار عندهم بأتي بعائد كبير، وهم يفتعلون بين الحين والآخر هزات اقتصادية هنا وهناك لإضاعة هذه المكتسبات الوهمية.

    وتركز الدراسات الاقتصادية على إبقاء الدول الإسلامية في حد الفقر بإغراقها بالديون التي بلغت أرقامها أرقاماً فلكية عدا عن الفوائد الربوية التي تعجز كثير من الدول عن سدادها فما بالك بأصل الدين.

    ومن أبرز الموضوعات التي يتناولها المستشرقون في دراساتهم الاجتماعية موضوع المرأة ومكانتها في المجتمعات الإسلامية، فيقدمون أحياناً صورة واضحة لمكانة المرأة قد تحمل كثيراً من الحقيقة، ولكنهم يقدمون تفسيرات لبعض الظواهر بناءً على خلفيتهم الثقافية، ولكنهم لا يتوقفون عند حد المعرفة بل يريدون للمرأة المسلمة أن تتحول إلى مسخ من المرأة الغربية، ويؤكد هذا الاحتفال الكبير الذي لقيه كل من كتب عن المرأة المسلمة من المسلمين انطلاقاً من وجهة النظر الغربية، ومن هؤلاء قاسم أمين في كتابه (تحرير المرأة) وكتابه (المرأة الجديدة)، وظهر في تونس كاتب آخر تشبه كتابته ما كتبه قاسم أمين هو الطاهر الحداد في كتابه (امرأتنا أمام الشريعة والمجتمع).

    ومما يساعد الغرب كثيراً على التعرف على حياتنا الاجتماعية الأعداد الكبيرة من الطلبة المبتعثين الذين يقدمون خلاصة جهدهم وعلمهم في رسائلهم الجامعية لنيل درجات الماجستير والدكتوراه، حيث يبحثون قضايا من المجتمعات الإسلامية لا يستطيع الغربيون الوصول الى المعلومات حولها.


    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق

    • سيف الكلمة
      إدارة المنتدى

      • 13 يون, 2006
      • 6036
      • مسلم

      #3
      القضايا المعاصرة

      دراسة الصحوة الإسلامية

      يتردد في الكتابات العلمية وكذلك في وسائل الإعلام وصف الصحوة الإسلامية ب (الأصولية). وهي تسمية خادعة لأن "الأصولية" حركة نصرانية بروتستانتية ظهرت في العشرين من القرن الميلادي الحالي تنادي بالعودة إلى النصوص" المقدسة" والالتزام بها حرفياً. وهي دعوة إلى الجمود، كما إنها دعوة إلى محاربة المدنية الحديثة. ويلاحظ أن لليهود حركة أصولية مماثلة تنادي بمحاربة المادية المعاصرة ووسائل المدنية وتقنياتها!!

      وإطلاق مصطلح "أصولية" على الحركات الإسلامية إنما هو من قبيل حرب النعوت والألقاب الذي يعد من وسائل الحرب وقد استخدمه المشركون في حربهم للرسول r وكذلك استخدمه أعداء الأنبياء في كل زمن، فقد أطلق أعداء أحد الأنبياء على الذين اتبعوا نبيهم (أراذلنا) وأطلق على النَّبي (مجنون، كاهن، شاعر، ساحر الخ).

      وهكذا فالحركة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية لا يصح أن نطلق عليها أصولية بهذا المفهوم الغربي، فدعوة الحركة الإسلامية العودة إلى تطبيق الإسلام تطبيقا سليما إنما هي دعوة إلى الحركة والحياة، والدليل على أن المسلمين حينما طبقوا أصولهم كانوا هم أرقى أمة عرفها التاريخ ولن يعرف أمة أرقى من المسلمين، فحينما تمسك المسلمون بإسلامهم كانوا أمة العلم والحضارة، وقد كتب الملك البريطاني جورج الرابع إلى الخليفة المسلم يقول له "لقد سمعنا ما تتمتع به بلادكم من رقي وحضارة، وأرجو أن يتنازل سيادتكم بتشريف ابني وبناتي بالدراسة في مدارسكم والنهل من علومكم، وذيّل خطابه بعبارة ’خادمكم المطيع‘.

