الدليل الفلكي:
مجرتنا:
١ - نوع المجرة:
مجرتنا هي مجرة حلزونية (هناك أنواع أخرى، مثل: المجرات الإهليلجية وغير النظامية). في معظم المجرات تركيز النجوم يكون أعلى في الوسط ويقل بعيدا عن المركز. مجرتنا لها قطر بنحو 85,000 سنة ضوئية. شمسنا حوالي25,000 سنة ضوئية من المركز، في المنطقة الواقعة بين الأذرع الحلزونية حيث كثافة النجوم منخفضة جدا بالمقارنة مع المناطق الداخلية الأكثر ازدحاما، وفي هذا الموضع ندور ببطء حول المحور المركزي للمجرة). ليست الأرض في موضع نادر من المجرة فحسب، بل من حسن الحظ أيضا وجودها في مجرة حلزونية بدلا من مجرة إهليجية.
المجرات مناطق يصاحبها القليل من الغبار الذي (على ما يبدو) يحمل القليل لتشكيل نجم جديد، فمعظم النجوم في المجرات الإهليلجية قديمة قدم الكون تقريبا، كما أن وفرة العناصر الثقيلة منخفضة خلالها، وعلى الرغم من احتمالية وجود الكويكبات والمذنبات بها.. فمن المشكوك فيه أن هناك کواکب کاملة الحجم.
۲ - توزيع النجوم في المجرة:
إن المسافات بين نجوم السوبرنوفا - وبالحقيقة بين كل النجوم - مسافات حرجة لأسباب أخرى أيضا، فالمسافة بين نجوم مجرتنا تساوي ٣٠ مليون ميلا بالتقريب، ولو كانت أقصر من ذلك.. لاضطربت أفلاك مدارات الكواكب. وبالمقابل لو كانت المسافات بين النجوم أبعد.. لذهب الحطام الناشئ عن انفجار النجوم هباء في الكون، فكل الاحتمالات الممكنة لن تشكل منه أنظمة كوكبية كنظامنا الشمسي مطلقا).
إن أي نجم سيتحول إلى السوبرنوفا ربما ستصبح الحياة عقيمة داخل دائرة نصف قطرها سنة ضوئية من الانفجار، وسيؤثر على الحياة في الكواكب بقدر ۳۰ سنة ضوئية. عدد النجوم الكبير في مراكز المجرات يزيد من فرص تواجد سوبرنوفا مجاورا. شمسنا وكوكبنا محميان ببساطة عن طريق ندرة النجوم من حولنا".
٣ - موقعنا في المجرة:
الشمس ومجموعتنا الشمسية.. كل هذا نشأ منذ ما يقرب من 4.5 مليار عام ونشؤوا في مكان محدد في مجرتنا، نتخيل: أين؟ تقع مجموعتنا الشمسية بعيدا عن مركز المجرة وبين أذرع المجرة الحلزونية (Spiral Arms) ولكن.. هل نقع بين أي ذراعين؟ لا، الحقيقة: شمسنا من النجوم القليلة التي تقع خلال (galactic co-rotation radius)، بمعنى: أن هذا المكان يكون موافقا لسرعتها حول مركز المجرة مع سرعة الأذرع التي تقع بينهما، بحيث لا تخرج عن هذا المكان أبدا، بعكس النجوم التي تقع أقرب قليلا من المركز أو أقرب قليلا من الأذرع، فإن هذه النجوم لا تكون سرعة دورانها متوافقة مع سرعة دوران الأذرع، وبالتالي مع الوقت سيتغير مكانها الذي كان بين الأذرع)؛ ليكون موقعها على أحد الأذرع نفسها، لكن شمسنا تظل في هذا المكان (بين الأذرع) حتى مع دورانها حول مركز المجرة .
ما فائدة هذا المكان؟! وما فائدة ألا يكون موقع مجموعتنا الشمسية على أحد الأذرع؟!
أولا: هذا الموقع هو الموقع الوحيد المدهش الذي نستطيع منه
اکتشاف و دراسة الكون؛ لأنه بعيد عن الغازات التي تملأ الأذرع والمواد التي فيها وتدور معها، فلو كنا على أحد الأذرع.. لما تيسر لنا التفكر في خلق السماوات والأرض!
ثانيا: في هذا المكان نكون بعيدين تماما عن الأماكن ذات الكثافة العالية، حيث تمتلئ بانفجارات السوبر نوفا التي قد مر مجموعتنا الشمسية لو كانت قريبة منها!
رابعا : النظام الشمسي :
أي نظام شمسي متعدد النجوم لن يسمح بتطور الحياة... في الواقع:
يمكن للكوكب - في هذا النظام – أن يتمتع بطقس لطيف أثناء دورانه حول عدة نجوم الفترة على الأقل، ولكن انتظام الحرارة لمدة طويلة من الزمن هو الوضع الذي يبدو ضروريا للحياة، وهو ما سيكون بعيد الاحتمال. ولفهم السبب.. علينا الاطلاع على ما يحدث في أبسط أنواع الأنظمة متعددة النجوم ، وهو النظام ذو الشمسين الذي يسمى بالنظام الثنائي". إن نصف النجوم الموجودة في السماء تقريبا تعتبر أعضاء في تلك الأنظمة، ولكن حتى أبسط تلك الأنظمة الثنائية يمكنها الحفاظ على نوعية معينة من المدارات المستقرة فقط، ففي كل هذه المدارات لا بد أن يتوفر الوقت للكوكب ليكون ساخنا جدا أو باردا جدا من أجل الحفاظ على الحياة. حتى إن الوضع يكون أسوأ بالنسبة للمجموعات متعددة النجوم. فإذا كان هناك أكثر من نجم فإن تفاعلات المد والجزر ستجعل مدارات الكواكب الداعمة للحياة غير مستقرة. وإذا لم يوجد النجم فلن يكون هناك مصدر حرارة متاح لكيمياء الحياة.
