المتناقضات فى الأناجيل .. (1)
الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
عادة ما يغضب إخواننا المسيحيون من الإشارة إلى المتناقضات فى الأناجيل أو فى الكتاب المقدس ، التى باتت تُعد بالآلاف ، ويتهمون قائلها بأنه يعتدى على "قدسية" نصوص منزّلة !.. بل لقد أضيف إلى عبارة الغضب هذه رد صادر عن المؤسسة الفاتيكانية ، للتمويه على الحقائق العلمية ، بأن هذه المتناقضات ليست بمتناقضات ، وإنما هى آيات تكمّل بعضها بعضا ! وذلك هو ما قاله أيضا الأب رفيق جريش ، فى المداخلة التى قام بها، ردا على ما أشرت إليه بهذا الصدد ، فى برنامج "90 دقيقة" على قناة المحور ، يوم 14 يناير الماضى..
وفى واقع الأمر ، أن هذه "القدسية" المزعومة قد إعتدى عليها الفاتيكان فعلا ثلاث مرات: المرة الأولى فى مجمع ترانت ، سنة 1546 ، حينما فرضها على الأتباع قهرا فى الدورة الرابعة ، يوم 8 أبريل ، قائلا أن "الله هو المؤلف الوحيد للكتاب المقدس" ، وهى العبارة الواردة فى وثائق ذلك المجمع ، مع فرض "اللعنة على كل من يتجرأ ويسأل عن مصداقية أى شىء" ! (المجامج المسكونية ، الجزء الثالث صفحة 1351 ، طبعة لوسير 1994).
والمرة الثانية ، مع تقدم العلوم والدراسات التاريخية واللغوية ، حينما تراجع الفاتيكان عن عبارة أن "الله هو المؤلف"، ليقول فى مجمع الفاتيكان الأول سنة 1869 : "أن الله قد ألهم الحواريين عن طريق الروح القدس" !..
أما المرة الثالثة ، ففى مجمع الفاتيكان الثانى المنتهى سنة 1965 . فمن أهم ما ناقشه : الدراسات النقدية التى أطاحت بمصداقية الكتاب المقدس بعامة ، وبالعهد الجديد بصفة خاصة.. فبعد مداولات متعددة لدراسة كيفية صياغة الإعلان عن هذا التراجع المطلوب ، المناقض لكل ما تم فرضه قهرا لمدة قرون ، على أنها نصوص منزّلة ، تم التوصل إلى محاولة للتخفيف من وقعه على الأتباع ، عبر خمس صياغات مختلفة ، واقترعوا على الصيغة النهائية ، بأغلبية 2344 صوتا مؤيدا ، ضد 6 أصوات معارضة..
ويقول النص الصادر عن الفاتيكان : "أن هذه الكتب وإن كانت تتضمن الناقص والباطل ، فهى مع ذلك تُعد شهادات لعلم تربية إلهى حقيقى" .. ويعنى النص بالفرنسية :
"Ces livres, bien qu'ils contiennent de l'imparfait et du caduc, sont pourtant les témoins d'une pédagogie divine" !..
وفى العدد رقم 137 من مجلة "عالم الكتاب المقدس" سبتمبر- أكتوبر 2001 ، والذى يتصدر غلافها موضوع رئيسى بعنوان : "من كتب الكتاب المقدس ؟ " ، نطالع فى المقال الذى بقلم جوزيف موان J. Moingt)) ، الأستاذ المتفرغ بكليات الجزويت بباريس ، و الذى يشير فيه إلى صعوبتين فيما يتعلق بالكتاب المقدس قائلا :
" أولا أن الكتاب المقدس ليس كتابا بالمعنى المفهوم وإنما مكتبة بأسرها ، مجموعة متعددة من الكتب والأنواع الأدبية المختلفة ، بلغات مختلفة ، ويمتد تأليفه على عشرات القرون، وأنه قد تم تجميع كتبه فى شكل كتاب بالتدريج ، إبتداء من مراكز صياغة ونشر متنوعة. ثانيا كل كتاب من هذه الكتب لم يتم تأليفه دفعة واحدة ، بقلم نفس الكاتب ، وإنما صيغ كل كتاب منها إعتمادا على العديد من التُرث الشفهية المتناثرة وكتابات جزئية متفرقة ناجمة عن مصادر شتى بعد أن تمت إعادة كتابتها وصياغتها وتبديلها على فترات طويلة قبل أن تصل إلى ما هى عليه"..
