بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العلاقة بين الانسان والنبات (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)
يقول الشيخ الشعراوى فى داة كتابه الادلة المادية على وجود الله : اذا أردنا أن نتكلم عن الأدلة المادية على وجود الله فلنبدأ أولا بما نراه جميعا أمام أعيننا ليلا ونهارا ،ونلمسه أيضا لأننا نعيشه .....ألا وهو (الخلــــــق)
فالبداية هى أن هذا الكون – بكل ما فيه – قد وُجد أولا قبل أن ُيخلق الإنسان ، ولا أحد يستطيع بإ ستخدام العقل وحده أن يُجـا دل أن هذا الكون قد ُخلق وُأعد لحياة الإنسان قبل أن ُيخلق الإنسان نفسه ، فإذا جاء الحق سبحانه وتعالى وقال لنا :
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) البقرة }
فلا يستطيع أحد بعد ذلك أن يُنكر أن خلق الكون كان قبل خلق الإنسان ، ثم تأتى الآية الكريمة:
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً 03 البقرة }
فتؤكد أن الكون أُعد للإنسان قبل أن يُخلق ، وأننا جميعا – أى البشر- قد جئنا إلى كون مُعد لنا إعدادا كاملا.
ولكن قدرة هذا الكون لا تخضع لنا ولا لقدراتنا ، بل هى أكبر من هذه
القدرات بكثير ، فالشمس - مثلا – أقوى من قدرة البشر جميعا ، وكذلك الأرض والبحار والجبال ..
إذن فلا بد أن تكون هذه الأشياء خُضعت لنا بقدرة من خلقها ، وهو الله سبحانه وتعالى ، وليس بقدرتنا نحن .
إنها مُسخرة لنا ، ولا تستطيع أن تعصى أمراًََ .
فالشمس لا تستطيع أن تشرق يوما وتغيب يوما .. حسب هواها ، لتعطى الدفء ووسائل استمرار الحياة لمن تريد ، وتمنعه عمن تشاء ..
والهواء لا يستطيع أن يهُب يوما ويتوقف يوما ..
والمطر لا يستطيع أن يمتنع عن الأرض ، فتنعدم الحياة ويهلك الناس ..
والأرض لا تستطيع أن تمتنع عن إنبات الزرع .. ولا تستطيع البشرية كُلها أن تدّعى أن لها دخل فى خلق هذه الأشياء ، ولا فى مهمتها ، ولا استمرارها فى عطائها .. فهذا كله لا يخضع لإرادة البشر .( الادلة المادية على وجود الله – الشيخ الشعراوى)
وبناء على ذلك المنهج سوف نتطرق الى دليل مادى صارخ متمثل فى العلاقة بين الانسان والنبات بشىء من التفصيل .... يمكن ان نبدأه بهذا السؤال من اين يحصل الانسان على كل متطلباته سواء كانت غذائية او كسائية او دوائية او حيوية او حتى سكنية ؟
الانسان يحصل على كل ذلك من النبات فالنبات بداية من البذرة وانتهاء بالثمرة خادم مطيع مذلل تم ترويضه من لدن ارادة عالية لمخلوق اخر هو الانسان حيث انك "إذا تأملت في غذائك في كل أطوارك ، وغذاء جميع الكائنات من حيوان ونبات في كل أطوارها وجدت أن أصل الغذاء للإنسان والحيوان هو النبات ، ومصنع الغذاء في النبات هو ذلك المصنع الأخضر "البلاستيدة الخضراء" الذي يوجد في أوراق النباتات ويُنتِج غذاء الكائنات كلها دون ضجيج أو مخلفات تفسد البيئة. قال تعالى(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الأنعام:99) .
ولا يقتصر الامر على الغذاء فقط بل وعلى كل متطلباته الأخرى تقريبا ، كالطاقة الحرارية المتولدة عن حرق الأخشاب أو البترول والفحم ومشتقاتهما التي يعود أصلها إلى النبات .
.. وكصناعة الملابس من القُطن والكتان مباشرة أو من أصواف وأوبار وأشعار الحيوانات التي تتغذى على النبات .