إن نظامنا الشمسي لديه خصائص أخرى «محظوظة» لم يكن من الممكن أن توجد أشكال الحياة المعقدة من دونها. فعلى سبيل المثال:
تسمح قوانین نیوتن لمدارات الكواكب بأن تكون دائرية أو على هيئة قطع ناقص ، وتوصف الدرجة التي ينضغط بها القطع الناقص بما يسمى بالتفاوت المركزي بين الرقم واحد وصفر، ويعني التفاوت المركزي الأقرب من الصفر أن الشكل يمثل دائرة، بينما يعني التفاوت المركزي الأقرب من الواحد أنه مفلطح جدا. كان (كبلر) منزعجا من فكرة أن الكواكب لا تدور في دوائر كاملة، فكان التفاوت المركزي لمدار الأرض حوالي ۲٪ فقط، مما يعني أنه دائريا تقريبا، وقد صار ذلك كضربة حظ سعيدة جدا.
تتحدد أشكال الطقس الموسمية على الأرض أساشا حسب میل محور دورانها بالنسبة لمستوى مدارها حول الشمس، فعلى سبيل المثال: أثناء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي يكون ميل القطب من الشمس في أوائل يوليو ذا تأثير ضئيل على درجة الحرارة مقارنة بتأثیر میلها. لكن علی کواکب لديها تفاوت مرکزي مداري كبير .. فإن اختلاف المسافة عن الشمس سيلعب دورا أكبر بكثير. فعلى عطارد مثلا وبنسبة ۲۰٪ من التفاوت المركزي، فإن درجة الحرارة ستكون أسخن ب ۲0٠ درجة فهرنهایت عندما يكون الكوكب أكثر قربا من الشمس عنه عندما يكون أبعد عن الشمس.
وفي الحقيقة: لو كان التفاوت المركزي لمدار الأرض قريبا من الواحد الصحيح.. فإن محيطاتنا ستغلي عندما نصل لأقرب نقطة من الشمس، وسنتجمد تماما عندما نصل الأبعد نقطة. إن التفاوتات المركزية المدارية الكبيرة لن تسمح بوجود حياة ، ولهذا؛ فنحن محظوظون بأن يكون لدينا کوکب يكون تفاوته المركزي أقرب من الصفر من بين كل هذه الخصائص للنظام الشمس - وربما أكثرها غرابة، وفي الوقت نفسه أقل تقديرا - جدا بالمعادن. وقد أظهرت الدراسات الأخيرة التي قام بها عالم الجيولوجيا (جیلیرمو جونزاليس) Guillermo،Gonzalez وآخرون: أن الشمس نادرة جدا في هذا الصدد، فالمعادن و سمات لازمة للكواكب، وبدونها لن يكون هناك لا المجالات المغناطيسية ولا مصادر الحرارة الداخلية. والمعادن قد تكون أيضا مفتاحا لوجود الحياة الحيوانية، فهي ضرورية لمكونات عضوية هامة من الحيوانات (مثل: أصباغ النحاس والحديد في الدم. كيف وصلنا هذا الكنز الفائض من المعادن؟
إن وجود الكواكب الأخرى في النظام الشمسي أمر بالغ الأهمية للأرض، ويتميز النظام الشمسي بثلاث أجرام رئيسة، تجعله مناسبا لتوفير حياة ذكية على سطح الأرض. وهذه الأجرام هي:
١ - الشمس.
الكيانات النجمية غير العادية مثل النجوم النيوترونية والأقزام البيضاوية هي - على الأرجح - غير صالحة للسكن من قبل أي شكل من أشكال الحياة".
؛ فنجمنا – بالصدفة - يقع في «المنطقة القابلة للسکنی» من المجرة".
إن الصلاحية للسکنی تختلف بشكل كبير، وهذا يتوقف على:
1- حجم الكوكب.
۲ - النجم الخاص به.
٣ - المسافة الفاصلة بينهما.
ولذا؛ فهناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن نجما مثل الشمس ضروري الوجود حياة معقدة".
فكتلة الشمس - النجم الخاص بالأرض - مثلا إذا كانت أكبر.. فإن لمعانها سيكون متقلبا جدا، وستصبح نجما يحترق بسرعة كبيرة جدا، فلا يدعم وجود حياة. وإذا كانت كتلة الشمس أقل.. فإن منطقة دعم الحياة ستكون ضيقة جدا، كما أن فترة دوران الكوكب الداعم للحياة - الأرض - لن تكون طويلة بما يكفي، والأشعة فوق البنفسجية لن تكون كافية لعملية التمثيل الضوئي.
