السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
دعوني أحبائي أروي لكم هذه القصة من أحد الأناجيل الغير قانونيه يعرف باسم Proto-Gospel of James أو " الانجيل الاولى ليعقوب " , و الذى يعود الى منتصف القرن الثانى الميلادى ( بحسب بارت ايرمان فى كتاب "المسيحيات المفقوده" ) , و قبل أن يتساءل أحدكم كيف أن نستند إلى أحد الكتب التي يرفضها المسيحييون ولا يعتبرونها قانونية أو مقبولة ؟ و قبل أن يسارع المسيحى قائلا : أرأيتم أيها المسلمون , ان كتابكم المقدس( القرآن ) قد نقل رواية عن مصادر مزوره , أقول ما يلى
فلنعلم اولا أن كل الأعمال المسيحيه التى نعرفها حاليا , ليست سوى كتب ظهرت بعد عصر المسيح عليه السلام , و بالتالى فكلمة كتاب " قانونى " أو كتاب " مزور " انما هى تسمية أطلقتها الفرق المسيحيه التى انتصرت فى السياق التاريخى , فقبلت مجموعه من الكتب - فى عملية استمرت قرون طويله - اعتبرتها أصيله , بينما اعتبرت أعمالا أخرى مزوره ,و بالتالى فينبغى ألا ننخدع بمصطلح " مزور " و مصطلح " قانونى " , بل علينا ان نعلم أن كل هذه الكتب ليس وحيا من عند الله , و انما أعمال ألفت بعد المسيح عليه السلام , بها من الحق و بها من الباطل .
ثم نقول أن كثيرا من هذه الكتب ( سواء ما تعرف بالقانونيه أو بالمزوره ) اعتمدت على تقاليد شفهيه , بعضها صحيح , و بعضها خطأ - قد جاء القرآن مبينا لنا القول الفصل فى قصة المسيح فيما يتعلق بالعقائد الأساسيه - و بالتالى فليس معنى أن الفرقه المسيحيه المنتصره أطلقت على كتاب معين أنه مزور , أن كل ما ورد فى هذا الكتاب غير صحيح , بل ان هذا الكتاب قد يحتوى على الحق و الباطل , كما أن الكتب التى قبلوها ككتب قانونيه قد تحتوى على الحق و الباطل .
اذن فالأناجيل القانونيه و غير القانونيه , و الأعمال الصحيحة النسبه الى أهلها , و المنسوبه زورا الى غير مؤلفيها , قد اعتمد بعضها فى جزء منها على تقاليد شفويه , و بالتالى فليس معنى أن الكتاب غير قانونى أنه من ألفه الى ياءه من بنات أفكار مؤلفه , بل ربما يكون جزء منه قد اعتمد فيه الكاتب على تقاليد شفويه وصلت اليه , ثم أضاف اليها أو أنقص منها أو غير فيها حسبما رأى , و لنأخذ مثالا على ذلك .
هناك عمل مزور يحكى قصة امرأه اسمها " ثيكلا " Thecla , و لكن مؤلفه اعتمد على تقاليد شفهيه وصلت اليه , و بالتالى فبالرغم أنه عمل مزور الا أنه يحوى تقاليدا شفهيه وصلت الى مؤلف هذا العمل , و قد قال هذا بارت ايرمان فى كتابه " المسيحيات المفقوده " صفحة 32 , فقال عن العمل المزور عن قصة ثيكلا :
الترجمه : بالرغم من ذلك , ينبغى ألا نظن أنه ( يقصد مؤلف هذا العمل المزور عن قصة ثيكلا )قد اختلق هذه القصه برمتها .
فى الواقع , هناك أسباب تدعو للاعتقاد أنه قد جمع قصصا سمعها , و تقاليدا شفهيه كانت منتشره لسنوات , و استخدمها فى تأليف تعليق مكتوب .
اذن فليس معنى أن العمل مزور , أن هذا يعنى بالضروره أنه من أوله الى آخره من بنات افكار مؤلفه , بل قد يتضمن بعض ما سمعه المؤلف من التقاليد الشفهيه كما أوضحنا .
