هنا نقارن - وعلى عجالة - بين السير الذاتية لأئمة الحديث والسير الذاتية لأصحاب الأناجيل :
أنظر الرابط التالى فإنه موضوع ذو صلة :
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?p=113592#post113592
أولاً : بين البخاري ومرقص
أ- الإمام البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة بردزبه الجعفي .
أما مرقص فقيل أن اسمه جون مرقص ( يوحنا أو يحيى ) ، والكل يعلم أن هذا القول مبني على الظن.
ب- ولد البخاري ببخاري عام 194م وتوفي عام 256هـ . وكتب صحيحه في تلك الفترة.
أما مرقص فتاريخ مولده مجهول ، وكذلك أن تاريخ كتابة إنجيله مبني -أيضاً– على الظن.
جـ - كتب البخاري صحيحه باللغة العربية، وهي لغة القرآن والسنة.
أما بالنسبة لإنجيل مرقص فاللغة التي كتب بها مرقص إنجيله الأصلي مجهولة، فمنهم من قال: إنه كتب باللغة الاتينية ، ثم ترجم إلى اليونانية ، ومعلوم لدى الباحثين أن اللغة اليونانية لم تكن لسان الفلسطينيين عند مبعث نبي الله عيسى عليه السلام ولم يكن عيسى - عليه السلام - يتحدث بها.
د – جميع مصادر الإمام البخارى معتمدة ووضع شروطاً لقبول الأحاديث النبوية الشريفة ، وهي : اتصال السند - عدالة الرواة - ألا يكون الحديث شاذا - ألا تكون بالحديث علة.
أما إنجيل مرقص فهو عبارة عن أقوال متناثرة هنا وهناك في صحف قد تمزق بعضها ومحيت كتابات بعضها الأخر ، وهي أقوال جمعها المتأخرون ونسبوها لمرقص ولا يوجد له شروطاً لتوثيق الأقوال التي ضمنها إنجيله، بل إن كتاب الأناجيل الذين أضافوا إليها بعض الزيادات لاحقاً كلهم مجهولون
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=11008
هــ - لقد شهد العلماء للبخاري في حياته بالحفظ وقوة الذاكرة بعد اختياره ببغداد .
أما انجيل مرقص فلم يعتمد إلا في مؤتمر نيقية عام 325م ، ولم يذكر المؤتمرون لاعتمادهم هذا الإنجيل .
ثانيا: بين مسلم ومتى
أ – الإمام مسلم هو مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري.
أما صاحب الإنجيل الذي يحمل اسم متى مجهول تماماً.
ب – ولد مسلم بنيسابور عام 204هــ وتوفي عام 261هــ ، وكتب صحيحه في تلك الفترة.
أما متى مجهول ، وأن الأقوال التي وردت في ذلك أقوال مبينية على الظن. فقد ذكر قوم أنه كتب بعد سقوط أورشليم . فمنهم من قال: إنه كتب في اليونان، ومنهم من يرى أنه كتب في إيطاليا أو بآسيا الصغرى.
جـ - كتب مسلم صحيحه باللغة العربية ، وهي لغة الكتاب والسنة .
أما إنجيل متى فيقال أنه كتب فى البداية باليونانية.
د – اشتهر مسلم بالورع والتقوى ، وشهد له معاصروه بالإمامة في الحديث، وقد تناوله العلماء بالشرح وبالاختصار.
أما إنجيل متى فلم يدخل فى أسفار العهد الجديد القانونية إلا فى مؤتمر نيقية 325 م ، ولم يوضح المؤتمرون فى نيقية سبباً لاعتمادهم هذا الإنجيل من بين الأناجيل الأخرى التى كانت كثيرة وشائعة بين الناس فى ذلك العصر.
و- وضع مسلم شروطاً لقبول الأحاديث النبوية الشريفة هي :
اتصال السند - عدالة الرواة - ألا يكون الحديث شاذا - ألا تكون بالحديث علة.
كما اشترط مسلم في رجال الحديث الموجودين في السند شرط المعاصرة.
أما متى فلم يضع أى شروط لتوثيق الأقوال التى ضمنها إنجيله.
