ماذا تفعل عندما يواجهك المحاور بسيل من الأكاذيب؟!
إن الأشخاص الذين ينشطون في المنتديات الحوارية لنشر الشبهات والشائعات والأكاذيب، والذين يمكن أن نطلق عليهم "العناصر المحرضة"، يتقاضون أجراً على ذلك، وبالتالي فهم لا يشعرون بأنهم يخسرون الوقت الذي يقضونه في أداء مهامهم ولا الجهد الذي يبذلونه في محاورة الآخرين، حتى وإن قضى هؤلاء الساعات الطويلة في الحوار والنقاش والجدل العقيم، وذلك لأنهم لا يقومون بذلك تطوعاً، وإنما تلك هي وظيفتهم التي تعود عليهم بالربح الوفير.
ولذلك لا بد من التركيز على الحالة النفسية للعناصر التحريضية بدلاً من التركيز على محاورتهم ومناقشتهم، خاصة أنهم لا يبحثون عن الحقيقة، وإنما يعملون على طمسها أو تشويهها، ويسعون لإساءة تفسير الأحدث والاستدلال الخاطئ من مواقف وتصريحات الطرف الذي يحاربونه. وللتأثير سلبياً على نفسية هؤلاء المحرضين، لا بد من إقناعهم أن جدالهم وحوارهم لا فائدة منه، وأنهم عاجزون عن إنجاز مهامهم أو تحقيق أغراضهم، وأن الفئة التي يستهدفونها بدعايتهم التحريضية لا تقتنع بما يطرحونه من شبهات وإشاعات وأكاذيب، ولا تهتم بمادتهم التحريضية، ولا تشك في زيف دعايتهم التحريضية وبطلانها.
وهناك أساليب عديدة لمواجهة هذه العناصر المحرضة التي تتسم بالنشاط الفائق والنفس الطويل وتحاول استنزاف من يتصدى لها وإنهاكه والتأثير على الناس العاديين:
أولاً: التجاهل
ربما نحتاج إلى هذا الأسلوب للحفاظ على الوقت والجهد وعدم الانجرار وراء جدل لا فائدة منه، خاصة عندما يسوق المحرض في مشاركاته أكاذيب وشائعات قديمة وبالية تم الرد عليها مراراً. وهناك عدة خطوات تساعد في تجاهل هذا النوع من العناصر المحرضة مثل:
1. عدم الاهتمام بما يطرحه هؤلاء المحرضون والمرجفون والتعامل معهم ببرودة شديدة والاكتفاء بالرد عليهم بكلمات قليلة تنطوي على التقليل من أهمية أفكارهم وطرحهم، كالقول بأن ما يطرحونه هو مجرد أوهام وظنون مهترئة، أو أن ما يطرحونه هو مجرد أفكار قديمة وبالية، أو أنها اتهامات لا دليل عليها وتناقض الواقع وتتعارض مع حقيقة الأحداث والوقائع.
2. تأجيل الرد على المحرض إلى الأيام التالية كي يشعر أن أفكاره المطروحة تافهة ولا تستفز الفئة التي يستهدفها أو تثير اهتماماتهم.
3. الطلب من المحرض تقديم أدلته والحقائق التي يزعم أنه يستند إليها فيما يطرحه من شبهات أو يثيره من اتهامات.
4. إبراز الأخطاء اللغوية والنحوية والفكرية والتاريخية والسياسية التي تتضمنها مشاركة هؤلاء المحرضين واعتمادها دليل على جهل المحرض وعدم إلمامه بالبديهيات من المعلومات والحقائق والمعرفة.
ثانياً: الاستنزاف
في بعض الأحيان لا بد من استنزاف العناصر المحرضة وإرباكها وإغراقها في النقاش واستهلاك طاقاتها الفكرية، ويكون ذلك من خلال:
1- إغراق المحرض بسيل من الأسئلة الحقيقية والمهمة وإجباره على الإجابة عليها إجابة وافية، فإن لم يفعل ذلك نوجه إليه الاتهام بالهروب أو الانسحاب والاستسلام.
2- توجيه مجموعة من الأعضاء لملاحقة المحرض ومحاورته بشكل سريع ومكثف وعدم إعطائه الفرصة للاستراحة.
3- الرد على شبهات المحرض وإشاعاته وأكاذيبه بالتقسيط وبالتدرج بحيث يتم الإجابة على كل شبهة في مشاركة مستقلة مع توجيه أسئلة محددة في كل مشاركة لإرباكه وتشتيت انتباهه.