      وجاء الاستقلال ظاهرياً حيث تأكد الاحتلال الأجنبي أن لا يسلم الأمور حين خروجه إلاّ إلى فئة ترعى مصالحه وتحارب الحركات الإسلامية، بل إن الغرب كما يقول الأستاذ محمد قطب قام بعملية ما يسمى ب(صناعة الزعيم) حيث اختار بعض من تثقف ثقافة غربية وقام بمسلسلات النفي والسجن لهؤلاء أو الخطف من الجو ثم أعادهم لتنظر إليهم الجماهير على أنهم الأبطال المحررون فيتبعوهم .

      ويهمني في هذا الإيجاز أن أتناول بعض النماذج من رصد الغربيين للحركات الإسلامية (الأصولية):



      1- محاضر جلسات الكونجرس الأمريكي.

      لقد استضاف الكونجرس الأمريكي على مدي ثلاثة أيام من سنة 1985م عدداً من الباحثين الأكاديميين من الجامعات الأمريكية لتقديم شهاداتهم أو رؤيتهم للحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، واستعرض الكونجرس بعض الدراسات لباحثين لم يتمكنوا من الحضور. وجمعت محاضر هذه الجلسات في كتاب بلغ عدد صفحاته اثنتين وأربعين وأربعمائة. وقد قام الدكتور أحمد خضر إبراهيم بترجمة جزء كبير من هذه المحاضر ونشرها على مدى خمسين حلقة في مجلة المجتمع قبل حرب الخليج الثانية، والمحاضر في لغتها الأصلية موجودة لدى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.

      2- كتاب الأصولية في العالم العربي.

      تأليف ريتشارد هرير دكمجيان وترجمة الدكتور عبد الوارث سعيد ونشر دار الوفاء بالمنصورة (مصر)سنة1409م، والكتاب عمل مخابراتي في المقام الأول حيث يرصد نشاطات اثنتين وتسعين جماعة إسلامية في العالم العربي من خلال منشوراتها العلنية والسرية ومن خلال المقابلات الشخصية مع طائفة من المنتسبين إلى هذه الجماعات. ويشهد الواقع أن الباحث كان دقيقاً في كثير من المعلومات التي ضمها الكتاب، غير أن الكاتب بحكم خلفيته الغربية وأصله الأرميني انحرف في فهم بعض القضايا التي تتعلق بالصحوة، والكتاب في مجمله يستحق القراءة العميقة لأنه يقدم توصيات للحكومات الغربية وللحكومات العربية الإسلامية التي تسير في ركاب الغرب حول كيفية التعامل مع الحركات الإسلامية.

      وقد صدرت في عام 1995م طبعة ثانية من الكتاب أضاف إليها المؤلف دراسات لعدد أكبر من الجماعات الإسلامية وصل إلى مائة وثماني جماعات، وقد تلقى المؤلف الدعم من الحكومة الأمريكية في دراسته في الطبعة الأولى وربما في الطبعة الثانية أيضاً، ويلاحظ أنه اهتم فقط بالجماعات التي تبدي معارضة للحكومات الإسلامية أما النشاطات الإسلامية والدعوة إلى العودة إلى الإسلام التي تعمل ضمن الأنظمة القائمة فلم يعر لها أي اهتمام.



      3- المركز الأكاديمي الإسرائيلي للبحوث.

      يذكر الدكتور أحمد عبد الحميد غراب أن هذا المركز قد أنشئ عام 1982م في القاهرة بناءً على مقررات معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، ويهدف المركز إلى تسهيل مهمة الباحثين اليهود للقيام بجمع المعلومات في مصر والاتصالات بالجامعات المصرية، كما يقوم المركز باستقطاب بعض الباحثين من مصريين وغيرهم لتقديم بحوثهم المتصلة بالمجتمعات العربية الإسلامية ويغدق عليهم من الأموال ما يغري ذوي النفوس الضعيفة للتعاون معه، ويقوم المركز بعقد ندوات أسبوعية وإصدارات نشرات تهدف إلى إثارة انبهار المسلمين بالتقدم العلمي والتقني في إسرائيل.



      4- المخابرات المركزية الأمريكية.