ثالثاً : بين الإمام النسائى ولوقا
أ – الإمام النسائى هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب الخراسانى
أما لوقا فقد ذكر ميريل تينى أنه مجهول ، لا تعرف سيرته الشخصية ، والقول بأنه كان طبيباً إنطاكياً قول مبنى على الظن.
ب- ولد النسائى سنة 215 هـ بنساء ، وهي بلدة مشهورة فى خراسان ، وتوفى عام 303 بالرملة ، وكتب سننه فى تلك الآونة. وقد ثبت فى تهذيب الأسماء للنووى صحة نسبة كتابى السنن والمجتبى للنسائى.
أما لوقا تاريخ مولده مجهول ، وكذلك تاريخ كتابته للإنجيل مجهول كذلك. وذكر كيميل أن أغلب الظن أنه كتب بعد سقوط أورشليم بين عامي 70- 90م.
جـ - كتب النسائي كلاً من سننه الكبرى والمجتبي باللغة العربية.
أما إنجيل لوقا فقد ذكر جورج كيميل أنه كتب باليونانية.
د- أثنى العلماء على سنن النسائي ، وخاصة (كتاب المجتبي) الذي قال فيه النووي : إنه يلي الصحيحين في الدرجة.
أما إنجيل لوقا فقد ذكر كيميل أنه ألحقت به أقوال عديدة ليست لها أدنى صلة بالنسخة الأصلية.
هـ - لقد شهد العلماء للنسائي بالحفظ والإتقان والورى ، فقد ذكر النووي أن علماء عصره قالوا : كان النسائي شديد الحفظ والورع، بارعاً في علوم الحديث ، حافظاً متقناً ، حتى نقل النسائي أنه كان أحفظ من الإمام مسلم . واعتمد العلماء كتابيه ، بل عقب عليها العلماء أيضاً بالشرح والتعليق.
لم يعتمد إنجيل لوقا، ولم يدخل قانونياً ضمن أسفار العهد الجديد إلا في عام 325 م في مجتمع نيقية ، ولم يذكر سبب اختياره.
و- وضع النسائي شروطاً لقبول الحديث ، وهي شروط الصحيح والحسن ، وسار على ذلك في سننه الكبرى ، ولم يلتزم بشرط الصحيح فقط إلا في المجتبي.
أما لوقا فلم نجده قد وضع شروطاً لتوثيق الأقوال التي ضمنها إنجيله. بل قال ميريل : إنه خالف اللإنجيلين السابقين عليه في الأقوال.
رابعـاً : بين أبي داوود ويوحنا
أ - الإمام أبو داوود هو سليمان بن الأشعث بن إسحق الأسدي السجستاني.
أما يوحنا فقد ذكر جورج كيميل أن الأقاويل اختلفت في حقيقة اسمه. وقد ظن البعض أنه يوحنا بن زبدى أحد حواريي عيسى عليه السلام وذكر آخرون أنه شخص مجهول انتحل شخصية زيدى الحواري.
ب- ولد أبو داوود سنة 202هـ ، وتوفي بالبصرة سنة 275هـ ، وكتب سنته في تلك الفترة .
أما يوحنا فتاريخ مولده ووفاته مجهولان. أما عن تاريخ كتابته للإنجيل فيذكر أنه كتب بين عامي 80- 90 م . أما المكان الذي كتب فيه الإنجيل فمختلف فيه.
جـ - رحل أبو داوود في طلب العلم ، وجال الأمصار الإسلامية كالعراق والشام ومصر وخراسان، وكتب عن شيوخها ، كما أخذ عن الإمام أحمد ، وابن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد وغيرهم.
أما يوحنا فلم ير شيئاً عن رحلته في طلب أقوال السيد المسيح
– عليه السلام – بل تضاربت أقواله مع الأناجيل الأخرى، بل ذكر علماء اللاهوت أنه اعتمد في كتابة إنجيله على الفلسفة اليونانية ، ولم يهتم أو يأبه بأقوال المسيح – عليه السلام .
د- احتوت سنن أبى داوود على أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفق شروط الصحيح والحسن .
