القس عبد المسيح بسيط أبو الخير في ميزان العلم !
إعداد
منتديات الجامع الإسلامية
لدعوة أهل الكتاب
والرد على المنصرين والمستشرقين
منتديات الجامع الإسلامية
لدعوة أهل الكتاب
والرد على المنصرين والمستشرقين
((( يقوم الأب القس "عبد المسيح بسيط أبو الخير" صاحبأشهر سلسلة كتب( Apologetics اللاهوت الدفاعي)، بإجابة أهم إستفسارات المواطنين المتعلقة بالديانة المسيحية , والديانة المسيحية فقط )))
((نقلاً عن - منبر - القمص عبد المسيح بسيط على شبكة المعلومات الدولية))
لماذا لا يريد القس عبد المسيح بسيط الإجابة على إستفسارات المواطنين حول الإسلام رغم امتلاء مؤلفاته بالنقولات والإستشهادات الإسلامية ؟!
تعرف على الإجابة من خلال هذا البحث ( انظر فهرس الموضوعات في نهاية البحث )
مقدمة
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , اللهم يا مفتح الأبواب , ويا مسبب الأسباب , ويا دليل الحائرين , توكلت عليك يا رب العالمين , وأفوض أمري إلى الله , إن الله بصير بالعباد ...
أما بعد,,,
لقد ظل القرآن الكريم على مر العصور والأزمنة شاهدًا على حقيقة أهل الكتاب فيكشف نواياهم , وإظهار تدليسهم وتزويرهم للحقائق , إلا من رحم الله تبارك وتعالى. قال الله تبارك وتعالى في محكم آياته : {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة13.
وقال تعالى : {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}المائدة14.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فتبين أنهم ( أي النصارى ) يريدون أن يحرفوا القرآن كما حرفوا غيره من الكتب المتقدمة , وأن كلامهم في تفسير المتشابه من الكتب الإلهية من جنس واحد ) (الجواب الصحيح 1/115 ) .
وقال رحمه الله في شأن ما يستدل به النصارى من آيات الذكر الحكيم وغيره : ( إن جميع ما يحتجون به من هذه الآيات وغيرها , فهو حجة عليهم لا لهم , وهكذا شأن جميع أهل الضلال إذا احتجوا بشيء من كتاب الله وكلام أنبيائه , كان في نفس ما احتجوا به ما يدل على فساد قولهم , وذلك لعظمة كتب الله المنزلة على أنبياؤه , فإنه جعل ذلك هدى وبيانًا للخلق وشفاء لما في الصدور , فلا بد أن يكون في كلام الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين من الهدى والبيان ما يفرق الله به بين الحق والباطل, والصدق والكذب , لكن الناس يؤتون من قبل أنفسهم , لا من قبل أنبياء الله تعالى ) ( الجواب الصحيح 2/240 , 241 ) .
ولهذا قال أهل العلم : كل ما يزعمه أهل الكتاب أنه من مصادرنا الإسلامية المعتمدة لا يلزمنا التسليم له والخوض في بيان وجهته حتى نراجع المصادر التي استدلوا بها , ونرى هل صدقوا في نقلهم وتأويلهم أم لا , وإذا كان ما زعموه قد نقلوه من مصادر ليست من الإسلام في شيء , فلا يلزمنا قولهم ولا التسليم له .
ولقد أردنا أن نُبين مغزى هذا القول لأهل الكتاب أنفسهم , وخاصة للعوام منهم الذين لا يدرون شيئًا عما يُخطط لهم على يد قساوستهم !
فالأمر كما قال الله : {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ }المائدة13 !
يُعد القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير , كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد, من أبرز القساوسة الذين أخذت أسماؤهم تتردد هذه الأيام . ووقفتنا مع هذا القس من خلال بعض كتبه المنتشرة في المكتبات المسيحية , وسنستعرض من خلال هذه الكتب أدلة القس عبد المسيح بسيط التي يزعم أنه نقلها من ( مصادرنا الإسلامية) . لنُبين من خلال هذا الإستعراض أن القس عبد المسيح بسيط أبعد ما يكون عن منهجية البحث العلمي المنصف , وأنه كمن سبقه من القساوسة : يهرف بما لا يعرف !
فنسأل الله أن يكون في هذه الرسالة , البيان الواضح لما عليه أحد أشهر القساوسة في عالم المسيحية في ديارنا العربية هذه الأيام ....
* منهج البحث :
منهج البحث في هذه الرسالة : هو بيان الأخطاء والجهالات والتحريفات المتعمدة التي أحدثها القس عبد المسيح بسيط في بعض مؤلفاته من أجل تحزبه لمعتقده , وذلك من خلال استعراضنا لبعض مؤلفاته , تحدث من خلالها القس عبد المسيح بسيط عن إثبات صحة العقائد النصرانية مستدلاً بمراجع إسلامية , وهى كذلك , لكنه حرفها تحريفًا يتماشى مع ما يريد أن يروج له من باطل , ومراجع ليست من الإسلام في شيء وزعم القس أنها من أوثق مراجع أهل الإسلام !
وهذه المؤلفات هي :
- هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟!
- الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه .
- الأعظم , مميزات المسيح في جميع الكتب .
على أننا لن نقوم بالرد على هذه المؤلفات , بل بيان أخطاء القس الشنيعة فيها , والتي من خلالها يَثبت بطلان ما أراده القس من مؤلفاته . كما أننا لن نستعرض الأخطاء والتحريفات أو التخبطات والجهالات في هذه المؤلفات على وجه التفصيل , لكثرة أخطاء القس وجهالاته وتحريفاته المتعمدة بها , بل سنستعرض بعض الأخطاء والتحريفات , والتي يظهر منها المنهج العام لكتابات القس عبد المسيح بسيط وبيان طريقته في البحث والنقل وحقيقة قدره العلمي !
* أهداف البحث :
وقد هدفنا من كتابة هذا البحث إلى عدة أهداف منها :
أولاً : بيان مجهودات أهل الإسلام , أهل السنة والجماعة , في الرد على القساوسة وبيان زيفهم وتزويرهم المتعمد للحقائق : {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الأنعام45.
ثانيًا : فساد منهج القساوسة والمستشرقين في دراستهم للإسلام , مهما حاولوا إدعاء المنهجية العلمية التي يزعمونها , وسبب ذلك عدم تخلصهم من العصبية والعداء للإسلام وأهله .
ثالثًا : بيان الإفلاس العظيم الذي يعاني منه القساوسة في عرض وإثبات صحة عقائدهم على رعاياهم . فالكذب والتحريف دأبهم لسد فجوة الشك المتزايدة في صحة عقائدهم داخل عقول رعاياهم .
رابعًا : بيان القدر العلمي الحقيقي للقساوسة عند استدلالهم بالمراجع الإسلامية وأخطائهم الشنيعة أثناء النقل عنها .
خامسًا : بيان أن القساوسة لا ينقلون من المصارد الإسلامية مباشرة في أغلب الأحيان, بل ينقلون عن مصادر إستشراقية تحدثت عن الإسلام بصورة مشوهة , وكذا ينقلون من بعضهم البعض , فإذا كذب الواحد منهم كذبة على الإسلام وأهله , تناقلها القساوسة كأنها حقيقة دامغة , وحجة بالغة , يلزم بها أهل الإسلام , وهى في الحقيقة كذبة يُدانون بها عند أهل العقول والإنصاف !
سادسًا : بيان أن رعايا الكنائس لا يراجعون القساوسة فيما يزعمون , فلقد نجح القساوسة في برمجة عقول رعاياهم , فهم عندهم الثقات العدول الذين لا يُفَتش خلفهم !
سابعًا : ذهاب الأموال التي وضعتها الكنيسة تحت تصرف القساوسة من أجل البحث العلمي ( المزعوم ) هباء منثورًا : {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً}الفرقان23 . قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}الأنفال36 .
* أقسام البحث :
وقد قمنا بتقسيم البحث إلى : مقدمة وخاتمة , ومنهج البحث وبيان أهدافه , وعرض أبوابه , وهى :
تمهيد : مصادر القساوسة عن الإسلام .
الباب الأول : منهج القس عبد المسيح بسيط في مؤلفاته .
الباب الثاني : بعض الأخطاء والتحريفات في كتاب : " هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم؟! " .
الباب الثالث : بعض الأخطاء والتحريفات في كتاب : " الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه " .
الباب الرابع : بعض الأخطاء والتحريفات في كتاب : " الأعظم , مميزات المسيح في جميع الكتب " .
تمهيد : مصادر القساوسة عن الإسلام
مصادر القساوسة عن الإسلام
يعتمد القساوسة في نقلهم عن الإسلام وتعاليمه , على المصادر الإستشراقية المعادية للإسلام , والإستشراق لغة : من الفعل " شرق " كما يقال : شرقت الشمس , واستشراق : أي طلب دراسة ما يتعلق بالشرق , وأما الإستشراق اصطلاحًا : هو علم الشرق أو علم العالم الشرقي وهو تعبير أطلقه الغربيون على الدراسات المتعلقة بالشرقيين شعوبهم , وتاريخهم , وأديانهم , ولغاتهم , وأوضاعهم الإجتماعية , وبلادهم, وأرضهم , وحضارتهم , وكل ما يتعلق بهم . وهذا معنى عام للإستشراق .
وهناك معنى خاص كان هدفهم الأساسي هو : دراسة الإسلام والشعوب الإسلامية لخدمة أغراض التبشير من جهة , وخدمة أغراض الإستعمار الغربي لبلدان المسلمين من جهة أخرى , ولإعداد الدراسات اللازمة لمحاربة الإسلام وتحطيم الأمة الأسلامية , والمستشرقون هم الذين يقومون بهذه الدراسات من غير الشرقيين , وهذا المعنى الخاص عن الإستشراق هو الذي يعنينا عن الإستشراق , على أن بعض محبي العلم من المستشرقين قاموا بدراسات إستشراقية حيادية غير موجهة , وكان من بعض هؤلاء إنصاف الحقيقة , وبعض هؤلاء المنصفين تأثر بالإسلام وبالحضارة الإسلامية فأسلم , إلا أن هذا الصنف من المحايدين يتجنبه القساوسة , والسبب في ذلك , هو أن القساوسة لا يبحثون عن الحق , بل يبحثون عن مصارد للطعن في الإسلام وأهله , إلا من رحم الله تبارك وتعالى وهدى !
ولا ندري كيف يكون منهج الإستشراق اللاهوتي الوليد من عصبية وحقد النصارى على الإسلام ولأمتنا الإسلامية – لا أدري كيف يكون نزيهًا ومحايدًا في دراسته للإسلام ؟! وبالتالي كيف يكون مصدرًا للنقل عن الإسلام ؟! وصدق رب العزة في بيان نزعتهم الدينية في قوله تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}البقرة109.
وكان من أهم المناهج التي يعتمد عليها المستشرقون : إهمال المصادر الإسلامية الأصلية والإحتفاء بدراسات غير أصيلة لبعض المنتسبين للإسلام في الظاهر وإبطان الحقد على الإسلام ومصادره النقية , كضلال الفلاسفة من المتصوفة والوجودين والحلوليين , والمارقين عن الإسلام كالروافض وأشباههم , والعلمانيين والملحدين في العصر الحديث, كما قاموا بالعمل على إحياء الدراسات التي نبه علماء الإسلام على خطرها, لمخالفتها الصريحة لأصول الإسلام كـ " رسائل إخوان الصفا " , كما قاموا بتحريف كتب التراث الإسلامي المعتمدة بطباعتها في مطابعهم وترويجها بين المسلمين , وقاموا بتأليف الكتب في موضوعات مختلفة عن الإسلام وتعاليمه وقرآنه ورسوله صلى الله عليه وسلم , وفي أكثرها كثير من التحريف المتعمد في نقل النصوص أو إبتارها وفي فهم الوقائع التاريخية والإستنتاج منها , ومن أشهر هذا المؤلفات ما أطلقوا عليه " دائرة المعارف الإسلامية " وهى المرجع الأول للقساوسة والمنصرين في حوارهم مع المسلمين.
