جين Gulo ولغز فيتامين C - د/منى زيتون

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الراجى رضا الله مسلم والحمد لله اكتشف المزيد حول الراجى رضا الله
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الراجى رضا الله
    مشرف عام

    حارس من حراس العقيدة
    • 15 أكت, 2009
    • 524
    • مهندس
    • مسلم والحمد لله

    جين Gulo ولغز فيتامين C - د/منى زيتون

    جين Gulo ولغز فيتامين C - د/منى زيتون




    من أشهر الأمثلة التي يضربها التطوريون على وجود ما يصرون على تسميته بالجينات الزائفة المعطلة للاستدلال على وجود سلف مشترك بين الإنسان والشمبانزي هو جين Gulo، وهو الجين المصنع للإنزيم الأخير L-gulonolactone oxidase في سلسلة التحولات الكيميائية التي تنتهي بإنتاج فيتامين C في الثدييات.

    فيتامين سي أو فيتامين ج (Vitamin C) هو حمض الأسكوربيك (AA) المشتق من الجلوكوز في النباتات ومعظم الثدييات وبعض الأنواع الأخرى.
    يتم تكوين فيتامين C في سلسلة من 4 خطوات تحتاج كي تتم إلى 4 إنزيمات، كل إنزيم ينتجه جين مختلف، تبدأ هذه الخطوات بالعمل على الجلوكوز وتنتهي بإنتاج فيتامين C.
    وهذه الخطوات الأربع تتم في أجسام جميع الثدييات لإنتاج الفيتامين C، ويستثنى من ذلك الرئيسات (الإنسان والقردة العليا) وبعض الخفافيش وخنازير غينيا وبعض الطيور والأسماك، والتي لا تنتج الفيتامين في أجسامها نتيجة لعدم وجود إنزيم إل جلونولاكتون اوكسيديز L-gulonolactone oxidase المطلوب للخطوة الرابعة والأخيرة من تصنيع الفيتامين.

    وعدم إنتاج الإنسان والقردة لفيتامين C لا يعني عدم احتياجهم إليه في عمليات البناء في أجسامهم، ونظرًا لعدم قدرتهم على تصنيعه يلزمهم تناوله في الغذاء.
    وقوة احتجاج التطوريين حول الجين Gulo أنهم يدعون أنه موجود في كل من جينومي الإنسان والقردة ولكنه معطل لا ينتج الإنزيم المتطلب، مع حذف نيوكليوتيدة واحدة مفردة في تسلسل الحمض النووي للجين في كل من جينومي الإنسان والشمبانزي تحديدًا، وعليه فهم يفترضون حدوث طفرة في السلف المشترك المفترض أدت إلى تعطيل الجين وحذف هذا النيوكليوتيد، وتوارثها الإنسان والقردة.

    ومن ثم –ووفقًا لدعاواهم- فإن هذا التعطل والحذف غير مبرر في ضوء الخلق الخاص لأن أقصى ما يمكن تصوره في الخلق الخاص أن يوجد الجين في عدة أنواع أو ألا يوجد في بعض الأنواع وليس أن يوجد معطلًا وبه نوكلوتيدة محذوفة في الموضع نفسه، والتطوريون يتساءلون بتهكم عن السبب الذي جعل الخالق يضع جينًا معطلًا لا تفيد منه الخلية في DNA لكل من الإنسان والقردة؟!

