الربوبي والعقل (1)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Shebl Al Saqar مسلم اكتشف المزيد حول Shebl Al Saqar
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Shebl Al Saqar
    1- عضو جديد

    • 6 ديس, 2021
    • 73
    • مسلم

    الربوبي والعقل (1)

    سنبدأ بمعونة الله سلسلة في نقد المذهب الربوبي (1):

    الربوبي هو من يؤمن بوجود الخالق، غير أنه ينكر الوحي والنبوات والأديان، ويعتمد على العقل المجرد في تأسيس علاقته مع الله، ويعتقد أن هذا الإله خلق الكون، ثم تركه يعمل كالساعة الزنبركية، فلم يكلف الخلق بإيمان ولا بتدين.

    أولا : الربوبية والعقل :

    فنري الربوبي يصرّح بأنّه لا يؤمن إلا بمرجعيّة العقل، وأنّه لا رسول سواه بين الله وخلقه، وبالتالي فهو لا يتقبل الاحتجاج عليه بالوحي والنص المقدس. إنّه يرى نفسه في حلٍّ من النصوص الدينيّة، إذْ لا يعتبرها حجّة ودليلاً، وهذا الالتزام يعطي الربوبي فسحة ومتسعاً.

    ولنبين وجوه الضعف والخلل في منهج الربوبي المقتصر على مرجعيّة العقل في مجاليْ الفكر والسلوك :

    1/ العقل لا يرفض مرجعيّة أخرى :

    إنّ الاكتفاء بالعقل وحده باعتباره الموصل إلى الله والدال عليه، والحجّة بينه وبين خلقه ومصدر التشريع ورفض أي مرجعية عداه، هو كلام لا يمكن لنا أن نوافق عليه، أو نجاري الربوبي في تبنّيه، إذ يواجه الربوبي (الذي يؤمن بالله تعالى حسب الفرض).

    سؤال في هذا المقام، وهو: منْ قال لكم إنّ الله تعالى لم يجعلْ رسولاً بينه وبين خلقه سوى العقل؟ ومن أين لكم الجزم والاطمئنان بذلك؟ أليس من الممكن والمحتمل أنّ هذا الإله قد اعتمد طريقاً آخر بديلاً عن العقل أو إلى جانب العقل يكون وسيلة التواصل بينه وبين خلقه؟

    وفي الإجابة على هذه الأسئلة نقول: إنه من الطبيعي والبديهي أنّ الوحي ليس هو من أقنعهم بانحصار وسيلة التواصل بين العبد وخالقه بالعقل وحده، فهم ينكرون الوحي، ولا يؤمنون به، كما أنّ الفطرة ليست حاكمة بهذا الانحصار، هذا لو كانوا يؤمنون بالفطرة، وعليه فلا يبقى أمامهم إلا أن يدّعوا أنّ العقل هو الذي أقنعهم بذلك، ولكننا كغيرنا من البشر (ونتحدث هنا عن مئات الملايين من الناس) لا نجد أنّ عقولنا تحكم بانحصار طريق التواصل بين الله تعالى وبين خلقه بالعقل وحده، فنحن وغيرنا من ذوي العقول مع أننا نعتقد بدورٍ محوري للعقل في العلاقة مع الله تعالى، ولكننا لا نجد مانعاً من أن يختار الله رسلاً يرسلهم إلينا من بني جنسنا، بل إننا نعتقد بضرورة ذلك كما سيأتي.

