يحاول الحاقدون على الإسلام من النصارى أن يثيروا الشبهات في زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين، فكيف ندحض هذه الشبهة ونلقم أصحابها الحجارة في حلوقهم؟
الجواب :
نقول لهؤلاء النصارى :
إنكم تزعمون أن تعدد الزوجات عيب يخل بمقام النبوة ، وبديهي أن الزنا الصريح أشد عيباً وفظاعة من تعدد الزوجات ( على فرض أن الزواج عيب ) . وأن الزنا بإمرأة القائد المخلص وقتله للإستيلاء على إمرأته أشد فظاعة ونكراً من الزنا العادي . وأن الزنا بالبنات والمحارم أشد فظاعة وجرماً من الزنا بإمرأة القائد وأن خيانة الله سبحانه وخداعه في أمر الرسالة أشد جرماً من الزنا في ذاته ، وهذه الأمور كلها قد ذكرها كتابكم المقدس صراحةً وألصقها بالأنبياء الكرام الذي عبرعنهم كتابكم المقدس بأنهم أولاد الله الأبكار ! وأنتم مع ذلك تؤمنون بكتابكم المقدس وتؤمنون بأن هؤلاء الأنبياء الذين ارتكبوا هذه الجرائم والموبقات من كبار الأنبياء
وتؤمنون أيضاً أن ارتكاب الانبياء لهذه الخطايا والجرائم ليس فيه اسقاط لنبوتهم .
على أن تعدد الأزواج قد وجد في الأنبياء العظام كإبراهيم وداود ويعقوب وسليمان وغيرهم كما نص بذلك كتابكم المقدس وبالتالي كيف يصح لعاقل منكم قرأ كتابه المقدس أن يعيب ويطعن على محمد صلى الله عليه وسلم الذي جمع بين عدد من النساء ؟!
ألا يعلم المبشرون أن طعنهم على كتاب الله ونبي الله بهذه الحالة هو في الحقيقة طعن على كتابهم المقدس ؟! لأن البداهة تقضي بأن يقول الناس إذا كان تعدد الأزواج عيباً ينافي النبوة فالزنا الصريح والشرك والخيانة التي اثبتها كتابكم المقدس في حق نبي الله داود وسليمان الحكيم تنافي النبوة من باب أولى ومع هذا فلا يمكن للمبشرين أن يسقطوا ويطعنوا في نبوة هؤلاء الانبياء
وبالتالي أصبح النصارى أمام أمرين :
إما أن يكفوا عن الكلام في موضوع تعدد زوجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإما أن يعترفوا بأن كتابهم المقدس الذي نقل عن الانبياء انهم عددوا في الأزواج وأن منهم زناة ومجرمين وخطاة هو من المحرف . . .
أيها السائل الكريم :
لقد درج أعداء الإسلام منذ القديم على التشكيك في نبي الإسلام والطعن في رسالته والنيل من كرامته، ينتحلون الأكاذيب والأباطيل ليشككوا المؤمنين في دينهم، ويبعدوا الناس عن الإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم، ولا عجب أن نسمع مثل هذا البهتان والافتراء والتضليل في حق الأنبياء والمرسلين، فتلك سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، وصدق الله حيث يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىّ عَدُوّاً مّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان: 31].
وقبل أن نتحدث عن أمهات المؤمنين الطاهرات وحكمة الزواج بهن نحبّ أن نرد على شبهة سقيمة طالما أثارها كثير من الأعداء من الصليبيين الحاقدين والغربيين المتعصبين.
رددوها كثيرًا ليفسدوا بها العقائد ويطمسوا بها الحقائق ولينالوا من صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه إنهم يقولون: "لقد كان محمد رجلاً شهوانيًا يسير وراء شهواته وملذاته ويمشي مع هواه، لم يكتف بزوجة واحدة أو بأربع كما أوجب على أتباعه، بل عدَّد الزوجات فتزوج عشر نسوة أو يزيد سيرًا مع الشهوة وميلاً مع الهوى".
كما يقولون أيضًا: "فرق كبير وعظيم بين عيسى وبين محمد، فرق بين من يغالب هواه ويجاهد نفسه كعيسى بن مريم وبين من يسير مع هواه ويجري وراء شهواته كمحمد"، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5].
حقًا إنهم لحاقدون كاذبون فما كان محمد عليه الصلاة والسلام رجلاً شهوانيًا إنما كان نبيًا إنسانيًا تزوج كما يتزوج البشر، ليكون قدوة لهم في سلوك الطريق السوي، وليس هو إلهًا ولا ابن إله كما يعتقد النصارى في نبيهم، إنما هو بشر مثلهم فضَّله الله عليهم بالوحي والرسالة، {قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110].
