خرافة الخطيئة الأصلية (الخطيئة الجدية)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.أمير عبدالله
    حارس مؤسِّس

    • 10 يون, 2006
    • 11247
    • طبيب
    • مسلم

    خرافة الخطيئة الأصلية (الخطيئة الجدية)

    خرافة الخطيئة الأصلية (الخطيئة الجدية)

    تمهيد حول ربطهم أساس الصلب كله بالخطية الأصلية
    قضية الخلاص بالصلب = النصرانية الحالية، يعني بدون هذه العقيدة فلا نصرانية (مسيحية)، ولقد اعتمدت عقيدتهم في الصلب والفداء على ركنين رئيسيين:
    1. خطيئة آدم الأصلية التي استُعبد لها كل البشر وأصبح لا يمكنهم التخلص من لعنتها إلا بعدل الله وهو الموت أو رحمته وهو سفك دم (ذبيحة).
    2. ولأن لا مغفرة إلا بسفك الدم، يُراجع من هنا

    بناءًا على هاتين المقدمتين يكون الصلب حتمي؛ فإذا ثبت أن المقدمتين باطلتان سقطت النصرانية وأصبح لا حاجة لهذا الدين إلا اللهم الإيمان بأن عيسى هو المسيح المنتظر، رسول الله، فيعود الناس إلى دين المسيح والحواريين (تلاميذ المسيح)، والذي هو الإسلام: الاستسلام التام لله وتنفيذ وصاياه والإيمان بما جاء به الأنبياء الصادقون. ولذا فقد ظل المسيح وأتباعه هؤلاء المتبعون للمسيح المستسلمون لله على يهوديتهم (ملة موسى) ودين الإسلام، هم المسلمون أنصار الله في زمن المسيح، قال الله تعالى: " فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون (52). وكل من جاء من بعدهم تسموا بالنصارى (النصرانية)، سواءً حافظ على دينه أو بدل فيه وغير، وقال الله تعالى عنهم في كتابه: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)

    والصلب والقتل جائز على الأنبياء

    كما جاء في القرآن:
    • (قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين)"
    • وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ، وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)
    • وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ‌وَيَقۡتُلُونَ ‌ٱلنَّبِيِّـۧنَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَيَقۡتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

    وجاء في الإنجيل:
    • إنجيل متى: "يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!" ]مت 23: 37[،
    • وفي إنجيل لوقا:"لِذلِكَ أَيْضًا قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلًا، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ" ] لو 11: 49[

    فلماذا لم يتبنَ الإسلام عقيدة الصلب
    • والإسلام تبنى الميلاد العذري وكثير من معجزات المسيح كإحياء الموتى وإبراء الأكمه، والتكلم في المهد؟، وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنِّي قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ أَنِّيٓ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ ‌كَهَيۡـَٔةِ ٱلطَّيۡرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ وَأُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [آل عمران: 49]، ومع ذلك لم يقر بالصلب وَمَا قَتَلُوهُ ‌وَمَا ‌صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ [النساء: 157] ، فلما قد يستجدي عداوة النصارى في وقت كان يحتاج دعمهم؟ يعني مصلحته في ان يقر الصلب خاصة أنه لم يكن له عداوة مع النصارى ولن يكسب من هذه الدعوى شيء. هذه قرينة من قرائن صدق الدعوة التي تحتاج تأمل الباحث عن الحق.
    • وكان يمكن أن يفعل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كما فعل بولس حيث كان يتبنى عقائد الناس ليكسبهم في صفه "فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ ­مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ للهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ­ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ وَهذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ" ]1 كو 9: 19-23[

    تعريفهم للخطيئة الأصلية
    ارتبط الصلب والفداء بقصة آدم في العهد القديم. وهي في الاصحاحات الثلاثة الأولى، لسفر التكوين، حيث نقرأ في سفر التكوين 2/ 15- 17: " 15وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَفْلَحَهَا وَيَعْتَنِيَ بِها. 16وَأَمَرَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلا: «كُلْ مَا تَشَاءُ مِنْ جَمِيعِ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ، 17وَلَكِنْ إِيَّاكَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لأَنَّكَ حِينَ تَأْكُلُ مِنْهَا حَتْماً تَمُوت». ثم في التكوين 3/ 6: " 4 فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا، 5بَلْ إِنَّ اللهَ يَعْرِفُ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلانِ مِنْ ثَمَرِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا فَتَصِيرَانِ مِثْلَهُ، قَادِرَيْنِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». 6وَعِنْدَمَا شَاهَدَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ لَذِيذَةٌ لِلْمَأْكَلِ وَشَهِيَّةٌ لِلْعُيُونِ، وَمُثِيرَةٌ لِلنَّظَرِ قَطَفَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، ثُمَّ أَعْطَتْ زَوْجَهَا أَيْضاً فَأَكَلَ مَعَهَا، 7فَانْفَتَحَتْ لِلْحَالِ أَعْيُنُهُمَا، وَأَدْرَكَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ، فَخَاطَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ مِنْ أَوْرَاقِ التِّينِ.".


    الخطية عامة كما يُعرفها قاموس الكتاب المقدس: " هي التعدي على شريعة الله وأحكامه، وكل من يفعل الخطيةّ يفعل التعدي أيضا، وخطيةّ الترك هي إهمال ما تفرضه شريعة الله، أما خطيئة الفعل هي ارتكاب ما نهت عنها تلك الشريعة"[1]. ويختلف مفهوم الخطيئة في الكتاب المقدس حسب أراء العلماء واللاهوتيين فتارة تُعرف على أنها التعدي على شريعة الله ، وتارة على أنها كل إثم يرتكبه الإنسان، ولقد بنت المسيحية على هذا الأساس تقسيم الخطية إلى قسمين:
    • الأصلية: وهي التي يولد بها الإنسان، بالوراثة.
    • الفعلية: وهي الاختيارية التي يرتكبها الفرد.

    وجاء في علم اللاهوت النظامي: "الخطية نوعين أصلية وفعلية، أي ما لنا بالوراثة، وما لنا بأعمالنا الاختيارية، الأمر الجوهري فيها هو نسبتها إلى شريعة الله، أي أنها مخالفة لها أو عدم الامتثال لها، وهي تتضمن الفساد والجرم، أي تستحق الدينونة أمام قداسة الله وأمام عدله أيضا"[2]. فالأصلية لا تعني في نظرهم أن الإنسان الأول خلق بها، فقد خلق الإنسان الأول بريئا، ثم دخلت الخطيئة إلى حياته وفكره عن طريق خطيئة آدم وحواء، ومن ثم سيطرت على الجنس البشري كله. أما الخطايا الفعلية فهي التي يفعلها المرء بعد ولادته أي يكتسبها الفرد بعد ولادته، وهذه الخطايا تكون نتيجة للخطيئة الأصلية أي نتيجة لحالة الفساد الذاتي لكل أحوال وقوى النفس.
    تفنيد هذه الخرافة

    أولًا: لا يوجد أي ذكر للخطيئة الأصلية في العهد القديم أو عند اليهود
    • إذا نظرنا إلى الاصحاحات الثلاثة الأولى فلا يوجد فيها أصلًا أي ذكر لمصطلح الخطيئة. بل هي اختراع بولسي.
    • اليهود الذين هم أعلم الناس بكتبهم لا يعرفون الخطيئة الأصلية ولا يعتقدونها ولم يفهموها من كتابهم أصلا.
    • جميع أنبياء الله ورسله لم يذكروا أي شيء عن الخطيئة الأصلية.
    • إله الأكوان لم يتحدث أو يشكو من الخطيئة الأصلية وأنها تؤرقه – تعالى الله- لهذه الدرجة ويُصرها في نفسه 3000 عام ثم ينفجر ويقتل ابنه، وفجأة يقول أصل كنتم غلطتم فيّ وفيه حاجة اسمها خطية أصلية، ماحدش عرفها إلا بولس، هذا سُخف.
    • ثم أن خطأ آدم سماه الكتاب زلة فلم يرقَ لكل هذا الزخم والتهويل المتصنع أو حتى أن تُسمى خطيئة.

    ثانيًا: المسيح نفسه لم يتكلم بشيء عن عقيدة الخطيئة الأولى
    • الخطيئة الاصلية عند النصارى لم يعرفها المسيح: فعندما تقرأ العهد الجديد كله لن تجد المسيح تكلم عن آدَمُ ولا عن الخطيئة ولا عن وراثتها، وهو الذي قال في يوحنا-18-20 ((أنا كلمت العالم علانية. أنا علمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائما. وفي الخفاء لم أتكلم بشيء))، فهل استدرك ما فاته ونسيه ليأتي من لا يعرفه وكان يقتل تلاميذه وأتباعه ليعرف الناس بما لم يقله المسيح ولم يتكلم به؟

    ثالثًا: بل إن المسيح يُقرر أن الناس كانت بلا خطيئة أصلًا قبل مجيئه!
    وهذا نص المسيح عليه السلام والذي يُفهم منه بوضوح انكار فلسفة الخطيئة الاصلية، ويُصرح أنه لم يكن للناس خطيئة قبل مجيئه:
    • " لو لم آت وأكلمهم، لم تكن لهم خطيئة، وأما الآن فليس لهم حجة في خطيئتهم... لو لم أعمل بينهم أعمالاً لم يعملها آخر، لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني" (يوحنا 15/22 - 24 )
    لم يقل كانوا تحت خطيئة آدم وجاي أموت عشانهم! بل كانوا بلا خطيئة، ولكن حين رأوا ما أعطاه الله له من سلطان وآيات فلم يؤمنوا أنه مرسل من عند الله فقد وقعوا في الخطيئة والكفر.
    المسيح لا يعرف أن هناك ما يُسمى "خطيئة موروثة من آدَمُ"، بل هو أكد على نفس المعنى الذي يؤكد عليه كل أنبياء الله، أن الخطيئة أن تعرف الحق وترى البراهين عليه وتكفر به، بخلاف من لم يصله الحجة والبرهان. ثُمَّ بعد ذلك يُكمل: "وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ" ]يو 15: 22[ بل ويؤكد هذا المعنى بقوله: "لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ أَعْمَالًا لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّة"]يو 15: 24[، وأما الآن فقد رأوا "اَلَّذِي يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضًا" ]يو 15: 23[، المسيح يقول بوضوح لو لم أكن قد جئت لما كان هناك خطية نجده في نص آخر يقول: "لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَاناً لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلٰكِنِ ٱلآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ، فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ"]يو39:9-41[، بمعني لو أنكم عميان لا ترون، فأنتم لا ترون المعجزات التي أعملها، وحينها كان سيصبح عندكم عذر في هذا الموضوع لكنكم رايتم البراهين فلم تعودوا عميان فبالتالي عليكم الخطيئة -عدم الإيمان بالله ورسوله-؛ فإذا أخذناها من كلام المسيح فسنجده ما كان عنده علم بما يُسمى بالخطيئة الموروثة.

