كلنا ينتظر المسيح
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كلنا ينتظر المسيح ، مسلمين ونصارى ويهود و لكن كيف ينتظر كل منا المسيح .
أما على الناحية الإسلامية :
فإن المسلمين ينتظروا عودة رسول الله المسيح كما بشر به أخاه ، سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و كما بلغنا القرآن الكريم ، فعن البشارة في القرآن الكريم
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) سورة الزخرف
{وإنه لعلم للساعة} أي أمارة ودليل على وقوع الساعة. قال مجاهد {وإنه لعلم للساعة} أي آية للساعة خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة, وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم, وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً.
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
و الذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا وإماما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وحتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها ، تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 7077 في صحيح الجامع ، تخريج السيوطي : عن أبي هريرة
نعرفه يا رسول الله ؟ كيف
ليس بيني وبينه نبي يعني عيسى وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك المسيح الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا هدبة بن خالد ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم
ما هي أعمال المسيح بعد نزوله ؟
1 ــ الحكم بالشريعة الإسلامية
ينزل عيسى عليه السلام من السماء و وصف النبوة قائم فيه ، غير أنه يكون تابعاً لشريعة محمد صلى الله عليه و سلم ، و حاكماً من حكام هذه الأمة و مجددا لأمر دينها ، فإن محمد صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء وشريعته خاتم الشرائع ، و قد أخذ الله سبحانه و تعالى العهد و الميثاق على جميع الأنبياء أن يتبعوا محمداً صلى الله عليه و سلم ، و ينصروه إن بعث و هم أحياء و هم بدورهم أخذوا الميثاق من أممهم .
قال تعالى : ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) )) آل عمران
و عن جابر ــ رضي الله عنه ــ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لو كان موسى حي بين أظهركم ، ما حل له إلا أن يتبعني [ أخرجه أبو يعلي عن حماد عن الشعبي عن جابر ] و لذلك ينزل عيسى عليه السلام من السماء ، و قد علمه الله كل ما يحتاج من أمر الشريعة ليحكم بين الناس . فما إن تنتهي صلاة الفجر ، حتى يجتمع إليه المسلمون ، و يحكمونه على أنفسهم فيكون حكماً مقسطاً ، يحكم بكتاب الله و سنة رسوله
2 ــ حجه و زيارته مسجد النبي
بعد مقتل الدجال و هلاك يأجوج و مأجوج يحج عيسى عليه السلام ــ البيت الحرام ، ماراً بالمدينة المنورة
و الذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما
تخريج السيوطي :عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني :(صحيح) انظر حديث رقم: 7078 في صحيح الجامع
3 ــ انتشار الأمن و ظهور البركات
بعد أن تضع الحرب أوزارها ، يعيش الناس في نعمه لن ينعموا بمثلها قط ، حيث ينزل عليهم بركات دينيه و دنيوية ، فتُرفع الشحناء و الضغينة من قلوب الناس ، و ينزح السم من ذوات السموم ، و تصبح الأسود وديعة ، و تنزل السماء خيرها ، و تخرج الأرض بركتها ، و يعم الخير ، فليس ثمة من يقبل الصدقة
وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية وليتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد . رواه مسلم . وفي رواية لهما قال كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ، و القلاص جمع قلوص و هي الناقة من الإبل
أما على الناحية النصرانية :
1 ــ الرجاء المبارك لدى النصارى
إن حقيقة نزول المسيح الأكيد ، و نصره النهائي ، يتفق فيه المسلمون والنصارى ، غير أن للنصارى نظريات كثيرة و مختلفة في نزوله ، و هو ما يسمونه الرجاء المبارك
فنعمة الله ظهرت لتعلمنا أن نمتنع عن الكفر و شهوات هذه الدنيا ، لنعيش بتعقل و صلاح و تقوى في العالم الحاضر ، منتظرين اليوم المبارك الذي نرجوه ، يوم مجد الله العظيم ،و مخلصنا يسوع المسيح رسالة بولس إلى تيطس إصحاح 2 عدد 11 : 13
2 ــ يقينية رجوعه المنظور
سمعتم أني قلت لكم ، أنا ذاهب ،و سأرجع إليكم . يوحنا 14 / 28 أمام في سفر أعمال الرسل 1 / 10 : 11 و بينما هم ينظرون إلى السماء ، و هو يبتعد عنهم ، ظهر لهم رجلان في ثياب بيضاء ، و قالا لهم : أيها الجليليون ، ما بالكم تنظرون إلى السماء ؟ يسوع هذا الذي صعد إلى السماء ، سيعود مثلما رأيتموه ذاهباً إلى السماء . و في رؤيا يوحنا 1 / 7 : ها هو آت مع السحاب ، ستراه كل عين ، حتى عيون الذين طعنوه ، و تنتحب عليه جميع قبائل الأرض .
