من عجب الدنيا هذا الأمر أن يوصف قمة التوحيد بالوثنية فالحج الذي يقول فيه ويُبح فيه صوت الحاج بالتلبية ( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) أصبح وثنية عند أصحاب الفكر المستنير واعجبي تعالوا نعيش بعض الوقت مع فريضة الحج العظيمة وآثارها على الفرد والمجتمع والأمة المسلمة .
إن للحج آثاراً عملية على الفرد الحاج من أربعة جوانب :-
1- الجانب الإيماني :
يعيش الحاج معاني إيمانية عميقة وهو يؤدي هذه الفريضة العظيمة
أول هذه المعاني : تمثل يوم القيامة أمامه ففي هذا الإزدحام الرهيب نتذكر الإزدحام الأكبر يوم القيامة عندما يجتمع الخلق كلهم على صعيد واحد ينتظرون الحساب العظيم على أعمالهم وقد غطى عرقهم منهم على حسب أعمالهم هذا المشهد الذي يصفه الله تبارك وتعالى في قوله في بداية سورة الحج (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج 1-2 عندما نعيش هذه المعاني ونحن نؤدي مناسك الحج وقد لبسنا ملابس تشبه الأكفان نجد أن صورة للقيامة قد تمثلت لنا في صورة مصغرة يدركها حسنا وتتأملها نفوسنا ويعقلها فؤادنا نجد أننا قد أرتقينا إلى حال غير الحال من حال أهل الدنيا إلى حال أهل الآخرة وفي هذا الجو البعيد عن كل أنواع الترف والتزين والبعيد عن موطنك وأهلك ومالك لابد أن نجعل الحج سياحة في عالم الأخرة لترتقي طاعتنا لله تبارك وتعالى .
ثاني المعاني :التي أستحضرها هنا وهو معنى مهم جداً هو شرط الإسلام وحد الإيمان ألا وهو التسليم المطلق لأوامر الله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً [الأحزاب : 36] فهذا الأمر إستحضار عبوديتك لله الواحد الأحد الفرد الصمد وأنك تسلم له أمرك كله فإذا قيل قبل هذا الحجر أو أرجم هذا الحجر أو طوف حول هذا الحجر ما يكون جوابك إلا سمعنا وأطعنا ربنا (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة : 285] ولا نفعل كالأمم المغضوب عليهم (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء : 46] وهذا المعنى من الأهمية بمكان أن نعلم أن لله أن يأمر بما شاء (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف : 54] (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك : 14] فلماذا إذن نتلكأ في تنفيذنا أوامره سبحانه فمن عاش هذا المعنى في الحج أيسأل الله بعد ذلك لماذا يارب حرمت كذا وما الحكمة يارب من هذا الأمر .
المعنى الثالث الإحساس بفيض نعم الله في الحج بداية في إختيارك من ملايين الناس لـتأتي إلى بيته الحرام من غير حول منك ولا قوة إنني والله يا إخواني ما كان لي حتى مجرد التفكير حتى بعمرة فأنا مازلت شاباً لا أملك تكاليف العمرة ولا شيء ولكن كرم الله أوسع من كل شيء سبحان الله يأتيني تعاقد لبلاد الحرمين بدون تدبير منى وأول ما أنزل يكون نزولى على عمرة ومن الله على بالحج بدل المرة مرتين بمنه وكرمه فأي فضل تستشعره في ذلك وأعظم المشاعر حقيقة تكون في عرفات ولها وضع آخر تماماً وإحساس لا أستطيع وصفه إنما هي فيوضات الله على عباده وأنت تخرج من عرفات مطهر من الذنوب تشعر بطمأنينة نفس لا تعادلها لذة من لذات الدنيا كلها .
المعنى الرابع إن كل أمة تفخر بإمتدادها التاريخي وأصلها العرقي ونحن المسلمون لا نفخر بتخوم الأرض ولا نعرات الإنساب العرقية نحن نفخر بإمتدادنا السماوي فنحن على خطى الأنبياء نسير وبهم نقتدي ونتمثل قصتهم في شعائرنا وعبادتنا فهذا نبي الله إبراهيم عليه السلام أبوا الأنبياء نلبي وراءه (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج : 27] فبعد ألاف السنين نلبي وراء إبراهيم عليه السلام ما أجمل هذا الشعور والله لمن ذاقه وهذا شعور المسلم بعد 1400 عام على بعثة النبي محمد يسير على خطاه يستشعر وهو يمشي خطى النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ربما صادف قدمه موضع قدم النبي ياااااااااااااااااااااااه ....... يا له من شعور إننا والله لنشتاق لرؤيته صلى الله عليه وسلم فاللهم إجمعنا به عند الحوض .
