التصور الربوبي حول الإله (5)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Shebl Al Saqar مسلم اكتشف المزيد حول Shebl Al Saqar
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Shebl Al Saqar
    1- عضو جديد

    • 6 ديس, 2021
    • 73
    • مسلم

    التصور الربوبي حول الإله (5)

    سلسلة نقد المذهب الربوبي (5) :

    التصور الربوبي حول الإله

    أيُّ إلهٍ هذا الذي يؤمن به الربوبي؟ ما هي صفاته؟

    ما هي علاقته بالإنسان؟ وما هو واجبنا تجاهه؟ ثمّ ما هو موقف الربوبي من مسألة الإيمان بيوم القيامة أو الحياة بعد الموت؟

    يحرص الربوبيون على التأكيد بأنّ صورة الله عندهم بسيطة وبعيدة عن التعقيد ويقول ربوبي : «الربوبية هي الإعتقاد بوجود خالق للكون، ولكنه لا يتدخل في شؤون الكون. وأنّ الأديان كلها من نتاج البشر، والدعوات والصلوات لا تستجاب، والحوادث اليومية ليست ناتجة عن رغبة إلهية، إنّما هي نتائج طبيعية لأسباب تحدث في الحياة. وكل شيء مفتوح، لا شيء مقدّر مسبقاً. فالربوبيون يعتمدون المنهج العلمي، ويعتمدون على أنفسهم في حلِّ مشكلاتهم وتحقيق أهدافهم في الحياة. وأخلاق الربوبي ناتجة عن التزامه الذاتي بالخير وابتعاده عن الشر، وناتجة عن تحضره وتحضر مجتمعه».

    وفيما يتصل بصفات الإله، وأما بالنسبة للحياة بعد الموت، فليس للربوبيين موقف واضحٌ وحاسم برفض المعاد أو الإيمان به.

    والمتحصل مما تقدّم:

    أولاً: أنّ الربوبي يؤمن بإلهٍ خلق الكون، بيد أنّه لا يتدخل في شؤون الناس ولا في شؤون الكون، وما يجري في العالم من حوادثَ لا علاقة لله تعالى به، فهو لا يجري عن إرادته ووفق تقديره ومشيئته، لأنّه تعالى لم يقدّر شيئاً مرسوماً على الناس.

    ثانياً: إن الربوبي يعترض على الصورة التي قدمتها الأديان عن الإله!

    ثالثاً: في علاقة الإنسان بالله لا يرى الربوبي ضرورة للعبادة، وإذا كان لا بدّ من شكره فمن خلال أعمال الخير التي تقدم نفعاً للإنسانية.

    وحيث إنّ الموقف الربوبي ليس حاسماً في مسألة نفي المعاد، بل صرّح بعضهم بوجود نوعٍ من الحياة بعد الموت، لذا لن نعقد بحثاً معهم حول هذا الموضوع، وإنّما نتطرّق إلى مناقشة رؤيتهم حول الإله وصفاته وعلاقتنا به. وذلك من خلال النقاط الثلاث المشار إليها.

    النقطة الأولى: نقد رؤية الربوبي حول الإله :

    إن التصور الذي قدمه الربوبيون حول الإله هو تصور ناقص ويعاني الكثير من الثغرات، مهما حاولوا تجميله. وفيما يلي نسجل ثلاثة اعتراضات على التصور المذكور، وأعتقد أنها كافية لبيان الخلل الكبير الذي يعانيه:

    الاعتراض الأول: الإله الغامض

    ولعلّ أول ما يلاحظه الناقد للفكر الربوبي هو أنّ صورة الله تعالى عنده هي صورة ساذجة وبسيطة، ولا تصمدُ رؤيته في هذا المقام أمام النقاش العلمي، حيث تواجهها الكثير من الاعتراضات. والحقيقة أنّ الإنسان لا يشعر وهو يتأمل في التصوّر الربوبي عن الإله أنّه أمام إلهٍ يملأ العقل والروح والوجدان، ولا يجيب هذا التصور على كل أسئلته ولا يروي عطشه.

    فإله الربوبيين - كما تقدّمه كلماتُهم - هو إلهٌ غامض لم يُظْهِرْ نفسه بما فيه الكفاية للناس ولا حدد لهم هدف الخلق، ربما لأنّه ليس لديه هدف أصلاً! وهو فوق ذلك عاجزٌ مكبّل اليدين معزولٌ عن التصرف أو لنقلْ إنّه قد قرر واختار عزل نفسه عن التصرف في العالم، وإلا فكيف يسكت عن كل ما يجري باسمه في هذا العالم، أليس لدينا على مرّ التاريخ آلاف الأشخاص الذين ادعوا أنهم رسل الله وحملوا للناس شرائع وتعليمات نسبوها لله تعالى، وترتب على ذلك الكثير من الانقسامات بين الناس، حيث آمن بالأنبياء من آمن وكفر بهم من كفر، وأريقت دماء وشنت حروب. وعليه، فإن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه هو: أنّه إذا لم يكن لله رسل حقاً، فكيف يسكت عما يجرى أو يرضى أن يجري كل هذا باسمه، مع أنّه بريء منه دون أن يقول: لا علاقة لي بكل هؤلاء الذين يتكلمون باسمي؟ فلا نريد منه أن يتدخل بطريقة مباشرة لمنع هؤلاء من التقوّل عليه لكن أليس من الحكمة أن يبين للناس أنه لا يوجد له ممثل ولا رسول؟