إن احتراق الشمس يتم بمعدل مناسب لوجود الحياة، بحيث لو تم احتراقها بمعدل أسرع.. لنفد وقودها قبل أن تتهيأ الفرصة لوجود حياة ذكية على الأرض، ولو كان معدل احتراقها بشكل أبطأ، فربما كانت الطاقة غير كافية إطلاقا لدعم العمليات الكيميائية الحيوية والحياة. فداخل الشمس حيث درجة الحرارة عالية تتأين الذرات، حيث تنفصل الإلكترونات عن البروتونات، وتصبح المادة فيما يعرف باسم حالة البلازما. تصطدم البروتونات بعضها ببعض بحيث تبدأ مجموعة من العمليات النووية في النهاية لتحويل كل أربعة بروتونات إلى نواة الهيليوم، والطاقة الموجودة داخل نواة الهيليوم المنفردة تكون أقل من تلك الموجودة داخل البروتونات الأربعة الأصلية. هذا الفرق في الطاقة يطلق إلى الأجواء المحيطة، وبعض منها يوفر لنا الدفء هنا على الأرض. لا بد للبروتونات أن تتلامس کي تندمج معا وتكون نواة الهيليوم، وهذا أمر عسير ؛ لأن شحناتها الموجبة تميل إلى التنافر، وهو ما يبقيها بعيدا عن بعضها، ولكن درجة الحرارة البالغة ۱۰ ملايين درجة مئوية تمنحها طاقة حركية كافية بحيث تتمكن من الاقتراب بعضها من بعض وتبدأ عملية الاندماج النووي. لكن هذه الحرارة كافية إلى هذا الحد وحسب، فبعد انقضاء خمسة مليارات عام على مولد البروتونات توافرت لكل بروتون منفرد فرصة قدرها 50٪ في أن يشارك في التفاعل. بعبارة أخرئ: إلى وقتنا هذا استهلكت الشمس نصف مخزونها من الوقود.
هذه أولى المصادفات السعيدة، ولو احترقت الشمس بمعدل أسرع.. لفنيت قبل أن يظهر البشر.وبالتدبر في السبب وراء هذا التوازن الدقيق الملائم نجد أن:
الخطوة الأولى هي: حين يلتقي بروتونان ويتلامسان، فيمر أحد البروتونین بنوع من التحلل الإشعاعي، بحيث يتحول إلى نيوترون ويطلق بوزيترونا (الجسيم المضاد للإلكترون) و نیوترینو. في الأحوال العادية النيوترون هو الذي يتحلل بسبب كتلته الأضخم إلى بروتون وإلكترون و نیوترینو، أما البروتون المنفرد فيكون مستقرا، وذلك؛ لأنه أخف الباریونات، ولكن حين يتلامس بروتونان، فإنهما يستشعران قوة التنافر الكهروستاتيكية، وهذا يضيف إلى طاقتهما الإجمالية ما يجعلها تتخطي طاقة الديوتريوم (نواة الديوتريوم المكونة من بروتون ونيوترون مرتبطين معا). نتيجة لذلك؛ يستطيع أحد البروتونين التحول إلى نيوترون، والذي يرتبط بعد ذلك ببروتون آخر، وهو ما يزيد من الاستقرار. يؤدي تحلل البروتون هذا إلى وجود نیوترون و نیوترینو وبوزيترون، وهو الجسيم الموجب الشحنة المضاد للإلكترون. وهكذا ينتج الجزء الأول من دورة الاندماج النووي الشمسي مادة مضادة! وحين تصطدم البوزيترونات بالإلكترونات الموجودة في.البلازما.. يتم تدميرها على الفور، بحيث ينتج عن تصادم کل إلكترون وبوزيترون فوتونان يتشتتان بعيدا بفضل البلازما المشحونة كهربا، حتى يصلا في النهاية إلى سطح الشمس (يستغرق هذا عدة آلاف من الأعوام)، وفي غضون هذا الوقت نقل طاقتهما كثيرا، ويساعد هذان الفوتونان في تكوين جزء من ضوء الشمس. أما النيوترينوات فتتدفق من قلب الشمس دون إعاقة، وتصلنا في غضون دقائق معدودة. ماذا يحدث إذن للنيوترون والبروتون؟
الخطوة الثانية: يلتصق الاثنان بعضهما ببعض التصاقا وثيقا، وذلك بفضل القوة النووية الشديدة، ويتحدان؛ وهذا الثنائي يشكل نواة الهيدروجين الثقيل (الديوترون). هذا الديوترون يجد نفسه وسط عدد كبير للغاية من البروتونات، التي لا تزال تشكل السواد الأعظم من كتلة الشمس. وسريعا جدا يرتبط الديوتريوم ببروتون آخر ليكونا نواة الهيليوم (الهيليوم 3). يمكن النواتين من أنوية الهيليوم ۳ أن تتحدا وتعيدا ترتيب أجزائهما بحيث يتكون الهيليوم 4 (وهي الصورة المستقرة الشائعة للهيليوم)، وتتخلصان من البروتونين الفائضين. نتیجة كل هذا العمل إذن هي أن أربعة بروتونات أنتجت نواة هيليوم وحيدة، واثنين من البوزيترونات، واثنين من النيوترينوات. البروتونات هي الوقود، والهيليوم هو الرماد المتخلف، والطاقة تتحرر على صورة أشعة جاما وبوزيترونات و نیوترینوات.
الخطوة الأخيرة (حيث يكون فيها الديوترون وأحد بروتونات الهيليوم ۳ تمهيدا لتكوين الهيليوم4) تم خلال زمن آني؛ فالتأخير في حدوث الخطوة الأولى التي يتحد فيها البروتونات من أجل تكوين الديوترون والنيوترينو والبوزيترون، وهي التي تحكم عملية الاحتراق البطيء للشمس، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا.
۲ – القمر على الرغم من أن هناك العشرات من الأقمار في النظام الشمسي.. فإن القمر الأبيض الشبحي المألوف الذي ينير لنا السماء ليلا هو غير عادي للغاية، ويبدو أن وجوده قد لعب دورا هاما «مثيرا للدهشة» في تطور الحياة .
القمر هو مجرد صخرة كروية قطره ۲۰۰۰ میلا ويبعد مسافة ٢٥٠,۰۰۰ میلا، ولكن وجوده قد مكن الأرض لتصبح موطنا طويل الأجل من أجل الحياة.
