نصرة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم على أيدي أتباعه
ومن أكبر صور نصرة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، أن ينصره الله على أيدى أتباعه الذين يهبون للدفاع عنه صلى الله عليه وسلم وعن سنته ضد أعدائه وشائنيه، فقد يكفي الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يسلط على المستهزئ المعتدي رجلاً من المؤمنين يثأر لنبيه صلى الله عليه وسلم، وقد حملت كتب الصحاح والسير الكثير من الأخبار في هذا الشأن، وهو ما نتعرض له في هذا الفصل.
الجن تنتصر للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم:
وقبل إيراد الوقائع المشهورة في الانتصار للنبي المختار صلى الله عليه وسلم، نبدأ بأعجب وأطرف ما ورد في هذا الأمر، وهو انتصار الجن المؤمن للنبي صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الرائع ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ): " .. وقد ذكروا أن الجنَّ الذين آمنوا به كانت تقصد من يسبه من الجن الكفار فتقتله قبل الهجرة وقبل الإذن في القتال له وللأنس، فيقرها على ذلك، ويشكر ذلك لها.
قال سعيد بن يحيى الأموي في مغازيه: حدثني محمد بن سعيد ـ يعني عمه ـ قال: قال محمد بن المُنْكَدِر: إنه ذُكِر له عن ابن عباس أنه قال: هتف هاتف من الجن على جبل أبي قبيس، فقال:
قَـبَّحَ اللهُ رَأْيَكُـمْ آلَ فِـهْرٍ مَـا أَدَقَّ العُقُولَ وَ الأَحْلامِ
حِيْنَ تُغْضِي لـمنْ يَعِيْبُ عَلَيْهَا دِيْـنَ آبَائِها الحُْمَاةِ الكِرَامِ
حَالَفَ الجِنّ جِنّ بُصْرَى عَلَيْكُمْ وَ رِجَـال النَّخِيْلِ و الآطَامِ
تُوشِكُ الْـَخيْلُ أنْ تَرَوْهَا نَهَاراً تَقْـتُلُ القَوْمَ فِي حرامِ تِهَامِ
هَلْ كَـرِيمٌ مِنْكُمْ لَهُ نَفْسُ حُرٍّ مَاجِدُ الْجَـدَّتَيْنِ و الأَعْمَامِ
ضَـارِباً ضَـرْبَةً تَكُونُ نَكَالاً وَ رَوَاحـاً مِنْ كُرْبَةٍ وَاغْتِنَامِ
قال ابن عباس: فأصبح هذا الشعر حديثاً لأهل مكة، يتناشدوه بينهم، فقال رسول الله e: "هَذَا شَيْطَانٌ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الأَوثَان يُقَالُ لَهُ: مِسْعَر، وَاللهُ مُخْزِيهِ" فمكثوا ثلاثة أيام فإذا هاتف يهتف على الجبل يقول:
نَحْنُ قَتَلْنَا فِي ثَلاثٍ مِسْعَرَاً إِذْ سَفَّهَ الْحَقَّ وَسَنَّ الْمُنكَرَا
قَنَّعْتُُهُ سَيْفاً حُسـَاماً مُبَتّراً بِشَتْـمِهِ نَبِيِّـنَا المُطَـهَّرَا
فقال رسول الله e: "هَذَا عِفْرِيتٌ مِن الجِنَّ اسْمُه سَمْحَج، آمَنَ بِي، سَمَّيتُهُ عَبْدَاللهِ، أَخْبَرنِي أَنَّهُ فِي طَلَبِهِ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ"، فقال علي: جزاه الله خيرا يا رسول الله.. "[1].
أسد الله وفرعون هذه الأمة:
من الصور التي خلدتها كتب التاريخ والسير في الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قصة حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرعون هذه الأمة "أبي جهل" عندما تطاول على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
روى ابن هشام في السيرة النبوية[2] عن ابن إسحاق قال: حدثني رجل من أسلم، كان واعية أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك منه، ثم انصرف عنه فعَمَد إلى ناد من قريش عند الكعبة، فجلس معهم.
فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا[3] قوسه راجعا من قنص له وكان صاحب قنص[4] يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز فتى في قريش، وأشد شكيمة، فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم.
فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته فخرج يسعى ولم يقف على أحد، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ثم قال أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرد ذلك علي إن استطعت.
فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ، وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله.
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه"[5].
وهكذا نرى أن الله ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم ودينه بالرجل الفاجر – مثلما كان حمزة رضى الله عنه قبل أن يسلم، إلا إننا نرى كذلك في قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه كيف أن التطاول والاستهزاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم سببًا للنصر، وهو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الصارم المسلول"، وأكد الكثير من العلماء أنه إذا سُب الرسول صلى الله عليه وسلم فانتظر النصر المأمول.
3- أشبال الإسلام ينتقمون من فرعون الأمة:
ظل "أبو جهل" يمثل العدو الأول والأخطر للإسلام حتى أنهى حياته شبلان من أشبال الإسلام ساءهما تطاول "أبي جهل" على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وسبه له بعد الهجرة إلى المدينة، فقرر الشبلان الانتقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ[6] مِنْهُمَا فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا قَالَ فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا قَالَ فَلَمْ أَنْشَبْ[7] أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ أَلَا تَرَيَانِ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ قَالَ فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ أَيُّكُمَا قَتَلَهُ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُ فَقَالَ هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا قَالَا لَا فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَالرَّجُلَانِ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ[8]
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتم بالغ الاهتمام بمصرع "أبي جهل"، روى البخاري في صحيحه عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ قَالَ أَأَنْتَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ[9]
قال ابن حجر في "فتح الباري":" .. وفي حديث ابن عباس عند ابن إسحاق والحاكم "قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمق، فوضعت رجلي على عنقه فقلت: أخزاك الله يا عدو الله، قال: وبما أخزاني ؟ هل أعمد رجل قتلتموه، قال: ثم احتززت رأسه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : هذا رأس عدو الله أبي جهل ، فقال : والله الذي لا إله إلا هو ؟ فحلف له " وفي زيادة المغازي رواية يونس بن بكير من طريق الشعبي عن عبد الرحمن بن عوف نحو الحديث الذي بعده وفيه " فحلف له ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم انطلق حتى أتاه فقام عنده فقال : الحمد لله الذي أعز الإسلام وأهله " ثلاث مرات".
لقد كانت خاتمة "أبي جهل" فرعون هذه الأمة على أيدى شبلين من أشبال الإسلام، اهتما لما عرفا من تطاوله وسبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فندبا أنفسهما لمهمة قتله، وهي مهمة بالغة الخطورة فقد كان فرسان قريش يحيطون بأبي جهل في المعركة ويحرسونه حتى لا يخلص إليه المسلمون، غير أن ذلك لم يحول بين معاذ ومعود ابني عفراء وهدفهما السامي.
إن الأمة في حاجة اليوم إلى تربية أبنائها وشبابها ليكونا مثل معاذ ومعوذ؛ ثوابتهما واضحة وأهدافهما سامية يضحيان في سبيله بالغالي والنفيس.
مقتل كعب بن الأشرف:
ومن قصص نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سارت بها الركبان، قصة مقتل اليهودي كعب بن الأشرف الذي كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره ويشبب بنساء المسلمين، فانتدبت له مجموعة من المسلمين انتقموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلصوا المسلمين من هذا العدو الخطير.
روى الإمام البخاري ومسلم في صحيحهما بسنده عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا[10] قَالَ قُلْ فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا[11] وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ[12] قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاهُ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا[13] أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَالَ نَعَمِ ارْهَنُونِي قَالُوا أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ قَالَ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - يَعْنِي السِّلَاحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ قَالَ إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ قَالَ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ[14] بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ وَقَالَ مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ[15] فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَيْ أَطْيَبَ قَالَ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ قَالَ نَعَمْ فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِي[16] قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ[17].
وهذا حديث عظيم وقصة جليلة، تدل كيف أن القرابات لم تكن حائلاً بين المسلمين الأوائل والانتصار لنبيهم صلى الله عليه وسلم، فمحمد بن مسلمة رضى الله عنه الذي تولى أمر هذه المهمة كان ابن أخت كعب بن الأشرف، وأبو نائلة الرجل الثاني من هذه المهمة كان أخو كعب من الرضاعة، أم "كعب بن الأشرف" فقد كان من أشد أعداء الإسلام في المدينة النبوية حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب المسلمين لقتله، روى أبو داود في سننه: أن كعب بن الأشرف كان شاعرا ، وكان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط. فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم استصلاحهم ، وكان اليهود والمشركون يؤذون المسلمين أشد الأذى ، فأمر الله رسوله والمسلمين بالصبر . فلما أبى كعب أن ينزع عن أذاه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يبعث رهطا ليقتلوه"[18].
