مطلق الحدوث: كل مخلوق حادث وليس كل حادث مخلوق، ردًا على المناطقة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.أمير عبدالله
    حارس مؤسِّس

    • 10 يون, 2006
    • 11252
    • طبيب
    • مسلم

    مطلق الحدوث: كل مخلوق حادث وليس كل حادث مخلوق، ردًا على المناطقة

    قال أحد الإخوة على الفيس بوك:
    كل مخلوق حادث.. وليس كل حادث مخلوق
    وأوضح ما يقصده في التعليقات:
    المخلوق = المفعول بصفة الخلق الإلهي
    الحادث = ما دخل وجوده في الزمن، بحيث لم يكن موجودًا.. ثم صار موجودًا..
    والفرق بينهما أن المخلوق هو الحادث بأثر صفة الخلق الإلهي.. أما آحاد وآثار باقي صفات وأفعال الله، فهي حادثة وإن لم تكن مخلوقة".
    مثلًا..
    الله يراك الآن.. صحيح؟
    صفة الرؤية الإلهية صفة أولية أزلية..
    لكن هل رؤيته لك الآن.. حادثة أم أزلية ؟!
    هي حادثة..
    فرؤيته لك الآن مفعولة حادثة لصفة السمع.. وليست مفعولة لصفة الخلق لتكون مخلوقة.
    وضحت أخي؟
    وقال:
    الحادث أعم من المخلوق..
    المخلوق هو مفعول صفة الخلق خصوصًا، والحدوث لا يختص بصفة الخلق.
    وكان جوابي:

    بارك الله فيكم، إذن هذا تفصيلك لاصطلاحك، إنما الحادث في اصطلاح المناطقة إذا لم يقحموا في منطقهم وما أسموه الكلام ذات الله وصفات أفعاله يكون العلاقة بين أفراده وأفراد المخلوق المساواة لا العموم والخصوص، وإذا أدخلوا وأقحموا صفات الله في كلامهم، ونفوا عنه الحوادث، حاججناهم بالحادث في منشورك. إنما أهل السنة لا تسمي أفعال الله الذاتية أو الاختيارية حادث ولا هي مخلوقة، بل هي متجددة تقع شيئا بعد شيء.

    فكان جوابه:
    أليس من قواعدنا في صفات الله عز وجل أن منها ما هو (أولي النوع حادث الآحاد)؟!


    تفصيل الرد:

    لا نقول أنها من قواعدنا، ومع ذلك فقد بينت أن هذا من باب الزام المخالف بما يلزمه، إنما قواعدنا وأصل قول السلف، هو قولهم في صفات أفعاله سبحانه: متكلم لم يزل الله متكلما كيف شاء وإذا شاء وبما شاء"
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	279569122_4779623258813875_6767594351382324159_n.jpg  مشاهدات:	4  الحجم:	53.0 كيلوبايت  الهوية:	831853



    وهنا عدة أمور:

    1- نحن لا ننزل عليه سبحانه ما في أذهاننا من الأوقات وحدوث الكلام ولا نقول ساكت ثم تكلم أو تكلم في وقت دون وقت، ولا يُنزل ما في مخيلتنا وفهمنا لقوانينا الفيزيائية على صفات أفعال الله، كما فعل الكرامية.

    2- ونحن إذا رددنا عليهم بقولنا "حادث الآحاد"، كما في كلام الله بالقرآن، لم نعنِ أكثر من معناه اللغوي أنه غير قديم. فنقول القرآن كلام الله غير مخلوق وغير قديم. ومع ذلك فإننا لا نجعلها كلية بتعريف واحد في الأذهان من أفراد يشمل المخلوق والخالق، وهذا لا هو هدي السلف ولا كلامهم. فأنت مهما جال بخاطرك وتكييفك للحوادث في حق المخلوق فلا ينزل هذا المعنى ولا يُكيف على صفات الله.. نحن نعلم معناه في الأذهان فيما يخص المخلوق ولا نكيف المعنى على الله أو نتخيله، وكما لا نشببها ولا نكيفها لا نكفر بها ولا نكذبها ولا نبطلها بتأويل.

    3- أن امعان الفكر ووضع التعريفات يكون فيما يخص ما تشاهده العين ويدركه الذهن، أما صفات الله فلا أنت رايتها ولا تُدرك كُنهها، ومهما جال بخاطرك فالله غير ذلك. فعلم الحوادث حين نتكلم في الحادث بمفهوم المناطقة فإننا لا نعني به إلا المخلوق المسبوق بالعدم، الذي كان بعد ن لم يكن، وهذا ما يختص به علم التصور، أي علم المنطق.