    ومبدئيًا فإن القصة التطورية –وإن كانت تبدو محبوكة مقارنة بباقي قصصهم الخائبة- فالسيناريو يبقى غير منضبط، لأنه يخص الإنسان والشمبانزي تحديدًا، ولا يصلح للغوريللا ولا الأورنجتان ولا قرد الريسس، وتجاهلوا تمامًا أن البشر وخنازير غينيا وخنازير الماء ومعظم الخفافيش وبعض أنواع الطيور والأسماك، وهي الأنواع الأخرى التي لا تصنع الفيتامين C، لا يرتبطون بسلف مشترك مباشر على شجرة التطور، وهناك فواصل تفرعية كثيرة بينهم تبدأ أحيانًا من مستوى "الطائفة"، وتمثلها أنواع حية كثيرة يوجد لديهم جين ‏Gulo ويصنعون فيتامين C.
    بل إن الاختلاف في تصنيع فيتامين C يوجد داخل النوع الواحد؛ فبعض الخفافيش تصنع الفيتامين، وبعضهم الآخر كخفافيش الفاكهة إنتاجه معطل بها! ولم يستطع التطوريون أن يجدوا تسلسل الجين المعطل في الخفافيش التي لا تصنعه! والسبب أنهم يبحثون عن نسخة من التسلسل مقاربة للتسلسل المدعى للجين في الإنسان.
    “GULO activity has been lost in some species of bats, but others retain it. It is unknown if remains of the gene exist in the bats who lack GULO activity.”
    ويدعي التطوريون أنه "يبدو أن وظيفة‎ GULO ‎قد ضاعت عدة مرات، وربما أعيد اكتسابها، في عدة سلالات من الطيور الجواثم ‏passerine birds، حيث تختلف القدرة على صنع فيتامين C من نوع إلى آخر
    The function of GULO appears to have been lost several times, and possibly re-acquired, in several lines of passerine birds, where ability to make vitamin C varies from species to species.
    https://sora.unm.edu/sites/default/f...0513-p0516.pdf
    كما أن قرود الترسير من الأنواع التي لا تستطيع تصنيع الفيتامين، وتنتمي لرتيبة بسيطات الأنف Haplorhini، وهي أبعد القرود تصنيفيًا عن البشر وفقًا لشجرة التطور، بينما جميع القرود الهباريات (الليمور والغلاغو والبوتو واللوريس) تستطيع تصنيع فيتامين C.
    ومن ثم فعدم تصنيع هذا الفيتامين في بعض الأنواع لا يدعم فرضية السلف المشترك. وعليه فالفرضية المقبولة وفقًا لنظرية التطور هي التطور الأفقي بشكل مستقل وليس الرأسي من سلف مشترك، لكن بالنسبة للإنسان والشمبانزي تحديدًا فالتطوريون لا يفرطون مطلقًا في فرضية السلف المشترك.
    وتبرز أسئلة هامة يمثل الرد عليها مفتاحًا للإجابة على دعاوى التطوريين.