ولما كان المستشرقون على شيء كبير من دراسة نفسية وسيكولوحية أهل الشرق , انخدع بهم كثير من المفكرين في العالم الإسلامي , فتراهم يتبنون كثيرًا من دعاوى وأباطيل المستشرقين ويعتنقون أفكارهم ويروجون لها , وكانت فتنة هؤلاء المفكرين الذين عرفوا بـ "المستغربين " أشد من فتنة المستشرقين , لأنهم يحملون أسماء إسلامية , فعلى المستشرقين والمستغربين يقتات القساوسة !
يقول فضيلة الدكتور مصطفي السباعي : " ترى لو استعمل المسلمون معايير النقد العلمي التي يستعملها المستشرقون في نقد القرآن والسنة وتاريخنا، في نقد كتبهم المقدسة، وعلومهم الموروثة، ماذا يبقى لهذه الكتب المقدسة والعلوم التاريخية عندهم من قوة؟ وماذا يكون فيها من ثبوت؟ نعم سنخرج بنتيجة من الشك وسوء الظن أكبر بكثير مما يخرج به المستشرقون بالنسبة إلى مصادر ديننا وحضارتنا وعظمائنا فحضارتهم مهلهلة رثة الثياب، ورجال هذه الحضارة من علماء وسياسيين وأدباء يبدون فى صورة باهتة اللون لا أثر فيها لكرامة ولا خلق ولا ضمير.
نعم لو فعلنا ذلك كما يفعلون لرأوا كيف عاد هذا المنهج الذي زعموا أنهم يستخدمونه لمعرفة (الحقيقة) في ديننا وتاريخنا، وبالاً عليهم، لعلهم يخجلون - بعدئذ - من استمرارهم في التحريف والتضليل والهدم " (السنة ومكانتها في التشريع ص 24).
الباب الأول : منهج القس عبد المسيح بسيط في مؤلفاته
* منهج القس عبد المسيح بسيط في مؤلفاته :
يمكن حصر منهج القس عبد البسيط في هذه النقاط :
1- يعتمد القس عبد المسيح بسيط على جهل رعايا الكنائس بالإسلام ومصادره المعتمدة , وكم هى متعة البسيط حين ينقل عن كل من هب ودب , واهمًا القاريء أن هذا النقل عن أوثق علماء الإسلام .
2- يحتار القاريء من مؤلفات البسيط , إذ لا يجد فيها حسن الترتيب والتبويب , بل مجرد نقل زائف لأقوال متناقضة ومتضاربة , لا يشعر فيها بفهم صاحبها للقضايا التي يتحدث عنها , إذ يكثر منه – أي من البسيط – الكثير من التناقضات والتضاربات أثناء النقل , فقد يستدل البسيط بنقل عن وهب بن منبه رضي الله عنه على أن أسفارهم الدينية لم تحرف في حين أن ما نقله به الإقرار الصريح بتحريف أسفارهم وكتبهم – إي والله – ! ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 184).
3- يتعمد القس عبد المسيح بسيط أثناء النقل عن المراجع , تكديس مؤلفه بالأسماء التي ينقل عنها ,ليُتَوهم أنه محص كتب المسلمين وخبرها، فهو بذلك بين رعاياه : العالم العلامة , الفاهم الفهامة , خاصة إذا قال: قال ابن كثير والقرطبي , ثم يتبع ذلك بقوله : وقال ابن عربي والطبرسي !! فيعلق الرعايا على ذلك : ما أعظم علمك يا قدس أبونا !! فزبائنهم مقلدون جهلاء سطحيو التفكير، ينبهرون بهذه الشقشقات، فيحسبون أن وراء الأكمة ما وراءها , وعلى هؤلاء يقتات القساوسة!
4- لا يرى القس عبد المسيح بسيط حرجًا في النقل عن أعداء الإسلام , كالروافض وضلال الصوفية والباطنيين الزنداقة والعلمانيين المعاصرين , رغم اعترافه أن الحجة على الإسلام من أقوال علماء أهل السنة والجماعة كما سيأتي , معتمدًا في ذلك على جهل الرعايا بحقيقة هذه الفرق والملل المارقة عن الإسلام , وأنها تجري مجرى اليهود والنصارى في الكفر , فإذا رأى رعايا الكنائس قسيسهم يستدل بـ " ابن عربي " أو "الفضل الحدثي " أو " أحمد بن خابط " , أو " سيد القمني " أو " أحمد عبد المعطي حجازي" أو " محمد سعيد العشماوي " . فهى عندهم أسماء إسلامية صريحة لا يشك أحد أنهم من أعداء الإسلام , لكن القس نقل عنهم من باب الحذلقة والتشدق، وهى عادة ملازمة للقساوسة ، فبضاعتهم لا تروج إلا بذاك.
فمن المتفق عليه عند العقلاء , أن أعداء الدين لا تُقبل منهم حجة , فشأن العدو أن يشكك في عقيدة عدوه , ويشوه دينه , ويتبع منه العورات , فهل يقبل المسيحيون أقوال شهود يهوه في العقائد المسيحية , وهل يجيزون النقل من كتبهم ؟!
والبسيط لم يختلف منهجه عن منهج الطاعنين في الإسلام من القساوسة الذين سبقوه , ولعل ما قاله القس المهتدي إبراهيم خليل يُبين منهج القساوسة على مر العصور : (في الثمانية أشهر الأولى كنا ندرس دراسات نظرية ... يقدم الأستاذ المحاضرة على شكل نقاط رئيسية ، ونحن علينا أن نكمل البحث من المكتبة ، وكان علينا أن ندرس اللغات الثلاث: اليونانية والأرامية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية كأساس والإنجليزية كلغة ثانية ... بعد ذلك درسنا مقدمات العهد القديم والجديد ، والتفاسير والشروحات وتاريخ الكنيسة ، ثم تاريخ الحركة التبشيرية وعلاقتها بالمسلمين ، وهنا نبدأ دراسة القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، ونتجه للتركيز على الفرق التي خرجت عن الإسلام أمثال الإسماعيلية ، والعلوية ، والقاديانية ، والبهائية ... وبالطبع كانت العناية بالطلاب شديدة ويكفي أن أذكر بأننا كنا حوالي 12 طالباً وُكّل بتدريسنا 12 أستاذاً أمريكياً و7 آخرون مصريون ) ( انظر بتوسع : لماذا أسلم هؤلاء ؟ - محمد كامل عبد الصمد ) .
5- يستخدم البسيط العناوين المبهرة لمؤلفاته والجاذبة لرعاياه , لكن داخل المؤلف نفسه تجده يكتب ما يجعلهم يستمرون في الإيمان ولو بالكذب والتحريف , وهو حقيقة له يد طولى في اللعب بعنواين مؤلفاته مع تهافت المحتوى وبطلانه .
6- يتجنب القس عبد المسيح بسيط الحوار حول ما جاء في مؤلفاته من نقولات واستشهادات إسلامية , وذلك لكي يضمن عدم كشف أباطيله وتزويره للحقائق , فلقد كتب القس هذه المؤلفات من أجل سد فجوة الشك التي تتزايد في عقول رعاياه حول العقائد المسيحية , ولم يكتبها من أجل الحوار البناء الهادف , والرأي والرأي الأخر , الذي يصل به القاريء إلى الحق , وقد حاول العديد من أهل البحث التحدث مع القس عبد المسيح بسيط حول تلك الأمور لكنه دائمًا ما يتهرب بأقواله الشهيرة : أنا عندي أبحاث أُفضل الإنتهاء منها أولاً ... أنا لا أتحدث عن الإسلاميات ... أنا لا أدخل في حوارات الغرض منها شد الكنيسة إلا فتن ومعارك ...إلخ , وهكذا ضمن البسيط ألا يتعرض للنقد والنقض !
7- في أغلب الأحيان لا ينقل القس عن المصادر مباشرة كعادة " كسل القساوسة " , فوقع فيما وقعوا فيه من تخبطات , بل العجيب أنه إذا أراد أن ينقل عن ابن تيمية مثلاً تجد مصدره كتاب في الرد على الشيعة لأحد المعاصرين ! ( انظر : الأعظم , مميزات المسيح في جميع الكتب ص 143) . فرغم إمتلاء المكتبات الإسلامية بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية , وتوافرها على شبكة المعلومات الدولية إلا أن القس تكاسل عن النظر فيها , والأمثلة على كسل القسيس كثيرة جدًا , وسيأتي بيان بعضها .
8- يُكثر القس عبد المسيح بسيط من النقل عن مراجع الكاثوليك والبروتستانت , ولا ندري هل هذا من أجل الترويج لهما أم من أجل فقر المراجع الأرثوذكسية في هذا الباب ؟!
9- لا ننكر أيضًا أن القس عبد المسيح بسيط قد فعل ما فعله أسلافه حين تعاملوا مع المراجع الإسلامية تعاملهم مع كتابهم المقدس , فانتزع القس النصوص وبترها من سياقها الأصلي , كما أفقد النص مقوماته الأساسية , واستبقه بمقدمات مصطنعة لدفع الفهم باتجاه ما يروج له , كما قام بحشد وتجميع النصوص المدسوسة على الإسلام وتقديمها على أنها نصوص قطعية ,كاستدلاله بأقوال الروافض والصوفية قبحهم الله , وألزم النص بما ليس من لوازمه .
فالقوم لم يبخلوا علينا في أي باب بالإنتاج الوفير .. فلم نحجر واسعًا ونتهمهم بالبخل وهم أجود بالشر من الريح المرسلة !
الباب الثاني : الأخطاء والتحريفات في كتاب : " هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟! "
هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟!
سنبدأ بكتابه : " هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ " . وهو الكتاب الثاني من سلسلته في اللاهوت الدفاعي , وتم طبعه في مطبعة : بيت مدارس الأحد, برقم إيداع 7526/2004 , وبترقيم دولي رقم 6-0783-12-977 .
وقد صدر من هذا الكتاب طبعة واحدة فقط لا تزال تباع إلى الأن في المكتبات المسيحية بمصر, وهى الطبعة الأولى , وفي بدايتها مقدمة للقس عبد المسيح بسيط بتاريخ 11 / 4 / 2004 .
* قال ابن كثير في كشافه !! *
يقول القس عبد المسيح بسيط في كتابه : " هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ " ص 9 : (( وعبارة " ولكن شبه لهم " لا تقول صراحة أن كان المقصود هو لإلقاء شبه المسيح على آخر كما يقول أصحاب نظرية الشبه أم أنها تقصد شيء آخر . يقول كل من الإمام الفخر الرازي في تفسيره , وابن كثير في كشافه : " شبّه " مسند إلى ماذا ؟ أن جعلته إلى المسيح فهو مشبّه به وليس بمشبّه , وأن أسندته إلى المقتول , فالمقتول لم يجر له ذكر ؟ ")) اهـ .
وفي صفحة 17 من كتاب القس عبد المسيح بسيط : " هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ " يقول بالنص : ( كما روى ابن كثير في الجزء الأول من كتابه الكشاف نفس هذه الروايات ..... ) .
وهكذا يتحفنا القس عبد المسيح بسيط بإبداعاته النيرة !! ويخرج علينا بقنبلته ( الجهلو نووية ) , ويكشف للأمة الإسلامية الكتاب السري الذي كتبه ابن كثير في علم التفسير , وهو كتاب " الكشاف " !!
هذا ما أورده حضرةالكاهن ( ! ) في كتابه بالنص , وأنا أتعجب : كيف لرجل ارتقى بين قومه العديد من الدرجات الكنسية حتى صار كاهنًا مؤتمنًا على رعيته , وزعم أنه أهل للكتابة في الأمور المتنازع عليها بين الإسلام والمسيحية , وهو لا يعلم أن تفسير "الكشاف" للزمخشري , وليس لابن كثير ؟!
أتدرون ما معنى هذا ؟!معنى هذا : أنه لا يقرأ حتى غلاف المصدر الذي يستدل منه , وهذا على فرض أنه ينقل من المصدر مباشرة !
