مطابقة العلوم لما جاء في القرآن والسنة بخصوص معاملة الكلاب والقطط
تعتبر الكلاب من الحيوانات الأليفة التي قد تبلغ درجة عالية في ألفتها مع الإنسان، وتحمل هذه الحيوانات جراثيم وطفيليات وفايروسات متعددة. والكلاب ينهى الإسلام عن الاقتراب منها، والأكل معها وإدخالها البيت، أو الفراش، ويحذر من إعطائها الأكل في الأواني المنزلية التي يستعملها الإنسان لأكله. وتظهر السنة النبوية الشريفة واضحة بالنسبة لهذه الحيوانات، ولا تجوز الصلاة في ثوب مسه كلب بأنفه أو بلعابه، ولا يجوز الأكل في الأواني التي أكلت فيها الكلاب، إلا بعد غسلها سبع مرات كما جاء في صحيح مسلم )الحديث 420 من كتاب الطهارة( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ».
ونركز على الأساس العلمي للحديث، حيث نجد التركيز على عدة عوامل تدخل في التطهير: العامل الأول هو عدد مرات الغسل وهي سبعة، وقد تكلمنا عن القانون الرياضي الذي تتبعه سرعة التطهير في إزالة الجراثيم، و قد بينا أن كلما ازداد عدد مرات الغسل كلما طهرنا الأواني بما فيه الكفاية، وغسل إناء سبعة مرات يعني تطهيره تطهيرا تاما، وهو الأمر الذي يجب أن يتم بالنسبة للأواني التي ولغت فيها الكلاب.
أما العامل الثاني فهو التراب. ويشتمل التراب على عنصرين أساسين يلعبان دورا أساسيا في التطهير، وهما الكاتيونات والطين. فالكاتيونات توجد في التراب وهي تعادل الصابون في التطهير وإذابة الأوساخ خصوصا الدهون، والطين الموجود في التراب كذلك يمتاز بخاصية أخذ الملوثات، حيث يعمل على الالتصاق بالأوساخ (adsorption) وهي كذلك خاصية تزيل المركبات من الأواني. وبما أن اختراع الصابون والمطهرات الأخرى في العصر الحاضر، جعل الاستغناء عن التراب بديهيا، فإن الإشارة إلى تأكيد السنة على التطهير هو ما يهم في هدا الحديث، فالتراب والصابون تكون الغاية منهم التطهير. والعنصر الثاني يتجلى في المضادات الحيوية.
والعامل الثالث يخص المضادات الحيوية الموجودة في التراب. والمعروف أن التراب يحتوي بيئيا على جراثيم نافعة تنتج المضادات الحيوية وتسمى الأكتينومايست، وهي فطريات تختص في إفراز المضادات الحيوية كلما توفرت الشروط لذلك ومن هذه الشروط الرطوبة والمواد العضوية والأملاح العدنية الثانوية، وهي كلها عناصر موجودة في التراب، وتنتج هذه الفطريات كميات كبيرة لما ترفع الرطوبة وهو ما يقع في الأوحال بجانب المجاري المائية.
وقد نجد أن بعض الناس، يجعلون من الكلب صديقا حميما، حيث تصل الحميمية درجة تقبيله، وإعطائه الطعام في نفس الصحون التي يأكل فيها، ونومه في الفراش، وجلوسه على الأريكة وما إلى دلك. ونلاحظ أن بعض الناس في المجتمعات الغير المسلمة يصاحبون الكلاب وينادونهم بأبنائهم. وهذا التصرف الخاطئ ينقضه الإسلام، ويعيد الأمور إلى صوابها، فإن كانت العلوم لا تبالي بهذه الأشياء، رغم ما توصلت إليه من نتائج في شأن الكلاب وما تحدثه من مخاطر وأضرار للإنسان، فإن الإسلام ينفرد ويمتاز بتصديه لهذه التصرفات والانحرافات البشرية، ويقطع العاطفة في مثل هذه الأشياء، لأن كل ما يضر ويزعج الإنسان فالإسلام يمنعه.
ومن جملة تناقضات هذا العصر، وهو عصر العلم، هو أنه في الوقت الذي كشفت فيه العلوم الأخطار المرتبطة بالكلاب، ازداد الاقتراب منها ومعاشرتها بشدة، وهذه الأشياء تبين ضعف العلوم بجميع وسائلها على جعل الإنسان ينضبط ويعي كل مقومات الحياة، ويمشي على سراط سوي. وفي هذا الصدد يظهر إعجاز القرآن والسنة النبوية الشريفة وانفرادهما ببيان الطريق الصحيح، الذي يجب على الإنسان اتباعه ليعيش حياة طيبة مطمئنة.