    فالمسيح بهذا االنص يقرر حقيقة الخطيئة كما يفهمها المسلمون: الخطيئة الأصلية عند المسلمين لا يوجد عندنا هذا المصطلح، ولكن نُسميه: أكبر الكبائر والذنب والظًلم العظيم الذي يكون في حق الله هو الشرك بالله، الكفر بالله ورسله وتكذيبهم فهذا لا يغفره الله، فوحدانية الله متأصلة في كل الفِطَر، وانكارها كفر وخروج عن الفطرة، ومع ذلك فلا يُعذب الله الناس إلا بعد ارسال الرسل وإقامة الحجة عليهم هذه هي الخطيئة التي لا تُغفر والكبيرة التي لا تُرحم. وهذا مصداق قول الله: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وقوله تعالى: " وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِين "

    وأما استناد النصارى إلى نص يوحنا المعمدان في: إنجيل يوحنا عندما رأى يسوع: "وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: "هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خطيئة الْعَالَمِ!”] يو 1: 29[، فلا يوجد في النص ما يُشير إلى خطيئة آدم وإنما كانت خطية العالم أي اليهود في عدم اتباعهم لطرق الله والإيمان؛ والدليل على ذلك قوله "لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ"]يو 15: 24[

    وأما استدلال النصارى بكلمة "بذل" في نص بلسان المسيح في يوحنا يقول: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ"]يو 3: 16[، فهنا نجد أنهم يقتطعون كلمة من النص من سياقه، ونجد أن كلمة "بذل" لا تعني أنه يصلبه؛ بل المقصود بها أنه أرسل ابنه، فعندما نكمل النص نجده يؤكد على ذلك فيقول: "لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ"]يو 3: 17[، بل يؤكد على ذلك بقوله: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ"]يو 3: 16[، وقد شرح المسيح نفسه الحياة الأبدية وطبيعة هذا الإيمان فقال في يوحنا: (يوحنا 17: 1-13) وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وحدك والَّذِي أَرْسَلْتَهُ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وكذلك وضح طريقة السير إلى الحياة الأبدية في متى 19/ 16: (16 وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17 فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18 قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ».

    وسئل عيسى عليه السلام بعد ذلك يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ )). [متى 22 : 36-40]فالمسيح عليه السلام لم يعرف الخطيئة الاصلية ولم يقرر شيء إلا ما جاء به الإسلام وجاء به الأنبياء كلهم قبله


    رابعًا: هل بدون سفك دم لا تحصل مغفرة كما ادعى بولس؟

    المسيح يحارب تقاليد شيوخ اليهود
    جاء المسيح عليه الصلاة والسلام يُحارب تقاليد اليهود، وتعاليم الشيوخ التي لا أصل لها في كلام الله ووصاياه، لأنه جاء يحارب كل تقاليدهم التي تخالف كلام الله وما أنزل الله بها من سلطان (وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟)، متى 15/ 1- 9 (1حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2«لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزاً؟» 3 فَأَجَابَ: «وَأَنْتُمْ أَيْضاً لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ؟ 4فَإِنَّ اللَّهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ وَمَنْ يَشْتِمْ أَباً أَوْ أُمّاً فَلْيَمُتْ مَوْتاً. 5 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».

    مصدر عقيدة بولس:
    يقول بولس في رسالته إلى العبرانيين [9: 22] ((وكل شيء تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة))، فمن اين أتى بولس بهذه العقيدة؟
    بولس يكرر عقيدة يهودية من التقليد اليهودي، تقاليد الشيوخ، من التلمود وليس الكتاب المقدس، ومذكورة في YOMA 5A: 2 أين كفارة الا بدم אֵין כַּפָּרָה אֶלָּא בְּדָם أي لا كفارة إلا بدم،ـ فهذا من تقليد الشيوخ من التلمود وليس من كلام الله ولا من وصايا الله في الكتاب المقدس.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	dataurl804899.png  مشاهدات:	0  الحجم:	20.3 كيلوبايت  الهوية:	835025


    والمثير للعجب أن اليهود أنفسهم أقروا ببطلان هذه العقيدة برغم وجودها عندهم في التقليد وتخلوا عنها، ورجعوا إلى الحق فيها، مجبرين بعد عقاب الله لهم وإزالته للهيكل، ورفع النبوة عنهم. فرجعوا للكتاب راضخين وأكدوا أن الكتاب المقدس لا يقول هذا، بل يقول أن مغفرة الخطايا وإن كان الأساس فيها الذبائح، لكنها ممكنة كذلك بالصيام والدعاء.

    الموسوعة اليهودية ENCYCLOPAEDIA JUDAICA, Second Edition, Volume 2,P.644
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	dataurl804900.png  مشاهدات:	0  الحجم:	61.0 كيلوبايت  الهوية:	835026


    لذلك فان ادعاء بولس انه " بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌليس الا بدعة وثنية، نقلها بولس من تقاليد اليهود الذين أخذوها من الديانات الوثنية وما أنزل الله بها من سلطان، فيأتي بولس وينقلها الى العقيدة النصرانية، ويتحول النصارى إلى كلام بولس والتقليد مرة أخرى هاجرين كلام المسيح ضاربين به عرض الحائط. والمسيح ما جاء إلا ليؤكد على كلام الله ووصاياه ويُحارب تقليد اليهود.

    كيف رد المسيح على اليهود في هذا؟
    فعقيدة ألا يغفر الله إلا بسفك دم، عقيدة باطلة، ليست من الناموس، ولم يذكرها أنبياء الله في الكتاب المقدس، بل هي من العقائد التي حاربها المسيح صلى الله عليه وسلم، وبين أن الحقيقة خلاف ذلك، وأكد على أن التوبة إلى الله هي الأهم، وأقام الحجة عليهم في ثلاثة أمور:
    • (الأول) أن اقحام القربان في كل شيء واعتباره بوابة المغفرة الوحيدة هو من تقليدهم وليس من وصايا الله
    • (الثاني) بين المسيح أنه حتى مع تقدمة القربان فلا قيمة للقربان ولا لسفك الدم بدون التوبة واتباع كلام الله
    • (الثالث) أنه جاء بالتوبة لغفران الخطايا

    وتفصيل هذا ونسف أصله بيناه في هذا المبحث: هل بدون سفك دم لا تحصل مغفرة كما ادعى بولس؟


    خامسًا: هل الخطيئة أو نتيجتها تُورث؟

    أولًا: نصوص الكتاب المقدس تنفي وراثة الخطيئة كما تنفي وراثة نتيجتها (عقوبتها):
    بنى النصارى عقيدتهم في الخطية الجدية (الاصلية) على رسالة بولس إلى رومية 5/ 12، حين قال: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطيئة العالم، وبالخطيئة الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع". لكن بولس لم يُصرح بوراثة الخطية، ولكن اعتبر خطيئة شخص واحد كخطيئة جميع الجنس. لكن القديس أغسطينوس في القرن الخامس هو أول من استنبط من هذا النص فكرة وراثة الخطية،

    ويختلف النصارى فيما بينهم بين هل الخطية تورث أم نتيجتها التي تُورث؟ والرد على كليهما واحد، لأن محصلة الاثنين، أن الله صلب يسوع البرىء ليخلص البشر، سواءً لاجل وراثتهم خطية أبيهم، أو لأجل رفع نتيجة الخطية التي احتملوها من أبيهم الذي لم يعرفوه ولم يروه أصلًا.

    وهذا المعتقد لا دليل عليه في التوراة، بل الدليل قام على خلافه، إذ جاءت النصوص تنفي وراثة الذنب، وتنفي تحمل نتيجته، وتؤكد على مسئولية كل إنسان عن عمله، ومنها:
    1. 19 وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا.20 النفس التي تخطيء هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون " (حزقيال 18/19– 20).
    2. لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل " (التثنية 24/16).
    3. " بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه" (إرمياء 31/30).
    4. "الذي عيناك مفتوحتان على كل طرق بني آدم لتعطي كل واحد حسب طرقه، وحسب ثمرة أعماله " ( إرميا 32/19 ).
    5. " لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته " ( الأيام (2) 25/4 ).
    6. ويقول إبراهيم أن قتل البار بذنب الأثيم ينافي العدل:" أفتهلك البار مع الأثيم، عسى أن يكون خمسون باراً في المدينة، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين باراً الذين فيه، حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر: أن تميت البار مع الأثيم، فيكون البار كالأثيم. حاشا لك، أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً " (التكوين 18/ 23 - 25).
    7. كما أنكر المسيح الخطيئة الأصلية بقوله: " لو لم آت وأكلمهم، لم تكن لهم خطيئة، وأما الآن فليس لهم حجة في خطيئتهم... لو لم أعمل بينهم أعمالاً لم يعملها آخر، لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني " (يوحنا 15/22 - 24 )، فالنص لا يتحدث عن خطأ سابق عن وجوده، بل عن خطأ وقع فيه بنو إسرائيل تجاهه، هو عدم الإيمان بالمسيح، وليس فيه أي ذكر للخطيئة الموروثة، بل هو لا يعرف شيئاً عنها، كما أسلفنا.
    8. وفي الإسلام، فيقول الله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ) [فاطر: 18]، ويقول تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر: 38]

    ونتساءل: هل غش الإله- تعالى الله عن ذلك- خلقه وأوهمهم أنهلا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء، ثم فاجئهم أنهم لا يحملونخطأ أبيهم، بل خطأ أول رجل وإمراة خلقا؟!!