لقد صدر كتاب القس منذ أربعة سنوات , وإلى الأن لم يلحظ أحد من القساوسة أو الشعب المسيحي هذا الخطأ الفاضح فيراجع فيه القس عبد المسيح فيستدركه في طبعات الكتاب التالية !ويُفيد هذا أيضًا أن الرعايا لا تراجع قساوستهم فيما يزعمون , وهكذا نجح القساوسة في برمجة عقول رعاياهم!
فإذا كان هذا الذي نقله إلينا القس عبد المسيح هو ما قاله ابن كثير في "كشافه" , فما الذي قاله الزمخشري في " تفسير القرآن العظيم " ؟!
ولما عدنا إلى : " تفسير القرآن العظيم " لابن كثير رحمه الله , ظنًا منا أن القس عبد المسيح أخطأ في اسم التفسير , لم نجد شيئًا مما يزعمه !
ولما عدنا إلى تفسير الزمخشري : " الكشاف عن حقائق التنـزيل وعيون الأقاويل"(1/414-415) , وجدنا ما ننقله إليكم بالنص : (( روي أن رهطاً من اليهود سبوه وسبوا أمه ( أي المسيح عليه السلام ) فدعا عليهم اللهم أنت ربي وبكلمتك خلقتني اللهم العن من سبني وسب والدتي فمسخ الله من سبهما قردة وخنازير فأجمعت اليهود على قتله فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة فقال رجل منهم: أنا. فألقي - عليه شبهه فقتل وصلب. وقيل: كان رجلاً ينافق عيسى فلما أرادوا قتله قال: أنا أدلكم عليه فدخل بيت عيسى فرفع عيسى وألقي شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى ثم اختلفوا فقال بعضهم: إنه إله لا يصح قتله. وقال بعضهم: إنه قتل وصلب. وقال بعضهم إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى وقال بعضهم رفع إلى السماء وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا. فإن قلتَ: " شبه " مسند إلى ماذا ؟ إن جعلته مسنداً إلى المسيح فالمسيح مشبه به وليس بمشبه وإن أسندته إلى المقتول فالمقتول لم يجر له ذكر. قلتُ: هو مسند إلى الجار والمجرور وهو " لهم " كقولك خيل إليه كأنه قيل: ولكن وقع لهم التشبيه. ويجوز أن يسند إلى ضمير المقتول: لأن قوله: إنا قتلنا يدل عليه كأنه قيل: ولكن شبه لهم من قتلوه )) اهـ .
لقد حذف القس قول الإمام الزمخشري الذي يُسمى عند القس عبد المسيح بسيط بابن كثير (!) : (( فإن قلتَ )) , والتي تدل على أن السؤال ليس من قول الإمام إنما هو سؤال حائر في عقول المشككين وشبهة باطلة لدى المماحكين , ثم حذف القس إجابة الإمام المفحمة ورده على هذا السؤال والتي ابتدأها رحمه الله بقوله : (( قلتُ )) .
ثم عدنا إلى تفسير الرازي رحمه الله ( 11 / 78 ) فوجدنا ما ننقله إليكم بالنص :
(( واعلم أنه تعالى لما حكى عن اليهود أنهم زعموا أنهم قتلوا عيسى عليه السلام فالله تعالى كذبهم في هذه الدعوى وقال {وما قتلوه وما صلبوه ولـاكن شبه لهم } وفي الآية سؤالان: السؤال الأول: قوله {شبه } مسند إلى ماذا؟ إن جعلته مسندا إلى المسيح فهو مشبه به وليس بمشبه، وإن أسندته إلى المقتول فالمقتول لم يجر له ذكر. والجواب من وجهين: الأول: أنه مسند إلى الجار والمجرور، وهو كقولك: خيل إليه كأنه قيل: ولكن وقع لهم الشبه. الثاني: أن يسند إلى ضمير المقتول لأن قوله {وما قتلوه } يدل على أنه وقع القتل على غيره فصار ذلك الغير مذكورا بهذا الطريق، فحسن إسناد {شبه } إليه. )) اهـ .
ولعل النصارى بعد هذا البيان يعذرون القس عبد المسيح بسيط على هذا الخطأ الفاضح بعدة أعذار , نذكر منها مثلاً :
1- المخطوط الأصلي من كتاب القس عبد المسيح بسيط لم يكن فيه هذا الخطأ , وعلى هذا يكون الخطأ الوارد في النُسخ المنتشرة الأن إنما مصدره الناسخ للكتاب !
2- بعض النساخ الأتقياء أدخلوا هذه الفقرات ظنًا منهم أنها قد توضح المعنى وتحسم القضية , إلا أنها أدخلت على النص نقولات واستشهادات تكاد تكون كلها خطأ !
3- ذكر المؤرخ الإسلامي الشهير ( الفرفوط بن بحطوط ) في كتابه الشهير ( صاحب التفسير الزمخشري بن كثير ) أن الزمخشري كان يُكنى بابن كثير !
4- لأنه قد صار عندنا اتحاد التثليث من لوازم الدين , وبما أن ابن كثير والزمخشري قد كتبا في علم واحد وهو علم التفسير , فنقول قياسًا : إذًا فابن كثير والزمخشري وحدة واحدة , فإذا قلنا ابن كثير فهو الزمخشري , وإذا قلنا الزمخشري فهو ابن كثير!
5- لا يوجد للقس عبد المسيح بسيط كتاب يحمل هذا الإسم : " هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ " !!
6- لقد كان القس عبد المسيح بسيط يتناول قليلاً من الخمر من أجل معدته وأسقامه الكثيرة كما نصحه بولس ( اتيمو 5 : 23 ) , وذلك أثناء كتابته لهذه الفقرات فاختلط عليه الأمر !
والأعذار كثيرة , ولا يمكن حصرها كما تعودنا منهم !
قال ابن كثير في كشافه ؟!!لا حول ولا قوة إلا بالله !بل ويكتبها كعادة علماء المسلمين في قولهم (روى البخاري في صحيحه) و(نقل الطبري في تاريخه) و(ذكر النووي في شرحه) .. إلخ .فخرج علينا بـ(قال ابن كثير في كشافه) !!
إن قاريء القس لن يفرق بين (الزمخشري) و(ابن كثير)، والكل عنده واحد في النهاية، بل قراء القس لا يفرقون بين (ابن مسعود) الصحابي و(البغدادي) من المتأخرين !
يا رجل ! .. القس نفسه لا يفرق بينهما ، فتراه يقول بكل أريحية وتفيهق أن الرواية رواها ابن مسعود والبغدادي !! ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 17 ) .
* اللاهوت والناسوت ... أعطني عقلك !! *
يقول القس عبد المسيح بسيط : ( وذكر البيضاوي أربعة روايات تبدأ بإلقاء شبه المسيح على غيره وتنتهي بصلبه : .... ) .
ثم نقل القس ثلاثة روايات حتى جاء إلى الرابعة فزعم أن البيضاوي رحمه الله قال : (وقال قوم : صلب اللاهوت وصعد الناسوت)(هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 17).
ولما عدنا إلى تفسير البيضاوي " أنوار التنـزيل وأسرار التأويل " ( 3/157 ) وجدنا أن القس وضع الناسوت محل اللاهوت والعكس ! :
( {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ } في شأن عيسى عليه الصلاة والسلام ،فإنه لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس فقال بعض اليهود: إنه كان كذباً فقتلناه حقاً، وتردد آخرون فقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا، وقال من سمع منه أن الله سبحانه وتعالى يرفعني إلى السماء: أنه رفع إلى السماء. وقال قوم: صلب الناسوت وصعد اللاهوت ) .
ثم عاد القس في نفس الصفحة فوضع اللاهوت محل الناسوت والعكس مرة أخرى ! (هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 17 ) .
ثم استطرد القس عبد المسيح بسيط بعد هذه ( الفبركة ) فقال : (لم تُأخذ هذه الروايات لا عن القرآن ولا عن السنة الصحيحة ولا عن أي وثيقة من أي دين) (المصدر السابق).
ثم عاد فقال في تناقض مضحك : ( اعتمدت هذه الروايات بالدرجة الأولى على الفكر الغنوسي , الذي سنشرحه لاحقًا , والذي تأثر به بعض البسطاء من عامة البادية وذلك إلى جانب الفكر النسطوري , الذي انتشر بواسطة الرهبان النسطوريين الذين عاشوا في الصحارى وكان بعضهم يعيش بالقرب من طرق الرحلات التجارية , والذين كانوا يعتقدون أن المسيح مكون من شخصين متصاحبين هما الإله الذي كان يقوم بالمعجزات والإنسان الذي كان يتحمل الآلام ) ( المصدر السابق ص 18 ) .
ثم عاد في تتمة كلامه فوضع الناسوت محل اللاهوت والعكس مع تغيير ألفاظ النقل عن البيضاوي ! : ( ... وبالتالي فقد صلب الإنسان لا الإله , أي صلب الناسوت ولم يصلب اللاهوت كما ذكر بعض ناقلي هذه الروايات : " وقيل صلب الناسوت ولم يُصلب اللاهوت " ) (المصدر السابق ) .
إن مقولة : " صلب الناسوت ورفع اللاهوت " التي نقلها البيضاوي رحمه الله عن نصارى زمانه , لا تزال تشغل عقول النصارى إلى يومنا هذا , من الذي صلب ؟ الناسوت أم اللاهوت أم كلاهما أم لم يُصلب أحد أصلاً ؟! فهذا من فساد قولهم بالناسوت واللاهوت في شأن المسيح وصلبه , ويأبى الله إلا أن يذل من عصاه !
وما لنا نذهب بعيدًا وعندنا شهادة الرجل الذي كان مرشحًا للجلوس على كرسي الباباوية المرقسية الأرثوذكسية , وهو القمص متَّى المسكين , أو كما يقول عنه النصارى اليوم بعد وفاته : القديس متَّى المسكين !
يقول القمص متَّى المسكين في تفسيره لإنجيل متَّى ص 821 : ( إذن لابد أن الإبن يعاني موت الجسد , باعتباره واحدًا مع جسده . هنا الصعوبة والإستحالة تأتي من الإتصال الجوهري بحياة الآب . فأي موت للإبن حتى بالجسد يطال الإتصال بين الآب والإبن . إذن هنا يتحتم لكي يموت الإبن بالجسد , أن يترك الآب الإبن المتجسد حتى يموت , وإلا إستحالة الموت على الإبن بالجسد ) .
وقال أيضًا : ( والآن جاءت ساعة الموت . وترك الآب الإبن ليجوز الموت بالجسد وهو رب الحياة ) .
وقال أيضًا : ( وهذا ضمن المروعات التي عاناها الإبن في جثسيماني كيف يصير خطية؟ إذ يتحتم أن يتغرب عن الآب .. ) ( البابا شنودة : النقد الكتابي ص 14 ) .
وعلى نقيض ذلك , قالوا في القسمة السيريانية عن موت ربهم : " انفصلت نفسه عن جسده , ولاهوته لم ينفصل قط عن نفسه ولا عن جسده " ( البابا شنودة الثالث : النقد الكتابي ص 16 ) .
ويقول البابا شنودة : ( فهل لاهوت الإبن ترك الإبن المتجسد ؟! محال . لأن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين حسب تعليم الكنيسة ) ( المصدر السابق ص 15 ) .
فهذه المقولة من الأقوال التي ضل فيها الجهلاء , وحار فيها العقلاء , لأن اللاهوت لو رفع عن يسوع لحظة صلبه كما يزعم متَّى المسكين , فلا إيمان للنصارى , لأن عقيدة الصلب والفداء بنيت أصلاً على أساس أن الله نزال إلى الأرض وعاش كالبشر ومات على الصليب من أجل خطايا البشر , وإذا قلنا أن اللاهوت لم يرتفع وصلب مع الناسوت ولم يفارقه كما يزعم البابا شنودة , فهذا معناه أن الله قد مات بموت الناسوت على الصليب , وهذا ما لم يقله أحد من العالمين عنده مسحة من عقل , ولعل هذا التخبط في هذه العقيدة هو الذي جعل القس عبد المسيح بسيط يخلط العبارات ببعض , فهو المثال الواضح على اضطراب الذهن تجاه هذا المعتقد !
