بسم الله الرحمن الرحيم
سورة طه .. وما أدراك ما سورة طه
أحب السور إلى قلبى .. كانت آياتها الأولى سبباً فى إسلام سيدنا عمر بن الخطاب.
تناولت ضمن ما تناولته قصة سيدنا موسى عليه السلام .. ذلك الذى وصفه الله تعالى بالوجاهة فقال : وكان عند الله وجيها .. وصاغ الله تعالى آية الوجاهة هذه بلفظ (كان) الذى يعنى أنه فى الأزل مكتوب أن موسى وجيه الله.
اقرأ وتدبر
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)
هذا هو الرجل موسى الإنسان الشفوق على أهل بيته يخاف أن يمسهم سوء فهو لا يعلم ماذا سيجد عند النار ، فآثر سلامة أهل بيته.
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
أحلى ما قيل فى (اخلع نعليك) أنها تأدب العبد للمعبود .. فهو فى حضرة ملك الملوك ورب العالمين .. فإن كان خلع القبعة أو خلع الجاكت نوع من الإجلال فى حضرة الملك فخلع النعل أقوى وأشد.
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)
كان موقفاً عصيباً أن وجد سيدنا موسى نفسه يخاطب الله تعالى .. ويسمعه حقيقة يقول له : إننى أنا الله .. زلزال نفسى ليس له مثيل .. والله أعلم بما قاله لنبيه ولم يخبرنا به رب العزة ..
وهنا سأله : وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى. وهو سؤال ملفت غير مجرى الحديث تماما ضم عدة فوائد :
أولها : تخفيف حدة الموقف .. حيث تحول الموضوع إلى حوار هادئ بين الرب والعبد .. يستأنس به العبد من رهبة الموقف.
ثانيها : تهيئة النبى لما سيحدث بعدها .. كأنه يؤكد على أنه يتعامل مع جماد فانظر ماذا سنفعل بالجماد ياموسى.
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18)
وانظر إلى الإجابة : لقد نسى سينا موسى رهبة الموقف فأخذ يعدد فوائد عصاه.
ومن اللطائف قول أحدهم : إن زوجتى كعصا موسى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى (يقصد عياله) ولى فيها مآرب أخرى.
فرد عليه أحدهم يقول : أخشى أن تنقلب عليك حية.
قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى (21)
الخوف سمة حياة نبي الله موسى حتى قبل ولادته :
- فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم
- ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين
- فأصبح فى المدينة خائفاً يترقب
- قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أي يطغى
- قال لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى
- فأوجس فى نفسه خيفة موسى
وتكرار لفظ الخوف فى قصته يدل أيما دلالة على ظروف العصر الذي كان يعيشه ساعتها بنى إسرائيل عامة ، ونبي الله موسى خاصة.
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
لم يقل الله تعالى (واصطنعتك لى) أو (واصطنعتك لرسالتى) ولكنه يفيض عليه من إحساس الثقة والمسئولية والشموخ والعزة بقوله (لنفسى) ، تخيل لو قال لك رئيسك فى العمل (أنت رَجُلى) .. ماهو إحساسك تجاهه وتجاه نفسك. فما بالك بموسى وهو يسمع أن الله بجلال وجهه وعظيم سلطانه اتخذه لنفسه تعالى.
فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)
يقولون أن (تنازعوا) أى تشاورا وأقول لا : لا يصلح أبداً أن تحل كلمة تشاورا محل تنازعوا
(وهكذا كل القرآن فكل كلمة وحرف فى موضعها لو استبدلت لتغير كل شيء)
تنازعوا تصف تماماً الموقف الذى عليه آل فرعون والسحرة من قضية موسى ، فاختلفوا فيه فنهم من كان يؤمن به ، ومنهم من اعتبره ذلك الوافد الذى سيهد أركان الملك ، وكان نقاشهم واختلافهم من الحدة بحيث وصفه الله سبحانه بالنزاع.
قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)
وكأن فرعون وأهله يستحثون السحرة أن يخرجوا كل ما فى جعبتهم من سحر ، فهم يخوفونهم من أن موسى وأخيه هارون سحرة كبار طريقتهم فى السحر ستهدم طريقة سحرة مصر ، وكأن فرعون يشخص الموقف وينقله نقلة نفسية خطيرة خبيثة من مجرد خدمة فرعون إلى الحفاظ على لقمة العيش والحفاظ على المكانة والكرامة فى وطنهم مصر.
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68)
قارن بين مفهوم العلو فى الحالتين :
الأولى : استعمل الله فيها ميزان (استفعل) أى طلب الفعل ، فمنزلتهم فى نظر الفرعون دانية ، فيقول الفرعون : إنكم بوقوفكم فى وجه موسى وهزيمتكم له فإننى سأرفعكم فى أعلى المراتب.
فى المقابل : يقول الله تعالى لنبيه الكليم .. أنت عندى الأعلى .. مكتوب عندى أزلياً أنك أنت الأعلى .. فى عينى وحفظى فهل يخاف العالى من الدانى يا موسى ؟؟؟
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)
تحدثنا فيها باستفاضة من قبل على هذا الرابط
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=10356
المشاركة 7
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)
ما أروع البيان ... وما أحلاه لمن يفهمه ..
الآية مقسمة إلى ميزان كلمى موسيقى رائع
(وألق ما في يمينك) ، (تلقف ما صنعوا) جمل قصيرة قوية حازمة قاضية .. تبدأ بأفعال مجزومة ، توحى بقضاء الأمر وانتهاءه.
(إنما صنعوا كيد ساحر) ، (ولا يفلح الساحر حيث أتى)
وهنا على النقيض .. بسط فى الكلام يصيغه فى أسلوب الحكمة ..