    ثانيًا: الإنسان مخلوق خاطئ ولن يغير طبيعته أي شيء في الدنيا وبدون مسلسل الخطيئة والصلب أصلا
    ومع هذه الخطيئة الاصلية وبدونها كان حتمًا سيخطئ الانسان، لأن الله خلقه على هذه الطبيعة أن يكون خطاء، هذه جبلته وهذه طبيعته. فلا معنى من أن تكون الخطيئة سبب لهذا المسلسل الساذَج، لأنه بعد تمثيلية الصلب هذه سيظل الانسان خطاء وسيخطئ العصاة إلى نهاية الدهر في الله، فتظل تمثيلية هابطة، لا معنى لها إلا الاستخفاف بعقول أصحابها وعقول أتباعهم. فلا يبقى إلا التوبةـ تغلط وتتوب، تغلط وترجع على الله، تتذكر أن هناك إله خلقك على هذه الطبيعة البشرية ويقبل رجوعك في كل مرة.

    والدليل على أن هذه جبلة الانسان وانه خُلِق خطاءً من الإسلام
    • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، وقال الله تعالى: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ"
    • والخطا مكتوب على المؤمنين، كما قال رسول الله: " إن المؤمن خلق مفتنا توابًا نسيًا، إذا ذُكِّر ذَكَر".
    • وقال تعالى: "وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ"، وقال تعالى: إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا"، وقال تعالى: "إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
    • وقال عليه الصلاة والسلام: لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. إذن نحن كمسلمين لا يوجد عندنا خرافة الخطيئة الجدية، ولا هي موجودة مذكورة في التوراة، وإنما خطا آدم كاي خطأ بشري، خلقه الله هكذا ليخطئ ويتوب.
    والدليل على أن هذه جبلة الانسان وانه خُلِق خطاء من الكتاب المقدس
    • الجامعة 7/ 20: لأَنَّهُ لاَ إِنْسَانٌ صِدِّيقٌ فِي الأَرْضِ يَعْمَلُ صَلاَحاً وَلاَ يُخْطِئُ.
    • 1ملوك 8/ 46 إِذَا أَخْطَأُوا إِلَيْكَ - لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ –"
    • مزمور 51/ 5 هَئَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي.

    والدليل على أن هذه جبلة الانسان بالاستدلال العقلي:
    • لو أن الإنسان لم يخلقه الله على طبيعة الإنسان الخاطئة، فلماذا لم ينتهِ الخطأ بعد مسلسل الصلب؟، مستمرين نغلط، وحنفضل نغلط، يعني ربنا خلقنا كده أصلًا.
    • أقدس مكان للنصارى -الكنيسة -، هل يرتكب المؤمنين بصلب المسيح فيها الخطيئة؟ بالطبع نعم، كما يوجد عدة أدلة عندنا عن برسوم المحرقي، وزكريا بطرس والسكرتيرة الخاصة به، وغيرهم الكثير مؤمنين بصلب المسيح ويرتكبون الخطيئة وهم في أقدس مكان بالنسبة للمسيحين في الكنيسة، إذًا فلا التوبة ولا الصلب ولا أي شيء يمكنه تغيير الطبيعة الفاسدة، صلب المسيح أو الإيمان بصلب المسيح لم يغير الطبيعة الفاسدة،
    • لم يخلقنا الله كالملائكة، بل خطاة، لذا خلقنا مخيرين، يعني لا يوجد في كتالوجنا أوامر الكمبيوتر مثلا، تُنفذ فورًا بدون أي اعتراض، زر power سيفتح، لو ضغطنا shut down ستنطفئ ، فالله لم يخلق آدم بهذه الصورة، لأنه لو كان خلقه بهذه الصورة لم يكن سيعطي له وعيد، فالله قال: "لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ"]تك 3: 4[، فلو كان خلقه بدون طبيعة الخطأ، كالملائكة، فسيسمع آدم كلام الله ولا يمكن أن يعصيه أبدًا، ولما كان هناك معنى من أن يذكر الله نتيجة المخالفة لو حدثت لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ. فهذا معناه أن الطبيعة التي خلق بها سيدنا آدم طبيعة قابلة للخير والشر، طبيعة قابلة للطاعة والمعصية.
    • ولو أن الإنسان خُلِق بطبيعة غير قابلة للفساد؛ فلن يكون هناك ملكوت وبحيرة نار وكبريت، ولن يكون هناك مبدأ الثواب والعقاب -لأن الإنسان سيكون دائمًا على صواب-
    فكيف يكون هناك معنى لهذا المسلسل الهابط، وقد خلقنا الله لنخطئ ابتداءً. هل فجأة جهل إلههم الذي يعبدون هذا؟ - تعالى الله عن ذلك- إله يجهل طبيعة من خلق، ثم يُلجؤونه لدراما صلب مُعوجة، يصلب اينه بكل رحمة لخطئهم الذي لا ذنب لهم فيه وخلقهم عليه! حل أقبح من الجهل الذي نسبوه إليه، يتصورون أن الإله نزيل مصحة نفسية، تعالى الله الإله الحق عن كل هذه الكفريات والوثنيات والاستخفاف بالعقول.


    سادسًا: وهل تكون الذبيحة في دين الله والأنبياء بشرية؟
    يقول المسيحي: "لا بد من وجود ذبيحة"، فبحسب نص العبرانيين "وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!”] عب 9: 22[، وهذا لا إشكال فيه لو انه قال بالذبائح وبغير الذبائح، لكنه جعل المغفرة بالذبائح فقط، وهذا غير صحيح، وكذب على الله كما بيناه. لكن هل يوجد في الناموس أو في قانون الله ذبائح بشرية؟

    أولًا: عهد الله من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن تكون الذبائح حيوانية لا بشرية
    1. فأول ذبيحة مقدمة لله كانت حيوانية من آدم عليه السلام بإقرارهم هم: فمنذ خلق الله الخلق وتعلم آدم من الله أن الذبيحة لا تكون إلا حيوانية، بل كونه يقدمها، فنستنتج منه التوبة والمغفرة حسب معيارهم الذي يدينهم " لا مغفرة إلا بسفك دم"، برغم أن الكتاب لم ينص على ذلك حسب قولهم. ومن فمك أدينك لو رجعنا إلى تفاسير كل الطوائف فقد وصلوا إلى نفس الاستنتاج ومفاده أن آدم عليه السلام قدم ذبيحة حيوانية لله، ذبيحة محرقة (ذبيحة إثم)، وهذا إقرارهم وتسميتهم هم. التفسير المسيحي عند مختلف طوائفهم يذكر هذا، أن آدم قطعًا هو الذي قدم ذبيحة إلى الله، وأن الله قبلها منه، وألبسه أقمصة هو وزوجته حواء​!​، وهذا لا معنى له إلا أن الله قد تاب على آدَمُ، ولو لم ينطقوا بها أو زارتهم حالة الفصام والعمى والتخبط التي تزورهم في كل مرة يقرر عقلهم وفطرتهم الحق.

      وسأضع نماذج متعددة لما قالوه في مختلف طوائفهم الرئيسية الثلاثة:

    السنن القويم، تفسير وليام مارش، سفر التكوين، ص. 42
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	dataurl804901.png  مشاهدات:	0  الحجم:	117.4 كيلوبايت  الهوية:	835028





    تفسير أنطونيوس فكري سفر التكوين، ص. 66- 67
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	dataurl804901.png  مشاهدات:	0  الحجم:	82.3 كيلوبايت  الهوية:	835027



    تفسير الكتاب المقدس، سفر التكوين، نجيب جرجس، ص. 110
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	125.6 كيلوبايت  الهوية:	835029






    الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم (أرثوذكيسي)، ص. 48
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	150.1 كيلوبايت  الهوية:	835030