ولم يكن صلوات الله وسلامه عليه بدعًا من الرسل حتى يخالف سنتهم أو ينقض طريقتهم فالرسل الكرام قد حكى القرآن الكريم عنهم بقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً} [الرعد: 38]
فعلام إذًا يثيرون هذه الزوابع الهوج في حق خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام؟ ولكن كما يقول القائل:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
وصدق الله حيث يقول: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَـارُ وَلَـكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ} [الحج: 46]
رد الشبهة:
هناك نقطتان جوهريتان تدفعان الشبهة عن النبي الكريم وتلقمان الحجر لكل مفتر أثيم يجب ألا نغفل عنهما وأن نضعهما نصب أعيننا حين نتحدث عن أمهات المؤمنين وعن حكمة تعدد زوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أجمعين.
هاتان النقطتان هما:
أولاً: لم يعدد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاته إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.
ثانيًا: جميع زوجاته الطاهرات ثيبات ـ أرامل ـ ما عدا السيدة عائشة رضي الله عنها فهي بكر، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي في حالة الصبا والبكارة، ومن هاتين النقطتين ندرك بكل بساطة تفاهة هذه التهمة وبطلان ذلك الادعاء الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون.
فلو كان المراد من الزواج الجري وراء الشهوة أو السير مع الهوى أو مجرد الاستمتاع بالنساء لتزوج في سن الشباب لا في سن الشيخوخة، ولتزوج الأبكار الشابات لا الأرامل المسنات، وهو القائل لجابر بن عبد الله حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة: ((هل تزوجت؟)) قال: نعم، قال: ((بكرًا أم ثيبًا؟)) قال: بل ثيبًا، فقال له صلوات الله عليه: ((فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك)
فالرسول الكريم أشار عليه بتزوج البكر وهو عليه السلام يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار ويتزوج في سن الشيخوخة ويترك سن الصبا إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟!
إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهجهم وأرواحهم، ولو أنه طلب الزواج لما تأخر أحد منهم عن تزويجه بمن شاء من الفتيات الأبكار الجميلات، فلماذا لم يعدد الزوجات في مقتبل العمر وريعان الشباب؟! ولماذا ترك الزواج بالأبكار وتزوج الثيبات؟! إن هذا بلا شك يدفع كل تقوُّل وافتراء ويدحض كل شبهة وبهتان ويرد على كل أفاك أثيم يريد أن ينال من قدسية الرسول أو يشوِّه سمعته، فما كان زواج الرسول بقصد الهوى أو الشهوة، وإنما كان لحكم جليلة وغايات نبيلة وأهداف سامية سوف يقر الأعداء بنبلها وجلالها إذا ما تركوا التعصب الأعمى وحكَّموا منطق العقل والوجدان، وسوف يجدون في هذا الزواج المثل الأعلى في الإنسان الفاضل الكريم والرسول النبي الرحيم، الذي يضحي براحته في سبيل مصلحة غيره وفي سبيل مصلحة الدعوة والإسلام.
إن الحكمة من تعدد زوجات الرسول كثيرة ومتشعبة ويمكننا أن نجملها فيما يلي:
أولاً: الحكمة التعليمية.
ثانيًا: الحكمة التشريعية.
ثالثًا: الحكمة الاجتماعية.
رابعًا: الحكمة السياسية.
أولاً: الحكمة التعليمية:
لقد كانت الغاية الأساسية من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم هي تخريج بعض معلمات للنساء يعلمهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصيف المجتمع، وقد فرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال.
وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور الشرعية وخاصة المتعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة والأمور الزوجية وغيرها من الأحكام، وقد كانت المرأة تغالب حياءها حينما تريد أن تسأل الرسول الكريم عن بعض هذه المسائل، كما كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الحياء الكامل، وكان كما تروي كتب السنة أشد حياءً من العذراء في خدرها، فما كان عليه الصلاة والسلام يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يعرض عليه من جهة النساء بالصراحة الكاملة بل كان يكني في بعض الأحيان ولربما لم تفهم المرأة عن طريق الكناية مراده عليه السلام.
تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فعلّمها صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل ثم قال لها: ((خذي فرصة ممسكة ـ أي قطعة من القطن بها أثر الطيب ـ فتطهري بها)) قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: ((تطهري بها)) قالت: كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ فقال لها: ((سبحان الله تطهري بها))، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها من يدها فقلت: ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم. وصرحت لها بالمكان الذي تضعها فيه، فكان صلوات الله عليه وسلم يستحي من مثل هذا التصريح.
