ملف التنصير في الجزائر( الجزء الأول)
إعداد :عماد المهدي
المشرف على موقع فرسان التوحيد
ملف الجزائر (1)
وكان هدف اليسوعيين تنصير العرب والوقوف في وجه كل الأوروبيين الذين أسلموا وتزوجوا من جزائريات فشكلوا أنفسهم في جمعية أطلقوا عليها اسم (الجمعية الأدبية الدينية للقديس أوغسطين) عام 1844م وكان من أهدافها: 1- بعث الثقافة الدينية النصرانية بالجزائر عن طريق إحياء كتابات القديس أوغسطين والقديس سبريان وغيرهما، وكذلك عن طريق دراسة آثار الكنائس القديمة بإفريقيا بهدف إثبات الماضي النصراني. 2- مواجهة التأثير الإسلامي على بعض الأوروبيين، وكان اليسوعيون لا يؤمنون بتنصير الأفراد فرداً فرداً بل يؤمنون بالتنصير الجماعي بالجملة، لهذا قام (الأب بريمولت) بإنشاء مركز للأطفال المشردين ببوفاريك وآخر بابن عكنون سنة 1843م وقد بلغ عدد الأطفال بمركز ابن عكنون 317 طفلاً فقيراً ويتيماً
بقلم عبد الرحيم الجزائري
لا يمكن فهم حركة التنصير القائمة اليوم في الجزائر إلا بالرجوع إلى الوراء لأن الحركة ليست وليدة اليوم
يعد "رامول لول" أحد أساطين التنصير في الجزائر، وقد ساعده على ذلك صلاته القوية مع الملوك والأمراء النصارى، بالإضافة إلى تمكنه من اللغة العربية التي قضى تسع سنوات في دراستها حتى أجادها، وقد كان نصرانيا صليبيا فهو من النصارى الأسبان الذين كانت قلوبهم مفعمة بكراهية المسلمين، وكانت له أحلام توسعية ومواهب في محاربة الإسلام وتنصير المسلمين، فمرة يضع الخطط الكاملة لاحتلال بلاد الشام وتنصير أهلها، ومرة يكتب المصنفات للطعن في الإسلام حتى قيل: إنها بلغت أربعة آلاف مصنفا، ومرة يشرف على تعليم تلامذته في كلية (ميرامار) التي أنشأها لتعليم الرهبان اللغة العربية حتى يسهل عليهم تنصير المسلمين، بل بلغ حرصه على تنصير المسلمين درجة أنه باع كثيرا من ممتلكاته لتمويل حركة التنصير، ولما رأى أن كل جهوده هذه لم تثمر شيئاً يذكر، قرر القدوم بنفسه إلى بلاد المسلمين، فقام بثلاث زيارات لأفريقية، الأولى كانت إلى مدينة تونس سنة 1292م دامت بضعة أشهر وانتهت بطرده بعد انكشاف أمره وقد نجا بأعجوبة من القتل، وكانت زيارته الثانية إلى الجزائر وبالضبط إلى مدينة بجاية سنة 1307م وانتهت الزيارة أيضاً بسجنه وطرده بعد ثوران العامة عليه ولكنه عاود الكرة مرة أخرى سنة 1315م وكانت الزيارة أيضاً إلى بجاية وبلغ من تعصبه وحمقه درجة الطعن في الإسلام وفي نبي الإسلام من فوق منبر مسجد بجاية، فثارت ثائرة الناس وقتلوه رجماً بالحجارة، وقد فعل ذلك عمدا لكي يقتل فيكون شهيداً!! وحقق أمنيته في الموت ولكن لم يحقق نيته في تنصير مسلمي بجاية.
في سنة 1219م أرسل الراهب فرانسيس -مؤسس منظمة الفرانسيسكان- خمس بعثات تنصيرية واحدة منها إلى المغرب الأقصى وقامت بالطعن في الإسلام ودعوة المسلمين علناً للنصرانية فأمر الخليفة الموحدي بإعدامهم جميعاً بتاريخ 16 يناير 1220م، أما البعثة الأخرى التي أرسلها إلى إفريقية فكانت تحت قيادة (جيلز الأسيزي) وقامت أيضاً بالإساءة للإسلام والمسلمين مما آثار المسلمين عليه، فاضطر النصارى الأوربيون الذين كانوا يقيمون في المنطقة إلى إجبارهم على مغادرة البلاد خوفاً على مصالحهم مع المسلمين.
وبتاريخ 1388م جاءت بعثة أخرى لتنصير أهل إفريقية وكان ضمن البعثة عالم نصراني متبحر في دارسة النصرانية هو الراهب (أنسيلموا تورميدا) وبمجرد وصول هذا الداعية النصراني إلى أرض تونس واتصاله بمسلميها شرح الله صدره للإسلام وسمى نفسه: عبد الله واحتضنه المسلمون واشتغل في ترجمة ما يرد إلى السلطان أبي العباس أحمد المنتصر الثاني فسمي بعبد الله الترجمان، وقد تفقه في دين الله وحسن إسلامه. كان إسلام عبد الله الترجمان ضربة موجعة لحركة التنصير في المغرب العربي وإفريقيا كلها وجن جنون حركة التنصير واتصلوا به عارضين عليه الأموال الطائلة والإغراءات المادية التي تفتتت كلها أمام قوة إيمانه حتى أنه ألف كتابه الشامخ «تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب.
استعصت الجزائر والمغرب العربي وسائر البلاد الإسلامية على التنصير فلجأت حركة التنصير إلى استخدام القوة، ففي سنة 1807م طلب نابليون من الكولونيل (بوتان) المهندس العسكري القيام بسياحة استكشافية للجزائر، فجاء هذا المهندس الجاسوس إلى الجزائر سنة 1808م وتعرف على الأسر اليهودية وعلى الأخص أسرة ابن زاحوط التي أعانته على استكشاف الجزائر أرضاً وشعباً وثقافة، وتختلق فرنسا قصة المروحة سنة 1828م ويكون الاستعمار الذي طالما حلمت به فرنسا من أجل إحياء الكنيسة الأفريقية وتنصير القارة وإعادة أمجاد الرومان المستعمريناصطحب قائد الحملة الفرنسية على الجزائر دوبونياك وبتوصية من دائرة ما عرف بالأراضي الفرنسية في الخارج- دائرة الاستعمار- التابعة لوزارة الخارجية 14 شخصاً من أبرز القساوسة الفرنسيين الذين كانوا يعتقدون وينقلون هذا الاعتقاد إلى الجنود الفرنسيين بأن الهلال- لفظ كان يطلقه الفرنسيون على الإسلام- يجب أن يندحر في الجزائر لتعود الجزائر إلى أحضان الصليب، ولذلك فالمهمة في الجزائر ليست سياسية استعمارية بقدر ماهي دينية مقدسة كما كان يروّج هؤلاء القساوسة.
جاء في نص وثيقة الاستسلام التي حررها قائد الحملة الفرنسية ووقعها الداي حسين: "تعطى الحرية للديانة المحمدية وللمكاتب الأهلية ولديانتهم مع احترام تقاليدهم وأملاكهم وتجارتهم وصنائعهم، وأن لا يعارضوا في ذلك وأن لنسائهم الاحترام التام ومزيد الاعتبار، ويقسم الجنرال على ذلك بشرفه"، ولم يمض شهران فقط على هذا التعهد الغادر حتى أصدر (دوبرمون) مرسوماً يوم 8 سبتمبر 1830م يقضي بمصادرة الأوقاف الإسلامية والاستيلاء عليها ثم تلا ذلك إجراءات شتى في الحرب على الدين واللغة والتاريخ.
فقام الجنرال روفيغو بهدم مسجد كتشاوة بالعاصمة بعد أن ذبح وقتل فيه من المصلين مايفوق أربعة آلاف مسلم قائم يصلي، وكان يقول: يلزمني أجمل مسجد في المدنية لنجعل منه معبد إله المسيحيين. فتم تحطيم المسجد بتاريخ: 18/12/1832م وأقيمت مكانه كاتدرائية تحمل اسم (سانت فيليب) وأقيمت فيه أول صلاة نصرانية ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر 1832م وبمناسبة هذا الحدث بعثت الملكة (إميلي زوجة لويس فيليب) هدايا ثمينة للكنيسة الجديدة، أما الملك فأرسل ستائر من القماش الرفيع، وبعث (البابا غريغور السادس) عشرة تماثيل للقديسين للتبرك بها، وأعرب عن امتنانه وشكره للذين قاموا بهذا العمل العظيم!!! (تحويل مسجد وقتل 4 آلاف مصلٍّ) وعلق الجنرال روفيغو على الحدث بقوله: إني فخور بهذه النتائج، فلأول مرة تثبت الكنسية في بلاد البربر.
عاد مسجد كتشاوة إلى الإسلام عام 1962م بإمامة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي ولم تكن صدفة أن يؤمه عالم جزائري مسلم يحمل اسم البشير بعد أن أهين المسجد باسم التبشير.