    كما أنّه ليس من الواضح ما إذا كان هذا الإله الذي يؤمن به الربوبي عالماً بما يفعله خلقه، وما يقومون به من أعمال الخير أو الشر. وإذا كان يعلم فلا يُدرى ما هو موقفه من ذلك؟ هل هو راض بذلك أو رافض له؟ وإذا كان رافضاً وغير راض بأفعال الشر فماذا يترتب على
    رفضه وعدم رضاه؟ وكيف يترجم انزعاجه؟
    وغير خافٍ أنّ فكرة الإله الغامض والذي تعمّد عدم إظهار نفسه، لا يمكن لصاحب الفكر السوي أن يقنع بها أو يتقبلها، وإلا فأي إله هذا الذي لا يفصح عن هويته وعن الهدف الذي خلق الخلق من أجله؟! أليس مقتضى اللطف والحكمة أن يرشد خلقه ويوجههم إلى الهدف من
    خلقهم؟ وما هو مطلوب منهم، وما هو الحجة عليهم؟! ثم هل يمكن أن ينعزل الله عن خلقه؟ وهل هو من عزل نفسه باختياره؟ وهل ينعزل لعجزه عن التدخل أم لغير ذلك من الأسباب؟

    كل هذه الأسئلة لم يقدِّم لنا الربوبي أجوبة مقنعة عليها، الأمر الذي يدفعنا للاعتقاد أنّ أهمَّ صفات الإله التي يحكم بها العقل، لا توجد في إله الربوبيين، وأهمّها القدرة والعلم والحكمة.

    ربّما يقال: إن الله تعالى لم يُرِد كشف نفسه لأحد، وإذا أراد أن يكشف نفسه للناس فلماذا يكشف نفسه كما يقول بعض الربوبيين لواحدٍ أو لأفراد منهم ولا يكشفها لكل فرد منا؟!

    وفي الإجابة على هذا الكلام فإننا نسأل صاحبه:
    ما المقصود بأن الله لم يكشف نفسه؟ هل المقصود أنّ الله تعالى خفيٌ ومجهول حيث لم يظهر نفسه للناس؟ أو المقصود أنّه خفي حيث لم يوحِ لكل واحد من الناس؟

    إن أراد الأول، أي خفاء الله في ذاته من حيث لم يُظهِر نفسه للناس، فإننا نسأله: هل تؤمن بإلهٍ خفي لا تعرف عنه شيئاً؟! إنّ الإله الحقيقي الذي نؤمن به، ويُفترض بك أن تؤمن به أنت، لم يخفِ نفسه أبداً، بل كشف نفسه لكل الناس من خلال هذا الكون وما فيه من دلائل وآيات ودقة ونظمٍ وانسجام، وكما ورد في بعض الأدعية: "عميت عين لا تراك عليها رقيباً».

    ويقول الشاعر:
    وفــــي كـــــــــل شــــــــيء لـــــــــــه آيـــــــــــة تــــــــــــدلّ عـــــلــــــى أنّـــــــه واحــــــــــد

    وإن أراد الثاني، وهو الأرجح، أعني أنّ الله تعالى خفيٌّ من حيثُ لم ينزل الوحي على كل واحد من الناس، فهذا كلام مستغرب ومرفوض؛ فتنزل الوحي يحتاج إلى لياقة وأهليّة خاصةٍ لا يتهيّأ لها كل إنسان، فكما لا يتسنى لكل الناس أن يكونوا سفراء دولتهم في الدول الأخرى، فإنّه لا يتسنى لجميع الناس أن يكونوا رسل الله إلى الخلق، والله تعالى وإن كان يصطفي من عباده رسلاً، بيد أنّ الاصطفاء لا يكون اعتباطاً، وإنّما لعلمه تعالى بأهليّة الذين يصطفيهم ويختارهم لهذا الموقع، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران 33].


مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, منذ 6 يوم
رد 1
13 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 2 أسابيع
ردود 0
14 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 2 أسابيع
ردود 0
12 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 3 نوف, 2024, 12:44 ص
ردود 0
19 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 10 أكت, 2024, 01:41 ص
رد 1
13 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
يعمل...