* اليعقوبي من أقدم مؤرخي الإسلام !! *
يقول القس عبد المسيح بسيط ص 47 : ( وقال الشيخ أحمد بن أبي يعقوب ، اليعقوبي، الذي يُعدّ من أقدم مؤرّخي الإسلام والذي قال " ولما طلب اليهود من بيلاطس أنْ يُصْلَبَ المسيح. قال لهم خذوه أنتم واصلبوه أمّا أنا فلا أجد عليه علّة. قالوا قد وجب عليه القتل من أجل أنَّه قال أنَّه ابن الله. ثم أخرجه وقال لهم خذوه أنتم واصلبوه فأخذوا المسيح وحملوه الخشبة التي صُلِبَ عليها " تاريخ اليعـقـوبي جـ1 : 64 ) .
لقد دأب القساوسة والمستشرقون على تمويه القاريء بتنويع مصادرهم , والناظر الخبير إلى تلك المصادر يجد أنها ليست من الإسلام في شيء !
فعادة المخربين على مر العصور , البحث في مصادر الفرق الباطلة التي خرجت عن الإسلام , والإستدلال بمصادرهم مع إيهام القاريء أنها مصادر معتمدة عند المسلمين !
إن أمانة البحث تقتضي الإحتكام إلى المصادر المعتمدة عند الطرفين , لكن القس عبد المسيح بسيط لم يجر على عادته في تحريف النقل فقط , بل نقل هذه المرة عن رافضي محترق, ثم زعم أنه من أقدم مؤرخي الإسلام !
يُعد كتاب " تاريخ اليعقوبي " لأحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي الرافضي الإمامي , المرجع الثمين لكثير من المستشرقين والمستغربين الذين طعنوا في التاريخ الإسلامي وسيرة رجاله . مع أنه لا قيمة له من الناحية العلمية، إذ يغلب على القسم الأول منه القصص والأساطير والخرافات ، والقسم الثاني منه كتب من زاوية نظر حزبية ، كما أنه يفتقد من الناحية المنهجية لأبسط قواعد التوثيق العلمي .
ومعلوماته عن تاريخ الأنبياء اعتمد فيها على القصص الشعبي والإسرائيليات اليهودية والنصرانية ، وقد نقل من التوراة مباشرة ، ومن الأناجيل التي بأيدي النصارى في عهده , وهذه الكتب ليس لها من التوثيق عند أهل الكتاب أنفسهم أي شهادة . (راجع بتوسع : منهج كتابة التاريخ الإسلامي - د. محمد بن صامل السلمي ) .
قال ابن حزم - رحمه الله - عن الرافضة عندما ناظر النصارى وأحضروا له كتب الرافضة للرد عليه : ( إن الرافضة ليسوا مسلمين، وليس قولهم حجة على الدين، وإنما هي فرقة حدث أولها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة وكأن مبدئها إجابة ممن خذله الله لدعوة من كاد الإسلام وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في التكذيب والكفر ) (الفصل في الملل والنحل لابن حزم 2/78 ).
ثم إن الناظر إلى اقتباس القس بسيط , لا يجد فيه أن اليعقوبي قال إن الإسلام أقر صلب المسيح , أو أن مصادره في ذلك القرآن والسنة , بل على النقيض , فاليعقوبي ينقل تاريخ النصارى من كتبهم , فلماذا الخلط يا بسيط ؟!
* جماعة إخوان الصفا والمؤامرة على الإسلام !! *
يقول القس عبد المسيح بسيط ص 47 : ( وقال إخوان الصفا من القرن الخامس الهجري (457 – 459): " فلما أراد الله تعالى أن يتوفّاه (أي المسيح) ويرفعه إليه اجتمع معه حواريّوه في بيت المقدس في غرفة واحدة، وقال أني ذاهب إلي أبي وأبيكم وأوصيكم بوصية 00 وأخذ عهدًا وميثاقًا فمن قبل وصيّتي وأوفى بعهدي كان معي غدًا 000 فقالوا له ما تصديق ما تأمرنا به. قال أنا أوّل من يفعل ذلك. وخرج في الغد وظهر للناس وجعل يدعوهم ويعظهم حتى أُخذ وحُمل إلي ملك إسرائيل فأُمر بصلبه. فصُلِبَ ناسوته (جسده) وسُمِّرَتْ يداه علي خشبتي الصليب وبقي مصلوبًا من صحوة النهار إلي العصر . وطلب الماء فسُقِيَ الخل وطُعِنَ بالحربة ثم دُفِنَ في مكان الخشبة ووُكِّلَ بالقبر أربعون نفرًا. وهذا كله بحضرة أصحابه وحوارييه فلمّا رأوا ذلك منه أيقنوا وعلموا أنَّه لم يأمرهم بشيء يخالفهم فيه. ثم اجتمعوا بعد ذلك بثلاثة أيام في الموضع الذي وعدهم أنْ يتراءى لهم فيه. فرأوا تلك العلامة التي كانت بينه وبينهم وفشا الخبر في بني إسرائيل أنَّ المسيح لم يُقْتَل. فنُبِشَ القبر فلم يُوجّد فيه الناسوت " رسـالة إخوان الصفا جـ 4: 96-97 ) .
إن جماعة إخوان الصفا ظهرت في القرن الرابع الهجري في البصرة على هيئة جماعة سرية من الباطنية والمجوس والزنادقة الحاقدين على الإسلام واللغة العربية ، وقد كان هدفهم من كتابة هذه الرسائل وضع مخطط لتقويض المجتمع الإسلامي .
وصدرت رسائل إخوان الصفا إبان القرن الرابع الهجري ، وكانت ثمرة لترجمة الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية ودخول مفاهيمها إلى الفكر الإسلامي في تلك الجولة الضخمة من تحديات فلسفة الإغريق والفرس والهنود القائمة على مفاهيم الوثنية وعلم الأصنام. وهي 52 رسالة مقسمة إلى أربعة أقسام، الرياضيات والطبيعيات والعقليات والإلهيات. طبعت في القاهرة أول مرة عام 1887م ، ثم جددها عميل الأدب الغربي الدكتور طه حسين عام 1929م من بين الأعمال التي خطط لها من أجل إشاعة هذا الفكر الشعوبي .
وتعد رسائل إخوان الصفا إحدى ثمار الحركة الباطنية للجماعة السرية التي مزجت الفلسفة اليونانية والعقيدة الباطنية لتخرج للناس مذهباً جديداً يمزح إلهيات اليونان ونظريات أفلاطون وأرسطو وأفلوطين وفيثاغورث وغيرهم بالعقيدة الإسلامية في خليط مضطرب فاسد .
وقد أنتج هؤلاء (رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا) التي أذاعوها بعد أن كتموا أسماءهم واستتروا وراء تلك الرموز الخفية التي وضعوها هنا وهناك من فصول كتاباتهم، واستهدفوا منها وضع برنامج للعمل السري الذي يستهدف القضاء على الإسلام ودولته وتأسيس دولة أخرى على أنقاض الدولة الإسلامية تضم العقائد الوثنية والمجوسية والإباحية التي نسقوها في جماع ركام الفكر البشري الزائف الممتد من فارس إلى الهند إلى اليونان والذي اختلطت فيه (الهلينية الإغريقية) بـ ( الغنوصية الشرقية).
يقول أديب عباسي في ( الرسالة المصرية 1934م ) معلقاً : " إن أول ما يلحظ من أوجه الشبه بين الإسماعيلية وإخوان الصفا هو الأسلوب الذي جروا عليه في نشر دعوتهم والدعاية لمذهبهم . وهو أسلوب الإسماعيلية المعهود ( أسلوب التدرج في بث الفكرة والتلطف في عرضها على الناس ) ومن أبواب التشابه بين الجماعتين اتفاقهما اتفاقاً كلياً في مذهب الحلول فهو في رسائل إخوان الصفا كما في تعاليم الإسماعيلية (المحور) الذي تدور حوله هذه الرسائل والتعاليم " .
ويقول المستشرق ماكدونالد : ( إنه مما يثبت علاقة إخوان الصفا بالإسماعيلية ومن تفرع منهم : وجود قسم من رسائلهم في كتب الحشاشين المقدسة ، وقد ألقى بعض الباحثين أضواء أخرى على موقف إخوان الصفا تشير إلى أن المثل الأعلى في رسائلهم ليس مثلاً أعلى إسلامياً ( إنما هو عبراني في مخبره , مسيحي في منهجه ، يوناني في علمه) ) [مجلة الرسائل الإسلامية العراقية 1972 ].
ولقد كان من أبرز أعمال التغريب والغزو الثقافي في العصر الحديث ، ممثلاً في الإستشراق والتنصير ، إعادة طبع وإحياء رسائل إخوان الصفا من جديد بعد أن دفنت وماتت وكشف زيفها منذ أكثر من ألف سنة ، فقامت المطبعة الكاثوليكية في بيروت بإعادة طبع هذه الرسائل . ( انظر بتوسع : مجلة منار الإسلام – العدد السادس , السنة العاشرة – رسائل إخوان الصفا مؤامرة على الإسلام- الأستاذ أنور الجندي ) .
* التدليس على الشيخ محمد رشيد رضا ! *
يقول القس عبد المسيح بسيط : ( وهناك نظرية قال بها الشيخ محمد رشيد رضا أسماها بـ " نظريتي قي قصة صلب المسيح وقيامته من الأموات " ..... ) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 26 ) .
وهذا كذب على الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله , لأن كتاب : " نظريتي في قصة صلب المسيح وقيامته من الأموات " من تأليف الدكتور محمد توفيق صدقي , وليس من تأليف الشيخ محمد رشيد رضا. وإنما قام الشيخ محمد رشيد رضا بنشر هذه النظرية في ملحق كتابه : " عقيدة الصلب والفداء " .
يقول العلامة محمد رشيد رضا في كتابه : " عقيدة الصلب والفداء " صفحة 64 :
(لما اطلع صديقي وتلميذي الدكتور محمد توفيق صدقي تغمده الله برحمته على ما كتبته في عقيدة الصلب والفداء النصرانية البوليسية كتب رسالة نفيسة في الموضوع جعلتها علاوة للمسألة , وذيلاً للرسالة, وهاك نصها : " نظريتي قي قصة صلب المسيح وقيامته من الأموات " من قلم الدكتور محمد توفيق أفندي صدقي ... ) .
وهى نظرية شابها الكثير من الإفتراضات وقد تراجع الدكتور محمد توفيق أفندي عن القول بها في أخر حياته .
* النقل عن كتاب " قبر المسيح في كشمير " *
اعتمد القس عبد المسيح بسيط في نقولاته على كتاب : " قبر المسيح في كشمير " لفريز صموئيل ( انظر : هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 47-53 ) .
وهذا الفريز لم يشر لا من قريب ولا من بعيد عن المصادر التي نقل منها , والقس نقل منه مباشرة دون توثيق , فكما قلنا إن القساوسة إذا كذب الواحد منهم كذبة تناقلها الباقون على أنها حقيقة مسلم بها , وهذا من غرائب أحوالهم, وسخافة أقلامهم !
اعتمد القس على فريز في استشهاده بكل من : التونسي عبد المجيد الشرفي , وهو معروف بأرائه الخارجة عن إطار الشرع الحنيف , وصنفه المؤرخ التونسي محمد الطالبي بأنه من أتباع " الإنسلاخسلامية " و"الإنسلاخسلامية" بمصطلح الطالبي هى :
"اختيار لتأسيس الحداثة على أساس الإنسلاخ من الإسلام، تارة بطريقة صريحة مكشوفة من طرف البعض، وتارة أخرى بطريقة مقنّعة بهتانية", ويرى الطالبي أن هذه المدرسة في أسلوبها ومنهجها ونتائجها، امتداد للنقد المسيحي الإستشراقي للقرآن خاصة وللإسلام عمومًا، وأن أصحابها : "يحلون محل الإستشراق والنصرانية في التدليل على افتراء القرآن" ( انظر بتوسع :محمد الطالبي : " ليطمئنّ قلبي: قضية الإيمان وتحديات الانسلاخسلامية ومسيحية قداسة البابا بنوان 16" ص 42 ) .
وإن كنا لم نتأكد أن ما نقله فريز أو البسيط عن الشرفي قد صدر منه !
