سؤال الرد على شبهة :
من خلق الله ؟
لفهم هذا الإشكال والخلط :
في البداية نتفق جميعاً :
في أن اتصاف اي شئ بأي وصف كان ، إما أن يكون هذا الوصف نابعا من ذاته ، أي : واجب الثبوت له من دون حاجة إلى منشأ خارجي عنه مثل : اتصاف الأبيض بالأبيضية .
أو أن يكون عارضا عليه ، أي يكون مستندا الى سبب خارجي عنه كالماء الساخن في اكتساب حرارته أو سخونته ، احتاج إلي النار لاكتساب حرارته (اي أن الحرارة وصف زائد على الماء) فالحرارة لم تنبع من ذات الماء بل من علة خارجة عنه هي سبب اكتسابه للسخونة (النار) .
وبذلك تم تقسيم اتصاف الأشياء بالوجود :
1- واجب الوجود/ وهو الذي يكون وجوده ذاتيا له لا ينفك عنه ، فلا يحتاج الى غيره ليعطيه الوجود كالخالق (فالذاتي لا يعلل).
ولتوضيح (فكرة الذاتي لا يعلل) اكثر لنضرب مثالا للتقريب الي الأذهان :
المثال الأول : اذا ذهبنا لشراء الحلوى وكانت هذه الحلوى حلوة المذاق ، فنحن نتسائل هنا : من اين اكتسبت هذه الحلوى هذا المذاق الحلو اي ما هو الشيء الخارجى الذي اضيف لهذه الحلوى لتكتسب هذا المذاق الحلو؟
سنجيب إن اكتساب هذه الحلوى هذا المذاق الحلو بسبب اضافة (عامل خارجي) وهو السكر .
وهنا لنسأل سؤالا اخر ما هو الشيء الذي أضيف للسكر ليصير حلو المذاق؟
سنجيب إن السكر هو بنفسه ذو مذاق حلو أي نابعة من طبيعة ذاته ، ولم يضف إلى السكر أي شيء حلو بل هو حلو بذاته ، وعندها فلن نسأل لماذا يكون السكر حلوا بذاته لان (الذاتي لا يعلل أي هذه طبيعته النابعة من ذاته) بمعنى اوضح فإنه لا وجود للسكر الا وهو حلو المذاق.
فحقيقة السكر وذاته انها حلوة .
مما يعني أنه ما كان اقتضاءه ذاتي فلا وجه لأن يسأل لماذا اقتضى مثلا!
المثال الثاني : اقتضاء النار للحرارة اقتضاء ذاتي أي لا معنى لأن يسأل ما هي علة حرارتها ، فإن النار بذاتها حارة وما كان بذاته حارا فلا معنى لسؤال عن العلة .
وبذلك : فالوجود بالنسبة لله تعالى هو شيء ذاتي بالنسبة لله تعالى فلا يحتاج الى من يعطيه الوجود لان الوجود لم يفارقه بحال فهو واجب الوجود الذي تكون حقيقته غير قابلة للعدم البتة فوجوده ذاتي لا ينفك عنه، وإذا كان الله ليس لوجوده بداية، فكيف نسأل عن سبب وجوده؟! وكيف نسأل عن علة لوجوده؟! فلا معني لهذا السؤال اصلا .
2- القسم الآخر الى ممكنات الوجود وهو الذي يكون وجودها عارضا على ذاتها اي تحتاج أو تفتقر الى غيرها( مرجح) في اتصافها بالوجود أي حالها تقبل او تصلح للوجود أو للعدم (كل عرضي معلل).
مثالها : هي أن يكون الوصف عارضا على الموضوع كاتصاف الماء بالسخونة او الحرارة فهذا الوصف العرضي وهو (اتصاف الماء بالحرارة او السخونة) يحتاج الى علة خارجية لتكسب الماء هذه الصفة لتكون حارة ( اي ليس الماء نابعا للحرارة من ذاته)، فالماء احتاج إلى النار (العلة) ليكتسب حرارته سخونته (أي يصح سلب الحرارة عنها) ، والدليل أننا من الممكن أن نقول الماء ليس بحار ، الماء ليس بساخن .
ويتلخص مما سبق :
1- في هذه الأمثلة : حلاوة الأغذية الحلوة بسبب ما يلقى فيها من السكر، ولكن السكر حلو بنفسه وبذاته، لأن السكرية تعني الحلاوة، كما أن الأطعمة المالحة انما هي كذلك لما يلقى فيها من الملح، ولكن الملح مالح بنفسه .