• القمر هو عامل رائع في مفهوم الأرض النادرة؛ لأن احتمال أن كوكبا يشبه الأرض يمتلك مثل هذا القمر الكبير هو احتمال صغير. لقد كانت الظروف المناسبة لتشكيل القمر مشتركة للكواكب الخارجية، ولكنها نادرة لتلك الكواكب الداخلية. العديد من الأقمار في النظام الشمسي - وربما كلها تقريبا - تدور حول الكواكب العملاقة في النظام الشمسي الخارجي.
• الكواكب الشبيهة بالأرض التي قريبة من الشمس، وتكون ضمن المنطقة القابلة للسکنی تخلو تقريبا من أقمار. القمر الوحيد المناسب للكواكب الأرضية هو كوكبنا، بينما لكوكب المريخ قمران صغيران هما «فوبوس» و «دیموس »(ذاتا قطر ۱۰۰ کیلو مترا). بعض الأقمار في النظام الشمسي ضخمة. قمر المشتري« جانيميد» هو تقريبا كبير مثل المريخ، وقمر زحل «تیتان» هو كبير أيضا وله غلاف جوي أكثر كثافة من الخاص بنا، على الرغم من كونه أكثر برودة بكثير. قمرنا إلى حد ما استثنائي بسبب كبر حجمه مقارنة مع الكوكب الأم (الأرض)، فمساحة القمر تقترب من ثلث مساحة الأرض، وفي بعض خواصه هو توأم أكثر منه تابعا".
• الصفائح التكتونية (أحد أهم مميزات كوكب الأرض - كما سنرى لاحقا -) تعتبر نادرة، وبدراسة جميع الكواكب والأقمار في نظامنا الشمسي ، فلم يتم العثور على صفائح تكتونية سوى على الأرض فقط، وأحد الاحتمالات هو أن الأرض لديها الصفائح التكتونية بسبب سمة شائعة في كوكبنا = وجود رفيق كبير كالقمر.
• ويلعب القمر ثلاثة أدوار محورية، والتي تؤثر على تطور وبقاء الحياة على الأرض، فهو يسبب المد و الجزر القمري، ويسبب استقرار میل دوران الأرض حول محورها، ويبطئ معدل دوران الأرض. علاوة على ذلك.. فإن الأهم هو تأثيره على الزاوية إمالة» محور دوران الأرض نسبة إلى مستوى مدارها، وهو ما يسمى (بالانبعاج) (obliquity) الذي يسبب التغيرات الموسمية. بالنسبة لمعظم تاريخ الأرض في الآونة الأخيرة لم يختلف الانبعاج بأكثر من درجة أو اثنتين من القيمة الحالية لل۲۳ درجة. على الرغم من أن اتجاه «الإمالة» يختلف على مدى فترات من عشرات الآلاف من السنين حيث التذبذب الكوكبي، فإن زاوية الميل نسبة إلى المستوى المداري تبقى ثابتة تقريبا".
• كما يتسبب القمر الضخم في استقراره محور دوران الكوكب الخاص به، مما يحقق مناخا أكثر استقرارا وملاءمة للحياة. قمرنا يحافظ على «إمالة خفيفة» لمحور الأرض تتغير حسب نطاق واسع، وهو ما يسمى (اعوجاجا) (obliquity) = (الزاوية بين محور دورانه والمحور التخيلي العمودي على المستوى الذي يدور حول الشمس). ولو كانت الإمالة أكبر، فإنها تتسبب في تقلبات كبيرة للمناخ".
ربما كان شرطا ضروريا لحياة الكوكب = وجوب تناسب النجم الخاص بالكوكب مع القمر الخاص بها، وهذا ما يتميز به كوكب الأرض.
٣- المشتري
يلعب (المشتري) دورا مركزيا في النظام الشمسي؛ حيث يتسبب وجوده في «ثبات» مدارات کواکب النظام الشمسي. ولم يكن حجم المشتري وضخامته عبثا، فبدون وجود کو کب ضخم متوقع بدقة كالمشتري.. فإن الأرض كانت ستصطدم في الماضي آلاف المرات بشكل متكرر بالمذنبات والشهب وغيرها من الحطام بين الكواكب، فإذا لم يكن المشتري موجودا فلن نكون موجودین لندرس أصل النظام الشمسي".
• كذلك يحافظ وجود المشتري على صلاحية كوكب الأرض لوجود الحياة على سطحه، ويوجد المشتري على مسافة دقيقة من الأرض، فإذا كانت الأرض أقرب قليلا إلى كوكب المشتري، أو إذا كان المشتري ذا كتلة أكبر إلى حد ما.. فإن «تأثير» كوكب المشتري الذي أجهض تشکیل الكوكب «الكويكب» و تشکيل «المريخ» تقريبا يمكن أيضا أن يؤثر على الأرض مما يجعله كوكبا أصغر، وإذا كانت الأرض أصغر.. فإن الغلاف الجوي، والغلاف المائي، وبالتالي ملائمة الحياة على المدى الطويل.. كان يمكن أن تكون (بالتأكيد) أقل مما هو مطلوب .
• في الواقع، فإن اثنين من الأجرام السماوية - هما القمر وكوكب المشتري - يلعب أدوارا محورية في وجودنا كجنس بشري. دون القمر، ودون المشترى هناك احتمال قوي بأن الحياة الحيوانية لن توجد على الأرض المشتري... اليوم، كلاهما بالتالي عناصر أساسية في فرضية الأرض النادرة). القمر وكوكب المشتري عاملان يجعلانا نعتقد أن الحياة المعقدة تتطلب التأثيرات المتباينة لهما".