    شرح سفر التكوين لآدم كلارك، ترجمة د. لورانس لمعي رزق الله، ص. 71
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	583.6 كيلوبايت  الهوية:	835031
    1. وعهد الله مع إبراهيم، الرقي من الذبائح البشرية الوثنية إلى الذبائح الحيوانيةـ
      وهذا العهد مع إبراهيم على جيل المُريا (المروة) الذي استحق به بركة ذريته، وان تكون فيهم النبوة، كان باختبار إيمانه ثم الرقي من الوثنية وصنوفها في الذبائح، فإبراهيم عليه السلام، حين رأى في المنام أنه يذبح ابنه كما عندنا في كتاب الله، فإنه قد اختبر الله بهذا صدق إيمانه، وحين صدق ربه، وأثبت إيمانه وتسليمه لله، صدقه الله وافتدى الله ابن إبراهيمَ بذبح عظيم فهذه سُنة الله في كل نسل إبراهيم، قال تعالى: " وَقَالَ إِنّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ* رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين* فَبَشَّرْناهُ بِغلامٍ حَلِيمٍ* فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يا بُنيَّ إِني أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرِينَ* فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِين* وَنادَيْناهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ* وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرينَ* سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ* كَذَلِكَ نَجْزي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِين* وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ* وَبارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِم لِّنَفْسِهِ مُبِين". وهذا موجود عندهم في سفر التكوين 22 أنه كان امتحان من الله لإبراهيم: "1وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الامُورِ انَّ اللهَ امْتَحَنَ ابْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا ابْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ اسْحَاقَ وَاذْهَبْ الَى ارْضِ الْمُرِيَّا وَاصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى احَدِ الْجِبَالِ الَّذِي اقُولُ لَكَ»". ونجح إبراهيم في هذا الإمتحان وفداه الله بذبح عظيم: "10 ثُمَّ مَدَّ ابْرَاهِيمُ يَدَهُ وَاخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. 11فَنَادَاهُ مَلاكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «ابْرَاهِيمُ ابْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا» 12 فَقَالَ: «لا تَمُدَّ يَدَكَ الَى الْغُلامِ وَلا تَفْعَلْ بِهِ شَيْئا لانِّي الْانَ عَلِمْتُ انَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». 13 فَرَفَعَ ابْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَاذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ فَذَهَبَ ابْرَاهِيمُ وَاخَذَ الْكَبْشَ وَاصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضا عَنِ ابْنِهِ". فالذبائح الحيوانية وليس البشرية هي الرقي وهي العهد والبركة، فيكون ما فعله بولس هو انتكاسة في الترقي وتشبه بالوثنية، وضرب عرض الحائط بدين إبراهيم وذريته وكل أنبيائه وسنة الله فيهم.
    2. ثم بين الله لنبيه موسى أن الذبائح البشرية للإله رجس وشر يكرهه الله:
    • ولذا فهذا ما بينه الله ووضحه وجلّاه فيما بعد في زمان موسى، تثنية 12/31 لا تَعْمَل هَكَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكَ لأَنَّهُمْ قَدْ عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ كُل رِجْسٍ لدَى الرَّبِّ مِمَّا يَكْرَهُهُ إِذْ أَحْرَقُوا حَتَّى بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّارِ لآِلِهَتِهِمْ. عبدة الأوثان وحضارة الرومان واليونان القديمة الوثنية والفراعنة وكل الأمم التي أشركت مع الله، اعتقدوا في تقديم ذبائح بشرية لكن ليس هذا دين الأنبياء وذرية إبراهيم ولا ناموس موسى.
    1. ثم وضع الله في ناموسه لبني إسرائيل قانون الذبائح الحيوانية وليست البشرية:
    ومع ذلك فإن تطهير الذنوب بالذبائح حسب الناموس واضح فقد كان اليهود يقدمون عدة أنواع من الذبائح:
    • ذبيحة المحرقة: سفر اللاويين، الإصحاح الأول، وهي عبارة عن غنم أو بقر؛
    • ذبيحة القربان: سفر اللاويين، الإصحاح الثاني، وهي عبارة عن غنم أو بقر؛
    • ذبيحة السلامة: سفر اللاويين، الإصحاح الثالث، وهي عبارة عن غنم أو بقر أو ماعز؛
    • ذبيحة الخطيئة: سفر اللاويين، الإصحاح الرابع، وهي عبارة عن ثور أو تيس أو عنز؛
    • ذبيحة الإثم: سفر اللاويين، الإصحاح الخامس، وهي عبارة عن كبش من الغنم.
    لكن نًلاحظ أن كل الذبائح حيوانية وليست بشرية، ومع أن الإثم موجه لله، يعني خطيئة غير محدودة لكن شرع لها الله ذبيحة الإثم الحيوانية.
    1. وجعل الله لطهارة الذبيحة وسلامتها شروط لا تتوافر في معبود النصارى وذلك حتى يقبلها الرب وإلا فإنها لا تقبل إطلاقًا
    • أن تقدّم الذبيحة بيد المذنب، ثم يذبحها إما المذنب وإما الكاهن.
    • يجب أن تموت الذبيحة باستخدام نصل حاد قاطع يقطع رقبتها، فيتسبب في نزيف الدم فتموت موتاً سريعًا، لكن يسوع مات-حسب زعمهم- بالصلب.
    • أن تكون الذبيحة سليمة بلا عيب، ولكن يسوع -حسب كتابهم- جسد مًعذب ممزق فعل اليهود في معبودهم الأفاعيل.
    • في حالة الأضحية من الثيران أو الخراف أو ما شابه من الثدييات، فإن التقدمة يجب ألا يتعدى عمرها العام، ليس كمعبودهم الذي هو بشري وتعدى الثلاثين.
    • ويجب أيضًا أن تكون الأضحية - في حالة الثدييات عمومًا - ذات حوافر مشقوقة، ولا نعلم هل كان حافر خروفهم المعبود مشقوق أم بلا حوافر!
    • يجب أن يُؤتى بالأضحية إلى الهيكل، بينما أخذوا يسوع إلى القبر.
    • يجب أن يأخذ الكاهن دم الذبيحة وينضحه على المذبح، ولم يُنضح دم يسوع.
    • يجب أن تُملّح الذبيحة، ولم يُملّح يسوع.
    1. وفرض الله الذبائح الحيوانية في الإسلام كفارة للذنوب: المفروض على المسلمين منها يكون مرة واحدة في العام في بيت الله، ومنها ما هو أكثر من مرة، وهو خمسة أنواع، ثلاثة منها لا تًذبح إلا في الحرم، ويوزع لحمه في الحرم أيضا.
    • الأول: وهو هدي المتعة والقران (هدي الشُكران)، مرة واحدة في العام اثناء الحج، واجب وفرض على كل من تمتع بالعمرة إلى الحج، في منى أو في مكة أيام النحر، ومع ذلك فيمكن أن يجزئ عنه الصيام، كما قال تعالى: " فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "
    • والثاني: الذبح عند فوات ما هو واجب في الحج، كما في الحديث بالموطأ:" مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئاً، أَوْ تَرَكَهُ، فَلْيُهْرِقْ دَماً"، وهذا يكون في الحرم أيضًا.
    • الثالث: ما يذبح جزاء للصيد. فهذا يجب أن يذبح ويفرق داخل الحرم ، ولا يجزئ خارج الحرم .
      وهذا يكون مع الإحرام سواءً بالعمرة أو مع الحج، ويجزئ عنه كفارة صدقة الإطعام أو الصوم، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ) المائدة / 95 .
    • والرابع: هو هدي فعل المحرم أثناء العمرة والحج، ويجوز أن يذبح ويفرق في الحرم وفي غير الحرم، ويجزئ عنه الصيام ثلاثة أيام والصدقة (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) البقرة/196
    • الخامس: هدي الإحصار، وهو ما يذبح بسبب الإحصار (وهو أن يمنعه مانع من إكمال حجه)، قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)
    ويوجد كذلك: النذر والعقيقة والأضحية
    • فالأضحية: من السُّنة، وليست واجبًا، وتكون في أيام الحج ، فيذبح المسلمون في عيد الأضحى في كل بلدان المسلمين يوم النحر الأكبر. قال تعالى: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر"، والأضاحي مغفرة للذنوب بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "قومي يا فاطمة فاشهدي أضحيتك فإن الله يغفر لك عند أول قطرة من دمها"، وهي سنة الخليل إبراهيم حينما ابتلي بذبح ولده إسماعيل، فامتثل لأمر الله عز وجل، فأنزل الله كبشا من الجنة فداء لإسماعيل، كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ". وللأضحية شروط أولها:
    1. أن تكون سليمة خالية من العيوب ليست بعمياء ولا عوراء ولا عرجاء،
    2. ويفضل أن تكون من الذكور، لأن العبرة في الأضحية بطيب اللحم لا بكثرته، وذلك بخلاف الصدقة فالعبرة فيها بكثرة اللحم لأنها توزع علي أكبر عدد من الفقراء.
    3. وأن تذبح بعد صلاة عيد الأضحى، ويستمر موعد ذبح الأضاحي حتى قبل غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، ومن ذبح قبل صلاة العيد فليست من النسك وإنما هي لحم قدمه الإنسان لأهله.

    فهذه أديان التوحيد من أول آدم إلى خاتم الأنبياء والمرسلين جاءت بكفارة الذبح الحيوانية. ولم يخالفهم إلا أديان أهل الوثن وعبدة الحجر والبقر والبشر، وشذ بولس عن دين الله وانتكس وحاد بالمؤمنين إلى الوثنية، فجاء الإسلام دين الله الخاتم ليعيد الأمور إلى نصابها ويُبين كفر من عبد المسيح وأشرك مع الله في عيادته غيره وجعله ذبيحة إثم ولعنة فلعن المسيح والناموس والأنبياء.

    ثانيًا: أن الذبائح في حقيقتها ليست بذات الأهمية كما هي التوبة والرجوع إلى الله كما بيناه هنا فليُراجع:
    هل بدون سفك دم لا تحصل مغفرة كما ادعى بولس؟


    سابعًا: وكيف تحتاج خطيئة آدم لذبيحة وصلب وقد تاب الله على آدم أصلا؟

    أولًا: تاب الله على آدم أصلا بنص الكتاب:
    • من القرآن وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ۝ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى طه:121، 122، وقوله تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)
    • من الكتاب المقدس: ان الله تاب على ادم منذ البدء وخلُص من زلته: ( حك 9 : 19 ) والحكمة هي التي خلصت كل من ارضاك يا رب منذ البدء وفي سفر الحكمة10\1(هي التي حفظت أول من جبل أبا للعالم لما خلق وحده، وأنقذته من زلته، وأتته قوة ليتسلط على الجميع.

    ثانيًا: وكيف تحتاج خطيئة آدم لذبيحة وصلب أصلا إذا كانت العقوبة قد رُفِعت؟
    الذبيحة هي لرفع العقوبات، فكيف تحتاج خطيئة آدم لذبيحة، وقد رفع الله العقوبات أصلًا فلم يُقدم الصلب أي جديد إلا مجرد أكشن ساذَج.
    رفع الله العقوبات أصلا عن آدم، بدون تمثيلية الصلب، فقد كانت العقوبات هي : (موتا تموت، وملعونة الأرض بسببك)، فقد جاء في سفر التكوين 2/ 17- 18 (17 وَامَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلا تَاكُلْ مِنْهَا لانَّكَ يَوْمَ تَاكُلُ مِنْهَا مَوْتا تَمُوتُ». 18 وَقَالَ الرَّبُّ الالَهُ: «لَيْسَ جَيِّدا انْ يَكُونَ ادَمُ وَحْدَهُ فَاصْنَعَ لَهُ مُعِينا نَظِيرَهُ». ونُلاحظ في النص أن التحذير كان لآدم وحده وليس لحواء، فلم تكن حواء قد خُلِقت بعد. وفي تكوين 3/ 17 (وَقَالَ لِادَمَ: «لانَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَاتِكَ وَاكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي اوْصَيْتُكَ قَائِلا: لا تَاكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الارْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَاكُلُ مِنْهَا كُلَّ ايَّامِ حَيَاتِكَ). فماذا حدث؟ تكوين 8/ 21 (فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لا اعُودُ الْعَنُ الارْضَ ايْضا مِنْ اجْلِ الانْسَانِ لانَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الانْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلا اعُودُ ايْضا امِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ). فرُفِعت العقوبات بلا صلب ولا تجسد ولا أي مسلسل هندي هابط.

    ثالثًا: بل من فمك نُدينك، أن هناك ذبيحة قُدمت من آدم، فانتفت الحاجة للصلب:
    فمنذ خلق الله الخلق وتعلم آدم من الله أن الذبيحة لا تكون إلا حيوانية، بل كونه يقدمها، فنستنتج منه التوبة والمغفرة حسب معيارهم الذي يدينهم " لا مغفرة إلا بسفك دم"، برغم أن الكتاب لم ينص على ذلك حسب قولهم. ومن فمك أدينك لو رجعنا إلى تفاسير كل الطوائف فقد وصلوا إلى نفس الاستنتاج ومفاده أن آدم عليه السلام قدم ذبيحة حيوانية لله، ذبيحة محرقة (ذبيحة إثم)، وهذا إقرارهم وتسميتهم هم. التفسير المسيحي عند مختلف طوائفهم يذكر هذا، أن آدم قطعًا هو الذي قدم ذبيحة إلى الله، وأن الله قبلها منه، وألبسه أقمصة هو وزوجته حواء​!​، وهذا لا معنى له إلا أن الله قد تاب على آدَمُ، ولو لم ينطقوا بها أو زارتهم حالة الفصام والعمى والتخبط التي تزورهم في كل مرة يقرر عقلهم وفطرتهم الحق. وقد وضعنا الأدلة مصورة أعلاه فلتراجع.