.. وكالدواء إما مباشرة من بعض النباتات أو بما يستخلص منها من دواء أو مما ينتجه الحيوان الذي يتغذى على تلك النباتات كعسل النحل ... وكالمسكن ، فمن أعواد النباتات وقشها و قصبها صنع الإنسان ومازال يصنع مساكنه لتقيه الحر والبرد ومخاطر البيئة فيأمن ويطمئن ،بل إن كثيراً من البيوت في البلدان المتقدمة مادياً مصنوعة من الخشب من أجل مقاومة آثار الزلازل المتكررة التي لا ينفع معها العمران الحديث بحديده وخرسانته .كما أن الإنسان في البادية صنع خيامه من أصواف وأشعار الحيوانات التي تتغذى على النبات .ولولا أن سخر الله النبات لإنتاج غاز الأكسجين أثناء عملية البناء الضوئي لنفد الأكسجين في الجو وما بقي إنسان أو حيوان على قيد الحياة ، وبدون الأكسجين الذي يساعد على الاشتعال تظل مصادر الوقود كنـزاً لا فائدة منه .وطبقة الأوزون التي تحمي الأرض وسكانها من الإشعاعات الكونية الضارة ما هي إلا أكسجين ثلاثي الذرات مصدره مصانع النبات الخضراء .ولا يقتصر الأمر على تقديم ما هو نافع للحياة بل يتعداه إلى سَحب ما هو ضار بها ، فالنبات بإذن الله يسحب ثاني أكسيد الكربون فينقي الجو ، ويستفيد منه النبات في عملية البناء الضوئي التي تقوم بها الحياة على البسيطة ويطلق الأكسجين الضروري لحياة الإنسان والكائنات الأخرى. وإلى جانب هذا كله جعل الله تعالى النباتات بهجة للناظرين بأوراقها الخضراء الغضة المتنوعة الأشكال وأزهارها الزاهية الألوان المختلفة التصميم وروائحها الذكية وأغصانها المتهادية، كما جعل حدائقها ترويحاً للنفوس بعد أن أقام بها بنيان الأجساد. قال تعالى:( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)(النمل: 60) ومن تمام نعمة الله أن نشر النبات على سطح الأرض ونوعه وزوده بالقدرة على العيش في بيئات الأرض المختلفة متاعاً للناس ولأنعامهم في تلك البيئات وبهذا لا يعدم إنسان أو حيوان رزقه أينما كان. وجعلها سبحانه بالوفرة المناسبة كذلك في البحار والمحيطات التي تعج بالنباتات الدقيقة (المجهرية) غذاء لبلايين البلايين من الأسماك والأحياء البحرية التي تسد حاجات البشر الذين علم الله تعالى أنهم سيتكاثرون باطراد ويحتاجون إلى المزيد من الطعام .إن الذي خلق النباتات لسد حاجات الإنسان والحيوان يعلم مقدمات الأشياء والأحداث ونتائجها ويقدر كل شئ بدقة فلا ترى في خلقه إلا تناسقاً وانسجاماً وترابطاً وتكاملاً تشهد لكل عاقل أنها من صنع رب عليم ، حكيم ، رزاق ، خبير .وكما جعل الله الوجود الإنساني ممتداً عبر الزمان على الأرض بتعاقب الأجيال البشرية ، جعل وجود النبات ممتداً على الأرض كذلك بتعاقب أجيال النباتات ليتوفر بذلك على الدوام كل ما يحتاج إليه الإنسان من عالم النبات .فهيا إلى عالم النبات البهيج لنرى آيات ربنا الخالق البديع سبحانه" .