وذكر ابن حجر في فتح الباري[19] أن كعب بن الأشرف قدم على مشركي قريش فحالفهم عند أستار الكعبة على قتال المسلمين، ومن طريق أبي الأسود عن عروة "أنه كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ويحرض قريشا عليهم، وأنه لما قدم على قريش قالوا له: أديننا أهدى أم دين محمد؟ قال: دينكم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من لنا بابن الأشرف فإنه قد استعلن بعداوتنا"
ووجدت في " فوائد عبد الله بن إسحاق الخراساني " من مرسل عكرمة بسند ضعيف إليه لقتل كعب سببا آخر ، وهو أنه صنع طعاما وواطأ جماعة من اليهود أنه يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوليمة فإذا حضر فتكوا به ، ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه ، فأعلمه جبريل بما أضمروه بعد أن جالسه ، فقام فستره جبريل بجناحه فخرج ، فلما فقدوه تفرقوا ، فقال حينئذ : من ينتدب لقتل كعب . ويمكن الجمع بتعدد الأسباب" أ.هـ.
وقد سر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه نبأ مقتل كعب بن الأشرف، روى ابن سعد في الطبقات: "فلما بلغوا (محمد بن مسلمة ومن معه) بقيع الغرقد كبروا، وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي، فلما سمع تكبيرهم كبر ، وعرف أن قد قتلوه ، ثم انتهوا إليه فقال : أفلحت الوجوه ، فقالوا : ووجهك يا رسول الله ، ورموا رأسه بين يديه ، فحمد الله على قتله"[20].
وقد استفاد العلماء من هذه القصة فوائد عديدة لا مجال لذكرها، غير أن أهم فائدة متعلقة بموضوعنا هي قتل المعاهد إذا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الطعن في الدين سبب من أسباب نقض العهد بين المسلمين والكافرين، فقد كان كعب بن الأشرف معاهدًا إلا إن هجائه وسبه للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم كان سببًا واضحًا لأن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى قتله كما جاء في أول القصة "من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله"، فلذلك فإن قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول المعتدية على مقام النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لهو أقل صور نصرة النبي العدنان عليه الصلاة والسلام.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية قصة مقتل كعب بن الأشرف في كتابه الماتع "الصارم المسلول" وقد أوفى في شرحها ومناقشة بعض الشبهات المتعلقة بها، فجزاه الله خيرًا.
5- مقتل سلام بن أبي الحُقيق:
ومن صور نصرة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كذلك مقتل تاجر الحجاز "أبي رافع سلام بن أبي الحقيق" اليهودي والذي كان يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى الإمام البخاري في صحيحه عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ وَقَدْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ[21] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنْ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ[22] كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ[23] فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ ثُمَّ عَلَّقَ الْأَغَالِيقَ[24] عَلَى وَتَدٍ قَالَ فَقُمْتُ إِلَى الْأَقَالِيدِ[25] فَأَخَذْتُهَا فَفَتَحْتُ الْبَابَ وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ وَكَانَ فِي عَلَالِيَّ[26] لَهُ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ قُلْتُ إِنْ الْقَوْمُ نَذِرُوا[27] بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنْ الْبَيْتِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ قَالَ مَنْ هَذَا فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وَأَنَا دَهِشٌ[28] فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا[29] وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنْ الْبَيْتِ فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ[30] فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ فَقَالَ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ إِنَّ رَجُلًا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ قَالَ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ ثُمَّ وَضَعْتُ ظِبَةَ[31] السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ فَعَرَفْتُ أَنِّي قَتَلْتُهُ فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الْأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أُرَى أَنِّي قَدْ انْتَهَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَانْكَسَرَتْ سَاقِي فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لَا أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى[32] أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ النَّجَاءَ فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ ابْسُطْ رِجْلَكَ فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ[33].
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في فتح الباري: " .. وفي هذا الحديث من الفوائد جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصر، وقتل من أعان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أو ماله أو لسانه، وجواز التجسيس على أهل الحرب وتطلب غرتهم.