أما إنجيل يوحنا فقد خالف غيره من أصحاب الأناجيل باختراعه فكرة اللوجوس ( أي : عقل الإله، أو الإله الذي جاء وصار جسداً ! ).
خامساً : بين الترمذي وبولس
أ - الإمام الترمذي هو أبو عيسى محمد بن سورة السامي الترمذي.
أما بولس فيهودي الأصل ، وكان اسمه الحقيقي شاول أو صاول، وحين اعتنق النصرانية غير اسمه لبولس.
ب- ولد الترمذي بترمذ عام 209 هــ وتوفي بها عام 279 هـ .
ألف جامعه في تلك الفترة ، وصحت نسبته إليه.
أما عن بولس فتاريخ مولده مجهول ، أما عن تاريخ وفاته فيقال أنه أعدم عام 62 م .
جـ - الغرض من كتابة الترمذي لجامعه هو جمع الحديث الوارد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بدرجاته الثلاث : الصحيح والحسن والضعيف مع بيان درجة كل حديث عند موضعه .
أما بولس فلم يوضح الغرض من وراء نسبة أقواله الشخصية للسيد المسيح – عليه السلام – وزعم بأنه يتلقى الوحي من السيد المسيح مباشرة ، ولذا نسب أقواله الشخصية للسيد المسيح إلا القليل منها.
د- احتوى جامع الترمذي على الأحاديث الواردة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ومنها : الصحيح والحسن والضعيف وقد بين الترمذي درجة كل حديث في موضعه.
اشتملت رسائل بولس على دعوة الناس للإيمان بالمسيحية ورسالة السيد المسيح كما يراها هو. ولقد اتضح أن عدد رسائله المتداولة أربع عشرة رسالة ، ولم تثبت له إلا سبع رسائل فقط.
هـ - رحل الترمذي إلى الآفاق واخذ عن العراقيين والخراسانيين والحجازيين حتى أصبح ماما في الحديث .
أما بولس فقد رحل إلى أقطار عديدة لنشر المسيحية بمفهومه.
و – كتب الترمذي جامعه باللغة العربية. أما بولس فبعض رسائله قد كتبت باليونانية وبعضها باللاتينية.
ز – لقد وثق العلماء المعاصرون الإمام الترمذي. ويكفي في توثيقه أن إمام المحدثين البخاري كان يعتمده ويأخذ عنه.
أما بولس فقد ذكر اختلاف العلماء في بولس ، فمنهم من قال : إن الإله قد تدخل لهدايته ، ومنهم من قال : إنه كان رجلاً عادياً . وآخرون قالوا : إنه كان يعاني من مرض نفسي وعصبي . أو أنه جاء بالمسيحية الجديدة نتاج الرؤى والأحلام ، أو أنه كان مغامراً أراد أن يكون له شأن وقد كان.
ح – التزم الترمذي الشروط المتفق عليها بين الأئمة في قبول أو رفض الحديث.
أما بولس فلم يلتزم شروطاً معينة في اعتماده لأقوال المسيح عليه السلام .
ومن العرض السابق يتبين لنا أن العلماء المسلمين الذين قاموا بجمع وتدوين الحديث النبوي الشريف قد كانوا معروفين وتوافرت فيهم شروط الضبط والعدالة من تقوى وورع وحرص على الوصول إلى الحق في محاولاتهم المبذولة من أجل جمع وتدوين السنة ، وذلك وفقاً لضوابط معينة .
أما علماء الأناجيل فسيرتهم مجهولة ، ولم يثبت لهم تقوى أو ورع أو حفظ ، كما لم يضعوا أي شروط محددة لرد أو قبول الروايات التي كانوا يجمعونها ، بل اعتمدوا على الرؤى والهواجس والأساطير.
لقد قسم علماء الحديث – رحمهم الله – إلى صحيح ، حسن ، ضعيف ، موضوع ، وذلك في ضوء ضوابط معينة.
شروط الحديث الصحيح عند علماء الحديث مع تطبيقها على أسفار العهد الجديد :
1- اتصال السند : مثال ذلك قول البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر – - : " تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك " .
