إنما يخشى الله من عباده العلماء
بقلم فراس نور الحق
قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28}).
معاني الألفاظ:
الخشية:خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} <فاطر/28> (مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني).
الجدد: جُدَّةَ. وجُدَّةُ كل شيء: طريقته. وجُدَّتُه: علامته؛ عن ثعلب والجُدَّةُ: الطريقة في السماء والجبل، وقيل: الجُدَّة الطريقة، والجمع جُدَدٌ؛ وقوله عز وجل: جُدَدٌ بيض وحمر؛ أَي طرائق تخالف لون الجبل؛ ومنه قولهم ركب فلان جُدَّةً من الأَمر إِذا رأَى فيه رأْياً. قال الفراء: الجُدَدُ الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ بيض وسود وحمر كالطُّرُق، واحدها جُدَّةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس : كأَن سَراتَهُ وجُدَّةَ مَتْنِه كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ
قال: والجُدَّة الخُطَّةُ السوداء في متن الحمار. وفي الصحاح: الجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. قال الزجاج: كل طريقة جُدَّة وجادَّة. ( لسان العرب لأبن منظور).
وخلاصة القول : الجدد هي الخطوط والطرق الملونة التي على ظهر الجبال وهي تخالف لون الجبال .
الغرابيب:العرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب: أسود غربيب. قال الجوهري: وتقول هذا أسود غربيب؛ أي شديد السواد. وإذا قلت: غرابيب سود، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم.( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).
تفسير الآيات :
حيث ورد في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني في تفسير الآيات السباقة ما يلي :
قال تعالى منبهاً على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، كما هو الشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعلمون}، وقوله تبارك وتعالى: {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} أي وخلق الجبال كذلك مختلفة الألوان كما هو المشاهد أيضاً من بيض وحمر، وفي بعضها طرائق وهي الجدد جمع جدة مختلفة الألوان أيضاً، قال ابن عباس: الجدد الطرائق، ومنها غرابيب سود، قال عكرمة: الغرابيب الجبال الطوال السود، وقال ابن جرير: والعرب إذا وصفوا الأسود بكثرة السواد، قالوا: أسود غربيب، ولهذا قال بعض المفسرين في هذه الآية: هذا من المقدم والمؤخر في قوله تعالى: {وغرابيب سود} أي سود غرابيب، فيما قاله نظر. وقوله تعالى: {ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك} أي كذلك الحيوانات من الأناسي (والدواب) وهو كل ما دب على القوائم (والأنعام) من باب عطف الخاص على العام
كذلك هي مختلفة أيضاً، فالناس منهم بربر وحبوش في غاية السواد، وصقالبة وروم في غاية البياض، والعرب بين ذلك، والهنود دون ذلك، وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان، حتى في الجنس الواحد بل النوع الواحد، بل الحيوان الواحد يكون أبلق فيه من هذا اللون، وهذا اللون، فتبارك اللّه أحسن الخالقين، وقد روى الحافظ البزار في مسنده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أيصبغ ربك؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: "نعم صبغاً لا ينفض أحمر وأصفر وأبيض" (قال ابن كثير: روي مرسلاً وموقوفاً واللّه أعلم)، ولهذا قال تعالى بعد هذا {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء}أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.
قال ابن عباس في قوله تعالى: {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء}قال: الذين يعلمون أن اللّه على كل شيء قدير، (ورد في كتاب مختصر تفسير ابن كثير اختصار الصابوني ).
بعض الإشارات القرآنية العلمية :
لقد ذكر الله تعالى في هذا الآيات الكريمة مجموعة من الظواهر التي تشير إلى عدد من العلوم
ففي قوله : أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء وتشير إلى ظاهرة نزول المطر من السماء وتدل على علم الطقس والمناخ .
وفي قوله: فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا فتدل على علم النبات والزراعة.
وفي قوله تعالى وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وهي ظاهرة تلون الجبال بسبب تأكسد المعادن التي تكون على شكل عروق معدنية على سطح الجبال وهي تشير إلى علم الجيولوجيات وطبقات الأرض .
وفي قوله وَمِنَ النَّاسِ: فتشير إلى ظاهرة اختلاف ألوان البشر وهو علم الأجناس البشرية.
وفي قوله وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فهي تشير إلى علم الحيوان ..
ولقد ختمت هذه الآيات بقوله : كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
أي أن أكمل الناس خشية لله تعالى هم العلماء في أي علم من العلوم سواء كان علم المناخ أو علم الحيوان أو علم الأجناس أو أي علم من العلوم فكل العلوم تدل على الخالق سبحانه وتعالى
يقول عبد الله بن عباس في قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير..
