تعد بردية 66 من أهم وأشهر وأقدم برديات إنجيل يوحنا وهي تعود إلي القرن الثاني الميلادي مع بعض الإختلاف في زمنها بين العلماء [1]
ويعتبر نصها الأساسي خليطاً بين النص السكندري والغربي [2] مع الإشارة إلي انها تحتوي علي بعض القراءات التي تميل فيها إلي قراءات النص البيزانطي [3]
ولناسخ تلك البرديه شهره كبيره بين العلماء فهو في نظرهم وعلي الرغم من انه محترف إلا انه مهمل بل وينسي الكلمات التي ينسخها !! [4]
ولايقتصر الامر علي النسيان او الإهمال بل وصل الامر بالبعض إلي القول بأنه كان جاهلاً اصلا باللغه اليونانية !! [5]
وعلي النقيض ذهب البعض إلي انه تخطي دوره كناسخ وتفاعل مع النص للدرجه التي جعلته يعدل النص وفق رؤيته الشخصيه !! [6]
إلا ان تلك الإتهامات المُنهاله علي الناسخ المسكين إلا كمحاوله لتبرير ذلك الكم من التغييرات التي لحقت بالبردية والتي بلغت مايقرب من 440 تغيير !! [7]
فعلي الرغم من ان البردية لا تحوي سوي إنجيل يوحنا إلا ان ذلك الكم الكبير من التعديلات والتغييرات التي لاحقت بالبردية جعل البعض يسخر قائلاً ان البردية تضم خطئين في العدد الواحد [8]
وهو الأمر الذي يضع صوب أعيننا سؤالاً هاماً الا وهو:
هل تلك التغييرات الكثيره تصحيحاً لأخطاء الناسخ في النقل ام هي مجرد بلوره للبردية او بمعني ادق إعاده صياغه البردية وفق تطورات معينه ؟
نظرة العلماء
لا خلاف ان الإجابه علي ذلك السؤال تشكل معضله خصوصاً إذا حاولنا التفتيش عن تلك الإجابه في كتابات العلماء
فمن الأصل وقف العلماء موقف التضارب الشديد في بيان حقيقة الناسخ من حقيقة المُصحح
فذهب العالم Gordon إلي ان الناسخ هو نفسه المصحح ويظهر من كلامه ان سبب تلك التغييرات الكثيره راجع إلي ان الناسخ إستخدم مخطوطتين في إنجازعمله فبعد ان إستخدم مخطوط في عمليه النسخ الأصليه عاد بعد فتره من الزمن وقام بعمليه تنقيح وتصحيح من مخطوط أخر مختلف. [9]
في حين علي النقيض ذهب دكتور Colwell إلي ان عمليه النسخ تمت من قبل شخص وقع في اخطاء ساذجه وان عمليه التصحيح تمت من قبل أخر [10]
وفي صورة ثالثه ذهب العالم Erroll Rhodes إلي ان عمليه إنتاج المخطوطة تمت وفق ثلاث مراحل: [11]
1- خلال عمليه النسخ الأصليه كان الناسخ نفسه يقوم ببعض التصحيحات الفورية
2- بعد إنتهاء عمليه النسخ تمت مراجعتها من قبل شخص ما ( قد يكون الناسخ او اخر )
3- في مرحله أخيره تمت مراجعه البردية من خلال مخطوط اخر غير المخطوط الأصلي المستخدم في النسخ منه
ومن الكلام اعلاه يظهر بوضوح كم الغموض الذي يحيط بعمليه التصحيح وبالكاد يكون الميل نحو وجود نموذجين واحد لعمليه النسخ وأهر للتنقيح وهو الأقرب للصواب عند دكتور فيليب كُمفورت
هل الناسخ الأصلي هو الذي قام بعمليه التصحيح وحده ؟
يتعارض هذا الفرض مع من قال من العلماء بأن الناسخ قد تجاوز حدود عمله كناسخ وتفاعل مع النص كقارئ حقيقي
- إذ انه بتطبيق نظرية التفاعل علي قراءة ( الرب ) في 1:4 فليس هناك أي دافع تفاعلي يجعل الناسخ يقرأها ( يسوع ) ثم نفاجئ بأن ذلك الدافع قد إنهار فجاة وتم تعديل القراءة مرة اخري إلي ( الرب ) !!