كل هذه الأمثلة تفيد أن كل ما لا يملك هو بنفسه شيئاً فانه يكتسبه مـن شيء آخر لابد أن يمتلك ما يعطيه بنفسه وذاته، ويكون ذلك الشيء (المعطى للغير) نابعاً من طبيعته وذاته غير مأخوذ من غيره .
ب /كما أنه لا شك ان الحاكم في بلد ما يكتسب القدرة من حاكم فوقه في الرتبة وهكذا إلى أن ينتهي إلى حاكم أعلى وهو يكتسب قدرته من الشعب ولكـن الشعب لم يكتسب تلك القدرة من غيره، بل هي ذاتية له فتكون النتيجة ان قدرة الحاكم الأعلى ومن لحقه بالعرض، وقدرة الشعب بالذات.
2-وبذلك فإن السؤال عن علة الوجود إنما يكون للأشياء ممكنة الوجود التي يعرضها الوجود كالعالم فكل ما فيه يصح سلب الوجود عنه حيث أن الوجود زائد عليه اي اتصافها بالوجود ليست نابعة من ذاتها بل بسبب خارج عنها (وهو الخالق).
3- واما الشئ الذي يكون الوجود ذاتيا له (كواجب الوجود) لا معنى للسؤال عن علة وجوده لأنه كما أوضحنا أن ( الذاتي لا يعلل) ، فكما أنه لا معنى أن نسأل عن سبب أبيضية الأبيض او سبب حلاوة وسكرية السكر وسبب ملوحية الملح ، وسبب حرارة النار .
4- وبالتالي فالسؤال لا معنى له خاطئ مبني على فرضية خاطئة فهذا سؤال خاطئ لا يصح لأننا نقول أن الله واجب الوجود، وهو ما لا يقبل العدم اصلا سؤال باطل معرفيا لجمعه بين نقيضين؛ لأن السؤال يسلم بكونه مخلوقا ، وهو ما يستلزم أن يكون له بداية، ويتضمن تناقضا داخليا يجعله سؤالا بلا معنى؛ وبالتالي فلن يكون له جواب صحيح، كحال بعض الأسئلة ذات الخلل في بنية السؤال كمن : يقول من هي زوجة الاعزب ؟
5_ فالسؤال عن سبب وجود شيء يصح فيما كان أنه لم يكن موجودا ثم أصبح موجودا بعد عدم بواسطة الخالق .
#مار_الصغير
من خلق الله ؟
لفهم هذا الإشكال والخلط :
في البداية نتفق جميعاً :
في أن اتصاف اي شئ بأي وصف كان ، إما أن يكون هذا الوصف نابعا من ذاته ، أي : واجب الثبوت له من دون حاجة إلى منشأ خارجي عنه مثل : اتصاف الأبيض بالأبيضية .
أو أن يكون عارضا عليه ، أي يكون مستندا الى سبب خارجي عنه كالماء الساخن في اكتساب حرارته أو سخونته ، احتاج إلي النار لاكتساب حرارته (اي أن الحرارة وصف زائد على الماء) فالحرارة لم تنبع من ذات الماء بل من علة خارجة عنه هي سبب اكتسابه للسخونة (النار) .
وبذلك تم تقسيم اتصاف الأشياء بالوجود :
1- واجب الوجود/ وهو الذي يكون وجوده ذاتيا له لا ينفك عنه ، فلا يحتاج الى غيره ليعطيه الوجود كالخالق (فالذاتي لا يعلل).
ولتوضيح (فكرة الذاتي لا يعلل) اكثر لنضرب مثالا للتقريب الي الأذهان :
المثال الأول : اذا ذهبنا لشراء الحلوى وكانت هذه الحلوى حلوة المذاق ، فنحن نتسائل هنا : من اين اكتسبت هذه الحلوى هذا المذاق الحلو اي ما هو الشيء الخارجى الذي اضيف لهذه الحلوى لتكتسب هذا المذاق الحلو؟
سنجيب إن اكتساب هذه الحلوى هذا المذاق الحلو بسبب اضافة (عامل خارجي) وهو السكر .
وهنا لنسأل سؤالا اخر ما هو الشيء الذي أضيف للسكر ليصير حلو المذاق؟
سنجيب إن السكر هو بنفسه ذو مذاق حلو أي نابعة من طبيعة ذاته ، ولم يضف إلى السكر أي شيء حلو بل هو حلو بذاته ، وعندها فلن نسأل لماذا يكون السكر حلوا بذاته لان (الذاتي لا يعلل أي هذه طبيعته النابعة من ذاته) بمعنى اوضح فإنه لا وجود للسكر الا وهو حلو المذاق.
فحقيقة السكر وذاته انها حلوة .