و الحقيقه الواضحه , أن الله أوضح لنا فى القرآن أى من هذه "التقاليد الشفهيه أو المكتوبه التى تناقلها المسيحيون" يمت الى الحقيقة بصله , و أى منها مكذوب مختلق , فقد جمع المسيحيون فى مؤلفاتهم الغث و السمين , فجاء الوحى الالهى يفصل فى الأمر , و يبين لنا الحق من الباطل , و بالتالى فما ورد فى القرآن الكريم هو بيان و توضيح , و ليس نقلا عن هذه المصادر المسيحيه , سواء كانت قانونيه او غير قانونيه , فليست ثمة عاقل يقول أن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام كان بحوزته مكتبة عامره بشتى الكتب القانونيه و المزوره , و ليس ثمة عاقل يزعم أن نصارى العرب جرت على ألسنتهم كل هذه التقاليد الشفويه , التى ربما لم نعرفها عن النصارى الا مع الاكتشافات الحديثه , و ليس ثمة عاقل يزعم أن لديه دليل أن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام كان يجالس اليهود و النصارى و يتعلم منهم أو يأخذ عنهم , كذلك فلو كان اليهود و النصارى يعلمون أن سيدنا محمد قد أخذ هذا عنهم لاتهموه بذلك فى عصره , و لكن هذا لم يحدث .
بل نزيد و نقول , أنه حتى لو وجد فى عصر سيدنا محمد من يقول بهذه التقاليد الشفويه و غيرها , فليس معنى ورودها فى القرآن أنها مقتبسة من هؤلاء الناس , بل يكون تقريرا من القرآن بصحة تقاليد معينه و خطأ تقاليد أخرى , و قد رأينا القرآن ينفى تقليدا شهيرا لدى المسيحيين , ألا و هو التقليد القائل بصلب المسيح عليه السلام , و يقرر القرآن خلافه , بأن الله أنجاه و لم يصلب , و بالتالى فهذا المنهج الانتقائى - اذا جاز التعبير - الذى يقبل تقاليد معينه و يرفض تقاليد أخرى أو يصوبها , يدل بلا شك أن القرآن لم يكن ناقلا عن المسيحيه ( نقل مسطره كما يقولون ) , بل كان مقررا لبعض الأمور , و مفندا للبعض الآخر , و لو كان القرآن ناقلا عنهم لما خالفهم فى أشهر تقاليدهم , ألا و هو " صلب المسيح " , خصوصا أنه لو كان سيدنا محمد ليس نبيا من عند الله , لما ضره أن يقول أن المسيح قد صلب , فأية خسارة ستعود عليه اذا قال أنه قد صلب ؟؟؟؟ , و لكن لأن القرآن وحى الهى , فإنه يقرر الحقيقة أيا كانت , و ان خالفت أشهر تقاليد النصارى .
اذن فهذه المنهجيه الانتقائيه - ان جاز التعبير - ليست سوى حكم و بيان من رب العالمين يوضح لنا فيه ما يمت الى الحقيقة بصله , و ما سوى ذلك مما ينتسب الى الباطل و الأكاذيب .
اذن فأى تشابه بين القصة القرآنيه و بين أى مصدر مسيحى قديم , ليس سوى قول فصل من الله يبين لنا فيه الحقيقة فى هذا الأمر , و ليس نقلا أو اقتباسا , فإما أن يؤكد لنا الله هذا التقليد الذى يتناقله المسيحيون أو يصححه أو ينفيه .