4- فتح عدد من المواضيع التي يناقش كل واحد منها شبهات المحرض وإشاعاته واتهاماته بحيث تحتوي هذه المواضيع على حقائق عديدة ومعلومات وافية.
5- الاستعانة بمقالات أو مواضيع تم نشرها سابقاً أو مناقشتها حول نفس الشبهات والاتهامات التي يثيرها المحرض.
6- تشعيب الموضوع وتحويله إلى مسار آخر لا يروق للمحرض الدخول فيه ومناقشة قضاياه.
ثالثاً: الصدمة
1- البحث عن تناقض واضح في طرح المحرضين والاستدلال به على التناقض الذي ينطوي عليه موضع المحرضين ومنافاتها للحقيقة والواقع والمنطق.
2- البحث في مشاركات قديمة للمحرض طرحها في مواضيع أخرى عن آراء له تبرز التناقض في طرحه وأفكاره وتدلل على سوء نيته وأنه مجرد مشكك وناشر للإشاعات الباطلة.
3- مواجهة المحرضين بالسلوك المشين للجهات التي يروجون لها ويدافعون عنها كي يدركوا تفاهة مقاصدهم وأهدافهم.
4- إرسال عدد من الرسائل الخاصة للمحرض تتضمن نوع من اللوم والتوبيخ ونصائح له بالكف عن الدفاع عن تلك الفئات الموالية لأعداء الأمة وتذكيره بحرمة ما يقوم به.
5- مواجهة المحرضين بصور أو تصريحات مسجلة أو مصورة تكشف تورط من يدافعون عنهم في خدمة أعداء الأمة أو إثارة الفتنة أو تآمرهم أو زندقتهم.
رابعاً: المواجهة
نضطر أحياناً إلى المواجهة الحقيقية مع العناصر المحرضة لتفنيد الشبهات التي تثيرها والاتهامات التي توجهها والشائعات التي تنشرها، خاصة إذا اتبعت تلك العناصر المحرضة أسلوباً موضوعياً وعلمياً ومنطقياً في حوارها وابتعدت عن الغوغائية، وهي حالة نادرة جداً، ففي هذه الحالة لا بد من المواجهة. وتتيح هذه الحالة تتيح لنا فرصة جيدة لإيصال رسالتنا وأفكارنا وقناعاتنا إلى العناصر المحرضة، ورغم صعوبة اقتناع هذه العناصر والتخلي عن فكرها، فلا شك أن المشاركين في الحوار والمراقبين للنقاش من الناس العاديين ستتولد لديهم قناعات إيجابية حول أفكارنا، وسيساعدهم ذلك في رفض الشبهات المثارة والشائعات المغرضة والاتهامات الباطلة.
وهناك عدة خطوات تساعد في الانتصار في تلك المواجهة:
1- دعوة أعضاء يتسمون بسعة الصدر والحكمة والصبر ولهم باع طويل في النقاش الموضوعي والمنطقي ولديهم اطلاع واسع وثقافة متينة للحوار مع هذه العناصر التحريضية.
2- التركيز الشديد على الأدلة التي يسوقها هؤلاء المحرضون والرد عليها بالحجة والبرهان والدليل دون استعجال أو اختصار أو استهتار.
3- إبراز التناقضات في المنهج والسلوك والمواقف التي اتسمت بها الجهة التي يدافع عنها المحرضون تاريخياً.
4- التركيز على الاختلاف في المنطلقات الفكرية التي يتخذها المحرض في وجهات نظره وقناعاته، خاصة مع المحرضين الذين يمتلكون حقلاً من المفاهيم الخارجة عن ثقافتنا والمناقضة لديننا الحنيف.
ملاحظات:
من المؤكد أن للعامل النفسي أهمية كبيرة في الدافعية لدى العناصر المحرضة لمواصلة النقاش والحوار، وفي بعض الأحيان قد تلجأ بعض العناصر المحرضة إلى استخدام طرق ملتوية للحصول على التأييد المعنوي والنفسي ذاتي، فيدخل العضو باسم زائف فقط ليثني على نفسه ويشكرها ويؤيدها. وقد تعمل العناصر المحرضة ضمن فريق واحد، فتجد أن أحد الأعضاء يناقش ويحاور ويقوم عضو آخر بمساندته ويشكره ويثني عليه ويحترمه ويوقره، ويقوم عضو ثالث بتوبيخ من لا يعامل العضو الأول باحترام مباشرة أو من خلال رسالة خاصة... وهكذا.
تعليق