حالة مصر قبل قضاء قطز حاكم مصر على التتار حلقة 1

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الفقير لله 3 مسلم اكتشف المزيد حول الفقير لله 3
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الفقير لله 3
    1- عضو جديد

    • منذ 4 أسابيع
    • 85
    • موظف
    • مسلم

    حالة مصر قبل قضاء قطز حاكم مصر على التتار حلقة 1

    وهو قائد الجيش المصري سيف الدين قطز رحمه الله.

    سيف الدين قطز هو واحد من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين، واسمه الأصلي محمود بن ممدود ،
    وهو من بيت مسلم ملكي أصلي، وسبحان الله! كم هي صغيرة هذه الدنيا!
    فـقطز رحمه الله هو ابن أخت جلال الدين بن محمد بن خوارزم وجلال الدين الذي هزم التتار مرتين،
    ثم هزم وفر إلى الهند، ثم عاد إلى أرض فارس وقتل الكثير من المسلمين إلى أن قتل على يد فلاح كردي.

    فالتتار لما أمسكوا بعضاً من أهل جلال الدين بن خوارزم بعد فراره إلى الهند،
    كان قطز أحد هؤلاء الذين أمسكهم التتار، فقتلوا بعضهم وأبقوا بعضهم؛ ليباعوا في سوق الرقيق،
    وكان ممن بقي محمود بن ممدود أو قطز .

    والتتار هم الذين أطلقوا على قطز اسم قطز، وهذه الكلمة بالتترية تعني: الكلب الشرس،
    فقد كان واضحاً على قطز علامات القوة والبأس من صغره،
    فلذلك أطلق عليه التتار هذه الكلمة، ثم باعوه بعد ذلك في أسواق الرقيق في دمشق،
    واشتراه أحد الأيوبيين وجاء به إلى مصر، ثم انتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ؛
    ليصبح أكبر قواده كما رأينا.

    ولعلنا نلحظ بوضوح في قصة قطز التدبير العجيب لرب العالمين سبحانه وتعالى!
    فالتتار مكروا بالمسلمين، واسترقوا أحد أطفالهم، وباعوه بأنفسهم في دمشق،
    ثم بيع بعد ذلك من واحد إلى آخر، ووصل إلى بلد لم يرها قبل ذلك، ولعله لم يكن يسمع بها أصلاً في هذه السن الصغيرة،
    ليصبح في النهاية ملكاً على هذا البلد، وتكون نهاية التتار -الذين قاموا بنقله من أقاصي بلاد المسلمين إلى مصر- على يد هذا المملوك
    الذي كان يباع ويشترى، وسبحان الذي يدبر بلطف، ويمكر بحكمة،
    ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء, وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [النمل:50].

    و قطز رحمه الله كبقية المماليك نشأ على التربية الدينية القوية، وتشبع بالحمية الإسلامية القوية،
    وتدرب منذ صغره على فنون الفروسية وأساليب القتال، وعلى أنواع الإدارة وطرق القيادة،
    فنشأ رحمه الله شاباً فتياً أبياً محباً للدين معظماً له، وكان رحمه الله قوياً صبوراً جلداً، بالإضافة إلى أنه ولد في بيت ملكي،
    فكانت طفولته طفولة الأمراء، وهذا أعطاه ثقة كبيرة في نفسه، فهو لم يكن غريباً على أمور القيادة والإدارة والحكم،
    وفوق كل هذا فإن أسرته قد هلكت تحت أقدام التتار، وقد رأى بعينه أفعال التتار في بلاده يوم أن كان صغيراً،
    وهذا ولا شك جعله يفقه جيداً مأساة التتار، وليس من رأى كمن سمع.

    كل هذه العوامل مجتمعة صنعت من قطز رحمه الله رجلاً ذا طراز خاص جداً، يستهين بالشدائد تماماً،
    ولا يرهب أعداءه، مهما كثرت أعدادهم، أو تفوقت قواتهم.

    ولقد كان للتربية الإسلامية العسكرية، والتربية أولاً على الثقة بالله أثر كبير جداً في حياة قطز رحمه الله.

    قطز رحمه الله وإن كان يدير الأمور فعلياً في مصر، إلا أن الذي يجلس على الكرسي سلطان طفل، ولا شك أن هذا كان يضعف من هيبة الحكم في مصر، ويزعزع من ثقة الناس بملكهم، ويقوي كذلك من عزيمة الأعداء عندما يرون الحاكم طفلاً.

    في ضوء الخطر التتري الرهيب، والمشاكل الداخلية الطاحنة، والاضطرابات وثورات المماليك البحرية،
    وأطماع الأمراء الأيوبيين الشاميين لم يجد قطز رحمه الله أي معنى لأن يبقى السلطان الطفل نور الدين علي
    على كرسي أهم دولة في المنطقة وهي مصر، والتي لم يعد هناك أي أمل في صد التتار إلا فيها،
    وهنا أخذ قطز رحمه الله القرار الجريء، وهو عزل السلطان الطفل نور الدين علي ،
    وصعود قطز بنفسه على عرش مصر، ولم يكن هذا القرار غريباً،
    فـقطز كان هو الحاكم الفعلي للبلاد، والجميع بما فيهم السلطان الطفل نفسه نور الدين علي
    يدركون ذلك تمام الإدراك، ولكن قطز لم يكن يتحرك إلا من خلف هذه الصورة الهزلية المضحكة،
    وهي صورة السلطان الطفل، فما كان من قطز إلا أن أخذ هذا القرار الجاد في (24) ذي القعدة سنة (657) من الهجرة؛
    ليظهر من ورائها الأسد الهصور قطز رحمه الله الذي على يديه ستتغير معالم الأرض وجغرافية العالم،
    وتتغير كثير من صفحات التاريخ.