      قبل أكثر من عشر سنوات كانت جامعة هارفارد تنوي عقد ندوة عن الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي، وقبل بدء الندوة اكتشف أن المخابرات المركزية الأمريكية كانت ممولاً لهذه الندوة مما دعا الجامعة لإلغاء الندوة وفصل الأستاذ الجامعي الذي كان السبب في قبول هذا التمويل. وفي عام 1995م تنشر الشرق الأوسط على صدر صفحاتها نبأ دعوة المخابرات المركزية الأمريكية لعدد من أساتذة الجامعات لتقديم رؤيتهم لموضع الصحوة الإسلامية (الأصولية)، وقد انقسم الموقف بين أن تعامل الصحوة في جميع البلاد الإسلامية معاملة واحدة أو تعامل تلك الحركات التي تدعو إلى العنف معاملة مختلفة عما تعامل به الحركات السلمية.

      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق

      • سيف الكلمة
        إدارة المنتدى

        • 13 يون, 2006
        • 6036
        • مسلم

        #4

        القضايا المعاصرة

        أثر الاستشراق في العالم الإسلامي


        قدّم الاستشراق خدمات كبيرة للغرب النصراني في خدمة أهدافه التي قام من أجلها من أهـداف دينية وسياسية واقتصادية واستعمارية وثقافية، وحتى عندما استغنى الغرب عن مصطلح الاستشراق وأنشأ أقسام دراسات الشرق الأوسط أو الشرق الأدنى أو مراكز البحوث المختلفة فما زالت الأهداف القديمة موجودة. ولكنه في الوقت نفسه أثر تأثيرات سلبية في العالم الإسلامي في المجالات العقدية، والتشريعية، والسياسية، والاقتصادية والثقافية. وفيما يأتي أبرز هذه الآثار:

        الآثار العقدية

        من أبرز الآثار العقدية للاستشراق في العالم الإسلامي ظهور تيار من المفكرين والعلماء والسياسيين وحتى الناس العاديين أو العامة الذين نادوا بفصل الدين عن الحياة أو ما يطلق عليه العلمانية، فالعقيدة الإسلامية تربط كل مجالات الحياة بالإيمان بالله عز وجل وبالتصور العام الذي جاء به الإسلام للخالق سبحانه وتعالى والكون والإنسان. فلمّا كانت أوروبا قد وجدت الديانة النصرانية الـمحرفة تعيق تقدمها ونهضتها ظهر فيها التيار الذي أطلق عليه التنوير منادياً بفصل الدين عن الحياة أو قصر الدين على الشعائر التعبدية والعلاقة بين الله والإنسان، أما شؤون الحياة الأخرى من سياسة واقتصاد واجتماع فلا علاقة للدين به، ونظراً لأن أوروبا لم تعرف النصرانية الحقيقية أو الدين الذي جاء به عيسى عليه السلام بما أحدثه بولس فيها من تحريفات فإن ما ينطبق على أوروبا لا يمكن أن ينطبق على الإسلام.

        ونهضت أوروبا نهضتها بمحاربة الدين والكنيسة، وبلغت الذروة في هذه الحرب في الثورة الفرنسية، وقد أثر الاستشراق في هذا المجال عن طريق البعثات العلمية التي انطلقت من العالم الإسلامي إلى فرنسا كما يقول الشيخ محمد الصبّاغ "إنّ إفساد الطلبة المبعوثين لم يكن ليتحقق في بـلد من البلاد الأوروبية كما كان يمكن أن يتحقق في فرنسا التي خرجت من الثورة الفرنسية وهي تسبح في بحور من الفوضى الخلقية والفكرية والاجتماعية …من أجل ذلك كانت فرنسا محل البعثـات."[1] فانطلقت هذه البعثات من تركيا ومن مصر ومن إيران ومن المغرب. وكانت هذه البعثـات تحت إشراف مستشرقين فرنسيين، فمثلاً كانت البعثة المصرية تحت إشراف جونار، ويقول أحد المستشرقين عن البعثات الأولى أنها كانت لدراسة الهندسة والفنون الحربية، ولكن المعلمين الفرنسيين كانوا حريصين على أن ينقلوا إلى الطلاب المسلمين الآداب الفرنسية والثقافة الفرنسية[2] .

        ومن تأثير الاستشراق في المجال العقدي الاهتمام المبالغ فيه بالصوفية وبخاصة تلك التي ابتعدت عن الكتاب والسنّة فتجدهم يجعلون لابن عربي مكانة خاصة في النشاطات الاستشراقية، ويجذبون أبناء المسلمين لمثل هذه الاهتمامات. كما أن من اهتمامات الاستشراق التي تدعو إلى الشكوك في نياتهم الاهتمام بالفرق المنحرفة كالرافضة والإسماعيلية وغيرها من الفرق، فيعطونها من وقتهم ومن دراساتهم ما تجعل الغريب عن الإسلام يظن أن هذا هو الإسلام.