والأخذ بالشدة في محاربة المشركين، وجواز إبهام القول للمصلحة، وتعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين؛ والحكم بالدليل والعلامة لاستدلال ابن عتيك على أبي رافع بصوته، واعتماده على صوت الناعي بموته".
أعمي يقتل جاريته لتطاولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وهذه قصة صحابي آخر فقد بصره إلا إنه لم يفقد بصيرته، كان لديه جارية غير مسلمة تخدمه وتقوم بشأنها إلا إنها لم تكن تقلع عن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تطب نفس هذا الصحابي الجليل رضى الله عنه إلا بقتلها.
روى أبو داود والنسائي في سننهما عن ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ[34] تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ[35] فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ[36] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا[37] فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ[38] حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ[39] وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ[40].
قال صاحب عون المعبود: ".. وفيه دليل على أن الذمي إذا لم يكف لسانه عن الله ورسوله فلا ذمة له فيحل قتله، قاله السندي.
قال المنذري: وأخرجه النسائي فيه أن ساب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل وقد قيل إنه لا خلاف في أن سابه من المسلمين يجب قتله وإنما الخلاف إذا كان ذميا، فقال الشافعي يقتل وتبرأ منه الذمة، وقال أبو حنيفة لا يقتل ما هم عليه من الشرك أعظم، وقال مالك من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم انتهى كلام المنذري".
وهذا الحديث دليل على أن الذمي أو المعاهد ينقض عهده وأمانه بالتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تعرضنا لهذا الأمر في فصل "حكم الساب المتطاول".
لا ينتطح فيها عنزان:
ومن قصص النصرة كذلك، قصة مقتل العَصْماء بنت مروان التي كانت تهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول": " .. رُوي عن ابن عباس قال: هَجَتِ امرأة من خَطْمَةَ النبي e، فقال: "مَنْ لِي بِهَا؟" فقال رجل من قومها: أنا يا رسول الله، فنهض فقتلها، فأخبر النبي e، فقال: "لاَ يَتنْتَطِحُ فِيْهَا عَنْزَانَ".
وقد ذكر بعض أصحاب المغازي وغيرهم قصتها مبسوطة.
قال الواقدي: "حدثني عبدالله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه أن عَصْماءَ بنت مَرْوَان من بني أمية كانت تحت يزيد بن زيد ابن حِصْن الخَطْمِيِّ، وكانت تؤذي النبي e، وتعيب الإسلام وتحرض على النبي e، وقالت شعراً:
فَبِأْسْتِ بني مَالكٍ و النَّبِيتِ و عَوْفٍ، وبأْسْتِ بَني الخزْرجِ
أطعتم أتَاوِيَّ[41] مِـنْ غَيرِكُم فَـلاَ مِنْ مُـرَادٍ ولا مَذْحِجِ
تُرَجُّونَهُ بعد قَـتلِ الرؤوسِ كما يُرْتَـجَى مَـرقُ المُنْضَجِ
قال عُمَيْر بن عدي الخطمي حين بلغه قولها وتحريضها: اللهم إن لك عليَّ نذراً لئن رددت رسول الله e إلى المدينة لأقتلنها، ورسول الله e يومئذٍ ببدر، فلما رجع النبي e من بدر جاءها عُمَيْر بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها في بيتها وحولها نفرٌ من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسها بيده، فوجد الصبي ترضعه، فنحَّاه عنها، ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، ثم خرج حتى صلى الصبح مع النبي e، فلما انصرف النبي e نظر إلى عمير فقال: "أقتلتَ بنت مروان؟" قال: نعم، بأبي أنت يا رسول الله، وخشي عُمير أن يكون افتات على رسول الله e بقتلها، فقال هل عَلَيَّ في ذلك شيء يا رسول الله؟ قال: "لاَ يَنْتَطِحُ فِيْهَا عَنْزَانِ"[42]؛ فإن أول ما سُمِعت هذه الكلمة من النبي رسول الله e، قال عمير: فالتفت النبي رسول الله e إلى مَنْ حوله فقال: "إِذَا أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ نَصَرَ اللهَ وَرَسُولَهُ بِالغَيْبِ فَانْظُرُوا إِلَى عُمَيْر بنِ عَدِيِّ" فقال عمر بن الخطاب: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تسرَّى في طاعة الله، فقال: "لا تقل الأعمى، ولكنه البصير".