    السؤال الأول: ما الدليل على أن هذا الجين الذي تسمونه non-functional gulonolactone oxidase pseudogene (GULOP) ‎ مسئول عن تصنيع الإنزيم الأخير في سلسلة إنتاج فيتامين
    من يقرأ من العامة للتطوريين عن جين GULO يعتقد أن تلك القطعة من الحمض النووي متكررة ومحفوظة تمامًا عبر الأنواع التي تصنعه للدرجة التي سمحت للتطوريين بالمقارنة مع الأنواع التي تفتقد القدرة على تخليق الفيتامين C، والتأكد من أن القطعة المشابهة التي يسمونها جين جولو الزائف‎GULOP ‎ هي التي كانت مسئولة عن تصنيع فيتامين C لولا تعطلها، ولكن الحقيقة بخلاف ذلك تمامًا! فمقارنات التسلسلات التي يدعي التطوريون أنها جميعًا للجين نفسه تختلف بنسبة كبيرة، ولنقرأ بعض نتائج الدراسات التطورية التي حاولت رسم خرائط الكروموسومات للجين Gulo عبر الأنواع.
    في دراسة بعنوان "محفوظة أم مفقودة: التطور الجزيئي للجين الرئيسي‎ GULO ‎في التخليق الحيوي لفيتامين C الفقاري" “Conserved or lost: molecular evolution of the key gene GULO in vertebrate vitamin C biosynthesis”
    تذكر الدراسة أن نسبة التطابق عند مقارنة تسلسلات جين gulo المشفرة للأحماض الأمينية في الفقاريات تتراوح بين 64 إلى 95٪، وأن القطعة الجينية التي يدعون أنها جين gulo زائف كان يُفترض أن يشفر لإنتاج الإنزيم الأخير في سلسلة التخليق الحيوي لفيتامين C،‏ في الرئيسيات العليا وخنازير غينيا وبعض الخفافيش غير متطابقة، وتم تبرير الاختلاف بحدوث التطور الجزيئي للجين عن طريق طفرات إدراج/ حذف ‏‎ indel‏ متعددة، وكودونات توقف مبكرة، وفشلوا تمامًا أن يجدوا أي تسلسل مشابه في الأسماك‎العظميات التي تفتقر هي الأخرى للقدرة على إنتاج الفيتامين.
    ورغم أنهم ادعوا أن هناك 11 منطقة إكسونات ‏(المناطق المشفرة للبروتين)‏ محفوظة في الجين بين الأنواع، إلا أنهم وجدوا اختلافًا، وادعوا أنه تم قسمة ‎ exon F ‎إلى‎ قسمين.
    "أظهرت تحليلات التركيب الجيني والتطور أن جينات ‎ GULO ‎ في الفقاريات متطابقة بنسبة 64-95٪ على مستوى ‏الأحماض الأمينية وتتكون من 11 إكسونات محفوظة‎.‎
    تحتوي جينات‎ GULO ‎المعطلة على طفرات إدراج/ حذف ‏‎ indel‏ متعددة، وكودونات توقف مبكرة في ‏الرئيسيات العليا، وخنازير غينيا، وبعض الخفافيش‎.‎‏ ولم يتم تحديد تسلسلات شبيهة بـ‎ GULO ‎في الأسماك‎ ‎العظميات.‏
    أثناء تطور‎ GULO ‎لدى الحيوانات، تم تقسيم‎ exon F ‎إلى‎ F1 ‎و‎ F2.‎
    اكتسبت مناطق الجينوم المرافقة لـ‎ GULO ‎عمليات نقل وانقلابات متكررة للقطعة أثناء تطور الفقاريات‎".‎
    “Gene structure and phylogenetic analyses showed that vertebrate GULO genes are 64-95% ‎identical at the amino acid level and consist of 11 conserved exons.‎
    GULO pseudogenes have multiple indel mutations and premature stop codons in higher ‎primates, guinea pigs, and some bats. No GULO-like sequences were identified in teleost ‎fishes.
    During animal GULO evolution, exon F was subdivided into F1 and F2.‎
    GULO-flanking genome regions acquired frequent segment translocations and inversions ‎during vertebrate evolution.‎”
    https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/23404229/
    وفي دراسة أخرى بعنوان ‎“Cloning and Chromosomal Mapping of the Human Nonfunctional Gene for L-Gulono-y-‎lactone Oxidase, the Enzyme for L-Ascorbic Acid Biosynthesis Missing in Man”‎ وجدت الدراسة فروقًا كبيرة بين المنطقة المدعاة على أنها جين gulo الزائف في الإنسان وجين gulo في الفأر الذي يصنع الفيتامين C، وكانت الفروق شاذة إلى درجة غير مبررة، ولأن الباحثين تطوريين فقد افترضوا أن الجين قد راكم عددًا كبيرًا من ‏الطفرات بعد أن توقف عن العمل، دون ضغط من الانتخاب الطبيعي! ولهذا فقد وصفوها بالتغيرات بالشاذة anomalous‎.
    "في مناطق‎ الإكسونات ‎التي تم تحديدها، تم العثور على العديد من التغيرات الشاذة في النوكلوتيدات، مثل حذف ‏وإدخال النيوكليوتيدات، وعدم التوافق مع قاعدة‎ GT / AG ‎عند حدود إنترون/إكسون.
    عندما تمت مقارنة متواليات الأحماض الأمينية المستخلصة من متواليات إكسون الأربعة مع متواليات ‏الفئران المقابلة، كان هناك عدد كبير من الاستبدالات غير المحافظة، وكذلك اثنان من أكواد التوقف‎.‎
    تشير هذه النتائج إلى أن جين ‏L-gulono-y-lactone oxidase‏ غير الوظيفي البشري قد راكم عددًا كبيرًا من ‏الطفرات دون ضغط انتخابي، منذ أن توقف عن العمل أثناء التطور".‏
    “In the identified exon regions were found various anomalous nucleotide changes, such as ‎deletion and insertion of nucleotide(s) and nonconformance to the GT/AG rule at intron/exon ‎boundaries. When the conceptual amino acid sequences deduced from the four exon ‎sequences were compared with the corresponding rat sequences, there were a large number of ‎nonconservative substitutions and also two stop codons.‎
    These findings indicate that the human nonfunctional L-gulono-y-lactone oxidase gene has ‎accumulated a large number of mutations without selective pressure since itceased to function ‎during evolution‏.‏”
    https://www.jbc.org/article/S0021-9258(17)36884-9/pdf
    وفي دراسة هدفت إلى دراسة تركيب جين Gulo، تم الكشف عن البنية الكاملة للجين البشري من خلال بحث بمساعدة الكمبيوتر.
    "فقط ‏خمسة إكسونات، مقارنة بـ 12 إكسونات تشكل جين ‎ GULO الوظيفي ‎للجرذ، تبقت في الجينوم البشري‎.‎
    أظهرت مقارنة هذه‎ الإكسونات ‎مع نظيراتها الوظيفية في الجرذان أن هناك اثنين من النيوكليوتيدات المفردة محذوفتان، ‏وحذف واحد لنيوكليوتيدات ثلاثية، وإدراج نيوكليوتيد واحد في تسلسل الجين البشري‎.‎
    عند المقارنة من حيث الكودونات، فإن التسلسل البشري يحتوي على حذف لحمض أميني واحد، وكودونان ‏توقف، واثنين من الكودونات الشاذة تفتقد إلى نيوكليوتيد واحد إلى جانب العديد من استبدالات الأحماض الأمينية".‎
    “Only five exons, as compared to 12 exons constituting the ‎functional rat GULO gene, remain in the human genome‏.‏
    A comparison of these exons with those of their functional counterparts in rat showed that ‎there are two single nucleotide deletions, one triple nucleotide deletion, and one single ‎nucleotide insertion in the human sequence.‎
    When compared in terms of codons, the human sequence has a deletion of a single amino ‎acid, two stop codons, and two aberrant codons missing one nucleotide besides many amino ‎acid substitutions‏”.‏
    https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/14703305/