وأنا أعتقد أن أعلم الناس بقدرته سبحانه هم العلماء المتخصصين في أي علم من العلوم مثل علم الفيزياء والكيمياء والذرة وغيرها من العلوم[1]..
ولو حاولت تتبع بعض سير مؤسسي العلوم الحديثة فستجد أن معظمهم إن لم نقل كلهم من أشد الناس خشية لله تعالى ولو عُرض عليهم الإسلام بصورته الصحيحة لما ترددوا في اعتناقه أمثال : نيوتن و كابلر و ليوناردو دافنشي وآينشتاين.
فجل العلماء العظام الذين أسسوا لعلوم ونظريات جديدة ونذروا حياتهم في المخابر والمراصد الفلكية لم يكن دافعهم كسب المال أو الشهرة إنما كان دافعهم هو معرفة أسرار قدرة الخالق وكانوا على قدر كبير من الإيمان يقول أرونو بنزياسعالم الفيزياء الشهير والحائز على جائزة نوبل عام 1978 وأحد الذي قاموا باكتشاف خلفية الإشعاع الكوني في صدد الحديث عن سبب نجاح سلفه كابلر(عالم فلكي شهير له إنجازات كبير في علم الفلك) :
" إن نجاح كابلر لم يكن كوبرنيكوس ولكن بسبب إيمان كابلر أن الله وهو حقاً المانح للقوانين وهو أي كابلر قال أنه عند ذلك أصبح الأمر أسهل "[2]
فقد كان معاصرو كابلر يعتقدون أن القوانين التي تتحكم بكوكب الأرض تختلف عن القوانين التي تتحكم بالكون أما كابلر فكان يعتقد أنه لما كان الخالق الذي خلق الكون هو واحد وهو الله وهو المانح للقوانين فكل الكون له نفس القوانين وبذلك أكتشف الحركة الأهليلجية للأرض وللكواكب...
وسوف نعرض في هذا البحث إلى بعض سير أئمة العلوم الحديث ونذكر بعض أقوالهم التي تعبر عن عميق إيمانهم بالله تعالى :
روجر بيكون (1220-1292)
هو الطبيب والعالم البريطاني العظيم الإيمان بالله تعالى، مؤسس الطريقةِ التجريبيةِ في الاستدلال أو (العلم التجريبي) تنبأ ببعض الاختراعات قبل اختراعها بمئات السنين مثل المراكب البخارية، والقطارات، والسيارات، والطائرات، والرافعات، والجسور المعلّقة.
كتب في رسالة إلى صديق له : بدايةً من خلال بعض التشكيلات الفنية يمكن صنع آلات للإبحار تعمل بدون مجذفين، مثل سُفن عظيمة تشق البحر يقودها رجل واحد، ويمكن أن يبحر بسرعة أكبر بكثير مم لو كانت السفينة مليئة بالرجال المجذفين، كذلك العربات يمكن أن تتحرك بقوة كبيرة وبدون أيّ كائن حي يقوم بتحريكها[3].
"كان يقول بأن العلم لا يمكن أن يُتضاربْ مع الدين، بل يُمْكِنُ أَنْ يَعْملَ كأداةِ مهمةِ للمُسَاعَدَة على إقْناع المتشكّكين بالله .
كما صرح بأنّ العلم له فائدة عظيمة في إقْناع الناس بقبول الإيمان بالله تعالى[4].
فرانسيز بيكون (1561-1626)
يعتبر أحد أهم مؤسسيي الطريقةِ العلميةِ، معروفُ بأنه كان عظيم الإيمان بالله وقد صرح مرة:
"إن علم الفلسفة بعد كلام الله تعالى هو العلاج المؤكد من الخرافة وهو الداعم المصدق للإيمان بالله تعالى[5].
غاليلو غاليلي((1564-1642
غاليلو هو أول إنسان أستعمل المنظار لمراقبة السماءِ كما أنه أكد بالأدلة العلمية الواضحة أن الأرض كروية وأكتشف المناطق المظلمة والتلال والحفر على سطح القمر .
كان غاليلو مشهوراً لمساهماته الكبيرة في ميدان العلم، كان غاليلو عظيم الإيمان بالله تعالى ومن أقواله:"إن الحواس والقدرة على الكلام والذكاء منحت للإنسان من قبل الله تعالى حتى يتم استعمالها بأفضل طريقة ممكنة" .
كما أنه كان يؤكد بالأدلة العلمية الواضحة أن الطبيعية مصممة من قبل الله تعالى .
وقال: إن الطبيعية ببساطة هي كتابٌ قد كُتب من قبل الله تعالى.
كما أكد من خلال الأدلة أن حقائق العلم والدين لا يمكن أن يناقض أحدهم الآخر من اللحظة التي ألف الله فيها كل الحقائق.[6].