و الآن فلنتوقف عند هذا العمل المزور الذى يتشابه فى بعض تفاصيله - و ان لم يكن متطابقا مائه بالمائه - مع الروايه القرآنيه
كما قلنا سابقا , فإن هذا العمل يعرف باسم " الانجيل الأولى ليعقوب " , و وجه التشابه بينه و بين الروايه التى وردت فى القرآن عن السيده مريم هو الآتى :
1- هو نذر أم مريم لوليدها بأن يكون هذا الوليد فى خدمة الله ( و قدر ورد فى القرآن أن أم السيده مريم قد نذرت ما فى بطنها محررا لله )
2- نشأة السيده مريم فى طهر كامل . ( و قد ورد فى القرآن " و أنبتها ربها نباتا حسنا " )
3- أن طعامها كان يأتيها بواسطة ملاك ( و فى القرآن قالت السيده مريم عندما سألها نبى الله زكريا عن مصدر الرزق الذى يأتيها " هو من عند الله " )
4- أن الكاهن الأعظم قد جمع رجالا ليختار من بينهم من يتزوج مريم , و أن الله هو الذى أظهر لهم أن يختاروا يوسف ( ورد فى القرآن " و ما كنت لديهم اذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " , و لكن القرآن يقول أن من كفلها هو نبى الله زكريا ) .
5- علم اليهود أن السيده مريم بريئه و طاهره و هى حامل فى المسيح , و ليس كما تقول الأناجيل القانونيه أن اليهود ظلوا طيلة حياة المسيح يعتقدون أنه ابن ليوسف على الحقيقه ( فى القرآن , علم اليهود ببراءة السيده مريم عندما جاءتهم بالمسيح وليدا , حيث تكلم المسيح و برأ أمه بمعجزة من الله , و هذا أيضا مشابه نوعا ما لما ورد فى " الانجيل الأولى ليعقوب " حيث علم اليهود ذلك فى مرحلة مبكرة , و ان كان الاختلاف فى تحديد هذه " الفتره المبكره " هل هى أثناء الحمل أم الولاده , و لكن هذا الانجيل المزور لم يشرح كيف أعلمهم الله بذلك ) .
ملحوظه : لم تنته القصه عند هذا الحد فى هذا الانجيل المزور , بل هناك أحداث حدثت بعد ذلك , منها أحداث عجيبه , على سبيل المثال , ان السيده مريم لما ولدت , أرادت احدى القابلات أن تتأكد أنها لا زالت عذراء بعد ولادتها , فأدخلت اصبعها لترى هل ما زالت السيده مريم عذراء أم لا !!!!!!!!!!!!!!! , و لكنها فور أن أدخلت اصبعها , بدأت يدها فى الاحتراق , فتضرعت الى الله , فظهر لها ملاك و أمرها أن تحمل الصبى فشفيت يداها .
المهم ما يعنينا فى مقامنا هذا هو الأمور المتشابهه , و التى ذكرناها سابقا , و الآن اليكم نص القصه من كتاب بارت ايرمان " المسيحيات المفقوده " , صفحة 207 و 208 :
أعمال مزوره ضد الهراطقه :
هناك العديد من الأمثله على الأعمال المزيفه التى أنتجها ال " بروتو أورثوذكس " , خدم فيها الخداع أغراضا جدليه واضحه , لمواجهة الفهم الخاطىء للدين , و من أجل دعم البروتو أورثوذكسيه .
و اذا أردنا أن نتناول مثالا على هذا , فلنأخذ مثلا كتابا كانت أهميته فى الفن فى العصور الوسطى مساويه لأى شىء صار جزءا من قانون العهد الجديد .
و هذا الكتاب هو " الإنجيل الأولى ليعقوب " , و يسمى " الانجيل الأولى " لأنه يحكى أحداثا سبقت و أدت الى ميلاد يسوع و طفولته .
و فى الواقع , فإنه فى معظمه تعليق على ميلاد و نشأة و فترة البلوغ المبكره لأم يسوع " مريم " , ليظهر كيف أن الله قد اختارها , و كيف أنها كانت جديره بأن تحمل ابنه .
و بحسب هذا التعليق , فإن مريم نفسها قد ولدت بطريقة اعجازيه , مشابهة جدا و على غرار التعليق الوارد عن قصة ميلاد النبى صموئيل فى الكتاب المقدس اليهودى ( سفر صموئيل الأول الاصحاح 1و 2 )
أول قصة تقابلنا , أن أم مريم " آنا " Anna ( لاحظ أن أم صموئيل اسمها حنه Hannah ) , لم تكن قادرة على الحمل , و لكن بعدما صلت و تضرعت للرب هى و زوجها " يواقيم " Joachium , استجاب الله لدعائهما و سمح لها بأن تحمل .
