النصراني:
كل الكتاب المقدس موحى به من الله وصالح للتعلم. ذلك أساس الكتاب المقدس، ودليلنا مستوحى من قول بولس الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثي (2تيموثي3: 16(: «كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ الله، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ».
المسلم:
إن الفقرة التي ذكرتها ليست سندًا لإثبات صحة الكتاب للأسباب الآتية:
أولًا: لا يمكن إثبات صحة كتاب بشهادة نفس الكتاب.
ثانيًا: لو رجعنا لأصل الفقرة السابقة لوجدناها: «كل كتاب موحى به من الله هو صالح للتعلم» وهذا ما تم تصحيحه في بعض النسخ الحديثة!! مثل النسخة الأمريكية القياسية:
2Ti 3:16 Every scripture inspired of God is also profitable for teaching, for reproof, for correction, for instruction which is in righteousness. (ASV)
وهذا للتأكيد ما جاء في تفسير العلامة «آدم كلارك» على نص الملك جيمس وهو المرجع في التفاسير الإنجليزية.
2Ti 3:16 - All Scripture is given by inspiration of God –
This sentence is not well translated; the original πασα γραφη θεοκνευστος ωφιλιμος προς διδασκαλιαν, κ. τ. λ. should be rendered: Every writing divinely inspired is profitable for doctrine, etc
فقال «آدم كلارك» في تفسيره: «الجملة لم تترجم جيدًا، ويجب أن تكون كل كتابات الوحي الإلهي صالحة للتعلم»، مما يعني أن كل ما يوحيه الله هو مفيد ويمكننا التعلم من خلاله، ونحن لا نختلف مع هذا المعنى، ولكن التلاعب في ترجمة الجملة أدى إلى إعطاء شهادة للكتاب بأنه جاء كله بالوحي الإلهي وصالح للتعلم، وكل الكتاب مُوحى به من الله وصالح للتعلم.
( من الممكن مراجعة أمثلة من الترجمات العربية المختلفة)
بالنسبة للعهد القديم، لن نتكلم عن الوحي فيه، فلنجعل تركيزنا في العهد الجديد
يكفي من العهد القديم مثال:
تثنية 34 ( 5 فمات هناك موسى عبد الرب في ارض مواب حسب قول الرب. 6 ودفنه في الجواء في ارض مواب مقابل بيت فغور ولم يعرف انسان قبره الى هذا اليوم 7)
ولم يعرف إنسان قبره إلى اليوم
من القائل في سفر, يفترض أن موسى النبي قد كتبه ؟
وبأي وحي قيلت ؟
من المتكلم ؟
وفي العهد الجديد أمثلة كثيرة يتضح منها افتقارها إلى الوحي الإلهي, نذكر منها:
1 – عندما يتحدث غالبية علماء الكتاب المقدس ويذكرون أن متى ولوقا نقلا من مرقس
فكيف يكون متى ولوقا قد كتبا بالوحي, وهما ينقلان بعض ما كتبه مرقس ؟
2 – كيف يكون لوقا قد كتب بالوحي الإلهي، وهو يقول وقد تتبعت بدقة ما كُتب سابقاً ورأيت أن أكتب لك يا عزيزي؟
أين الوحي في تتبع كتب سابقة مثل مرقس وروايات شفهية ثم كتابة كتاب تاريخي عن يسوع وحياته؟
(لوقا: 1: 1): «لَمَّا كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى تَدْوِينِ قِصَّةٍ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمَّتْ بَيْنَنَا».(2): «كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْبَدَايَةِ شُهُودَ عِيَانٍ، ثُمَّ صَارُوا خُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ». (3): «رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا، بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصًا دَقِيقًا، أَن أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ...».
فمن الذي رأى أن يكتب ثم تفحص الروايات وتتبعها؟! بالطبع لم يكن الوحي الإلهي.
3 – أين الوحي عند بولس رسالته الأولى إلى كورنثوس (7: 25): «وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا، (26): «فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ».
فكيف يقول إنه ليس عنده أمرٌ من الرب وسيعطي رأيه الشخصي في كتابٍ يُفترض أنه جاء بالوحي ثم يقول: وأظن أن هذا حسنًا؟! فمن الذي يظن أن هذا حسن؟ هل هو الوحي الإلهي الذي يظن أن هذا حسن أم بولس؟! إن كان الظن أنه من عند الله أو من الوحي فهذا افتراء واضح على الله تعالى، وإن كان الظن من بولس فأمره ليس من الله، وليس من الوحي؛ تأكيدًا لقوله السابق: فليس عندي أمرٌ من الرب ولكنني أعطي رأيًا.
هل الرأي هنا رأي بولس ام رأي الرب الموحى به؟
إن كان رأي بولس فهو ليس وحياً، وإن كان رأي الرب الموحى به فهناك تناقض.
4- أين الوحي في رسالة بولس الثانية إلى تيموثاس (4: 13(: «الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس أحضره متى جئت، والكتب أيضًا ولاسيما الرقوق».
فهل من المعقول أن يكون الوحي طلب من بولس أن يطلب من صديقه إرسال الرداء الذي نسيه؟!
5– أين الوحي في رسالة بولس إلى رومية (رومية 3: 7): «فإنه إن كان صِدْقُ الله قد ازداد بكذبي لمجْدِه. فلماذا أُدانُ أنا بعدُ كخاطئ؟».
فهل من العقل أن يقول الوحي الإلهي: إن كان صدق الله يزداد بالكذب الذي أكذبه، فلا لوم؟
6– أين الوحي في رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس (7: 12): «وأما الباقون فأقول لهم: أنا، لا الرب،..». وبالطبع لن يقول الوحي الإلهي: «أقول أنا لا الرب». ونجد بولس يقول في نفس الرسالة (1 كورنثوس 7: 40): «ولكنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي وأظن أني أنا أيضا عندي روح الله». وكما هو واضح ولا يحتاج تفسير، الرأي لبولس الذي يظن أن هذا رأيٌ حسَنٌ، فكيف يتم نسبة هذه الكتابات إلى الله ووضعها في كتاب يفترض أنه بالوحي الإلهي ويتم أخذ التعاليم منه على أنها تعاليم ربانية؟!
7- أين الوحي في رسالة بولس إلى رومية (رومية: 22:16): «أنا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هَذِهِ الرِّسَالَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ». (23): «يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُس خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ»). فحتى كاتب الرسالة هنا الذي يسمى «ترتيوس» وضع سلاماته وتحياته في رسالة تم اعتبار قائلها يتكلم بالوحي وتم وضعها في الكتاب المقدس, ولكن الكاتب لم يفعل هذا إلا تقليدًا لبولس الذي وضع في نفس الرسالة حوالي 10 أسطر من السلامات والتحيات!.