فلما رجع عمير من عند رسول الله e وجد بنيها في جماعة يدفنونها، فأقبلوا إليه حين رأوه مقبلاً من المدينة، فقالوا: يا عمير أنت قتلتها؟ فقال: نعم فكيدوني جميعاً ثم لا تُنْظِرُون، فوالذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموتَ أو أقتلكم، فيومئذٍ ظهر الإسلام في بني خطمة، وكان منهم رجال يَسْتَخْفُون بالإسلام خوفاً من قومهم"[43].
فهذا صحابي آخر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد البصر إلا إنه لم يفقد إيمانه وحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنذر أن ينتقم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه المرأة السليطة، ووفى بنذره، وكان مقتل تلك المرأة فتحًا للمسلمين حيث انتشر الإسلام بين قومها، وأعلن به من كان مستخف من قبل.
مقتل "أبي عفك اليهودي":
ومن القصص التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية كذلك في "الصارم المسلول" قصة مقتل أبي عَفَكٍ اليهودي، حيث قال شيخ الإسلام: " .. قال الواقدي: ثنا سعيد بن محمد عن عُمارة بن غَزِيّة، وحدثناه أبو مُصْعب إسماعيل بن مُصْعب بن إسماعيل بن زيد بن ثابت عن أشياخه، قالا: إن شيخاً من بني عمرو بن عَوْف يقال له: أبو عَفَكٍ ـ وكان شيخاً كبيراً قد بلغ عشرين ومائة سنة حين قدم النبيُّ e المدينة ـ يُحَرِّض على عَدَاوة النبي e، ولم يدخل في الإسلام، فلما خرج رسول الله e إلى بَدْرٍ ظفَّرهُ الله بما ظفره، فحسَدَهُ وبَغَى، فقال: (وذكر قصيدة تتضمن هجو النبي e وذمَّ من اتبعه، أعظم ما فيها قوله):
فيسلبهم أمْرَهُم رَاكبٌ حراماً حلالاً لشَتَّى معاً
قال سالم بن عُمَيْر: عليَّ نذر أن أقتل أبا عَفَكٍ أو أموتَ دونه، فأُمِهل، فطلب له غِرَّةً حتى كانت ليلة صائفة، فنام أبو عَفَكٍ بالفِنَاء في الصيف في بني عمرو بن عَوْفٍ، فأقبل سالم بن عُمَيْر، فوضع السيف على كبدِهِ حتى خَشَّ[44] في الفراش، وصاح عدو الله، فثاب إليه أناس ممن هم على قوله، فأدخلوه منزله وقبروه، وقالوا: مَن قتله؟ والله لو نعلم من قتله لقتلناه به"[45].
وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن جميع يهود المدينة ومن بينهم "ابن عفك" قد عاهدوا المسلمين، غير أن "ابن عفك" لما هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظهر الذم قتل، مما يؤكد أن حد الساب القتل سواء أكان مسلمًا أو ذميًا أو معاهدًا.
رأس المنافقين:
ومن القصص الرائعة التي تظهر كيف أن الصحابة رضوان الله عليهم ضحوا بالغالي والنفيس من أجل نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة عبد الله بن أبي بن سلول "رأس المنافقين" مع ابنه "عبد الله"، روى الترمذي في سننه عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ َقُالُ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَالِلْمُهَاجِرِينَ وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَالِلْأَنْصَارِ فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهِ لَا تَنْقَلِبُ حَتَّى تُقِرَّ أَنَّكَ الذَّلِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَزِيزُ فَفَعَلَ.