يتبع
الجواب :
نقول لهؤلاء النصارى :
إنكم تزعمون أن تعدد الزوجات عيب يخل بمقام النبوة ، وبديهي أن الزنا الصريح أشد عيباً وفظاعة من تعدد الزوجات ( على فرض أن الزواج عيب ) . وأن الزنا بإمرأة القائد المخلص وقتله للإستيلاء على إمرأته أشد فظاعة ونكراً من الزنا العادي . وأن الزنا بالبنات والمحارم أشد فظاعة وجرماً من الزنا بإمرأة القائد وأن خيانة الله سبحانه وخداعه في أمر الرسالة أشد جرماً من الزنا في ذاته ، وهذه الأمور كلها قد ذكرها كتابكم المقدس صراحةً وألصقها بالأنبياء الكرام الذي عبرعنهم كتابكم المقدس بأنهم أولاد الله الأبكار ! وأنتم مع ذلك تؤمنون بكتابكم المقدس وتؤمنون بأن هؤلاء الأنبياء الذين ارتكبوا هذه الجرائم والموبقات من كبار الأنبياء
وتؤمنون أيضاً أن ارتكاب الانبياء لهذه الخطايا والجرائم ليس فيه اسقاط لنبوتهم .
على أن تعدد الأزواج قد وجد في الأنبياء العظام كإبراهيم وداود ويعقوب وسليمان وغيرهم كما نص بذلك كتابكم المقدس وبالتالي كيف يصح لعاقل منكم قرأ كتابه المقدس أن يعيب ويطعن على محمد صلى الله عليه وسلم الذي جمع بين عدد من النساء ؟!
ألا يعلم المبشرون أن طعنهم على كتاب الله ونبي الله بهذه الحالة هو في الحقيقة طعن على كتابهم المقدس ؟! لأن البداهة تقضي بأن يقول الناس إذا كان تعدد الأزواج عيباً ينافي النبوة فالزنا الصريح والشرك والخيانة التي اثبتها كتابكم المقدس في حق نبي الله داود وسليمان الحكيم تنافي النبوة من باب أولى ومع هذا فلا يمكن للمبشرين أن يسقطوا ويطعنوا في نبوة هؤلاء الانبياء
وبالتالي أصبح النصارى أمام أمرين :
إما أن يكفوا عن الكلام في موضوع تعدد زوجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإما أن يعترفوا بأن كتابهم المقدس الذي نقل عن الانبياء انهم عددوا في الأزواج وأن منهم زناة ومجرمين وخطاة هو من المحرف . . .
أيها السائل الكريم :
لقد درج أعداء الإسلام منذ القديم على التشكيك في نبي الإسلام والطعن في رسالته والنيل من كرامته، ينتحلون الأكاذيب والأباطيل ليشككوا المؤمنين في دينهم، ويبعدوا الناس عن الإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم، ولا عجب أن نسمع مثل هذا البهتان والافتراء والتضليل في حق الأنبياء والمرسلين، فتلك سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، وصدق الله حيث يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىّ عَدُوّاً مّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان: 31].
وقبل أن نتحدث عن أمهات المؤمنين الطاهرات وحكمة الزواج بهن نحبّ أن نرد على شبهة سقيمة طالما أثارها كثير من الأعداء من الصليبيين الحاقدين والغربيين المتعصبين.
رددوها كثيرًا ليفسدوا بها العقائد ويطمسوا بها الحقائق ولينالوا من صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه إنهم يقولون: "لقد كان محمد رجلاً شهوانيًا يسير وراء شهواته وملذاته ويمشي مع هواه، لم يكتف بزوجة واحدة أو بأربع كما أوجب على أتباعه، بل عدَّد الزوجات فتزوج عشر نسوة أو يزيد سيرًا مع الشهوة وميلاً مع الهوى".
كما يقولون أيضًا: "فرق كبير وعظيم بين عيسى وبين محمد، فرق بين من يغالب هواه ويجاهد نفسه كعيسى بن مريم وبين من يسير مع هواه ويجري وراء شهواته كمحمد"، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5].
حقًا إنهم لحاقدون كاذبون فما كان محمد عليه الصلاة والسلام رجلاً شهوانيًا إنما كان نبيًا إنسانيًا تزوج كما يتزوج البشر، ليكون قدوة لهم في سلوك الطريق السوي، وليس هو إلهًا ولا ابن إله كما يعتقد النصارى في نبيهم، إنما هو بشر مثلهم فضَّله الله عليهم بالوحي والرسالة، {قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110].