    وسأضع نماذج متعددة لما قالوه في مختلف طوائفهم الرئيسية الثلاثة:
    رابعًا: بل إن آدم لم يُطرد من الجنة بسبب خطيئته، بل لم يُطرد أصلا، لأنه خُلِق منذ البدء للأرض
    خلقه للأرض من القرآن:
    • وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"، و كما قال تعالى وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) الأنعام : 165وقال ويجعلكم خلفاء الأرض النمل : 62. وقال ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون
    خلقه للأرض من الكتاب المقدس:
    • "كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ، وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ" ]تك: 1:2[
    • وجاء في سفر التكوين 1/ 26: "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض".
    ما الحكمة، أو الغاية من خلق الإنسان في هذه النصوص؟ هل ليكون خالدًا في الجنةِ ولا علاقة له بالأرض ؟ لا، النص لا يقول هذا، بل قال:" لِيَعْمَلَ الأَرْضَ"، وقال: " فيتسلطون​ ... على كل الأرض"، يعني أن الله ﷻ بمقتضى علمه لم ينبت العشب ولا الشجر؛ لأنه عالم بأن الإنسان مقدر وجوده على الأرض أصلاً، فإن الله ﷻ سيستخلف الإنسان على الأرض.
    • ولذا خلقه الله من تراب الأرض، كما في القرآن:إِنَّ ‌مَثَلَ ‌عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ وكما في من التوراة: "وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حيّ"


    ثامنًا: سفسطات باطلة

    أولًا: ادعاؤهم أن التوبة لا تستطيع رفع العقوبة الذي هو الموت لذا محتاجون للصلب!
    الفلسفة المسيحية تقول إن الله عادل ورحيم، أي عنده عدل وعنده رحمة، فبمقتضى عدله يجب أن ينفذ حكم الموت على آدم وحواء لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت. ولكن بمقتضى الرحمة كان يجب أن يعفو عنهما بلا قيد أو شرط. إذن فماذا يفعل الخالق والصفتان متعارضتان ولا يمكن التوفيق بين العدل والرحمة هنا؟ العدل يطالب بالموت، والرحمة تطالب بالمغفرة. فإذا أراد الله أن يميت بالعدل منعته الرحمة، وإذا أراد أن يعفو بالرحمة أعاقه العدل تعالى الله. فالحل والمخرج ماذا؟ هو الكفارة، كما قال بولس: " لا توجد مغفرة بدون سفك دم". يعني سفك الدم هو الحل الوحيد عندهم لتحقيق العدل والرحمة معًا.

    1) غفر الله للأمم كاملة بدون سفك دم
    التوبة كالكفارة والصدقات والقرابين، تشملها وتقبلها رحمة الله. فما ينطبق على الكفارة ينطبق على التوبة، لا تحتاج إلا رحمة الله ومغفرته (قبوله) فإذا لم تصلح التوبة ككفارة مع رحمة الله فلن يصلح الصلب مع رحمة الله، وطالما تدعون أن الصلب يصلح، فالتوبة تصلح.
    • الشعب في نينوى لم يكن عندهم مذبح وهيكل للرب، ولا كانوا على ناموس موسى؛ فلم يكونوا يهودًا. فكيف يغفر الله لهؤلاء؟ غفر لهم بالصوم، وبإيمانهم بالله. يونان 3/5 - 10 فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ. وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ. وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَيَصْرُخُوا إِلَى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ». فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ. ودلالة النص قاطعة!! نينوى غُفِر لها سوء عملها بالصوم والصلاة وبلا ذبيحة ولا نقطة دم!!!
    • والشعب في عهد موسى كله أخطأ بعبادة العجل، فحكم الله على الشعب اليهودي كله بالموت وان يفنيهم، كما جاء في سفر الخروج الاصحاح 32، وان يكون الشعب الجديد من نسل موسى، «اذْهَبِ انْزِلْ! لانَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي اصْعَدْتَهُ مِنْ ارْضِ مِصْرَ. 8 زَاغُوا سَرِيعا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي اوْصَيْتُهُمْ بِهِ. صَنَعُوا لَهُمْ عِجْلا مَسْبُوكا وَسَجَدُوا لَهُ وَذَبَحُوا لَهُ وَقَالُوا: هَذِهِ الِهَتُكَ يَا اسْرَائِيلُ الَّتِي اصْعَدَتْكَ مِنْ ارْضِ مِصْرَ». 9 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «رَايْتُ هَذَا الشَّعْبَ وَاذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. 10 فَالانَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَافْنِيَهُمْفَاصَيِّرَكَ شَعْبا عَظِيما». فتضرع موسى للرب وذكره بوعده أن يجعلهم أمة عظيمة: 11 فَتَضَرَّعَ مُوسَى امَامَ الرَّبِّ الَهِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ ..... ارْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ وَانْدَمْ عَلَى الشَّرِّ بِشَعْبِكَ. ...... فلم يفنِ الله الشعب وقبل تضرع موسى، برحمته، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ انَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ. بل لم يُطالبهم بذبيحة أصلا بنص كلامه فقال: في كلامه لبني اسرائيل: "هكذا قال رب الجنود إله اسرائيل: أصلحوا طرقكم وأعمالكم وأسكنكم في هذا الموضع 27 لاني لم أكلم اباءكم ولا اوصيتهم يوم اخرجتهم من مصر من جهة مُحرقة وذبيحة 28 بل اوصيتهم ان اسمعوا صوتي فأكون لكم الها وانتم تكونون لي شعبا وسيروا في كل الطريق الذي اوصيكم به"إذن حتى بدون التوبة، بتضرع موسى وشفاعته، يمكن أن يلغي الرب العقوبة.

    2) وغفر الله لليهود والأنبياء بدون سفك دم:
    1. الدليل الأول: حين لم يكن هناك معبد للذبائح، هل كان الله لا يغفر لليهود؟ لقد لجا دواد إلى الله ليغفر خطيئته في الزنا مع بتشبع وقتل زوجها أوريا الحثي -حسب اعتقاد اليهود لا اعتقادنا - ولجأ داود إلى الله، وصلى ودعا وتضرع، ان يغفر لهم بدون ان يُقدم دم، مزمور 51: 14 –19: ((14نَجِّنِي مِنَ الدِّمَاءِ يَا اللهُ إِلَهَ خَلاَصِي فَيُسَبِّحَ لِسَانِي بِرَّكَ. 15 يَا رَبُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ. 16لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. 17 إِنَّ الذَّبَائِحَ الَّتِي يَطْلُبُهَا اللهُ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ. 18 أَحْسِنْ بِرِضَاكَ إِلَى صِهْيَوْنَ. ابْنِ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ. 19 حِينَئِذٍ تُسَرُّ بِذَبَائِحِ الْبِرِّ مُحْرَقَةٍ وَتَقْدِمَةٍ تَامَّةٍ. حِينَئِذٍ يُصْعِدُونَ عَلَى مَذْبَحِكَ عُجُولاً.)) فماذا كانت النتيجة؟ غفر الله له بدون أن يذبح أو يُقدم أي دم2 صمويل: 13/ 12 (فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ». فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «الرَّبُّ أَيْضاً قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ.)، النتيجة= المغفرة ممكنة بالدعاء إلى الله والانكسار والتوبة النصوح، بدون تقديم دم = بولس ساذج لا يفهم طرق الله = بولس كذاب.
    2. الدليل الثاني: هوشع النبي كان في القرن الثامن قبل الميلاد، أي أثناء وجود المعبد، من مملكة اليهود الشمالية تبع السامرة ولم يكن تبع أورشاليم، هوشع 6: 6: ((إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، وَمَعْرِفَتِي أَكْثَرَ مِنَ الْمُحْرَقَاتِ. 7وَلَكِنَّكُمْ مِثْلُ آدَمَ، نَقَضْتُمْ عَهْدِي) ويقول هوشع 14: 1-3: ((ارْجِعْ تَائِباً يَاإِسْرَائِيلُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكَ، لأَنَّكَ قَدْ تَعَثَّرْتَ بِخَطِيئَتِكَ. 2احْمِلُوا مَعَكُمْ كَلاَمَ ابْتِهَالٍ وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ قَائِلِينَ لَهُ: انْزِعْ إِثْمَنَا، وَتَقَبَّلْنَا بِفَائِقِ رَحْمَتِكَ، فَنُزْجِيَ إِلَيْكَ حَمْدَ شِفَاهِنَا كَالْقَرَابِينِ. 3إِنَّ أَشُّورَ لَنْ تُخَلِّصَنَا، وَلَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى خُيُولِ مِصْرَ لإِنْقَاذِنَا، وَلَنْ نَقُولَ لِلأَوْثَانِ صَنْعَةِ أَيْدِينَا: «أَنْتُمْ آلِهَتُنَا» لأَنَّ فِيكَ وَحْدَكَ يَجِدُ الْيَتِيمُ رَحْمَةً))
    3. الدليل الثالث: داود النبي، مزمور 40: 6: ((لَمْ تُرِدْ أَوْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ عَنِ الْخَطِيئَةِ، لَكِنَّكَ وَهَبْتَنِي أُذُنَيْنِ صَاغِيَتَيْنِ مُطِيعَتَيْنِ))، ويقول أيضًا: مزمور 69: 30 –31: ((أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِنَشِيدٍ وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ. 31فَيَطِيبُ ذَلِكَ لَدَى الرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ مُحْرَقَةٍ: ثَوْرٍ أَوْ عِجْلٍ))
    4. الدليل الرابع: 1صم 15/22 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاِسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ وَالْإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ.
    5. الدليل الخامس: ميخا 6: 6-8: ((يَارَبُّ: بِمَاذَا أَتَقَدَّمُ عِنْدَمَا أَمْثُلُ أَمَامَ الرَّبِّ وَأَسْجُدُ فِي حَضْرَةِ اللهِ الْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ مِنْهُ بِمُحْرَقَاتٍ وَبِعُجُولٍ حَوْلِيَّةٍ؟ هَلْ يُسَرُّ الرَّبُّ بِأُلُوفِ أَنْهَارِ زَيْتٍ؟ هَلْ أُقَرِّبُ بِكْرِي فِدَاءَ إِثْمِيوَثَمَرَةَ جَسَدِي تَكْفِيراً عَنْ خَطِيئَةِ نَفْسِي؟ لَقَدْ أَوْضَحَ لَكَالرَّبُّ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ. وَمَاذَا يَبْتَغِي مِنْكَ سِوَى أَنْ تَتَوَخَّى الْعَدْلَ، وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلَهِكَ)).
    6. ألم يقل الرب في سفر إرمياء [ 7 : 22] : (( هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : ضموا محارقكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتكم يوم أخرجتهم من أرض مصر بشأن محرقة وذبيحة ، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً : أطيعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً ، وسيروا في الطريق الذي أوصيتكم به ليحسن إليكم ))
    3) بل وغفر الله كما بين المسيح للمفلوج والخطاة بدون سفك دم.
    فجاء المسيح وبين أن الغفران لا يستلزم كل هذا، فقال للمفلوج: مغفورة خطاياك. ولم يكن المسيح قد صُلِب أصلا، فبين المسيح أن الغفران حسب كلام الله ووصاياه قد لا يحتاجٍ لا لقربان ولا لسفك دم. بل جاء إلى الخطاة بالتوبة لغفران الخطايا فتاب الخطاة إلى الله، بلا صلب ولا سفك دم ولا أي شيء، ولم يكن المسيح قد صُلِب أصلا. متى 9/ 12- 13 (12فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ الْمَرْضَى. 13 فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً، بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ)

