شبهة معضلة الشر واستعمالها كحجة لعدم وجود الخالق ؟ (1)
حتي يتسني لنا اولا تأسيس الأرضية التي نبني عليها النقاش ثم نستعرض سؤال الشر بناء علي تلك الأرضية طبعا الشر الموجود في عالمنا نوعين :
1/ شر طبيعي خارج عن الإمكان الإنساني كالزلازل والبراكين لا دخل للإنسان فيه .
2/ الشر الإنساني الناتج عن تدخل الانسان وفعله الأخلاقي كالمجاعات والحروب .
والجواب علي هذا الإشكال يقع في ثلاث نقاط ونحن سنتناول النقطة الأولي في هذا الطرح :
الشر الطبيعي والإنساني ما معيار الشر من الذي يحدد أن هذه الأمور هي شر ؟!
النقطة الأولي معيارية الشر :
فلا يوجد في الحقيقة معيار موضوعي يمكن قياس الشر عليه بعيد عن إدراكنا له ، فالشر (وصف) وليس (وجودا) قائما بذاته ومن ثم فإن مفهوم الشر نفسه مفهوم نسبي يختلف من انسان لاخر فما تراه انت خيرا يراه غيرك شرا والعكس وعلي هذا الأساس تظهر المشكلة الكبري : فمن يخوض في سؤال الشر دون الرجوع الي الإله ومعيارية الوحي فإنه لا محالة سيقع في حالة نسبية وسيولة دائمة لن يستطيع من خلالها الجزم ابدا بوصف الشر أو الخير حتي في تلك الأمور التي لا يظن أنها يختلف عليها احد الوصافة والأحكام القيمية تتباين بتباين وجهات النظر والأشكال الأكبر لدي الملحد أنه يفتقر الي مرجعية نهائية مطلقة يمكن الرجوع إليها في حالة الاختلاف في وجهات النظر القيمية والنسبية وفقا للملحد بعد من ناحية منطقية متماسكا لا سبيل لدحضه وعليه فجميع الاوصاف للخير أو الشر وفقا للنظرة الالحادية المنكرة للوحي أوصافا ذاتية وليست موضوعية اي أنها تلزم قائلها فحسب دون غيره من الناس يقول الفيلسوف الملحد جون سارتر : (يجد الوجودي حرجا في قضية ألا يكون الله موجودا لانه بعدم وجوده تنعدم كل إمكانية للعثور علي قيم في عالم واضح ) ،
وحتي ريتشارد دوكنز وهو يرفض صبغ الوجود باي صفة قيمية علي الإطلاق وهو بذلك يتفق مع الحاده (في هذا العالم لا يوجد شر ولا يوجد خير لا يوجد سوي مبالاة عمياء وعديمة الرحمة ) , وعليه فلا يصح الاحتجاج بمفهوم نسبي قائم علي الظن علي مفهوم مطلق قائم الي اليقين فما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
(وعندما يكون الشر محل خلاف ذوقي فإنه بذلك يغدو مجرد راي وليس حقيقة يعترض بها علي وجود الله ).
وتأتي مشكلة اكبر عندما يقيس أحدهم تقدير وصف للشر علي وجود الله أن هذا الأمر شر من ناحية كذا وبما أنه شر مقدر فهذا اله شرير (حاشاه) والملحد المادي يفعل ذلك من دون أن يدري ثمة وجوه أخري لنفس الأمر قدي يري فيها خيرا كثيرا لم تنكشف له بسبب قصور فهمنا وادراكنا وحدود تجاربنا وخبراتنا وجهلنا بالممكنات بل إنه من المحال عقلا أن يحيط الإنسان بكل جوانب اي مسألة إحاطة تكفيه لوصف والحسم النهائي في أي مسألة أنها خير او شر والتعقيد الموجود بالحياة اكبر من طاقة إدراكنا كل هذا يدفعنا إلي عدم التجرؤ علي عدم قياس رأينا النسبي علي تقدير الإله المطلق بالكون .
ويعارض المادي بفهمه المعلول للواقع فلو افترضنا أن لكل إنسان منهم رؤيته الخاصة التي يحاجج بها علي وجود الله وكان معيار كل منهم هواه (لصار الإله كأنه صندوق يضع فيه كل مخلوق قائمة رغباته) .