أما بالنسبة للأناجيل السنوبتيكية على لسان عيسى عليه السلام من لفظ متى : "وعندما اجتمع الحواريون بعيسى قال لهم : إن ابن الإنسان سيسلم لرجال ، وسيقتلونه ولكن بعد ثلاثة أيام سيعود للحياة من جديد . فحزن الحواريون حزناً شديداً. "
ومن الواضح أن النص لا يوجد له سند بل هو مروي عن متى ومرقص ولوقا عن عيسى – عليه السلام – ومن المعلوم أنه لم يثبت تاريخياً أن متى ومرقص ولوقا قد عاصروا أو رأوا سيدنا عيسى – عليه السلام.
2- عدالة الرواة : رواة الحديث كلهم عدول. أما البخاري فهو ثقة ضبط ، وهو أستاذ صنعة الحديث ، بل هو من أئمة الحديث الذين دونوا كتباً في الجرح والتعديل ، وأورد الرازي قول عبد الرحمن بن مهدي في مالك : من أصح الأسانيد مالك عن نافع ابن عمر. أما نافع فتابعي جليل ، وابن عمر صحابي جليل ، وكلاهما من العدول الثقات ، فنافع من القرون التي ذكاها النبي – صلى الله عليه وسلم – وابن عمر زكاه الله تعالى فيمن زكاهم في جيل الصحابة في القرآن الكريم ، كما زكاه النبي – صلى الله عليه وسلم ، وقد تحدث الرازي في كتابه الجرح والتعديل عن عدالتهم.
3- ألا يكون الحديث شاذاً : والشاذ هو أن يخالف الثقة من هو أوثق منه. والحديث أعلاه مستوف لهذا الشرط .
أما بالنسبة للأناجيل، فنجد خلافاً واضحاً بين رواة الكلام السابق على لسان عيسى – عليه السلام – فبينما نجد أن متى يقول : إن الحواريين حزنوا حزناً شديداً. نجد أن كلاً من لوقا ومرقص يقول : لكن الحواريون لم يفهموا ماذا تعني تلك العبارات، ولم يعرفوا مغزاها.
4- ألا يكون في متن الحديث علة : لا يوجد في متن الحديث أعلاه علة. وهو حديث يتمشى مع عقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام، وذكرها القرآن الكريم في آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى – في سورة النور : 55 : "يعبدونني لا يشركون بي شيئاً". وفي سورة الحج : 26 : "وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا شرك بي شيئاً". وقوله تعالى على لسان لقمان في سورة لقمان : "يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم".
أما بالنسبة للأناجيل فإن القول المنسوب لعيسى عليه السلام أنه قال عن نفسه إنه ابن الإنسان يتنافى مع كونه الإله الذي سيموت ويبعث. والحديث متناقض في متنه مع الأقوال الواردة في ألوهية عيسى في إنجيلي يوحنا وبولس. والثابت أنه كانت هناك أناجيل مغايرة لأناجيل متى ومرقص ولوقا ، لكنها أبيدت ، وتم التخلص منها ، كما أن هذه الأناجيل حرفت وبدلت.
5- المعاصرة واللقيا: لم يقبل البخاري الأحاديث إلا بشرط المعاصرة واللقيا
أما الأناجيل فلا يوجد فيها هذا الشرط ، ولم يثبت أن أحد كتاب الأناجيل عاصر أو التقى بالمسيح – عليه السلام.
وعلى هذا تثبت لنا منهجية جمع السنة ، وانقطاع السند واضطراب المتن في الأناجيل، بل وافتقاد جمعها للمنهجية العلمية. والغريب أن رجال الدين النصارى لم يحاولوا حل المتناقضات الموجودة في الأناجيل ، وقبلوا الأناجيل كما هي دون تمحيص أو تدقيق.
ومما يدلنا على أن الأناجيل كانت متضاربة ما ورد على لسان أرنيوس: أحد كبار رجال الكنيسة في عصره : أن الهرطقة كثرت وتعددت الأقوال في الأناجيل.
