السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على سيد مرسلين , وعلى آله وصحبهِ أجمعين أما بعد
روي أن بعض مشايِخِ الصوفية خَرَج على أصحابِهِ , وكانوا أربعين رجلاً وقد أقاموا ثلاثةَ أيام لم يفتَح لهم بطعام , فقال لهم : يا قوم ! إن الله قد أباح التَسَبُبَ للعبادِ , قال تعالى : {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقِه } , فانظروا من يَخرُج منها فيأتِنا بشيء , قال : فخَرَجَ فقيرٌ فمشى في جانبي بَغداد , فلم يجد من يسألُهُ في شيء , فأخَذَهُ الجوع والتَعب , فجلس على دكانٍ طبيبٍ نصراني والناسُ عليهِ خلقِ عظيمٍ يصفُ لهم الدواء , فقال له النصراني : ما بك ؟ فلم يَرَ أن يشكوَ إلى نصراني حالَهُ , بل مد يدَهُ إليه , فمس يَدَهُ . فقال النصراني عند ذلك : هذه علَةٌ أنا أعرِف دواءها , يا غلام ! امضِ إلى السوق وائتني برطلِ خبزٍ ورطلِ شواءٍ ورطل حلواءَ . فقال الفقير : فهذه العلةُ بأربعين رجلاً . فقال : يا غلام ! ائتني بأربعين مثل ذلك . فأتى الغلامُ بذلكَ . فسَلَمَهُ إلى الدُوَيرة . وقام النَصراني يَختَبِر صدقَ الفقير . فلما أتى الدُويرَةَ وقفَ خارجاً منها خلف طاق , حتى دخلَ الفقير فوضع الطعام , واجتَمَع الشيخُ والفقراء . وقدموا الطعام , فأمسك الشيخُ عن الطعام وقال : يافقير ! ما قصةُ هذا الطعام ؟ فحكى لَهُ القصةَ بكاملها فقال الشيخ : أترضونَ أن تأكلوا طعامَ نصرانيٍ وصلكم به دون مكافأةٍ ؟ قالوا ما مكافأتُهُ ؟ قال : تدعون الله لَهُ قبل أكلِ طعامِهِ بالنجاةِ من النار , فدَعَوا لَهُ وهو يَسمَعُ فلما رأى النصراني إمساكَهُم عن الطعام مَعَ حاجَتِهِم إليه , وسمِعَ ما قال الشيخُ , قرع الباب , ففتحَ لَهُ ودَخَلَ , وقطعَ الزُنار , وقال : أِهَدُ أن لا إله إلا الله وأشهَدُ أنَ محمداً رسولُ الله .
تَمَ نقلُ هذه القصة من كتابٍ عندي اسمُهُ (( كتاب التوابين للإمام الحافظ موفق الدين بن قدامة المقدسي
بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط
اختصرَهُ وعلق عليه
محمود الأرناؤوط وحسن مروة
=============================
أخوكم في الله
مجاهد