المصادر الصنع المتقن للفيزيائي الاستاذ مصطفى نصر قديح من ص248 ، ص250
ومن ص 260 الي ص 270
ومن ص295 الي ص332
مجرتنا:
١ - نوع المجرة:
مجرتنا هي مجرة حلزونية (هناك أنواع أخرى، مثل: المجرات الإهليلجية وغير النظامية). في معظم المجرات تركيز النجوم يكون أعلى في الوسط ويقل بعيدا عن المركز. مجرتنا لها قطر بنحو 85,000 سنة ضوئية. شمسنا حوالي25,000 سنة ضوئية من المركز، في المنطقة الواقعة بين الأذرع الحلزونية حيث كثافة النجوم منخفضة جدا بالمقارنة مع المناطق الداخلية الأكثر ازدحاما، وفي هذا الموضع ندور ببطء حول المحور المركزي للمجرة). ليست الأرض في موضع نادر من المجرة فحسب، بل من حسن الحظ أيضا وجودها في مجرة حلزونية بدلا من مجرة إهليجية.
المجرات مناطق يصاحبها القليل من الغبار الذي (على ما يبدو) يحمل القليل لتشكيل نجم جديد، فمعظم النجوم في المجرات الإهليلجية قديمة قدم الكون تقريبا، كما أن وفرة العناصر الثقيلة منخفضة خلالها، وعلى الرغم من احتمالية وجود الكويكبات والمذنبات بها.. فمن المشكوك فيه أن هناك کواکب کاملة الحجم.
۲ - توزيع النجوم في المجرة:
إن المسافات بين نجوم السوبرنوفا - وبالحقيقة بين كل النجوم - مسافات حرجة لأسباب أخرى أيضا، فالمسافة بين نجوم مجرتنا تساوي ٣٠ مليون ميلا بالتقريب، ولو كانت أقصر من ذلك.. لاضطربت أفلاك مدارات الكواكب. وبالمقابل لو كانت المسافات بين النجوم أبعد.. لذهب الحطام الناشئ عن انفجار النجوم هباء في الكون، فكل الاحتمالات الممكنة لن تشكل منه أنظمة كوكبية كنظامنا الشمسي مطلقا).
إن أي نجم سيتحول إلى السوبرنوفا ربما ستصبح الحياة عقيمة داخل دائرة نصف قطرها سنة ضوئية من الانفجار، وسيؤثر على الحياة في الكواكب بقدر ۳۰ سنة ضوئية. عدد النجوم الكبير في مراكز المجرات يزيد من فرص تواجد سوبرنوفا مجاورا. شمسنا وكوكبنا محميان ببساطة عن طريق ندرة النجوم من حولنا".
٣ - موقعنا في المجرة:
الشمس ومجموعتنا الشمسية.. كل هذا نشأ منذ ما يقرب من 4.5 مليار عام ونشؤوا في مكان محدد في مجرتنا، نتخيل: أين؟ تقع مجموعتنا الشمسية بعيدا عن مركز المجرة وبين أذرع المجرة الحلزونية (Spiral Arms) ولكن.. هل نقع بين أي ذراعين؟ لا، الحقيقة: شمسنا من النجوم القليلة التي تقع خلال (galactic co-rotation radius)، بمعنى: أن هذا المكان يكون موافقا لسرعتها حول مركز المجرة مع سرعة الأذرع التي تقع بينهما، بحيث لا تخرج عن هذا المكان أبدا، بعكس النجوم التي تقع أقرب قليلا من المركز أو أقرب قليلا من الأذرع، فإن هذه النجوم لا تكون سرعة دورانها متوافقة مع سرعة دوران الأذرع، وبالتالي مع الوقت سيتغير مكانها الذي كان بين الأذرع)؛ ليكون موقعها على أحد الأذرع نفسها، لكن شمسنا تظل في هذا المكان (بين الأذرع) حتى مع دورانها حول مركز المجرة .
ما فائدة هذا المكان؟! وما فائدة ألا يكون موقع مجموعتنا الشمسية على أحد الأذرع؟!
أولا: هذا الموقع هو الموقع الوحيد المدهش الذي نستطيع منه
اکتشاف و دراسة الكون؛ لأنه بعيد عن الغازات التي تملأ الأذرع والمواد التي فيها وتدور معها، فلو كنا على أحد الأذرع.. لما تيسر لنا التفكر في خلق السماوات والأرض!
ثانيا: في هذا المكان نكون بعيدين تماما عن الأماكن ذات الكثافة العالية، حيث تمتلئ بانفجارات السوبر نوفا التي قد مر مجموعتنا الشمسية لو كانت قريبة منها!
رابعا : النظام الشمسي :
أي نظام شمسي متعدد النجوم لن يسمح بتطور الحياة... في الواقع:
يمكن للكوكب - في هذا النظام – أن يتمتع بطقس لطيف أثناء دورانه حول عدة نجوم الفترة على الأقل، ولكن انتظام الحرارة لمدة طويلة من الزمن هو الوضع الذي يبدو ضروريا للحياة، وهو ما سيكون بعيد الاحتمال. ولفهم السبب.. علينا الاطلاع على ما يحدث في أبسط أنواع الأنظمة متعددة النجوم ، وهو النظام ذو الشمسين الذي يسمى بالنظام الثنائي". إن نصف النجوم الموجودة في السماء تقريبا تعتبر أعضاء في تلك الأنظمة، ولكن حتى أبسط تلك الأنظمة الثنائية يمكنها الحفاظ على نوعية معينة من المدارات المستقرة فقط، ففي كل هذه المدارات لا بد أن يتوفر الوقت للكوكب ليكون ساخنا جدا أو باردا جدا من أجل الحفاظ على الحياة. حتى إن الوضع يكون أسوأ بالنسبة للمجموعات متعددة النجوم. فإذا كان هناك أكثر من نجم فإن تفاعلات المد والجزر ستجعل مدارات الكواكب الداعمة للحياة غير مستقرة. وإذا لم يوجد النجم فلن يكون هناك مصدر حرارة متاح لكيمياء الحياة.