واستشهد البسيط من كتاب فريز المطموس التوثيق برجل يدعى نبيل الفضل , ولا ندري هل هو نبيل الفضل الصحفي الكويتي , اليبرالي العلماني أم غيره ؟! وهل صدر منه هذا الكلام الذي نقله البسيط من فريز أم لم يصدر ؟! ونقول : حتى لو صدر منه ! فليس في أقوله وأقوال من على شاكلته حجة على الإسلام , فهؤلاء أجمع المسلمون على ضلالهم , نسأل الله لهم الهداية .
فالقس عبد المسيح بسيط أطل علينا بكسله وسوء توثيقه , بل لندع البسيط يتحدث , يقول البسيط : ( وقال عبد الرحمن سليم البغدادي الذي كان عراقيًا ولد وعاش في بغداد ( 1832-1911 ) وكان رئيسًا لمحكمتها التجارية وانتخب في المجلس العثماني .... ) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 49 ) .
أنعم وأكرم به من توثيق , وهل مثل هذا البغدادي – إن وجد – يؤخذ عنه الدين يا بسيط ؟!
* حدثنا محسن فاني في كتابه " الدابستاني " !! *
يقول البسيط : ( وقال الإمام محسن فاني في كتابه الدابستاني في القرن التاسع للهجرة: إنهعندما قبض اليهود على عيسى بصقوا على وجهه المبارك ولطموه. ثم أن بيلاطس، حاكم اليهود، جَلَده حتى أن جسمه من رأسه إلى قدمه صار واحداً... ولما رأى بيلاطس إصرار اليهود على صلب عيسى وقتله، قال: إني بريء من دم هذا الرجل، وأغسل يديَّ من دمه , فوضعوا الصليب على كتف عيسى، وساقوه للصلب– عن كتاب " إنجيل برنابا في ضوء العقل والدين " لعوض سمعان ص 110 ) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ص 52 ) .
ذكر البسيط أن مصدره هو كتاب عوض سمعان , ولما عدنا إلى كتاب عوض سمعان المذكور , وجدنا أن عوض سمعان ذكر نفس النقل عن هذا الفاني ,وقال أن مصدره : (عن " كتاب المسيح كما يراه المسلمون " لصموئيل زويمر ص82) !! لكن البسيط لم يجرؤ على نقل مصدر القس عوض سمعان , لأن مصدره " زويمر " الصنم الأكبر للمنصرين , والذي يعلم عداءه للإسلام كل من حمل راية الإنصاف , فهل بهذا التوثيق تقام الحجة علينا يا بسيط !
محسن فاني الكشميري هذا صاحب كتاب " دابستان مذاهب " وهو كتاب في " الملل والنحل " وفيه حكايات يأبي العقل احتمال صحتها، واستند في نقل أكثر ما فيه إلي النقل عن المجاهيل، ويظهر من أسمائهم أنهم كانوا من دراويش الهند، ولم يعلم دين مؤلفه ولا اسمه علي التحقيق ، وذهب الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله إلى أنه رافضي محترق , وذلك في الصفحة 17 من كتابه " الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثنى عشرية " .
* التدليس على الأستاذ خالد محمد خالد *
يقول البسيط : ( وقال الكاتب الإسلامي المعروف خالد محمدخالد، بعد أنتكلم في فصل كامل عن محاكمات المسيح: " لقد كان الصليب الكبير الذي أعدهالمجرمون للمسيح يتراءى له دومًا " . " المسيح قد حمل الصليب من أجل السلام" ."الصليب الذي حمله المسيح سيف أراد اليهود أنْ يقضوا علي ابن الإنسان ورائد الحق" . ثم قال"وأريد للمسيح أن تنتهي حياته الطاهرة علي صورة تشبه الأحقاد الملتوية، الملتاثة. لخراف إسرائيل الضالة" - كتاب " معًا علي الطريق محمد والمسيح " ص 34 و 181 ) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ص 52 ) .
وهل في هذا النقل ما يفيد أن المسيح قد صُلب ومات وقام من الأموات " زعمًا " يا بسيط ؟!
أولاً : نحب أن نُبَين التحريف الخطير الذي أحدثه البسيط في كلمات الأستاذ خالد محمد خالد , ونذكر القاريء بقول البسيط نقلاً عن الأستاذ خالد محمد خالد : ("لقد كان الصليب الكبير الذي أعدهالمجرمون للمسيح يتراءىله دومًا ") . والأن نعرض نص ما قاله الأستاذ خالد محمد خالد : ("لقد كان الصليب الكبير الذي أعدهالمجرمون للمسيح يتراءى للرسول دومًا " ) ( معًا على الطريق , محمد والمسيح ص 197 – طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب , الطبعة الثانية 1998م ) .
لقد حذف البسيط لفظ " للرسول " ووضع بدلاً منه " له " , أيحزنك يا بسيط أن يكون المسيح رسولاً ؟ أم تخجل من ذلك ؟!
وهكذا ينقل البسيط ما يتناسب مع دعواه ويحذف ما ليس على هواه !
ثانيًا : الأستاذ خالد محمد خالد وضع كتابه من أجل جمع القيم المشتركة بين تعاليم محمد صلى الله عليه وسلم وتعاليم المسيح , من أجل الإنسان والحياة , ولم يتعرض لتاريخ النبيين الكريمين صلوات الله وسلامه عليهما , وقد أشار هو بذلك في مقدمته لكتابه .
وإن كنا لسنا مع الأستاذ خالد في الإستدلال بالأناجيل المحرفة على أن فيها كلام المسيح على التعيين , فنحن نؤمن أن فيها القليل من كلام المسيح دون تعيين نصوص بذلك , وكلامه عن حمل المسيح للصليب لا يفيد أن المسيح وضع على الصليب ومات كما تزعمون . ولا يوجد في الكتاب من أوله إلى أخره ما يفيد أن المسيح قد صلب , لكن القس فرح فرحًا شديدًا عندما رأى كلام الأستاذ خالد ناسيًا أن المسيح نفسه قال : «ومَن لا يحمل صليبه ويـأتي ورائي فـلا يقدر أن يكون لي تلميذاً» (لو 27:14)، «اتبعني حاملاً الصليب» (مر 21:10)، «مَن أراد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مر 34:8)، «وقال للجميع: إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني.» (لو 23:9) .
فأقصى ما يفهم من كلام الأستاذ خالد هو أن المسيح حمل الأداة التي كان ينوي اليهود أن يقتلوه بها غير أبه بالموت أو الصلب , لكنه لم يصلب , وكل ذلك من أجل السلام وإبلاغ الرسالة , فهو لم يخش الصليب الذي هدده اليهود به , بل حمله على كتفيه معلنًا أنه لا يخشى الموت في سبيل إبلاغ رسالاته , هذا ما عناه الأستاذ خالد كما يظهر من سياق كلامه .
كما أن الأستاذ خالد لم يكن يتحدث عن حمل المسيح للصليب في طريق الألام , بل كان يتحدث عن التضحية من أجل السلام والوصول إلى الحق , وهذا ما نصح به المسيح أتباعه , فتعبير " حمل الصليب " يعبر عن عدم الخوف من الموت في سبيل الحق والإيمان , ولا يعبر عن الصلب ذاته , كقول العوام : " يحمل رأسه على كفيه " تعبيرًا عن عدم الإهتمام بالمصير في سبيل تحقيق المراد , وهو يشبه تجهيز الصحابة رضوان الله عليهم لأكفانهم وحملها في كل مكان يتوجهون إليه , تعبيرًا عن الإستعداد للموت في سبيل الله وفي سبيل نشر دينه الحق .
* النقل عن كتاب " الفن القصصي في القرآن الكريم " *
كتاب " الفن القصصي في القرآن الكريم " هو في الأصل رسالة دكتوراة للدكتور محمد أحمد خلف الله , وقد انحرف خلف الله عن الجادة في هذا الكتاب , وصرح بأقوال لا تمت للحق بصلة , بل هى تخالف مصادر الشرع الحنيف , القرآن والسنة , وقد قام الأزهر الشريف بمنع تداول هذا الكتاب , لذا لا تجده إلا في مواقع النصارى الحاقدين على الإسلام على شبكة المعلومات الدولية , فهو مادة خصبة لبث سمومهم من خلاله , خاصة وقد قام الضال المضل خليل عبد الكريم بالتعليق عليه من أجل عيون الحاقدين على الإسلام والقرآن , ففرح النصارى بهذا , وتناقلوا هذا الهراء فيما بينهم وكأنه حجة علينا , ولم يعلموا أننا نملك مرجعية دينية سماوية ممثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية , وقد ثبت بالتواتر القطعي الذي يفيد العلم , والذي انفرد به الإسلام , أنهما وحي الرب العلي , الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وما كان الله ليوحي كتابًا غير صادق من الناحية التاريخية كما زعم هذا الخلف الذي خالف الوحي , فالحجة عليه لا علينا .
فيكفي رد ما نقله البسيط عن هذا الكتاب , لمجرد مخالفته لصريح الكتاب والسنة وإجماع المسلمين , لكن البسيط لم يستطع أن يكتم حرفته التي أتقنها , فخلط كلام خلف الله بكلام فريز صموئيل صاحب كتاب " قبر المسيح في كشمير " , ولنعرض ما جاء في كتاب البسيط, يقول البسيط : (ويرى د. محمد أحمد خلف الله (في كتابه الفن القصصي في القرآن الكريم) أنّ القصةالقرآنيّة لم يُقصد بها التاريخ، ولكن العظة والاعتبار ولذلك يُهمل الزمانوالمكان، وهي تمثّل الصور الذهنيّة للعقليّة العربيّة في ذلك الوقت ولا يلزم أنْيكون هذا هو الحق والواقع ومن حقنا أنْ نبحث وندقّق. وهذا هو ما كتبهبالنص:....ونوجز ما سبق فيما يلي:
- القصة القرآنية ، قصة لا تتوافر فيها مقومات التاريخ، ولميكنْ هدفها التاريخ بل العظة والاعتبار. وهي ما يعرفه المعاصرون للنبيّ من تاريخ،ولا يلزم أنْ يكون هذا هو الحقوالواقع.
- هناك أقوال جاءت علي لسان بعض الأشخاص، لم ينطقوا بها بلالقرآن أنطقها علي لسانهم.
- القرآن لا يطلب منا الإيمان برأي معين في هذه المسائلالتاريخيّة ومن حقّنا أو من حقّ القرآن عليناأنْ نبحث ونفتّش لمعرفة الحدثالتاريخيّ كما وقع ومخالفتنا للقصة القرآنيّة لا يمسْالقرآن.
وإذاطبّقنا هذه المبادئ علي حادثة صلب المسيحنري: - أنَّ اليهود لم يقولوا أنَّ المسيح هو رسول الله، وإن القول"وَمَاقَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ "هو ما يعرفه بعضالمعاصرين.
- إنّ القرآن لا يطلب منّا الإيمان بعدم قتل وصلب المسيح. إذارأينا من الكتب المقدّسة أو من التاريخ ما يُؤكّد حقيقة صلب وموت المسيح، فالواجبعلينا أو من حق القرآن علينا أنْ نُؤمن بذلك، ولهذا فالمسيح قد صُلِبَ ومات عليالصليب.
- " إنالقرآن لم يقصد إلي التاريخ من حيث هو تاريخ إلا في النادر الذي لا حكم له، وأنَّهعلي العكس من ذلك عمد إلي إبهام مقومات التاريخ من زمان ومكان" .... ( "الفن القصصي في القرآن " محمد أحمد خلف الله مع شرح وتعليقخليل عبد الكريم، وكتاب " قبر المسيح في كشمير " د. صموئيل فريز 151-152)) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ص 52-55 ).
* النقل عن أبي رية المنحرف !! *
يقول البسيط : ( ونقل الكاتب محمود أبو ريهفقرات كاملة من الإنجيل بأوجهه الأربعة خاصة بكلام المسيحقبل صلبه مباشرة وكلام المسيح وهو معلق على الصليب وعند قيامته . وذلك كحقيقةتاريخية(كتابه " محمد والمسيح أخوان " ص 46) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ؟ ص 52 ) .