سرت " آنا " بالخبر السعيد , و ولدت بنتا سمتها " مريم " و كرستها لخدمة الله .
و قد ظلت مريم طيلة طفولتها بمنأى عن أى فساد , حيث بنت لها أمها شيئا يشبه " الحرم " فى غرفة نومها حيث مكثت هناك .
و عندما بلغت مريم ثلاث سنوات , و حتى توفى " آنا " بنذرها , فقد أخذتها الى الهيكل فى أورشليم , و هنا شبت مريم و نمت فى طهر كامل , و كان يطعمها ملاك كل يوم .
و عندما بلغت مريم الثانية عشرة من عمرها , خشى الكهنة أنها قد تدنس الهيكل , بسبب بداية الدوره الشهريه , و قرروا أن يزوجوها الى أرمل من أرض اسرائيل .
و بأمر من الكاهن الأعظم , فقد حضر كل رجل متوقع الى اجتماع خاص , و قد أظهر الله لهم أن تعطى مريم الى يوسف , و هو أرمل عجوز عنده أطفال كبار , و الذى قبل المهمة على مضض .
كان المطلوب من يوسف أن يحافظ على عفة مريم , و قد فعل ذلك .
فور وصولهما الى المنزل , غادر يوسف فورا فى رحلة طويله للاهتمام ببعض أعمال البناء , و فى غيابه حملت مريم بواسطة الروح القدس , و هو الأمر الذى سيسبب صدمة و رعبا ليوسف عند عودته
و لكن الله اقنع يوسف و كهنة اليهود ( من المتوقع أنهم قد شكوا أن أحدهم قد وقع فى المحظور ) أن مريم لا تزال عذراءا .
حياكم الله
دعوني أحبائي أروي لكم هذه القصة من أحد الأناجيل الغير قانونيه يعرف باسم Proto-Gospel of James أو " الانجيل الاولى ليعقوب " , و الذى يعود الى منتصف القرن الثانى الميلادى ( بحسب بارت ايرمان فى كتاب "المسيحيات المفقوده" ) , و قبل أن يتساءل أحدكم كيف أن نستند إلى أحد الكتب التي يرفضها المسيحييون ولا يعتبرونها قانونية أو مقبولة ؟ و قبل أن يسارع المسيحى قائلا : أرأيتم أيها المسلمون , ان كتابكم المقدس( القرآن ) قد نقل رواية عن مصادر مزوره , أقول ما يلى
فلنعلم اولا أن كل الأعمال المسيحيه التى نعرفها حاليا , ليست سوى كتب ظهرت بعد عصر المسيح عليه السلام , و بالتالى فكلمة كتاب " قانونى " أو كتاب " مزور " انما هى تسمية أطلقتها الفرق المسيحيه التى انتصرت فى السياق التاريخى , فقبلت مجموعه من الكتب - فى عملية استمرت قرون طويله - اعتبرتها أصيله , بينما اعتبرت أعمالا أخرى مزوره ,و بالتالى فينبغى ألا ننخدع بمصطلح " مزور " و مصطلح " قانونى " , بل علينا ان نعلم أن كل هذه الكتب ليس وحيا من عند الله , و انما أعمال ألفت بعد المسيح عليه السلام , بها من الحق و بها من الباطل .
ثم نقول أن كثيرا من هذه الكتب ( سواء ما تعرف بالقانونيه أو بالمزوره ) اعتمدت على تقاليد شفهيه , بعضها صحيح , و بعضها خطأ - قد جاء القرآن مبينا لنا القول الفصل فى قصة المسيح فيما يتعلق بالعقائد الأساسيه - و بالتالى فليس معنى أن الفرقه المسيحيه المنتصره أطلقت على كتاب معين أنه مزور , أن كل ما ورد فى هذا الكتاب غير صحيح , بل ان هذا الكتاب قد يحتوى على الحق و الباطل , كما أن الكتب التى قبلوها ككتب قانونيه قد تحتوى على الحق و الباطل .
