بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا الرد يأتي لتوضيح شبهة قد أثارها أهل الباطل من المنصرين والملحدين، وغيرهم من الطاعنين في الإسلام، حول مسألة عورة الأمة في الإسلام. يدّعي هؤلاء أن الإسلام يميز بين عورة الأمة وعورة الحرة، وأن عورة الأمة مقتصرة على ما بين السرة والركبة.
في هذا الرد، نتناول هذه الشبهة مستعينين بالله، ومبينين الحق بدليله من الكتاب والسنة، وردًا على الفهم الخاطئ لبعض النصوص.
أصل الشبهة ومستندها
أقول مستعينا بالله إن مستند أهل الباطل من الطاعنين في الإسلام العظيم من منصرين وملحدين وغيرهم في طرح هذه الشبهة هو كلام بعض الفقهاء عليه رحمات الله تترى الذين قالوا بهذه المقولة أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة وأنا أقول لهؤلاء إن كان مستندكم في طرح الشبهة كلام عالم آتي لكم بكلام عالم آخر يقول بأن عورة الأمة لا تختلف عن عورة الحرة وبهذا تكون انتهت المسألة وإن كنت تريدون ذلك فعلى سبيل المثال لا الحصر " ابن حزم " عليه رحمة الله تعالى
الكتاب والسنة: لا دليل على التفرقة
وبما أننا مسلمون ولا عصمة لأحد بعد رسول الله ولا حجة في كلام أحد إن لم يكن مستنده القرآن والسنة
وأن قول العالم يستدل له لا به
نقول لا يوجد دليل لا من قرآن ولا سنة على التفرقة بين عورة الأمة وعورة الحرة بل ربنا سبحانه وتعالى يقول " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا " فقال ونساء المؤمنين وما قال وحرائر المؤمنين
مع أن ربنا سبحانه وتعالى فرق بين الأمة والحرة في أكثر من حكم كما في الزنا على سبيل المثال ففرق ربنا بين الأمة والحرة في حد الزنا وأما في مسألة الحجاب ما فرق ربنا بل قال ونساء المؤمنين ونساء المؤمنين هذه تشمل الحرة والأمة
استدل من قال بأن عورة الأمة من السرة إلى الركبة برواية هي عند الإمام البيهقي في سننه نصها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ، أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرَنَّ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ، وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» وقال البيهقي عقبها وَأَصْحَابُنَا يَحْمِلُونَ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى عَوْرَةِ الْأَمَة
أي أن من يقول أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة يستند لهذه الرواية وفهمهم للرواية ليس فهما سليما فليس المقصد من الرواية عورة الأمة أبدا بل عورة السيد نص الرواية إذا زوج أحدكم " خادمه " خادمه هذه لفظة مذكرة ولكنها تطلق على الذكر والأنثى وهي هنا أطلقت على أنثى أطلقت على الأمة فالمعنى إذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظرن " أي الخادم الخادم المقصود هنا هي الأمة " أي فلا تنظر الأمة إلى ما دون السرة وفوق الركبة من سيدها لأنها الآن لم تصبح حلالا له كما كانت في السابق هي الآن متزوجة من غيره لذا النص جاء لحرم نظر الأمة إلى عورة سيدها وليس العكس والدليل على هذا رواية هي عقب هذه الرواية التي يستدلون بها مباشرة عند الإمام البيهقي في السنن ونصها «إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، فَلَا تَنْظُرِ الْأَمَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ، فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ، إِلَى رُكْبَتِهِ مِنَ الْعَوْرَةِ» فهذه الرواية كما رأيتم صرحت بأن التي لا تنظر هي الأمة لا تنظر إلى عورة سيدها
يقول الإمام البيهقي بعد هذه الرواية مباشرة فَالْخَبَرُ فِي تَحْرِيمِ نَظَرِ الْأَمَةِ، إِلَى عَوْرَةِ سَيِّدِهَا بَعْدَمَا زَوَّجَهَا