    فما يذكره الربوبيون من أنّ العقل هو الطريق الوحيد للعلاقة مع الله والتعرّف عليه، هو كلام لا يمتُّ إلى العقل بصلة؛ لأنّ من مزايا أو خصائص القضايا العقليّة أن يتلاقى عليها ويلتفت إليها كافة العقلاء، وأما ما ينفرد بالاعتقاد به أشخاص قليلون أو جماعات محدودة فهذا لا يكون من أحكام العقل في شيء. بل إنّ انفراد الإنسان بــــ «رأي عقلي» مع عدم تفهّم الآخرين من ذوي العقول له، سيكون مؤشراً على أنّ هذا الرأي ليس مما يحكم به العقل. وأعتقد أنّ الربوبي لو وطّن نفسه على اتباع الحقيقة بعيداً عن الأغراض والأهواء، فلن يقتنع بكفاية العقل كصلة وصل وحيدة وحصريّة بين الخالق والمخلوق، وهذا ما سنتوقف عنده بشكل أكثر تفصيلاً فيما يأتي.

    إنّ بعض الناس الذين يعيشون أجواء ثقافية معينة وينشأون عليها ويتربون فيها، سيؤثر ذلك بكل تأكيد على قناعاتهم ويجعلهم يتخيلون أنّ ما يحملونه من أفكار هي ممّا يحكم به العقل المودع لديهم. وأفكار كهذه - لو صح وصفها بالعقلية - ليست حجة دامغة في حدِّ نفسها؛ لأنّ ما هو حجة من العقل ويمكن إلزام الآخرين بمدركاته هو العقل الفطري المودع لدى الإنسان، وليس العقل المكتسب الخاضع للعوامل الثقافيّة والتربوية المختلفة والمتغيّرة. إلّا إذا رجعت أحكام العقل المكتسب إلى أسس بديهية أو فطرية.

    2 / العقل وإمكانية الخطأ :

    إنّ العقل الذي نقدّر ونثمن دوره ونؤمن بمرجعيته في مجال بناء العقيدة، وفي غيره من المجالات هو عقل إنسان، والإنسان مجبول على النقص، وليس معصوماً، وبالتالي فعقله مهما سما وترقى وأبدع يظل في معرض الخطأ والانحراف والتشويش ويصاب
    بالشلل أحياناً، أو تغلب عليه الغريزة والأطماع، فيحتاج في كثير من الأحيان ولا سيما عندما يتعلّق الأمر في التفاصيل إلى مصباح يضيء له
    الطريق. والمصباح - باعتقادنا - هو الوحي الإلهي .

    فإنّ الاكتفاء بمرجعيّة العقل والتضحية بمرجعية الوحي مثّل خسارة كبرى للإنسان، وحرمه من نبع زاخر ومصدر ثري يغنيه فكرياً وروحياً ومعنوياً وأخلاقياً.. مع أنّ الإنسان كما هو بحاجة إلى الغذاء الفكري فإنّه بحاجة إلى الغذاء الروحي، ولا أعتقد أنّ ثمّة تراثاً روحياً عرفته البشرية يمتلك الغنى كذاك الذي تركه الأنبياء . ولو أنّه يتمُّ استثمار هذا التراث كما ينبغي لأسهم إلى حدٍ كبير في وضع حد للثقافة الاستهلاكية المادية التي اجتاحت الإنسان وفرّغته من القيم الروحية والأخلاقيّة، ودفعته إلى ممارسة الطغيان والعدوان، وقد
    نجم عن ذلك الكثير من المآسي والكوارث التي أصابت الإنسان ولا تزال تصيبه إلى يومنا هذا. فما معنى أن ترى في هذا العصر الذي يدّعي أهله التمدن والتحضر، ملايين الناس يتضورون جوعاً ولا يجدون ما يسدُّ رمقهم أو يقتاتون على الفتات، بينما تجد في ضفة أخرى من هذا العالم ملايين آخرين يعيشون حالة من التخمة والبطر!؟

    إنّ هذه هي النتيجة الطبيعية لتغييب الوحي وقِيَمه الزاخرة بالمعنويات والأخلاقيات، وإبعادها عن حياة الإنسان.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, منذ 6 يوم
رد 1
13 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 2 أسابيع
ردود 0
14 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 2 أسابيع
ردود 0
12 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 3 نوف, 2024, 12:44 ص
ردود 0
19 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 10 أكت, 2024, 01:41 ص
رد 1
13 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
يعمل...