اذن فالأناجيل القانونيه و غير القانونيه , و الأعمال الصحيحة النسبه الى أهلها , و المنسوبه زورا الى غير مؤلفيها , قد اعتمد بعضها فى جزء منها على تقاليد شفويه , و بالتالى فليس معنى أن الكتاب غير قانونى أنه من ألفه الى ياءه من بنات أفكار مؤلفه , بل ربما يكون جزء منه قد اعتمد فيه الكاتب على تقاليد شفويه وصلت اليه , ثم أضاف اليها أو أنقص منها أو غير فيها حسبما رأى , و لنأخذ مثالا على ذلك .
هناك عمل مزور يحكى قصة امرأه اسمها " ثيكلا " Thecla , و لكن مؤلفه اعتمد على تقاليد شفهيه وصلت اليه , و بالتالى فبالرغم أنه عمل مزور الا أنه يحوى تقاليدا شفهيه وصلت الى مؤلف هذا العمل , و قد قال هذا بارت ايرمان فى كتابه " المسيحيات المفقوده " صفحة 32 , فقال عن العمل المزور عن قصة ثيكلا :
الترجمه : بالرغم من ذلك , ينبغى ألا نظن أنه ( يقصد مؤلف هذا العمل المزور عن قصة ثيكلا )قد اختلق هذه القصه برمتها .
فى الواقع , هناك أسباب تدعو للاعتقاد أنه قد جمع قصصا سمعها , و تقاليدا شفهيه كانت منتشره لسنوات , و استخدمها فى تأليف تعليق مكتوب .
اذن فليس معنى أن العمل مزور , أن هذا يعنى بالضروره أنه من أوله الى آخره من بنات افكار مؤلفه , بل قد يتضمن بعض ما سمعه المؤلف من التقاليد الشفهيه كما أوضحنا .
و الحقيقه الواضحه , أن الله أوضح لنا فى القرآن أى من هذه "التقاليد الشفهيه أو المكتوبه التى تناقلها المسيحيون" يمت الى الحقيقة بصله , و أى منها مكذوب مختلق , فقد جمع المسيحيون فى مؤلفاتهم الغث و السمين , فجاء الوحى الالهى يفصل فى الأمر , و يبين لنا الحق من الباطل , و بالتالى فما ورد فى القرآن الكريم هو بيان و توضيح , و ليس نقلا عن هذه المصادر المسيحيه , سواء كانت قانونيه او غير قانونيه , فليست ثمة عاقل يقول أن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام كان بحوزته مكتبة عامره بشتى الكتب القانونيه و المزوره , و ليس ثمة عاقل يزعم أن نصارى العرب جرت على ألسنتهم كل هذه التقاليد الشفويه , التى ربما لم نعرفها عن النصارى الا مع الاكتشافات الحديثه , و ليس ثمة عاقل يزعم أن لديه دليل أن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام كان يجالس اليهود و النصارى و يتعلم منهم أو يأخذ عنهم , كذلك فلو كان اليهود و النصارى يعلمون أن سيدنا محمد قد أخذ هذا عنهم لاتهموه بذلك فى عصره , و لكن هذا لم يحدث .
