ولك أخي الكريم،،وبارك الله فيك يا سيف كلمة الحق الناصعة، وأتمنى من القراء التمعن في هذا الكلام الذي كتبه الشيخ الدكتور محمد قطب:
((الحرية لا تمنح وإنما تؤخذ. وتحرير الرقيق بإصدار مرسوم كما يتخيل البعض لم يكن ليحرر الرقيق! والتجربة الأمريكية في تحرير الرقيق بجرة قلم على يد أبراهام لنكولن خير شاهد لما نقول، فالعبيد الذين حررهم لنكولن - من الخارج - بالتشريع، لم يطيقوا الحرية، وعادوا إلى سادتهم يرجونهم أن يقبلوهم عبيداً لديهم كما كانوا، لأنهم - من الداخل - لم يكونوا قد تحرروا بعد.
والمسألة على غرابتها ليست غريبة حين ينظر إليها على ضوء الحقائق النفسية. فالحياة عادة. والملابسات التي يعيش فيها الإنسان هي التي تكيف مشاعره وتصوغ أحاسيسه وأجهزته النفسية ( ). والكيان النفسي للعبد يختلف عن الكيان النفسي للحر ، لا لأنه جنس آخر كما ظن القدماء، ولكن لأن حياته في ظل العبودية الدائمة جعلت أجهزته النفسية تتكيف بهذه الملابسات، فتنمو أجهزة الطاعة إلى أقصى حد، وتضمر أجهزة المسؤولية واحتمال التبعات إلى أقصى حد..
فالعبد يحسن القيام بكثير من الأمور حين يأمره بها سيده، فلا يكون عليه إلا الطاعة والتنفيذ. ولكنه لا يحسن شيئاً تقع مسؤوليته على نفسه، ولو كان أبسط الأشياء، لا لأن جسمه يعجز عن القيام بها، ولا لأن فكره - في جميع الأحوال - يعجز عن فهمها؛ ولكن لأن نفسه لا تطيق احتمال تبعاتها، فيتخيل فيها أخطاراً موهومة، ومشكلات لا حل لها، فيفر منها إبقاء على نفسه من الأخطار!
ولعل الذين يمعنون النظر في الحياة المصرية - والشرقية - في العهود الأخيرة يدركون أثر هذه العبودية الخفية التي وضعها الاستعمار الخبيث في نفوس الشرقيين ليستعبدهم للغرب. يدركونها في المشروعات المعطلة التي لا يعطلها - في كثير من الأحيان - إلا الجبن عن مواجهة نتائجها! والمشروعات المدروسة التي لا تنفذها الحكومات حتى تستقدم خبيراً انجليزياً أو أمريكياً ( ).. الخ. ليحتمل عنها مسؤولية المشروع ويصدر الإذن بالتنفيذ! والشلل المروع الذي يخيم على الموظفين في الدواوين ويقيد إنتاجهم بالروتين المتحجر، لأن أحداً من الموظفين لا يستطيع أن يصنع إلا ما يأمره به " السيد " الموظف الكبير، وهذا بدوره لا يملك إلا إطاعة " السيد " الوزير، لا لأن هؤلاء جميعاً يعجزون عن العمل، ولكن لأن جهاز التبعات عندهم معطل وجهاز الطاعة عندهم متضخم، فهم أشبه شيء بالعبيد، وإن كانوا رسمياً من الأحرار!
هذا التكيف النفسي للعبد هو الذي يستعبده. وهو ناشىء في أصله من الملابسات الخارجية بطبيعة الحال، ولكنه يستقل عنها، ويصبح شيئاً قائماً بذاته كفرع الشجرة الذي يتدلى إلى الأرض، ثم يمد جذوراً خاصة به ويستقل عن الأصل. وهذا التكيف النفسي لا يذهب به إعلان تصدره الدولة بإلغاء الرق. بل ينبغي أن يغير من الداخل، بوضع ملابسات جديدة تكيف المشاعر على نحو آخر، وتنمي الأجهزة الضامرة في نفس العبد، وتصنع كياناً بشرياً سوياً من كيانه المشوه الممسوخ.
وذلك ما صنعه الإسلام
فقد بدأ أولا بالمعاملة الحسنة للرقيق. ولا شيء كحسن المعاملة يعيد توازن النفس المنحرفة، ويرد إليها اعتبارها، فتشعر بكيانها الإنساني، وكرامتها الذاتية، وحين ذلك تحس طعم الحرية فتتذوقه، ولا تنفر منه كما نفر عبيد أمريكا المحررون.))انتهى
ألا ترون إخوتي ان الشعوب المسحوقة نتيجة للوضع التسلطي والدكتاتوري ونتيجة لخنوعها وإذلالها تخرج في المناسبات إلى الشوارع طواعية تهتف بحياة الملوك والرؤساء وهي عاجزة عن توفير متطلبات الحياة الأساسية لأسرهم وأنفسهم نتيجة الفقر والعوز، ومن يهتفون لهم غارقون في النعيم وحياة البذخ والقصور والمليارات إلى درجة أن مفاتيح خزائنهم لتنوء بالعصبة أولي القوة؟
وقس على ذالك المنحرفين من اللادينيين والليبراليين والماركسيين الجدد ممن توجهاتهم مأسورة وعقولهم محتلة وولاءاتهم مختلة لأسيادهم من الغرب ، تجدهم أسوأ حالا من العبيد ، لأن العبيد تكيفوا مع حالة العبودية جبرا، بينما هاؤلاء المنحرفون والليبراليون والماركسيون والتنويريون الجدد كيفوا أنفسهم للعبودية والتبعية والذل وجلد الذات والإنسلاخ من الهوية والكرامة والأصالة وعزة النفس طواعية !!