المعنى الخامس معنى الهجرة إلى الله أن تستشعر وأنت تارك بلدك وأهلك ومالك لتلبية نداء الله خالقك ورب العالمين يدعوك لزيارة أطهر بقعة في الأرض يا له من معنى .
أما عن المعاني في تأدية المناسك بصورة منفصلة ففيها تفصيل كبير يحضرني منها
أولا الطواف : المشروع في الطواف فقط في السنة هو أن تقول الدعاء (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ما بين الركن اليماني وركن الحجر الأسود ولم يرد أدعية أخرى مأثورة عن النبي غير ذلك فيما أعلم فعن نفسي كنت أدعو في شوطين فقط وفي الأشواط الخمسة الباقية أقضيها في التفكر والنظر إلى الكعبة المشرفة أستحضر تاريخ هذا البيت العظيم بداية من بناء الملائكة له وأعيش مع نبي الله إبراهيم وهو يبني البيت لبنه لبنه وإبنه معه يساعده وترى مقام إبراهيم عليه السلام موضع أقدامه عليه السلام وكأنك تسمعه وهو يدعوا الله وهو يبني (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ [البقرة : 129] وتتعاقب الأجيال والعرب على دين إبراهيم عليه السلام يحجون إلى بيته الحرام حتى يأتي عمرو بن لحي بصنم من الشام ويأمر قومه بعبادته وينتشر الشرك وتصبح هذه الكعبة المشرفة مكان حوله 360 صنم ويغير العرب في دين إبراهيم حتى يحدث حادث الفيل الشهير فتتأكد مكانة هذا البيت عند الله ويكون تمهيداً لبزوغ النور الجديد فيأتي سيل عظيم يأثر في بناء الكعبة فيقرروا إعادة بناء الكعبة من جديد وتقصر أيدهم أن يكملوا البناء على كامل الكعبة فيصبح حجر إسماعيل ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويضع الحجر الأسود في مكانه في القصة المشهورة وهو لم يبعث بعد فتأتي البعثة ويتعرض النبي للإزاء الشديد حتى أنه وهو عند الركن اليماني يصلى جهة البيت المقدس وأمامه الكعبة فيأتي أعداء الله بأمعاء جمل ويضعوه على رأسه الشريفة فتأتي فاطمة رضي الله عنها وتزيل هذا الأذى عن رسول الله وهي تبكي و يقول لها إصبري إن الله ناصر أباك وتعيش مع الأحداث حتى تصل إلى أحداث فتح مكه ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ** وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ** فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً [النصر) الموضوع واسع جداً يمكن البحث الطويل فيه و هذا الكلام وأنت تقرأه الأن غير وأنت تعيشه وتعيش في مكان أحداثه أمامك الكعبة المشرفة فشتان شتان فأنصح كل من يذهب للعمرة أو الحج أن يعرف الأحداث بصورة معمقة أكثر وحقيقة أكثر ما أفادني في ذلك سلسلة السيرة النبوية للدكتور طارق سويدان .
أما عن السعي فهناك معاني في غاية الجمال ونحن نسعى يا إخواني نقتدي بفعل إمرأة مؤمنه عظيمة الإيمان ألا وهي هاجر وهذه مكانة المرأة يا دعاة المرأة لو تعقلون فنعيش يقين هذه المرأة المؤمنة وقد تركها زوجها في مكان موحش مع طفلها وهي تقول له آالله أمرك بهذا يقول نعم إذا لن يضيعنا وينفذ الطعام والشراب وتبحث عن منفذ من الهلاك وتذهب إلى جبل الصفا وإلى جبل المروة وهي معلقة قلبها بالله تعالى ويأتي الفرج وتنبع تحت قدم الطفل الماء كلنا يعلم هذه القصة ولكن عندما في صورة عملية فلابد أن يكون لها في قلبك جولات وجولات ونفس الأمر في رمي الجمرات وموقف الصمود أمام وساوس الشيطان .