بل نزيد و نقول , أنه حتى لو وجد فى عصر سيدنا محمد من يقول بهذه التقاليد الشفويه و غيرها , فليس معنى ورودها فى القرآن أنها مقتبسة من هؤلاء الناس , بل يكون تقريرا من القرآن بصحة تقاليد معينه و خطأ تقاليد أخرى , و قد رأينا القرآن ينفى تقليدا شهيرا لدى المسيحيين , ألا و هو التقليد القائل بصلب المسيح عليه السلام , و يقرر القرآن خلافه , بأن الله أنجاه و لم يصلب , و بالتالى فهذا المنهج الانتقائى - اذا جاز التعبير - الذى يقبل تقاليد معينه و يرفض تقاليد أخرى أو يصوبها , يدل بلا شك أن القرآن لم يكن ناقلا عن المسيحيه ( نقل مسطره كما يقولون ) , بل كان مقررا لبعض الأمور , و مفندا للبعض الآخر , و لو كان القرآن ناقلا عنهم لما خالفهم فى أشهر تقاليدهم , ألا و هو " صلب المسيح " , خصوصا أنه لو كان سيدنا محمد ليس نبيا من عند الله , لما ضره أن يقول أن المسيح قد صلب , فأية خسارة ستعود عليه اذا قال أنه قد صلب ؟؟؟؟ , و لكن لأن القرآن وحى الهى , فإنه يقرر الحقيقة أيا كانت , و ان خالفت أشهر تقاليد النصارى .
اذن فهذه المنهجيه الانتقائيه - ان جاز التعبير - ليست سوى حكم و بيان من رب العالمين يوضح لنا فيه ما يمت الى الحقيقة بصله , و ما سوى ذلك مما ينتسب الى الباطل و الأكاذيب .
اذن فأى تشابه بين القصة القرآنيه و بين أى مصدر مسيحى قديم , ليس سوى قول فصل من الله يبين لنا فيه الحقيقة فى هذا الأمر , و ليس نقلا أو اقتباسا , فإما أن يؤكد لنا الله هذا التقليد الذى يتناقله المسيحيون أو يصححه أو ينفيه .
و الآن فلنتوقف عند هذا العمل المزور الذى يتشابه فى بعض تفاصيله - و ان لم يكن متطابقا مائه بالمائه - مع الروايه القرآنيه
كما قلنا سابقا , فإن هذا العمل يعرف باسم " الانجيل الأولى ليعقوب " , و وجه التشابه بينه و بين الروايه التى وردت فى القرآن عن السيده مريم هو الآتى :
1- هو نذر أم مريم لوليدها بأن يكون هذا الوليد فى خدمة الله ( و قدر ورد فى القرآن أن أم السيده مريم قد نذرت ما فى بطنها محررا لله )
2- نشأة السيده مريم فى طهر كامل . ( و قد ورد فى القرآن " و أنبتها ربها نباتا حسنا " )
3- أن طعامها كان يأتيها بواسطة ملاك ( و فى القرآن قالت السيده مريم عندما سألها نبى الله زكريا عن مصدر الرزق الذى يأتيها " هو من عند الله " )
4- أن الكاهن الأعظم قد جمع رجالا ليختار من بينهم من يتزوج مريم , و أن الله هو الذى أظهر لهم أن يختاروا يوسف ( ورد فى القرآن " و ما كنت لديهم اذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " , و لكن القرآن يقول أن من كفلها هو نبى الله زكريا ) .
5- علم اليهود أن السيده مريم بريئه و طاهره و هى حامل فى المسيح , و ليس كما تقول الأناجيل القانونيه أن اليهود ظلوا طيلة حياة المسيح يعتقدون أنه ابن ليوسف على الحقيقه ( فى القرآن , علم اليهود ببراءة السيده مريم عندما جاءتهم بالمسيح وليدا , حيث تكلم المسيح و برأ أمه بمعجزة من الله , و هذا أيضا مشابه نوعا ما لما ورد فى " الانجيل الأولى ليعقوب " حيث علم اليهود ذلك فى مرحلة مبكرة , و ان كان الاختلاف فى تحديد هذه " الفتره المبكره " هل هى أثناء الحمل أم الولاده , و لكن هذا الانجيل المزور لم يشرح كيف أعلمهم الله بذلك ) .