( المصدر : http://www.jameataleman.org/book/EMANP2D1/F2G2.HTM#14 )
فى حين ان النبات المعاصر للكائن البدائى كان يحصل عل كل متطلباته من اشياء اخرى - التربة والماء والهواء - وكل هذه العوامل لا دخل للكائن البدائى بها (اصل الانسان كما يزعم معتقدى التطور) الذى من الطبيعى الا يملك اى قدرة للسيطرة عليها اى العوامل او على غيرها وقد يبدوا هذا الامر اكثر وضوحا الان (اعتماد النبات على نفسه وعلى العوامل البيئية التى لا علاقة لها بالانسان او الحيوان) فى النباتات الصحراوية الى الحد الذى يؤدى بنا الى القول بان النبات يمكن له الا يحتاج لبنى البشر مهما ساءت الظروف واشتدت وفى هذه الحالة لن يجنى اى فائدة مادية او معنوية فى مقابل ما يقدمه لهم من خدمات ومقومات للحياة واذا امكننا ان نقول ان النبات هو اكسير الحياة بالنسبة للكائن البدائى ولولاه لكانت الارض عبارة عن كرة من الصحراء القاحلة التى لا تصلح لنمو او استمرار خلية حية واحدة فلن يمكننا ان نقول بان الكائن البدائى كان يمكن ان يكون اكسير للحياة بالنسبة للنبات فى ذلك الوقت ولو رجعنا بالزمن الى الوراء (بدايات الحياة على ظهر الارض) وتصورنا ما سوف تكون عليه الحياة .... من المفروض ان تكون هناك خليتين احدهما نباتية والاخرى حيوانية فهل يعقل ان تجند وتوظف احداهما ذاتها وكيانها للاخرى دون ان تجنى من وراء ذلك اى فائدة مادية او اخلاقية مع علمها بان هذه الخلية التى فتحت لها باب للتطفل عليها على مسرعيه لا يمكنها ان تستمر فى الحياة او تقوم بوظائفها الحيوية دونها كمقوم للحياة تستمد منه الطاقة والغذاء والشرارة الاولى فى حين ان النبات لن يحتاج لهذه الشرارة لانه من الطبيعى ان يكون له السبق فى الوجود على سطح الارض ...هذا يجعل النبات له الكلمة الاولى لانه يعطى ولا ياخذ (لاحظ معانى كالتضحية والفداء والبذل والعطاء لا يمكن ان تكون معروفة حين اذ ولا يمكن لاحدهم ايضا ان يكون متصف بالمكر والدهاء او باللغة الدارجة يفكر لبعيد ) فى حين ان الاخرى كل ما يمكن ان تقدمه لها هو التطفل (وهذا يدل على الضعف والوهن الشديد) .
ويمكن ان يقال لا !! ان النبات يجنى بعض الفوائد من الانسان كزراعته والعناية به حتى ينبت الثمار وامداده بغاز الفحم .
نقول ان ذلك لا يمكن الاخذ به لو فكرنا مرة اخرى فى بدايات الحياة على كوكب الارض التى من المفروض ان تبدأ بكائن بدائى ليس له اى قدرة على اى شىء بل هو من يحتاج الى من يقوم عليه ويرعاه ويكفل له كل مقومات حياته وان كان الكائن لديه قدرة افتراضا فلابد ان يكون هناك عقد واتفاق بين الطرفين على تبادل المنفعة بينهما معضد بضمانات كافية من كلاهما ولا يمكن ان يتم كل ذلك الا اذا كانت هناك ثقة متبادلة بينهما ولكن من اين تاتى هذه الثقة وليس لايهما فكرة عن الاخر وما هى الضمانات التى يمكن ان يقدمها كل طرف للاخر اذا كان احدهما عاجز وليس له حول ولا قوة على ما اعتقد ان كل ذلك غير معقول ولايمكن ان يتوفر فى مثل ذلك الوقت (العصور الحياتية الاولى) اما بالنسبة لتبادل المنفعة ظهر ان الطرف المستفيد طرف واحد فقط وهو الانسان او الحيوان لماذا ؟ لان الكائن البدائى لابد ان يكون مالك لكل صفات العجز والقصور الى الدرجة التى لا تمكنه من تقديم اى شىء مادى او معنوى اما النبات فاقل ما يقدمه الغذاء واذا صادفت النباتات بعض المشاكل التى تحول بينها وبين استمرار الوجود على سطح الارض فسيمكنها التعامل معها بسهولة تامة دون الاعتماد على طرف اخر .