هذه بعض الخواطر عن الجانب الإيماني في الحج وهو الجانب الأعظم المقصود من كل شعائر الإسلام وننتقل إلى الجانب الآخر المؤثر في الفرد ألا وهو الجانب الأخلاقي
الجانب الأخلاقي
يتربى المسلمون في الحج وكأنهم في معسكر تدريبي قاسي على الأخلاق العظيمة ففي هذا الإزدحام العظيم والتعب الشديد مطلوب منك الإلتزام الإخلاقي وإلا لفسد حجك (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة : 197] في الحج تتعرض لمواقف شديدة تتأخر الباسات في الطريق بالساعات الطويلة فإصبر وإحتسب وتتعرض لمواقف تحتاج إلى جدال طويل قد يفسد عليك حجك فتتذكر قول الله ولا جدال في الحج .
الجانب الإجتماعي :
في رحلتك هذه تخالط أناس كثيرون مختلفو الثقافة ومتنوعو المشارب تأكل معهم وتنام معهم وتتشاركون في المناسك سوياً فتجد التآلف الروحي بينك وبين جماعات من المسلمين تربطك بهم بعد ذلك علاقة أخوة في الله ما أجملها إذ بدأت هذه الإخوة بأجل طاعة فلم تجتمعون على دنيا ولكنكم اجتمعتم على أجل طاعة فأبشروا بقول النبي ( سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله منهم رجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه ) فما أجمل أن تجمعك أخوة بإخوان من جميع أنحاء الدنيا قد لا تعرف لغته ولكن لغة أخرى ألا وهي الإجتماع على الطاعة .
الجانب الثقافي :
في موسم الحج فرصة عظيمة ليتم تعريف الجاليات المسلمة في كل مكان فتجد فرص جيدة للمحاضرات والمدراسات الشرعية والعلمية ولتوزيع الكتب بجميع لغات العالم .
أثر الحج على المجتمعات والأمة بصورة عامة
شعار هذا المؤتمر الجامع للمسلمين (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج : 28] ففي هذا المؤتمر تبحث أحوال المسلمين في كل أنحاء الدنيا وأنت في هذه الطاعة العظيمة تصور معي كيف سيكون توفيق الله لك وهذا الأمر في الحقيقة معطل يوم جعلنا العبادة صورة بلا جوهر وشكل بلا روح فبداية التصحيح صحة التصور فلابد أن نصحح تصوراتنا عن أعمال الحج لكي نبدأ جميعاً خطوة خطوة في الإصلاح البناء الذي يبني ولا يهدم
[glow=33ff00]هذا وما كان من خطأ أو سو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان[/glow]
إن للحج آثاراً عملية على الفرد الحاج من أربعة جوانب :-
1- الجانب الإيماني :
يعيش الحاج معاني إيمانية عميقة وهو يؤدي هذه الفريضة العظيمة
أول هذه المعاني : تمثل يوم القيامة أمامه ففي هذا الإزدحام الرهيب نتذكر الإزدحام الأكبر يوم القيامة عندما يجتمع الخلق كلهم على صعيد واحد ينتظرون الحساب العظيم على أعمالهم وقد غطى عرقهم منهم على حسب أعمالهم هذا المشهد الذي يصفه الله تبارك وتعالى في قوله في بداية سورة الحج (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج 1-2 عندما نعيش هذه المعاني ونحن نؤدي مناسك الحج وقد لبسنا ملابس تشبه الأكفان نجد أن صورة للقيامة قد تمثلت لنا في صورة مصغرة يدركها حسنا وتتأملها نفوسنا ويعقلها فؤادنا نجد أننا قد أرتقينا إلى حال غير الحال من حال أهل الدنيا إلى حال أهل الآخرة وفي هذا الجو البعيد عن كل أنواع الترف والتزين والبعيد عن موطنك وأهلك ومالك لابد أن نجعل الحج سياحة في عالم الأخرة لترتقي طاعتنا لله تبارك وتعالى .
ثاني المعاني :التي أستحضرها هنا وهو معنى مهم جداً هو شرط الإسلام وحد الإيمان ألا وهو التسليم المطلق لأوامر الله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً [الأحزاب : 36] فهذا الأمر إستحضار عبوديتك لله الواحد الأحد الفرد الصمد وأنك تسلم له أمرك كله فإذا قيل قبل هذا الحجر أو أرجم هذا الحجر أو طوف حول هذا الحجر ما يكون جوابك إلا سمعنا وأطعنا ربنا (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة : 285] ولا نفعل كالأمم المغضوب عليهم (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء : 46] وهذا المعنى من الأهمية بمكان أن نعلم أن لله أن يأمر بما شاء (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف : 54] (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك : 14] فلماذا إذن نتلكأ في تنفيذنا أوامره سبحانه فمن عاش هذا المعنى في الحج أيسأل الله بعد ذلك لماذا يارب حرمت كذا وما الحكمة يارب من هذا الأمر .