        وقد حرص الاستشراق والتنصير على إنشاء المدارس والجامعات الغربية في العالم الإسلامي، فمن ذلك الكلية الإنجيلية التي تحولت إلى الجامعة الأمريكية التي لها فروع في كل من القاهرة وبيروت واسطنبول ودبي، بالإضافة إلى كلية فيكتوريا (مدرسة ثانوية) والكلية الأمريكية في بيروت (مدرسة ثانوية) وقد زعم كرومر Cromer في احتفال بمدرسة فيكتوريا بأن الهدف من هذه المدرسة وشبيهاتها تنشئة أجيال من أبناء المسلمين يكونون جسراً بين الثقافة الغربية ومواطنيهم المسلمين، ولعلهـا عبارة ملطّفة لتكوين جيل ممسوخ لا يعرف ثقافته ولا عقيدته.[3] وقد وصف الشيخ سعيد الزاهري التلاميذ الجزائريين الذين درسوا في المدارس الفرنسية في الجزائر -أطلق عليها خداعاً المـدارس العربية- بأنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يتحدثون اللغة العربية فيما بينهم، ولا يؤمنون بأن القرآن الكريم وحي من الله [4]"…

        الآثار الاجتماعية

        تعد الآثار الاجتماعية من أخطر الآثار التي ما زال الاستشراق حريصاً على تحقيقها في العالم الإسلامي. فقد اهتم المستشرقون بدراسة المجتمعات الإسلامية ومعرفتها معرفة وثيقة حتى يمكنهم أن يؤثروا فيها بنجاح. وإن دوافعهم لهذا تنطلق من النظرة الاستعلائية الغربية بأن المجتمعات الغـربية وما ساد فيها من فلسفات ونظريات هي المجتمعات الأرقى في العالم. وقد تمكن الاستعمار بالتعاون مع الاستشراق في إحداث تغيرات اجتماعية كبيرة في البلاد التي وقعت تحت الاحتلال الغربي. ففي الجزائر مثلاً حطم الاستعمار الملكيات الجماعية أو المشاعة للأرض وذلك لتمزيق شمل القبائل التي كانت تعيش في جو من الانسجام والوئام.[5]

        وقد تعاون الاستشراق والاستعمار على إحداث النـزاعات بين أبناء البلاد الإسلامية بتشجيع النزعات الانفصالية، كما حدث في المغرب العربي أيضاً بتقسيم الشعب المغربي إلى عرب وبربر، والتركيز على فرنسة البربر وتعليمهم اللغة الفرنسية ونشر الحملات التنصيرية في ديارهم. وقد أنشأت الحكومة الفرنسية الأكاديمية البربرية في فرنسا لتشجيع هذه النزعة.

        ومن الجوانب الاجتماعية التي عمل فيها الاستشراق على التأثير في المجتمعات الإسلامية البنية الاجتماعية وبناء الأسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمعات الإسلامية. فقد اهتم الاستشراق بتشويه مكانة المرأة في الإسلام، ونشر المزاعم عن اضطهاد الإسلام للمرأة وشجع الدعوات إلى التحرير المزعوم للمرأة التي ظهرت في كتابات قاسم أمين والطاهر الحداد ونوال السعداوي وهدى الشعراوي وغيرهم.

        ويرى الدكتور محمد خليفة أن موقف الاستشراق من المرأة المسلمة نابع من وقوعه "تحت تـأثير وضع المرأة الغربية أنها نموذج يجب أن يحتذي به، وان ما حققته من مساواة –في نظرهم- وحقوق يجب أن يتسع ليشمل المرأة المسلمة والمرأة الشرقية العامة…". ويضيف خليفة بأن الاستشراق يسعى "إلى تقويض وضع المرأة المسلمة داخل الأسرة على التمرد على النظام والخروج باسم الحرية وتصوير وضع المرأة المسلمة تصويراً مزيفاً لا يعكس الحقيقة."[6]

        وقد أنشئت رابطة دراسات المرأة في الشرق الأوسط ضمن تنظيم رابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية وهي التي تهتم بأوضاع المرأة المسلمة وتشجع اتجاهات التغريب من خلال مجلتها ربع السنوية واجتماعاتها في إطار المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط وذلك بدعوة الباحثات المسلمات اللاتي يتبنين الأفكار الغربية من أمثال نوال السعداوي، وفاطمة المرنيسي وحنان الشيخ وغيرهن، ومن خلال تنظيم الندوات حول وضع المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية.