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ[46]
وقد روى الطبري القصة بشيء من البسط في تفسيره؛ روى الطبري بسنده عن عكرمة أن عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ بن سلول كان يقال له حباب، فسماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عبد الله، فقال: يا رسول الله إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني حتى أقتله ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "لا تَقْتُلْ أبَاكَ عَبْدَ اللهِ"، ثم جاء أيضًا فقال: يا رسول الله إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني حتى أقتله ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لا تَقْتُلْ أباك"، فقال: يا رسول الله فتوضأ حتى أسقيه من وضوئك لعلّ قلبه أن يلين، فتوضأ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأعطاه، فذهب به إلى أبيه فسقاه، ثم قال له: هل تدري ما سقيتك؟ فقال له والده نعم، سقيتني بول أمك، فقال له ابنه: لا والله، ولكن سقيتك وضوء رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ قال عكرمة: وكان عبد الله بن أُبيّ عظيم الشأن فيهم. وفيهم أنزلت هذه الآية في المنافقين:( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ) وهو الذي قال:( لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ ) قال : فلما بلغوا المدينة، مدينة الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومن معه، أخذ ابنه السيف ، ثم قال لوالده: أنت تزعم "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذلّ"، فوالله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.[47]
وجاء في رواية أخرى: ".. أن عبد الله بن عبد الله بن أُبي أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبرّ بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيره فيقتله، فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله بن أُبيّ يمشي في الناس فأقتلَه، فأقتل مؤمنًا بكافر، فأدخلَ النارَ؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " بَلْ نَرْفُقْ بِهِ وَنُحِسنْ صُحْبَتَهُ مَا بَقِيَ مَعَنَا"[48].
عاقبة الصليبى الشهير أرناط أمير الكرك:
ومن صور انتصار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم على يد أتباعه، انتقام السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من الأمير الصليبي "رينالد دي شاتيون" المشهور في المراجع العربية باسم "أرناط"، وكان أرناط من أشد الصليبيين عداوة وغدراً وحقداً على الإسلام والمسلمين، قضى حياته كلها في محاربة المسلمين تديناً منه، ووقع في الأسر عدة مرات، ويفتدى نفسه ليخرج لمحاربة المسلمين مرة أخرى، وكان أميراً على حصن الكرك وكان دائم الإغارة على قوافل المسلمين، وذات مرة هاجم أرناط قافلة حجاج مسلمين فقتلهم وسرق متاعهم وأثناء اقترافه هذه الجريمة الشنيعة أخذ في سب النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول للمسلمين "أين محمدكم لينقذكم؟".
وقد فكر هذا الخنزير الأحمق في الهجوم على مكة والمدينة النبوية وأعد أسطولاً لذلك وقام بغارات مجرمة على قوافل الحجيج، فأقسم "صلاح الدين" على أن يقتل هذا الكلب بيده إذا ظفر بيده، وجاء يوم الوفاء يوم "حطين" العظيم سنة 583 هجرية، يقول ابن خلكان في وفيان الأعيان: " .. وأما البرنس أرناط فإن السلطان كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله، وذلك لأنه كان قد به عبر عند الشوبك قوم من الديار المصرية في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم، فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين، فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبلغ السلطان فحملته حميته ودينه على أن يهدر دمه.
ولما فتح الله تعالى عليه بنصره جلس في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد، وعرضت عليه الأسارى، وسار الناس يتقربون إليه بمن في أيديهم منهم، وهو فرح بما فتح الله تعالى على يده للمسلمين، ونصبت له الخيمة فجلس فيها شاكراً لله تعالى على ما أنعم به عليه، واستحضر الملك جفري وأخاه البرنس أرناط، وناول السلطان جفري شربة من جلاب وثلج فشرب منها، وكان على أشد حال من العطش، ثم ناولها البرنس؛ وقال السلطان للترجمان: قل للملك أنت الذي سقيته، وإلا أنا فما سقيته. وكان من جميل عادة العرب وكريم أخلاقهم أن الأسير إذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن، فقصد السلطان بقوله ذلك، ثم أمر بمسيرهم إلى موضع عينه لهم، فمضوا بهم إليه فأكلوا شيئاً، ثم عادوا بهم، ولم يبق عنده سوى بعض الخدم فاستحضرهم، وأقعد الملك في دهليز الخيمة، واستحضر البرنس أرناط وأوقفه بين يديه وقال له: ها أنا أنتصر لمحمد منك، ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل، فسل النيمجاه فضربه بها فحل كتفه وتمم قتله من حضر، وأخرجت جثته ورميت على باب الخيمة. فلما رآه الملك على تلك الحال لم يشك في أنه يلحقه به، فاستحضره وطيب قلبه وقال له: لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك. وأما هذا فإنه تجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء صلوات الله عليهم، وبات الناس في تلك الليلة على أتم سرور، ترتفع أصواتهم بحمد الله وشكره وتهليله وتكبيره، حتى طلع الفجر"[49].