وان قيل كيف ذلك ؟
نقول لو افترضا ان النباتات بدأت من خلية واحدة اخذت ترتقى وترتقى الى ما وصلت اليه الان فان قدرتها التى جعلتها تصل الى ما نراها عليه من سحر اخاذ وجمال باهر ونظام ياخذ العقول سوف تمكنها من التعامل مع كل المشاكل التى يمكن ان تصادفها ذاتيا دون طلب العون او التكافل مع احد اخر وسوف نورد الان الكثير من الادلة على ذلك :
1- "إن الذي قدّر للنبات دوره المهم في توفير الطعام للكائنات الحية وفي تنقية الهواء، وإمداد الإنسان بالملبس ، والوقود ، وإشاعة البهجة والسرور ، قد قدّر نظاماً محكماً بديعاً لضمان استمرار وجود النباتات لتؤدي وظيفتها على الأرض. ويتمثل هذا النظام في وسائل وطرائق التكاثر في النبات لتغطية النقص بسبب الاستهلاك الدائم لها وما قد تتعرض له من كوارث وسوء استعمال من قبل الإنسان. فجعل الباري سبحانه طرائق متعددة للتكاثر هي :
ا) التكاثر الجنسي : خلق الله في النباتات أعضاء تذكير (المُتُك) تنتج حبوب اللقاح ، وأعضاء تأنيث (المبايض) تنتج البويضات ، لتنشأ الأجنة النباتية من التزاوج بين أعضاء التذكير والتأنيث قال تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)(الرعد:3-6) .
ب) التكاثر الخضري (اللاجنسي) :
ويتم هذا النوع من التكاثر باستخـدام الأجـــزاء الخضريـة مـن النبات كالمدادات والفسائل والأبصال والكورماتوالريزوماتوالدرناتوهذه الأجزاء أعطاها الله القـدرة علـى تكويـن جذور عرضية وبراعـم
عنـد توافـر الظـروف البيئية الملائمة فتتكـون منها نباتات جديدة .
ج) التكاثر بتعاقب الأجيال :
بعض النباتات منحها الله القدرة على التكاثر الجنسي واللاجنسي ويتم التكاثر بأي منهما حسب الظروف المحيطة فيحصل على مميزاتهما معاً في تحقيق سرعة التكاثر باللاجنسي ، والتنوع الوراثي بالجنسي بما يمكنه من الانتشار ومسايرة تقلبات البيئة مثل كزبرة البئر التي تتكاثر بالجراثيم ثم بالأمشاج . وقد نوع الحكيم العليم طرائق التكاثر هذه لبقاء أنواع النباتات تحت الظروف البيئية المختلفة لتوفير ما يحتاج الإنسان إليه على الدوام" .
( المصدر : http://www.jameataleman.org/book/EMANP2D1/F2G2.HTM#14 )
2- لبذور الأشجار الصحراوية أجنحةً لتستطيع أن تعبر الصحارى الجرداء بحثاً عن ماء و عن ظروف إنبات موالية .
3- النباتات الصحراوية هى نفسها دليل عى القدرة الفائقة للنبات فى التعامل مع الظروف البيئية الصعبة والاعتماد على النفس بينما النباتات المائية تثبت قدرة النبات على التعامل مع البيئات الاخرى المخالفة تماما و التى تحتاج لمواصفات خاصة لاجزاء النبات وتحوراته .
4 – "حدد فريق من العلماء من كندا وإسبانيا والولايات المتحدة جيناً في النباتات يمكنها من حماية نفسها من التغيرات البيئية التي قد تضر بها كالجفاف والتجمد ودرجات الحرارة المرتفعة.