ويستمر البسيط في النقل عن أعداء الإسلام واهمًا رعاياه أن هذا الرية وأمثاله من المنحرفين الذين يستهوي البسيط النقل عنهم من الإسلام في شيء , ولقد صنف علماء الإسلام الردود الماتعة في الرد على كتب هذا الرية – قبحه الله – , كالعلامة مصطفى السباعي في كتابه الذي لم يصنف مثله : " السنة ومكانتها في التشريع " , وكذلك العلامة محمد شهبة في كتابه الماتع : " دفاع عن السنة " .
ويا ليت البسيط قد صدق في نقله عن الرية !! بل حرف كلامه , فلقد زعم البسيط أن الرية نقل فقرات من الإنجيل لحظة الصلب المزعوم كحقيقة تاريخية على الصلب , في حين أن هذا الرية نفسه قال في هامش كتابه لما نقل أقوال المصلوب على الصليب : " إلهي , إلهي .. لمذا تركتني " ( متَّى 27 : 46 ) : ( نقلنا ذلك عن مصدره كما وجدناه ) ( دين الله واحد , محمد والمسيح أخوان ص 49 – محمود أبو رية , دار الكرنك للنشر والطبع والتوزيع ) .
فكيف يزعم البسيط أن الرية ذكر ذلك كحقيقة تاريخية , في حين أن الرية نفسه ذكر في هامش كتابه أن نقل عن مصادر النصارى كما وجدها , ولم يكن الرية يريد من نقله صلب المسيح , بل كان يريد أن يبين للقاريء أن كل الأنبياء من خلال جميع المصادر الدينية الموجودة بين أيدينا الأن قد نطقوا بتوحيد الله , ولم يزعم أحد منهم أنه إله , وهذا ظاهر لمن اطلع على كتاب هذا الرية .
* التدليس على العلامة ديدات *
يقول البسيط : ( وكذلك تبني السيد أحمد ديداتوناشر كتبه السيد على الجوهري لقول الفرقة القاديانية التيتعتقد أنّ المسيح صُلِبَ علي الصليب ولكنّه لم يمتْ عليه بلأُغْمَيعليه وأُنْزِلَ من علي الصليب حّيًا(أنظر كتاب " صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء " أحمد ديدات ترجمةعـلي الجوهري) ) ( هل صلب المسيح حقيقة أم شبه لهم ص 50 , 51 ) .
نرجو من القاريء لكتاب البسيط أن يستجيب له وينظر كتاب العلامة ديدات المشار إليه , ونحن– مع البسيط – ندعوالقراءة كتاب الشيخ "صلب المسيح بين الحقيقة والإفتراء " !
في بدايةالكتاب تحدث الشيخ عن عقيدة الخلاص عند النصارى , وما تمثل هذه العقيدة من أهميةبالغة عندهم , ثم علق الشيخ قائلاً :
( ماذا نقولكمسلمين ازاء مثل هذا الادعاء المسيحى ؟! ليست هنالك اجابة أكثر إقناعا من قوله تعالى : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157, هل يمكن لأحد أن يكون أكثر وضوحًا وأكثرتأكيدًا وأكثر يقينًا وأكثر رفضًا للمساومة تجاه معتقد من معتقدات الإيمان عن هذهالإجابة ؟ الإجابة هى : مستحيل ! إن الله هو وحده العليم القدير البصير مالك الملك.إنه الله سبحانه و تعالى. ويؤمن المسلم أن هذه الإجابة الكاملة إنما هى منالله سبحانه وتعالى , ومن ثم لا يثير سؤالاً ولا يتطلب دليلاً, يقول المسلم أمناوصدقنا, ولو كان المسيحيون قد قبلوا بالقرآن الكريم باعتبار أنه وحى الله لماثارت مشكلة صلب المسيح ,إنهم يعترضون بتعصب على تعاليم القرآن ويهاجمون كل شيءإسلامي,إنهم كما يصفهم توماس كارليل " قد دربوا أن يكرهوا محمدا و دينه" ) (صلب المسيح بين الحقيقة والإفتراء ص 13 , 14) .
فهل عميت عينك يا بسيط عن هذا الكلام ؟!
ثم يستطرد الشيخ الأسد أحمدديدات تحت عنوان ( اعتراض مسيحي ) قائلاً :
( إن المسيحييعارض الإعتقاد الإسلامي بأن عيسى المسيح " ما قتلوه وما صلبوه " بقوله: كيف يتسنىلرجل مثل محمد عليه السلام على مبعدة آلاف الأميال من مسرح الحدث , وبعد 600 عاملوقوع الحدث أن ينفض ليروى عنه ؟ فيقول المسلم : إن الكلمات التي قالها محمدصلى الله عليه وسلم , ليست كلماته كشخص من البشر , ولكنها كلمات أوحاها إليهالعليم البصير , فيدفع المسيحى بأنه ليس مهيأ الذهن ليتقبل الوحي المحمدي خصوصًا فيأمر تحسمه في نظره شهادة " شهود عيان " ؟ الزعم المسيحي واضح , ومنطقهم لا بأس به,ولنتفحص وجهة نظرهم , فلنستدع شهودهم, ولنمحص شهادتهم لنكشف الحقيقة أو الزيففي الموضوع من ذات مصادرهم ,إنهم يعترفون أن شهود القضية الرئيسيين هم : متَّى ومرقس ولوقا ويوحنا, أصحاب الأناجيل المنسوبة إليهم , ولكنهم جميعًا قد ماتوا وهم في قبورهم , سيقول المسيحيون : " نعم , هذا صحيح , ولكننا نملك إفادتهم الخطيةالمكتوبة " ..... وعندما نواجه بالإدعاءات المعارضة المبالغ فيها من قبل اليهود والمسيحيين فيما يتعلق بدعاوى خلاصهم , فإن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نطالببدليل إذ يقول عز من قائل {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة111, ولقد جاءوا بدليلهم الوحيد في أكثر من خمسمائة لغة ! وفيأحد عشرة لهجة للعربوحدهم , فهل المطلوب منا أن نبتلع طعمهم كله ؟ كلا ! من المعروف سلفًا لدينا , أنالله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نطالب بدليل , فإن هذا يعني أنه سبحانه يطلب منا أننمحص هذا الدليل عند تقديمه فورًا , وإلا لما كان لطلب الدليل معنى عندما نقبلبدليل زائف ! ) (مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والإفتراء ص18) .
هذا وقد أثبت الشيخ من كتب القوم , أن مصادرهم لا تفيد أن المسيح مات على الصليب بحنكة رائعة , فغاية ما تشير إليه كتب النصارى أن المسيح قد حدث له عملية إغماء , وبهذا تسقط الفكرة المفترضة عن الخلاص والصلب والفداء , وهذا ما أراده الشيخ , وقد بَيَّن الشيخ معتقده في بداية كتابه , وهو أن المسيح لم يُصلب أصلاً , لكن سخف العقول لا يزال ملحًا !! أو قل حجج العلامة ديدات الماحية جعلت معارضيه يستخدمون أسلوب " الطعن الشخصي وتقليب المسلمين على رموز الإسلام", وذلك لعدم قدرتهم على الرد على حججه رحمه الله .
الباب الثالث: الأخطاء والتحريفات في كتاب : " الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه "
الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه !
ننتقل الآن إلى مؤلف آخر من مؤلفات القس عبد المسيح بسيط وهو : " الكتاب المقدس يتحدي نقاده والقائلين بتحريفه " وهو الكتاب رقم (3) من سلسلة Apologetics ( اللاهوت الدفاعي) . المطبعة : مطبعة بيت مدارس الأحد بروض الفرج , الطبعة الأولى : في 7/12/2005م , برقم الإيداع : 22371/2004 , وبالترقيم الدولي : 977-17-1941-7 .
* ورقة بن نوفل وكذب البسيط ! *
يقول القس عبد المسيح بسيط : ( كان مع ورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة وقريب نبي المسلمين ، العالم الحنيفي المتأثر بالنصرانية إنجيل يترجم منه من العبرية (السريانية) إلى العربية ، فهل رآه نبي المسلمين أو قرأه ورقة الذي تعبد معه في غار حراء ، في شهر رمضان ، أكثر من 15 سنة ؟) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 179 , 180 ) .
لقد دأب القس بسيط وأمثاله ممن نقلوا عن المستشرقين الحاقدين على الإسلام , التدليس والتحريف في النقل , والكذب المتعمد على الإسلام والمسلمين , بل وعلى رعاياهم , وهذا أكبر دليل على صدق الإسلام وظهور حجته , واليوم يخرج علينا القس بسيط مفجرًا قنبلة : (جهلونووية ) . من طراز : ( بسيط 666 ) . إستشراقية المصدر والمنشأ , ومن توزيع الكنيسة الأرثوذكسية المصرية !
وأبسط القول – أبسط من القس بسيط – للرد على زعمه : ما مصدر كلامك يا بسيط ؟! أخرج لنا من كتب السيرة المعتمدة عند أهل الإسلام يا بسيط ما يفيد أن ورقة بن نوفل تعبد مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء , وإن لم تُخرج لنا ما طلبناه , علمنا أن مصدر كلامك قلب حاقد ولسان كاذب , فاغلق عليك بابك وابك على حالك !
يقول البسيط : ( ورقة الذي تعبد معه – يقصد مع النبي صلى الله عليه وسلم - في غار حراء ، في شهر رمضان ، أكثر من 15 سنة ؟ ) .
بالطبع , يشعر النصارى بخيبة أمل عظيمة , لصدور هذا الكلام من رجل يشار له اليوم بالبنان بينهم , لقد صدع القس بسيط بهذا الكذب ليعلن لنا قائلاً : هاؤم اقْرَؤُوا كِتَابِيه , هاؤم اعلموا غبائيه !
وبالطبع يتسأل القاريء المسلم الأن : من أين يأخذ القساوسة - البسطاء - معلوماتهم عن الإسلام؟!
إن هذا المثال الذي رأيناه من البسيط , يبين لنا حقد القساوسة على الإسلام , واستحلال الكذب للطعن في الإسلام ومصادره , فهم أصحاب قضية خاسرة , لأنهم لو كانوا أصحاب حق , لنقلوا من مصادرنا المعتمدة دون زيادة أو نقصان , لكن قلوبهم المريضة ونفوسهم الحاقدة , جعلتهم يستحلون الكذب على الله وعلى دينه , إعتمادًا منهم على جهل رعاياهم الذين بُرمجوا على عدم مناقشة القسيس فيما يدعيه عن الإسلام !
وبالنسبة لإشارة القس بسيط أن اللغة العبرية هى السريانية , فلا أدرى هل هذا من خداعه أم من جهله أم من كلاهما , فالسريانية ليست اللغة العبرية كما هو معلوم لدى من له مسحة من عقل!
فالحمد لله الذي فضح وكشف حقيقة أعداء الإسلام من خلال كتاباتهم الطاعنة في دينه الحق !
* ابن إسحاق كان صحابيًا نصرانيًا !! *
يقول القس بسيط : ( هل قال أحد من الصحابة الذين كانوا من أصل يهودي أو مسيحي ، مثل ابن اسحق وسلمان الفارسي وغيرهم ، بتحريف التوراة أو الإنجيل ؟ ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 180 ) .
ويأبى حضرة القس الكاهن عبد المسيح بسيط أبو الخير إلا أن يعلن للناس كافة أنه كاذب مدلس , جاهل محرف!
أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار , المكنى بأبي بكر , ويقال له : كومان . المدني المطلبي , وهو من التابعين المؤرخين , توفي في بغداد سنة إحدى وخمسين ومائة للهجرة على الراجح , وقد هذب ابن هشام كتابه السيرة النبوية واختصره , ولم يكن نصرانيًا في يوم من الأيام فضلاً عن أنه ليس من الصحابة رضوان الله عليهم . ( انظر تهذيب التهذيب 9/38-46 , سير أعلام النبلاء 7/33-55 ) .
والقس عبد المسيح بسيط لم يصدق نفسه حينما رأى في اسم محمد بن إسحاق , لفظ "إسحاق " فراح يطير فرحًا على اكتشافه المذهل قائًلاً : إذًا كان نصرانيًا , ولا مانع أن نجعله صحابيًا !!
