الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..
من الظواهر الموجودة في منتدياتنا : أن ينقل المسلم خبرًا عن إنحراف هذا القسيس أو ذاك . ويتبع ذلك - غالبـًا - سخرية المشاركين تعليقـًا على الخبر .
وقد وجدت الناس انقسموا فريقين إزاء تقويم المسألة ..
من الظواهر الموجودة في منتدياتنا : أن ينقل المسلم خبرًا عن إنحراف هذا القسيس أو ذاك . ويتبع ذلك - غالبـًا - سخرية المشاركين تعليقـًا على الخبر .
وقد وجدت الناس انقسموا فريقين إزاء تقويم المسألة ..
- فالفريق الأول استحسنوا ذلك ، وفتحوا الباب على آخره ، وصار كل خبر عن انحراف فرد هو دليل قاطع على فساد دينه .
- والفريق الثاني استقبحوا ذلك ، ورأوا أن الدين - أي دين - لا يتحمل وزر انحراف بعض أفراده ، ولا تلازم بين فساد الفرد وفساد دينه .
- والفريق الثاني استقبحوا ذلك ، ورأوا أن الدين - أي دين - لا يتحمل وزر انحراف بعض أفراده ، ولا تلازم بين فساد الفرد وفساد دينه .
فأدلي بدلوي في المسألة ، بما أحسبه قولاً وسطـًا عدلاً بإذن الله .. فأقول :
إذا رأينا فردًا فاسدًا ، فالأصل ألا يدل هذا على فساد دينه .. وإلا لزم من هذا فساد الإسلام - عياذًا بالله - لأن بعض أفراده منحرفون بيقين .
لكن قد نخرج عن هذا الأصل ونستدل بفساد الفرد على فساد دينه ، لأحد أمرين :
الأمر الأول : أن تكون تعاليم هذا الدين هي التي أنتجت فساد هذا الفرد ..
ويحصل هذا على صورتين :
الصورة الأولى : أن يتبع الفرد تعاليم دينه فيفسد ..
ومثال ذلك أن يأمره دينه بشرب الخمر ، فيتبعه ، فيصير فاسدًا مفسدًا ، فنستدل على فساد دينه بفساد هذا الفرد ، لأنه يمثل تعاليم دينه .. ولا ينسحب هذا على المسلمين المنحرفين ، فلا يمكن الاستدلال على فساد الإسلام بشرب بعض أفراده للخمر ، لأن الإسلام حرم الخمر ، فالمسلم حين انحرف إنما خالف تعاليم الإسلام ، بخلاف الفرد المذكور فإنه اتبع تعاليم دينه .
ويلحق بهذه الصورة : أن هذا الدين يفتح الباب ، فلا حرج على الفرد إن دخله ..
ومثال ذلك أن يسمح الدين للقسيس بالانفراد بالنساء .. فإذا أتانا خبر زنا القس بالنساء ، كان ذلك دليلاً على فساد دينه .. لأنه ، وإن كان دينه يحرم الزنا ، إلا أن دينه به خلل إذ لم يحرم مقدمات الزنا من الخلوة بالنساء وما شابه ، ولم يسد الذرائع ، والتشريع الإلهي كامل الحكمة .
الصورة الثانية : أن يخالف الفرد تعاليم دينه ، لكن هذه التعاليم لا يمكن اتباعها غالبـًا ..
ومثال ذلك : زنى الرهبان .. فإن النصرانية وإن كانت تحرم الزنا ، لكنها استحبت وحثت على الرهبانية وجعلت الزواج دونها في الفضيلة .. ثم هذه الرهبنة ليس بوسع أغلب البشر اتباعها ، لا سيما مع تجويزهم خلطة الراهبات بالرجال ، فيلزم ولا بد فساد الرهبان .. ففساد الرهبان هنا ناتج عن محاولتهم اتباع تعاليم ليست بإمكانهم أصلاً .. فالدين هنا يتحمل وزر هذه التعاليم التي حث أتباعه عليها مع عدم صلاحيتها للتطبيق ، فمن الطبيعي أن يقعوا في ضدها .
الصورة الأولى : أن يتبع الفرد تعاليم دينه فيفسد ..
ومثال ذلك أن يأمره دينه بشرب الخمر ، فيتبعه ، فيصير فاسدًا مفسدًا ، فنستدل على فساد دينه بفساد هذا الفرد ، لأنه يمثل تعاليم دينه .. ولا ينسحب هذا على المسلمين المنحرفين ، فلا يمكن الاستدلال على فساد الإسلام بشرب بعض أفراده للخمر ، لأن الإسلام حرم الخمر ، فالمسلم حين انحرف إنما خالف تعاليم الإسلام ، بخلاف الفرد المذكور فإنه اتبع تعاليم دينه .
ويلحق بهذه الصورة : أن هذا الدين يفتح الباب ، فلا حرج على الفرد إن دخله ..
ومثال ذلك أن يسمح الدين للقسيس بالانفراد بالنساء .. فإذا أتانا خبر زنا القس بالنساء ، كان ذلك دليلاً على فساد دينه .. لأنه ، وإن كان دينه يحرم الزنا ، إلا أن دينه به خلل إذ لم يحرم مقدمات الزنا من الخلوة بالنساء وما شابه ، ولم يسد الذرائع ، والتشريع الإلهي كامل الحكمة .
الصورة الثانية : أن يخالف الفرد تعاليم دينه ، لكن هذه التعاليم لا يمكن اتباعها غالبـًا ..