أما مسجد السيدة، فقام (الجنرال كلوزيل) بهدمه عن آخره بعد أن أخبره اليهود وأقنعوه أن الداي كان يخفي فيه أمواله، وأقيم على أنقاضه فندق (دي لاريجانس) ووقع لجامع حسن باي بقسنطينة ما وقع لجامع كتشاوة. جاء في الخطبة التي ألقاها سكرتير الحاكم في قسنطينة أثناء الاحتفال بتحويل المسجد إلى كنيسة: إن آخر أيام الإسلام قد دنت وخلال عشرين عاماً لن يكون للجزائر إله غير المسيح، ونحن إذا أمكننا أن نشك في أن هذه الأرض تملكها فرنسا فلا يمكننا أن نشك على أي حال أنها قد ضاعت من الإسلام إلى الأبد، أما العرب فلن يكونوا مواطنين لفرنسا إلا إذا أصبحوا مسيحيين جميعاً.
وحول جامع علي بتشين بباب الوادي بالعاصمة إلى كنيسة تحمل اسمNotre Dame de la Victoire ومثله جامع القصبة البراني الذي حول إلى كنيسة باسمSaint Croix وكذلك جامع سوق الغزل بقسنطينة، وفي وهران حول مسجد (سيدي محمد الهواري) إلى متحف، وفي معسكر حول مسجد العين البيضاء الذي أعلن على منبره الأمير عبد القادر الجهاد إلى مخزن حبوب للجنود الفرنسيين، كما قام شوطان وزير داخلية فرنسا بتاريخ 8 مارس 1938م بإصدار قرار يقضي بمنع تعليم اللغة العربية في الجزائر باعتبار أنها لغة أجنبية!!!
إيدز التنصير:
طريقة حركة التنصير استغلال مآسي الشعوب من مجاعات وأمراض وكوارث لتحقيق أهدافها.
وهكذا ما إن حل مرض الكوليرا على الشعب الجزائري حتى حلت مع المرض الإرساليات التنصيرية وعلى رأسها (البارون أوغسطين دوفيالار) الذي وصفه المؤرخون بأنه كان أول معمر بالجزائر.. حيث هب لتقديم فرنسا المسيحية في صورة خيرية إلى الإسلام.
لقد تفطن هذا المنصر إلى أهمية الأعمال الخيرية فاستغلها في تنصير المسلمين فقام بشراء إقطاعات من الأراضي بكل من القبة وبراقي وابن عنكون وبوفاريك بسهل متيجة وأنشأ مركزاً طبياً في مارس 1835م وسافر إلى فرنسا من أجل تحريض الناس هناك للتبرع لصالح مشاريعه الخيرية مؤكداً لهم أن هذه الأعمال ستؤدي في النهاية لتنصير الجزائريين.
وقد جمع التبرعات الضخمة لمشاريعه وكان أول من آمن بأفكاره الملك (لويس فيليب) وزوجته (إميلي) اللذان تبرعا له بمبلغ: 1500 فرنك، واستدعى أخته إميلي دوفيالار إلى الجزائر مع مجموعة من الراهبات لاستغلال المراكز والمعاهد ونشاطات التطبيب والأعمال الخيرية في نشر النصرانية ثم وصل إلى الجزائر (الأب بورغاد) 1838م فاختارته إميلي مرشداً دينياً لفرقتها، فتم فتح مركز خيري آخر بمدينة بوفاريك، الأمر الذي جعل (الماريشال فالي) يكرمه فيسلم له مسجداً صغيراً ليقيم فيه!!
ثم وقع اتفاق تاريخي بين البابا غريغوار والملك لويس فيليب على تأسيس أسقفية الجزائر 8 أغسطس 1838م وعين (أنطوان ديبيش) أول أسقف لها.. وقد كان الأسقف ديبيش متحمساً لإحياء الكنيسة الإفريقية، وقد رسم لذلك خطة تعتمد على بندين: العمل الخيري من جهة وإثارة العنصرية والنعرات من جهة أخرى. وقد عبر عن ذلك بقوله: يجب أن تكون رسالتنا بين الأهالي، وينبغي علينا أن نعرفهم بدين أجدادهم الأولين من خلال الخدمات الخيرية.. واستغل - كما هو عادة المنصرين- حالة الفقر التي يعيشها جل الشعب الجزائري، فأعلن أنه سيعطي 20 فرنكاً أسبوعياً لكل من جاء ليسمع التلاوة الدينية في الكنيسة و50 فرنكاً لمن يقبل التعميد فيتنصر. وخصص يومي الاثنين والخميس ليتصدق فيهما بالخبز للأطفال المشردين. وقد شجعه البابا غريغوار السادس عشر على ذلك ودعم صفوفه بالقسيس (سوشي) فكلفة بتنصير أهل قسنطينة، وقد افتخر بكونه أول من يدخل مدينة إسلامية لم يدخلها قسيس منذ 1400 سنة، فكانت باكورة أعماله تأسيس أول معبد نصراني بتحويله مسجد أحمد باي إلى كنيسة.
ثم استنجدت حركة التنصير بطائفة (القديس فانسادو بولس) التي حلت بالجزائر عام 1834م والتي اختصت في تنصير الأطفال والمرضى، ولما رأى الاستعمار الفرنسي الثمار الهزيلة لكل هذه الحركات التنصيرية قرر أخيراً الاستنجاد بطائفة نصرانية كان لها دور أسود في تاريخ فرنسا نفسها، بل كانت منبوذة في فرنسا بسبب الدور السياسي الذي قامت به، فقام الأسقف ديبيش باستدعاء طائفة اليسوعيين الذين كانوا يعدون أن كل تعرض لفرنسا تعرضاً للبابا نفسه! ووصلت الطائفة بتاريخ 1840م واختاروا العمل في العاصمة وقسنطينة ثم معسكر، وكان هدف اليسوعيين تنصير العرب والوقوف في وجه كل الأوروبيين الذين أسلموا وتزوجوا من جزائريات فشكلوا أنفسهم في جمعية أطلقوا عليها اسم (الجمعية الأدبية الدينية للقديس أوغسطين) عام 1844م وكان من أهدافها:
1- بعث الثقافة الدينية النصرانية بالجزائر عن طريق إحياء كتابات القديس أوغسطين والقديس سبريان وغيرهما، وكذلك عن طريق دراسة آثار الكنائس القديمة بإفريقيا بهدف إثبات الماضي النصراني.
2- مواجهة التأثير الإسلامي على بعض الأوروبيين، وكان اليسوعيون لا يؤمنون بتنصير الأفراد فرداً فرداً بل يؤمنون بالتنصير الجماعي بالجملة، لهذا قام (الأب بريمولت) بإنشاء مركز للأطفال المشردين ببوفاريك وآخر بابن عكنون سنة 1843م وقد بلغ عدد الأطفال بمركز ابن عكنون 317 طفلاً فقيراً ويتيماً ومشرداً، نجح بريمولت في تنصير 8 منهم، وقد قام الجنرال بيجو بزيارة المركز، وسلم للأب بريمولت مجموعة من أطفال الجزائر قائلاً له: حاول يا أبت أن تجعلهم مسيحيين فإذا فعلت فلن يعودوا إلى دينهم ليطلقوا علينا النار.
ملف الجزائر (2)
تاريخ حركة التنصير في الجزائر: شواهد وحقائق 2-2
بقلم عبد الرحيم الجزائري
ثم جاء دور أسقف آخر هو (الأسقف لويس انطوان بافي) الذي خلف الأسقف ديبيش في النشاط التنصيري عام 1846م وقد حاول هذا المنصر تدارك الخسارة التي مني بها سابقوه، فقرر الخروج لتنصير القرى والمداشر وأعماق الجزائر بدل التركيز على الجزائر وقسنطينة معتمداً في ذلك على فقر هؤلاء وجهلهم، وتحت إشرافه قام (الأب دوغا اليسوعي) سنة 1857م، بتأسيس «جمعية الصلاة من أجل تنصير المسلمين في العالم وإحياء الكنيسة الإفريقية» وبتاريخ 1841م بادر (الماريشال سولت) بتعيين لجنة من الخبراء لبحث وسائل الاستعمار بواسطة الجماعات الدينية، وترأس هذه اللجنة النائب الكاثوليكي (دوكورسيل) الذي كان متحمساً لهذا النوع من الاستعمار، وقامت اللجنة بدراسة مختلف جوانب الموضوع وبقيت في الجزائر ثلاثة أشهر، وقدمت تقريرها النهائي الذي سلمه دوكورسيل إلى وزير التربية والتعليم، ومما جاء فيه: لا يمكن للجزائر أن تكون فرنسية إلا إذا أصبحت مسيحية..
وهكذا قام دوكورسيل باستدعاء فرقة الترابيست التي كان لها منهجها الخاص أيضاً في التنصير وذلك من خلال امتلاك الأراضي الزراعية وفلاحتها، فاستقرت هذه الفرقة بمدينة اسطاوالي -20 كلم غرب العاصمة- وقد أخذت1020 هكتاراً من أحسن الأراضي الساحلية بسهل اسطاوالي، وساعدها الجنرال بثلاثين ثوراً وبقرة و90 كبشاً وقامت ببناء أول دير لها بتاريخ 14 سبتمبر 1843م وسط مزارع اسطاوالي، وقد نجحت هذه الفرقة في زراعة الأراضي التي استولت عليها بالكروم، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تنصير الجزائريين.