بقلم فراس نور الحق
قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28}).
معاني الألفاظ:
الخشية:خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} <فاطر/28> (مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني).
الجدد: جُدَّةَ. وجُدَّةُ كل شيء: طريقته. وجُدَّتُه: علامته؛ عن ثعلب والجُدَّةُ: الطريقة في السماء والجبل، وقيل: الجُدَّة الطريقة، والجمع جُدَدٌ؛ وقوله عز وجل: جُدَدٌ بيض وحمر؛ أَي طرائق تخالف لون الجبل؛ ومنه قولهم ركب فلان جُدَّةً من الأَمر إِذا رأَى فيه رأْياً. قال الفراء: الجُدَدُ الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ بيض وسود وحمر كالطُّرُق، واحدها جُدَّةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس : كأَن سَراتَهُ وجُدَّةَ مَتْنِه كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ
قال: والجُدَّة الخُطَّةُ السوداء في متن الحمار. وفي الصحاح: الجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. قال الزجاج: كل طريقة جُدَّة وجادَّة. ( لسان العرب لأبن منظور).
وخلاصة القول : الجدد هي الخطوط والطرق الملونة التي على ظهر الجبال وهي تخالف لون الجبال .
الغرابيب:العرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب: أسود غربيب. قال الجوهري: وتقول هذا أسود غربيب؛ أي شديد السواد. وإذا قلت: غرابيب سود، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم.( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).
تفسير الآيات :
حيث ورد في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني في تفسير الآيات السباقة ما يلي :
قال تعالى منبهاً على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، كما هو الشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعلمون}، وقوله تبارك وتعالى: {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} أي وخلق الجبال كذلك مختلفة الألوان كما هو المشاهد أيضاً من بيض وحمر، وفي بعضها طرائق وهي الجدد جمع جدة مختلفة الألوان أيضاً، قال ابن عباس: الجدد الطرائق، ومنها غرابيب سود، قال عكرمة: الغرابيب الجبال الطوال السود، وقال ابن جرير: والعرب إذا وصفوا الأسود بكثرة السواد، قالوا: أسود غربيب، ولهذا قال بعض المفسرين في هذه الآية: هذا من المقدم والمؤخر في قوله تعالى: {وغرابيب سود} أي سود غرابيب، فيما قاله نظر. وقوله تعالى: {ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك} أي كذلك الحيوانات من الأناسي (والدواب) وهو كل ما دب على القوائم (والأنعام) من باب عطف الخاص على العام
كذلك هي مختلفة أيضاً، فالناس منهم بربر وحبوش في غاية السواد، وصقالبة وروم في غاية البياض، والعرب بين ذلك، والهنود دون ذلك، وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان، حتى في الجنس الواحد بل النوع الواحد، بل الحيوان الواحد يكون أبلق فيه من هذا اللون، وهذا اللون، فتبارك اللّه أحسن الخالقين، وقد روى الحافظ البزار في مسنده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أيصبغ ربك؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: "نعم صبغاً لا ينفض أحمر وأصفر وأبيض" (قال ابن كثير: روي مرسلاً وموقوفاً واللّه أعلم)، ولهذا قال تعالى بعد هذا {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء}أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.
قال ابن عباس في قوله تعالى: {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء}قال: الذين يعلمون أن اللّه على كل شيء قدير، (ورد في كتاب مختصر تفسير ابن كثير اختصار الصابوني ).
بعض الإشارات القرآنية العلمية :
لقد ذكر الله تعالى في هذا الآيات الكريمة مجموعة من الظواهر التي تشير إلى عدد من العلوم
ففي قوله : أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء وتشير إلى ظاهرة نزول المطر من السماء وتدل على علم الطقس والمناخ .
وفي قوله: فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا فتدل على علم النبات والزراعة.
وفي قوله تعالى وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وهي ظاهرة تلون الجبال بسبب تأكسد المعادن التي تكون على شكل عروق معدنية على سطح الجبال وهي تشير إلى علم الجيولوجيات وطبقات الأرض .
وفي قوله وَمِنَ النَّاسِ: فتشير إلى ظاهرة اختلاف ألوان البشر وهو علم الأجناس البشرية.
وفي قوله وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فهي تشير إلى علم الحيوان ..
ولقد ختمت هذه الآيات بقوله : كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
أي أن أكمل الناس خشية لله تعالى هم العلماء في أي علم من العلوم سواء كان علم المناخ أو علم الحيوان أو علم الأجناس أو أي علم من العلوم فكل العلوم تدل على الخالق سبحانه وتعالى
يقول عبد الله بن عباس في قوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير..