ملحوظه : لم تنته القصه عند هذا الحد فى هذا الانجيل المزور , بل هناك أحداث حدثت بعد ذلك , منها أحداث عجيبه , على سبيل المثال , ان السيده مريم لما ولدت , أرادت احدى القابلات أن تتأكد أنها لا زالت عذراء بعد ولادتها , فأدخلت اصبعها لترى هل ما زالت السيده مريم عذراء أم لا !!!!!!!!!!!!!!! , و لكنها فور أن أدخلت اصبعها , بدأت يدها فى الاحتراق , فتضرعت الى الله , فظهر لها ملاك و أمرها أن تحمل الصبى فشفيت يداها .
المهم ما يعنينا فى مقامنا هذا هو الأمور المتشابهه , و التى ذكرناها سابقا , و الآن اليكم نص القصه من كتاب بارت ايرمان " المسيحيات المفقوده " , صفحة 207 و 208 :
أعمال مزوره ضد الهراطقه :
هناك العديد من الأمثله على الأعمال المزيفه التى أنتجها ال " بروتو أورثوذكس " , خدم فيها الخداع أغراضا جدليه واضحه , لمواجهة الفهم الخاطىء للدين , و من أجل دعم البروتو أورثوذكسيه .
و اذا أردنا أن نتناول مثالا على هذا , فلنأخذ مثلا كتابا كانت أهميته فى الفن فى العصور الوسطى مساويه لأى شىء صار جزءا من قانون العهد الجديد .
و هذا الكتاب هو " الإنجيل الأولى ليعقوب " , و يسمى " الانجيل الأولى " لأنه يحكى أحداثا سبقت و أدت الى ميلاد يسوع و طفولته .
و فى الواقع , فإنه فى معظمه تعليق على ميلاد و نشأة و فترة البلوغ المبكره لأم يسوع " مريم " , ليظهر كيف أن الله قد اختارها , و كيف أنها كانت جديره بأن تحمل ابنه .
و بحسب هذا التعليق , فإن مريم نفسها قد ولدت بطريقة اعجازيه , مشابهة جدا و على غرار التعليق الوارد عن قصة ميلاد النبى صموئيل فى الكتاب المقدس اليهودى ( سفر صموئيل الأول الاصحاح 1و 2 )
أول قصة تقابلنا , أن أم مريم " آنا " Anna ( لاحظ أن أم صموئيل اسمها حنه Hannah ) , لم تكن قادرة على الحمل , و لكن بعدما صلت و تضرعت للرب هى و زوجها " يواقيم " Joachium , استجاب الله لدعائهما و سمح لها بأن تحمل .
سرت " آنا " بالخبر السعيد , و ولدت بنتا سمتها " مريم " و كرستها لخدمة الله .
و قد ظلت مريم طيلة طفولتها بمنأى عن أى فساد , حيث بنت لها أمها شيئا يشبه " الحرم " فى غرفة نومها حيث مكثت هناك .
و عندما بلغت مريم ثلاث سنوات , و حتى توفى " آنا " بنذرها , فقد أخذتها الى الهيكل فى أورشليم , و هنا شبت مريم و نمت فى طهر كامل , و كان يطعمها ملاك كل يوم .
و عندما بلغت مريم الثانية عشرة من عمرها , خشى الكهنة أنها قد تدنس الهيكل , بسبب بداية الدوره الشهريه , و قرروا أن يزوجوها الى أرمل من أرض اسرائيل .
و بأمر من الكاهن الأعظم , فقد حضر كل رجل متوقع الى اجتماع خاص , و قد أظهر الله لهم أن تعطى مريم الى يوسف , و هو أرمل عجوز عنده أطفال كبار , و الذى قبل المهمة على مضض .
كان المطلوب من يوسف أن يحافظ على عفة مريم , و قد فعل ذلك .
فور وصولهما الى المنزل , غادر يوسف فورا فى رحلة طويله للاهتمام ببعض أعمال البناء , و فى غيابه حملت مريم بواسطة الروح القدس , و هو الأمر الذى سيسبب صدمة و رعبا ليوسف عند عودته
و لكن الله اقنع يوسف و كهنة اليهود ( من المتوقع أنهم قد شكوا أن أحدهم قد وقع فى المحظور ) أن مريم لا تزال عذراءا .
حياكم الله
تعليق