يعني الإمام البيهقي يرد على من استدل بهذه الروايات أنها تتكلم عن عورة الأمة ويقول لا بل الخبر جاء في تحريم نظر الأمة إلى عورة سيدها وليس العكس
وبهذا تكون هذه النقطة انتهت بفضل الله لكن أهل الباطل يلعبون هاهنا لعبة خبيثة بعدما رسخوا في أذهان الذين يطرحون عليهم هذه الشبهة أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة يقولون لهم وهذه روايات عن عمر بن الخطاب يفعل فيها هذا الأمر
الآثار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
هنا يجب أن ننتبه ولا نقع في هذا الفخ فكل الآثار الواردة عن سيدنا عمر رضي الله عنه هي في نهي الإماء أن يتشبهن بالحرائر وليس لها أي علاقة بهذه النقطة المطروحة أصلا " عورة الأمة من السرة إلى الركبة " وبتتبع الآثار المذكورة عن سيدنا عمر لا نجد في أي رواية أنه يقول للأمة اخلعي ثيابك إلى ما فوق ركبتك ودون سرتك إنما ما ورد عن سيدنا عمر أنه كان يمنع الأمة التي كانت تنتقب من أن تتشبه بالحرائر وكان يأمرها بأن تكشف عن رأسها كما في الرواية
" أن عمر رضى الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة وقال إكشفى رأسك ولاتتشبهى بالحرائر "
هنا سيدنا عمر ماذا قال لها أقال لها اكشفي عن جسدك إلا ما بين السرة والركبة حاشاه ما قال هذا بل قال اكشفي عن رأسك وأمره رضي الله عنه للأمة أن تكشف عن رأسها ليس معناه أن تظهر شعرها إنما أراد الفاروق رضي الله عنه أن تكشف عن وجهها فهي كانت متقنعة كما في الرواية وقوله اكشفي عن رأسك وإرادته وجهها مجاز مرسل علاقته كلية وهو ذكر الكل وإرادة الجزء
كقول ربنا عن الكفار " يجعلون أصابعهم في آذانهم " وما قصد من الآية قطعا أن الكفار كانوا يضعون كامل أصابعهم في أذانهم إنما كانوا يضعون أناملهم كذا مقولة سيدنا عمر قال اكشفي عن رأسك وهو يريد الوجه فقط
والدليل على ذلك أنه رضي الله عنه لما سؤل عن لباس الأمة قال أن من ضمن لباسها أن تضع شيئا من درعها على رأسها أي شعرها لأنه نهى عن الإنتقاب كما علمتم ونص الرواية عن الإمام الصنعاني في مصنفه ونصها
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا أَدْنَى مَا تَكْفِي الْأَمَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ: نَقُولُ فِيهَا مَا قَالَ عُمَرُ: "أَلْقَتْ فِرْوتَهَا وَرَاءَ الدَّارِ، فَيَكْفِيهَا إِزَارُهَا وَدِرْعُهَا قَالَ: «وَتَجْعَلُ بَعْضَ دِرْعِهَا عَلَى رَأْسِهَا»، قُلْتُ: فَكَانَتْ نَاكِحَةً عَبْدًا؟ قَالَ: «وَكَذَلِكَ أَمَةٌ عِنْدَ عَبْدٍ»، قُلْتُ: فَكَانَتْ نَاكِحَةً حُرًّا؟ قَالَ: «فَلْتُلَفِّفْ ذَلِكَ مِنْهَا لتِصُلِّ فِي إِزَارِهَا وَدِرْعِهَا وَخِمَارِهَا»
والإزار هو ما يلبس في الأسفل والدرع هو ما يلبس في الأعلى ويسدل على يغطي القدمين ويجعل شيء منه على الرأس كما قال سيدنا عمر
ويعرض لما قولنا رواية عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول " كُنَّ إِمَاءُ عُمَرَ يَخْدِمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ، تَضْطَرِبُ ثُدِيُّهُنَّ» وفي رواية " تضرب ثديهن "
وليس فيها ولله الحمد والمنة أي إشكال
معنى الرواية ومقصد المتكلم
سيدنا أنس رضي الله عنه يريد أن يخبرنا أن إماء سيدنا عمر كانوا كاشفات عن شعرهن بالكامل حتى أن شعرهن يضرب ثديهن وليس المعنى أنهن كاشفات عن شعورهن وثديهن وأن ثديهن عارية تضرب بعضها بعضا كما يقول المنصرين الجهلة
لكن ألا تتعارض الرواية هذه مع ما قولنا من أن سيدنا عمر كان يأمر بتغطية شعر الإماء فكيف يأمر بتغطية شعر الإماء وإماءه كاشفات عن شعرهن.