    4) المسيح وكل الأنبياء والمرسلين جاؤوا بالتوبة حلًا للموت ولأجل المغفرة:
    الله يقبل التوبة (أي الرجوع إلى طريقه والندم على الذنب) بالدعاء والصلاة، والصدقات، والسير في طريقه وسماع الوحي والتزام وصاياه، ولا يحتاج سفك دم!!
    1. فهذه دعوة حزقيال:21 فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وحفظ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22 كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23 هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟ 24 وَإِذَا رَجَعَ الْبَارُّ عَنْ بِرِّهِ وَعَمِلَ إِثْماً وَفَعَلَ مِثْلَ كُلِّ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الشِّرِّيرُ، أَفَيَحْيَا؟ كُلُّ بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ لاَ يُذْكَرُ. فِي خِيَانَتِهِ الَّتِي خَانَهَا وَفِي خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا يَمُوتُ. (حزقيال 18/21– 24). ثم يقول: 26 إِذَا رَجَعَ الْبَارُّ عَنْ بِرِّهِ وَعَمِلَ إِثْماً وَمَاتَ فِيهِ، فَبِإِثْمِهِ الَّذِي عَمِلَهُ يَمُوتُ. 27 وَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ شَرِّهِ الَّذِي فَعَلَ، وَعَمِلَ حَقّاً وَعَدْلاً، فَهُوَ يُحْيِي نَفْسَهُ. "حزقيال 18/26- 27).

      ويقول أيضًا: "كان كلام الرب إلى قائلاً: ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين: الآباء أكلوا الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست، حي يقول السيد الرب... الإنسان الذي كان باراً وفعل حقاً وعدلاً، لم يأكل على الجبال، ولم يرفع عينيه إلى أصنام بيت إسرائيل، ولم ينجس امرأة قريبه، ولم يقرب طامثاً، ولم يظلم إنساناً... فهو بار، حياة يحيا يقول السيد الرب" ( حزقيال 18/19 - 23)، فكل من يعمل الصالحات يكون باراً، ولا تؤثر فيه خطية آدم أو غيره.
    2. وهذه دعوة المسيح: " لم آت لأدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة " ويقول المسيح: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ"[لو 15: 7]"
    3. وهذه دعوة يحيى: ((فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة)) [متى 3: 8]
    4. وهذا ما قاله الرب كما جاء في سفر اخبارالايام الثاني [ 7 : 14 ] : (( فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْوَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِفَإِنِّيأَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْوَأُبْرِئُأَرْضَهُمْ
    5. وهذه دعوة طوبيا النبي: (تَبَارَكَ اسْمُكَ يَا إِلهَ آبَائِنَا الَّذِي بَعْدَ غَضَبِهِ يَصْنَعُ الرَّحْمَةَ، وَفِي زَمَانِ الْبُؤْسِ يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِلَّذِينَ يَدْعُونَهُ) طوبيا 3/ 13
    6. وهذه دعوة يشوع بن سيراخ (الْمَاءُ يُطْفِئُ النَّارَ الْمُلْتَهِبَةَ، وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطَايَا) 3/ 30، وهذا من الوحي الصادق وقد أوحي به لرسول الله، كما جاء في الحديث: " يا كعبُ بنَ عُجرةَ! الصلاةُ قُربانٌ، والصيامُ جُنَّةٌ، والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ)
    7. وهذه دعوة أشعياء: (لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ *فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ) أشعيا 55/ 7. ويقول كذلك: أشعياء 1/ 16- 18 (اِغْتَسِلُوا. تَنَقُّوا. اعْزِلُوا شَرَّ أَفْعَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ. كُفُّوا عَنْ فِعْلِ الشَّرِّ. 17 تَعَلَّمُوا فِعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ. 18 هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ.)
    8. وهذه دعوة إرميا: "هكذا قال رب الجنود إله اسرائيل: أصلحوا طرقكم وأعمالكم وأسكنكم في هذا الموضع 27 لاني لم أكلم اباءكم ولا اوصيتهم يوم اخرجتهم من مصر من جهة مُحرقة وذبيحة 28 بل اوصيتهم ان اسمعوا صوتي فأكون لكم الها وانتم تكونون لي شعباوسيروا في كل الطريق الذي اوصيكم به" (إرميا 7/ 26- 27) وفيها يؤكد أن الله لم يُطالب بني إسرائيل بذبيحة أصلا حين أخطأوا في حقه وعبدوا العجل واستحقوا الموت، فتاب عليهم وغفر لهم، مقابل أن يسلكوا في طريق الله، وتوحيده وعبادته وحده، بدون ذبيحة أصلا بنص كلامه.
    9. وهذه دعوة محمد صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى" يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"، وقال تعالى: "أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، وقال تعالى: " فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا " وقال تعالى"مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ"، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). [سورة آل عمران، آية: 135] وقال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّـهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّـهِ فَأُولَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا). [سورة النساء، آية: 146] وقال تعالى: (فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّـهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). [سورة المائدة، آية: 39]

    فلم يشذ عنهم جميعًا إلا نبي الضلالة، بولس الكذاب.
    وصدق الله العظيم إذ يقول: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا، وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ


    5) ورحمة الله خلاص لتوبة التائبين
    جاء في المزمور [89 : 26 ] : (( إِلَهِي وَصَخْرَةُخَلاَصِي. * إِلَى الدَّهْرِ أَحْفَظُ لَهُ رَحْمَتِي
    وجاء في المزمور [109 : 26 ] ( أعِنِّي يَا رَبُّ إِلَهِي. خَلِّصْنِي حَسَبَرَحْمَتِكَ)
    مزمور 13/5: (أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ. يَبْتَهِجُ قَلْبِي بِخَلاَصِكَ)
    مزمور 25/7 : (لاَ تَذْكُرْ خَطَايَا صِبَايَ وَلاَ مَعَاصِيَّ. كَرَحْمَتِكَ اذْكُرْنِي أَنْتَ مِنْ أَجْلِ جُودِكَ يَا رَبُّ)
    مزمور 31:16 أَضِئْ بِوَجْهِكَ عَلَى عَبْدِكَ. خَلِّصْنِي بِرَحْمَتِكَ.
    مزمور 51/1 : (اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. )
    طوبيا النبي (تَبَارَكَ اسْمُكَ يَا إِلهَ آبَائِنَا الَّذِي بَعْدَ غَضَبِهِ يَصْنَعُ الرَّحْمَةَ، وَفِي زَمَانِ الْبُؤْسِ يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِلَّذِينَ يَدْعُونَهُ) طوبيا 3/ 13
    مزمور 51/ 5 هَئَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي.
    مزمور 51 (1لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ عِنْدَمَا جَاءَ إِلَيْهِ نَاثَانُ النَّبِيُّ بَعْدَ مَا دَخَلَ إِلَى بَثْشَبَعَ اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. 2اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. 3 لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً. 4 إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ. 5 هَئَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي)
    دانيال 9/ 16: (يَا سَيِّدُ حَسَبَ كُلِّ رَحْمَتِكَ اصْرِفْ سَخَطَكَ وَغَضَبَكَ عَنْ مَدِينَتِكَ أُورُشَلِيمَ جَبَلِ قُدْسِكَ إِذْ لِخَطَايَانَا وَلِآثَامِ آبَائِنَا صَارَتْ أُورُشَلِيمُ وَشَعْبُكَ عَاراً عِنْدَ جَمِيعِ الَّذِينَ حَوْلَنَا)
    2 أخبار 30/9 (الرَّبَّ إِلَهَكُمْ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ وَلاَ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ عَنْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِ)
    بل غفر لمن عبدوا العجل برحمته (بل غفر لهم بدون صلب ولا موت، برحمته كما جاء في نحميا 9/18-19 (: (مَعَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا لأَنْفُسِهِمْ عِجْلاً مَسْبُوكاً وَقَالُوا: هَذَا إِلَهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ مِصْرَ وَعَمِلُوا إِهَانَةً عَظِيمَةً 19 أَنْتَ بِرَحْمَتِكَ الْكَثِيرَةِ لَمْ تَتْرُكْهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُمْ عَمُودُ السَّحَابِ نَهَاراً لِهِدَايَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَلاَ عَمُودُ النَّارِ لَيْلاً لِيُضِيءَ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يَسِيرُونَ فِيهَا.).