إن نظامنا الشمسي لديه خصائص أخرى «محظوظة» لم يكن من الممكن أن توجد أشكال الحياة المعقدة من دونها. فعلى سبيل المثال:
تسمح قوانین نیوتن لمدارات الكواكب بأن تكون دائرية أو على هيئة قطع ناقص ، وتوصف الدرجة التي ينضغط بها القطع الناقص بما يسمى بالتفاوت المركزي بين الرقم واحد وصفر، ويعني التفاوت المركزي الأقرب من الصفر أن الشكل يمثل دائرة، بينما يعني التفاوت المركزي الأقرب من الواحد أنه مفلطح جدا. كان (كبلر) منزعجا من فكرة أن الكواكب لا تدور في دوائر كاملة، فكان التفاوت المركزي لمدار الأرض حوالي ۲٪ فقط، مما يعني أنه دائريا تقريبا، وقد صار ذلك كضربة حظ سعيدة جدا.
تتحدد أشكال الطقس الموسمية على الأرض أساشا حسب میل محور دورانها بالنسبة لمستوى مدارها حول الشمس، فعلى سبيل المثال: أثناء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي يكون ميل القطب من الشمس في أوائل يوليو ذا تأثير ضئيل على درجة الحرارة مقارنة بتأثیر میلها. لكن علی کواکب لديها تفاوت مرکزي مداري كبير .. فإن اختلاف المسافة عن الشمس سيلعب دورا أكبر بكثير. فعلى عطارد مثلا وبنسبة ۲۰٪ من التفاوت المركزي، فإن درجة الحرارة ستكون أسخن ب ۲0٠ درجة فهرنهایت عندما يكون الكوكب أكثر قربا من الشمس عنه عندما يكون أبعد عن الشمس.
وفي الحقيقة: لو كان التفاوت المركزي لمدار الأرض قريبا من الواحد الصحيح.. فإن محيطاتنا ستغلي عندما نصل لأقرب نقطة من الشمس، وسنتجمد تماما عندما نصل الأبعد نقطة. إن التفاوتات المركزية المدارية الكبيرة لن تسمح بوجود حياة ، ولهذا؛ فنحن محظوظون بأن يكون لدينا کوکب يكون تفاوته المركزي أقرب من الصفر من بين كل هذه الخصائص للنظام الشمس - وربما أكثرها غرابة، وفي الوقت نفسه أقل تقديرا - جدا بالمعادن. وقد أظهرت الدراسات الأخيرة التي قام بها عالم الجيولوجيا (جیلیرمو جونزاليس) Guillermo،Gonzalez وآخرون: أن الشمس نادرة جدا في هذا الصدد، فالمعادن و سمات لازمة للكواكب، وبدونها لن يكون هناك لا المجالات المغناطيسية ولا مصادر الحرارة الداخلية. والمعادن قد تكون أيضا مفتاحا لوجود الحياة الحيوانية، فهي ضرورية لمكونات عضوية هامة من الحيوانات (مثل: أصباغ النحاس والحديد في الدم. كيف وصلنا هذا الكنز الفائض من المعادن؟
إن وجود الكواكب الأخرى في النظام الشمسي أمر بالغ الأهمية للأرض، ويتميز النظام الشمسي بثلاث أجرام رئيسة، تجعله مناسبا لتوفير حياة ذكية على سطح الأرض. وهذه الأجرام هي:
١ - الشمس.
الكيانات النجمية غير العادية مثل النجوم النيوترونية والأقزام البيضاوية هي - على الأرجح - غير صالحة للسكن من قبل أي شكل من أشكال الحياة".
؛ فنجمنا – بالصدفة - يقع في «المنطقة القابلة للسکنی» من المجرة".
إن الصلاحية للسکنی تختلف بشكل كبير، وهذا يتوقف على:
1- حجم الكوكب.
۲ - النجم الخاص به.
٣ - المسافة الفاصلة بينهما.
ولذا؛ فهناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن نجما مثل الشمس ضروري الوجود حياة معقدة".
فكتلة الشمس - النجم الخاص بالأرض - مثلا إذا كانت أكبر.. فإن لمعانها سيكون متقلبا جدا، وستصبح نجما يحترق بسرعة كبيرة جدا، فلا يدعم وجود حياة. وإذا كانت كتلة الشمس أقل.. فإن منطقة دعم الحياة ستكون ضيقة جدا، كما أن فترة دوران الكوكب الداعم للحياة - الأرض - لن تكون طويلة بما يكفي، والأشعة فوق البنفسجية لن تكون كافية لعملية التمثيل الضوئي.