        و يقوم الاستشراق الإعلامي بدور بارز في الترويج للفكر الغربي في مجال المرأة ومن ذلك الصحافة الغربية والإذاعات الموجهة. فمن الكتب التي قدمت هيئة الإذاعة البريطانية عروضاً لها كتـاب (ثمن الشرف) للكاتبة البريطانية الأصل جان جودون Jan Goodwin التي تناولت فيه دراسة أوضاع المرأة في خمس دول إسـلامية هي الباكستان وأفغانستان والكويت ومصر والمملكة العربية السعودية. وقد خلطت الكاتبة فيه بين موقف الإسلام من المرأة وبعض التطبيقات الخاطئة في هذه الدول، ومن المعروف أن الإسلام حَكَمٌ على أهله وليس سلوك المسلمين حجة على الإسلام.

        وقد قدمت إذاعة لندن في شهر جمادى الأولى تقريراً عن ندوة تعقد في إحدى الدول العـربية حول موضوع المرأة وقدمت تصريحاً لمسؤول في تلك الدولة يزعم فيه أن بلاده وتركيا همـا الدولتان الوحيدتان اللتان أصدرتا قوانين تحرّم تعدد الزوجات وتعطي المرأة كثيراً من الحقـوق لمساواتها بالرجل. وإن التوازن في عرض وجهات النظر يقتضي أن تقدم الإذاعة من يتناول وجهة النظر الأخرى لمثل هذه التصريحات. وكانت الإذاعة قد قدمت تقريراً عن مؤتمر عقد في قطر للمرأة المسلمة وعرضت أخبار هذه الندوة بكثير من السخرية ومن ذلك وصفها لانتقال النساء في حافلات ذات ستائر غامقة اللون حتى لا يراهن أحد، بالإضافة إلى عبارات أخرى مليئة بالاستهزاء من موقف الإسلام من المرأة.



        الآثار السياسية والاقتصادية

        يزعم الغربيون أن الديموقراطية الغربية هي أفضل نظام توصل إليه البشر حتى الآن، ولذلك فهـم يسعون إلى أن يسود هذا النظام العالم أجمع، ومن بين الدول التي يريدون لنظامهم أن يسودها البلاد الإسلامية، وقد سعوا إلى هذا من خلال عدة سبل وأبرزها هو انتقاد النظام السياسي الإسـلامي. وقد ظهرت كتب كثيرة عن نظام الخلافة الإسلامي وافتروا على الخلفاء الراشدين بزعمهم أن وصول الصديق وعمر بن الخطاب y إلى الخلافة كان نتيجة لمؤامرة بين الاثنين.[7] وكـتب مستشرقون آخرون زاعمين أن النظام السياسي الإسلامي نظام قائم على الاستبداد وفرض الخضوع والمذلة على الشعوب الإسلامية.[8] بل بالغ لويس في جعل النظام السياسي الإسلامي يشبه النظام الشيوعي في استبداده وطغيانه.[9]

        وقد تأثرت بعض الدول العربية التي خضعت للاستعمار الغربي بالفكر السياسي الغربي بأن قامت باستيراد النظام البرلماني دون أن يتم إعداد الشعوب العربية لمثل هذه الأنظمة فكانت كما قال أحد المستشرقين بأن العرب استوردوا برلمانات معلبّة دون ورقة التعليمات.[10] وما زالت هـذه البرلمانات في البلاد العربية يتحكم فيها الحزب الحاكم الذي لا بد أن يفوز بأغلبية المقاعد بأية طريقة كانت، ومع ذلك فما زال الغرب حريص على نشر الديموقراطية وقد كانت تصريحات الساسة الغربيين بأن (حرب الخليج الثانية) ستكون مناسبة لفرض الديموقراطية في العالم العربي وستكون البداية في الكويت.[11]

        ومن الحقائق المثيرة للانتباه أن تركيا كانت من أقدم الدول الإسلامية تغرباً وتطبيقاً للنظام الديموقراطي ولكن عندما وصل الإسلاميون للحكم وانقلب السحر على الساحر -كما يقال- قلبت الدول الغربية لنظامهم الديموقراطي ظهر المجن وسعوا إلى تأييد العسكر في كبت الحريات ومصادرة الديموقراطية.