والدليل البين علي قصور فهمنا وادراكنا الشرور الطبيعية الخارجة عن تدخل الإنساني من الأمور التي نراها شرورا ولكنها خير من وجوه كثيرة سم العقرب الذي يعتبره الإنسان شرا لانه يقتله هو بالحقيقة خير العقرب نفسه ، بل إن الالم الذي يعتبره الإنسان المادي شر الشرور احيانا يصبح في كثير من الأحيان مفيد للجسم واحيانا لا تصح حياة الجسم دونه يقول (بول براند )المتخصص في مرض (البرص) : اهتم بصناعة آلة تنبه المريض الي خطر تلف أعضائه بعد فقدانه الاحساس بالالم وقال انا انظر الي الالم كواحد من أعظم الميزات الرائعة لتصميم الجسم البشري فأحمد الله لأنه اخترع الألم لا أعتقد أنه فعل شيئا افضل من ذلك
وحتي في تلك الأمور التي يظن أنه لا خلاف فيها بين اثنين فإن عدم الاستناد الي مرجعية مطلقة متجاوزة سيسقطنا لا محالة في حالة السيولة القيمية و النسبية الدائمة لن يمكن التثبت علي قيمة مطلقة واحدة علي سبيل المثال وفاة ثلاثة ملايين طفلا نتيجة للأمراض وسوء التغذية سنويا الاقتصاديين يرونه خيرا للبشرية لان الموارد الاقتصادية نادرة وكلما تقلص عدد البشر ازدادت فرص نجاة البشر الباقين .
الخلاصة هذه النقطة :
1/ مفهوم الشر مفهوم وصفي لا يمكن عد وجوده حقيقيا يستدل به علي عدم وجود الله كما يقول ابن القيم (دخول الشر في الأمور الوجودية إنما هو بالنسبة والإضافة ، لا أنها من حيث أن وجودها وذواتها شر)
2/إذا افتقر الشخص الي مرجعية متعالية عن المادة لم يستطيع الجزم بأي وصف قيمي للوقائع والأمور في أنها خير او شر حتي في تلك الأمور التي لا يظن فيها وجود خلاف بين اثنين فيها.
3/ لا يصح تقييم الخير أو الشر بمعيارية عقولنا القاصرة التي لا تدرك جميع الجزئيات ثم نقيس بها التقدير الكامل الإلهي للأمور فالشر الطبيعي هو في حقيقته خير من وجوه كثيرة لا تستقيم الحياة إلا بوجود هذا الشر فمن المستحيل أن تدرك الحكمة الإلهية في كل شئ فما فائدة الاختبار الانساني اذن ؟!
4/نحن نعلم أن من حذق علما من العلوم كالطب والنحو ولم يكن متصفا بصفاتهم التي استحقوا بها أن يكونوا من اهله لن يمكن أن يقدح فيما قالوه لعدم علمه بتوجيهم والعباد ابعد عن معرفة الله وحكمته في خلقه من معرفة عوامهم بالعلوم كالطب فاعتراضهم علي حكمته اعظم جهلا وتكلفا للقول بلا علم من العامي المحض إذا قدح في الطب والنحو بغير علم شئ من ذلك.
حتي يتسني لنا اولا تأسيس الأرضية التي نبني عليها النقاش ثم نستعرض سؤال الشر بناء علي تلك الأرضية طبعا الشر الموجود في عالمنا نوعين :
1/ شر طبيعي خارج عن الإمكان الإنساني كالزلازل والبراكين لا دخل للإنسان فيه .
2/ الشر الإنساني الناتج عن تدخل الانسان وفعله الأخلاقي كالمجاعات والحروب .
والجواب علي هذا الإشكال يقع في ثلاث نقاط ونحن سنتناول النقطة الأولي في هذا الطرح :
الشر الطبيعي والإنساني ما معيار الشر من الذي يحدد أن هذه الأمور هي شر ؟!
النقطة الأولي معيارية الشر :
فلا يوجد في الحقيقة معيار موضوعي يمكن قياس الشر عليه بعيد عن إدراكنا له ، فالشر (وصف) وليس (وجودا) قائما بذاته ومن ثم فإن مفهوم الشر نفسه مفهوم نسبي يختلف من انسان لاخر فما تراه انت خيرا يراه غيرك شرا والعكس وعلي هذا الأساس تظهر المشكلة الكبري : فمن يخوض في سؤال الشر دون الرجوع الي الإله ومعيارية الوحي فإنه لا محالة سيقع في حالة نسبية وسيولة دائمة لن يستطيع من خلالها الجزم ابدا بوصف الشر أو الخير حتي في تلك الأمور التي لا يظن أنها يختلف عليها احد الوصافة والأحكام القيمية تتباين بتباين وجهات النظر والأشكال الأكبر لدي الملحد أنه يفتقر الي مرجعية نهائية مطلقة يمكن الرجوع إليها في حالة الاختلاف في وجهات النظر القيمية والنسبية وفقا للملحد بعد من ناحية منطقية متماسكا لا سبيل لدحضه وعليه فجميع الاوصاف للخير أو الشر وفقا للنظرة الالحادية المنكرة للوحي أوصافا ذاتية وليست موضوعية اي أنها تلزم قائلها فحسب دون غيره من الناس يقول الفيلسوف الملحد جون سارتر : (يجد الوجودي حرجا في قضية ألا يكون الله موجودا لانه بعدم وجوده تنعدم كل إمكانية للعثور علي قيم في عالم واضح ) ،
وحتي ريتشارد دوكنز وهو يرفض صبغ الوجود باي صفة قيمية علي الإطلاق وهو بذلك يتفق مع الحاده (في هذا العالم لا يوجد شر ولا يوجد خير لا يوجد سوي مبالاة عمياء وعديمة الرحمة ) , وعليه فلا يصح الاحتجاج بمفهوم نسبي قائم علي الظن علي مفهوم مطلق قائم الي اليقين فما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
(وعندما يكون الشر محل خلاف ذوقي فإنه بذلك يغدو مجرد راي وليس حقيقة يعترض بها علي وجود الله ).