* وهب بن منبه من الصحابة !! *
يقول البسيط : ( ... وهنا تأكيد منقول عن وهب بن منبه أحد الصحابة .... ) (الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 184 ) .
لقد أخرج البسيط لنا من جعبته , قنبلة : ( جهلونووية ) من طراز ( بسيط 666 ) , وهى قنبلة تتكون من غاز ثاني تأليف الكربون , مع مزيد من تحريفات الصوديم , وكثير من الجهل والحقد والكذب كعوامل مساعدة في تنشيط التفاعل !
فالبسيط لم يصدق نفسه أنه توصل إلى هذا الكشف العبقري المذهل , وهو أن وهب بن منبه من الصحابة !
وهب بن منبه ليس صحابيًا , بل تابعي فاضل , فهو : وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار الأبناوي الذماري الصنعاني , العلامة الإخباري القصصي أخو همام ومعقل وغيلان أبناء منبه , ولد في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة أربع وثلاثين من الهجرة , وتوفي سنة عشر ومائة على الراجح . ( انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 4/544- 556 , طبقات ابن سعد 5/543 , البداية والنهاية 9/276 , وغيرها ).
* تدليسات متنوعة *
أراد القس بسيط أن يشير في كتابه : " الكتاب المقدس يتحدى نقاده ويستحيل تحريفه" أن التحريف الذي أشار إليه القرآن الكريم أنه واقع في أسفار السابقين , أنه تحريف معنوي فقط , دون تحريف اللفظ نفسه , واعتمد البسيط في إثبات ذلك على تحريف أقوال المفسرين , الذين أقروا في غير موضع من مؤلفاتهم بوقوع نوعي التحريف : اللفظي والمعنوي !
وما علينا إلا عرض أراء العلماء الذين نقل عنهم البسيط , وبيان تحريفه لأقوالهم , بعدم نقله ما يُثبت بطلان ما استدل به :
* التدليس على البيضاوي *
يقول القس بسيط : " قال البيضاوي في تفسيره " أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ " أن يصدقوكم ، أو يؤمنوا لأجل دعوتكم . يعني اليهود . وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ (طائفة من أسلافهم) يَسْمَعُونَ كَلَـامَ اللَّهِ " يعني التوراة " ثُمَّ يُحَرّفُونَهُ " كنعت محمد 000 ، وآية الرجم . أو تأويله فيفسرونه بما يشتهون " ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 182 ) .
يريد القس أن يقول من ذلك النقل المبتور , أن القضية لا تخرج عن التأويل فقط , وأنا أنقل من تفسير البيضاوي ما يُظهر القس بسيط على حقيقته , قال الإمام البيضاوي في تفسير قول الله تعالى : " يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِه" المائدة 41:
( أي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها، إما لفظاً: بإهماله أو تغيير وضعه، وإما معنى: بحمله على غير المراد وإجرائه في غير مورده ) (تفسير البيضاوي" أنوار التنـزيل وأسرار التأويل 1/266 " ) .
وهذه شهادة صريحة على نوعي التحريف عند أهل الكتاب !
* التدليس على السيوطي *
يقول القس بسيط : ( جاء في الدر المنثور للتفسير بالمأثور للسيوطي قوله " وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: إن التوراة والإنجيل كما أنزلها الله لم يغير منها حرف ، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل ، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم " ويقولون : هو من عند الله وما هو من عند الله " فأما كتب الله فهي محفوظة لا تحول " . وهنا تأكيد منقول عن وهب بن منبه أحد الصحابة على استحالة تحريف التوراة والإنجيل " إن التوراة والإنجيل كما أنزلها الله لم يغير منها حرف ، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل " . وذلك لأن كتب الله محفوظة ويستحيل تحريفها ، فالله هو الحافظ لها ، ولا يستطيع أحد أن يحذف منها أو يضيف إليها أو يغير أو يبدل فيها!!) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 184 ) .
البسيط لم يصدق نفسه أنه توصل إلى هذا الكشف العبقري المذهل , وهو أن وهب بن منبه من الصحابة !
ولبيان تهافت ما ذهب إليه البسيط نقول :
أولاً : وهب بن منبه ليس صحابيًا , بل تابعي فاضل , ولد في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة أربع وثلاثين من الهجرة ! ( انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 4/544- 556 , طبقات ابن سعد 5/543 , البداية والنهاية 9/276 , وغيرها ).
ثانيًا : وهب بن منبه غزير علم بالإسرائيليات , ولا يُعقل أنه قد خفي عليه تحريف أهل الكتاب لأسفارهم , ولا أدري كيف يستدل القس بسيط بقول وهب بحفظ التوراة والإنجيل على أن العهدين القديم والجديد لم يحرفا ؟! وهل التوراة والإنجيل هما العهد القديم والعهد الجديد ؟! لقد قال وهب : " ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل , وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم {ويقولون: هو من عند الله وما هو من عند الله} " . وهذا إقرار من وهب رحمه الله بوقوع التحريف اللفظي والمعنوي في أسفار اليهود والنصارى , لذا قال الحافظ ابن كثير : ( إن عنى وهب ما بأيديهم من ذلك فلا شك أنه قد دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص , وأما تعريب المشاهد بالعربية – أي ترجمة العهدين إلى العربية – ففيه خطأ كبير وزيادات كثيرة ونقصان ووهم فاحش , وهو من باب تفسير المعرب المعبر , وفهم كثير منهم بل أكثرهم بل جميعهم فاسد , وأما إن عنى كتب الله التي هى كتبه من عنده- التوراة والإنجيل والزبور- فتلك كما قال محفوظة لم يدخلها شيء ) ( تفسير ابن كثير 2/39 ) .
وأنا في قمة تعجبي من استدلال القس بسيط بقول وهب , لأن فيه وقوع التحريف اللفظي والمعنوي في أسفار السابقين , فكيف يستدل به القس بسيط على أن هذه الأسفار لم تحرف ؟! أم لعل القس بسيط كان يتناول قليلاً من الخمر من أجل معدته وأسقامه الكثيرة كما نصحه بولس ( اتيمو 5 : 23 ) وذلك أثناء كتابته فاختلط عليه الأمر , فبدلاً من أن يأتي بدليل على عدم التحريف , أتى بما يثبت وقوع التحريف بنوعيه , ويأبى الله إلا أن يذل من عصاه !
ثالثًا : قول وهب بن منبه رحمه الله : " وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم {ويقولون: هو من عند الله وما هو من عند الله} " يظهر بوضوح في أسفار اليهود والنصارى التي كتبت بأيدي كتبة مجهولين , أخطأوا بقصد وبغير قصد كما اعترف علماء الكتاب المقدس , ثم نُسبت كتاباتهم إلى الله تعالى بغير وجه حق , ودون اعتماد منه تبارك وتعالى , أو اعتماد أي نبي من الأنبياء , ويدخل في هذا على وجه الخصوص الأناجيل الأربعة ورسائل العهد الجديد , فهى كتب كتبها مؤلفون مجهولون من عند أنفسهم , وقالوا : هو من عند الله وما هو من عند الله !
* التدليس على ابن كثير *
يقول القس بسيط : (جاء في البداية والنهاية للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي " فأخبر تعالى أنهم يفسرونها ، ويتأولونها ، ويضعونها على غير مواضعها ، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء ، وهو أنهم يتصرفون في معانيها ، ويحملونها على غير المراد ، كما بدلوا حكم الرجم بالجلد ، والتحميم مع بقاء لفظ الرجم فيها ، كما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، مع أنهم مأمورون بإقامة الحد، والقطع على الشريف والوضيع " . وهنا يؤكد ابن كثير الدمشقي على أن التحريف المقصود هو التفسير أو التأويل على غير المعنى الحقيقي ، تغيير المعني وليس تغيير النص ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص183 ) .
لقد نقل القس بسيط ما يتناسب مع دعواه , وها أنا أنقل من نفس المرجع الذي يستدل به القس بسيط " البداية والنهاية " للحافظ ابن كثير , ما لا يتناسب مع دعواه, وما ليس على هواه !
قال الإمام الحافظ ابن كثير : ( وذكر غير واحد – من النصاري – أن الإنجيل نقله عنه- أي عن المسيح - أربعة : لوقا ومتَّى ومرقس ويوحنا , وبين الأناجيل الأربعة تفاوت كثير بالنسبة لكل نسخة ونسخة وزيادات كثيرة ونقص بالنسبة إلى الأخرى ... وقد اختلفوا في نقل الأناجيل على أربعة أقاويل ما بين زيادة ونقصان وتحريف وتبديل )( البداية والنهاية 1/573-574 ) .
وقال رحمه الله في تفسيره عن كتب اليهود والنصارى : ( ...فلا شك أنه قد دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص ) ( تفسير ابن كثير 2/39 ) .
ومن التناقض العجيب الذي يغمرنا به البسيط بين الحين والأخر , أن القس يستدل بنقل عن الإمام ابن كثير يثبت تحريف التوراة !! يقول البسيط : ( وجاء في البداية والنهاية للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي " أما اليهود فقد أنزل الله عليهم التوراة على يدي موسى بن عمران عليه السلام ، وكانت كما قال الله تعالى: " ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ " (الأنعام: 154( . وقال تعالى: " قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً " (الأنعام:91) ، وقال تعالى: " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ " (الأنبياء: 48) . وقال تعالى: " وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " (الصافات: 118و119) .وقال تعالى: " إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " (المائدة: 44) . فكانوا يحكمون بها وهم متمسكون بها برهة من الزمان ، ثم شرعوا في تحريفها، وتبديلها ، وتغييرها ، وتأويلها ، وإبداء ما ليس منها ، كما قال الله تعالى: "وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (آل عمران: 78) ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 225 ).
والعجيب أن البسيط توقف عن النقل عن البداية والنهاية عند هذا الحد , والسبب أن الحافظ ابن كثير ذكر بعد ذلك أقوال أهل العلم في تحريف اللفظ والمعنى في كتب السابقين , ثم قال رحمه الله بعدها : ( والحق أنه دخلها تبديل وتغيير ، وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص ، كما تصرفوا في معانيها وهذا معلوم عند التأمل ) (البداية والنهاية 1/ 60) .
* التدليس على الرازي *
يقول القس بسيط : ( يفسر الرازي قوله " يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ " أن المراد بالتحريف : إلقاء الشبه الباطلة ، والتأويلات الفاسدة ، وصرف اللفظ عن معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية ، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذاهبهم ، وهذا هو الأصح . الثالث : أنهم كانوا يدخلون على النبي 000 ويسألونه عن أمر فيخبرهم ليأخذوا به ، فإذا خرجوا من عنده حرفوا كلامه . المسألة الرابعة : ذكر الله تعالى ههنا: " عَن مَّوٰضِعِهِ " وفي المائدة " مِن بَعْدِ مَوٰضِعِهِ " [المائدة: 41] والفرق أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة ، فههنا قوله : " يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوٰضِعِهِ " معناه : أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص ، فههنا قول ه: " يُحَرّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوٰضِعِهِ " معناه : أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص ، وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب " ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 184 ) .
لقد أقر الإمام الرازي رحمه الله في غير موضع من تفسيره الكبير , أن اليهود والنصارى حرفوا أسفارهم بأيديهم , والقس بسيط نقل وجهًا واحدًا من وجوه عدة فصلها الإمام الرازي وبيَّن أنواع التحريف الواقع في أسفار أهل الكتاب , لكن القس انتشل ضالته من بين أقوال الإمام الرازي , وظن أنه بذلك قد أقام الحجة على المسلمين , وهو بتحريفه المتعمد هذا قد أقام الحجة على نفسه وقومه !