        أما في المجال الاقتصادي فإن الغرب سعى إلى نشر الفكر الاقتصادي الغربي الاشتراكي والرأسمـالي وذلك بمحاربة النظام الاقتصادي الإسلامي وكما يقول محمد خليفة "إنّ المستشرقين في سعيهم للترويج للفكر الاقتصادي الغربي قاموا بإعادة تفسير التاريخ الاقتصادي الإسلامي من وجهة نظر الرأسمالية والشيوعية كنوع من التأصيل للنظريتين وتقديمهما على أنهما لا يمثلان خروجاً عن النظام الاقتصادي الإسلامي"[12]

        وكان من نتائج الترويج للاشتراكية والرأسمالية في العالم الإسلامي أن انقسم العالم الإسلامي على نفسه فأصبح قسم منه يدور في الفلك الشيوعي والقسم الآخر في الفلك الرأسمالي، ولعل من طرائف المواقف الاستشراقية أن تسعى الدول الغربية إلى بث النظام الاشتراكي في بعض الدول العربية كما أشار أحد الباحثين بتدريس الاقتصاد الاشتراكي والترويج بأن التنمية الحقيقية في العالم العربي تتطلب تأميم وسائل الإنتاج، وأن الحرية الاقتصادية الغربية لا تناسب مراحل التنمية الأولى.[13]

        وكان من تأثير الاستشراق أيضاً تشجيع الصناعة في البلاد الإسلامية دون الاستعداد الكافي لها، وإهمال قطاع الزراعة فقد اقتنع العالم العربي بأن النهضة الحقيقية إنما تكون في الصناعة، ولذلك أهملت الزراعة إهمالاً شبه كلي، مع أن نهضة الغرب الصناعية بدأت بالاهتمام بالزراعة وما زال الغرب يسيطر على إنتاج الحبوب والمواد الغذائية الأساسية في العالم.



        الآثار الثقافية والفكرية

        حقق الاستشراق نجاحاً كبيراً في التأثير في الحياة الثقافية والفكرية في العالم الإسلامي فبعد أن كـان القرآن الكريم والسنّة المطهرة وتراث علماء الأمة الذين فهموا هذين المصدرين فهماً جيـداً وعاش المسلمون على هدي من هذه المصادر في جميع مجالات الحياة أصبحت المصادر الغربية تدخل في التكـوين الفكري والثقافي لهذه الأمة سواء أكان في نظرتها لكتاب ربها سبحانه وتعالى ولسنة نبيها أو للفقه أو للعلوم الشرعية الأخرى أو في منهجية فهم هذه المصادر ومنهجية التعامل معها كما أثر الفكر الغربي في المجالات الفكرية الأخرى كالتاريخ أو علم الاجتماع أو علم النفس أو علم الإنسان أو غيره من العلوم.

        وقد استطاع الاستشراق تحقيق هذا النجاح بما توفر له من السيطرة على منابر الرأي في العـالم الإسلامي فقد أنشأ الغرب العديد من المدارس كما أن العديد من أبناء الأمة الإسلامية تلقوا تعليمهم على أيدي المستشرقين في الجامعات الغربية (الأوروبية والأمريكية). ولمّا كانت بعض البلاد العربية والإسلامية خاضعة للاحتلال الأجنبي فقد مكّن لهؤلاء الذين تعلموا في مـدارسه. فما زالت الصلة قوية فيما بين الطلبة الذين تخرجوا في كلية فيكتوريا بعد أن تسلم كثير منهم مناصب حساّسة في بلادهم.

        ومن المنابر التي استطاع الغرب أن ينشر من خلالها الثقافة والفكر الغربيين وسائل الإعلام المختلفة من صحـافة وإذاعة وتلفاز ونشر بأشكاله المتعددة. فقد أنشئت الصحف والمجلات التي تولى رئـاسة تحريرها أو عملية الكتابة فيها كثير من الذين تشبعوا بالثقافة الغربية، وقد بذلوا جهوداً كبيرة للرفع من شأن تلاميذهم فهذا يطلق عليه (عميد الأدب العربي) وآخر يطلق عليه (أستاذ الجيل) وثالث يطلق عليه (الزعيم الوطني)[14] ومن هذه الصحف الأهرام ومجلات المقتطف وغيرهما من الصحف والمجلات، كما أنشؤوا المسارح والسينما، وأدخلوا إلى حياة الشعوب العربية الإسلامية فنون اللهو غير المباح من مراقص وغناء وغير ذلك.