- وبالمثل فإذا كان الدافع في قراءة ( أخوه ) بدلاً من ( أخوته ) في 12:2 واضحاً فمن الصعب تخيل إرتداد فكر الناسخ بتلك البساطه
- وأيضاً فإذا كان دافع الناسخ في حذف ( وهو بحر طبريه ) بـ1:6 راجعاً كما أشار كمفورت إلي ان مسيحي مصر ماكانوا يعرفون ان بحر الجليل يُسمي أيضاً بحر طبريه فما هو الطارئ الذي جد عليه حتي يعود في ذلك الدافع !!
- وكذلك في 28:19 فإن كان الدافع من حذف ( فلكي يتم الكتاب ) هو رؤيه الناسخ من عدم توافق الحدث مع المزمور 21:69 فما الذي جعله يُعدل عن رأيه !!
- وأخيراً فإنه بالنظر إلي 6:4 حيث قراءة ( الأرض ) المخالفه للقراءة الحاليه ( البئر ) والتي زعم كمفورت انها نبعت من عدم قبول فكره الجلوس علي البئر لدي الناسخ !! جعلت من الصعوبة الموافقه علي تلك الفرضيه بل وأثبتت بما لايدع مجالاً للشك ان c2 المرمز له بعمليه التصحيح ليس هو الناسخ الأصلي
هل الناسخ الأصلي كان متفاعلاً مع النص ؟
لاخلاف ان للناسخ اخطاء قد تكون نابعه من إهماله او من طريقته في عمليه النسخ وهو امر عادي في نسخ المخطوطات إلا ان إثبات تفاعله بصورة عمديه في النص هو امر ليس بالهين إثباته.
فإذا كان لدي الناسخ نيه التفاعل المسبقه فما الذي يحضه علي حذف إضافته ( الذى يرفع خطية العالم ) في 36:1 والتي تتوازن مع 29:1، فمن الواضح انها إضافة عرضيه نتيجه حضور العدد 29 في ذهن الناسخ وهو ينقل العدد 36
- كما انه ليس هناك اي داعي لحذف الإضافة ( حقاً ) قبل ( ابن الله ) في 49:1
- وبالمثل فليس هناك داعي لحذف ( حقاً ) بعد ( المسيح ) في 26:7
- كما انه ليس هناك أي سبب يدعوه لمخالفه نص إشعياء ويضيف كلمة ( لا ) قبل ( يشعروا بقلوبهم ) في 40:12
- وليس هناك اي داعي لحذف ( سمعان ) في 4:12
- وليس هناك اي سبب مقنع لحذفه ( حيث كان الميت موضوعاً ) 41:11
كل تلك الامثله وغيرها تدل علي ان التفاعل لم يكن السمه الرئيسيه في تعامل الناسخ مع النص الذي ينسخه
إنجاز عمليه التصحيح وإثبات التحريف:
مابين نص الناسخ الأصلي والمُصحح مساحه ساشعه من القراءات المختلفه تثبت بما لا يدع مجالاً للشك ان التحريف كان في ذلك الوقت في اشد توهجه حيث لا خلاف كثيرا بين العلماء علي ان القرن الثاني كان هو الزمن الخصب لظهور القراءات المختلفه للنص المقدس
ومن تلك النقطه يمكن ان يُنظر الي طبيعه مهمه المُصحح للبرديه 66 علي انها كانت إعاده صياغه للنص وهذا يظهر من خلال الأمثله التاليه:
- في 1-19 إضافة ( إليه ) بعد ( لاويين )
- في 7-37 إضافة ( إلي ) بعد ( فليقبل )
- في 12-46 إضافة ( كل ) بعد ( حتي )
- في 17-11 إضافة ( ليكونوا واحداً كما نحن )
- في 3-31 إضافة ( يأتي ) قبل ( من السماء )
- في 6-64 إضافة ( من هم الذين لا يؤمنون )
- في 17-11 إضافة ( ليكونوا واحداً كما نحن )
- في 3-31 إضافة ( يأتي ) قبل ( من السماء )
- في 18-15 إضافة ( وكان ذلك التلميذ معروفاً عند رئيس الكهنه )
كل تلك القراءات وغيرها محذوفة في النص الأصلي للبرديه 66 ولكنها مدرجه من قبل الناسخ الثاني والذي كانت مهمته تحسين سيقا النص وإزاله اي صعوبات
ولأنها كانت فترة إنتقاليه للنص المقدس لذا لم تكن قد وقفت بعد علي شكلها النهائي وهذا واضح في النص مابعد التصحيح حيث الكثير من القراءات المخالفه للنص العام الموجود حالياًً :
- 3-20 إضافة ( لأنها شريرة ) في نهايه العدد
- 6-58 قراءة ( الأباء ) بدلاً من ( اباؤكم )
- 6-64 قراءة ( الاب ) بدلاً من ( أبي )
- 9-9 قراءة ( واخرون قالوا لا ، لكنه يشبهه ) بدلاً من ( واخرون انه يشبهه )
- 16-4 قراءة ( ساعتهم ) بدلاً من ( الساعه )
- 15-10 قراءة ( الاب ) بدلاً من ( أبي )
- 19-3 إضافة ( واخذوا يدنون إليه )
- 15-15 قراءة ( اسميكم ) بالمضارع بدلاً من الماضي ( سميتكم )
- 10-27 إضافة ( كما قلت لكم ) في بداية العدد كإشارة إلي 10-3
- 9-8 قراءة ( شحات ) بدلاً من ( اعمى )
الخلاصة :
مما سبق طرحه ومن خلال محاوله الإجابه علي سؤالنا المطروح يتبين لنا مدي وضوح الرؤيه في تلك الفترة من عمر النص المقدس
حتي ان القديس أوريجانوس كان يصرح في تلك الفترة ان الإختلافات بين المخطوطات قد صار عظيماً !! [12]
وهذا مايفسر ذلك الفرق الكبير بين نص الكاتب الأصلي للبردية 66 وبين النص المستخدم من قبل المُصحح وحتي مابين نص المُصحح وبين النص الذي بين أيدينا الان
وبذلك يمكننا ان نقول وبكل جزم ان بردية 66 هي أقدم وأشهر وأبسط دليل علي التحريف الذي لحق بالنص المقدس قديماً بالإضافة إلي كونها أفضل مثال لحاله التطور الذي لحق بالنص المقدس خلال القرن الثاني وهو العصر الذهبي لظهور الإختلافات بين مخطوطات العهد الجديد[12]
وإلي القارئ ملخص بأهم الإختلافات بين نص البرديه 66 وبين نسخه الفاندايك:
1- فقرات موجوده في الفاندايك وغير موجود في البردية 66:
- 3-13 ( الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.)