    ونلاحظ كثرة مناطق الإكسونات المفقودة تمامًا exon absent في القطعة الجينومية المسماة جين gulo البشري، كما أن الاتفاق في أي من مناطق الإكسونات الموجودة exon is present لا يعني التطابق في تسلسل كل منطقة منها verified by sequencing، علمًا بأن هناك صور تسلسلات قواعد نتروجينية كثيرة لجين gulo على شبكة الانترنت، ربما كانت موضوعة كمثال لأغراض تعليمية وليست صحيحة.
    إن التسلسل المسمى جين Gulo في الإنسان والشمبانزي ليس أكثر من قطعة جينومية متشابهة في جينومي الإنسان والشمبانزي لا تشفر لبروتين، وقد افترض التطوريون أنها جين كاذب معطل، وهو يختلف عن التسلسل المدعى في قرود الأورانغوتان، ويختلف كثيرًا عن تسلسل الجين المدعى في خنازير غينيا، ولم يستطيعوا أن يجدوا تسلسلًا مشابهًا له في الخفافيش أو الأسماك العظميات التي لا تصنع فيتامين C.
    وتسلسل الجين العامل المشفر للبروتين (إنزيم إل جلونولاكتون اوكسيديز ‏L-gulonolactone oxidase‏ ) لدى الأنواع التي تصنعه يختلف بنسبة كبيرة عن هذا التسلسل المدّعى في الإنسان والشمبانزي وغيرهما من الأنواع التي لا تصنع الفيتامين، ولكنهم يدعون حدوث طفرات حذف وإدراج واستبدال لنيوكليوتيدات، إضافة لحذف مناطق exons كاملة! لتبرير أنه هو الجين ذاته!
    فعلى أي أساس تم افتراض أن هذه القطعة الجينومية كانت ستصنع فيتامين C في الإنسان والشمبانزي لولا أن حدثت بها طفرة؟! ما الذي هداكم مع كل هذه الفروق لتحديد أن هذا التسلسل المتماثل لدى الإنسان والشمبانزي ذي الإكسونات الناقصة والنيوكليوتيدات المختلفة عن نظيره في الحيوانات التي تصنع فيتامين C، هو الذي يفترض أن يُكوِّن الإنزيم اللازم للخطوة الرابعة في سلسلة تكوين فيتامين C لو كان كاملًا؟!