*المرجع الرئيسي : منهجية جمع السنة .. د. عزية طـه
أنظر الرابط التالى فإنه موضوع ذو صلة :
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?p=113592#post113592
أولاً : بين البخاري ومرقص
أ- الإمام البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة بردزبه الجعفي .
أما مرقص فقيل أن اسمه جون مرقص ( يوحنا أو يحيى ) ، والكل يعلم أن هذا القول مبني على الظن.
ب- ولد البخاري ببخاري عام 194م وتوفي عام 256هـ . وكتب صحيحه في تلك الفترة.
أما مرقص فتاريخ مولده مجهول ، وكذلك أن تاريخ كتابة إنجيله مبني -أيضاً– على الظن.
جـ - كتب البخاري صحيحه باللغة العربية، وهي لغة القرآن والسنة.
أما بالنسبة لإنجيل مرقص فاللغة التي كتب بها مرقص إنجيله الأصلي مجهولة، فمنهم من قال: إنه كتب باللغة الاتينية ، ثم ترجم إلى اليونانية ، ومعلوم لدى الباحثين أن اللغة اليونانية لم تكن لسان الفلسطينيين عند مبعث نبي الله عيسى عليه السلام ولم يكن عيسى - عليه السلام - يتحدث بها.
د – جميع مصادر الإمام البخارى معتمدة ووضع شروطاً لقبول الأحاديث النبوية الشريفة ، وهي : اتصال السند - عدالة الرواة - ألا يكون الحديث شاذا - ألا تكون بالحديث علة.
أما إنجيل مرقص فهو عبارة عن أقوال متناثرة هنا وهناك في صحف قد تمزق بعضها ومحيت كتابات بعضها الأخر ، وهي أقوال جمعها المتأخرون ونسبوها لمرقص ولا يوجد له شروطاً لتوثيق الأقوال التي ضمنها إنجيله، بل إن كتاب الأناجيل الذين أضافوا إليها بعض الزيادات لاحقاً كلهم مجهولون
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=11008
هــ - لقد شهد العلماء للبخاري في حياته بالحفظ وقوة الذاكرة بعد اختياره ببغداد .
أما انجيل مرقص فلم يعتمد إلا في مؤتمر نيقية عام 325م ، ولم يذكر المؤتمرون لاعتمادهم هذا الإنجيل .
ثانيا: بين مسلم ومتى
أ – الإمام مسلم هو مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري.
أما صاحب الإنجيل الذي يحمل اسم متى مجهول تماماً.
ب – ولد مسلم بنيسابور عام 204هــ وتوفي عام 261هــ ، وكتب صحيحه في تلك الفترة.
أما متى مجهول ، وأن الأقوال التي وردت في ذلك أقوال مبينية على الظن. فقد ذكر قوم أنه كتب بعد سقوط أورشليم . فمنهم من قال: إنه كتب في اليونان، ومنهم من يرى أنه كتب في إيطاليا أو بآسيا الصغرى.
جـ - كتب مسلم صحيحه باللغة العربية ، وهي لغة الكتاب والسنة .
أما إنجيل متى فيقال أنه كتب فى البداية باليونانية.
د – اشتهر مسلم بالورع والتقوى ، وشهد له معاصروه بالإمامة في الحديث، وقد تناوله العلماء بالشرح وبالاختصار.
أما إنجيل متى فلم يدخل فى أسفار العهد الجديد القانونية إلا فى مؤتمر نيقية 325 م ، ولم يوضح المؤتمرون فى نيقية سبباً لاعتمادهم هذا الإنجيل من بين الأناجيل الأخرى التى كانت كثيرة وشائعة بين الناس فى ذلك العصر.
و- وضع مسلم شروطاً لقبول الأحاديث النبوية الشريفة هي :
اتصال السند - عدالة الرواة - ألا يكون الحديث شاذا - ألا تكون بالحديث علة.
كما اشترط مسلم في رجال الحديث الموجودين في السند شرط المعاصرة.
أما متى فلم يضع أى شروط لتوثيق الأقوال التى ضمنها إنجيله.