وعن ذلك يقول بيتر مكورت، أستاذ بيولوجيا الخلايا والنظم في جامعة تورينتو، إن “النباتات تنتج هرمونات متخصصة بالإجهاد تساعد النبتة على التكيف مع التغيرات التي قد تحصل لها، وإذا ما استطعنا التحكم بإنتاج هذا الهرمون، فإننا سنكون قادرين على إنتاج محاصيل زراعية في بيئات مختلفة وهو شيء مهم في هذا الوقت لما نشهده من تغير مناخي عالمي” (المصدر : 4zera3a.com )
5- النباتات اكلة الحشرات تثبت قدرة النبات على التعامل مع التربة الفقيرة فى العناصر الغذائية وفى نفس الوقت تثبت قدرته على المناورة والمكر والخداع واستغلال الكائنات الاخرى التى من المفروض انها ارقى منه بمراحل عديدة مثل الحشرات وبعض الحيوانات .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العلاقة بين الانسان والنبات (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)
يقول الشيخ الشعراوى فى داة كتابه الادلة المادية على وجود الله : اذا أردنا أن نتكلم عن الأدلة المادية على وجود الله فلنبدأ أولا بما نراه جميعا أمام أعيننا ليلا ونهارا ،ونلمسه أيضا لأننا نعيشه .....ألا وهو (الخلــــــق)
فالبداية هى أن هذا الكون – بكل ما فيه – قد وُجد أولا قبل أن ُيخلق الإنسان ، ولا أحد يستطيع بإ ستخدام العقل وحده أن يُجـا دل أن هذا الكون قد ُخلق وُأعد لحياة الإنسان قبل أن ُيخلق الإنسان نفسه ، فإذا جاء الحق سبحانه وتعالى وقال لنا :
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) البقرة }
فلا يستطيع أحد بعد ذلك أن يُنكر أن خلق الكون كان قبل خلق الإنسان ، ثم تأتى الآية الكريمة:
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً 03 البقرة }
فتؤكد أن الكون أُعد للإنسان قبل أن يُخلق ، وأننا جميعا – أى البشر- قد جئنا إلى كون مُعد لنا إعدادا كاملا.
ولكن قدرة هذا الكون لا تخضع لنا ولا لقدراتنا ، بل هى أكبر من هذه
القدرات بكثير ، فالشمس - مثلا – أقوى من قدرة البشر جميعا ، وكذلك الأرض والبحار والجبال ..
إذن فلا بد أن تكون هذه الأشياء خُضعت لنا بقدرة من خلقها ، وهو الله سبحانه وتعالى ، وليس بقدرتنا نحن .
إنها مُسخرة لنا ، ولا تستطيع أن تعصى أمراًََ .
فالشمس لا تستطيع أن تشرق يوما وتغيب يوما .. حسب هواها ، لتعطى الدفء ووسائل استمرار الحياة لمن تريد ، وتمنعه عمن تشاء ..
والهواء لا يستطيع أن يهُب يوما ويتوقف يوما ..
والمطر لا يستطيع أن يمتنع عن الأرض ، فتنعدم الحياة ويهلك الناس ..
والأرض لا تستطيع أن تمتنع عن إنبات الزرع .. ولا تستطيع البشرية كُلها أن تدّعى أن لها دخل فى خلق هذه الأشياء ، ولا فى مهمتها ، ولا استمرارها فى عطائها .. فهذا كله لا يخضع لإرادة البشر .( الادلة المادية على وجود الله – الشيخ الشعراوى)
وبناء على ذلك المنهج سوف نتطرق الى دليل مادى صارخ متمثل فى العلاقة بين الانسان والنبات بشىء من التفصيل .... يمكن ان نبدأه بهذا السؤال من اين يحصل الانسان على كل متطلباته سواء كانت غذائية او كسائية او دوائية او حيوية او حتى سكنية ؟
الانسان يحصل على كل ذلك من النبات فالنبات بداية من البذرة وانتهاء بالثمرة خادم مطيع مذلل تم ترويضه من لدن ارادة عالية لمخلوق اخر هو الانسان حيث انك "إذا تأملت في غذائك في كل أطوارك ، وغذاء جميع الكائنات من حيوان ونبات في كل أطوارها وجدت أن أصل الغذاء للإنسان والحيوان هو النبات ، ومصنع الغذاء في النبات هو ذلك المصنع الأخضر "البلاستيدة الخضراء" الذي يوجد في أوراق النباتات ويُنتِج غذاء الكائنات كلها دون ضجيج أو مخلفات تفسد البيئة. قال تعالى(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الأنعام:99) .
ولا يقتصر الامر على الغذاء فقط بل وعلى كل متطلباته الأخرى تقريبا ، كالطاقة الحرارية المتولدة عن حرق الأخشاب أو البترول والفحم ومشتقاتهما التي يعود أصلها إلى النبات .
.. وكصناعة الملابس من القُطن والكتان مباشرة أو من أصواف وأوبار وأشعار الحيوانات التي تتغذى على النبات .