    6) بل إن بر الإنسان كافٍ للخلاص من الموت:
    • حزقيال 14 12. وكانت اليّ كلمة الرب قائلة. 13 يا ابن آدم ان اخطأت اليّ ارض وخانت خيانة فمددت يدي عليها وكسرت لها قوام الخبز وارسلت عليها الجوع وقطعت منها الانسان والحيوان 14 وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وايوب فانهم انما يخلصون أنفسهم ببرهم يقول السيد الرب. نوح ودانيال وأيوب لا يحتاجون للفداء لأنهم بارون إذا قضية الصلب والخطيئة الأصلية وهم وتدليس
    • وخلاص الأبرار خلاص أبدي لا أرضي: فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ.
    • بل إن نتيجة الإيمان بقيامة المسيح أن يصير بولس ومن معه حسب اعتقاده أبرارا كإبراهيم: يقول بولس في رومية 4: 24-25 إنَّنا مثل إبراهيم نُحسَب أبرارًا لأنَّنا نؤمن “بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا”. أي أن النتيجة ان يكونوا كإبراهيم.
    • وهؤلاء الأبرار ذكرتهم نصوص التوراة وأثنت عليهم ولم تتحدث عن قيدهم بالخطيئة الموروثة "كان كلام الرب إلى قائلاً: ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين: الآباء أكلوا الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست، حي يقول السيد الرب... الإنسان الذي كان باراً وفعل حقاً وعدلاً، لم يأكل على الجبال، ولم يرفع عينيه إلى أصنام بيت إسرائيل، ولم ينجس امرأة قريبه، ولم يقرب طامثاً، ولم يظلم إنساناً... فهو بار، حياة يحيا يقول السيد الرب" ( حزقيال 18/19 - 23)، فكل من يعمل الصالحات يكون باراً، ولا تؤثر فيه خطية آدم أو غيره.
    • ومن الأنبياء الذين أثنت عليهم التوراة أخنوخ " وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه" (التكوين 5/24)، وقد قال عنه بولس: " بالإيمان نقل أخنوخ لكيلا يرى الموت، ولم يوجد لأن الله نقله، إذ قبل نقله شهد له بأنه قد أرضى الله" (عبرانيين 11/5، فهذا لم يتأثر بخطية آدم ولا احتاج لمثل عقيدة بولس ليتبرر.
    • وأيضاً نوح " وكان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله " ( التكوين 6/9).
    • وأيضاً إبراهيم فقد قيل له: " لا تخف يا إبرام أنا ترس لك، أجرك كثير جداً " (التكوين 11/1)، وقيل عنه: " بارك الرب إبراهيم في كل شيء " ( التكوين 24/1).
    • ومن هؤلاء الأبرار أيوب، كما امتدحته التوراة: "قد قلت في مسامعي، وصوت أقوالك سمعت. قلت: أنا بريء بلا ذنب، زكي أنا ولا إثم لي" (أيوب 33/8-9، فقد سمع الله دعاءه وتاب عليه لأجل بره ومحى كل خطاياه بلا حاجة للصلب!
    • وأيضاً يوحنا المعمدان " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " ( متى 11/11)، ويقول عنه لوقا: "لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب" (لوقا 1/15)، فهؤلاء جميعاً لم يرثوا الخطيئة، ولم تؤثر بهم مع أنهم من ذرية آدم، والكتاب يعلن صلاحهم وعدم احتياجهم إلى الخلاص بدم المسيح أو غيره..

    ثانيًا: ادعاؤهم أن التوبة محدودة بينما الخطأ في ذات الله غير محدود فيستلزم ذبيحة غير محدودة!
    يقول الأنبا شنودة: أن التوبة محدودة والخطيئة خطيئة غير محدودة ولابد أن تكون الكفارة أيضًا كفارة غير محدودة، ولكي نرد على ذلك:

    منطقهم هو:
    • بما ان الخطيئة من البشري موجهة إلى الله
    وبما أن الله غير محدود،
    إذن الخطيئة أصبحت خطيئة غير محدودة (لأنها موجهة إلى الله)
    فتكون النتيجة الحاجة إلى كفارة غير محدودة.
    الرد بنفس معيارهم:
    • بما أن التوبة موجهة إلى الله
    • وبما أن الله غير محدود
    إذن التوبة أصبحت توبة غير محدودة (لأنها موجهة إلى الله)
    • فتكون النتيجة الحاجة إلى مغفرة غير محدودة.
    إذًا فهذا الكلام من جهة المنطق غير مقبول، بل ومردود عليه.
    • بل إن ذبيحة الإثم: كما في سفر اللاويين، الإصحاح الخامس، وهي عبارة عن كبش من الغنم. نًلاحظ أن كل الذبائح حيوانية وليست بشرية، ومع أن الإثم موجه لله، يعني خطيئة غير محدودة لكن شرع لها الله ذبيحة الإثم الحيوانية.

    ثالثًا: ادعاؤهم أن عدم تنفيذ العقوبة ينافي العدل!
    عجيب، هل التوبة ضد العدل؟! الفلسفة المسيحية تقول: يستحيل التوفيق بين العدل والرحمة إلا بسفك دم، فإن الله عادل ورحيم، أي عنده عدل وعنده رحمة، فبمقتضى عدله يجب أن ينفذ حكم الموت على آدم وحواء لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت. ولكن بمقتضى الرحمة كان يجب أن يعفو عنهما بلا قيد أو شرط. إذن فماذا يفعل الخالق والصفتان متعارضتان ولا يمكن التوفيق بين العدل والرحمة هنا؟ العدل يطالب بالموت، والرحمة تطالب بالمغفرة. فإذا أراد الله أن يميت بالعدل منعته الرحمة، وإذا أراد أن يعفو بالرحمة أعاقه العدل تعالى الله. فالحل والمخرج ماذا؟ هو الكفارة، كما قال بولس: " لا توجد مغفرة بدون سفك دم". يعني سفك الدم هو الحل الوحيد عندهم لتحقيق العدل والرحمة معًا.
    • أولًا: هذه الدعوى مغالطة في التعريف، وانتكاسة للفِطر، فانتفاء العدل= الظلم، ولا يظلم ربك أحد. والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، أن تُحاسب أحدًا على ما لم يقترفه، هذا ظلم. ألا يُغفر لمن تاب هذا ظُلم. عفو الله ورحمته ومغفرته، فهو ما قرره الله لعباده، وتكون في حق المخطئ إذا تاب ورجع واستغفر، فالظلم ان لا ينفذ الإله ما قرره، تعالى الله عن ذلك. وقد قرر الله على لسان أنبيائه التوبة والسير في طريقه كشرط للرحمة والمغفرة، فيكون هذا هو قمة العدل بين من يتوب ومن لا يتوب.
    • ثانيًا: جميع الأنبياء كما عرفنا جاءوا بالتوبة لمغفرة الذنوب، وهذا ما أكده الله، فاعتبار أن هذا يُساوي الظلم = كفر بالله وبأنبيائه وبكلامه، فهل تزعم أن الله لا يعفو ولا يرحم ولا يغفر؟ ام تدعي أن إلهك ظالما حين قال: كَطُيُورٍ مُرِفَّةٍ هكَذَا يُحَامِي رَبُّ الْجُنُودِ عَنْ أُورُشَلِيمَ. يُحَامِي فَيُنْقِذُ. يَعْفُو فَيُنَجِّي"[إش 31: 5] وحين قال يَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ *فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَوحين قال في الكتاب: "إِنْ رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمَارَسَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَصَنَعَ مَا هُوَ عَدْلٌ وَحَقٌّ فَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا، لاَ يَمُوتُ. وَلاَ تُذْكَرُ لَهُ جَمِيعُ آثَامِهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا. إِنَّمَا يَحْيَا بِبِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ" مخالفة هذا التقرير وعدم التوبة على التائب هو الظلم.
    • ثالثًا: هل دعوة المسيح إذن هنا دعوة للظلم؟" لم آت لأدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة " ويقول المسيح: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ"[لو 15: 7]
    • رابعًا: نتاج هذه الفلسفة دليل بطلانها
    فأن يموت الابن البريء هذا مقتضى العدل. وهم يقرون بأن يسوع المسيح بريىء: ((فكل لذة محرمة يقبلها الإنسان قد دفع ثمنها السيد المسيح بالجلدات الحارقة في جسده المبارك، تلك التي احتملها في صبر عجيب وهو برئ))[3].
    1. أن ينعم الخطاة ويُقتل ويُعذب البريء هذا مقتضى العدل!
    2. أن يقتل ابنه بلا رحمة لأجل الخطاة هذا مقتضى الرحمة!

    فانظروا كيف اختلت المعايير عند هؤلاء وأصبح دليل الشيء ضد الشيء! وصدق الله إذ يقول عن المنافين: " لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلْأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَٰرِهُونَ"