يقول الأب جيرارد متحسراً: عند مجيئي إلى الجزائر، كنت آمل في تنصير العرب، ولقد رأيت عدداً منهم يصلون إلى مرحلة التعميد ولكني لم أر واحداً منهم يثبت أو يبقى على نصرانيته
ثم ظهرت فكرة جهنمية للاستعمار الفرنسي وهي توطين الموارنة النصارى السوريين الموالين لفرنسا بالجزائر، من أجل إيجاد جالية عربية نصرانية تسهل لفرنسا مهمتها الاستعمارية، وكان صاحب الفكرة قنصل فرنسا بالإسكندرية بوديكور فخاطب وزير الشئون الخارجية الفرنسية في 9 سبتمبر 1845م عارضاً عليه الفكرة بقوله: الموارنة مسيحيون، وقد برهنوا على إيمانهم بتمسكهم الشديد بالدين، وسوف يؤثرون على سكان الجزائر حينما يسكنون في وسطهم. سينتشر الموارنة في الأسواق العربية وكل القرى القبائلية ومراكز التجمع بالصحراء، حتى يستطيعوا خلق تأثير حسن في الجزائر، مكونين بذلك شبكة من المسيحيين العرب، العاملين من أجل المصالح الفرنسية.
وقد تعطل هذا المشروع لأن الحكومة الفرنسية كانت تفضل بقاء الموارنة بالمشرق لحاجتها إليهم في تثبيت مصالحها هناك
ثم طرحت الفكرة من جديد بمناسبة الفتنة التي وقعت بين الدروز والموارنة سنة 1860م. وهكذا من أجل تنصير الشعب الجزائري توافدت على الجزائر عشرات الجمعيات التنصيرية المتخصصة، التي كسبت تجربتها من خلال عملها على تنصير شعوب عديدة، وكان لكل جمعية تنصيرية منهجها، فمنها من اختصت في التنصير من خلال كسب الأراضي الزراعية ومنها من تهتم بالأطفال ومنها من تركز عملها على الشيوخ والعجائز ومنها من تعمل داخل المستشفيات ومنها من تخصصت في تنصير النساء ومنها من اهتمت بتنصير القبائل فقط ومنها من عم نشاطها القطر كله.
بحلول 1867م حلت بالجزائر نكبات مختلفة..
فمن زلزال البليدة إلى هجوم الجراد على سهل متيجة والمناطق المجاورة له ثم الجفاف ووباء الكوليرا والتيفيس، فانتشر الجياع في البلاد يقتاتون على الجذور والأعشاب، وبلغ الأمر درجة التقاتل على مزابل المستعمرين (المستوطنين الفرنسيين) في المدن، وتحول الناس إلى شبه هياكل عظمية تمشي فوق الأرض، حتى أن الجائع كان يعتدي على الفرنسيين ليس بنية الاعتداء وإنما لأجل أن يساق إلى السجن ليأكل هناك!! فيضمن قوته بصفة منتظمة!!
في مثل هذه الأجواء المظلمة ينتعش التنصير وهنا ظهر (لافيجري) الذي قرر أن يلعب دوراً لصالح الصليب بعد أن قام بدوره القذر في المشرق وبالضبط في تمويل نصارى الشام وتغذية الحرب الطائفية هناك، وقد اكتسب خبرة كبيرة في إشعال النعرات الطائفية والعنصرية، وقد اقترحه الجنرال ماكمهون على نابليون، فتسلم مهمته أواخر سنة 1866م، وكان واضحاً من اليوم الأول أن الكاردينال جاء لينصر الشعب الجزائري وليس لمهمة أخرى. يقول في مراسلته لوزير الشؤون الدينية بعد قرار تعيينه: إني الوحيد الذي أبديت اهتماماً بنشر المسيحية وسط العرب، وقد كانت ولازالت لي علاقة طيبة مع مسيحي المشرق العربي، وهؤلاء يجب استدعاؤهم إلى الجزائر. وكان واضحاً في ذهنه أنه قادم إلى الجزائر لإحياء الكنيسة الإفريقية وأمجاد الكنيسة الرومانية الاستعمارية، وقد صرح بذلك في رسالته التي وجهها إلى رهبان الجزائر يوم 5 مايو 1867م والتي جاء فيها: سآتيكم إخواني في ساعة مشهورة لتاريخ إفريقيا المسيحية، إن الكنيسة وفرنسا متحدتان على إحياء الماضي.
بذل لافيجري جهوداً جبارة في تنصير الأطفال الجياع، إلا أن الأطفال كانوا بمجرد شفائهم أو حصولهم على القوت يفرون من المراكز التنصيرية، الأمر الذي حير الكاردينال فصرح في جنون وهسيتريا: يجب إنقاذ هذا الشعب، وينبغي الإعراض عن هفوات الماضي، ولا يمكن أن يبقى محصوراً في قرآنه.. يجب أن تسمح فرنسا بأن يقدم له الإنجيل، أو تطرده إلى الصحاري بعيداً عن العالم المتمدن. وهذه السياسة استلهمها لافيجري من سياسة الأمريكيين مع الهنود الحمر الذين رفضوا عادات ومفاسد الرجل الأبيض!!
ونظراً لتفاني لافيجري في التنصير كافأه البابا بيوس بتعيينه مندوباً للإرساليات التنصيرية في الصحراء يوم 2 أغسطس 1868م، وهكذا توسع نشاطه ليشمل الصحراء وإفريقيا، وفي نوفمبر 1868م اشترى لافيجري أراضي واسعة بالعطاف بسهل شلف وأسس به قريتين فلاحيتين هما: قرية القديس سبريان والقديس مونيك.
وكان الهدف من إنشاء القريتين عزل الجزائريين الذين تنصروا خوفاً من عودتهم إلى أهاليهم فيعودون إلى الإسلام. ومما قاله عن أهداف القريتين: ستتكون في كل قرية عائلات مسيحية عن طريق التزويج بين اليتامى واليتيمات، ثم قام بإنشاء فرقة خطيرة كان لها دور أسود في تاريخ الجزائر هي فرقة الآباء البيض سنة 1869م وهذه الفرقة هي التي ستأخذ على عاتقها مهمة تنصير الجزائر أولاً، ثم تونس والمغرب ثانياً، ثم إفريقيا أخيراً، وإعادة أمجاد الكنيسة الإفريقية!!!
وبالموازاة أسس حركة الأخوات البيض التي حملها مسؤولية تنصير النساء عن طريق التطبيب والتعليم والخدمات الخيرية.
كما قام لافيجري بتأسيس حركة تنصيرية مسلحة هي: جمعية إخوان الصحراء المسلحين التي أسسها ببسكرة سنة 1891م، وقد زعم مؤسسها أنها تهدف إلى محاربة بيع العبيد والرقيق في أفريقيا، وللعاقل أن يتعجب من حركة تدعيم محاربة بيع الرقيق وهي تنتمي إلى حضارة استرقت شعوبا بأكملها واستعبدت قارات بأسرها!! كانت اللافتة الظاهرة لهذه الجمعية هي محاربة بيع العبيد، ولكن الحقيقة غير ذلك، فقد كان الهدف منها حماية المنصرين والحفاظ على حركة التنصير بقوة السلاح خاصة بعد أن قام أهل الجنوب بقتل جماعة من المنصرين الذي أساؤوا للدين الإسلامي واستفزوهم في عقيدتهم كالأب بولمي والأب مينوري والأب بوشو. كما كانت تهدف حركة إخوان الصحراء المسلحين إلى استكشاف الصحراء وتسهيل وصول العسكريين وبسط النفوذ الفرنسي في أعماق الصحراء.
ملحق
دليل المنصرين في الجزائر وشمال إفريقيا
قدّمت كنيسة(كليفلاند) بالولايات المتحدة الأمريكية دليلا متكونا من سبع و ثلاثين نصيحة للعاملين أو الراغبين في العمل في ميدان التنصير بالجزائر.
وأدعو كلّ من وصله هذا الدليل أن ينشره بين المواطنين في المغرب العربي و شمال إفريقيا لتحسيس المسلمين بالمكائد التي تدبّر لهم بليل.
وأشير إلى أن الدليل يسمي المقصودين بهذه النصائح "المسلمين الشعبيين" أي الذين يفتقرون إلى القدر اللازم من الحصانة الدينية والمادية، وليس الذين لهم مستوى مادي وديني.
هؤلاء المسلمون الشعبيون من السهل استدراجهم إلى الردّة و إغراءهم بالمال أو الخطب التنصيرية.
وإليكم النصائح:
1- غيّروا ملابسكم واحتشموا، فملابس المنصّرين منفّرة للمسامين، ومن الخطأ ارتداء النساء الملابس القصيرة، ومن الأفضل ارتداء ملابس المنطقة المراد تنصيرها.
2- لا يجلس خلفكم أحد, بحيث ترون جميع المستمعين، وحتى لا يتمكن أحد من إصدار إشارات تطعن فيما تقولون ولا يكون مكان جلوس مستمعكم أرقى من مكان جلوسكم.
3- عليكم بالاستفراد بالمسلم, إذ ليس من الحكمة أن تخاطبوا المسلم في حضور مسلم آخر.
4- لا ينبغي للمسلم أن يستفرد بأحدكم.