.. وكالدواء إما مباشرة من بعض النباتات أو بما يستخلص منها من دواء أو مما ينتجه الحيوان الذي يتغذى على تلك النباتات كعسل النحل ... وكالمسكن ، فمن أعواد النباتات وقشها و قصبها صنع الإنسان ومازال يصنع مساكنه لتقيه الحر والبرد ومخاطر البيئة فيأمن ويطمئن ،بل إن كثيراً من البيوت في البلدان المتقدمة مادياً مصنوعة من الخشب من أجل مقاومة آثار الزلازل المتكررة التي لا ينفع معها العمران الحديث بحديده وخرسانته .كما أن الإنسان في البادية صنع خيامه من أصواف وأشعار الحيوانات التي تتغذى على النبات .ولولا أن سخر الله النبات لإنتاج غاز الأكسجين أثناء عملية البناء الضوئي لنفد الأكسجين في الجو وما بقي إنسان أو حيوان على قيد الحياة ، وبدون الأكسجين الذي يساعد على الاشتعال تظل مصادر الوقود كنـزاً لا فائدة منه .وطبقة الأوزون التي تحمي الأرض وسكانها من الإشعاعات الكونية الضارة ما هي إلا أكسجين ثلاثي الذرات مصدره مصانع النبات الخضراء .ولا يقتصر الأمر على تقديم ما هو نافع للحياة بل يتعداه إلى سَحب ما هو ضار بها ، فالنبات بإذن الله يسحب ثاني أكسيد الكربون فينقي الجو ، ويستفيد منه النبات في عملية البناء الضوئي التي تقوم بها الحياة على البسيطة ويطلق الأكسجين الضروري لحياة الإنسان والكائنات الأخرى. وإلى جانب هذا كله جعل الله تعالى النباتات بهجة للناظرين بأوراقها الخضراء الغضة المتنوعة الأشكال وأزهارها الزاهية الألوان المختلفة التصميم وروائحها الذكية وأغصانها المتهادية، كما جعل حدائقها ترويحاً للنفوس بعد أن أقام بها بنيان الأجساد. قال تعالى:( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)(النمل: 60) ومن تمام نعمة الله أن نشر النبات على سطح الأرض ونوعه وزوده بالقدرة على العيش في بيئات الأرض المختلفة متاعاً للناس ولأنعامهم في تلك البيئات وبهذا لا يعدم إنسان أو حيوان رزقه أينما كان. وجعلها سبحانه بالوفرة المناسبة كذلك في البحار والمحيطات التي تعج بالنباتات الدقيقة (المجهرية) غذاء لبلايين البلايين من الأسماك والأحياء البحرية التي تسد حاجات البشر الذين علم الله تعالى أنهم سيتكاثرون باطراد ويحتاجون إلى المزيد من الطعام .إن الذي خلق النباتات لسد حاجات الإنسان والحيوان يعلم مقدمات الأشياء والأحداث ونتائجها ويقدر كل شئ بدقة فلا ترى في خلقه إلا تناسقاً وانسجاماً وترابطاً وتكاملاً تشهد لكل عاقل أنها من صنع رب عليم ، حكيم ، رزاق ، خبير .وكما جعل الله الوجود الإنساني ممتداً عبر الزمان على الأرض بتعاقب الأجيال البشرية ، جعل وجود النبات ممتداً على الأرض كذلك بتعاقب أجيال النباتات ليتوفر بذلك على الدوام كل ما يحتاج إليه الإنسان من عالم النبات .فهيا إلى عالم النبات البهيج لنرى آيات ربنا الخالق البديع سبحانه" .