    رابًعا: بيان الحق وأن عقيدة الخطيئة هي الظلم الحقيقي
    1. الظلم أن يموت البار من أجل الشرير، من الأولى بالصلب والموت البار أم الشرير؟
    • جاءفي سفر الامثال ان الاشرار يكونوا كفارةً للأبرار: "الشرير فدية الصديق"امثال 21: 18، فهل كان المسيح من الأشرار؟ إذن الظلم ألا يفي الله بوعده، وأن يكون في سابق كلامه أن مستحق الموت هو الشرير فداءً للبار، فيأتي في آخر الزمان وينقض قوله وكانه لا يعرف ما قال، فيقتل البار لأجل الشرير.
    • بل كما قال إبراهيم أن قتل البار بذنب الأثيم ينافي العدل:" أفتهلك البار مع الأثيم، عسى أن يكون خمسون باراً في المدينة، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين باراً الذين فيه، حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر: أن تميت البار مع الأثيم، فيكون البار كالأثيم. حاشا لك، أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً " (التكوين 18/ 23 - 25). يعني الظلم كل الظلم عند إبراهيم نبي الله وأبو الأنبياء: ان يميت البار مع الاثيم، فإن كان هذا هو الظلم وينافي العدل بنص كتابهم، فماذا إن كان أنه يميت البار وحده دون الاثيم؟! إن هذا أضلّ، واشد وطأة وكفرًا!
    • الظلم كل الظلم ألا يغفر الله للبشر ويرحمهم كما قال موسى: اللهم إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ العدد 16: 22، ونحن نقول كما قال موسى وهارون للرب: اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطىء آدم فتسخط على كل البشر؟
    1. الظلم أن لا ينفذ الرب وعده
    • ألم يقل الرب في حزقيال 18(21 وَلَكِنْ إِنْ رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمَارَسَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَصَنَعَ مَا هُوَ عَدْلٌ وَحَقٌّ فَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا، لاَ يَمُوتُ. 22وَلاَ تُذْكَرُ لَهُ جَمِيعُ آثَامِهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا. إِنَّمَا يَحْيَا بِبِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ) وبناء عليه لماذا لم يعفو هذا الإله عن آدم وقت ارتكابه للمعصية لينقذ ابنه من الصلب بدلاً من أن يتركه يتضرع بالصلاة والصراخ له كي يبعد عنه كأس الموت [ عبرانيين 5 : 7 ] ألم يقل المسيح لتلاميذه نفسى حزينة جداً حتى الموت )) [ متى 26 : 37،36) ؟ أليس المسيح هو الذي خر على وجهه ساجداً ومنادياً الله قائلاً (( يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّى هذه الكأس ، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت )) متى [ 26 : 39 ] ؟
    • الظلم أن تُذكر خطية آدم الذي تاب ورجع وغفر الله له، فنأتي ونقول إنه رجع الإله في كلامه ولم يغفر له، وقرر أن يُنفذ تمثيلية الصلب الهابطة هذه.
    1. أو الظلم أن يتجسد الإله في رجل ولا يتجسد في امرأة، تعالى الله عن ذلك. الظلم ادعاء خطية انسان برئ أصلا، فآدم بريء بإقرار بولس فبولس من قوله في رومية 5/ 12: " بإنسان واحد دخلت الخطيئة العالم" يتهم حواء، فيجعلها هي مصدر الخطيئة والغواية، ومنها انتشرت الخطيئة لكل البشر. بل ويُصرح ببراءة آدم فيقول بولس: " وآدم لم يغو، لكن المرأة أغويت، فحصلت في التعدي " (تيموثاوس (1) 2/14. بل إن سفر يشوع بن سيراخ (يؤمن بقانونيته الكاثوليك والارثوذوكس ولا يعتقد اليهود والبروتستانت بوحيه) يتهم حواء تصريحًا وليس آدم بأنها أصل الخطيئة، يشوع بن سيراخ 25/ 23 (33 من المرأة ابتدأت الخطيئة وبسببها نموت نحن اجمعون). فلم تتوقف الخطيئة عند حواء، بل امتدت بحكم التناسل إلى جميع البشرية من أبنائها من آدم على مر الأجيال. وكل ما فينا من ميول شر، او خطيئة، أو رياء، أو خداع إنما سببه أننا ورثنا هذا من أصل الغواية حواء. ويجدر التنبيه على أن القرآن الكريم عندما تحدث عن خطيئة آدم حمّل آدم المسئولية الأولى (وعصى آدم ربه فغوى) (طه:121). وهذا يتفق مع ما في الإصحاح الثاني من سفر التكوين لأن الخطاب في المقام الأول كان موجهًا لآدم بأن لا يأكل من شجرة الخير والشر. " من جميع شجر الجنة تأكل أكلا وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت" لم يكن الخطاب موجهًا لحواء، لأن حواء لم تكن قد خُلقت بعد. ومع ذلك لا يتورع بولس عن مناقضة التوراة مناقضة صريحة، باعتبار حواء هي مصدر الشرور وتبرئة آدم.
    2. الظلم هو نسبة الخطية إلى آدم وحواء وليس الحية، أصل الشرور هو من؟ هو إبليس الشيطان أو الحية وليس المرأة
    • الظلم إذن أن لا يتجسد الإله في حية، ويرفع نتاج اللعنة التي تسببت فيه الحية، وإن كان آدم بغواية حواءَ له مُبرأ عند بولس، فإنه بنفس المنطق يجب أن تكون حواء مُبرأة بغواية الحية لها، وهذا من التناقض والكيل بمكيالين في عقيدة هشة وضعها بولس.
    • ثم إن أول خطيئة أو معصية نعرفها بالوحي هي في الحقيقية ليست من آدم، بل من الشيطان سواءً في التوراة أو في القرآن. فعندنا في القرآن أول خطيئة من إبليس حين رفض السجود لآدم. أو من الحية (الشيطان) عندهم في العهد القديم، حين أغوت آدم وحواء. فهذه هي الخطيئة الأصلية، خطيئة الحية، فهي الأولى باللعن والطرد والموت. وهم مختلفون في إن كانت الحية حية على الحقيقة أم رمز للشيطان نفسه، أو أن الشيطان تجسد في الحية، أو كائن آخر غريب غير معلوم تجسد في الحية،
    • والظاهر من النص أن الحية كانت مُكلفة، مفكرة، مُميزة، وقامت بقيادة حديث كامل اقناعي مع حواء، عن علم وكبر وتعمد للإغواء، قامت بدورها في الاغواء على أكمل وجه، فمن كان هذا حاله أولى بحمل نير الخطية عن آدم والبشر.
    • بينما من الظلم تحميل آدم زلة له، كانت من آدم عن جهلٍ بحال الشيطان (أو الحية)، وعن نسيان وخطا طبعي جبلي. بل كان آدم لا يميز الخير من الشر كما يقول كتابهم قبل أن يخطىء ويأكل من الشجرة بخلاف الحية التي كانت مميزة واعية وقامت بالإغواء عن عمد وترصد لآدم وزوجته. فكان الأولى أن يتجسد إلاههم المزعوم في حية إن كانت الخطيئة الأصلية في حق الله تقتضي العدل كما يزعمون فهذا هو العدل.
    • هذا هو العدل وهذه هي الرحمة أن يكون الشيطان هو المستحق للموت واللعن والطرد من رحمة الله، وهذا ما نعتقده ونقوله كمسلمين وقد نفذه الله وطرد الشيطان من رحمته إلى يوم الدين، هذا هو عين العدل. لذا استحق الشيطان عقاب الله والطرد من رحمة الله إلى يوم الدين لأنه استمر في مكابرته ورفضه طاعة الله وقرّر ذلك تصريحًا في حضرة الله، حين رفض السجود، ثم حين أصر على طريقه واكمل الاغواء. بينما استحق آدم التوبة والمغفرة من الله حين تاب واناب إلى الله ولم يُصر على ما فعل. ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم
    • لكن النصارى ولأنهم ضلوا وأضلهم بولس فقد جعلوا الملعون المطرود هو نبي الله عيسى بموته على الصليب، بل جعلوا الشيطان يأخذ إلههم المزعوم هذا في رحلة جوية أربعين يومًا، فالشيطان أو الحية لم يُصلب ولم يُلعن، بينما صُلب الإله ولُعِنـ وفوق هذا الشيطان كان يطير به أربعين يوم، هؤلاء عبدة الشيطان وليس الله الواحد الأحد.
    • الظم اعتبار مثل هذا المسلسل الهابط وتصديقه على الله، نفي الرحمة والمغفرة مع تصوير الإله في صورة لا تليق بذاته وجلاله سبحانه، فيقتل ابنه بلا رحمة ولا شفقة على ذنب لمن يقترفه هو قمة الظلم والعدوان وضد الرحمة. الظلم هو أن يكون إنسان بلا خطيئة فيُقتل لأجل شيء لم يفعله، هذا هو الظلم. هذا ضد تعاليم الله التي جاءت واضحة وبيناها أنه لا تزر وازرة وزر أخرى.
    • أية ظلم واي خطيئة أكبر: الأكل من شجرة أم قتل الأخ لأخيه؟ أم قتل الإله نفسه أو ابنه؟ أو قتلهم على يد اليهود وعبدة الأوثان الرومان؟


    أخيرًا: تجسد الإله خرافة، تعالى الله وعز جل عما وصفه به المبطلون


    أولًا: تصور تجسد الإله في انسان لا يختلف عن تجسده في بهيمة:
    الجامعة 3: 19): لأن ما يحدث لبني البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم موت هذا كموت ذاك ونسمة واحدة للكل فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل) فاي تجسد لإله الأكوان قد يحدث للبشر قابل أن يحدث في البهيمة، فلا فرق بين وثنية النصراني ووثنية عباد البقر.

    ثانيًا: كل ما يُستدل به على وجود الله بيننا أو معنا أو فينا ليس على الحقيقة:
    ويسوع الإنسان مخلوق، وبيت الله الهيكل مخلوق، وكل جسد مخلوق؟ هل يكون حلول على الحقيقة، أنظر فهم داود النبي الذي قال: لماذا ايتها الجبال المسنمة ترصدن الجبل الذي اشتهاه الله لسكنه، بل الرب يسكن فيه الى الابد فلننظر فقه وفهم داود لهذا النص الذي هو بنفسه قد ذكره:
    2 أخبار 6/ 18- 21 (18 لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً مَعَ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ فَكَمْ بِالأَقَلِّ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ! 19 فَالْتَفِتْ إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَإِلَى تَضَرُّعِهِ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي وَاسْمَعِ الصُّرَاخَ وَالصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ أَمَامَكَ. 20 لِتَكُونَ عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ نَهَاراً وَلَيْلاً عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قُلْتَ إِنَّكَ تَضَعُ اسْمَكَ فِيهِ لِتَسْمَعَ الصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ 21 وَاسْمَعْ تَضَرُّعَاتِ عَبْدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاسْمَعْ أَنْتَ مِنْ مَوْضِعِ سُكْنَاكَ مِنَ السَّمَاءِ وَإِذَا سَمِعْتَ فَاغْفِرْ)

    ثانيًا: إقرار العقول بداهة وضرورة على استحالة تجسد الشيء في شيء إلا أن يكون من نفس مادته، فتجسد الخالق في المخلوق تجعله بالضرورة مخلوق وهذا ينسف الاعتقاد عقلًا، وكذا لا يتجسد صانع الكمبيوتر في الكمبيوتر، هذه حتمية عقلية ودليل قطعي، للكن هؤلاء يجعلون كل عقائدهم خلوًا من كل عقل!

    [1] نخبة من الأساتذة ذوي الاختصاص ومن اللاهوتيين، قاموس الكتاب المقدس، (د.ط)، (د.ت)، ص 237
    [2] القس جيمس آنس، علم اللاهوت النظامي، دار النشر الكنيسة الإنجليزية بقصر للدوبارة القاهرة- مصر ص 39
    [3] مائة سؤال وجواب في العقيدة الارثوذكسية، للأنبا بيشوي، ص. 40

    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 22 مار, 2023, 05:37 ص.
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة كريم العيني, 4 أغس, 2024, 04:57 م
ردود 0
31 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة كريم العيني
بواسطة كريم العيني
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 13 يول, 2024, 03:38 م
ردود 11
104 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يون, 2024, 02:40 ص
ردود 3
58 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 ماي, 2024, 01:27 ص
ردود 0
40 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 5 ماي, 2024, 03:09 ص
ردود 0
35 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
يعمل...