11- عاقبة شاتم الرسول (القربان الصليبي):
ومن الوقائع الرائعة كذلك ما حكاه ابن خلكان في وفيات الأعيان: " .. لما وقع الحصار على مدينة دمياط اتفق أن علجاً منهم، لعنه الله، قد ألهج لسانه بسبب النبي صلى الله عليه وسلم، معلناً به على خنادقهم، ومنكياً لمن يليهم من حرس الإسلام ورجالهم، وكان أمره قد استفحل، وداء اشتهاره بهذه العظيمة قد أعضل، وقد جعل هذا الأمر ديدن جهاده، وذهب عنه أن الله تعالى ينتقم لنفسه من عتو هذا اللعين وعناده.
فلما كانت الوقعة المشهورة في شعبان من سنة عشرة التي أسر فيها أعلاج الكفر وجنودهم، وأفاء الله على أهل دينه عدوهم وعديدهم، واستولى منهم على ما يناهز ألفي فارس، عرف هذا العلج في جملة من اشتمل عليه الاستيلاء منهم حصراً وعداً، وعوجل بعقوبة كفره الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا؛ فلما صفد في وثاقه، وخرست شقاشق شقاقه، أشعر السلطان الملك الكامل بموضعه، فتنوعت المشورات بصورة قتل هذا الكافر، واللحاق بروحه إلى الجحيم التي هي مأوى الفاجر، فصمم الملك الكامل على إرسال هذا العلج مع من يوصله إلى والي المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وإشعاره بأمره، وأن يباشر بذلك المحل الشريف تطهير الأرض من كفره. فما وصل أقيم بين يدي الضريح المطهر، ونوجي ذلك المحل الأطهر، وذلك في عيد الفطر من السنة المذكورة، وقيل: يا رسول الله: هذا عدو لله وعدوك، والمصرح في ملة كفره بسبك وسبب صاحبك، قد أرسله محمد سلطان مصر ليقتل بين يديك، ويشكر الله لما وفقه من مجاهدة الشرك الذين كفروا بما أنزل إليك، ورام أن يجعله عبرة لمن انتهك حرمتك واجترأ عليك، فتهادته أيدي المنايا ضرباً بالسيوف، وفرح المؤمنون بنصر الله لدينه على طوائف الشرك وأن رغمت منها الأنوف، والحمد لله رب العالمين[50].
1- الصارم المسلول صـ 135، وقد رواه أبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة وأورده الفاكهي في "أخبار مكة"، وأورد ابن حجر الجني "سمحج" في كتابه عن الصحابة "الإصابة في معرفة الصحابة"، وقد أورد هذه القصة برواياتها ولم يعلق عليها.
1- السيرة النبوية (1/240).
2 - متقلدًا سيفه، أي يضع حمائل السيف على عاتقه الأيسر وتكون اليمني مكشوفة.
3 – صيد.
4- أورده أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/40)، وفي الدلائل (194)، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" وقال رواه الطبراني مرسلا ورجاله ثقات (مجمع الزوائد 9/267).
1- أعظم وأقوى وأشد.
2- ألبث.
3- رواه الإمام مسلم في كتاب الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل، والبخاري كتاب المغازي باب فضل من شهد بدرًا
4- صحيح البخاري كتاب المغازي باب قتل أبي جهل.
1- أي أقول شيئًا على سبيل التورية والخداع، وذلك لخداع كعب بن الأشرف حتى يتمكن المسلمون من استدراجه، وطلب محمد بن مسلمة الاستئذان من رسول الله ÷ في هذا الأمر يدل على حرص المسلمين على عدم قول أو فعل شيء يخدش الدين أو يجرح الإيمان في قلوبهم رضى الله عنهم وجزاهم خير الجزاء.
2- أتعبنا وأرهقنا.
3- أطلب منك قرضًا.
4- قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر: الوَسْق بالفِتْح : سِتُّون صاعاً وهو ثلاثُمائة وعِشْرون رِطْلا عند أهْل الحِجاز وأربَعمائة وثمانون رِطْلا عنْد أهْل العِراق على اخْتِلافِهِم في مِقْدار الصَّاع.
5- أي سأخذ بشعره، قال ابن حجر في "فتح الباري": وهو من إطلاق القول على الفعل .
6- أي أمكنكم من الشم.
7- أي اشم رأسك مرة أخرى، وذلك حتى يتمكن أصحاب محمد بن مسلمة من قتله.