تحياتى لكم ..
سورة طه .. وما أدراك ما سورة طه
أحب السور إلى قلبى .. كانت آياتها الأولى سبباً فى إسلام سيدنا عمر بن الخطاب.
تناولت ضمن ما تناولته قصة سيدنا موسى عليه السلام .. ذلك الذى وصفه الله تعالى بالوجاهة فقال : وكان عند الله وجيها .. وصاغ الله تعالى آية الوجاهة هذه بلفظ (كان) الذى يعنى أنه فى الأزل مكتوب أن موسى وجيه الله.
اقرأ وتدبر
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)
هذا هو الرجل موسى الإنسان الشفوق على أهل بيته يخاف أن يمسهم سوء فهو لا يعلم ماذا سيجد عند النار ، فآثر سلامة أهل بيته.
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
أحلى ما قيل فى (اخلع نعليك) أنها تأدب العبد للمعبود .. فهو فى حضرة ملك الملوك ورب العالمين .. فإن كان خلع القبعة أو خلع الجاكت نوع من الإجلال فى حضرة الملك فخلع النعل أقوى وأشد.
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)
كان موقفاً عصيباً أن وجد سيدنا موسى نفسه يخاطب الله تعالى .. ويسمعه حقيقة يقول له : إننى أنا الله .. زلزال نفسى ليس له مثيل .. والله أعلم بما قاله لنبيه ولم يخبرنا به رب العزة ..
وهنا سأله : وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى. وهو سؤال ملفت غير مجرى الحديث تماما ضم عدة فوائد :
أولها : تخفيف حدة الموقف .. حيث تحول الموضوع إلى حوار هادئ بين الرب والعبد .. يستأنس به العبد من رهبة الموقف.
ثانيها : تهيئة النبى لما سيحدث بعدها .. كأنه يؤكد على أنه يتعامل مع جماد فانظر ماذا سنفعل بالجماد ياموسى.
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18)
وانظر إلى الإجابة : لقد نسى سينا موسى رهبة الموقف فأخذ يعدد فوائد عصاه.
ومن اللطائف قول أحدهم : إن زوجتى كعصا موسى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى (يقصد عياله) ولى فيها مآرب أخرى.
فرد عليه أحدهم يقول : أخشى أن تنقلب عليك حية.
قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى (21)
الخوف سمة حياة نبي الله موسى حتى قبل ولادته :
- فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم
- ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين
- فأصبح فى المدينة خائفاً يترقب
- قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أي يطغى
- قال لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى
- فأوجس فى نفسه خيفة موسى
وتكرار لفظ الخوف فى قصته يدل أيما دلالة على ظروف العصر الذي كان يعيشه ساعتها بنى إسرائيل عامة ، ونبي الله موسى خاصة.
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
لم يقل الله تعالى (واصطنعتك لى) أو (واصطنعتك لرسالتى) ولكنه يفيض عليه من إحساس الثقة والمسئولية والشموخ والعزة بقوله (لنفسى) ، تخيل لو قال لك رئيسك فى العمل (أنت رَجُلى) .. ماهو إحساسك تجاهه وتجاه نفسك. فما بالك بموسى وهو يسمع أن الله بجلال وجهه وعظيم سلطانه اتخذه لنفسه تعالى.
فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)
يقولون أن (تنازعوا) أى تشاورا وأقول لا : لا يصلح أبداً أن تحل كلمة تشاورا محل تنازعوا
(وهكذا كل القرآن فكل كلمة وحرف فى موضعها لو استبدلت لتغير كل شيء)
تنازعوا تصف تماماً الموقف الذى عليه آل فرعون والسحرة من قضية موسى ، فاختلفوا فيه فنهم من كان يؤمن به ، ومنهم من اعتبره ذلك الوافد الذى سيهد أركان الملك ، وكان نقاشهم واختلافهم من الحدة بحيث وصفه الله سبحانه بالنزاع.
قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)
وكأن فرعون وأهله يستحثون السحرة أن يخرجوا كل ما فى جعبتهم من سحر ، فهم يخوفونهم من أن موسى وأخيه هارون سحرة كبار طريقتهم فى السحر ستهدم طريقة سحرة مصر ، وكأن فرعون يشخص الموقف وينقله نقلة نفسية خطيرة خبيثة من مجرد خدمة فرعون إلى الحفاظ على لقمة العيش والحفاظ على المكانة والكرامة فى وطنهم مصر.
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68)
قارن بين مفهوم العلو فى الحالتين :
الأولى : استعمل الله فيها ميزان (استفعل) أى طلب الفعل ، فمنزلتهم فى نظر الفرعون دانية ، فيقول الفرعون : إنكم بوقوفكم فى وجه موسى وهزيمتكم له فإننى سأرفعكم فى أعلى المراتب.
فى المقابل : يقول الله تعالى لنبيه الكليم .. أنت عندى الأعلى .. مكتوب عندى أزلياً أنك أنت الأعلى .. فى عينى وحفظى فهل يخاف العالى من الدانى يا موسى ؟؟؟
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)
تحدثنا فيها باستفاضة من قبل على هذا الرابط
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=10356
المشاركة 7
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)
ما أروع البيان ... وما أحلاه لمن يفهمه ..
الآية مقسمة إلى ميزان كلمى موسيقى رائع
(وألق ما في يمينك) ، (تلقف ما صنعوا) جمل قصيرة قوية حازمة قاضية .. تبدأ بأفعال مجزومة ، توحى بقضاء الأمر وانتهاءه.
(إنما صنعوا كيد ساحر) ، (ولا يفلح الساحر حيث أتى)
وهنا على النقيض .. بسط فى الكلام يصيغه فى أسلوب الحكمة ..
تحياتى لكم ..
تعليق