    4- اقحام ذات الله وصفاته في هذا هو مما ضلّ به كثيرٌ من المناطقة والمتكلمين، فحين نزلوا الحوادث على الله اضطروا إلى نفيها عنه ونفوا صفاته الاختيارية، ولم يُفرقوا بين حادث وحادث، لأنهم جعلوها كلية واحدة وجعلوا الله معينا من أفراد جزئياتها، فاصطدوا بقانون الاعراض ودلالته على الحوادث، فماثلوا وشبهوا، فأرادوا الخروج من التشبيه والمماثلة، فالتزموا نفي الصفات عن الله. وهم في ذلك مضطربون واقوالهم متفاوتة ويرد بعضهم بعضًا.

    5- وقولنا حادث للمخلوق غير قولنا حادث في حق الله، والله سمى نفسه حيا، وسمى المخلوق حيًا، فقال تعال: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وقال كذلك: "يخرج الحي من الميت"، مع العلم بأنه ليس الحي كالحي. وسمى نفسه حليمًا، وسمى نفسه رحيما، ورؤوفا، وسمى بعض عباده رؤوفا رحيما، وليس الرؤوف كالرؤف ولا الرحيم كالرحيم، ولا الحليم كالحليم، وكذا ليس الحادث كالحادث.

    6- أما إذا أردت أن تجعل مطلق الحدوث كلية وتدخل الله في جزئياتها، فلن يكون بينها إلا اشتراك لفظي، أو تواطؤ عام كما عليه الجمهور. وما بين الأسماء من المعنى العام الكلي كما بين قولنا حي وحي وعالم وعالم وهذا المعنى العام الكلي المشترك لا يوجد عاما كليا مشتركا إلا في العقل والذهن وليس هو كذلك في الخارج على الحقيقة، فالذي في الخارج أمر يختص بالموصوف، فصفات الرب عز و جل مختصة به وصفات المخلوق مختصة به ليس بينهما اشتراك ولا بين مخلوق ومخلوق.

    7- ثم إنك إن وضعتهم في كلية واحدة، فإنك قد حكمت ابتداءً بالتباين الكلي، والتباين الكلي (إما مماثلة وإما مخالفة وإما تقابل)، فإن لم تتفِ المماثلة، فتكون قد فاضلت وماثلت، والله قال: "ليس كمثله شيء"، ولابد مع نفي التماثل اثبات الاختلاف، فلابد أن يكون فيه تفصيل يمنع أن يدخل في صفة الله شيء من خصائص المخلوقين؛ فلا يكون له سمي ولا يكون له ما يختص به المخلوق، ومن تصوّر ذلك قد أوتي من سوء فهمه، فإذا قيدت الصفة بالخالق، كقولك: علم الله وقدرته واستواؤه ومجيئه ..الخ، كانت هذه مختصة به سبحانه لم تدل على شيء من خصائص المخلوقين. فإذا قال سبحانه: " الرحمن على العرش استوى" وإذا قال: "فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك"، كانت هذه الإضافة توجب ما يختص بالعبد وتمنع أن يدخل في ذلك ما يختص بالرب. وكما قال شيخ الاسلام: "وإذا كان المستوي ليس مماثلا للمستوي لم يكن الاستواء مماثلا للاستواء"، وبمثل ما قال نقول في وصفك صفاته الاختيارية بالحادث وإذا كان الحادث ليس مماثلا للحادث لم يكن الحدوث مماثلا للحدوث.

    8- وأنت وإن نفيت المماثلة باللسان فلم تفعل ذلك في تعريفك الذي أقحمت فيه صفات الله سبحانه فقلت: "الحادث = ما دخل وجوده في الزمن، بحيث لم يكن موجودًا.. ثم صار موجودًا.. فنحن لا نعرف حدوث صفات الله بهذا التعريف، ولا نقول أنها داخلة في الزمن. والزمان من مخلوقات الله، ولا يدخل شيء من الله في مخلوقاته، هذا تصورك أنت لحدوث المخلوقين، ونزلته على الخالق. والله عز جل جعل الزمان للمخلوقين مدة وجودهم، خاطبنا الله بما ندركه من الزمان لتستقيم عباداتنا ومعاملاتنا، لكن لا ننزل الزمان على الله وصفات الله. فحين ينزل الله في الثلث الأخير من الليل لا نقول أنه حل في الزمان تعالى الله ولا نقول أن صفاته وُجدت في الزمن. الزمن بالنسبة لك أنت كمخلوق لا تنزله على ذات الله وصفات الله. وكذلك يُقال في الزمان يوم القيامة فليس لنا منه الا الاسم إنما لا يُقاس بما يتصوره عقلنا في الدنيا.. وكما يُقال في الزمان يُقال في المكان، فالمكان مخلوق ولا يُحد الله بمكان مما تتصوره أذهاننا، فليس مجيئه سبحانه ونزوله واستواءه بما تتصوره أذهاننا في المخلوقين. فنثبت لله ما أثبت لنفسه بلا تكييف.