ونرى من جهة أخرى، أن الإسلام يوضح الحالات التي يمكن التعامل فيها مع الكلب، ويبقيه في حدود معينة خارجة عن المعاشرة، والاقتراب من هذا الحيوان أكتر مما يلزم، وقد حدد الإسلام ذلك من خلال السنة، حيث نجد في صحيح البخاري )الحديث 5059 من كتاب الذبائح(، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « من اقتنى كلبا إلا كلبا ضاريا لصيد أو كلب ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قراطين» ويظهر كذلك في هذا الحديث استثناء نوعين من الكلاب والتي يمكن اقتنائها في حدود، ومنها كلب الصيد و كلب الحراسة، وقد نعلم أن هذا الاستثناء لا يعني معاشرتها وإدخالها إلى المنزل ونومها في الفراش وأكلها مع الإنسان، بل النوع الأول يستعمل للصيد، وهو خارج المنزل، والنوع الثاني للحراسة، وهو كذلك خارج المنزل. وكذلك نجد في البخاري الحديث 2986 من كتاب بدء الخلق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل » وعلى ضوء الحديث نرى أن التشديد على إبعاد الكلب عن البيت ما أمكن أمر واجب لضرورة الإداء أو الضرر، لأن الثلوث قد يصيب ما يستعمله الإنسان في حياته اليومية خصوصا الأكل والشرب، وقد تنتقل جراثيمه عبر الشعر واللعاب أو قد يلوث الأرض ثم تسقط عليها مأكولات وما إلى ذلك.
ويؤكد العلم أن الكلب حامل لأكثر من ستة وثلاثين جرثوما كلها مضرة للإنسان. ويعتبر داء الكلب من أخطر الأمراض الفتاكة، التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان.
الأكياس المائية
يحمل الكلب في أمعائه طفيليا يسمى .Echinococcus granulosus وينمو هذا الطفيلي الخطير في أنعاء الكلب وهو الوسط الوحيد الذي يمكن أن ينمو فيه ويتكاثر، وتصبح يرقات وبيض هذا الطفيلي مختلطة مع البراز لترمى في الطبيعة فتصيب الأعشاب، وحيث ترعى الحيوانات على هذا العشب الملوث، فإن البويضات تتحول إلى أكياس مائية في الأعضاء كالكبد والأمعاء والرئة والقلب والمخ. وربما يأتي التلوث من شعر الكلب كذلك. وتنقل هذه الأكياس المائية إلى الحيوان عبر العشب الملوث، كما ينقل الطفيلي إلى الإنسان عند تناوله الخضر الملوثة، وقد ينقل باللمس، خصوصا الأطفال الذين يحبون اللعب مع الكلاب، ولا يبالون بغسل أيديهم جيدا قبل الأكل.
ولا ينمو الطفيلي المسبب للكيس المائي، إلا في أمعاء الكلب، ليتسرب إلى الإنسان عبر الثلوث. والمعلوم أن هذا المرض ليس له دواء إلا الجراحة، وتبقى النتائج المتوخاة من علاجه ضئيلة. وتكتر الإصابة بالأكياس المائية كلما كثرت الكلاب.
وتستمر الدورة الحيوية بتناول الكلاب لأعضاء الحيوانات المصابة بالأكياس المائية، والتي لم يتم إتلافها وحرقها في المجازر. وقد ترمى هذه الأكياس المائية بدون شعور، لما يجدها الإنسان في ذبيحة عيد الأضحى أو ذبيحة المناسبات كالعقائق، وهو ما يساعد على انتشار هذا الطفيلي الخطير.
من عادة الكلب أنه يلهث دائما، خصوصا في المناطق الحارة كالدول الإفريقية والأسيوية وبعض دول أمريكا. وهذه الخاصية توجد عند الدجاج والكلب، لأن هذه الحيوانات ليست لها غدد عرقية، كما هو الشأن عند الإنسان والحيوانات الأخرى. وليجعل الكلب حرارة جسمه قارة وثابتة ينهج اللهاث بفتح فمه كله، وإخراج لسانه ليبخر الماء، حيث تقع عملية التبريد. واللهاث عند الكلب لا يتوقف على جهد، بل يلهث في حالة راحته وفي حالة جهده أو تعبه. ونجد هذا مبينا في قول الله عز وجل في سورة الأعراف.