وأنا أعتقد أن أعلم الناس بقدرته سبحانه هم العلماء المتخصصين في أي علم من العلوم مثل علم الفيزياء والكيمياء والذرة وغيرها من العلوم[1]..
ولو حاولت تتبع بعض سير مؤسسي العلوم الحديثة فستجد أن معظمهم إن لم نقل كلهم من أشد الناس خشية لله تعالى ولو عُرض عليهم الإسلام بصورته الصحيحة لما ترددوا في اعتناقه أمثال : نيوتن و كابلر و ليوناردو دافنشي وآينشتاين.
فجل العلماء العظام الذين أسسوا لعلوم ونظريات جديدة ونذروا حياتهم في المخابر والمراصد الفلكية لم يكن دافعهم كسب المال أو الشهرة إنما كان دافعهم هو معرفة أسرار قدرة الخالق وكانوا على قدر كبير من الإيمان يقول أرونو بنزياسعالم الفيزياء الشهير والحائز على جائزة نوبل عام 1978 وأحد الذي قاموا باكتشاف خلفية الإشعاع الكوني في صدد الحديث عن سبب نجاح سلفه كابلر(عالم فلكي شهير له إنجازات كبير في علم الفلك) :
" إن نجاح كابلر لم يكن كوبرنيكوس ولكن بسبب إيمان كابلر أن الله وهو حقاً المانح للقوانين وهو أي كابلر قال أنه عند ذلك أصبح الأمر أسهل "[2]
فقد كان معاصرو كابلر يعتقدون أن القوانين التي تتحكم بكوكب الأرض تختلف عن القوانين التي تتحكم بالكون أما كابلر فكان يعتقد أنه لما كان الخالق الذي خلق الكون هو واحد وهو الله وهو المانح للقوانين فكل الكون له نفس القوانين وبذلك أكتشف الحركة الأهليلجية للأرض وللكواكب...
وسوف نعرض في هذا البحث إلى بعض سير أئمة العلوم الحديث ونذكر بعض أقوالهم التي تعبر عن عميق إيمانهم بالله تعالى :
روجر بيكون (1220-1292)
هو الطبيب والعالم البريطاني العظيم الإيمان بالله تعالى، مؤسس الطريقةِ التجريبيةِ في الاستدلال أو (العلم التجريبي) تنبأ ببعض الاختراعات قبل اختراعها بمئات السنين مثل المراكب البخارية، والقطارات، والسيارات، والطائرات، والرافعات، والجسور المعلّقة.
كتب في رسالة إلى صديق له : بدايةً من خلال بعض التشكيلات الفنية يمكن صنع آلات للإبحار تعمل بدون مجذفين، مثل سُفن عظيمة تشق البحر يقودها رجل واحد، ويمكن أن يبحر بسرعة أكبر بكثير مم لو كانت السفينة مليئة بالرجال المجذفين، كذلك العربات يمكن أن تتحرك بقوة كبيرة وبدون أيّ كائن حي يقوم بتحريكها[3].
"كان يقول بأن العلم لا يمكن أن يُتضاربْ مع الدين، بل يُمْكِنُ أَنْ يَعْملَ كأداةِ مهمةِ للمُسَاعَدَة على إقْناع المتشكّكين بالله .
كما صرح بأنّ العلم له فائدة عظيمة في إقْناع الناس بقبول الإيمان بالله تعالى[4].
فرانسيز بيكون (1561-1626)
يعتبر أحد أهم مؤسسيي الطريقةِ العلميةِ، معروفُ بأنه كان عظيم الإيمان بالله وقد صرح مرة:
"إن علم الفلسفة بعد كلام الله تعالى هو العلاج المؤكد من الخرافة وهو الداعم المصدق للإيمان بالله تعالى[5].
غاليلو غاليلي((1564-1642
غاليلو هو أول إنسان أستعمل المنظار لمراقبة السماءِ كما أنه أكد بالأدلة العلمية الواضحة أن الأرض كروية وأكتشف المناطق المظلمة والتلال والحفر على سطح القمر .
كان غاليلو مشهوراً لمساهماته الكبيرة في ميدان العلم، كان غاليلو عظيم الإيمان بالله تعالى ومن أقواله:"إن الحواس والقدرة على الكلام والذكاء منحت للإنسان من قبل الله تعالى حتى يتم استعمالها بأفضل طريقة ممكنة" .
كما أنه كان يؤكد بالأدلة العلمية الواضحة أن الطبيعية مصممة من قبل الله تعالى .
وقال: إن الطبيعية ببساطة هي كتابٌ قد كُتب من قبل الله تعالى.
كما أكد من خلال الأدلة أن حقائق العلم والدين لا يمكن أن يناقض أحدهم الآخر من اللحظة التي ألف الله فيها كل الحقائق.[6].
تعليق