هل المعجزات مرفوضة فيزيائيا ام عقليا ؟
في البداية يجب أن نوضح أن هناك فرقا فيما بين ما يسمي ب(المستحيل الفيزيائي ) و(المستحيل العقلي ) إذ أن كل ما نراه في عالمنا المخلوق من قوانين وثوابت تحكمه فيزيائيا : كان من الممكن أن يكون بقيم ومواصفات أخري متغيرة فمثلا الماء له ثلاث حالات سائلة إذا انخفضت درجة حرارته يتجمد فيصير صلبا ،وإذا ارتفعت حرارته الي ال 100، في (ظروف معينة من الضغط) سيتحول الي بخار غازي فهذه الحالات الثلاثة للماء كان من الممكن أن تتغير قيمتها أو مواصفاتها بتغير تركيب الماء مثلا (كشكل الزوايا والروابط بين ذراته) ولذلك فإنه وبالرغم من (الاستحالة الفيزيائية ) لوقوع مثل هذه التغيرات في قيم الماء أو مواصفاته في عالمنا . الا أن العقل لا يحكم بأنها مستحيلة (محالة الوقوع) وذلك لأنه يقبل مثل هذه التغيرات .
ومن هنا نخرج بشئ مهم وأنه ليس كل مستحيل فيزيائيا يكون محالا أو (مستحيل عقليا) بالضرورة
اذن ما الذي يمكن أن يكون (مستحيلا عقليا ) هو كل ما كان محال الوجود أو متناقض في ذاته مثلا ان يوجد الشي ولا يوجد في نفس الوقت فهذا لا حقيقة له ولا يتصور وجوده وأن يكون الجزء أكبر من الكل الذي يحويه أو مربع له ثلاثة رؤوس فكل هذه تعد مستحيلات عقلية يحيل العقل وجودها اصلا وحتي قدرة الله لا تتعلق بها فالله تعالي قادر علي كل شئ قابل للوجود . وهنا نري تلاعب الملحدين بهذا النوع من الأسئلة المسمي بالأسئلة المفخخة (وهي الاسئلة الخاطئة) .
فالبديهي والمعلوم أنه لكل سؤال صحيح (اجابة) وليس لكل سؤال حتي لو كان خطأ إجابة مثل : هذه الاسئلة التي تطرح علي المؤمن هل يستطيع الإله أن يخلق الها مثله ؟؟ والصواب : أن السؤال متناقض في ذاته إذ كيف سيكون الإله الثاني خالقا مثل الإله الاول الذي لم يخلقه أحد في حين أن الإله الاول خلق الثاني ؟؟
وايضا كذلك سؤالهم هل يستطيع ربك أن يخلق صخرة لا يستطيع حملها ؟! فالصواب أنه لو خلقها فهو قادر علي حملها إذا فكان لازم سؤالهم هو أنه هل يستطيع ربك أن يجعل نفسه غير مستطيع ؟ ويتضح بهذا التناقض الذاتي في مثل هذه الاسئلة وهي إحدي صور (المستحيلات العقلية)، فالمحال ليس بشئ فلا تتعلق به القدرة ، فكل ممكن لا يخرج عن قدرته البتة وهذا هو معني (والله علي كل شئ قدير ).
فالمعجزات هي تحقيق (للمستحيل الفيزيائي) ولكنها ليست مستحيلة عقلا وهذا يمكن استيعابه بسهولة عندما يكون الفاعل هنا هو واضع أسس الفيزياء وقوانينها وثوابتها في عالمنا وكوننا.
فالنار التي من صفتها الإحراق جعلها الله بردا وسلاما علي ابراهيم (تغير فيزيائي) ، وكذلك العصا الجماد تدب فيها الحياة والتفاصيل الحية عندما تتحول إلي عصا علي يد موسي(هبة الحياة التي لا يملكها الا الله ) ، حيث أن ذرات كل الكائنات الحية تتركب من نفس ذرات الجمادات غير الحية وكذلك البحر يشقه موسي لقومه كالجبلين العظيمين عكس ميوعة الماء ، وكل المعجزات علي هذا المنوال فمع غرابتها الا أنها مستحيلة الوقوع فيزيائيا ولكن العقل لا يستحيلها إذا ما نسبها الي الخالق.