ثالثاً : بين الإمام النسائى ولوقا
أ – الإمام النسائى هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب الخراسانى
أما لوقا فقد ذكر ميريل تينى أنه مجهول ، لا تعرف سيرته الشخصية ، والقول بأنه كان طبيباً إنطاكياً قول مبنى على الظن.
ب- ولد النسائى سنة 215 هـ بنساء ، وهي بلدة مشهورة فى خراسان ، وتوفى عام 303 بالرملة ، وكتب سننه فى تلك الآونة. وقد ثبت فى تهذيب الأسماء للنووى صحة نسبة كتابى السنن والمجتبى للنسائى.
أما لوقا تاريخ مولده مجهول ، وكذلك تاريخ كتابته للإنجيل مجهول كذلك. وذكر كيميل أن أغلب الظن أنه كتب بعد سقوط أورشليم بين عامي 70- 90م.
جـ - كتب النسائي كلاً من سننه الكبرى والمجتبي باللغة العربية.
أما إنجيل لوقا فقد ذكر جورج كيميل أنه كتب باليونانية.
د- أثنى العلماء على سنن النسائي ، وخاصة (كتاب المجتبي) الذي قال فيه النووي : إنه يلي الصحيحين في الدرجة.
أما إنجيل لوقا فقد ذكر كيميل أنه ألحقت به أقوال عديدة ليست لها أدنى صلة بالنسخة الأصلية.
هـ - لقد شهد العلماء للنسائي بالحفظ والإتقان والورى ، فقد ذكر النووي أن علماء عصره قالوا : كان النسائي شديد الحفظ والورع، بارعاً في علوم الحديث ، حافظاً متقناً ، حتى نقل النسائي أنه كان أحفظ من الإمام مسلم . واعتمد العلماء كتابيه ، بل عقب عليها العلماء أيضاً بالشرح والتعليق.
لم يعتمد إنجيل لوقا، ولم يدخل قانونياً ضمن أسفار العهد الجديد إلا في عام 325 م في مجتمع نيقية ، ولم يذكر سبب اختياره.
و- وضع النسائي شروطاً لقبول الحديث ، وهي شروط الصحيح والحسن ، وسار على ذلك في سننه الكبرى ، ولم يلتزم بشرط الصحيح فقط إلا في المجتبي.
أما لوقا فلم نجده قد وضع شروطاً لتوثيق الأقوال التي ضمنها إنجيله. بل قال ميريل : إنه خالف اللإنجيلين السابقين عليه في الأقوال.
رابعـاً : بين أبي داوود ويوحنا
أ - الإمام أبو داوود هو سليمان بن الأشعث بن إسحق الأسدي السجستاني.
أما يوحنا فقد ذكر جورج كيميل أن الأقاويل اختلفت في حقيقة اسمه. وقد ظن البعض أنه يوحنا بن زبدى أحد حواريي عيسى عليه السلام وذكر آخرون أنه شخص مجهول انتحل شخصية زيدى الحواري.
ب- ولد أبو داوود سنة 202هـ ، وتوفي بالبصرة سنة 275هـ ، وكتب سنته في تلك الفترة .
أما يوحنا فتاريخ مولده ووفاته مجهولان. أما عن تاريخ كتابته للإنجيل فيذكر أنه كتب بين عامي 80- 90 م . أما المكان الذي كتب فيه الإنجيل فمختلف فيه.
جـ - رحل أبو داوود في طلب العلم ، وجال الأمصار الإسلامية كالعراق والشام ومصر وخراسان، وكتب عن شيوخها ، كما أخذ عن الإمام أحمد ، وابن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد وغيرهم.
أما يوحنا فلم ير شيئاً عن رحلته في طلب أقوال السيد المسيح
– عليه السلام – بل تضاربت أقواله مع الأناجيل الأخرى، بل ذكر علماء اللاهوت أنه اعتمد في كتابة إنجيله على الفلسفة اليونانية ، ولم يهتم أو يأبه بأقوال المسيح – عليه السلام .
د- احتوت سنن أبى داوود على أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفق شروط الصحيح والحسن .