    وقبل وصول هولاكو إلى حلب بأيام،
    ومنذ أن صعد قطز رحمه الله إلى كرسي الحكم،
    بدأ يعد العدة للقاء التتار،
    وحدثت أحداث جسام على أرض مصر،
    فقد انتهج نهجاً جديداً على ذلك الزمن،
    ورفع رايات جديدة ما رفعت منذ أمد،
    وجهز جيوشاً ما جهزت منذ أزمان بعيدة،
    وفي عهده كان اليوم الذي لا يشبهه من أيام الزمان إلا قليل،
    وأما كيف حدث كل ذلك، فتعالوا نرى وننظر إلى قطز رحمه الله كيف عمل؟
    وكيف استلم البلاد؟ وكيف وصل بها إلى ما وصل إليه رحمه الله؟!
    كان المسرح السياسي الداخلي في مصر يموج بالاضطرابات العاصفة والأزمات الشديدة،
    وكانت الفتن الناتجة عن التصارع على الحكم، وبالذات في العشر السنوات الأخيرة عنيفة جداً ومتكررة،
    وكانت هذه الأوضاع قد استقرت نسيباً عندما تولى الملك المعز عز الدين أيبك الحكم سبع سنوات متصلة،
    ولكنها عادت من جديد للاشتعال بمقتله ثم مقتل شجرة الدر ،
    ثم ولاية الطفل نور الدين علي ، ثم خلعه بواسطة قطز رحمه الله وتوليه بدله،
    فالأمور كانت مضطربة جداً. وقطز وإن كان الآن قد استقر على كرسي الحكم،
    إلا أن هناك الكثير من الطامعين في الكرسي، ولا شك أيضاً أن هناك الكثير من الحاقدين على قطز شخصياً،
    ومن المؤكد أن هؤلاء الطامعين والحاقدين سوف يتحركون، أو على الأقل سيحاولون التحرك لإقصاء قطز عن العرش،
    أو حتى قتله كما اعتاد الكثير من المماليك أن يفعلوا.

    وكانت الفتنة مازالت دائرة بين المماليك البحرية الصالحية، الذين كانوا يؤيدون شجرة الدر،
    والمماليك المعزية الذين يؤيدون الآن سيف الدين قطز رحمه الله،
    وكذلك لا ننسى أن كثيراً جداً من المماليك البحرية فروا إلى مختلف الإمارات الإسلامية في الشام،
    ومن بقي منهم في مصر بقي على وجل وترقب، وهذا الانقسام ولا شك أضعف القوة العسكرية المصرية؛
    لأن المماليك البحرية كانوا هم أساس الجيش المصري تقريباً. العلاقات الخارجية

    إذا كان الوضع السياسي والعسكري داخل البلاد على هذه الصورة الخطيرة
    فالمسرح السياسي الخارجي كذلك، كان يحمل مشكلات في غاية الأهمية.

    فالعلاقات بين مصر وبين الدول التي حولها كانت ممزقة تماماً،
    والعلاقات الدبلوماسية مع كل إمارات الشام كانت مقطوعة تماماً،
    ولم تكن مقطوعة فقط، بل كانت روح العداء الشديد هي السائدة بين الفريقين،
    وكذلك لم يكن لمصر أي سند من الشمال الإفريقي أو ليبيا أو السودان، فقد كانت مصر تعيش في عزلة مقيتة ستسهل جداً على الوحش التتري مهمة ابتلاع مصر،
    كما فعل بأشياعها من قبل.
    الحالة الاقتصادية

    لم يكن الوضع الاقتصادي في مصر أحسن حالاً من الوضع السياسي أو الاجتماعي،
    فلقد كانت البلاد تمر بأزمة اقتصادية طاحنة؛ بسبب الحروب الصليبية المتكررة،
    والحروب التي دارت بينها وبين جيرانها من أهل الشام،
    والفتن والصراعات على المستوى الداخلي، وكل هذه الأمور أدت إلى أزمة اقتصادية طاحنة،
    كما أن الناس انشغلوا بأنفسهم وبالفتن الداخلية والخارجية،
    فتردى الاقتصاد إلى أبعد درجات التردي، وباتت البلاد فعلاً على حافة هاوية سحيقة شبه مؤكدة.

    كل هذا وأعداء الأمة قد اجتمعوا عليها وبضراوة شديدة،
    فهناك الغرب الصليبي الحاقد جداً، وكان قد مني بهزائم ساحقة في مصر منذ عشر سنوات في المنصورة وفارسكور،
    ولا شك أن الصليبيين يريدون الثأر والانتقام، فالاضطرابات الأخيرة في مصر والانقلابات،
    وحوادث القتل المتكررة، فرصة لرد الاعتبار وللثأر وللانتقام، وهناك الإمارات الصليبية المزروعة في فلسطين منذ عشرات السنين،
    وهذه قريبة جداً من مصر، وممكن أن تفكر هذه الإمارات في غزو مصر في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، و
    فوق كل ذلك هناك الهم الكبير القادم من الشرق وهو التتار.​


مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ يوم مضى
ردود 0
9 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الفقير لله 3
بواسطة الفقير لله 3
ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ يوم مضى
رد 1
14 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الفقير لله 3
بواسطة الفقير لله 3
ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ يوم مضى
ردود 0
7 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الفقير لله 3
بواسطة الفقير لله 3
ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ 3 يوم
ردود 0
9 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الفقير لله 3
بواسطة الفقير لله 3
ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ 4 يوم
ردود 0
9 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الفقير لله 3
بواسطة الفقير لله 3
يعمل...