ويوضح هذا الإستشهاد كيف أن مثل هذه المعلومات ، فى الغرب ، باتت من المعلومات الدارجة التى يتم تناولها على صفحات الجرائد والمجلات ..
وإذا أضفنا إلى ما تقدم ، كل ما توصلت إليه "ندوة عيسى" ، بمعنى أن 82% من الأقوال المنسوبة ليسوع لم يتفوّه بها ، وأن 86 % من الأعمال المسندة إليه لم يقم بها، لأدركنا فداحة الموقف ، من حيث الهاوية التى تفصل الحقائق التى توصل إليها العلم والعلماء ، وكثير منهم من رجال اللاهوت ، والإصرار الأصم على تنصير العالم ، بأى وسيلة وبأى ثمن - رغم كل الشعارات الطنانة والمتكررة التى يعلنونها بإحترامهم أصحاب الأديان الأخرى !
ولا أتناول هذا الموضوع من باب التجريح أو الإنتقاص من أحد - فما من إنسان فى هذا الزمن مسؤل عما تم فى هذه النصوص من تغيير وتبديل ، عبر المجامع على مر التاريخ ، لكننى أطرحه كقضية عامة تهم كل المسلمين ، أينما كانوا ، والذين باتت تُفرض عليهم عملية تنصير لحوحة وغير إنسانية ، مدعومة بالضغوط السياسية وبما يتبعها من تنازلات .. لذلك أناشد كافة الجهات المعنية التصدى لهذه المهزلة المأساوية الكاسحة !..
كما أنها تهم كل القائمين على عمليات التبشير والتنصير ، التى تدور رحاها بذلك الإصرار الغريب ، حتى يدركوا فداحة ما يتسببون فيه حقيقة، على الصعيد العالمى ، من ضغوط وإنفجارات .. ضغوط وإنفجارات ناجمة عن إصرارهم على إقتلاع دين الآخر ، و نحن جميعا فى غنى عنها ـ خاصة وأنها تدور قهرا ، بجيوش مجيشة من العاملين فى هذا المجال ، من أجل فرض نصوص وعقائد أقرت قياداتها العليا ، منذ أجيال عدة ، بأنها تتضمن "الناقص والباطل" كما رأينا ..
وقد قامت نفس هذه القيادات بالتمويه على ما بها من متناقضات ، جلية لكل عين لا تتعمد فقدان البصر والبصيرة ، باختلاق بدعة أنها تعبّر عن تعددية الرؤية والتعبير، أو أنها تكمل بعضها بعضا !.. لذلك أصبحوا يقولون "الإنجيل وفقاً لفلان" ، وليس "إنجيل فلان" .. وهو ما يحمل ضمناً الإعتراف بوجود مساحة من الشك والريبة غير المعلنة ..
وإذا ألقينا بنظرة على بعض هذه المتناقضات ، التى قالت عنها الموسوعة البريطانية فى مداخلة "الكتاب المقدس" أنها تصل إلى 150,000 تناقضا ، وقد رفعها العلماء مؤخرا إلى الضعف تقريبا ، لأمكن لكل قارىء ـ أيا كان إنتماؤه ، أن يرى بنفسه ويقارن مدى مصداقية مثل هذه النصوص ، أو مدى إمكانية إعتبارها نصوص منزّلة ! ونورد ما يلى على سبيل المثال لا الحصر:
* التكوين 1 : 3-5 فى اليوم الأول الله خلق النور ثم فصل النور عن الظلمة
* التكوين 1 : 14-19 تم ذلك فى اليوم الرابع
* التكوين 1 : 24-27 خلق الحيوانات قبل الإنسان
* التكوين 2 : 7 و 19 خلق الإنسان قبل الحيوانات
* التكوين 1 : 31 اُعجب الله بما خلق
* التكوين 6 : 5-6 لم يعجب الله بما خلق وحزن وتأسف ..