إن احتراق الشمس يتم بمعدل مناسب لوجود الحياة، بحيث لو تم احتراقها بمعدل أسرع.. لنفد وقودها قبل أن تتهيأ الفرصة لوجود حياة ذكية على الأرض، ولو كان معدل احتراقها بشكل أبطأ، فربما كانت الطاقة غير كافية إطلاقا لدعم العمليات الكيميائية الحيوية والحياة. فداخل الشمس حيث درجة الحرارة عالية تتأين الذرات، حيث تنفصل الإلكترونات عن البروتونات، وتصبح المادة فيما يعرف باسم حالة البلازما. تصطدم البروتونات بعضها ببعض بحيث تبدأ مجموعة من العمليات النووية في النهاية لتحويل كل أربعة بروتونات إلى نواة الهيليوم، والطاقة الموجودة داخل نواة الهيليوم المنفردة تكون أقل من تلك الموجودة داخل البروتونات الأربعة الأصلية. هذا الفرق في الطاقة يطلق إلى الأجواء المحيطة، وبعض منها يوفر لنا الدفء هنا على الأرض. لا بد للبروتونات أن تتلامس کي تندمج معا وتكون نواة الهيليوم، وهذا أمر عسير ؛ لأن شحناتها الموجبة تميل إلى التنافر، وهو ما يبقيها بعيدا عن بعضها، ولكن درجة الحرارة البالغة ۱۰ ملايين درجة مئوية تمنحها طاقة حركية كافية بحيث تتمكن من الاقتراب بعضها من بعض وتبدأ عملية الاندماج النووي. لكن هذه الحرارة كافية إلى هذا الحد وحسب، فبعد انقضاء خمسة مليارات عام على مولد البروتونات توافرت لكل بروتون منفرد فرصة قدرها 50٪ في أن يشارك في التفاعل. بعبارة أخرئ: إلى وقتنا هذا استهلكت الشمس نصف مخزونها من الوقود.
هذه أولى المصادفات السعيدة، ولو احترقت الشمس بمعدل أسرع.. لفنيت قبل أن يظهر البشر.وبالتدبر في السبب وراء هذا التوازن الدقيق الملائم نجد أن:
الخطوة الأولى هي: حين يلتقي بروتونان ويتلامسان، فيمر أحد البروتونین بنوع من التحلل الإشعاعي، بحيث يتحول إلى نيوترون ويطلق بوزيترونا (الجسيم المضاد للإلكترون) و نیوترینو. في الأحوال العادية النيوترون هو الذي يتحلل بسبب كتلته الأضخم إلى بروتون وإلكترون و نیوترینو، أما البروتون المنفرد فيكون مستقرا، وذلك؛ لأنه أخف الباریونات، ولكن حين يتلامس بروتونان، فإنهما يستشعران قوة التنافر الكهروستاتيكية، وهذا يضيف إلى طاقتهما الإجمالية ما يجعلها تتخطي طاقة الديوتريوم (نواة الديوتريوم المكونة من بروتون ونيوترون مرتبطين معا). نتيجة لذلك؛ يستطيع أحد البروتونين التحول إلى نيوترون، والذي يرتبط بعد ذلك ببروتون آخر، وهو ما يزيد من الاستقرار. يؤدي تحلل البروتون هذا إلى وجود نیوترون و نیوترینو وبوزيترون، وهو الجسيم الموجب الشحنة المضاد للإلكترون. وهكذا ينتج الجزء الأول من دورة الاندماج النووي الشمسي مادة مضادة! وحين تصطدم البوزيترونات بالإلكترونات الموجودة في.البلازما.. يتم تدميرها على الفور، بحيث ينتج عن تصادم کل إلكترون وبوزيترون فوتونان يتشتتان بعيدا بفضل البلازما المشحونة كهربا، حتى يصلا في النهاية إلى سطح الشمس (يستغرق هذا عدة آلاف من الأعوام)، وفي غضون هذا الوقت نقل طاقتهما كثيرا، ويساعد هذان الفوتونان في تكوين جزء من ضوء الشمس. أما النيوترينوات فتتدفق من قلب الشمس دون إعاقة، وتصلنا في غضون دقائق معدودة. ماذا يحدث إذن للنيوترون والبروتون؟
الخطوة الثانية: يلتصق الاثنان بعضهما ببعض التصاقا وثيقا، وذلك بفضل القوة النووية الشديدة، ويتحدان؛ وهذا الثنائي يشكل نواة الهيدروجين الثقيل (الديوترون). هذا الديوترون يجد نفسه وسط عدد كبير للغاية من البروتونات، التي لا تزال تشكل السواد الأعظم من كتلة الشمس. وسريعا جدا يرتبط الديوتريوم ببروتون آخر ليكونا نواة الهيليوم (الهيليوم 3). يمكن النواتين من أنوية الهيليوم ۳ أن تتحدا وتعيدا ترتيب أجزائهما بحيث يتكون الهيليوم 4 (وهي الصورة المستقرة الشائعة للهيليوم)، وتتخلصان من البروتونين الفائضين. نتیجة كل هذا العمل إذن هي أن أربعة بروتونات أنتجت نواة هيليوم وحيدة، واثنين من البوزيترونات، واثنين من النيوترينوات. البروتونات هي الوقود، والهيليوم هو الرماد المتخلف، والطاقة تتحرر على صورة أشعة جاما وبوزيترونات و نیوترینوات.
الخطوة الأخيرة (حيث يكون فيها الديوترون وأحد بروتونات الهيليوم ۳ تمهيدا لتكوين الهيليوم4) تم خلال زمن آني؛ فالتأخير في حدوث الخطوة الأولى التي يتحد فيها البروتونات من أجل تكوين الديوترون والنيوترينو والبوزيترون، وهي التي تحكم عملية الاحتراق البطيء للشمس، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا.
۲ – القمر على الرغم من أن هناك العشرات من الأقمار في النظام الشمسي.. فإن القمر الأبيض الشبحي المألوف الذي ينير لنا السماء ليلا هو غير عادي للغاية، ويبدو أن وجوده قد لعب دورا هاما «مثيرا للدهشة» في تطور الحياة .
القمر هو مجرد صخرة كروية قطره ۲۰۰۰ میلا ويبعد مسافة ٢٥٠,۰۰۰ میلا، ولكن وجوده قد مكن الأرض لتصبح موطنا طويل الأجل من أجل الحياة.