( المصدر : http://www.jameataleman.org/book/EMANP2D1/F2G2.HTM#14 )
فى حين ان النبات المعاصر للكائن البدائى كان يحصل عل كل متطلباته من اشياء اخرى - التربة والماء والهواء - وكل هذه العوامل لا دخل للكائن البدائى بها (اصل الانسان كما يزعم معتقدى التطور) الذى من الطبيعى الا يملك اى قدرة للسيطرة عليها اى العوامل او على غيرها وقد يبدوا هذا الامر اكثر وضوحا الان (اعتماد النبات على نفسه وعلى العوامل البيئية التى لا علاقة لها بالانسان او الحيوان) فى النباتات الصحراوية الى الحد الذى يؤدى بنا الى القول بان النبات يمكن له الا يحتاج لبنى البشر مهما ساءت الظروف واشتدت وفى هذه الحالة لن يجنى اى فائدة مادية او معنوية فى مقابل ما يقدمه لهم من خدمات ومقومات للحياة واذا امكننا ان نقول ان النبات هو اكسير الحياة بالنسبة للكائن البدائى ولولاه لكانت الارض عبارة عن كرة من الصحراء القاحلة التى لا تصلح لنمو او استمرار خلية حية واحدة فلن يمكننا ان نقول بان الكائن البدائى كان يمكن ان يكون اكسير للحياة بالنسبة للنبات فى ذلك الوقت ولو رجعنا بالزمن الى الوراء (بدايات الحياة على ظهر الارض) وتصورنا ما سوف تكون عليه الحياة .... من المفروض ان تكون هناك خليتين احدهما نباتية والاخرى حيوانية فهل يعقل ان تجند وتوظف احداهما ذاتها وكيانها للاخرى دون ان تجنى من وراء ذلك اى فائدة مادية او اخلاقية مع علمها بان هذه الخلية التى فتحت لها باب للتطفل عليها على مسرعيه لا يمكنها ان تستمر فى الحياة او تقوم بوظائفها الحيوية دونها كمقوم للحياة تستمد منه الطاقة والغذاء والشرارة الاولى فى حين ان النبات لن يحتاج لهذه الشرارة لانه من الطبيعى ان يكون له السبق فى الوجود على سطح الارض ...هذا يجعل النبات له الكلمة الاولى لانه يعطى ولا ياخذ (لاحظ معانى كالتضحية والفداء والبذل والعطاء لا يمكن ان تكون معروفة حين اذ ولا يمكن لاحدهم ايضا ان يكون متصف بالمكر والدهاء او باللغة الدارجة يفكر لبعيد ) فى حين ان الاخرى كل ما يمكن ان تقدمه لها هو التطفل (وهذا يدل على الضعف والوهن الشديد) .
ويمكن ان يقال لا !! ان النبات يجنى بعض الفوائد من الانسان كزراعته والعناية به حتى ينبت الثمار وامداده بغاز الفحم .
نقول ان ذلك لا يمكن الاخذ به لو فكرنا مرة اخرى فى بدايات الحياة على كوكب الارض التى من المفروض ان تبدأ بكائن بدائى ليس له اى قدرة على اى شىء بل هو من يحتاج الى من يقوم عليه ويرعاه ويكفل له كل مقومات حياته وان كان الكائن لديه قدرة افتراضا فلابد ان يكون هناك عقد واتفاق بين الطرفين على تبادل المنفعة بينهما معضد بضمانات كافية من كلاهما ولا يمكن ان يتم كل ذلك الا اذا كانت هناك ثقة متبادلة بينهما ولكن من اين تاتى هذه الثقة وليس لايهما فكرة عن الاخر وما هى الضمانات التى يمكن ان يقدمها كل طرف للاخر اذا كان احدهما عاجز وليس له حول ولا قوة على ما اعتقد ان كل ذلك غير معقول ولايمكن ان يتوفر فى مثل ذلك الوقت (العصور الحياتية الاولى) اما بالنسبة لتبادل المنفعة ظهر ان الطرف المستفيد طرف واحد فقط وهو الانسان او الحيوان لماذا ؟ لان الكائن البدائى لابد ان يكون مالك لكل صفات العجز والقصور الى الدرجة التى لا تمكنه من تقديم اى شىء مادى او معنوى اما النبات فاقل ما يقدمه الغذاء واذا صادفت النباتات بعض المشاكل التى تحول بينها وبين استمرار الوجود على سطح الارض فسيمكنها التعامل معها بسهولة تامة دون الاعتماد على طرف اخر .