5- إذا كان المسلم جالسا فاجلسوا أو واقفا فقفوا.
6- لا تمشوا على الحصير بنعالكم فأنهم يصلّون عليه.
7- تظاهروا باحترام اللغة العربية لأنهم يقدسونها فهي لغة كتابهم و تجنّبوا الحديث باللغة الفرنسية أمام الجزائريين و المغاربة و التونسيين لأنها تذكرهم بالاستعمار و اكتبوا ما لم تستطيعوا قراءته بلغتهم على لافتة.
8- الصلاة من أجلهم قبل وبعد وأثناء اللقاء من أجل أن يسكن يسوع قلوبهم.
9-10-11-12- تتلخص هذه النصائح في الاستعداد والإعداد للنقاش باختيار النقاط المراد مناقشتها ونصوص (الكتاب المقدّس) للاستشهاد بها على أن يكون التركيز على الموضوع الواحد في اللقاء الواحد، وابدأ اللقاء بحديث عن التقاء الأديان واشتراك البشر في المولد والممات ولقاء الله بعد الموت واذكر ما هو متفق عليه بينك و بينه.
13- التحلي بالشجاعة فالمسلمون يعجبون بمن يتحدث بشجاعة عن معتقداته، مع الحذر من أن تمس بدينهم وقرآنهم ونبيهم وعبادتهم بسوء.
14- التهرب والاعتذار عند التعرض لسؤال محرج.
15- الاستعانة بالمراجع التي تناولت اعتراضات المسلمين ولا تسمح لهم باستدراجك إلى ما لم تعدّ نفسك له.
16- الابتعاد عن مناقشة الثالوث ولو للحظة واحدة، لأن ذلك لا يقنع العقل المسلم.
17- إقناع المسلم بالخطأ، لأنه لا يؤمن بانفصال يسوع ( عيسى عليه السلام ) عن الروح القدس، وإذا لم يقتنع في جلسة فعليك بجلسات.
18- عدم استغفال المسلم، مثل التكلم بألسن غريبة أو عمل ( معجزة) أمامه، فهو لن يقبل إلا ما تتحدّث به إلى عقله.
19- عدم إهداء الإنجيل، فلا تعطيه إياه إلا بثمن، واعلم أنه سيرفض شراءه لأنه خال من البسملة وذكّره أنّه لا يوجد البسملة في الخبز ولكنه يقولها عند أكله، فاطلب منه أن يفعل ذلك مع ( كلمة الربّ) التي هي خبز الحياة
20- احترام الإنجيل، فالمسلمون الجزائريون يحترمون ويقدّسون القرآن، فكن مثلهم في احترام الإنجيل ولا تحط من قيمته.
21- استغلال جوع المسلمين، الذين يعانون من حالات الطرد والتشريد والاضطهاد وحالة الرعب التي أصابتهم في السنوات الأخيرة.
22- مباركة الرب لكم والتحلي بالصبر في خدمة الرب يسوع.
23- مشاركة المسلمين في دهشتهم من تعدد كتبنا، فمن الأهمية أن نقترب من المسلمين في مشاركتهم الدهشة، وإنكار أن لدينا عدّة كتب، لأنها جميعا عبارة عن بشارات سارة وليست هي الكتاب الذي نزل على عيسى من السماء.
24- احذر من نسبة الإنجيل لله، لأن أناجيلنا تنسب إلى متىّ ولوقا ومرقص ويوحنا، وهي إساءة لا يمكن حذفها، فاحذر أن تنسبها إلى الله.
25- عدم ذكر (بولس الرسول)، فذكر كلمة (رسول) عن شخص لم يسمعوا عنه سيثير حفيظتهم، والذي سمعوا عنه هو أسوأ رجل في النصرانية، لأنه اخترع مفاهيم لم يأت بها المسيح.
26- لا تقل المسيح ابن الرب، فذلك يعني عند المسلمين الشرك بالله، وهو عندهم أسوأ الخطايا التي يرتكبها بشر في حقّ الله.
27- عدم وصف المسلمين بالوثنية والضلال - رغم أنهم كذلك-..
28- قولوا لهم : يسوع أعظم من قانون الله، لأن الإيمان بالمسيح (الرب) المنقذ المخلّص الفادي يكفينا لكي نحقق إرادة
( الربّ)، وقد بذل روحه فداء لخطايانا، مماّ يجعل المذنب الذي يؤمن به بريئا من كل ذنوبه.
29- لا تذكروا أخطاء إبراهيم، الذي فعل أخطاء كثيرة، لأنه عند المسلمين - أبو المؤمنين -، ولا تنقدوا القرآن الذي جعل إبراهيم أبا الأنبياء.
30- المسلمون يؤمنون أنّ القرآن ينصّ على أن الجزاء عند الله بعد الموت، وأنه لا أجد يضمن لهم الجنّة، قولوا لهم: يسوع يضمن الجنّة ويجعل كل الأعمال مقبولة.
31- اعلموا (إشكالية حرف الجرّ) عند المسلمين، فهم لا يقولون نحن نعرف الله و لكنهم يقولون ( نحن نعرف عن الله، وأتحرّك بعون الله )، فدائما هناك حرف الجرّ يفصل المسلم عن الله، أمّا النصارى فيقولون نحن نعرف الله بدون حرف الجر..
32- حدّثوهم عن سماوية الإسلام والنصرانية.
33- الرفض الآلي لعقيدتنا عند المسلمين وسلاحكم في مواجهته هو الصّبر، ولا تصدمكم كثرة الكلمات الدينية عندهم، فهي لا تعني شيئا كثيرا.
34- عدم الخجل من يهوذا، فالمسلمون يسألون لماذا اختار المسيح يهوذا الخائن ليكون أحد تلاميذه، يجب أن لا نخجل عندما نقول إن هناك أشياء معيّنة ليس لدينا إجابة عنها الآن، ولسنا وكلاء للدفاع عن ربّنا.
35- المسيح أعظم من محمد ( صلى الله عليه و سلّم ) لأن المسيح لم يمت، بل رفعه الله إليه ولكن محمدا مات..
36- مأزق الصّلب، فإذا سألوكم عن صلب المسيح، و لماذا قبل الإهانة واللطم والأذى وحمل الصليب، فلا بدّ أن نصبر عليهم حتى يتفهّموا قول المسيح عند اقتراب موته: ( ليس ما أريد ولكن ما تريد) ليُظهر أنه بقبول الصّلب، قبل رسالة الرب الذي هو الأب، حتى يصبح ممثّلنا وفادينا..
هذه بإيجاز النصائح السبع والثلاثون للمنصرين في الجزائر وشمال إفريقيا، ولا شكّ أن هناك نصائح أخرى لم تكشف بعدُ وهي من السرّية بمكان.
ملف الجزائر (3)
التنصير في الجزائر يطرق بوابة التعليم
قالت صحف جزائرية إن عائلات بمدينة عين فكرون من أم البواقى إحدى محافظات الشرق الجزائري بمنطقة الأوراس تفاجأت عند إقبالها على شراء الأدوات المدرسية والمحافظ، بوجود رمز الصليب على هذه الأخيرة التى تباع بسعر 200 دينار جزائري فقط، مما يجعل الإقبال عليها يتزايد خاصة من قبل العائلات ضعيفة الحال.
وأشارت الصحيفة التى أوردت الخبر إلى أن الاختيار تم على مدينة عين فكرون لترويج تلك المحافظ استناداً إلى الحركية التجارية الكبيرة التى تشهدها مع اقتراب الدخول المدرسى حيث يتوافد عليها يوميا آلاف المتسوقين القادمين من مختلف ولايات الشرق الجزائري.
وأضافت الصحيفة أن ذات المدينة عرفت ترويج العديد من القصص والأقراص المضغوطة التى تدعو إلى النصرانية وتشجع ظاهرة التنصير التى بدأت خيوطها تمتد إلى الولايات الداخلية، علما بأنه لم يعرف لحد الساعة مصدر هذه القصص والأقراص التى هرع أئمة المساجد بعين فكرون إلى إلقاء الدروس حول خطورتها ومنع الأطفال من تداولها.
وعزت الصحيفة تسرب مثل هذه المنتجات إلى السوق الجزائرية إلى غياب الرقابة الأمر الذى شجع على تداول هذه السلع بكل حرية، ذاكرة أن مئات العائلات احتجت على مثل هذه التصرفات التى تهدد المجتمع، مضيفة أن العديد من المواطنين قد اقتنوا هذه المحافظ لأبنائهم دون أن ينتبه أحد إلى الصليب المتواجد فى ربطة العنق، والسلسلة التى ترتديها الدمية المرسومة على وجه المحفظة.
وفى سياق متصل نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة بأن الجهات الأمنية عكفت على القيام بتحقيق معمق حول ظاهرة التنصير التى تقودها شبكات خاصة تعمل خاصة بالإقامات الجامعية، وقد استطاعت هذه الشبكات التغلغل فى أوساط الطلبة الذين تمكنت من إرسال الكثيرين منهم إلى الخارج، خاصة إلى الدول الأوربية بأهداف متباينة، علما بأن نشاط هذه المجموعات يمتد فقط بالجامعات وعلى مستوى ولايات تبسة وخنشلة وأم البواقى وسوق أهراس.