أما إنجيل يوحنا فقد خالف غيره من أصحاب الأناجيل باختراعه فكرة اللوجوس ( أي : عقل الإله، أو الإله الذي جاء وصار جسداً ! ).
خامساً : بين الترمذي وبولس
أ - الإمام الترمذي هو أبو عيسى محمد بن سورة السامي الترمذي.
أما بولس فيهودي الأصل ، وكان اسمه الحقيقي شاول أو صاول، وحين اعتنق النصرانية غير اسمه لبولس.
ب- ولد الترمذي بترمذ عام 209 هــ وتوفي بها عام 279 هـ .
ألف جامعه في تلك الفترة ، وصحت نسبته إليه.
أما عن بولس فتاريخ مولده مجهول ، أما عن تاريخ وفاته فيقال أنه أعدم عام 62 م .
جـ - الغرض من كتابة الترمذي لجامعه هو جمع الحديث الوارد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بدرجاته الثلاث : الصحيح والحسن والضعيف مع بيان درجة كل حديث عند موضعه .
أما بولس فلم يوضح الغرض من وراء نسبة أقواله الشخصية للسيد المسيح – عليه السلام – وزعم بأنه يتلقى الوحي من السيد المسيح مباشرة ، ولذا نسب أقواله الشخصية للسيد المسيح إلا القليل منها.
د- احتوى جامع الترمذي على الأحاديث الواردة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ومنها : الصحيح والحسن والضعيف وقد بين الترمذي درجة كل حديث في موضعه.
اشتملت رسائل بولس على دعوة الناس للإيمان بالمسيحية ورسالة السيد المسيح كما يراها هو. ولقد اتضح أن عدد رسائله المتداولة أربع عشرة رسالة ، ولم تثبت له إلا سبع رسائل فقط.
هـ - رحل الترمذي إلى الآفاق واخذ عن العراقيين والخراسانيين والحجازيين حتى أصبح ماما في الحديث .
أما بولس فقد رحل إلى أقطار عديدة لنشر المسيحية بمفهومه.
و – كتب الترمذي جامعه باللغة العربية. أما بولس فبعض رسائله قد كتبت باليونانية وبعضها باللاتينية.
ز – لقد وثق العلماء المعاصرون الإمام الترمذي. ويكفي في توثيقه أن إمام المحدثين البخاري كان يعتمده ويأخذ عنه.
أما بولس فقد ذكر اختلاف العلماء في بولس ، فمنهم من قال : إن الإله قد تدخل لهدايته ، ومنهم من قال : إنه كان رجلاً عادياً . وآخرون قالوا : إنه كان يعاني من مرض نفسي وعصبي . أو أنه جاء بالمسيحية الجديدة نتاج الرؤى والأحلام ، أو أنه كان مغامراً أراد أن يكون له شأن وقد كان.
ح – التزم الترمذي الشروط المتفق عليها بين الأئمة في قبول أو رفض الحديث.
أما بولس فلم يلتزم شروطاً معينة في اعتماده لأقوال المسيح عليه السلام .
ومن العرض السابق يتبين لنا أن العلماء المسلمين الذين قاموا بجمع وتدوين الحديث النبوي الشريف قد كانوا معروفين وتوافرت فيهم شروط الضبط والعدالة من تقوى وورع وحرص على الوصول إلى الحق في محاولاتهم المبذولة من أجل جمع وتدوين السنة ، وذلك وفقاً لضوابط معينة .
أما علماء الأناجيل فسيرتهم مجهولة ، ولم يثبت لهم تقوى أو ورع أو حفظ ، كما لم يضعوا أي شروط محددة لرد أو قبول الروايات التي كانوا يجمعونها ، بل اعتمدوا على الرؤى والهواجس والأساطير.
لقد قسم علماء الحديث – رحمهم الله – إلى صحيح ، حسن ، ضعيف ، موضوع ، وذلك في ضوء ضوابط معينة.
شروط الحديث الصحيح عند علماء الحديث مع تطبيقها على أسفار العهد الجديد :
1- اتصال السند : مثال ذلك قول البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر – - : " تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك " .
