بسم الله الرحمن الرحيم
إن القائم على عملية التربية يجب أن تتوافر فيه صفاتٌ خمسة ..
من أهم هذه الصفات ..
القدوة ..
يا أيــــُّــــــــــــــها الرجلُ المُعلم ُغـَيرَهُ ..... هلاَّ بنفسك كانَ ذا التعليـم ؟
تصفُ الدواءَ لذي السِقـامِ وذي الضَنى ..... كَيْمَا يَصِحُ بهِ وأنتَ سقيـــم
ابدأ بنفسكَ فانهها عن غيهــــــــــِّـــــا ...... فإذا انتهت عنهُ فأنتَ حكيم
فهنــــــــاكَ يَقبــــلُ ما وعظتَ ويقتدى ...... بالعلمِ منكَ وينفعُ التعليـــم
أهمية القدوة ..
إن الطفل أسيرٌ لقدوة .. كما أن عينه شديدةُ المرقابة .. لذلك الحذر الحذر من أن تكون سقطاتك أمام أطفالك ..
من المستحيل أن تكون مثالياً .. لكن احترز من هفواتك أمام أطفالك .. ولا تأمرهم بفعل لا تأتيه أنت ولا تنهاهم عن فعل أنت تأتيه ..
عارُ عليك إذا فعلت عظيم ..
لا شك أن الأمر يحتاج إلى جهد وصبر .. ولكن حسبنا ماقاله ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( الهدي الصالح و، والسمت الصالح ، والاقتصاد ، جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة )) صحيح سنن أبي داود للألباني .
إن الذي يتحلى بالسمت الصالح والهدي الصالح يُقتدى به ، ويُحاكي بعض صفات النبوة .. وكفا بذلك شرفاً ..
لكن .. وهل كان أنبياء الله إلا قدوة للبشر !!
أوْلـَئِكَ الـَّذِينَ هَدَى اللهُ فـَبِهُدَهُمُ اقـْتـَدِهْ الأنعام 90
العوامل التي تهيأ الطفل لقبول المربي كقدوة ..
1- حسن المظهر ..
إن حسن اعتناء المربي بمظهره _ بما لا يخرج عن حد الإعتدال _ مَدعاةٌ للقـَبولِ والتقدير .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إن الله تعالى جميلٌ يحب الجمال ، ويُحب أن يَرى أثر نعمتِهِ على عبده ، ويبغض البؤسَ والتباؤس)) صحيح الجامع الصغير للألباني .
وقد كان السلف الصالح يعنون بذلك ، ويوصون العالِم بحسن مظهره ..
فنقرأ مثلاً في فهرس (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي) ما يلي :
باب إصلاح المـُحّدِّث ( المحدث هو الذي يحدث الناس بالعلم ) هيئته وأخذه لرواية الحديث زينته .
- مبحث : وليبتدئ بالسواك .
- مبحث : لباس المُحَدِّث المُستحَبُ له .
- مبحث : ويُكرَه له أن يلبس الثوبَ الخـَلِق وهو يقدر على الجديد .
وقال : ( ينبغي للمحدث أن يكون في حال روايته على أكمل هيئة وأفضل زينة ، ويتعاهد نفسه قبل ذلك بإصلاح أموره ، التي تـُجمِّله عند الحاضرين من الموافقين والمخالفين).
2- الوفاء بالوعد ..
إن الوفاء بالوعد من سمات المؤمنين الصالحين .. وإخلاف الوعد من أخلاق المنافقين ..
كما أنه مظهر من مظاهر عدم الجدية واللامبالاة .. ويعطي انطاعاً للطفل بأن قدره ضئيل عند معلمه أو مربيه ..
وهذا كفيل بهدم المربي كقدوة في عين الطفل ..
لذلك .. على المُربي أن يحرص على الوفاء بوعده للطفل .. وإن حال حائل دون ذلك ..
فالإعتذار اللطيف _ مع توضيح السبب_ يُزيل ما قد يكون في نفس الطفل ..
3- العمل بما يقول ..
إن الخطاب التربوي ينقسم إلى ثلاثة أنواع :
- النوع الأول من الخطاب التربوي : الكلام النظري ................. وهو بيان الأمر مع بيان عواقب عدم الاستجابة ..
- النوع الثاني من الخطاب التربوي: حكاية الفعل ................... وهو ذكر مثال عملي لما سبق سواء أكان معاصراً أو تاريخياً ..
- النوع الثالث من الخطاب التربوي: رؤية الفعل( فعل المربي ) ... التنفيذ العملي للقيمة أو السلوك من قبل المعلم أمام الطفل ..
النوع الأول .. الكلام النظري :
يلزمه التكرار .. فإذا كانت النفس على استعداد للتأثر بما يُلقى إليها عليها من كلام إلا أنه يبقى استعداد مؤقت في الغالب ..
النوع الثاني .. حكاية الفعل :
إن كانت تقرب المسافات أكثر إلا أنها لا تكفي لغرس قيمة أو سلوك ..
النوع الثالث .. رؤية الفعل :
أشد وأبقى أثراً .. لأنه قدوة ملموسة منظورة .. فهو يعلق المشاعرالطفل بالقيمة أو السلوك .. ولا يتركها تهبط ..
إن رؤية المُربي وهو يمارس الفعل يعتبر المرحلة الحاسمة والأخيرة التي تـُبرز قيمة ما سبقها ..
وتخرج ما أحدثه من مشاعر نفسية على أرض الواقع في صورة عملية ..
وبدونها تظل القيم التي تعلمها الطفل حبيسة النفس .. مما يعرضها للنسيان ..
مثال .. إن المربي الذي يتحدث مع الأطفال عن أهمية المحافظة على الصلاة في موقيتها ثم لا يلبث أن يراه أطفاله لا يصليها إلا في آخر وقتها .. هذا المربي يمحو بتصرف واحد عشرات الأقوال التي يصبها في آذان أطفاله ..
تعليق