ملخص كتاب تصميم الحياة 4 : أصل الأنواع
المبحث الأول : الدليل الحاسم على التطور
عرف البشر التطور فى قلب الأنواع و السلالات من قبل داروين بزمن و لكن النقطة المركزية فى التطور هى الانتواع speciation و هو نشوء الأنواع الجديدة. يعترف عالم الأحياء التطورى ارنست ماير بأن فرضيات داروين فشلت فى حل مشكلة تعدد الأنواع كما يقول التطورى ادوارد وايلى بأن مشكلتى تعريف النوع و كيفية ظهوره [وهما لب التطور] بعيدتان عن الحل. كتب عالم الأحساء التطوريةكيث ستيوارت طومسون أن العلماء لم يجدوا دليل حاسم على الانتواع لاثبات التطور و ليس مجرد التكيف فى قلب النوع. [لاحظ أن هذا الكلام الأكاديمى يختلف تماما عن الثقة التى يصدر بها التطوريون نظريتهم للعامة]. ما يزيد من المشكلة هو عدم وجود تعريف موحد و متفق عليه للنوع فى علم الأحياء بل أكثر من 20 تعريف. قرر التطوريون أن يتبنوا تعريف النوع على أنه "جماعة متزاوجة فيما بينها طبيعيا و منعزلة عن غيرها تكاثريا" لأن هذا المفهوم يسهل لهماثبات نشوء نوع جديد بمجرد حدوث حواجز تكاثرية بين حماعتين من نفس النوع. الى جانب كون هذا التعريف معيب لأنه ينطبق فقط على التكاثر الجنسى فيستثنى الكائنات اللاجنسية كالجراثيم و الميتة كالأحافير الممثلة لتاريخ الكائنات فانه أيضا يعكس التحيز الواضح اذ تم اختيار هذا التعريف بالذات لأنه قد يقود الى نتائج موافقة للنظرية بسهولة. يشبه هذا علم الفلك البطليموسى القائل بمركزية الأرض و دوران الشمس حولها و الذى كان ينتقى الأبحاث و الملاحظات بناءا على موافقتها له و لكن هل حقا خدم هذا التعريف المتحيز الدراونة؟ فلنرى
المبحث الثانى : الأنواع كجماعات معزولة تكاثريا
قد تكون الحواجز التكاثرية جغرافية كالجبال و المسطحات المائية أو زمانية كتغيرات مواعيد موسم التزاوج فى قلب النوع الواحد أو سلوكية كتباين اشارات الزواج. اذا كانت المجموعة التى انعزلت عن الجماعة الأم صغيرة فان هذا يسهل الانزياح الجينى genetic drift عن المجموعة الأم و ذلك بتغير نسبة تواتر صفات معينة فى الجماعة الجديدة بناءا على صفات الأفراد المؤسسين founder effect أو تأثير المؤسس. بمعنى أن صفة معينة قد تكون نادرة فى الجماعة الأم و لكن قلة من الأفراد الحاملة لهذه الصفة النادرة انعزلت و تكاثرت فيما بينها مؤسسة جماعة جديدة سادت فيها هذه الصفة التى كانت نادرة فى الجماعة الأم. بعض الفرضيات الأخرى لا تعتمد على الحواجز الزمكانية و لكن على ما يسمى بتأثير عنق الزجاجة و هو تعرض الجماعة الى حدث بيئى عنيف يبيد معظم الأفراد باستثناء حاملى صفة معينة تساعد على البقاء فيبقى هؤلاء و يؤسسوا جماعة جديدة تسود فيها هذه الصفة. هذه فرضيات جميلة كما نرى و لكنها كلها قائمة على تغيير توزيع و تواتر صفات موجودة بالفعل و هذا لا ينتج صفات جديدة و لا ينشئ نوعا جديدا بل ان هذا قد يضر الجماعة الجديدة بتقليل التنوع الجينى فيها و قصر حوضها الجينى على الصفات النادرة التى حملتها جماعة الاباء الأولية الصغيرة و ضياع معلومات جينية كانت فى الجماعة الأصلية و هو ما سيقلل من قدرتها على التكيف مع ظروف بيئية مختلفة و هو ما يقود الى الثبات و الانقراض و قلة التنوع و ليس الانتواع و التطور و البقاء.