وكون الكلب يلهث دائما، وخصوصا عند اشتداد الحر، فهو يلوث كل الأشياء التي يمر بها بلعابه. ويجب أن ننتبه إلى هذا الأمر، خصوصا بالنسبة للأطفال الذين يلعبون مع الكلاب، أو ربما يصيب لعاب الكلب أغذيتهم، خصوصا وأن بعض الأطفال يتربى لديهم حب شديد للكلاب.
وإذا كانت الشريعة الإسلامية أعطت اهتماما خاصا للكلب من حيث الخطر الصحي على الإنسان، فإن علماء الصحة الغذائية في البلدان المتقدمة، وضعوا قوانين صارمة وقاسية، فيما يخص اقتراب الحيوانات من معامل الصناعات الغذائية والمطاعم العمومية.
وكتوجيه عام، فإن المرافق الغذائية يجب ألا تدخلها حيوانات كالكلاب والقطط. ويجب كذلك على المستهلك ألا يقتني أغذية من المراكز أو المحلات التجارية التي تدخلها الكلاب. وكذلك ألا يأكل في المطاعم التي تدخلها الكلاب. ونلاحظ دخول الكلاب إلى الأسواق في العالم القروي، وهو ما يجعل الأمور تتعقد إذا علمنا أن البنيات الصحية بالعالم القروي جد متواضعة. فيجب على الأقل أن تحظى الأسواق بالعناية الصحية.
القطط
يختلف القط عن الكلب اختلافا بالغا في الإسلام. ويحظى القط بمكانة متميزة عن الكلب كذلك. ونرى أن القط يمكن أن يدخل البيت أو أن ينام في الفراش وما إلى ذلك، وهي أشياء لا تجوز مع الكلب. ولا يحمل القط نفس الخطر الذي يحمله الكلب، رغم أن بعض الخطر غير مستبعد بالنسبة للقط. فهناك بعض الجراثيم التي يحملها في أظافره، وعلى شعره، والتي قد تصيب الأطفال أتناء اللعب مع القطط. فكل خدش أو جرح بسيط من لدن القطط، قد يتسبب في إصابة الأطفال ببعض الأعراض، التي من شأنها أن تسبب تخمجا، ينتج عنه ارتفاع في الحرارة، وربما يلازم الطفل الفراش على إثره. والمشهور في علم الجراثيم هو أن القط يحمل جرثومEikenella بين أظافره وتصيب هذه الجراثيم الأطفال أتناء اللعب مع القطط.
ويمكن أن يتسبب القط في ظهور حساسية شديدة عند الأطفال، لأن تساقط الشعر عند الكلاب والقطط يكون عاديا ولا يمكن التحكم فيه، ولما تظهر الحساسية عند الأطفال أو عند الكبار تصبح الأمور جد معقدة لأن تناول العقاقير المهدئة لهذه الحساسية مثل الكورتيكويدات يسبب أمراض أخرى أخطر من الحساسية منها السرطان أو هشاشة العظام أو بعض أمراض الجهاز العصبي. وشعر الكلاب والقطط يسبب حساسية عند الأطفال، وقد يكون الأمر شاقا لما يتعلق بالأطفال دون سن الرابعة.
ويمكن للقط أن يصاب بداء الكلب، وينقله إلى الإنسان ويمكن أن يكون حاملا لطفيلي مرض الطوكسوبلازموز، الذي يتسبب في الإجهاض عند النساء الحوامل ونعلم أن النساء تخضع أول ما تخضع إليه عند الحمل الكشف بالتحليل عن الإصابة بمرض الطوكسوبلازموز، لأن الإصابة تكون خطيرة وقد لا تصل إلى الإجهاض وإنما تؤدي إلى تشوه الجنين . ويظهر هذا المرض عند الإنسان نتيجة تناوله الأغذية الملوثة بكيسات الطفيلي الساقطة مع براز القطط المصابة. وتحدث الإصابة أعراضا مختلفة مثل الاضطرابات العصبية، وكذلك تسبب الإجهاض والعقم عند النساء. وقد تأتي العفونة من شعر القط. وهذه الإصابة أصبحت جد محتملة خصوصا مع اقتناء القطط داخل المنازل الضيقة.
ونرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرق بين القط والكلب وأكد من جهة على غسل الأواني التي ولغت فيها الكلاب سبع مرات والأولى بالتراب. لكنه صلى الله عليه وسلم سمح باستعمال ما تبقى من الماء الذي يشرب منه القط.