المعنى الثالث الإحساس بفيض نعم الله في الحج بداية في إختيارك من ملايين الناس لـتأتي إلى بيته الحرام من غير حول منك ولا قوة إنني والله يا إخواني ما كان لي حتى مجرد التفكير حتى بعمرة فأنا مازلت شاباً لا أملك تكاليف العمرة ولا شيء ولكن كرم الله أوسع من كل شيء سبحان الله يأتيني تعاقد لبلاد الحرمين بدون تدبير منى وأول ما أنزل يكون نزولى على عمرة ومن الله على بالحج بدل المرة مرتين بمنه وكرمه فأي فضل تستشعره في ذلك وأعظم المشاعر حقيقة تكون في عرفات ولها وضع آخر تماماً وإحساس لا أستطيع وصفه إنما هي فيوضات الله على عباده وأنت تخرج من عرفات مطهر من الذنوب تشعر بطمأنينة نفس لا تعادلها لذة من لذات الدنيا كلها .
المعنى الرابع إن كل أمة تفخر بإمتدادها التاريخي وأصلها العرقي ونحن المسلمون لا نفخر بتخوم الأرض ولا نعرات الإنساب العرقية نحن نفخر بإمتدادنا السماوي فنحن على خطى الأنبياء نسير وبهم نقتدي ونتمثل قصتهم في شعائرنا وعبادتنا فهذا نبي الله إبراهيم عليه السلام أبوا الأنبياء نلبي وراءه (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج : 27] فبعد ألاف السنين نلبي وراء إبراهيم عليه السلام ما أجمل هذا الشعور والله لمن ذاقه وهذا شعور المسلم بعد 1400 عام على بعثة النبي محمد يسير على خطاه يستشعر وهو يمشي خطى النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ربما صادف قدمه موضع قدم النبي ياااااااااااااااااااااااه ....... يا له من شعور إننا والله لنشتاق لرؤيته صلى الله عليه وسلم فاللهم إجمعنا به عند الحوض .
المعنى الخامس معنى الهجرة إلى الله أن تستشعر وأنت تارك بلدك وأهلك ومالك لتلبية نداء الله خالقك ورب العالمين يدعوك لزيارة أطهر بقعة في الأرض يا له من معنى .
أما عن المعاني في تأدية المناسك بصورة منفصلة ففيها تفصيل كبير يحضرني منها
أولا الطواف : المشروع في الطواف فقط في السنة هو أن تقول الدعاء (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ما بين الركن اليماني وركن الحجر الأسود ولم يرد أدعية أخرى مأثورة عن النبي غير ذلك فيما أعلم فعن نفسي كنت أدعو في شوطين فقط وفي الأشواط الخمسة الباقية أقضيها في التفكر والنظر إلى الكعبة المشرفة أستحضر تاريخ هذا البيت العظيم بداية من بناء الملائكة له وأعيش مع نبي الله إبراهيم وهو يبني البيت لبنه لبنه وإبنه معه يساعده وترى مقام إبراهيم عليه السلام موضع أقدامه عليه السلام وكأنك تسمعه وهو يدعوا الله وهو يبني (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ [البقرة : 129] وتتعاقب الأجيال والعرب على دين إبراهيم عليه السلام يحجون إلى بيته الحرام حتى يأتي عمرو بن لحي بصنم من الشام ويأمر قومه بعبادته وينتشر الشرك وتصبح هذه الكعبة المشرفة مكان حوله 360 صنم ويغير العرب في دين إبراهيم حتى يحدث حادث الفيل الشهير فتتأكد مكانة هذا البيت عند الله ويكون تمهيداً لبزوغ النور الجديد فيأتي سيل عظيم يأثر في بناء الكعبة فيقرروا إعادة بناء الكعبة من جديد وتقصر أيدهم أن يكملوا البناء على كامل الكعبة فيصبح حجر إسماعيل ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويضع الحجر الأسود في مكانه في القصة المشهورة وهو لم يبعث بعد فتأتي البعثة ويتعرض النبي للإزاء الشديد حتى أنه وهو عند الركن اليماني يصلى جهة البيت المقدس وأمامه الكعبة فيأتي أعداء الله بأمعاء جمل ويضعوه على رأسه الشريفة فتأتي فاطمة رضي الله عنها وتزيل هذا الأذى عن رسول الله وهي تبكي و يقول لها إصبري إن الله ناصر أباك وتعيش مع الأحداث حتى تصل إلى أحداث فتح مكه ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ** وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ** فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً [النصر) الموضوع واسع جداً يمكن البحث الطويل فيه و هذا الكلام وأنت تقرأه الأن غير وأنت تعيشه وتعيش في مكان أحداثه أمامك الكعبة المشرفة فشتان شتان فأنصح كل من يذهب للعمرة أو الحج أن يعرف الأحداث بصورة معمقة أكثر وحقيقة أكثر ما أفادني في ذلك سلسلة السيرة النبوية للدكتور طارق سويدان .