المبحث الثالث: الحالات المزعومة للانتواع
يحاول الدراونة ادعاء وجود أمثلة كثيرة على الانتواع و أمثلتهم المزعوم نوعان. الأول هو سيناريوهات مفترضة من الدراونة لتفسير نشأة بعض الأنواع الموجودة بلا أى دليل على صحة هذه السيناريوهات. الثانى هو ما يسمونه بالانتواع الأولى أو الانتواع الطليعى و ذلك بقيامهم بعمليات تهجين مختبرى لكائنات تمتلك صفات نادرة فى الجماعة لانتاج جماعات جديدة تسود فيها هذه الصفات ثم تلقيب هذه الجماعات الجديدة بأنها "طلائع" أنواع جديدة.
هذا الزعم يواجه مشاكل عديدة. هل مجرد عدم التزاوج معناه انتاج نوع جديد؟ ان بعض مجموعات ذبابة الفاكهة [وهى من الكائنات الرئيسية التى يركز عليها الدراونة فى تجاربهم] لا تتزاوج فى الطبيعة برغم انتماءها الى نفس النوع بسبب تباين مواقيت الزواج المرتبطة بدورها بتوقيت نضج الثمار التى ستتغذى عليها اليرقات بل و بعض أنواع الكلاب لا تتزاوج لفرق الحجم و مع ذلك هى من نفس النوع. ان ما يسميه الدراونة انتواع طليعى أو أولى أو ثانوى لا ينتج أى خصائص شكلية جديدة و لا أجناس جديدة هو اما انعزال تكاثرى أو عملية تهجين لضمان شيوع صفة معينة فى الجماعة. يتحايل الدراونة بالاحالة الى المجهول بادعاء أن هذه هى مرحلة أولى من الانتواع و أننا اذا تركنا هذا الانتواع الأولى [هيكبر و يبقى زى الفل و] سينتج لنا بعد فترة ضخمة من الزمن نوع جديد [و مين يعيش] [و هناك مجموعة أبحاث مجمعة تحت مسمى الانتواع الخادع تحتوى على تفنيد علمى لبعض الحالات الشهيرة التى يستدل بها الدراونة
https://www.discovery.org/m/2019/03/Casey-Luskin-Specious-Speciation.pdf
Jerry A. Coyne and H. Allen Orr, Speciation (Sunderland, Mass.: Sinauer Associates, 2004) p.138 - 141
Francisco Rodriquez-Trelles, James R. Weinberg, and Francisco J. Ayala, “Presumptive Rapid Speciation After a Founder Event in a Laboratory Population of Nereis: Allozyme Electrophoretic Evidence Does
Not Support the Hypothesis,” Evolution 50 (1996): 457-461.
[
يقول عالم الجراثيم الان لنتون "ان الجراثيم مثالية لهذه الدراسات فزمن الجيل 20-30 دقيقة و مع ذلك فخلال 150 سنة من انطلاق علم الجراثيم لم نسجل تطور نوع جرثومى الى نوع اخر نهائيا فما بالنا بتطور أحاديات الخلية الى نباتات و حيوانات و كائنات أرقى متعددة الخلايا" كما اعترف عالما الأحياء التطورية مارجولس و ساجان "لم نستطع اقتفاء دليل مباشر على الانتواع" لا يزال الدليل الحاسم على التطور مفقودا"
Alan Linton, “Scant Search for the Maker,” The Times Higher Education Supplement (April 20, 2001), Book Section, 29
Lynn Margulis and Dorion Sagan, Acquiring Genomes: A Theory of the Origins of Species (New York: Basic Books, 2002), 32
لتفصيل أكثر عن تعريف الأنواع و المشاكل و التضاربات التى يواجهها يرجى مراجعة تفنيد أركان الداروينية
المبحث الرابع: التطور الصغروى و الكبروى و علم الأحياء التطورى النمائى
لطالما ميز علماء الأحياء التطورية بين التطور الصغروى (التغيرات فى قلب النوع) و الكبروى (انتاج أعضاء و أنظمة جسم و أنواع جديدة) و أقروا بغياب دليل متين يربطهما و بأنهم يعممون الأول على الثانى بل وصل الأمر ببعض الدراونة ادعاء أن التفرقة بينهما من اختراع الخلقيين برغم اقرار الكثير من خبراء الداروينية أنفسهم بذلك الفرق. ان التطور الصغروى يؤدى الى تكيف الأنواع مع البيئة ضمن حدود ثابتة من التنوع لكنه لا يصنع أنواع أو أعضاء جديدة و الادعاء بأن هذا التكيف انتواع أولى أو طليعى [و أنه لما يكبر هيبقى انتواع كامل] لا دليل عليه بل أقر علماء وراثة و أحياء ببطلان هذه الفرضية. [جاء علم الوراثة الحديث بالضربة القاضية لهذه الفرضية بتبيان أن التكيف كما وضحنا فى فصل سابق هو انتخاب توليفات من جينات موجودة مسبقا فى الحوض الجينى للنوع و ليس انتاج صفات أو جينات جديدة و هو ما ينفى فكرة الانتواع الطليعى أو الأولى تماما] ان كل تجارب التطفير (احداث طفرات كثيرة) التى أجريت على أجيال عديدة من ذبابة الفاكهة فى محاولة لاثبات التطور الكبروى لم تنتج نوعا جديدا بل أنتجت ذبابات طبيعية أو معاقة أو ميتة [و هو ما يطعن عمليا فى قدرة الية الطفرات العشوائية المزعومة للداروينية على انتاج أى شئ كبرويا كان أو صغرويا] و لم يتم رصد صفة واحدة جديدة اكتسبها الذباب من خارج جيناته الموجودة مسبقا.