    9- وأما قواعدنا وأصولنا، فهي اتباع الألفاظ التي جاء بها القرآن والحديث، وراعاه السلف فيما يثبتونه وينفونه عن الله من صفاته وأفعاله، كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية فلا يأتون بلفظ محدث مبتدع في النفي والإثبات. ولو قدر معنى صحيح ـ والرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر به ـ لم يحل لأحد أن يدخله في دين المسلمين، بخلاف ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم فإن التصديق به واجب.

    10- لِذا فهذه القاعدة من أقوال المتأخرين أتت في سياق الرد على المخالف، وليست ملزمة لنا ولا يُقال من قواعدنا ولا يُقال أنها دين، وإنما هي تفصيل في الرد على المخالف، لا أن تُمرر على عامة المسلمين. وكل من أقحم الله بلفظ مستحدث يثسأل عنه ويُفصل، ولا يُنفى ولا يُثبت، لأن كل هذه الألفاظ المحدثة التي لم يأت بها الشرع، تحتمل الصواب والخطأ، فإن نفيته بالكلية تكون قد نفيت ما هو صحيح، وإن أثبته بالكلية تكون قد أثبت ما هو خاطىء، والألفاظ المبتدعة ليس لها ضابط، بل كل واحد من هؤلاء يُريد بها معنى غير المعنى الذي أراده الآخر؛ كلفظ الجسم، والجهة، والحيز، بل والحادث. بخلاف ألفاظ الرسول فإن مراده بها يعلم كما يعلم مراده بسائر ألفاظه، ولو يعلم الرجل مراده لوجب عليه الإيمان بما قاله مجملًا. ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية: "ولما انتشر الكلام المحدث، ودخل فيه ما يناقض الكتاب والسنة، وصاروا يعارضون به الكتاب والسنة، صار بيان مرادهم بتلك الألفاظ وما احتجوا به لذلك من لغة وعقل، يبين للمؤمن ما يمنعه أن يقع في البدعة والضلال، أو يخلص منها ـ إن كان قد وقع ـ ويدفع عن نفسه في الباطن والظاهر ما يعارض إيمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك. ".

    11- وكما أن المتأخرين في الزامهم للمتكلمين، بالأدلة السمعية على صفات الله الاختيارية وقولهم: "أزلي النوع حادث الآحاد"، فإنهم كذلك يقولون: " لكل حادث محدث" ولا يعنون بكل حادث إلا كل مخلوق، فهل تراهم يتناقضون؟ هم لا يتناقضون وإنما هم يفرقون بين كل مقام ومقام. فالحادث هو المخلوق، أما من يتكلم عن مطلق الحدوث مع المخالف والمعارض فيُبين له هذا التفصيل في منشورك بمراعاة ما سبق. وإذا كان منشورك لعامة المسلمين، فلا يجب فيه إلا التفصيل أما وضع هذا العنوان كما قلت، ليس من الدين، بل هو أقرب إلى صناعة الجدل وإثارته بين المسلمين. فإن المسلم الواعي المدقق ممن اطلع على المنطق وما فيه من عُوار، فإنه يأخذ منه ما صح، ويرد منه باطلهم. والصواب أن لا يُقحم ذات الله وصفاته في المنطق، فيكون علم الحادث هو ما يختص بالمخلوق وفقط، وهذا عُرف الناس وعامتهم وأفهامهم، ويجب أن يُراعى عُرف السامعين. مع تصحيح العقيدة للمطلع وبيان أن من صفات الله ما نصفها بالحدوث مقابلة لمن نفى صفات الله من أهل الضلالة، ولا نعني بالحدوث معناه في المخلوق. فالحادث في حق الخلق مسبوق بالعدم، وفي حق الخالق لم يزل يقوم به وفيه، إذا شاء كيفما شاء، وغيبر مسبوق بالعدم. وأن الحادث في حق المخلوق ممتنع في حق الخالق، والحادث في وصف صفاته الاختيارية سبحانه ممتنع في حق المخلوق.

    هذا والله أعلى وأعلم.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 ماي, 2022, 07:18 م.
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 5 أغس, 2024, 07:27 م
ردود 2
43 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة فارس الميـدان
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:53 م
ردود 0
23 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:41 م
ردود 0
82 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
ابتدأ بواسطة كريم العيني, 17 ماي, 2024, 09:16 ص
ردود 0
32 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة كريم العيني
بواسطة كريم العيني
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 14 يول, 2023, 02:56 ص
ردود 0
20 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
يعمل...