    وكان التطوريون قد ادّعوا منذ سنوات أن ‎(GULOP) ‎ لدى الإنسان المعين على human chromosome 8~21.1 ‎( 8p21)‎، يتوافق مع مقطع محفوظ تطوريًا على أي من الموضعين ‎4 (SSC4) أو14 (SSC14) على كروموسوم الخنازير porcine chromosome، وتحديد موقعين بسبب أن كلا الموقعين يختلفان كثيرًا عن التسلسل المدعى في الإنسان والشمبانزي، فإن لم تقنعك مقارنة التسلسل الأول يمكنك أن تأخذ الآخر!



    والتطوريون يبررون اختلاف التسلسلات في القطع الجينومية المسماة جين gulo في جينومات باقي الرئيسيات عن التسلسل في جينوم الإنسان والشمبانزي بأن الثدييات ورثت نسخة نشطة عاملة من الجين Gulo من السلف المشترك للثدييات، ولأجل ذلك فأغلب الثدييات لديها القدرة على تصنيع الفيتامين داخل أجسامها، ثم انقسمت الرئيسيات منذ نحو 63 مليون سنة، وفقدت Haplorhini‎ التي تضم قرود الترسير نشاط Gulo عن طريق طفرة بشكل مستقل، ثم تعطل الجين لدى خنازير غينيا بشكل مستقل منذ نحو 20 مليون سنة، والأمر ذاته يقال عن الخفافيش التي لا تصنع الفيتامين، ثم حدثت طفرة بعد ذلك في السلف المشترك للإنسان والقردة العليا عطلت الجين، وورثت جميع الرئيسيات العليا هذه الطفرة، ثم بعد ذلك حدثت طفرة أخرى في السلف المشترك للإنسان والشمبانزي، ورثها كلا النوعين، ثم حدثت طفرات أخرى في الجين غيرت تسلسلاته في جينوم الأنواع المختلفة بشكل مستقل.
    وكما يتضح فالتطفر غالبًا مستقل، ولكن مع الحفاظ على فرضية السلف المشترك للإنسان والشمبانزي، وليست إجابتهم أكثر من قصة إضافية، وما النظرية إلا حكايات جدتي!

    السؤال الثاني: بما أن الثدييات جميعها تحتاج إلى فيتامين C في عمليات الأيض في أجسامها، وتدعون أنه قد حدثت طفرات لدى بعض الأسلاف المشتركة، أو في بعض الأنواع بشكل مستقل، خلال مراحل التطور، أدت إلى تعطل الجين المسئول عن إفراز الإنزيم الرابع والأخير في سلسلة تكوين الفيتامين مما يوقف تكونه، لماذا أبقى الانتخاب الطبيعي على تلك الطفرة غير المفيدة، بل وسمح بتمريرها إلى الأنواع التي نتجت من تلك الأسلاف؟ وإلى الأجيال الجديدة من الأنواع التي تطورت بشكل مستقل؟!
    وطبعًا التطوريون على استعداد لأي شيء سوى تسخيف انتخابهم الطبيعي الذي يدعون أنه ينتقي الأصلح، والإجابة التي وجدتها في كتب التطوريين هي الإجابة المتوقعة منهم بأن فيتامين C يمكننا الحصول عليه من الغذاء وعليه فلا مشكلة من عدم قدرة أجسامنا على تكوينه، ووجدت لدى جيري كوين إضافة بأن هذا الانتخاب ربما كان مفيدًا لأنه خلّص هذه الأنواع من بروتين ربما كان مكلفًا في إنتاجه.
    فعلام كل هذه الضجة عن الطفرة المدعاة التي منعت أجسامنا من تكوين فيتامين C وحرمتنا منه؟ وما الدليل على أن أي بروتين مكلف في إنتاجه سوى خيالاتكم وأوهامكم؟ ولماذا تستبعدون أننا خلقنا لنحصل على هذا الفيتامين من الغذاء مثله في ذلك مثل أغلب الفيتامينات، ولو كان يتكون في أجسامنا لتعارض مع بعض العمليات البيوكيميائية في الخلية الإنسانية وخلايا القردة؟
    وعلى سبيل المثال فهناك ملاحظة واضحة للعيان وهي أن الرئيسيات فقط تتشارك في تنظيم التعبير لجين ‎ CAMP ‎بواسطة فيتامين‎ D، حيث يشفر هذا الجين CAMP بروتينًا عضوًا من عائلة الببتيد المضاد للميكروبات. يلعب البروتين دورًا مهمًا في الدفاع المناعي الفطري ضد الفيروسات. بالإضافة إلى أنشطته المضادة للبكتيريا والفطريات والفيروسات، ويعمل البروتين المشفر في الانجذاب الكيميائي للخلية، وتحريض الوسيط المناعي، وتنظيم الاستجابة الالتهابية.
    https://www.genecards.org/cgi-bin/carddisp.pl?gene=CAMP