Christiane Niisslein-Volhard and Eric Wieschaus, “Mutations Affecting Segment Number and Polarity in Drosophila ,” Nature 287 (1980): 795-801. Jonathan Wells, “Mutant Shrimp? — A Correction,” February 11, 2002.
https://www.discovery.org/a/1118/
Arhat Abzhanov, Meredith Protas, B. Rosemary Grant, Peter R. Grant, and Clifford J. Tabin, “Bmp4 and Morphological Variation of Beaks in Darwin’s Finches,” Science 305 (2004): 1462-1465.
و للمزيد من نقد حالات الانتواع المزعومة يرجى مراجعة أيقونات التطور: التطور الصغروى
حاول الدراونة البحث فى اتجاه اخر لاثبات التطورعن طريق تشابهات البروتينات و سيتم تفنيد هذا الكلام فى الفصل القادم ان شاء الله.
المبحث الخامس: الانتواع و التصميم الذكى
الى جانب ما سبق من تفنيد فرضيات الانتواع الداروينى فان تحدى هام جدا يواجه الفكرة متمثلا فى مصدر الابتكار و التصميم فى الأعضاء و الأنظمة الحيوية الجديدة المطلوب ظهورها فى الأنواع الجديدة. لقد اعترف عدد من التطوريين مثل جيرهارت و كرشنر بأن اليات التعديل الوراثى الداروينية عاجزة عن تفسيرالتنوعات الفسيولوجية و التشريحية و السلوكية الجديدة.
Marc W. Kirschner and John C. Gerhart, The Plausibility of Life: Resolving Darwin’s Dilemma (New Haven, Conn.: Yale University Press, 2005), preface
[حدث اعتراف مشابه أيضا فى اجتماع الجمعية الملكية فى بريطانيا فى 2016
https://www.cnsnews.com/commentary/david-klinghoffer/scientists-confirm-darwinism-broken
Paul A. Nelson and David Klinghoffer, "Scientists confirm: Darwinism is broken,” CNS News (December 13, 2016)
بعد صدور هذا الكتاب]
حاول الدراونة تجاوز هذا بوضع فرضية جديدة اسمها facilitated variation نظرية التنوع الميسر و التى تفترض أن التنوعات ليست عشوائية و لكنها "منحازة لتحقيق فائدة للتطور" و أن هناك قيود تحد من التنوعات التى يمكن أن تحدث فى النوع حتى تدفعه الى النتيجة المنشودة. طبعا لم تفسر هذه النظرية ما هذه القيود و لا لماذا هى "منحازة للتطور" و لا كيف تكون هناك نتيجة منشودة اصلا فى عملية عمساء بلا تصميم ذكى على حد زعمهم. ان الالياتالمادية و التعديلات الوراثية العشوائية لا تزال عاجزة عن تفسير الازدياد الهائل فى المعلومات الوظيفية و الابتكارات الجديدة المطلوبة للتطور الكبروى. ان الذكاء هو مصدر المعلومة و الابتكار و لا يجب أبدا استثناءه أو رفضه كما تفعل الداروينية مع ابقاء كيفية تحقيق هذا الابتكار عمليا على أرض الواقع سؤالا مفتوحا تعتمد اجابته على الدليل العلمى
منقول من ملخص كتاب تصميم الحياة - د. ويليام ديمبسكي ود. جوناثان ويلز
تعليق