3 ــ يرجع فجأة و على غير انتظار
فكونوا على استعداد ، لأن ابن الإنسان يجئ في ساعة لا تنتظرونها ــ لوقا إصحاح 12 عدد 40
4 ــ إضطراب النصارى في تحديد عودة المسيح
إن كثيرا من البلبه و الاضطرابات قامت حول عودة المسيح ، فمنذ رفعه إلى السماء و إلى يومنا هذا ، يدعي بعض النصارى أن مجيئه سيكون في أيامهم ، حتى إن بعضهم حدد وقت نزوله بالسنة و الشهر ، مع أن ذلك قد اختص ألآب بعلمه ومعرفته ، و لم يطلع عليه أحد كما تذكر نصوص الكتاب المقدس ، و لذلك صدموا بالقواقع و قد عاشوا في حيره .
جاء في مرقص 13 / 32 ــ 33 و أما ذلك اليوم و تلك الساعة ، فلا يعرفها أحد لا الملائكة التي في السماء ، و الابن إلا ألآب ، فكونوا على حذر و اسهروا و صلوا ، لأنكم لا تعرفون متى يجئ الوقت .
و في متى 24 / 36 : أما ذلك اليوم وتلك الساعة ، لا يعرفها أحد ، لا ملائكة السماوات والابن ، إلا ألآب وحده
التحديد بالقرن الأول :
زعم كتاب الأناجيل أن المسيح عليه السلام ، تنبأ بأن نهاية العالم ستكون في القرن الأول الميلادي ، و قد سيطرت هذه الفكرة على مؤلفي العهد الجديد ، و لاسيما إنجيل متى ، فقد كان أكثرهم حرصاً على تحديدها ، و إليكم بعض النصوص :
ففي متى 10 : 1 أن المسيح دعا تلاميذه الأثنى عشر ، و أعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة و أرسلهم في مدن إسرائيل و قال لهم لن تنهوا عملكم في مدن إسرائيل كلها حتى يأتي ابن الإنسان .
أي أن نهاية إسرائيل ستكون قبل أن يكمل التلاميذ عملهم في مدن إسرائيل .
أما الرد على هذا الفكر فنقول :
هاهم تلاميذ المسيح ــ عليه السلام ــ قد أنهوا أعمالهم و ماتوا بمن فيهم يوحنا و متى ، و أصبحوا عظاماً نخرة ، و قد خرب الهيكل خراباً تاما ، و مضى ذلك القرن و مضى ، و لم يرى أحد ابن الإنسان آتياً على سحاب في عزة و جلال مع ملائكته في مجد أبيه ، مع أن مقتضى العبارة أن نزوله يكون في الحال ، و بدون تراخ ، فزال ذلك الكلام ، و ما زالت السماء و الأرض ، مما يدل على أنه ليس من كلام المسيح البتة و إنما هو من فهم النصارى و تصرفهم .
ولا يمكن حمل هذا الكلام على قيامته بعد الصليب كما يزعم البعض ، لأنه لم يرى آتياً على السحاب ، و لم يُنقذ أحداً أو يحاسب أحدا على الإطلاق كما قالت النصوص ، و لذلك قال جون كونتن (( و من الواضح أن شيئاً لم يحدث كما توقعه متى )) وقال كثير من المحققين (( هذه نبوات خاطئة )) و الذي يزيد الطين بِلة أنهم يزعمون أن هذه النصوص وحي من الروح القدس ، الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس ، و ليست اجتهادا أو مفهوماً خاصاً .
القائلون بالمجيء قبل الألف :
برى هؤلاء مستندين إلى بعض التأويلات لما جاء في رؤيا يوحنا ، و إلى أحلام الرهبان و تكهنات الكهان ، أن الشرور ستزداد في العالم ، و أن الضيق سيشتد على الناس ، ولاسيما بعد ظهور الدجال ، ثم تتوج هذه الفترة بعودة المسيح ، عليه السلام و الكتاب المقدس ــ يحدد مدة الابتلاء هذه بثلاث سنوات و نصف ، أو باثنين و أربعين شهراً ، أو بألف و مأتيين و ستين يوماً .
في رؤيا يوحنا 12/ 6 ــ 9 و هربت المرأة إلى الصحراء ، حيث هيأ الله لها ملجأ يعولها ألف يوم و مائتين و ستين يوماً ، .. و وقعت حرب في السماء بين ميخائيل و ملائكته ، و بين التنين .. لكنهم انهزموا و حشروا .. و سقط التنين العظيم إلى الأرض ، و هو تلك الحية القديمة ، و المسمى إبليس أو الشيطان .
12 : 13 ولما رأى التنين أنه سقط إلى الأرض ، أخذ يضطهد المرأة ، فأعطيت جناحي النسر العظيم ، لتطير بهما إلى مكانها في الصحراء ، حي تلجأ مدة زمن و زمنين و نصف زمن ، في مأمن الحية .