    السؤال الثالث –وهو أهم سؤال والإجابة عليه هي الضربة القاضية-:يتم تكوين فيتامين C من خلال أربع خطوات، بدءًا بـ D Glucose وصولًا إلى الخطوة الأخيرة حيث ينتج 2-keto-gulono-gamma-lactone الذي يتحول مباشرة دون الحاجة لإنزيم إلى حمض الأسكوربيك (AA) المعروف باسم فيتامين C، أما الخطوة الثالثة السابقة عليها، والتي تكون الأخيرة بالنسبة للإنسان والقردة فينتج عنها L-gulono-lactone والمعروف بـ L-dehydroascorbic acid (DHA)، وهو شكل مؤكسد من حمض الأسكوربيك (فيتامين C) an oxidized form of ascorbic acid (AA) .
    فهل هذا المركب (DHA) الذي يكون المركب النهائي المنتج بالنسبة للإنسان والقردة غير ذي قيمة وليست له وظيفة؟ لأنه لو كانت له وظيفة لسقطت حجة التطوريين كليًا، لأن هناك مركبًا وظيفيًا ينتج من تلك السلسلة للتحولات الكيميائية، وأجسام الإنسان والقردة خُلقت مهيأة لتخليقه وليس لتخليق فيتامين C فيها لأسباب تتعلق بتناسق العمليات الحيوية في أجسامها، وهذا سبب توقف التحولات الكيميائية عند الخطوة الثالثة التي تنتج هذا المركب وليس بسبب طفرة.
    ولكي تكتمل الإجابة على السؤال: فهل هناك ضرر على الإنسان من أن يكون فيتامين C في جسمه، والأفضل له أن يستفيد منه من مصدر خارجي؟
    في مجلة Cell Press عدد مارس 2008 نُشرت دراسة هامة ورائدة حاولت استكشاف DHA وبعض ما يرتبط به. وأهم النقاط التي قررتها الدراسة:
    ·من بين كل الخلايا تبدي خلايا كرات الدم الحمراء للإنسان أعلى مستوى من وجود ناقل الجلوكوز المعروف باسم Gult1؛ إذ يوجد بها 200000 جزيء لكل خلية، كما أنه في غشاء الخلية الحمراء فإن Gult1 يمثل 10% من مجموع كتلة البروتين.
    ·لا زال التنظيم والوظيفة لناقل Gult1 في عملية تكوين كرات الدم الحمراء Erythropoiesis التي تبدأ في خلايا نخاع العظام غير معروفين.
    ·نقل الجلوكوز ينقص أثناء عملية تكوين خلايا الدم الحمراء للإنسان Erythropoiesis في نخاع العظام في مقابل زيادة في نسخ Gult1، وفي المقابل فإن توسط نقل Gult1 لمركب DHA يتحسن بشكل دراماتيكي.
    ·عرف الباحثون نوعًا من البروتين غير القابل للتجزيء في غشاء كرات الدم الحمراء اسمه Stomatin على أنه منظم التحول من نقل الجلوكوز إلى نقل DHA.
    ·تبين للعلماء أنه في خلايا الدم الحمراء فإن Gult1 ينقل بشكل تفضيلي DHA أكثر من الجلوكوز، وأن التحول من نقل الجلوكوز إلى نقل DHA يرتبط بتحفيز بروتين stomatin في غشاء خلية الدم الحمراء.
    ·وجد العلماء لدى المرضى باضطراب وراثي نادر في نفاذية غشاء خلية الدم الحمراء (OHSt) حيث يكون بروتين stomatin مستوياته منخفضة أنه ينقص نقل DHA بنسبة 50% بينما يزيد امتصاص الجلوكوز بشكل دال.
    ·وجد العلماء أن Gult1 في كرات الدم الحمراء وامتصاص DHA المرتبط به هو من الخصائص الفريدة للإنسان والثدييات الأخرى التي تفقد القدرة على تكوين حمض الاسكوربيك AA (فيتامين C) من الجلوكوز، حيث درس العلماء دم الفئران –وهي من أنواع الثدييات القادرة على تكوين حمض الاسكوربيك AA (فيتامين C)- وتبين لهم أنه يوجد لديها في كرات الدم الحمراء الناضجة ناقل من نوع آخر ينتمي لعائلة Gult وهو Gult4 وليس Gult1، وأن كرات الدم الحمراء لديهم لعدم احتوائها على Gult1 فإنها لا تمتص DHA.