* التكوين 2 : 17 كتب على آدم أن يموت يوم يأكل من شجرة المعرفة ، وقد أكل
* التكوين 5 : 5 آدم عاش 930 سنة !
* التكوين 10 : 5 و 20 و 31 كل قبيلة لها لغتها ولسانها
* التكوين 11 : 1 كانت الأرض كلها لسانا واحداً ولغة واحدة
* التكوين 16 : 15 و 21 : 1-3 إبراهيم له ولدان إسماعيل وإسحاق
* العبرانيين 11 : 17 إبراهيم له ولد واحد وحيده إسحاق (وتم إستبعاد إسماعيل)
* التكوين 17 : 1—11 الرب يقول عهد الختان عهداً أبدياً
* غلاطية 6 : 15 بولس يقول ليس الختان ينفع شيئا (وبذلك تعلو كلمة بولس على كلمة
الرب) !..
* خروج 20 : 1-17 الرب أعطى الوصايا العشر لموسى مباشرة بلا وسيط
* غلاطية 3 : 19 أعطاها الرب مرتبة بملائكة فى يد وسيط
* الملوك الثانى 2 : 11 صعد إيليا فى العاصفة إلى السماء
* يوحنا 3 : 13 لم يصعد أحد إلى السماء إلا إبن الإنسان (يسوع)
* متى 1 : 6 – 7 نسب يسوع عن طريق سليمان بن داوود
* لوقا 3 : 23 -31 نسب يسوع عن طريق ناثان بن داوود
* متى 1 : 16 يعقوب والد يوسف
* لوقا 3 : 23 هالى والد يوسف
* متى 1 : 17 جميع الأجيال من داوود إلى المسيح ثمانية وعشرون
* لوقا 3 : 23 -28 عدد الأجيال من داوود إلى المسيح أربع وثلاثون
* متى 2 : 13 – 16 يوسف أخذ الصبى (يسوع) وأمه وهربوا إلى مصر
* لوقا 2 : 22 – 40 عقب ميلاد يسوع يوسف ومريم ظلا فى أورشليم ثم عادوا إلى
الناصرة ! أى أنهم لم يذهبوا إلى مصر بالمرة ، بل ولا يرد ذكر ذبح الأطفال بأمر هيرود
* متى 5 : 17 – 19 يسوع لم يأت لينقض الناموس
* أفسوس 2 : 13 – 15 يسوع قد أبطل الناموس بجسده !
* متى 10 : 2 ، ومرقس 3 : 16 – 19 ، ولوقا 6 : 13 – 16 ، وأعمال الرسل 1 : 13
تختلف بينها أسماء وأعداد الحوايرين ..
* متى 10 : 34 جاء يسوع ليلقى سيفا وليس سلاما
* لوقا 12 : 49 – 53 جاء يسوع ليلقى ناراً وإنقساما
* يوحنا 16 : 33 جاء يسوع ليلقى سلاما ! بينما يقول يسوع :
* لوقا 19 : 27 أما أعدائى أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فاْتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامى !!
* متى 16 : 18ـ19 يسوع يقول أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابنِ كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات ..
* متى 16 : 23 فالتفت يسوع وقال لبطرس إذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لى لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس !.. وكررها مرقس كاتبا : " فانتهر بطرس قائلا إذهب عنى يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس" (8 : 33) ! فكيف يمكن لكنيسة أن تقوم على شخص يعتبره السيد المسيح شيطانا ومعثرة ولا يهتم بما لله ؟!.
* مرقس 14 : 44-46 علامة خيانة يهوذا ليسوع أن يقبله
* لوقا 22 : 47-48 يهوذا دنا من يسوع ليقبله
* يوحنا 18 : 2-9 يسوع خرج وسلم نفسه ولا ذكر لقبلة يهوذا الشهيرة
* متى 27 : 5 يهوذا طرح الفضة (النقود) أرضا ثم انصرف
* أعمال الرسل 1 : 18 يهوذا يقتنى حقلا بأجرة خيانته
* متى 27 : 5 يهوذا خنق نفسه
* أعمال الرسل 1 : 18 يهوذا يسقط على وجهه وانشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها
* متى 27 : 28 ألبسوا يسوع رداءً قرمزيا (علامة على الإهانة) ! ..