- 7-53 ، 8-11 قصه المراة الزانية
- 5-4:3 قصه تحريك الملاك للماء
- 16-15 ( كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ )
- 1-27 (هُوَ الَّذِي ) و ( الَّذِي صَارَ قُدَّامِي )
- 5-16 ( وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ )
- 3-34 ( اللهُ ) قبل (الرُّوحَ )
- 6-11 (عَلَى التَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا )
- 8-59 ( مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا )
- 10-13 ( وَالأَجِيرُ يَهْرُبُ )
- 13-32 ( إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ تَمَجَّدَ فِيهِ )
- 16-16 ( لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ )
- 17-12 ( فِي الْعَالَمِ )
- 17-18 ( أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ )
- 18-5 ( مُسَلِّمُهُ أَيْضًا )
- 19-17 ( فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ )
- 19-38 ( فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ )
- 12-11 ( يَذْهَبُونَ و )
- 11-39 ( يَاسَيِّدُ )
- 1-51 ( مِنَ الآنَ ) قبل ( تَرَوْنَ السَّمَاءَ )
- 4-42 ( الْمَسِيحُ ) قبل ( مُخَلِّصُ الْعَالَمِ )
- 5-30 ( الآبِ ) قبل ( الَّذِي أَرْسَلَنِي )
- 5-44 ( الإِلهِ ) قبل ( الْوَاحِدِ )
2- فقرات موجوده في البردية 66 وغير موجوده بالفاندايك:
- 2-15 إضافة ( مثل ) قبل (سوطاً )
- 7-46 إضافة ( كلام ) بعد ( مثل )
- 9-33 إضافة ( الإنسان ) قبل ( من الله )
- 19-3 إضافة ( وأخذوا يدنون إليه )
- 21-6 إضافة ( لكنهم قالوا له : لقد تعبنا طوال الليل ولم نمسك شيئاً ولكن علي كلمتك ألقي الشبكة )
- 10-27 إضافة ( كما قلت لكم )
- 6-40 إضافة ( الآب ) بعد ( مشيئة )
3- قراءات في البردية 66 تخالف القراءات الحاليه في الفاندايك:
- 1-3 فاصله التنقيط وإعادة صياغه النص ( لم يكن شئ . 4 ما كان فيه كان حياه ) بدلاً من ( لم يكن شيء مما كان . 4 فيه كانت الحياه )
- 1-18 قراءة ( الإله الاوحد ) بدلاً من ( الابن الوحيد )
- 1-28 قراءة ( بيت عنيا ) بدلاً من ( بيت عبرة )
- 1-42 قراءة ( يوحنا ) بدلاً من ( يونا )
- 3-16 قراءة ( الابن الوحيد ) بدلاً من ( ابنه الوحيد )
- 6-58 قراءة ( الاباء ) بدلاً من ( أباؤكم )
- 6-64 قراءة ( الاب ) بدلاً من ( ابي )
- 6-69 قراءة ( قدوس الله ) بدلاً من ( ابن الله )
- 7-50 قراءة ( قبلاً ) بدلاً من ( ليلاً )
- 9-8 قراءة ( شحات ) بدلاً من ( اعمي )
- 9-35 قراءة ( ابن الإنسان ) بدلاً من ( ابن الله )
- 10-33 قراءة ( الله ) بدلاً من ( الها )
- 15-10 قراءة ( الاب ) بدلاً من ( ابي )
- 16-4 قراءة ( ساعتهم ) بدلاً من ( الساعه )
- 16-4 قراءة ( تذكرونهم ) بدلاً من ( تذكرون )
- 8-25 قراءة ( أخبرتكم في البداية مااخبركم به ايضاً الان ) بدلاً من ( انا من البدء مااكلمكم ايضاً به )
- 10-3 قراءة ( يجمعها ) بدلاً من ( يخرجها )
- 19:38 قراءة ( اخذ الجسد ) بدلاً من ( اخذ جسد يسوع )
- 13-5 قراءة ( مغسل للأقدام ) بدلاً من ( مغسل )
- 8-36 قراءة ( انتم احراراً ) بدلاً من ( تكونون احراراً )
--------------------------------------------------------------------------------
1- The Text of the Earliest New Testament Greek Manuscripts : Philip W. Comfort and David P. Barrett p376-39
2- The Text Of New Testament : Bruce M. Metzger p40
3- Chapters In The History Of New Testament Textual Criticism : Bruce M. Metzger p38
4- The Text of the Earliest New Testament Greek Manuscripts : Philip W. Comfort and David P. Barrett 382
5- The Identity of the New Testament Text II - Wilbur N. Pickering , Chapter 5
6- Scribe As Interpreter : Philip W. Comfor p48
7- The Text Of New Testament : Bruce M. Metzger p40
8- The Identity of the New Testament Text II - Wilbur N. Pickering , Chapter 5
9- The Corrections of Papyrus Bodmer II and Early Textual Transmission : Gordon D. Fee p253–54
10- Scribal Habits : Ernest Colwell p118
11- The Corrections of Papyrus Bodmer II : Erroll F. Rhodes p280–81
12- Misquoting Jesus : Bart Ehrman p52 ; Commentary on Matthew15.14
13- A history of the textual criticism of the New Testament : Marvin R. Vincent p42
تعليق