((الحرية لا تمنح وإنما تؤخذ. وتحرير الرقيق بإصدار مرسوم كما يتخيل البعض لم يكن ليحرر الرقيق! والتجربة الأمريكية في تحرير الرقيق بجرة قلم على يد أبراهام لنكولن خير شاهد لما نقول، فالعبيد الذين حررهم لنكولن - من الخارج - بالتشريع، لم يطيقوا الحرية، وعادوا إلى سادتهم يرجونهم أن يقبلوهم عبيداً لديهم كما كانوا، لأنهم - من الداخل - لم يكونوا قد تحرروا بعد.
والمسألة على غرابتها ليست غريبة حين ينظر إليها على ضوء الحقائق النفسية. فالحياة عادة. والملابسات التي يعيش فيها الإنسان هي التي تكيف مشاعره وتصوغ أحاسيسه وأجهزته النفسية ( ). والكيان النفسي للعبد يختلف عن الكيان النفسي للحر ، لا لأنه جنس آخر كما ظن القدماء، ولكن لأن حياته في ظل العبودية الدائمة جعلت أجهزته النفسية تتكيف بهذه الملابسات، فتنمو أجهزة الطاعة إلى أقصى حد، وتضمر أجهزة المسؤولية واحتمال التبعات إلى أقصى حد..
فالعبد يحسن القيام بكثير من الأمور حين يأمره بها سيده، فلا يكون عليه إلا الطاعة والتنفيذ. ولكنه لا يحسن شيئاً تقع مسؤوليته على نفسه، ولو كان أبسط الأشياء، لا لأن جسمه يعجز عن القيام بها، ولا لأن فكره - في جميع الأحوال - يعجز عن فهمها؛ ولكن لأن نفسه لا تطيق احتمال تبعاتها، فيتخيل فيها أخطاراً موهومة، ومشكلات لا حل لها، فيفر منها إبقاء على نفسه من الأخطار!
ولعل الذين يمعنون النظر في الحياة المصرية - والشرقية - في العهود الأخيرة يدركون أثر هذه العبودية الخفية التي وضعها الاستعمار الخبيث في نفوس الشرقيين ليستعبدهم للغرب. يدركونها في المشروعات المعطلة التي لا يعطلها - في كثير من الأحيان - إلا الجبن عن مواجهة نتائجها! والمشروعات المدروسة التي لا تنفذها الحكومات حتى تستقدم خبيراً انجليزياً أو أمريكياً ( ).. الخ. ليحتمل عنها مسؤولية المشروع ويصدر الإذن بالتنفيذ! والشلل المروع الذي يخيم على الموظفين في الدواوين ويقيد إنتاجهم بالروتين المتحجر، لأن أحداً من الموظفين لا يستطيع أن يصنع إلا ما يأمره به " السيد " الموظف الكبير، وهذا بدوره لا يملك إلا إطاعة " السيد " الوزير، لا لأن هؤلاء جميعاً يعجزون عن العمل، ولكن لأن جهاز التبعات عندهم معطل وجهاز الطاعة عندهم متضخم، فهم أشبه شيء بالعبيد، وإن كانوا رسمياً من الأحرار!
هذا التكيف النفسي للعبد هو الذي يستعبده. وهو ناشىء في أصله من الملابسات الخارجية بطبيعة الحال، ولكنه يستقل عنها، ويصبح شيئاً قائماً بذاته كفرع الشجرة الذي يتدلى إلى الأرض، ثم يمد جذوراً خاصة به ويستقل عن الأصل. وهذا التكيف النفسي لا يذهب به إعلان تصدره الدولة بإلغاء الرق. بل ينبغي أن يغير من الداخل، بوضع ملابسات جديدة تكيف المشاعر على نحو آخر، وتنمي الأجهزة الضامرة في نفس العبد، وتصنع كياناً بشرياً سوياً من كيانه المشوه الممسوخ.
وذلك ما صنعه الإسلام
فقد بدأ أولا بالمعاملة الحسنة للرقيق. ولا شيء كحسن المعاملة يعيد توازن النفس المنحرفة، ويرد إليها اعتبارها، فتشعر بكيانها الإنساني، وكرامتها الذاتية، وحين ذلك تحس طعم الحرية فتتذوقه، ولا تنفر منه كما نفر عبيد أمريكا المحررون.))انتهى
ألا ترون إخوتي ان الشعوب المسحوقة نتيجة للوضع التسلطي والدكتاتوري ونتيجة لخنوعها وإذلالها تخرج في المناسبات إلى الشوارع طواعية تهتف بحياة الملوك والرؤساء وهي عاجزة عن توفير متطلبات الحياة الأساسية لأسرهم وأنفسهم نتيجة الفقر والعوز، ومن يهتفون لهم غارقون في النعيم وحياة البذخ والقصور والمليارات إلى درجة أن مفاتيح خزائنهم لتنوء بالعصبة أولي القوة؟
وقس على ذالك المنحرفين من اللادينيين والليبراليين والماركسيين الجدد ممن توجهاتهم مأسورة وعقولهم محتلة وولاءاتهم مختلة لأسيادهم من الغرب ، تجدهم أسوأ حالا من العبيد ، لأن العبيد تكيفوا مع حالة العبودية جبرا، بينما هاؤلاء المنحرفون والليبراليون والماركسيون والتنويريون الجدد كيفوا أنفسهم للعبودية والتبعية والذل وجلد الذات والإنسلاخ من الهوية والكرامة والأصالة وعزة النفس طواعية !!
تعليق