• القمر هو عامل رائع في مفهوم الأرض النادرة؛ لأن احتمال أن كوكبا يشبه الأرض يمتلك مثل هذا القمر الكبير هو احتمال صغير. لقد كانت الظروف المناسبة لتشكيل القمر مشتركة للكواكب الخارجية، ولكنها نادرة لتلك الكواكب الداخلية. العديد من الأقمار في النظام الشمسي - وربما كلها تقريبا - تدور حول الكواكب العملاقة في النظام الشمسي الخارجي.
• الكواكب الشبيهة بالأرض التي قريبة من الشمس، وتكون ضمن المنطقة القابلة للسکنی تخلو تقريبا من أقمار. القمر الوحيد المناسب للكواكب الأرضية هو كوكبنا، بينما لكوكب المريخ قمران صغيران هما «فوبوس» و «دیموس »(ذاتا قطر ۱۰۰ کیلو مترا). بعض الأقمار في النظام الشمسي ضخمة. قمر المشتري« جانيميد» هو تقريبا كبير مثل المريخ، وقمر زحل «تیتان» هو كبير أيضا وله غلاف جوي أكثر كثافة من الخاص بنا، على الرغم من كونه أكثر برودة بكثير. قمرنا إلى حد ما استثنائي بسبب كبر حجمه مقارنة مع الكوكب الأم (الأرض)، فمساحة القمر تقترب من ثلث مساحة الأرض، وفي بعض خواصه هو توأم أكثر منه تابعا".
• الصفائح التكتونية (أحد أهم مميزات كوكب الأرض - كما سنرى لاحقا -) تعتبر نادرة، وبدراسة جميع الكواكب والأقمار في نظامنا الشمسي ، فلم يتم العثور على صفائح تكتونية سوى على الأرض فقط، وأحد الاحتمالات هو أن الأرض لديها الصفائح التكتونية بسبب سمة شائعة في كوكبنا = وجود رفيق كبير كالقمر.
• ويلعب القمر ثلاثة أدوار محورية، والتي تؤثر على تطور وبقاء الحياة على الأرض، فهو يسبب المد و الجزر القمري، ويسبب استقرار میل دوران الأرض حول محورها، ويبطئ معدل دوران الأرض. علاوة على ذلك.. فإن الأهم هو تأثيره على الزاوية إمالة» محور دوران الأرض نسبة إلى مستوى مدارها، وهو ما يسمى (بالانبعاج) (obliquity) الذي يسبب التغيرات الموسمية. بالنسبة لمعظم تاريخ الأرض في الآونة الأخيرة لم يختلف الانبعاج بأكثر من درجة أو اثنتين من القيمة الحالية لل۲۳ درجة. على الرغم من أن اتجاه «الإمالة» يختلف على مدى فترات من عشرات الآلاف من السنين حيث التذبذب الكوكبي، فإن زاوية الميل نسبة إلى المستوى المداري تبقى ثابتة تقريبا".
• كما يتسبب القمر الضخم في استقراره محور دوران الكوكب الخاص به، مما يحقق مناخا أكثر استقرارا وملاءمة للحياة. قمرنا يحافظ على «إمالة خفيفة» لمحور الأرض تتغير حسب نطاق واسع، وهو ما يسمى (اعوجاجا) (obliquity) = (الزاوية بين محور دورانه والمحور التخيلي العمودي على المستوى الذي يدور حول الشمس). ولو كانت الإمالة أكبر، فإنها تتسبب في تقلبات كبيرة للمناخ".
ربما كان شرطا ضروريا لحياة الكوكب = وجوب تناسب النجم الخاص بالكوكب مع القمر الخاص بها، وهذا ما يتميز به كوكب الأرض.
٣- المشتري
يلعب (المشتري) دورا مركزيا في النظام الشمسي؛ حيث يتسبب وجوده في «ثبات» مدارات کواکب النظام الشمسي. ولم يكن حجم المشتري وضخامته عبثا، فبدون وجود کو کب ضخم متوقع بدقة كالمشتري.. فإن الأرض كانت ستصطدم في الماضي آلاف المرات بشكل متكرر بالمذنبات والشهب وغيرها من الحطام بين الكواكب، فإذا لم يكن المشتري موجودا فلن نكون موجودین لندرس أصل النظام الشمسي".
• كذلك يحافظ وجود المشتري على صلاحية كوكب الأرض لوجود الحياة على سطحه، ويوجد المشتري على مسافة دقيقة من الأرض، فإذا كانت الأرض أقرب قليلا إلى كوكب المشتري، أو إذا كان المشتري ذا كتلة أكبر إلى حد ما.. فإن «تأثير» كوكب المشتري الذي أجهض تشکیل الكوكب «الكويكب» و تشکيل «المريخ» تقريبا يمكن أيضا أن يؤثر على الأرض مما يجعله كوكبا أصغر، وإذا كانت الأرض أصغر.. فإن الغلاف الجوي، والغلاف المائي، وبالتالي ملائمة الحياة على المدى الطويل.. كان يمكن أن تكون (بالتأكيد) أقل مما هو مطلوب .
• في الواقع، فإن اثنين من الأجرام السماوية - هما القمر وكوكب المشتري - يلعب أدوارا محورية في وجودنا كجنس بشري. دون القمر، ودون المشترى هناك احتمال قوي بأن الحياة الحيوانية لن توجد على الأرض المشتري... اليوم، كلاهما بالتالي عناصر أساسية في فرضية الأرض النادرة). القمر وكوكب المشتري عاملان يجعلانا نعتقد أن الحياة المعقدة تتطلب التأثيرات المتباينة لهما".
المصادر الصنع المتقن للفيزيائي الاستاذ مصطفى نصر قديح من ص248 ، ص250
ومن ص 260 الي ص 270
ومن ص295 الي ص332