أقول أولا : الكلام عن إماء سيدنا عمر فقط وليس عن كل الإماء وتحديد سيدنا أنس لإماء سيدنا عمر فقط دليل على أنه لم يكن كل الإماء كاشفات عن شعورهن لأنه لو كان كذلك لما كان معنى لتحديد إماء عمر رضي الله عنه
ثانيا : نقول أن إماء سيدنا عمر لابد أنهن كانوا كبارا في السن وهن من الذين يؤس من هن فليسوا موضع شهوة
لذا كانوا كاشفات عن شعرهن وهذا لا فرق فيه بين الحرة والأمة بل لا حرج على الحرة العجوز التي يؤس منها و ليست موضع شهوة أن تكشف عن شعرها كما قال ربنا في كتابه " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
خاتمة
بناءً على ما سبق، يتضح أن شبهة عورة الأمة في الإسلام باطلة، وأن الإسلام لم يميز بين الحرة والأمة في العورة. وكل النصوص والروايات التي يستدل بها أهل الباطل إما تُفهم خطأً أو تُخرج عن سياقها.
نسأل الله أن يوفقنا للحق، ويثبتنا عليه، ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا الرد يأتي لتوضيح شبهة قد أثارها أهل الباطل من المنصرين والملحدين، وغيرهم من الطاعنين في الإسلام، حول مسألة عورة الأمة في الإسلام. يدّعي هؤلاء أن الإسلام يميز بين عورة الأمة وعورة الحرة، وأن عورة الأمة مقتصرة على ما بين السرة والركبة.
في هذا الرد، نتناول هذه الشبهة مستعينين بالله، ومبينين الحق بدليله من الكتاب والسنة، وردًا على الفهم الخاطئ لبعض النصوص.
أصل الشبهة ومستندها
أقول مستعينا بالله إن مستند أهل الباطل من الطاعنين في الإسلام العظيم من منصرين وملحدين وغيرهم في طرح هذه الشبهة هو كلام بعض الفقهاء عليه رحمات الله تترى الذين قالوا بهذه المقولة أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة وأنا أقول لهؤلاء إن كان مستندكم في طرح الشبهة كلام عالم آتي لكم بكلام عالم آخر يقول بأن عورة الأمة لا تختلف عن عورة الحرة وبهذا تكون انتهت المسألة وإن كنت تريدون ذلك فعلى سبيل المثال لا الحصر " ابن حزم " عليه رحمة الله تعالى
الكتاب والسنة: لا دليل على التفرقة
وبما أننا مسلمون ولا عصمة لأحد بعد رسول الله ولا حجة في كلام أحد إن لم يكن مستنده القرآن والسنة
وأن قول العالم يستدل له لا به
نقول لا يوجد دليل لا من قرآن ولا سنة على التفرقة بين عورة الأمة وعورة الحرة بل ربنا سبحانه وتعالى يقول " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا " فقال ونساء المؤمنين وما قال وحرائر المؤمنين
مع أن ربنا سبحانه وتعالى فرق بين الأمة والحرة في أكثر من حكم كما في الزنا على سبيل المثال ففرق ربنا بين الأمة والحرة في حد الزنا وأما في مسألة الحجاب ما فرق ربنا بل قال ونساء المؤمنين ونساء المؤمنين هذه تشمل الحرة والأمة
استدل من قال بأن عورة الأمة من السرة إلى الركبة برواية هي عند الإمام البيهقي في سننه نصها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ، أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرَنَّ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ، وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» وقال البيهقي عقبها وَأَصْحَابُنَا يَحْمِلُونَ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى عَوْرَةِ الْأَمَة