يذكر أن مسألة التنصير فى الجزائر تصاعدت خلال السنوات الأخيرة لتتحول إلى قضية يواجهها المجتمع وتتصدى لها السلطات الأمنية والقضائية حيث جرت العديد من المحاكمات وصدرت العديد من الأحكام فى هذا الشأن.
وما يجعل الظاهرة جدية وغير عابرة ما تكشفه الوقائع من أن جهات تبذل فى سبيلها جهدا ماديا وفكريا بحيث يظهر أن هناك استراتيجيات مضبوطة وموضوعة للغرض تقوم على استغلال حاجات الشرائح والطبقات الأكثر هشاشة، فكثيرا ما استغلت لهفة الشباب الجزائرى على الهجرة إلى أوروبا لتُقدّم لهم الوعود بتيسير هجرتهم فى حال تنصّرهم، كما أن هناك تركيزا على شريحة الأطفال، بحيث تعيد قضية المحافظ الحاملة لرمز الصليب بأم البواقى قضية شبيهة كانت تمثلت فى أن جماعة فرنسية باشرت حملة تنصير انطلاقا من مرسيليا بفرنسا شملت المهاجرين المتوجهين إلى الجزائر مستهدفة شريحة الأطفال بوجه خاص حيث فوجئ المغتربون العائدون عبر ميناء مرسيليا لقضاء العطلة الصيفية بالجزائر بجماعة "فرانكو- مغاربية النطق" تقوم بتسليمهم طرودا ورسائل تحوى مواد تبشيرية، مفضلة منح تلك الطرود مغلقة للأطفال على وجه التحديد، وتبين بعد فتحها أنها تحوى عددا من الأدوات المكتوبة والسمعية البصرية الداعية إلى الديانة النصرانية، وتشمل الإنجيل بالفرنسية والعربية، وقرصين مضغوطين حول حياة المسيح بست لغات من بينها العربية الفصحى إلى جانب عشر لهجات شمال أفريقية منها العربية الدارجة فى الجزائر، ناهيك عن الشاوية والقبائلية والأمازيغية.
ولئن تعلقت قضية التنصير الجديدة جغرافياً بولاية أم البواقى فى الشمال الشرقى الجزائري، وهى ولاية لم يعرف من قبل أنها مركز نشاط تبشيرى فإن ذلك يعد من قبيل تنويع المبشرين لتكتيكاتهم تهربا من والملاحقة، حيث من المعروف أن مجال تحركهم الأساسى المعروف هو منطقة القبائل محاولين استغلال غضب شبابها من سياسات الحكومة ومعاناته من البطالة فضلا عن المطالبات الثقافية لأهل المنطقة.
وفى هذا الباب كانت من أشهر قضايا التنصير التى شهدتها منطقة القبائل منذ مدة قضية تعلقت برواج شريط فيديو حوى روبورتاجا مصورا عن واقع منطقة القبائل بعنوان "القبائليون البربر"، وحمل معلومات زائفة عن تاريخ المنطقة وتراثها وعلاقة أهلها بالإسلام.
وقد لاحظ خبراء اطلعوا على فحوى الشريط المسجل باللغة الإنجليزية محاولة اللعب على وتر الطائفية عبر الادعاء بأن منطقة القبائل أكرهت على اعتناق الإسلام بعدما كانت تدين بالنصرانية، مع التركيز أثناء العرض على صور الملتحين والمتجلببات، على أساس أنهم دخلاء على الجزائر. كما حاول الشريط تصوير سكان القبائل كأقلية مضطهدة من طرف "الغزاة العرب" الذين فرضوا دينهم على المنطقة، لينتقل إلى مشاهد من المدينة الجديدة بتيزى وزو "عاصمة منطقة القبائل وإحدى محافظات الشمال الجزائري" على وقع أغنية للمطرب القبائلى معتوب الوناس الذى اغتاله متشددون خلال عقد التسعينات، ثم مدينة الأربعاء ناث إيراثن حيث تُعرض مشاهد شباب يقومون بتشييد كنيسة فى المنطقة.
كما عرض ذلك الشريط تجمعا فى إحدى الكنائس بمنطقة القبائل، حضره ما يقارب مائة شخص، تقودهم مجموعة تضرب الدفوف، فى حين يردد جميع الحضور أغانى بالأمازيغية مستوحاة من الإنجيل، تتقدمها كلمة "هاليلوليا" عند استهلال كل فقرة من الفقرات الإنشادية..
وجدير بالتذكير أن الجزائر، وفى سياق تصديها لظاهرة التنصير، كانت قد أصدرت فى 2006 قانونا ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين ويعاقب بالسجن بين عامين وخمس سنوات وغرامة مالية كل شخص تثبث إدانته بإرغام كل مسلم على تغيير عقيدته، وهو قانون تلقت الجزائر بشأنه دعوات من الفاتيكان وبلجيكا لتغييره ولكنها ردت بالرفض القاطع.
وأشارت الصحيفة التى أوردت الخبر إلى أن الاختيار تم على مدينة عين فكرون لترويج تلك المحافظ استناداً إلى الحركية التجارية الكبيرة التى تشهدها مع اقتراب الدخول المدرسى حيث يتوافد عليها يوميا آلاف المتسوقين القادمين من مختلف ولايات الشرق الجزائري.
وأضافت الصحيفة أن ذات المدينة عرفت ترويج العديد من القصص والأقراص المضغوطة التى تدعو إلى النصرانية وتشجع ظاهرة التنصير التى بدأت خيوطها تمتد إلى الولايات الداخلية، علما بأنه لم يعرف لحد الساعة مصدر هذه القصص والأقراص التى هرع أئمة المساجد بعين فكرون إلى إلقاء الدروس حول خطورتها ومنع الأطفال من تداولها.
وعزت الصحيفة تسرب مثل هذه المنتجات إلى السوق الجزائرية إلى غياب الرقابة الأمر الذى شجع على تداول هذه السلع بكل حرية، ذاكرة أن مئات العائلات احتجت على مثل هذه التصرفات التى تهدد المجتمع، مضيفة أن العديد من المواطنين قد اقتنوا هذه المحافظ لأبنائهم دون أن ينتبه أحد إلى الصليب المتواجد فى ربطة العنق، والسلسلة التى ترتديها الدمية المرسومة على وجه المحفظة.
وفى سياق متصل نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة بأن الجهات الأمنية عكفت على القيام بتحقيق معمق حول ظاهرة التنصير التى تقودها شبكات خاصة تعمل خاصة بالإقامات الجامعية، وقد استطاعت هذه الشبكات التغلغل فى أوساط الطلبة الذين تمكنت من إرسال الكثيرين منهم إلى الخارج، خاصة إلى الدول الأوربية بأهداف متباينة، علما بأن نشاط هذه المجموعات يمتد فقط بالجامعات وعلى مستوى ولايات تبسة وخنشلة وأم البواقى وسوق أهراس.
يذكر أن مسألة التنصير فى الجزائر تصاعدت خلال السنوات الأخيرة لتتحول إلى قضية يواجهها المجتمع وتتصدى لها السلطات الأمنية والقضائية حيث جرت العديد من المحاكمات وصدرت العديد من الأحكام فى هذا الشأن.
وما يجعل الظاهرة جدية وغير عابرة ما تكشفه الوقائع من أن جهات تبذل فى سبيلها جهدا ماديا وفكريا بحيث يظهر أن هناك استراتيجيات مضبوطة وموضوعة للغرض تقوم على استغلال حاجات الشرائح والطبقات الأكثر هشاشة، فكثيرا ما استغلت لهفة الشباب الجزائرى على الهجرة إلى أوروبا لتُقدّم لهم الوعود بتيسير هجرتهم فى حال تنصّرهم، كما أن هناك تركيزا على شريحة الأطفال، بحيث تعيد قضية المحافظ الحاملة لرمز الصليب بأم البواقى قضية شبيهة كانت تمثلت فى أن جماعة فرنسية باشرت حملة تنصير انطلاقا من مرسيليا بفرنسا شملت المهاجرين المتوجهين إلى الجزائر مستهدفة شريحة الأطفال بوجه خاص حيث فوجئ المغتربون العائدون عبر ميناء مرسيليا لقضاء العطلة الصيفية بالجزائر بجماعة "فرانكو- مغاربية النطق" تقوم بتسليمهم طرودا ورسائل تحوى مواد تبشيرية، مفضلة منح تلك الطرود مغلقة للأطفال على وجه التحديد، وتبين بعد فتحها أنها تحوى عددا من الأدوات المكتوبة والسمعية البصرية الداعية إلى الديانة النصرانية، وتشمل الإنجيل بالفرنسية والعربية، وقرصين مضغوطين حول حياة المسيح بست لغات من بينها العربية الفصحى إلى جانب عشر لهجات شمال أفريقية منها العربية الدارجة فى الجزائر، ناهيك عن الشاوية والقبائلية والأمازيغية.