وان قيل كيف ذلك ؟
نقول لو افترضا ان النباتات بدأت من خلية واحدة اخذت ترتقى وترتقى الى ما وصلت اليه الان فان قدرتها التى جعلتها تصل الى ما نراها عليه من سحر اخاذ وجمال باهر ونظام ياخذ العقول سوف تمكنها من التعامل مع كل المشاكل التى يمكن ان تصادفها ذاتيا دون طلب العون او التكافل مع احد اخر وسوف نورد الان الكثير من الادلة على ذلك :
1- "إن الذي قدّر للنبات دوره المهم في توفير الطعام للكائنات الحية وفي تنقية الهواء، وإمداد الإنسان بالملبس ، والوقود ، وإشاعة البهجة والسرور ، قد قدّر نظاماً محكماً بديعاً لضمان استمرار وجود النباتات لتؤدي وظيفتها على الأرض. ويتمثل هذا النظام في وسائل وطرائق التكاثر في النبات لتغطية النقص بسبب الاستهلاك الدائم لها وما قد تتعرض له من كوارث وسوء استعمال من قبل الإنسان. فجعل الباري سبحانه طرائق متعددة للتكاثر هي :
ا) التكاثر الجنسي : خلق الله في النباتات أعضاء تذكير (المُتُك) تنتج حبوب اللقاح ، وأعضاء تأنيث (المبايض) تنتج البويضات ، لتنشأ الأجنة النباتية من التزاوج بين أعضاء التذكير والتأنيث قال تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)(الرعد:3-6) .
ب) التكاثر الخضري (اللاجنسي) :
ويتم هذا النوع من التكاثر باستخـدام الأجـــزاء الخضريـة مـن النبات كالمدادات والفسائل والأبصال والكورماتوالريزوماتوالدرناتوهذه الأجزاء أعطاها الله القـدرة علـى تكويـن جذور عرضية وبراعـم
عنـد توافـر الظـروف البيئية الملائمة فتتكـون منها نباتات جديدة .
ج) التكاثر بتعاقب الأجيال :
بعض النباتات منحها الله القدرة على التكاثر الجنسي واللاجنسي ويتم التكاثر بأي منهما حسب الظروف المحيطة فيحصل على مميزاتهما معاً في تحقيق سرعة التكاثر باللاجنسي ، والتنوع الوراثي بالجنسي بما يمكنه من الانتشار ومسايرة تقلبات البيئة مثل كزبرة البئر التي تتكاثر بالجراثيم ثم بالأمشاج . وقد نوع الحكيم العليم طرائق التكاثر هذه لبقاء أنواع النباتات تحت الظروف البيئية المختلفة لتوفير ما يحتاج الإنسان إليه على الدوام" .
( المصدر : http://www.jameataleman.org/book/EMANP2D1/F2G2.HTM#14 )
2- لبذور الأشجار الصحراوية أجنحةً لتستطيع أن تعبر الصحارى الجرداء بحثاً عن ماء و عن ظروف إنبات موالية .
3- النباتات الصحراوية هى نفسها دليل عى القدرة الفائقة للنبات فى التعامل مع الظروف البيئية الصعبة والاعتماد على النفس بينما النباتات المائية تثبت قدرة النبات على التعامل مع البيئات الاخرى المخالفة تماما و التى تحتاج لمواصفات خاصة لاجزاء النبات وتحوراته .
4 – "حدد فريق من العلماء من كندا وإسبانيا والولايات المتحدة جيناً في النباتات يمكنها من حماية نفسها من التغيرات البيئية التي قد تضر بها كالجفاف والتجمد ودرجات الحرارة المرتفعة.
وعن ذلك يقول بيتر مكورت، أستاذ بيولوجيا الخلايا والنظم في جامعة تورينتو، إن “النباتات تنتج هرمونات متخصصة بالإجهاد تساعد النبتة على التكيف مع التغيرات التي قد تحصل لها، وإذا ما استطعنا التحكم بإنتاج هذا الهرمون، فإننا سنكون قادرين على إنتاج محاصيل زراعية في بيئات مختلفة وهو شيء مهم في هذا الوقت لما نشهده من تغير مناخي عالمي” (المصدر : 4zera3a.com )
5- النباتات اكلة الحشرات تثبت قدرة النبات على التعامل مع التربة الفقيرة فى العناصر الغذائية وفى نفس الوقت تثبت قدرته على المناورة والمكر والخداع واستغلال الكائنات الاخرى التى من المفروض انها ارقى منه بمراحل عديدة مثل الحشرات وبعض الحيوانات .
تعليق