يقول الإمام الرازي : ( في كيفية التحريف وجوه : أحدها: أنهم كانوا يبدلون اللفظ بلفظ آخر مثل تحريفهم اسم «ربعة» عن موضعه في التوراة بوضعهم «آدم طويل» مكانه، ونحو تحريفهم «الرجم» بوضعهم «الحد» بدله ونظيره قوله تعالى: : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ}البقرة79. فان قيل: كيف يمكن هذا في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر المشهور في الشرق والغرب؟ قلنا لعله يقال : القوم كانوا قليلين ، والعلماء بالكتاب كانوا في غاية القلة فقدروا على هذا التحريف ، والثاني: أن المراد بالتحريف : إلقاء الشبه الباطلة، والتأويلات الفاسدة ، وصرف اللفظ عن معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية ، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذاهبهم، وهذا هو الأصح . الثالث : أنهم كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويسألونه عن أمر فيخبرهم ليأخذوا به، فاذا خرجوا من عنده حرفوا كلامه. المسألة الرابعة: ذكر الله تعالى ههنا: : " عَن مَّوضِعِهِ " وفي المائدة " مِن بَعْدِ مَوٰضِعِهِ " [المائدة: 41] . والفرق أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة، فههنا قوله: " يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوٰضِعِهِ " معناه : أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص ، وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب " . وأما الآية المذكورة في سورة المائدة ، فهي دالة على أنهم جمعوا بين الأمرين فكانوا يذكرون التأويلات الفاسدة ، وكانوا يخرجون اللفظ أيضا من الكتاب، فقوله: {يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ } إشارة إلى التأويل الباطل وقوله: { مِن بَعْدِ مَوٰضِعِهِ } إشارة إلى إخراجه عن الكتاب ) ( التفسير الكبير 10/176 ) .
فانظر إلى حال هؤلاء القساوسة , وكيف يتعمدون تزوير الحقائق من أجل معتقد أثبتت الفطرة السليمة بطلانه !
* التدليس على البخاري *
يقول القس بسيط : ( جاء في صحيح البخاري : " يحرفون الكلم عن موضعه أي يزيلونه وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله تعالى ، ولكنهم يؤولونه على غير تأويله " . وهنا يؤكد البخاري في صحيحه على استحالة إزالة لفظ واحد من كتاب الله (التوراة وغيرها من كتب الله) وإنما " يؤولونه على غير تأويله " ) ( الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 184) .
ذكر البخاري هذا الكلام في صحيحه في كتاب التوحيد , باب قوله تعالى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } البروج 21-22.
والبخاري رحمه الله أقر بتحريف أهل الكتاب لأسفارهم , والقس بسيط - مشكورًا - نقل لنا هذا الإقرار , ولا أدري هل هذا من جهله أم من فضح الله له أم من كلاهما !
إن تحريف المعنى , الإجماع عليه قولاً واحدًا . وقد قبح القرآن الكريم أهل الكتاب على هذا التبديل ، فلا ينفع النصارى التنصل من تحريف أسفارهم بحجة أنها سليمة الألفاظ – كما زعموا – ، بل هم مقبوحون لتبديلهم في المعاني والأحكام . ثم لو كانوا لم يبدلوا الأحكام بل وحتى الألفاظ وكانوا مقيمين لصحيح المعاني والألفاظ ورفضوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، لزمهم التقبيح والتكفير ، لأن التمسك بدين منسوخ مستقبح كالتمسك بدين مبدل !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( بنوا كلامهم على أصلين فاسدين: أحدهما: أن الرسول ثبَّت ما معهم، ونفى عن كتبهم التي بين أيديهم التهم والتبديل والتغيير لها. ومقصودهم بذلك لا يتم إلا إذا نفى التبديل عن لفظها ومعناها. وهذا مما يعلم كل عاقل أن الرسول لم ينفه عنها ، بل النقل المتواتر عنه بنقيض ذلك . وهم أيضًا وكل عاقل يعلم أن الكتب التي بأيديهم في تفسيرها من الإختلاف والإضطراب بين فرق النصارى وبين النصارى واليهود ما يوجب القطع بأن كثيرًا من ذلك مبدل محرف. وكذلك وقع في تغيير شرائع هذه الكتب، فإن الكتب تضمنت أصلين: الإخبار والأمر. والإيمان بها لا يتم إلا بتصديقها فيما أخبرت، وإيجاب طاعتها فيما أوجبته. وأهل الكتاب يكذبون بكثير مما أخبرت، ولا يوجبون طاعتها في كثير مما أوجبته وأمرت به. وكل فرقة منهم تشهد على الفرقة الأخرى بمثل ذلك. والنصارى لهم سبع مجامع مشهورة عندهم. وهم في كل مجمع يلعنون طائفة منهم كبيرة ويكفرونهم، ويقولون عنهم: إنهم كذبوا ببعض ما في تلك الكتب، ولم يوجبوا طاعة بعض أمرها. وتلك الطائفة تشهد على الأخرى بأنها كذبت ببعض ما فيها. ثم فرقهم الثلاثة المشهورة النسطورية والملكية واليعقوبية كل طائفة تكفر الأخرى وتلعنها، وتشهد عليها أنها مكذبة ببعض ما في النبوات غير موجبة لطاعة بعض ما فيها. بل اختلافهم في نفس التوحيد والرسالة، فزعم كل فريق منهم أن المسيح جاء بما هم عليه. والمسيح عليه السلام وجميع الرسل بريئون من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا، وبريئون ممن يقول على الله غير الحق، أو يقول على الله ما لا يعلم، وبريئون من كل قول باطل يقال على الله عز وجل وإن كان قائله مخطئًا لم يتعمد الكذب... وإذا عرفت أن جميع الطوائف من المسلمين واليهود والنصارى يشهدون أنه قد وقع في هذه الكتب تحريف وتبديل في معانيها وتفاسيرها وشرائعها، فهذا القدر كاف، وهم من حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم صار كل من لم يؤمن به كافرًا ) ( الجواب الصحيح 1/315 ) .
فلا حجة للقس فيما نقله عن الإمام البخاري رحمه الله , خاصة وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري أنه قد وُجد في الكتابين – العهد القديم والعهد الجديد - ما لا يجوز أن يكون بهذه الألفاظ من عند الله عز وجل أصلاً . ( انظر بتوسع فتح الباري 13/618 – 621 ) .
* التدليس على القرطبي *
يقول القس بسيط : ( وهذا ما يؤكده القرطبي في تفسيره : " يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْر تَأْوِيله . وَذَمَّهُمْ اللَّه تَعَالَى بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ مُتَعَمِّدِينَ . وَقَرَأَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ " الْكَلَام " . قَالَ النَّحَّاس : و " الْكَلِم " فِي هَذَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُحَرِّفُونَ كَلِمَ النَّبِيّ 000 أَوْ مَا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَلَيْسَ يُحَرِّفُونَ جَمِيع الْكَلَام وراعنا ذَكَرَ شَيْئًا آخَر مِنْ جَهَالَات الْيَهُود وَالْمَقْصُود نَهْي الْمُسْلِمِينَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ . وَحَقِيقَة " رَاعِنَا " فِي اللُّغَة اِرْعَنَا وَلْنَرْعَك ; لِأَنَّ الْمُفَاعَلَة مِنْ اِثْنَيْنِ ; فَتَكُون مِنْ رَعَاك اللَّه , أَيْ اِحْفَظْنَا وَلْنَحْفَظْك , وَارْقُبْنَا وَلْنَرْقُبْك . وَيَجُوز أَنْ يَكُون مِنْ أَرْعِنَا سَمْعَك ; أَيْ فَرِّغْ سَمْعَك لِكَلَامِنَا " ) (الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 185).
ومرة أخرى يُتحفنا القس بسيط بنقل يثبت تحريف التوراة !ولا أدري كيف يستدل البسيط بهذا القول الصريح بتحريف التوراة للإمام القرطبي على أن التوراة لم تحرف ؟!
يقول القرطبي رحمه الله تعالى مقرًا بوقوع التحريف الحرفي ( اللفظي ) والمعنوي : ({يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مّوَاضِعِهِ}المائدة 14. أي يتأوّلونه على غير تأويله , ويلقون ذلك إلى العوامّ. وقيل: معناه يبدّلون حروفه. و«يُحَرّفُونَ» في موضع نصب, أي جعلنا قلوبهم قاسية محرّفين ) ( تفسير القرطبي " الجامع لأحكام القرآن 5/22 " ) .
ويقول رحمه الله : ({وَمِنَ الّذِينَ هِادُواْ} المائدة 41. أي ومن الذين هادوا قوم سماعون للكذب , أي قابلون لكذب رؤسائهم من تحريف التوراة ) ( تفسير القرطبي 5/38 ).
ولقد ذكر القرطبي رحمه الله قصة ماتعة , يُرد بها على تحريف القس بسيط , الذي أراد أن يوحي للقاريء أن القرطبي رحمه الله لا يقول بتحريف ألفاظ أسفار اليهود والنصارى المجموعة في العهدين , قال القرطبي رحمه الله : ( كان للمأمون ـ وهو أمير إذ ذاك ـ مجلس نظر, فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة, قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة , قال: فلما أن تقوّض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم. قال له: أسلِم حتى أفعلَ بك وأصنع , ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مُسْلماً, قال: فتكلّم على الفقه فأحسن الكلام فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون وقال: ألستَ صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى. قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان , وأنت (مع ما) تراني حسن الخط , فعمَدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت , وأدخلتها الكنيسة فاشتُرِيت مني , وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت , وأدخلتها البِيعة فاشتُرِيت مني , وعمَدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت , وأدخلتها الورّاقين فتصفحوها , فلما أن أوجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها فعلمت أن هذا كتاب محفوظ , فكان هذا سببَ إسلامي. قال يحيـى بن أكثم: فحججت تلك السنةَ فلقِيت سفيان بن عُيينة فذكرت له الخبر فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: {بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ} (المائدة: 44), فجعل حفظه إليهم فضاع, وقال عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضِع ) ( تفسير القرطبي 5/6 ) .
ولا تعليق !!
* التدليس على ابن عطية *
يقول القس بسيط : ( وجاء في تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية " واختلف العلماء في معنى قوله : " يحرفون الكلم " فقال قوم منهم ابن عباس ، تحريفهم هو بالتأويل ولا قدرة لهم على تبديل الألفاظ في التوراة ولا يتمكن لهم ذلك ويدل على ذلك بقاء آية الرجم واحتياجهم إلى أن يضع القارئ يده عليها " ) (الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه ص 187 ) .
ويستمر القس بسيط في التحريف والتزوير , فينقل ما يُرضي رعاياه ويُسكتهم , ويحجب عنهم ما يؤكد شكوكهم حول كتابهم أنه محرف !
قال ابن عطية رحمه الله : ( واختلف العلماء في معنى قوله " يحرفون الكلم " فقال قوم منهم ابن عباس تحريفهم هو بالتأويل – إلى هنا ينتهي النقل عن ابن عباس - ولا قدرة لهم على تبديل الألفاظ في التوراة ولا يتمكن لهم ذلك ويدل على ذلك بقاء آية الرجم واحتياجهم إلى أن يضع القارىء يده عليها وقالت فرقة بل حرفوا الكلام وبدلوه أيضا وفعلوا الأمرين جميعا بحسب ما أمكنهم ... وألفاظ القرآن تحتمل المعنيين فقوله تعالى " فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ " البقرة79 . يقتضي التبديل ولا شك أنهم فعلوا الأمرين ) ( تفسير ابن عطية " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 2/292 " ) .
وقال رحمه الله : ( وتحريف الكلم على وجهين إما بتغيير اللفظ وقد فعلوا ذلك في الأقل وإما بتغيير التأويل وقد فعلوا ذلك في الأكثر وإليه ذهب الطبري وهذا كله في التوراة على قول الجمهور ) ( تفسير ابن عطية 1/159 ) .
وهكذا نرى أن القس بسيط أخذ يحرف في النقل عن علماء الإسلام , فينتقي ما يريد أن يغزل حوله غزله , ويعرض عما فيه بيان الحق , ولا أدري : هل قراء القس بسيط من النصارى لا يعلمون ما يفعله القس بسيط في كتاباته من قص ولصق , أم يعلمون ولكن يتعمدون تضليل أنفسهم من أجل عيون القس بسيط ؟!
تعليق