ولئن تعلقت قضية التنصير الجديدة جغرافياً بولاية أم البواقى فى الشمال الشرقى الجزائري، وهى ولاية لم يعرف من قبل أنها مركز نشاط تبشيرى فإن ذلك يعد من قبيل تنويع المبشرين لتكتيكاتهم تهربا من والملاحقة، حيث من المعروف أن مجال تحركهم الأساسى المعروف هو منطقة القبائل محاولين استغلال غضب شبابها من سياسات الحكومة ومعاناته من البطالة فضلا عن المطالبات الثقافية لأهل المنطقة.
وفى هذا الباب كانت من أشهر قضايا التنصير التى شهدتها منطقة القبائل منذ مدة قضية تعلقت برواج شريط فيديو حوى روبورتاجا مصورا عن واقع منطقة القبائل بعنوان "القبائليون البربر"، وحمل معلومات زائفة عن تاريخ المنطقة وتراثها وعلاقة أهلها بالإسلام.
وقد لاحظ خبراء اطلعوا على فحوى الشريط المسجل باللغة الإنجليزية محاولة اللعب على وتر الطائفية عبر الادعاء بأن منطقة القبائل أكرهت على اعتناق الإسلام بعدما كانت تدين بالنصرانية، مع التركيز أثناء العرض على صور الملتحين والمتجلببات، على أساس أنهم دخلاء على الجزائر. كما حاول الشريط تصوير سكان القبائل كأقلية مضطهدة من طرف "الغزاة العرب" الذين فرضوا دينهم على المنطقة، لينتقل إلى مشاهد من المدينة الجديدة بتيزى وزو "عاصمة منطقة القبائل وإحدى محافظات الشمال الجزائري" على وقع أغنية للمطرب القبائلى معتوب الوناس الذى اغتاله متشددون خلال عقد التسعينات، ثم مدينة الأربعاء ناث إيراثن حيث تُعرض مشاهد شباب يقومون بتشييد كنيسة فى المنطقة.
كما عرض ذلك الشريط تجمعا فى إحدى الكنائس بمنطقة القبائل، حضره ما يقارب مائة شخص، تقودهم مجموعة تضرب الدفوف، فى حين يردد جميع الحضور أغانى بالأمازيغية مستوحاة من الإنجيل، تتقدمها كلمة "هاليلوليا" عند استهلال كل فقرة من الفقرات الإنشادية..
وجدير بالتذكير أن الجزائر، وفى سياق تصديها لظاهرة التنصير، كانت قد أصدرت فى 2006 قانونا ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين ويعاقب بالسجن بين عامين وخمس سنوات وغرامة مالية كل شخص تثبث إدانته بإرغام كل مسلم على تغيير عقيدته، وهو قانون تلقت الجزائر بشأنه دعوات من الفاتيكان وبلجيكا لتغييره ولكنها ردت بالرفض القاطع.
ملف الجزائر (4)
ما هي حقيقة التنصير في الجزائر وما هي غاياته..؟
ذلك شاهد على أن المحتل الفرنسي، كان على اقتناع تام من أن الذي يقاومه في الجزائر، هو الإسلام أكثر من أي طرف آخر، كما كان يرمي إلى أن يكوّن من المتنصرين الجزائريين عربا وبربر، طابورا خامسا، يمده بما يحتاج إليه من المعلومات، متى احتاج إلى ذلك، كما كانت الكنائس التي أنشأها حيث أمكنه ذلك، تشكل بالنسبة له، مراكز مراقبة متقدمة، والأهم من ذلك كله، أنه كان يسعى من وراء التنصير، إلى أن يتخذ من الدين رابطة تلغي ذلك الاختلاف القائم بين الجزائريين والفرنسيين بسبب اللغة والعرق، وذلك حتى يمكن له أن يؤبد احتلاله للجزائر، تلك هي حقيقة التنصير في الجزائر في الماضي فما هي حقيقته وغاياته اليوم عندنا..؟
حقيقة التنصير القائم في الجزائر اليوم..
حقيقة التنصير القائم في الجزائر اليوم..
إن التنصير القائم في الجزائر اليوم، يختلف عن ذاك الذي كان بها بالأمس، فالتنصير في الماضي كانت تتولاه الكنيسة الكاثوليكية، وكانت غايته تأبيد الاحتلال الفرنسي حتى وإن بقي الإسلام قائما موجودا، أما التنصير الذي تشهده الجزائر اليوم، إنما تنهض به الكنيسة البروتستانتية الإنجليكانية المعمدانية التي يتبعها الرئيس الأمريكي بوش ذاته، وهي كنيسة تؤمن بضرورة اجتثاث الإسلام كلية، تمهيدا لنزول المسيح -عليه السلام - إلى الأرض، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الإدارة الأمريكية المتصهينة، التي يسيطر عليها الإنجيليون، تعول كثيرا في سياستها على الاختلافات الدينية، والعرقية، واللغوية، لفرض ما تسميه بالفوضى الخلاقة، لتهيىء لنفسها الظروف المواتية للتدخل، في شؤون الدول التي تهتم بالسيطرة عليها، تحت مظلة الأمم المتحدة، وفي إطار ما يسمى بقانون حماية الأقليات الدينية والعرقية، يغدو من الضروري والمهم جدا أن نتساءل عن أهداف وغايات هذا التنصير في الجزائر..
أهداف وغايات التنصير في الجزائر..
إن ما يستهدفه التنصير الإنجيلي في الجزائر، هو تشكيل ورقة ضغط، تمكن الإدارة الأمريكية، من التحكم في المواقف الجزائرية، إزاء القضايا التي هي محل خلاف بينهما، يدل على ذلك تركيز جهودها على منطقة القبائل بالذات، لعلمها بوجود تيار انفصالي بها، حتى تتخذ منه سندا يساعدها على تحقيق مبتغاها، وذلك في مرحلة أولى، ثم العمل بكل قوة لتحقيق هذا الانفصال، لاندراجه في مخطط تقسيم الوطن العربي، وتجزئته في مرحلة ثانية، وأخيرا إلغاء التأثير الديني والسياسي للجزائر على عموم إفريقيا، حتى يتسنى للإدارة الأمريكية التسلل إليها، والسيطرة عليها. والأخطر من كل ما ذكرناه من الأهداف، التي يتوخى تحقيقها التنصير في الجزائر، هو أنه يرمي إلى اجتثاث الإسلام كليا من إفريقيا، لأنه يشكل رابطة قوية بين شعوبها، ويدفعها إلى التلاحم، والتآزر، والتعاون، مما يجعل منها قوة قادرة على الصمود والتصدي، للقوى التي تريد استغلالها والهيمنة عليها، وإذا كانت تلك هي أهداف التنصير في الجزائر وغاياته، فمن يجب عليه التصدي له وكيف...؟
التصدي للتنصير وكيفياته...
مادام التنصير يستهدف ضرب الوحدة الوطنية، ويتهدد وحدتنا الترابية، ويشكل خطرا على سيادتنا الوطنية، فذلك يعني أن الدولة الجزائرية هي المستهدفة به، فهي المدعوة إذن إلى التصدي له ومقاومته بكل ما لديها من إمكانيات، ومن الخطأ أن نعتبر مقاومة التنصير قضية قطاعية، تنهض بها وزارة الشؤون الدينية وحدها فحسب، بل هي قضية يجب أن تتولاها الدولة بكامل هياكلها، وفي جميع القطاعات، يساندها في ذلك كل المجتمع، عبر تنظيماته المختلفة؛ السياسي منها والجمعـوي، والدولة هي المطالبة بوضع خطة استراتيجـية شاملة، يتعين من خلالها لكل طرف الدور الذي ينبغي أن يقوم به في إطار التصدي للتنصير ومقاومته، ولا يستحسن بأي حال من الأحوال، ترك هذا الأمر لمبادرات فردية، ضررها أكثر من نفعها، خاصة إذا تأكد - وقد تأكد فعلا - أن الذي يقف وراء هذا التنصير الذي يستهدف بلادنا، هي تلك القوة الطامحة إلى الهيمنة على العالم والسيطرة عليه، وهي باعتبارها ذلك، تسخر كل ما تملكه من إمكانيات مادية، ومالية، وبشرية، وعلمية، لبلوغ أهدافها، وتحقيق غاياتها، ومن ثمة فلا سبيل لمقاومة عمل مؤسساتي استراتيجي ثقيل، بجهود فردية لوزارة بذاتها، أو جمعية بمفردها، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى، فإن التنصير إذا كان يستهدف الجزائر كلها، في عاجلها وآجلها، فالواجب إذن أن تتصدى له الجزائر بكاملها دولة وشعبا.
تلك هي حقيقة التنصير وغاياته في الجزائر التي أجمع عليها المشاركون في الندوة التي دعت إليها حركة الإصلاح يوم الخميس 7 صفر 1429هـ الموافق لـ 14 فيفري 2008م تحت شعار "تنامي ظاهرة التنصير في الجزائر مسؤولية من؟" تلك الندوة التي حضرتها وجوه سياسية وفكرية عديدة، والتي سلطت الأضواء بما مكن من التعرف على فداحة الخطر الذي يمثله التنصير المستشري في الجزائر.
ملف الجزائر (5)
إرساليات التنصير تغزو الجزائر مستغلة الفقر والانفصال
الجزائر: سمية سعادة
غلاف مجلة المجتمع العدد
ماذا لو عاد العلامة عبدالحميد بن باديس رائد النهضة الإسلامية الإصلاحية في الجزائر من قبره ورأىالإرساليات التنصيرية تهرول نحو الجزائر وهي تدس السم في العسل للشباب الجزائريالذي سرقته البطالة حيناً وغربته المحن السياسية حيناً آخر؟!