أي أن من يقول أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة يستند لهذه الرواية وفهمهم للرواية ليس فهما سليما فليس المقصد من الرواية عورة الأمة أبدا بل عورة السيد نص الرواية إذا زوج أحدكم " خادمه " خادمه هذه لفظة مذكرة ولكنها تطلق على الذكر والأنثى وهي هنا أطلقت على أنثى أطلقت على الأمة فالمعنى إذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظرن " أي الخادم الخادم المقصود هنا هي الأمة " أي فلا تنظر الأمة إلى ما دون السرة وفوق الركبة من سيدها لأنها الآن لم تصبح حلالا له كما كانت في السابق هي الآن متزوجة من غيره لذا النص جاء لحرم نظر الأمة إلى عورة سيدها وليس العكس والدليل على هذا رواية هي عقب هذه الرواية التي يستدلون بها مباشرة عند الإمام البيهقي في السنن ونصها «إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، فَلَا تَنْظُرِ الْأَمَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ، فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ، إِلَى رُكْبَتِهِ مِنَ الْعَوْرَةِ» فهذه الرواية كما رأيتم صرحت بأن التي لا تنظر هي الأمة لا تنظر إلى عورة سيدها
يقول الإمام البيهقي بعد هذه الرواية مباشرة فَالْخَبَرُ فِي تَحْرِيمِ نَظَرِ الْأَمَةِ، إِلَى عَوْرَةِ سَيِّدِهَا بَعْدَمَا زَوَّجَهَا
يعني الإمام البيهقي يرد على من استدل بهذه الروايات أنها تتكلم عن عورة الأمة ويقول لا بل الخبر جاء في تحريم نظر الأمة إلى عورة سيدها وليس العكس
وبهذا تكون هذه النقطة انتهت بفضل الله لكن أهل الباطل يلعبون هاهنا لعبة خبيثة بعدما رسخوا في أذهان الذين يطرحون عليهم هذه الشبهة أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة يقولون لهم وهذه روايات عن عمر بن الخطاب يفعل فيها هذا الأمر
الآثار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
هنا يجب أن ننتبه ولا نقع في هذا الفخ فكل الآثار الواردة عن سيدنا عمر رضي الله عنه هي في نهي الإماء أن يتشبهن بالحرائر وليس لها أي علاقة بهذه النقطة المطروحة أصلا " عورة الأمة من السرة إلى الركبة " وبتتبع الآثار المذكورة عن سيدنا عمر لا نجد في أي رواية أنه يقول للأمة اخلعي ثيابك إلى ما فوق ركبتك ودون سرتك إنما ما ورد عن سيدنا عمر أنه كان يمنع الأمة التي كانت تنتقب من أن تتشبه بالحرائر وكان يأمرها بأن تكشف عن رأسها كما في الرواية
" أن عمر رضى الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة وقال إكشفى رأسك ولاتتشبهى بالحرائر "
هنا سيدنا عمر ماذا قال لها أقال لها اكشفي عن جسدك إلا ما بين السرة والركبة حاشاه ما قال هذا بل قال اكشفي عن رأسك وأمره رضي الله عنه للأمة أن تكشف عن رأسها ليس معناه أن تظهر شعرها إنما أراد الفاروق رضي الله عنه أن تكشف عن وجهها فهي كانت متقنعة كما في الرواية وقوله اكشفي عن رأسك وإرادته وجهها مجاز مرسل علاقته كلية وهو ذكر الكل وإرادة الجزء