        وكان للاستشراق دوره في مجال الأدب شعراً ونثراً وقصة، فقد استغلت هذه الوسائل في نشر الفكر الغربي العلماني وبخاصة عن طريق ما سمي (الحداثة) التي تدعو إلى تحطيم السائد والموروث، وتفجير اللغة وتجاوز المقدس ونقد النصوص المقدسة. وقد استولى هؤلاء على العديد من المنابر العامة ولم يتيحوا لأحد سواهم أن يقدم وجهة نظر تخالفهم وإلاّ نعتوه بالتخلف والرجعية والتقليدية وغير ذلك من النعوت الجاهزة.

        وقد انتشرت في البلاد العربية الإسلامية المذاهب الفكرية الغربية في جميع مجالات الحياة في السياسة والاقتصاد، وفي الأدب وفي الاجتماع. ففي السياسة ظهر من ينادي بالديموقراطية ويحارب الإسلام وفي الاقتصاد ظهر من تبنى الفكر الشيوعي والاشتراكي وفي الأدب ظهر من نادى بالنظريات الغربية في دراسة اللغة وفي الأدب وفي النقد الأدبي؟ وأخذ كثيرون بالنظريات الغربية في علم الاجتماع وفي التاريخ وفي علم النفس وفي علم الإنسان وغير ذلك من العلوم.[15]

        - الحواشي :
        [1] -محمد الصباغ . الابتعاث ومخاطره. ( دمشق: المكتب الإسلامي ،1398هـ-1978م، ص 29-30.

        [2] -Bernard Lewis. “ The Middle East Versus The West.” In Encounter. Vol. Xxi, no.4 October 1963.pp. 21-29.

        [3] - محمد محمد حسين . الإسلام والحضارة الغربية. ط5.(بيروت: مؤسسة الرسالة 1402-1982)ص 46.

        [4] -محمد السعيد الزاهري. الإسلام في حاجة إلى دعاية وتبشير. (الجزائر:دار الكتب الجزائرية، بدون تاريخ)ص108

        [5] -مازن مطبقاني . " الحياة الاجتماعية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق." في المنهل( جدة) عدد471، م 50 رمضان /شوال 1409، ص 352-362.

        [6] -محمد خليفة حسن. آثار الفكر الاستشراقي في المجتمعات الإسلامية . (القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 1997) ص 64.

        [7] -Thomas Arnold. The Caliphate. (Lahore: 1966)p.25

        [8] -Bernard Lewis.” On The Quietist and Activist Tradition in Islamic Political Writing. In Bulletin of S. O. A. S Vol. XLIX Part 1, 1986.p.141.

        [9] - B. Lewis.” Communism and Islam. “ in International Affairs. Vol. 30, 1954.pp 1-12.

        [10] -برنارد لويس . الغرب والشرق الأوسط. ترجمة نبيل صبحي.(القاهرة : المختار) ص79.

        [11] - Washington Times, February 2,1991.And Washington Post. February 19,1991.

        [12] -حسن ،مرجع سابق ص 79.

        [13] - محمد قطب. واقعنا المعاصر. (جدة:مؤسسة المدينة المنورة للنشر والتوزيع، 1407هـ/1987م ) ص.324وما بعدها.

        [14] - ناقش الأستاذ محمد قطب في كتابه واقعنا المعاصر مسألة صناعة الزعيم حيث يتحول الكفاح ضد المستعمر الأجنبي قضية وطنية وتراب وتحرر وليس جهاداً إسلامياً كما أراده الله .وقد نجحوا في صناعة الزعيم في العديد من البلاد العربية الإسلامية. كم أسهموا فيما أطلق عليه سرقة الثورات .

        [15] -حسن ،مرجع سابق ، الفصل الخامس بعنوان ( الآثار السلبية للفكر الاستشراقي في المجال الثقافي والفكري)ص 87إلى 100.



        http://www.madinacenter.com/post.php...RPID=241&LID=6

        جميع الحقوق © محفوظة لـ مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق 2005

        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
        رد 1
        7 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
        رد 1
        7 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
        ردود 0
        8 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
        رد 1
        8 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
        ردود 2
        7 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        يعمل...