وريما نعود إلى منع لحم الجلالة من الحيوان، ليكتمل وجه الإعجاز العلمي في موضوع التغطية، والحيوان الذي يعيش في المنزل ولا يسرح في المراعي كالشاة التي تبقى في المنزل، يحتمل أن يتلوث بهذه الطفيليات التي تأتي من الكلاب. وربما كاك براز الكلاب أخطر من القاذورات الأخرى التي قد تصيب اللحوم والحليب عند الحيوانات المجترة أو الأنعام، وهي الحيوانات التي شملها التقنين الإسلامي دون غيرها.
الجلالة
إن العلوم الحديثة بينت أن هناك أشياء أخرى أكثر دقة وأكثر أهمية، لم تعرف إلا في النصف الثاني من القرن الأخير، وقد تطرقت إليها السنة النبوية الشريفة. فالدقة التي جاء بها الإسلام هي دقة إعجازية في حد ذاتها. فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف فايزيولوجيا الحيوان ولا تشريحه ليمنع أكل لحوم الجلالة وشرب ألبانها. ولا يزال الأمر مشتبها على علم البيطرة لتبرير هذا المنع رغم ثبوت الأخطار التي قد تأتي بها لحوم وألبان الجلالة. فلنعرض أولا وجهة الشرع في هذه الأنواع من اللحوم مع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقدورد النهي عن أكل لحم وشرب لبن وركوب الجلالة في أحاديث نبوية كثيرة عن ابن عمر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها) رواه أبو داؤد والحاكم. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة, أن يؤكل لحمها ويشرب لبنها ولا يحمل عليها ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة) رواه الحاكم في المستدرك. وعن ابن عمر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها) رواه الترمذي في سننه, رقم الحديث (1824).
والجلالة هي كل حيوان من الأنعام الذي يتغذى على العذرة (البراز). وهذا الحيوان يعيش عادة داخل المنزل، ولا يسرح في المراعي. وقيل هي الشاة التي لا ترعى في المرعى، كأن تكون واحدة فلا يمكن أن تسرح، أو كأن تكون غير قادرة على ذلك، فتبقى في المنزل. وتأكل هذه الشاة ما يفضل من بقايا المأكولات، وقد تأكل القاذورات التي تصادفها وأشياء نجسة. ومن أخطر هذه القاذورات براز القطط والكلاب والإنسان، الذي ربما تصادفه هذه الحيوانات فتأكله. ونعلم في ميدان علم صحة الأغذية أن المواد البرازية - على العموم- جد خطيرة إذا ما أصابت المواد الغذائية من جهة، ومن جهة أخرى فهي محملة ببعض المواد السامة، التي تترشح في الأمعاء وتمر إلى البراز بل وتتركز فيه. كما تجمع الطفيليات والباكتيريا والفايروسات الخطيرة.
وتوجد مركبات خطيرة، تنحدر من الإستقلابات العضوية، لتخلف إما سمينات (Toxins) أو مواد كيماوية ناتجة عن الهضم لها طبيعة تسممية، وحيث تتغذى الحيوانات على هذه القاذورات، فإن المواد الخطيرة تصيب اللحم واللبن على حد سواء، وهنا نرى المعجزة في حديث رسول اله صلى الله عليه وسلم حيث يدقق شيئا علميا بأوج ما وصلت إليه علوم الأغذية، وربما لم تصل بعد إلى حقيقة الأمر بالنسبة للخطر الحقيقي لهذه المادة الغذائية، ذلك أن الحديث يذكر اللحم واللبن والركوب، وهي المواد التي تأتي من الحيوانات المجترة أو الأنعام، ولم يقتصر على اللحم فحسب، بل تطرق كذلك إلى اللبن، لأن الإفراز والتمثيل يكون بنفس التفاعلات داخل الجسم وهو تمثيل البروتينات. وتذهب المواد السامة عند هذه الحيوانات إلى اللحم والحليب، وهي المكونات الغذائية التي يحتاجها الإنسان، وقد تأتي ببعض الأضرار في غاية الخطورة. ومن أشهر الأخطار مرور سمينات إلى الجنين عند المرأة الحامل، فيصاب المولود بالعمى. وهذه أشياء أخبر بها سيد البشرية واكتشفها العلم الحديث.