كقول ربنا عن الكفار " يجعلون أصابعهم في آذانهم " وما قصد من الآية قطعا أن الكفار كانوا يضعون كامل أصابعهم في أذانهم إنما كانوا يضعون أناملهم كذا مقولة سيدنا عمر قال اكشفي عن رأسك وهو يريد الوجه فقط
والدليل على ذلك أنه رضي الله عنه لما سؤل عن لباس الأمة قال أن من ضمن لباسها أن تضع شيئا من درعها على رأسها أي شعرها لأنه نهى عن الإنتقاب كما علمتم ونص الرواية عن الإمام الصنعاني في مصنفه ونصها
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا أَدْنَى مَا تَكْفِي الْأَمَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ: نَقُولُ فِيهَا مَا قَالَ عُمَرُ: "أَلْقَتْ فِرْوتَهَا وَرَاءَ الدَّارِ، فَيَكْفِيهَا إِزَارُهَا وَدِرْعُهَا قَالَ: «وَتَجْعَلُ بَعْضَ دِرْعِهَا عَلَى رَأْسِهَا»، قُلْتُ: فَكَانَتْ نَاكِحَةً عَبْدًا؟ قَالَ: «وَكَذَلِكَ أَمَةٌ عِنْدَ عَبْدٍ»، قُلْتُ: فَكَانَتْ نَاكِحَةً حُرًّا؟ قَالَ: «فَلْتُلَفِّفْ ذَلِكَ مِنْهَا لتِصُلِّ فِي إِزَارِهَا وَدِرْعِهَا وَخِمَارِهَا»
والإزار هو ما يلبس في الأسفل والدرع هو ما يلبس في الأعلى ويسدل على يغطي القدمين ويجعل شيء منه على الرأس كما قال سيدنا عمر
ويعرض لما قولنا رواية عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول " كُنَّ إِمَاءُ عُمَرَ يَخْدِمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ، تَضْطَرِبُ ثُدِيُّهُنَّ» وفي رواية " تضرب ثديهن "
وليس فيها ولله الحمد والمنة أي إشكال
معنى الرواية ومقصد المتكلم
سيدنا أنس رضي الله عنه يريد أن يخبرنا أن إماء سيدنا عمر كانوا كاشفات عن شعرهن بالكامل حتى أن شعرهن يضرب ثديهن وليس المعنى أنهن كاشفات عن شعورهن وثديهن وأن ثديهن عارية تضرب بعضها بعضا كما يقول المنصرين الجهلة
لكن ألا تتعارض الرواية هذه مع ما قولنا من أن سيدنا عمر كان يأمر بتغطية شعر الإماء فكيف يأمر بتغطية شعر الإماء وإماءه كاشفات عن شعرهن.
أقول أولا : الكلام عن إماء سيدنا عمر فقط وليس عن كل الإماء وتحديد سيدنا أنس لإماء سيدنا عمر فقط دليل على أنه لم يكن كل الإماء كاشفات عن شعورهن لأنه لو كان كذلك لما كان معنى لتحديد إماء عمر رضي الله عنه
ثانيا : نقول أن إماء سيدنا عمر لابد أنهن كانوا كبارا في السن وهن من الذين يؤس من هن فليسوا موضع شهوة
لذا كانوا كاشفات عن شعرهن وهذا لا فرق فيه بين الحرة والأمة بل لا حرج على الحرة العجوز التي يؤس منها و ليست موضع شهوة أن تكشف عن شعرها كما قال ربنا في كتابه " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
خاتمة
بناءً على ما سبق، يتضح أن شبهة عورة الأمة في الإسلام باطلة، وأن الإسلام لم يميز بين الحرة والأمة في العورة. وكل النصوص والروايات التي يستدل بها أهل الباطل إما تُفهم خطأً أو تُخرج عن سياقها.
نسأل الله أن يوفقنا للحق، ويثبتنا عليه، ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.