8- رواه البخاري في صحيحه كتاب المغازي باب قتل كعب بن الأشرف، ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير باب قتل كعب بن الأشرف، وورد في كتب السير بألفاظ متقاربة وزيادات بسيطة.
1- سنن أبي داود كتاب الجهاد باب العدو يؤخذ على حين غرة.
2- فتح الباري 7/336.
3- طبقات ابن سعد 2/ 31 .
1- أي رجعوا بمواشيهم التي ترعى ، وسَرح بفتح المهملة وسكون الراء بعدها مهملة هي السائمة من إبل وبقر وغنم .
2- أي تغطى به ليخفي شخصه لئلا يعرف .
3- أي اختبأت.
4- والأغاليق بالمعجمة جمع غلق بفتح أوله ما يغلق به الباب والمراد بها المفاتيح ، كأنه كان يغلق بها ويفتح بها
5- جمع إقليد وهو المفتاح.
6- جمع علية بتشديد الياء وهي الغرفة.
7- بكسر الذال أي علموا، قال ابن حجر في فتح الباري:" .. أصله من الإنذار وهو الإعلام بالشيء الذي يحذر منه، وذكر ابن سعد أن عبد الله بن عتيك كان يرطن – يتكلم - باليهودية ، فاستفتح ، فقالت له امرأة أبي رافع من أنت ؟ قال : جئت أبا رافع بهدية ففتحت له ..".
8- قال في تاج العروس: دَهِشٌ : تَحَيَّرَ أَو ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنْ ذَهَلٍ أَو وَلَهٍ وقِيلَ : مِنَ الفَزَع ونَحْوِه
9- أي لم أقتله .
10- قال ابن حجر في فتح الباري: "في رواية يوسف " ثم جئت كأني أغيثه فقلت مالك ؟ وغيرت صوتي" .
11- طرف السيف.
12- النعى: الإخبار بموت الشخص. وذكر ابن حجر في "فتح الباري" نقلا عن الأصمعي أن العرب كانوا إذا مات فيهم الكبير ركب راكب فرسا وسار فقال : نعي فلان .
13- صحيح البخاري كتاب المغازي باب قتل أبي رافع بن أبي الحقيق.
1- أي جاري غير مسلمة ولذلك كانت تجترئ على ذلك الأمر الشنيع.
2- يقال وقع فيه إذا عابه وذمه.
3- المغول، بالكسر: شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه، وقيل: هو حديدة دقيقه لها حد ماض وقفا، وقيل: هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتل على وسطه ليغتال الناس. والثنة من الإنسان: ما دون السرة فوق العانة أسفل البطن.
4- أي تحامل عليها.
5- أي يتحرك.
6- أي في الحسن والبهاء وصفاء اللون.
7- رواه أبوداود في كتاب الحدود باب الحكم فيمن سب النبي، والنسائي في سننه باب الحكم فيمن سب النبي، وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود وصحيح النسائي.
1- الغريب.
2- "لا ينتطح فيها عنزان" من الأقوال التي سبق إليها رسول الله ÷ ولم تنقل عن أحد قبله، وهي إشارة إلى قضية مخصوصة لا يجري فيها خلف ولا نزاع، وقال أبو هلال العسكري في "جمهرة الأمثال": يضرب – هذا القول - مثلا للأمر يبطل ويذهب فلا يكون له طالبٌ، وخص رسول الله ÷ العنزين بالمثل، وذلك لأنهما ضعيفين في النطاح فالعنز لا تبالغ، وإنما تشام وترجع، فهو أسهل ما يكون بين المتلاقيين، فمقتل من تطاول على رسول الله ÷ من الأمور التي لا يختلف فيها أحد، ولا يطالب فيه بثأر أو قصاص.
1- الصارم المسلول 90، والقصة أوردها أصحاب السير ومنهم ابن هشام في السيرة النبوية (4/258)، وابن سعد في الطبقات (2/27).
2- خش: دخل.
3- الصارم المسلول 98، وأورد ابن هشام قصة مقتل ابن عفك في السيرة النبوية (4/257).
1- الترمذي كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ما جاء في تفسير سورة المنافقين، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي.
2- الطبري (23/402).
3- نفس السابق.
1- وفيات الأعيان 7/ 176
1- وفيات الأعيان ابن خلكان (5/90) دار صادر تحقيق إحسان عباس.
تعليق