    ·يمكن القول إن هناك آلية معينة تحدث في الثدييات التي لا تكون فيتامين C، حيث إن التعبير المشترك الخاص بين Gult1 و بروتين Stomatin في كريات الدم الحمراء يساعد على امتصاص DHA.
    ·العجيب أن العلماء اكتشفوا أن Gult1 –الذي يميز الثدييات التي لا تكون فيتامين C، ويميز خلايا الدم الحمراء في الإنسان خاصة- يعتبر أيضًا عاملًا حاسمًا في تسهيل نقل الجلوكوز إلى المخ، والجلوكوز هو غذاء المخ كما نعلم، وأن عدم كفاية Gult1 يؤدي إلى الحجز في مرحلة الطفولة وتأخر النمو وصغر حجم الرأس.
    ·امتصاص DHA العالي بواسطة كرات الدم الحمراء في جسم الإنسان يسمح له أن ينتقل بكفاءة في جميع أجزاء الجسم.
    http://www.sciencedirect.com/science...92867408002043
    من ثم فعدم تكوين جسم الإنسان لفيتامين C سبب رئيسي في ارتفاع قدراتنا العقلية كبشر مقارنة بالأنواع التي تكونه في أجسامها، علمًا بأن سلسلة تكوينه تبدأ بالجلوكوز، والجلوكوز هو غذاء المخ، وتوجد دراسات أخرى تؤكد أن تناول كميات كافية من هذا الفيتامين في الصغر ترفع درجة الذكاء لدى الأطفال! ولا زال البحث جاريًا عن معلومات أكثر.
    علمًا بأن هذه الدراسة أجريت على الإنسان، ولم تدرس باقي الأنواع التي لا تكون فيتامين C في أجسامها.
    وهذا هو العلم الحقيقي الذي يفترض أن كل شيء له وظيفة ويبحث عنها حتى يجدها ويصل يومًا ما إلى فهم الظاهرة موضع الدراسة، وفرق كبير بينه وبين عبث التطوريين وادعائهم أن كل ما لا يعرفون وظيفته هو ركام تطوري بلا وظيفة، ودليل على السلف المشترك.
    وفي دراسة تجريبية تم فيها إحداث طفرة تعطيل لجين gulo لدى فئران، وعليه فقد صارت مثل البشر بحاجة إلى تناول فيتامين C في الغذاء، لوحظ الأثر عند سحب المكملات الغذائية من غذائها، وكانت هناك تأثيرات واضحة وعميقة على التسبب في أمراض الأوعية الدموية، وكانت هناك تغيرات في جدار الشريان الأورطى تحديدًا‎.‎
    https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC15418/
    وكثيرًا من الدراسات أشارت إلى تأثير فيتامين C على امتصاص الحديد وصحة الشرايين، ولكن نقصه لدى البشر لا يؤدي للتحولات الدراماتيكية والسريعة التي حدثت لدى الفئران المطفورة في التجربة عند سحبه من غذائها لدرجة أنها بعد 5 أسابيع أصيبت بفقر الدم، وبدأت تفقد الوزن، وتموت؛ لأنها مخلوقة بحيث تصنع الفيتامين، بينما الإنسان مخلوق بحيث يستطيع جسمه امتصاص الفيتامين من الغذاء، ومهما طالت فترة سحبه من غذائه لا يتضرر بالدرجة ذاتها، وكل مهيأ لما خُلق له.

    الحمد لله عدد خلقه، ورضا نفسه، وسعه عرشه ، ومداد كلماته

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ أسبوع واحد
ردود 0
92 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ أسبوع واحد
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 4 أسابيع
ردود 0
45 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 4 أسابيع
ردود 0
14 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 3 نوف, 2024, 12:44 ص
ردود 0
21 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
يعمل...