مما يعني أنه ما كان اقتضاءه ذاتي فلا وجه لأن يسأل لماذا اقتضى مثلا!
المثال الثاني : اقتضاء النار للحرارة اقتضاء ذاتي أي لا معنى لأن يسأل ما هي علة حرارتها ، فإن النار بذاتها حارة وما كان بذاته حارا فلا معنى لسؤال عن العلة .
وبذلك : فالوجود بالنسبة لله تعالى هو شيء ذاتي بالنسبة لله تعالى فلا يحتاج الى من يعطيه الوجود لان الوجود لم يفارقه بحال فهو واجب الوجود الذي تكون حقيقته غير قابلة للعدم البتة فوجوده ذاتي لا ينفك عنه، وإذا كان الله ليس لوجوده بداية، فكيف نسأل عن سبب وجوده؟! وكيف نسأل عن علة لوجوده؟! فلا معني لهذا السؤال اصلا .
2- القسم الآخر الى ممكنات الوجود وهو الذي يكون وجودها عارضا على ذاتها اي تحتاج أو تفتقر الى غيرها( مرجح) في اتصافها بالوجود أي حالها تقبل او تصلح للوجود أو للعدم (كل عرضي معلل).
مثالها : هي أن يكون الوصف عارضا على الموضوع كاتصاف الماء بالسخونة او الحرارة فهذا الوصف العرضي وهو (اتصاف الماء بالحرارة او السخونة) يحتاج الى علة خارجية لتكسب الماء هذه الصفة لتكون حارة ( اي ليس الماء نابعا للحرارة من ذاته)، فالماء احتاج إلى النار (العلة) ليكتسب حرارته سخونته (أي يصح سلب الحرارة عنها) ، والدليل أننا من الممكن أن نقول الماء ليس بحار ، الماء ليس بساخن .
ويتلخص مما سبق :
1- في هذه الأمثلة : حلاوة الأغذية الحلوة بسبب ما يلقى فيها من السكر، ولكن السكر حلو بنفسه وبذاته، لأن السكرية تعني الحلاوة، كما أن الأطعمة المالحة انما هي كذلك لما يلقى فيها من الملح، ولكن الملح مالح بنفسه .
كل هذه الأمثلة تفيد أن كل ما لا يملك هو بنفسه شيئاً فانه يكتسبه مـن شيء آخر لابد أن يمتلك ما يعطيه بنفسه وذاته، ويكون ذلك الشيء (المعطى للغير) نابعاً من طبيعته وذاته غير مأخوذ من غيره .
ب /كما أنه لا شك ان الحاكم في بلد ما يكتسب القدرة من حاكم فوقه في الرتبة وهكذا إلى أن ينتهي إلى حاكم أعلى وهو يكتسب قدرته من الشعب ولكـن الشعب لم يكتسب تلك القدرة من غيره، بل هي ذاتية له فتكون النتيجة ان قدرة الحاكم الأعلى ومن لحقه بالعرض، وقدرة الشعب بالذات.
2-وبذلك فإن السؤال عن علة الوجود إنما يكون للأشياء ممكنة الوجود التي يعرضها الوجود كالعالم فكل ما فيه يصح سلب الوجود عنه حيث أن الوجود زائد عليه اي اتصافها بالوجود ليست نابعة من ذاتها بل بسبب خارج عنها (وهو الخالق).
3- واما الشئ الذي يكون الوجود ذاتيا له (كواجب الوجود) لا معنى للسؤال عن علة وجوده لأنه كما أوضحنا أن ( الذاتي لا يعلل) ، فكما أنه لا معنى أن نسأل عن سبب أبيضية الأبيض او سبب حلاوة وسكرية السكر وسبب ملوحية الملح ، وسبب حرارة النار .
4- وبالتالي فالسؤال لا معنى له خاطئ مبني على فرضية خاطئة فهذا سؤال خاطئ لا يصح لأننا نقول أن الله واجب الوجود، وهو ما لا يقبل العدم اصلا سؤال باطل معرفيا لجمعه بين نقيضين؛ لأن السؤال يسلم بكونه مخلوقا ، وهو ما يستلزم أن يكون له بداية، ويتضمن تناقضا داخليا يجعله سؤالا بلا معنى؛ وبالتالي فلن يكون له جواب صحيح، كحال بعض الأسئلة ذات الخلل في بنية السؤال كمن : يقول من هي زوجة الاعزب ؟
5_ فالسؤال عن سبب وجود شيء يصح فيما كان أنه لم يكن موجودا ثم أصبح موجودا بعد عدم بواسطة الخالق .
#مار_الصغير