ولم يكن صلوات الله وسلامه عليه بدعًا من الرسل حتى يخالف سنتهم أو ينقض طريقتهم فالرسل الكرام قد حكى القرآن الكريم عنهم بقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً} [الرعد: 38]
فعلام إذًا يثيرون هذه الزوابع الهوج في حق خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام؟ ولكن كما يقول القائل:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
وصدق الله حيث يقول: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَـارُ وَلَـكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ} [الحج: 46]
رد الشبهة:
هناك نقطتان جوهريتان تدفعان الشبهة عن النبي الكريم وتلقمان الحجر لكل مفتر أثيم يجب ألا نغفل عنهما وأن نضعهما نصب أعيننا حين نتحدث عن أمهات المؤمنين وعن حكمة تعدد زوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أجمعين.
هاتان النقطتان هما:
أولاً: لم يعدد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاته إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.
ثانيًا: جميع زوجاته الطاهرات ثيبات ـ أرامل ـ ما عدا السيدة عائشة رضي الله عنها فهي بكر، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي في حالة الصبا والبكارة، ومن هاتين النقطتين ندرك بكل بساطة تفاهة هذه التهمة وبطلان ذلك الادعاء الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون.
فلو كان المراد من الزواج الجري وراء الشهوة أو السير مع الهوى أو مجرد الاستمتاع بالنساء لتزوج في سن الشباب لا في سن الشيخوخة، ولتزوج الأبكار الشابات لا الأرامل المسنات، وهو القائل لجابر بن عبد الله حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة: ((هل تزوجت؟)) قال: نعم، قال: ((بكرًا أم ثيبًا؟)) قال: بل ثيبًا، فقال له صلوات الله عليه: ((فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك)
فالرسول الكريم أشار عليه بتزوج البكر وهو عليه السلام يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار ويتزوج في سن الشيخوخة ويترك سن الصبا إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟!
إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهجهم وأرواحهم، ولو أنه طلب الزواج لما تأخر أحد منهم عن تزويجه بمن شاء من الفتيات الأبكار الجميلات، فلماذا لم يعدد الزوجات في مقتبل العمر وريعان الشباب؟! ولماذا ترك الزواج بالأبكار وتزوج الثيبات؟! إن هذا بلا شك يدفع كل تقوُّل وافتراء ويدحض كل شبهة وبهتان ويرد على كل أفاك أثيم يريد أن ينال من قدسية الرسول أو يشوِّه سمعته، فما كان زواج الرسول بقصد الهوى أو الشهوة، وإنما كان لحكم جليلة وغايات نبيلة وأهداف سامية سوف يقر الأعداء بنبلها وجلالها إذا ما تركوا التعصب الأعمى وحكَّموا منطق العقل والوجدان، وسوف يجدون في هذا الزواج المثل الأعلى في الإنسان الفاضل الكريم والرسول النبي الرحيم، الذي يضحي براحته في سبيل مصلحة غيره وفي سبيل مصلحة الدعوة والإسلام.
إن الحكمة من تعدد زوجات الرسول كثيرة ومتشعبة ويمكننا أن نجملها فيما يلي:
أولاً: الحكمة التعليمية.
ثانيًا: الحكمة التشريعية.
ثالثًا: الحكمة الاجتماعية.
رابعًا: الحكمة السياسية.
أولاً: الحكمة التعليمية:
لقد كانت الغاية الأساسية من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم هي تخريج بعض معلمات للنساء يعلمهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصيف المجتمع، وقد فرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال.
وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور الشرعية وخاصة المتعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة والأمور الزوجية وغيرها من الأحكام، وقد كانت المرأة تغالب حياءها حينما تريد أن تسأل الرسول الكريم عن بعض هذه المسائل، كما كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الحياء الكامل، وكان كما تروي كتب السنة أشد حياءً من العذراء في خدرها، فما كان عليه الصلاة والسلام يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يعرض عليه من جهة النساء بالصراحة الكاملة بل كان يكني في بعض الأحيان ولربما لم تفهم المرأة عن طريق الكناية مراده عليه السلام.
تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فعلّمها صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل ثم قال لها: ((خذي فرصة ممسكة ـ أي قطعة من القطن بها أثر الطيب ـ فتطهري بها)) قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: ((تطهري بها)) قالت: كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ فقال لها: ((سبحان الله تطهري بها))، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها من يدها فقلت: ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم. وصرحت لها بالمكان الذي تضعها فيه، فكان صلوات الله عليه وسلم يستحي من مثل هذا التصريح.
يتبع
تعليق