13 / 5 و أعطي الوحش فماً ينطق بالكبرياء و الكفر و أعطي سلطاناً أن يعمل مدة اثنين و أربعين شهراً ، فأخذ يكفر بالله
5 ــ مجيئه لقديسيه
و حين إذ ، يقوم الموتى بالمسيح ، و يتغير النصارى الأحياء ، و كلاهما سيخطف إلى السحب لملاقاة المسيح ، فأبناء الإله الذين ماتوا على مر العصور ، سيبعثون من قبورهم أحياء في أجساد إعجازية جديدة ، و يصعدون لمقابلة المسيح في الفضاء ، أما الأحياء ، فسيخطفون من الأرض إلى السماء ليبتعدوا عن الدجال والضيق العظيم ،و سنطلق بهم المسيح إلى احتفال النصر الأعظم ، الذي لم يكن له مثيل قي يوم من الأيام ، ألا وهو عشاء زواج الخوف في السماء
جاء في رسالة بولس الأولى إلى تسالونيكي 4 / 14 : 17 فإن كنا نؤمن بأن يسوع مات ، ثم قام ، فكذلك نؤمن بأن الذين رقدوا في يسوع سينقلهم الله إليه مع يسوع ، و نقول لكم ما قاله الرب و وهو أننا نحن الأحياء الباقيين إلى مجيء الرب ، لن نتقدم الذين رقدوا ، لأن الرب نفسه سينزل من السماء عند الهتاف ونداء الملائكة و صوت بوق الله فيقوم أولاً الذين ماتوا في المسيح ثم نُرفع معهم في السحاب نحن الأحياء الباقيين لملاقاة الرب في الفضاء ، فنكون كل حين مع الرب .
قال القس صايغ : إن النصارى سيخطفون إلى السماء .. من المدارس و الحقول و المصانع و الطائرات و السفن ، حتى يبتعدوا عن الدجال و الضيق العظيم الذي سيأتي على العالم .
وقال إيرنسايد : في تفسير سفر دنيال سيخطفون جميعاً في السحاب لملاقاة المسيح في الهواء .
6 ــ مجيئه مع قديسيه للملك ثم الدينونة :
و بعد قوت قصير من القدوم الثاني للمسيح ، عندما توشك فترة الضيق على الانتهاء ، يأتي ضيوف السماء ، و يعود المسيح مع قديسيه ، و يسيطر بقواته على العالم ، و يقيد الشيطان و يدين الأمم ، و يملك مع قديسيه لألف عام و يحكم بالطريقة التي يحكم بها لو لم يعص الإنسان ربه ، و بذلك تبدأ فترة الألفية فترة ألف عام من الخير و السلم الكثير ، أي الجنة الأرضية ، و في نهاية هذه الفترة ، يطلق الشيطان من عقاله ، و تحدث معركة هرمجدون العظيمة التي يظفر فيها المسيح بنصره النهائي و يطرح الشيطان في بحيرة النار .
أما على الجانب اليهودي :
[ ابتهجي جداً يا ابنة صهيون ، اهتفي يا ابنة أورشليم . هو ذا . ملكك . يأتي إليك ــ و هو عادل ــ و منصور ــ وديع ــ و راكب على حمار و أتان و جحش ابن أتان .. ] سفر زكريا 9/ 9 و تفسير هذا النص .. بلغة الرمز الذين يعالجون بها معظم أسفار العهد القديم هو :
1 ــ ابتهجي جداً ــ أي لا يليق بنا أن نبتهج بنجاح زمني كما نبتهج بالمسيح الذي يخلص إلى التمام وإلى الأبد ،
2 ــ ملكك ــ أي ليس ملك أجنبياً ، كالإسكندر ، بل ملك خاص من نسل داوود . يعتني باليهود عناية خاصة و وه الملك الموعود به و المنتظر منذ أجيال
3 ــ يأتي إليك ــ إي إلى أورشليم القدس وهو ملك منصور وديع راكب على حمار ، أي ملك للسلام
فهذه النبوءة تتحدث عن قيادة و نصر و قدس ــ تتحدث عن مسيح يخلص اليهود من العبودية ، لهذا عندما جاء المسيح ابن مريم في صورة قديس ، و حاول تخليصهم روحياً و خلقياً من شرورهم ، و لم يظهر في صورة ملك يعيد لهم سلطانهم ، أنكروه و اضطهدوه ، و أبغضه رجال الدين اليهودي من طوائف الفريسيين لأنه هزأ من قوانينهم التعسفيه ، وكانوا يقولون أليس يسوع هو المسيح المنتظر ، فلماذا لا يجمع الناس حوله و يخلص البلاد من ويلات الاستعمار ، و بعد إنكارهم هذا ظلوا ينتظرون المسيح اليهودي الذي سيجعل من الأقلية اليهودية النخبة التي ترث و تحكم الجميع .
فأي الروايات أريح للعقل ، هل الروايات المكذوبة التي لم تتحقق و بنبوات ذات تواريخ كاذبة أم من سيظلون منتظرين المسيح المحارب الذي لم يـأتي إليهم بعد و لن يأتي ، أم رواية المسلمين التي يقبلها العقل
تعليق