وتأتي مشكلة اكبر عندما يقيس أحدهم تقدير وصف للشر علي وجود الله أن هذا الأمر شر من ناحية كذا وبما أنه شر مقدر فهذا اله شرير (حاشاه) والملحد المادي يفعل ذلك من دون أن يدري ثمة وجوه أخري لنفس الأمر قدي يري فيها خيرا كثيرا لم تنكشف له بسبب قصور فهمنا وادراكنا وحدود تجاربنا وخبراتنا وجهلنا بالممكنات بل إنه من المحال عقلا أن يحيط الإنسان بكل جوانب اي مسألة إحاطة تكفيه لوصف والحسم النهائي في أي مسألة أنها خير او شر والتعقيد الموجود بالحياة اكبر من طاقة إدراكنا كل هذا يدفعنا إلي عدم التجرؤ علي عدم قياس رأينا النسبي علي تقدير الإله المطلق بالكون .
ويعارض المادي بفهمه المعلول للواقع فلو افترضنا أن لكل إنسان منهم رؤيته الخاصة التي يحاجج بها علي وجود الله وكان معيار كل منهم هواه (لصار الإله كأنه صندوق يضع فيه كل مخلوق قائمة رغباته) .
والدليل البين علي قصور فهمنا وادراكنا الشرور الطبيعية الخارجة عن تدخل الإنساني من الأمور التي نراها شرورا ولكنها خير من وجوه كثيرة سم العقرب الذي يعتبره الإنسان شرا لانه يقتله هو بالحقيقة خير العقرب نفسه ، بل إن الالم الذي يعتبره الإنسان المادي شر الشرور احيانا يصبح في كثير من الأحيان مفيد للجسم واحيانا لا تصح حياة الجسم دونه يقول (بول براند )المتخصص في مرض (البرص) : اهتم بصناعة آلة تنبه المريض الي خطر تلف أعضائه بعد فقدانه الاحساس بالالم وقال انا انظر الي الالم كواحد من أعظم الميزات الرائعة لتصميم الجسم البشري فأحمد الله لأنه اخترع الألم لا أعتقد أنه فعل شيئا افضل من ذلك
وحتي في تلك الأمور التي يظن أنه لا خلاف فيها بين اثنين فإن عدم الاستناد الي مرجعية مطلقة متجاوزة سيسقطنا لا محالة في حالة السيولة القيمية و النسبية الدائمة لن يمكن التثبت علي قيمة مطلقة واحدة علي سبيل المثال وفاة ثلاثة ملايين طفلا نتيجة للأمراض وسوء التغذية سنويا الاقتصاديين يرونه خيرا للبشرية لان الموارد الاقتصادية نادرة وكلما تقلص عدد البشر ازدادت فرص نجاة البشر الباقين .
الخلاصة هذه النقطة :
1/ مفهوم الشر مفهوم وصفي لا يمكن عد وجوده حقيقيا يستدل به علي عدم وجود الله كما يقول ابن القيم (دخول الشر في الأمور الوجودية إنما هو بالنسبة والإضافة ، لا أنها من حيث أن وجودها وذواتها شر)
2/إذا افتقر الشخص الي مرجعية متعالية عن المادة لم يستطيع الجزم بأي وصف قيمي للوقائع والأمور في أنها خير او شر حتي في تلك الأمور التي لا يظن فيها وجود خلاف بين اثنين فيها.
3/ لا يصح تقييم الخير أو الشر بمعيارية عقولنا القاصرة التي لا تدرك جميع الجزئيات ثم نقيس بها التقدير الكامل الإلهي للأمور فالشر الطبيعي هو في حقيقته خير من وجوه كثيرة لا تستقيم الحياة إلا بوجود هذا الشر فمن المستحيل أن تدرك الحكمة الإلهية في كل شئ فما فائدة الاختبار الانساني اذن ؟!
4/نحن نعلم أن من حذق علما من العلوم كالطب والنحو ولم يكن متصفا بصفاتهم التي استحقوا بها أن يكونوا من اهله لن يمكن أن يقدح فيما قالوه لعدم علمه بتوجيهم والعباد ابعد عن معرفة الله وحكمته في خلقه من معرفة عوامهم بالعلوم كالطب فاعتراضهم علي حكمته اعظم جهلا وتكلفا للقول بلا علم من العامي المحض إذا قدح في الطب والنحو بغير علم شئ من ذلك.