أما عن السعي فهناك معاني في غاية الجمال ونحن نسعى يا إخواني نقتدي بفعل إمرأة مؤمنه عظيمة الإيمان ألا وهي هاجر وهذه مكانة المرأة يا دعاة المرأة لو تعقلون فنعيش يقين هذه المرأة المؤمنة وقد تركها زوجها في مكان موحش مع طفلها وهي تقول له آالله أمرك بهذا يقول نعم إذا لن يضيعنا وينفذ الطعام والشراب وتبحث عن منفذ من الهلاك وتذهب إلى جبل الصفا وإلى جبل المروة وهي معلقة قلبها بالله تعالى ويأتي الفرج وتنبع تحت قدم الطفل الماء كلنا يعلم هذه القصة ولكن عندما في صورة عملية فلابد أن يكون لها في قلبك جولات وجولات ونفس الأمر في رمي الجمرات وموقف الصمود أمام وساوس الشيطان .
هذه بعض الخواطر عن الجانب الإيماني في الحج وهو الجانب الأعظم المقصود من كل شعائر الإسلام وننتقل إلى الجانب الآخر المؤثر في الفرد ألا وهو الجانب الأخلاقي
الجانب الأخلاقي
يتربى المسلمون في الحج وكأنهم في معسكر تدريبي قاسي على الأخلاق العظيمة ففي هذا الإزدحام العظيم والتعب الشديد مطلوب منك الإلتزام الإخلاقي وإلا لفسد حجك (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة : 197] في الحج تتعرض لمواقف شديدة تتأخر الباسات في الطريق بالساعات الطويلة فإصبر وإحتسب وتتعرض لمواقف تحتاج إلى جدال طويل قد يفسد عليك حجك فتتذكر قول الله ولا جدال في الحج .
الجانب الإجتماعي :
في رحلتك هذه تخالط أناس كثيرون مختلفو الثقافة ومتنوعو المشارب تأكل معهم وتنام معهم وتتشاركون في المناسك سوياً فتجد التآلف الروحي بينك وبين جماعات من المسلمين تربطك بهم بعد ذلك علاقة أخوة في الله ما أجملها إذ بدأت هذه الإخوة بأجل طاعة فلم تجتمعون على دنيا ولكنكم اجتمعتم على أجل طاعة فأبشروا بقول النبي ( سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله منهم رجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه ) فما أجمل أن تجمعك أخوة بإخوان من جميع أنحاء الدنيا قد لا تعرف لغته ولكن لغة أخرى ألا وهي الإجتماع على الطاعة .
الجانب الثقافي :
في موسم الحج فرصة عظيمة ليتم تعريف الجاليات المسلمة في كل مكان فتجد فرص جيدة للمحاضرات والمدراسات الشرعية والعلمية ولتوزيع الكتب بجميع لغات العالم .
أثر الحج على المجتمعات والأمة بصورة عامة
شعار هذا المؤتمر الجامع للمسلمين (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج : 28] ففي هذا المؤتمر تبحث أحوال المسلمين في كل أنحاء الدنيا وأنت في هذه الطاعة العظيمة تصور معي كيف سيكون توفيق الله لك وهذا الأمر في الحقيقة معطل يوم جعلنا العبادة صورة بلا جوهر وشكل بلا روح فبداية التصحيح صحة التصور فلابد أن نصحح تصوراتنا عن أعمال الحج لكي نبدأ جميعاً خطوة خطوة في الإصلاح البناء الذي يبني ولا يهدم
[glow=33ff00]هذا وما كان من خطأ أو سو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان[/glow]
تعليق