ويكون الحديث كذلك شاملا، فيما يخص نوع التغذية، التي يتغذى عليها الحيوان ليكون ضارا. ولم تنتبه العلوم إلى هذه الأشياء إلا مؤخرا، حيث تم ربط جودة اللحوم والحليب بنوع التغذية التي يتغذى عليها الحيوان. ويدخل تحت هذا القانون كل حيوان يقتات على البقايا والقاذورات، وبعض الفضلات الملوثة. وليس هناك أدنى شك، أن الحيوانات التي تقتات على القاذورات، تعطي لحما أو لبنا بجودة منخفضة، وقد يكون ضارا تماما كما هو الشأن بالنسبة للجلالة. لأن التسمية التي جاءت في الحديث الشريف، إنما تعني حالة غير أصلية في تغذية الحيوان، ونعلم بيئيا أن الحيوانات لا تقرب القاذورات في المرعى. لكن هناك نوعا من الحيوان أصبح يتغذى بالطرق الحديثة على القاذورات والفضلات، وعلى مساحيق الحيوانات الميتة، وهو ما حدث في بعض الدول الأوروبية، فتسبب في ظهور داء جنون الأبقار وهو ليس حديثا، لكن الشكل الذي ظهر به هو الذي أثار ثائرة العلماء. الإنسان وهو ما يعرف بمرض الاعتلال الدماغي الإسفنجي الانتقالي، والذي يصيب الأبقار وينتقل منها إلى الإنسان في حالة تناول لحومها أو ألبانها. وينتقل هذا المرض إلى الإنسان بسبب انتقال بروتين برايون المتحول Modified Prion Protein الذي يتركز في خلايا الجهاز العصبي المركزي.
ولو أن بعض العلماء يظنون أن بعض الأشياء أصبحت مضبوطة من الناحية العلمية، فنحن نقول أن الشريعة تبقى بمستواها العالي الذي لا يعلى عليه أبدا، ولو أن بعض الدارسين يبررون تقنيات تربية المواشي، بالإنتاج، والاكتفاء الذاتي، وما إلى ذلك، فكل الحيوانات التي تتغذى على النفايات والقاذورات والنجائس من أصل حيواني أو إنساني، توضع موضع الجلالة لعموم الحديث. وما يجب الآن على العلماء في ميدان التغذية، هو تحري حقيقة المواد والمكونات العلفية، والبحث عن مصدرها والتأكد من سلامتها. وإن كان بها أثر نجاسة أو أثر خنزير أو ميتة كبعض المساحيق المستوردة، أن يتخذوا موقفا شرعيا واضحا تجاه هذه الأخطار.
والمعلوم أن الجلالة تتسبب في نقل بعض الطفيليات الخطيرة إلى الإنسان، ومنها الديدان الحلزونية والترايكينيلا، زيادة على باكتيريا حمى التايفويد، وباكتيريا الليستيريا، ويلاحظ أن هذه الحيوانات التي تتغذى على العذرة تنقل الطفيليات على الخصوص، لأن هذه الأخيرة لها دورة الحياة في الجهاز الهضمي عند الحيوان أو الإنسان، وتكون هذه الطفيليات في طور الأكياس أو التكيس في البراز، وهو الطور الخطير الذي لا يمكن فيه القضاء على الطفيلي، بل يجب أن يمر إلى الطور الموالي وهو طور التكاثر لمحاولة القضاء عليه. ولا تتأثر هذه الطفيليات بالجهاز الهضمي عند الحيوانات المجترة، كما قد تصيب اللحم بسهولة ويبقى نقلها إلى الإنسان أمر وارد.
فالمستهلك يتحتم عليه في الوقت الحاضر، أن يساهم في الدفاع عن مقومات المجتمع، وأن يتعامل مع هذه المستجدات بكل تحفظ على الصعيد الفردي، وفي إطار الجمعيات المدنية، ويجب أن يخرج من اللامبالاة إلى مشاركة فعالة، ودور إيجابي في المجتمع الذي يعيش فيه، وأن تكون لديه غيرة على هذه المقومات، ومنها الدين، وألا يقبل أي مساومة من شأنها أن تطمس أو تمسخ هذه المعالم
وفي الختام ندعو الإخوة إلى ترك الولايات الجاهلية، ونعلم أن اقتناء الكلاب أصبح موضة، ونعلم أن كثيرا من الأطفال يصابون بأمراض تعفنية وطفيلية وبعض التكيسات والحساسية من الكلاب.
بقلم الدكتور محمد فايد
http://www.mfaid.com/dog-ar.htm