أما بالنسبة للأناجيل السنوبتيكية على لسان عيسى عليه السلام من لفظ متى : "وعندما اجتمع الحواريون بعيسى قال لهم : إن ابن الإنسان سيسلم لرجال ، وسيقتلونه ولكن بعد ثلاثة أيام سيعود للحياة من جديد . فحزن الحواريون حزناً شديداً. "
ومن الواضح أن النص لا يوجد له سند بل هو مروي عن متى ومرقص ولوقا عن عيسى – عليه السلام – ومن المعلوم أنه لم يثبت تاريخياً أن متى ومرقص ولوقا قد عاصروا أو رأوا سيدنا عيسى – عليه السلام.
2- عدالة الرواة : رواة الحديث كلهم عدول. أما البخاري فهو ثقة ضبط ، وهو أستاذ صنعة الحديث ، بل هو من أئمة الحديث الذين دونوا كتباً في الجرح والتعديل ، وأورد الرازي قول عبد الرحمن بن مهدي في مالك : من أصح الأسانيد مالك عن نافع ابن عمر. أما نافع فتابعي جليل ، وابن عمر صحابي جليل ، وكلاهما من العدول الثقات ، فنافع من القرون التي ذكاها النبي – صلى الله عليه وسلم – وابن عمر زكاه الله تعالى فيمن زكاهم في جيل الصحابة في القرآن الكريم ، كما زكاه النبي – صلى الله عليه وسلم ، وقد تحدث الرازي في كتابه الجرح والتعديل عن عدالتهم.
3- ألا يكون الحديث شاذاً : والشاذ هو أن يخالف الثقة من هو أوثق منه. والحديث أعلاه مستوف لهذا الشرط .
أما بالنسبة للأناجيل، فنجد خلافاً واضحاً بين رواة الكلام السابق على لسان عيسى – عليه السلام – فبينما نجد أن متى يقول : إن الحواريين حزنوا حزناً شديداً. نجد أن كلاً من لوقا ومرقص يقول : لكن الحواريون لم يفهموا ماذا تعني تلك العبارات، ولم يعرفوا مغزاها.
4- ألا يكون في متن الحديث علة : لا يوجد في متن الحديث أعلاه علة. وهو حديث يتمشى مع عقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام، وذكرها القرآن الكريم في آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى – في سورة النور : 55 : "يعبدونني لا يشركون بي شيئاً". وفي سورة الحج : 26 : "وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا شرك بي شيئاً". وقوله تعالى على لسان لقمان في سورة لقمان : "يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم".
أما بالنسبة للأناجيل فإن القول المنسوب لعيسى عليه السلام أنه قال عن نفسه إنه ابن الإنسان يتنافى مع كونه الإله الذي سيموت ويبعث. والحديث متناقض في متنه مع الأقوال الواردة في ألوهية عيسى في إنجيلي يوحنا وبولس. والثابت أنه كانت هناك أناجيل مغايرة لأناجيل متى ومرقص ولوقا ، لكنها أبيدت ، وتم التخلص منها ، كما أن هذه الأناجيل حرفت وبدلت.
5- المعاصرة واللقيا: لم يقبل البخاري الأحاديث إلا بشرط المعاصرة واللقيا
أما الأناجيل فلا يوجد فيها هذا الشرط ، ولم يثبت أن أحد كتاب الأناجيل عاصر أو التقى بالمسيح – عليه السلام.
وعلى هذا تثبت لنا منهجية جمع السنة ، وانقطاع السند واضطراب المتن في الأناجيل، بل وافتقاد جمعها للمنهجية العلمية. والغريب أن رجال الدين النصارى لم يحاولوا حل المتناقضات الموجودة في الأناجيل ، وقبلوا الأناجيل كما هي دون تمحيص أو تدقيق.
ومما يدلنا على أن الأناجيل كانت متضاربة ما ورد على لسان أرنيوس: أحد كبار رجال الكنيسة في عصره : أن الهرطقة كثرت وتعددت الأقوال في الأناجيل.
*المرجع الرئيسي : منهجية جمع السنة .. د. عزية طـه
تعليق