ومثال ذلك : زنى الرهبان .. فإن النصرانية وإن كانت تحرم الزنا ، لكنها استحبت وحثت على الرهبانية وجعلت الزواج دونها في الفضيلة .. ثم هذه الرهبنة ليس بوسع أغلب البشر اتباعها ، لا سيما مع تجويزهم خلطة الراهبات بالرجال ، فيلزم ولا بد فساد الرهبان .. ففساد الرهبان هنا ناتج عن محاولتهم اتباع تعاليم ليست بإمكانهم أصلاً .. فالدين هنا يتحمل وزر هذه التعاليم التي حث أتباعه عليها مع عدم صلاحيتها للتطبيق ، فمن الطبيعي أن يقعوا في ضدها .
الأمر الثاني الذي يخرجنا عن الأصل الذي قررناه هو "الكم" ..
فإن الأمر يهون لو اقتصر على "بعض" الأفراد .. أما لو صار ظاهرة غالبة متفشية .. فيستحق الوقفة ..
فلو أثبتنا فساد كثير من القساوسة لكان ذلك دليلاً على فساد النصرانية ، لا سيما إذا قارنا حالهم بحال المسلمين ..
وذلك أن النصارى يقر كتابهم بمبدأ "من ثمارهم تعرفونهم" .. فهم مقرون بأن النبي الكاذب ثماره رديئة ، والنبي الصادق ثماره حسنة .. فما بال يسوعهم كثرت ثماره الرديئة ؟!
وهذا طريق وضحه علماؤنا في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ..
فإن النصارى يزعمون كذب نبوة المصطفى عليه الصلاة والسلام .. فنقول لهم :
فما بال ثماره فاقت ثمار يسوعكم في الخير والبر ؟ .. وما بال ثمار يسوعكم فاقت ثمار المصطفى في الفساد والانحراف ؟
والكم هنا معتبر ..
إذ لا يمكن أن يكون أتباع النبي الكاذب من الخير بما يساوي الخير الذي في أتباع النبي الصادق ، فضلاً عن أن يفوقونهم في الخير .. بل لا يمكن لأتباع النبي الكاذب ، ولو كانوا دون أتباع الصادق في الخيرية ، أن يقاربوهم .. فالمقاربة ممتنعة ، فضلاً عن المساواة ، فضلاً عن التفوق ..
فإذا أثبتنا أن أتباع المصطفى عليه السلام تفوقوا على أتباع المسيح - وهو عندهم نبي صادق - في الخير والبر ، لزم من هذا صدق نبوة المصطفى عليه السلام ، ولا بد .. بل يكفينا في هذا المقام إثبات المساواة ، بل إثبات المقاربة ولو مع الدونية ..
وإثبات هذا سهل ميسور بإذن الله .. خذ مثلاً شرب الخمر .. فإن أمة الإسلام في مجملها لا تشرب الخمر ، حتى صار ذلك شعارًا لها تُعرف به بين الأمم وأهل الملل الأخرى .. والذين انحرفوا من المسلمين وشربوا الخمر ، هم قلة - مهما كان عددهم - بالنسبة إلى مجموع الأمة .. والذي يعنينا في هذا المقام : نسبتهم إلى شاربي الخمر من أمة المسيح .. فإن أمم المسيح - حتى قبل عصور النهضة - كان شرب الخمر شعارًا لهم ، وإدمان الخمر شائع بينهم ..
فالموازنة بين ثمار محمد وثمار المسيح عليهما السلام تثبت صدق نبوة المصطفى عليه السلام ولا بد .. فلا يمكن أن يكون محمد نبيـًا كاذبـًا - صلى الله عليه وسلم - وقد نجحت تعاليمه في ترويض الأمم كل هذا النجاح ، حتى فاق ثمار النبي الصادق المسيح عليه السلام ..
فلا يمكن الاعتراف بنبوة المسيح إلا وتثبت نبوة محمد عليهما السلام من باب أولى .
ووازن مثلاً بين ما يُذكر عن انحرافات القساوسة والرهبان ليل نهار .. وليس عندنا - بفضل الله - عشر معشار العشر من جنس هذا فيما يخص علمائنا وعبادنا .. لأن أهل الحق خيارهم علماؤهم .. وأهل الباطل شرارهم علماؤهم .. فاحفظ ولا تفوتك هذه الدرة .
وعلاقة هذا بموضوعنا أنه تظهر به الإفادة من نقل أخبار انحرافات النصارى ، لأنه وإن كانت الأخبار القليلة قد لا تنتج الدلالة ، لكن الأخبار الكثيرة تنتجها ولا بد كما بينا .
بالطبع لا نترك الحبل على الغارب ، بل نشترط أمورًا في نقل هذه الأخبار :
منها مثلاً : التوثيق ..
ومنها : بيان الدلالة التي بيناها ، حتى لا يظن القارئ أننا نستدل بفساد فرد على فساد الديانة ، بل نبين له وجه الدلالة .. أي يكون هدفنا إثبات صحة الإسلام ، وليس مجرد "الشماتة" في النصارى ..
ومنها : منع السخرية التي تغلب المشاركين بعد الخبر .. إذ ليس هدفنا مجرد التندر ، ولكن إثبات صحة الدين .. كذلك فإن "البدء" بالسخرية ، بخلاف أنه ممنوع شرعـًا ، فإنه أفضل وسيلة لصد الناس عن الحق ..
ومنها : البعد عن الصور المشينة .. ما دام يمكن نقل الخبر وتوثيقه بدون هذه المفسدة ، ولا ضرورة لارتكابها ..
هذا .. والله أعلى وأعلم ، بغيبه وأحكم .
تعليق