ماذا تراه سيقول لورأى 300 كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام حسب بعض الإحصائياتالجزائرية من الذين ركبوا الموجة "اليسوعية" التي قذفت بها الأيادي الأجنبيةالحاقدة على الإسلام إلى الجزائر طمعاً في وظيفة أو مال؟
وماذا تراه سيقول وهويرى رياح التنصير تهب على الجزائر وهو صاحب بيت الشعر الشهير:
شعب الجزائرمسلم
من قال حاد عن أصله
الأرقام المذهلة تقول للأسف إن التنصير في الجزائريكاد يبتلع منطقة القبائل في الشمال بالكامل، وهي التي بدأ نشاط المنصرين فيهامبكراً بالتوازي مع احتلال الجزائر عام 1830م، وكذا بعض المناطق في الجنوبالجزائري، وبدلاً من أن يواجه المسؤولون الجزائريون هذه الكارثة التي أصبحت معروفةبالأرقام وبتفاصيل الإرساليات التنصيرية، يعتبرون هذه الأرقام من قبيل المبالغة،ويقولون إن الهدف منها إذكاء نار الحقد والضغينة حسب قولهم(!)
أما ضحايا هذاالتنصير فهم من خيرة الشباب الجزائري الذين وقعوا في بئر الغواية والوعود ودسّ السمفي العسل، وهم الذين يعانون من البطالة وقلة العمل وعدم القدرة على تكاليف الزواجوالذين فرقتهم خلافات الفرقاء السياسيين في بلادهم، فأغراهم المنصرون بالعمل والمالكطوق نجاة من جحيم البطالة والفقر والصراعات الداخلية.
(المجتمع) حققت في خفاياالتنصير في عدد من الولايات، وتفتح هذا الملف الشائك وتنشر إحصاءات مهمة عنه،وتستعرض آراء شباب تنصّروا، ومسؤولين جزائريين استجوبناهم فنفوا أن يكون التنصيربهذه الحدة وتلك الضراوة، وإن اعترفوا بوجوده، إلا أنهم قالوا إن الاسلام بخير وإنالمتنصرين واحد في المليون، وهم من الجهلة وضعاف النفوس ومدمنيالمخدرات!
ماذا تراه سيقول لورأى 300 كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام حسب بعض الإحصائياتالجزائرية من الذين ركبوا الموجة "اليسوعية" التي قذفت بها الأيادي الأجنبيةالحاقدة على الإسلام إلى الجزائر طمعاً في وظيفة أو مال؟
وماذا تراه سيقول وهويرى رياح التنصير تهب على الجزائر وهو صاحب بيت الشعر الشهير:
شعب الجزائرمسلم
من قال حاد عن أصله
الأرقام المذهلة تقول للأسف إن التنصير في الجزائريكاد يبتلع منطقة القبائل في الشمال بالكامل، وهي التي بدأ نشاط المنصرين فيهامبكراً بالتوازي مع احتلال الجزائر عام 1830م، وكذا بعض المناطق في الجنوبالجزائري، وبدلاً من أن يواجه المسؤولون الجزائريون هذه الكارثة التي أصبحت معروفةبالأرقام وبتفاصيل الإرساليات التنصيرية، يعتبرون هذه الأرقام من قبيل المبالغة،ويقولون إن الهدف منها إذكاء نار الحقد والضغينة حسب قولهم(!)
أما ضحايا هذاالتنصير فهم من خيرة الشباب الجزائري الذين وقعوا في بئر الغواية والوعود ودسّ السمفي العسل، وهم الذين يعانون من البطالة وقلة العمل وعدم القدرة على تكاليف الزواجوالذين فرقتهم خلافات الفرقاء السياسيين في بلادهم، فأغراهم المنصرون بالعمل والمالكطوق نجاة من جحيم البطالة والفقر والصراعات الداخلية.
(المجتمع) حققت في خفاياالتنصير في عدد من الولايات، وتفتح هذا الملف الشائك وتنشر إحصاءات مهمة عنه،وتستعرض آراء شباب تنصّروا، ومسؤولين جزائريين استجوبناهم فنفوا أن يكون التنصيربهذه الحدة وتلك الضراوة، وإن اعترفوا بوجوده، إلا أنهم قالوا إن الاسلام بخير وإنالمتنصرين واحد في المليون، وهم من الجهلة وضعاف النفوس ومدمنيالمخدرات!
بدايةالتنصير
يخطئ من يظن أن التنصير في الجزائر حديث الولادة، فقد تضافرتالظروف الأمنية التي اندلعت في بداية التسعينيات مع الظروف الاجتماعية والاقتصاديةالمتردية في خلقه، فولد التنصير في أحضان الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830م،حيث اصطحب قائد الحملة الفرنسية "دوبونياك" بتوصية من دائرة الاستعمار التابعةلوزارة الخارجية الفرنسية 14 قساً فرنسياً جاءوا ليطبقوا المقولة التالية على أرضالواقع: "يجب أن يندحر الهلال وهو لفظ يطلقه الفرنسيون على الإسلام حتى تعودالجزائر إلى أحضان الصليب".
ولذلك قام الفرنسيون بتحويل المساجد إلى كنائسواصطبلات لخيول الجنود الفرنسيين، وبالموازاة مع ذلك، ألغوا معاهد التعليم الدينيواللغوي، وحاربوا الزوايا وحولوها إلى أوكار للشعوذة، وانطلق القساوسة الذين عرفواب"الآباء البيض" نحو منطقة القبائل وأغاروا على المجتمع "القبائلي" بعد أن أخفواصفتهم الكهنوتية وعملوا على إقناع البسطاء والأميين بأن الإسلام هو السبب في القضاءعلى العِرق البربري، وأن العرب الغزاة الذين جاءوا من مكة والمدينة قاموا بمصادرةأراضي البربر وقضوا على لغتهم!
وسعياً لتشويه ماضي الإسلام ألقوا في روعهم أنعرب اليوم هم امتداد للعرب الفاتحين، كما عملت الكنيسة الفرنسية على إقناع سكانمنطقة القبائل بأنهم ينتمون إلى العنصر الآري الذي تنتمي إليه أوروبا وفرنساالكاثوليكية، وبعد استقلال الجزائر أقامت فرنسا عام 1963م ما سمي "الأكاديميةالبربرية" التي اضطلعت بكتابة الإنجيل بالحروف الأبجدية الأمازيغية، وظلت البعثاتاليسوعية تمد أذرعها الأخطبوطية إلى منطقة القبائل بشكل لافت ومثير للقلق.
وقدنتج عن هذا حسب وكالة "الأسوشيتد برس" عام 2004م ظهور 15 كنيسة في مدينة "تيزيأوزو" الواقعة على بعد 98 كيلومتراً من العاصمة، وصار نحو 30 % من سكان هذه المنطقةرواداً لتلك الكنائس، وبدأت أناجيل ذات طبعات أنيقة تصلهم بشكل منتظم، حتى الأطفالأرسل لهم المبشرون أقراصاً مضغوطة (سي دي) تتناول حياة المسيح مستخدمة في ذلك "الأمازيغية" وهي اللغة المتداولة في منطقة القبائل، وكشفت دراسة أكاديمية عن أنوفوداً من الرهبان الإنجيليين الأمريكيين ذهبت إلى ولايتي "تيزى أوزو" و"بجاية" الواقعة على امتداد 160 كلم شرق الجزائر العاصمة ضمن مسلسل التنصيرالمكثف.
ولذلك قام الفرنسيون بتحويل المساجد إلى كنائسواصطبلات لخيول الجنود الفرنسيين، وبالموازاة مع ذلك، ألغوا معاهد التعليم الدينيواللغوي، وحاربوا الزوايا وحولوها إلى أوكار للشعوذة، وانطلق القساوسة الذين عرفواب"الآباء البيض" نحو منطقة القبائل وأغاروا على المجتمع "القبائلي" بعد أن أخفواصفتهم الكهنوتية وعملوا على إقناع البسطاء والأميين بأن الإسلام هو السبب في القضاءعلى العِرق البربري، وأن العرب الغزاة الذين جاءوا من مكة والمدينة قاموا بمصادرةأراضي البربر وقضوا على لغتهم!
وسعياً لتشويه ماضي الإسلام ألقوا في روعهم أنعرب اليوم هم امتداد للعرب الفاتحين، كما عملت الكنيسة الفرنسية على إقناع سكانمنطقة القبائل بأنهم ينتمون إلى العنصر الآري الذي تنتمي إليه أوروبا وفرنساالكاثوليكية، وبعد استقلال الجزائر أقامت فرنسا عام 1963م ما سمي "الأكاديميةالبربرية" التي اضطلعت بكتابة الإنجيل بالحروف الأبجدية الأمازيغية، وظلت البعثاتاليسوعية تمد أذرعها الأخطبوطية إلى منطقة القبائل بشكل لافت ومثير للقلق.