* مرقس 15 : 17 البسوه رداءً أرجوانيا (علامة على المَلَكية) !..
* متى 27 : 32 سمعان القيروانى سخّر لحمل صليب يسوع
* يوحنا 19 : 17 خرج يسوع حاملا صليبه
* متى 27 : 46 – 50 كانت آخر كلمات يسوع "إيلى إيلى لما شبقتنى ، أى إلهى إلهى لماذا
تركتنى " ..
* لوقا 23 : 46 كانت آخر كلمات يسوع " يا أبتاه فى يدك أستودع روحى" ..
* يوحنا 19 : 30 كانت آخر كلماته " قد أكمل " ونكس رأسه وأسلم الروح ..
* لوقا 23 : 43 قال يسوع للص المصلوب بجواره : الحق أقول لك إنك اليوم تكون معى فى الفردوس !..
* أعمال الرسل 2 : 31 تقول الآية أنه ظل فى الجحيم حتى بُعث (فى طبعة 1831) ، وفى طبعة 1966 تم تغيير عبارة "الجحيم" وكتابة "الهاوية" !..
وتغيير الكلمات أو العبارات من علامات التلاعب بالنص المتكررة ، وليست فقط فى الآية السابقة وتعد بالمئات ، فعلى سبيل المثال نطالع فى طبعة 1671 ، فى سفر إشعيا 40 : 22 عبارة "الذى يجلس على دايرة الأرض وسكانها هم مثل جراد : الذى يمد السموات كلا شىء ويبسطهن كمخبأ للمسكون " ، نجدها قد تحولت فى طبعة 1966 إلى : " الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب الذى ينشر السموات كسرادق ويبسطها كخيمة للسكن " ! وأهم فارق يشار إليه فى هذا التغيير هو حذف عبارة " دايرة الأرض" التى تشير إلى أن الأرض مسطحة حتى وإن كانت مستديرة الشكل ، وكتابة " كرة الأرض" لتتمشى مع التقدم العلمى الذى أثبت أن الأرض كروية وتدور حول الشمس ، وهى القضية التى تمت محاكمة جليليو بناء عليها ، ومن الواضح أن التغيير قد تم بعد ثبوت كلام جاليليو !
وهناك آيات جد محرجة فى معناها ، إذ تكشف عن حقيقة موقف أهل يسوع وأقرباؤه ، كأن نطالع : " ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل . وأما الكتبة الذين نزلوا من أورشليم فقالوا إن معه بعلزبول وأنه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين. " (مرقس 3 :21-22).. وهو ما يؤكده يوحنا ، إذ يقول : " فقال له اليهود الآن علمنا أن بك شيطانا" (8: 52 ) بل يضيف يوحنا : " لأن إخوته أيضا لم يكونوا يؤمنوا به" ( 7 : 5 ) !. فهل يجوز لمثل هذا الإنسان الذى يصفه أقرباؤه بالمختل ، ويرى فيه اليهود أن به شيطانا ، وان إخوته لم يكونوا يؤمنوا به ان يكون إلاها ويصبح "ربنا يسوع المسيح" الذى يجاهد التعصب الكنسى لفرض عبادته على العالم ؟!
أما مسألة يسوع وإخوته فما هو مكتوب عنها يؤكدها تماما ، إذ يقول لوقا : " فولدت إبنها البكر و قمّطته وأضجعته فى المزود إذ لم يكن لهما موضع فى المنزل " (2 : 7) .. وعبارة "الإبن البكر" تعنى يقينا أن له إخوة وأخوات كما هو وارد فى متى (13 : 55 – 56 ) ، وأن يسوع ، عليه الصلاة والسلام، هو أكبرهم ، أى الإبن البكر ..
