وكذلك تنسب العرب الذرية إلى الصلب على غرار " وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشى على الأرض " وهو تعبير مجازى.. يقول الراغب الأصفهانى: " وقوله (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) تنبيه أن الولد جزء من الأب وعلى نحوه نبه قول الشاعر: وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشى على الأرض ".. (مفردات ألفاظ القرآن)..
تأويل قوله تعالى: فلينظر الإنسان مما خُلق ..
تقليص
X
-
ملحق بأهم النصوص الواردة:
- قال السُدى فى تأويل قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ): " مسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذرّية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذرّ فقال لهم: ادخـلوا الجنة برحمتى ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرّية سوداء كهيئة الذرّ فقال: ادخـلوا النار ولا أبالى فذلك حين يقول: " وأصْحابُ اليمين وأصْحابُ الشِّمال " ثم أخذ منهم الميثاق فقال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) فأطاعه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية ".. (تفسير الطبرى)..
قلتُ: وغنى عن البيان أن ذرية آدم هى البويضات الملقحة (أى النطفة الأمشاج)..
وفى الأثر عن إبن عباس رضى الله عنه: " لما خلق الله آدم أخذ ميثاقه أنه ربه.. وكتب أجله ومصائبه.. واستخرج ذريته كالذر وأخذ ميثاقهم.. وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم ".. (رواه الطبرى فى تفسيره)..
وفيه أن الله تعالى أخذ الميثاق من آدم وبنيه بعد أن سواه ونفخ فيه من روحه وقبل خلق حواء.. فمسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذرّية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذرّ فقال لهم: ادخـلوا الجنة برحمتى ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرّية سوداء كهيئة الذرّ فقال: ادخـلوا النار ولا أبالى كما جاء فى خبر السُدى..
- مرحلة العلقة من مراحل تطور الجنين وهى تلى مرحلة الإخصاب..
والعلقة مفرد علق وتشير إلى نشوب الشىء فى شىء آخر ..
وقد وصف الإمام الماوردى العلقة بأنها: " أول أحوال العلوق ".. (النكت والعيون)..
وهذا قد أثبته العلم الحديث..
يقول الدكتور سميح خورى مستشار الأمراض النسائية والتوليد والعقم: " فى اليوم الرابع إلى الخامس من رحلة الجنين (الأرومة) المنقسم فى طريقه من قناة فالوب إلى موقعه الأخير كى يعلق أخيراً بجدار الرحم ".. (مقال مراحل تكون الإنسان فى الرحم)..
- يقول إبن فارس فى مادة (علق): " العين واللام والقاف أصلٌ كبير صحيح يرجع إلى معنىً واحد وهو أن يناط الشَّىء بالشىء".. (مقاييس اللغة)..
ولذلك تطلق كلمة العلق على الدم الجامد ودود الماء والطين اللازب لأنهم يعلقون قياساً ..
يقول إبن فارس: " والعَلَق الدم الجامد وقياسُه صحيح لأنَّه يَعْلَقُ بالشىء ".. (مقاييس اللغة)..
ويقول إبن منظور: " والعَلَقُ: دود أَسود فى الماء معروف الواحدة عَلَقةٌ ".. (لسان العرب)..
ويقول المرتضى الزبيدى: " والعَلَقُ: كُلُّ ما عُلِّقَ وأيضاً: الطّينُ الذى يعْلَق باليَد ".. (تاج العروس)..
يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: " خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ " .. (العلق: 2)..
الراجح أن المراد بالعلق هنا هو الطين اللازب الذى يعلق باليد..
لأن ظاهر السياق يتحدث عن بدء خلق الإنسان من طين..
يقول الله تعالى: " إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لّازِبٍ ".. (الصافات: 11)..
والطين اللازب هو: الطين اللاصق الذى يعلق باليد ..
يقول الإمام الطبرى فى تفسيره: " إنا خلقناهم من طين لاصق وإنما وصفه جل ثناؤه باللزوب لأنه تراب مخلوط بماء ... والتراب إذا خلط بماء صار طيناً لازباً "..
وتطلق العلقة أيضاً على كل ما يعلق عامة..
فعن إبن أبى هلال أن رجلاً أتى النبى عليه السلام فقال: " يا رسول الله ما من الناس أحد بعدك أحب إلى من فلان .. إنى لأجد له فى نفسى شيئاً ما يعلمه إلا الله .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذهب فأخبره .. فأتاه فأخبره فقال الآخر: والذى نفسى بيده لك مثل ذلك .. فأتى النبى عليه السلام فأخبره .. فقال رسول الله عليه السلام: شىء بشىء شىء وافق شيئاً لا أسمع لك عَلَقَة فضلى ".. (الجامع فى الحديث لإبن وهب)..
قوله (لا أسمع لك عَلَقَة فضلى) أى لا تجعل فضل محبتى نُشبة تمنعك من مصارحة من تحب بحبك له..
فصح يقيناً أن العلقة تطلق على الشىء الناشب أو المتشبث بشىء آخر..
ولذلك يقول الشيخ الشعراوى: " سُميت النطفة علقة لأنها تعلق بالرحم ".. (تفسير الشعراوى)..
- يقول الله تعالى فى كتابه العزيز (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى)..
النطفة هى الماء القليل.. وفى لسان العرب (وبه سمي المني نطفة لقلته) أى تشبيهاً بالماء القليل.. وهى (القطرة) أيضاً كما عند الشوكانى فى تفسيره..
- يقول إبن عاشور: " وخلق المضغة عظاماً هو تكوين العظام فى داخل تلك المضغة.. وذلك ابتداء تكوين الهيكل الإنسانى من عظم ولحم.. وقد دل عليه قوله (فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا) بفاء التفريع ... فمعنى (فَكَسَوْنا) أن اللحم كانَ كالكسوة للعظام ولا يقتضى ذلك أن العظام بقيت حيناً غير مكسوة ".. (التحرير والتنوير بتصرف)..
ويقول السعدى فى تفسيره: " (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ) اللينة (عِظَامًا) صلبة قد تخللت اللحم ".. (تيسير الكريم الرحمن)..الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد ..تعليق
-
ولعل أقرب التفاسير لمنطوق الآية الكريمة هو تفسير أبوبكر الأصم حيث قال: " (ٱلصُّلْبِ) كناية عن الرجل .. (وَٱلتَّرَائِبِ) كناية عن المرأة ".. (تأويلات أهل السنة)..
ومن أسباب الكناية فى القرآن أن يذكر بالكناية ما يفحش ذكره فى السمع.. فيكنى عنه بما لا ينبو عنه الطبع وهو من سنن العرب كما ذكر الثعالبى فى كتابه (فقه اللغة)..الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد ..تعليق
مواضيع ذات صلة
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 30 أغس, 2024, 04:54 ص
|
ردود 33
529 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة فارس الميـدان
|
||
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 28 أغس, 2024, 04:41 ص
|
ردود 0
92 مشاهدات
1 معجب
|
آخر مشاركة
بواسطة أحمد الشامي1
|
||
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 أغس, 2024, 06:25 م
|
ردود 0
243 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة أحمد الشامي1
|
||
ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 23 أغس, 2024, 05:36 م
|
ردود 5
259 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة فارس الميـدان
|
||
تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ..
بواسطة فارس الميـدان
ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 15 أغس, 2024, 09:57 م
|
رد 1
92 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة فارس الميـدان
|
تعليق