وقدنتج عن هذا حسب وكالة "الأسوشيتد برس" عام 2004م ظهور 15 كنيسة في مدينة "تيزيأوزو" الواقعة على بعد 98 كيلومتراً من العاصمة، وصار نحو 30 % من سكان هذه المنطقةرواداً لتلك الكنائس، وبدأت أناجيل ذات طبعات أنيقة تصلهم بشكل منتظم، حتى الأطفالأرسل لهم المبشرون أقراصاً مضغوطة (سي دي) تتناول حياة المسيح مستخدمة في ذلك "الأمازيغية" وهي اللغة المتداولة في منطقة القبائل، وكشفت دراسة أكاديمية عن أنوفوداً من الرهبان الإنجيليين الأمريكيين ذهبت إلى ولايتي "تيزى أوزو" و"بجاية" الواقعة على امتداد 160 كلم شرق الجزائر العاصمة ضمن مسلسل التنصيرالمكثف.
شباب يتنصرون 6يومياً!
وقد عكف عدد من الباحثين الجزائريين على رصد هذا النشاط التنصيريالواسع، وظهرت عدة تقارير بحثية ترصد إحصاءات ميدانية عن هذا التنصير، ففي بحث أعدهثلاثة باحثين جزائريين، تم الكشف عن ارتفاع معدل التنصير في الجزائر حتى إن عددالمرتدين عن الإسلام بلغ 10 آلاف شخص، وبمعدل 6 أشخاص في اليوم معظمهم منالشباب.
وحسب تقرير الأديان التابع للخارجية الأمريكية، فإن فئة "غير المسلمين" في الجزائر بلغت نصف مليون شخص يرتادون 300 كنيسة أغلبها في منطقةالقبائل.
وتقول تقارير أخرى لباحثين جزائريين إن المنصرين لعبوا في شمال الجزائرعلى وتر الانفصال الذي ترفعه حركات أمازيغية لللتنصير بين الجزائريين هناك، فيمالعبوا في الجنوب على وتر الفقر وتردي الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لتنصيرالجزائريين، بينما ركزوا في ولايات أخرى تعا
وحسب تقرير الأديان التابع للخارجية الأمريكية، فإن فئة "غير المسلمين" في الجزائر بلغت نصف مليون شخص يرتادون 300 كنيسة أغلبها في منطقةالقبائل.
وتقول تقارير أخرى لباحثين جزائريين إن المنصرين لعبوا في شمال الجزائرعلى وتر الانفصال الذي ترفعه حركات أمازيغية لللتنصير بين الجزائريين هناك، فيمالعبوا في الجنوب على وتر الفقر وتردي الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لتنصيرالجزائريين، بينما ركزوا في ولايات أخرى تعا
ملف الجزائر (5)
رئيس جمعية العلماء المسلمين في حوار مع "إسلام أون لاين.نت"
شيبان: أولويتنا مواجهة التنصير بالجزائر
عبد الرحمن أبو رومي
عبد الرحمن شيبان
وفي حوار مع شبكة "إسلام أون لاين.نت" اليوم الأحد قال الشيخ شيبان: إن الجمعية تحاول بجميع الأساليب الفعالة الممكنة القضاء على أنشطة التنصير.
وأوضح رئيس الجمعية (91 عاما) أن قبوله الرئاسة لعهدة جديدة مدتها خمس سنوات جاء بناء على رغبة العديد من أهل الفضل والعلم من داخل الجمعية وخارجها.
وأكد أن علاقة جمعية العلماء المسلمين بالجماعات والتيارات الإسلامية في الجزائر، إنما تتحدد بمدى ارتباط تلك الجماعات والتيارات بأصول الدين. وفيما يلي نص الحوار:
* ما خطوات الجمعية الجديدة لمواجهة التنصير؟
- نتابع باهتمام بالغ ظاهرة التنصير، ونحاول محاصرتها والقضاء عليها في أي أفق تظهر فيه بالأساليب الفعالة الممكنة، كما نعمل على تقدير رقعة هذه الظاهرة عند المصالح الرسمية المختصة، خاصة بعدما اعترفت وزارة الشئون الدينية والأوقاف في فبراير الماضي بأن الجزائر يشهد "هجمة تنصيرية".
ويجرم قانون حرية الشعائر الدينية الصادر في مارس 2006 الأنشطة التنصيرية، ويلزم غير المسلمين بالترخيص الرسمي لممارسة شعائرهم الدينية وبمقار رسمية علنية وذات عناوين معروفة.
ويقدر عدد المسيحيين في الجزائر بـ 11 ألفا من جميع الطوائف، منهم 9500 بروتستانت، بينما لا يتجاوز عدد الكاثوليك 1500 نسمة، حسب وزارة الشئون الدينية والأوقاف.
وبالرغم من ضآلة عدد المسيحيين مقارنة بعدد سكان الجزائر، البالغ نحو أربعة وثلاثين مليون نسمة، فإن هناك تخوفًا من تشكيل أقلية مسيحية تكون ذريعة لتدخل خارجي بحجة حماية الأقليات الدينية، بحسب دراسة لباحث جزائري.
* قسمتم الطرق الصوفية لصنفين: الأول محمود، والآخر مذموم لنشره البدع، فما هو موقفكم من التيار السلفي؟
- إن منهج الجمعية قائم على الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، وموقفنا من الطرق الصوفية وغيرها من الفرق والجماعات إنما يتحدد بمدى ارتباطها بأصول الدين: الإسلام والإيمان والإحسان عقيدة وعبادة وسلوكا بصفة عامة، ومدى علاقتها بالبدعة في الدين والعمالة في السياسة خاصة.
* تمت تزكيتكم على رأس الجمعية لعهدة جديدة، فهل يمكن القول إن عملية تسليم الشعلة للجيل الجديد لم تحن بعد؟
- سبق لي في أكثر من مناسبة أن لمحت إلى رغبتي في التخلي عن هذا المنصب لتقدمي في العمر، لكن أهل الفضل والعلم وجمهور الجمعية في أرجاء الوطن يلحون علي للاستمرار في أداء المهمة، وهو ما استجبت له.
* ما أولويات الجمعية في المرحلة القادمة؟
- مهمة الجمعية بالأساس هي متابعة مسيرة الشعب بصفة خاصة في مختلف المجالات، ودعم ما فيه من خير وإيجابية، والتحذير من أي أمر سلبي، في إطار الإمكان والاستطاعة المادية والأدبية، كما نتابع قضايا الأمة العربية والإسلامية عامة.
* ما تقييمكم لعمل الجمعية خلال السنوات الماضية؟
- بذلت الجمعية كل ما في وسعها لمواجهة ما يخالف الحياة الجزائرية والاهتمامات العربية والإسلامية من المنظور القومي والإسلامي.
* دعوتم مؤخرا عناصر الجماعات المسلحة للكف عن سفك الدماء، فهل ترون أن مثل هذه الدعوات كافية لطي الصفحة الدامية في تاريخ الجزائر؟
- الإسلام يفرض على المسلمين أن يفعلوا من البر ما في إمكانهم، وتغيير المنكر على قدر الاستطاعة في إطار ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه...".
* ما الطريقة الأنجع لمحاربة الفكر المتطرف؟
- خير طريق للاعتدال هو التربية والتعليم الصحيح للناشئة والوعظ والإرشاد لعموم الناس، رجالا ونساء وفق قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن".
* ماذا تقترحون عمليا لمعالجة قضية غياب المرجعية الدينية بالجزائر؟
- المرجعية النافعة هي التي تضم كفاءات تتمتع بالعلم الصحيح والخلق الكريم.
* ماذا تقولون للشباب الذي يغامر بحياته في البحار للوصول إلى "جنة" الغرب؟
- نصيحتنا لشبابنا أن يتحصن بالعلم والتقنيات الحديثة، والتسلح بالصبر على الشدائد، كما ندعو الحكام والمسئولين لتوفير أسباب العيش الكريم لكل محتاج من الرجال والنساء.
* كيف تنظرون في الجمعية للمواجهات الدامية الأخيرة بمدينة بريان؟
- نرى في مواجهات الأسبوع الماضي، التي يعتقد أنها وقعت بين أبناء طائفة "الإباضية" وبقية سكان المدينة الذين يدينون بالمذهب المالكي، أن هناك عناصر لا يسعدها استقرار الجزائر وسيره القائم على الوحدة الدينية والوطنية، فتجنح إلى إثارة الفتنة بكل أشكالها، ولكننا على يقين أن الله تعالى سيحمي الجزائريين منها.
* بصفتكم رئيس فرع مؤسسة القدس العالمية بالجزائر.. ما هي الرسالة التي تودون إيصالها للعالم العربي والإسلامي في شهر نكبة فلسطين؟
- الجواب على هذا السؤال هو ما صدرت به جريدة "البصائر" الجزائرية عددها الأخير بمناسبة مرور ستين عاما على النكبة، حيث كتبت: "حي على خير العمل، النجدة والوحدة"، فبالوحدة نكتسب القوة، وبالقوة ندفع العدوان وتكون لنا العزة التي وعد الله بها.
* كلمة ختامية؟
- هي أن نوفق إلى العمل بما جاء في سورة العصر: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".
المصدر موقع فرسان التوحيد
http://forsan-altawhed.com/
تعليق