وهو ما يؤكده متى حينما يورد الحلم الذى رآه يوسف النجار :"فلما إستيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره الرب وأخذ إمرأته. ولم يعرفها حتى ولدت إبنها البكر ودعا إسمه يسوع" (1 : 24 -25 ).. وعبارة "لم يعرفها حتى ولدت" تعنى أنه لم يعاشرها جسدا حتى وضعت إبنها البكر. وهذا تأكيد على صحة عبارة الإخوة والأخوات المذكورين بأسمائهم فى مرقس (6 : 3) . خاصة وأن النص اليونانى للإنجيل يحمل عبارة "أدلفوس" adelfos)) أى أخ شقيق ، وليس "أنبسوى" anepsoi)) ، أى أولاد عمومة كما يزعمون كلما اُثيرت هذه المشكلة التى تمس بألوهية يسوع ..
وهناك العديد من الوقائع التى لم يشهدها أحد فكيف وصلت لكتبة الأناجيل ، ومنها السامرية التى قابلها يسوع ، رغم العداء الشائع بين اليهود والسامريين ، إضافة إلى أن هذه السامرية بها من المحرمات الدينية والشرعية ما يجعله يبتعد عنها ، فهى متزوجة خمس مرات وتحيا فى الزنا مع آخر ، ورغمها نرى يسوع عليه السلام ، يبوح لها فى إنجيل يوحنا بما لم يقله لمخلوق ( 4 : 26 ) ، بأنه هو المسيح المنتظر !! فاى عقل أو منطق يقبل مثل هذا القول؟
وهناك تناقضات تشير إلى عدم صلب يسوع ، عليه السلام ، بالشكل المعترف عليه الآن، فالنص يقول أنه عُلق على خشبة ! وهو ما يتمشى مع الواقع ، فالصليب بشكله الحالى لم يكن معروفا فى فلسطين آنذاك .. وتقول الآيات :
"إله آبائنا أقام يسوع الذى أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة" ( اع 5 : 30 ) ؛ " ..الذى أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة" ( اع 10 : 39 ) ؛ " ولما تمموا كل ما كتب عنه أنزلوه عن الخشبة ووضعوه فى قبر" ( اع 13 : 29 ) ؛ " المسيح إفتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من عُلق على خشبة" (رسالة بولس إلى أهل غلاطية 3: 13) ؛ وهو ما يؤكده بطرس فى رسالته الأولى إذ يقول : " الذى حمل هو نفسه خطايانا فى جسده على الخشبة" (2 : 24 ) .. فأية آيات نصدق فى مثل هذه الأناجيل ؟!. ولا تعليق لنا على إعتبار السيد المسيح عليه الصلاة والسلام " لعنة " و " ملعونا " والعياذ بالله !
وليس كل ما تقدم إلا مجرد شذرات ، مقارنة بعددها الفعلى ، فلا يسع المجال هنا لتناول تلك الآلاف من المتناقضات الثابت وجودها فى النصوص الدينية ، لكنا نشير إلى حقيقة أن هذه النصوص ، بالشكل التى هى عليه ، ليست منزّلة – بإعتراف قادة المؤسسة الكنسية الفاتيكانية ، والعديد من الباحثين . وإنما هى قد صيغت وفقا للأغراض والأهواء السياسية والدينية ، وبالتالى فانه لا يحق لأى "إنسان" أن يحاول فرضها على المسلمين او غير المسلمين !
ليؤمن بها من شاء من أتباعها وليكفر بها من شاء من أتباعها ، لكن فرضها على العالم أجمع ، وخاصة على العالم الإسلامى الموحد بالله الواحد الأحد الذى لم يلد ولم يولد ، فهو أمر مرفوض بكل المقاييس . فالآيات التى يتذرعون بها لتنصير الشعوب والتى تقول : "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس" (متى 38 : 19) قد تمت صياغتها فى مجمع القسطنطينية ، سنة 381 ، بإختلاق بدعة الثالوث وإقحامها فى الأناجيل التى بدأت صياغتها فى أواخر القرن الأول .. فبأى عقل يمكن للدارس أو حتى للقارىء العادى أن يضفى أية مصداقية على ذلك الكم من المتناقضات ؟!..
لمتابعة الجزء الثاني من هنا: المتناقضات فى الأناجيل .. (2) - الدكتورة زينب عبدالعزيز